"الوغد اللي يسرق ويحط ف جيبه لازم ولابد اللعنة تصيبه"
مشى الشابان لمسافات بعد أن أضاعا "عواطف" ، يلفهما الضباب من كل جانب، لم يدرِ أي منهما أين وصلا وإلى ماذا يسيران، حتى وقف "زينهم" وخبط على صدر "أنيس" حتى يقف هو الآخر بينما أشار برأسه في إتجاه معين.
-أنت شايف اللي أنا شايفه؟
-ياااااه ده بيت الخفافيش المسكون، بقالنا عمر كامل ماعديناش عليه.
لطالما شكل هذا البيت أو الفيلا لغزًا لدى المارة، خاصة الصغار ذوي المخيلة الخصبة الجامحة، خصوصًا وأن هناك خفاش أو أكثر حلق من حينٍ لآخر بداخلها. لم يكن البيت مكتملًا، كانت هناك بعض النوافذ المفقودة، كما أن الباب كان خشبي بدائي والدهان باهت للغاية وبه قشور وكأن من إنتوى شراء البيت لم يقدر على الإنتقال لسبب ما، ربنا السبب مادي أو غيره، المهم أنها بقت هكذا مهجورة من السكان ومسكونة من الخفافيش الطايشة الشقية المتخبطة أم عيون حمرا.
وقد أحاك "زينهم" و"أنيس" الحكايات حول هذا البيت وهما صغيران. إعتادا اللعب في الشارع نواحي البيت ثم الوقوف عنده والحملقة به وإحداث الأصوات العالية حتى يلقيا إجابة من "العفاريت اللي أكيد موجودة وعاملة بارتيهات ودي جي جوه" لكن أبدًا لم يسمعا أي إستجابة حتى كبرا وتناسا الأمر وتخطياه وأصبحا شابين عاقلين ملوا هدومهم أوغاد يعطيان "عواطف" الباقي في صورة لبان وبسكويت.
نظر "أنيس" بطرف عينيه إلى "زينهم" وقد غلفت النظرة لؤم وشقاوة وقال:
-أنت بتفكر في اللي بفكر فيه؟
-أيوه بس هنلاقي قوفي شوب فين دلوقتي في الشبورة دي أنا فعلًا نفسي في شيشة بالتوت البري والفانيليا.
-قوفي شوب إيه؟ أنا قصدي على ده.
حرك رأسه ناحية البيت وقد إتسعت الإبتسامة وكشفت عن أسنانه السوداء المسوسة يتخللهم حبات الشيبشي الخضراء.
-ندخل؟
-ما يلا.
-أيوه بس...
-عندك حل تاني، كده كده إحنا مش عارفين نروح ف حته بسبب الضباب، أهو برده نتدفى ونقعد نأنتخ ونستكشف البيت، بذمتك معندكش فضول؟
تحركت مقلتي "زينهم" في كافة الإتجاهات وقال بحماس:
-يلا.
مد "زينهم" يده إلى الباب الخشبي في بطء ثم زقه زقايه خفيفة كده ففوجيء الإثنان بالباب ينفتح وينشرح عن آخره.
هذا الصرير الرهيب! صرير الباب يزيد الأمور ساسبنسزًا ورعبًا. ربما يكون الصرير سببه زيادة سمك الخشب قليلًا بسبب البرد لكن لنعتبره بسبب ما يصير بالبيت من أمور خارقة للماورائيات حتى تكون الأمور مشوقة بالقدر الكافي.
هناك بهو كبير ثم صالون على إيدك اليمين وصالون على إيدك الشمال وحاجة آخر أبهه وأناقة وفخامة لكن بالطبع ساد الظلام ولم يكن هناك سوى بصيص بسيط للغاية يتيح للناظر تمييز الأشياء وفقط.
وقف "أنيس" متسمرًا مكانه مذهولًا تكاد مقلتاه أن تفط من محجريهما يثبت نظره على الأثاث.
-مالك يا أنيس؟
-العفش ده، الكنب والكراسي والصالونات.
-مالها؟
-المفروض كنا بنشوف المكان جوه البيت من الشارع عشان الشبابيك اللي مش موجودة.
-عايز توصل لإيه يا أجاثا كريستيانو؟
-مكناش بنشوف العفش ده وإحنا بره، كنا بنشوف مكان فاضي، بلاط وبس، البيت من جوه غير من بره!...
"تو بي كونتينود"
"يتبع"
(لا ينصح بقراءة الحلقات لمن هم أقل من سنتين ومن يملك مشاكل في القلب أو الضغط أو إرتجاع في المريء)
#الأوغاد
#الضباب_يستفحل_وينتشر
#ياسمين_رحمي