-إحكي يا شهرزاد..
-شوف يا ساعت البيه
-إستني قبل ما أشوف وندخل في تفاصيل إسم الكريم إيه؟
-عواطف.
-عواطف؟!
-عواطف عفاف المنياوي.
-ده اللي هو إيه؟
-إسمي، إسمي يا بيه.
-لأ إستنى عليا بقى، عشان دي حكاية لوحدها ، إيه قصة إسمك ده؟
-بص يا سعات البيه إحنا عيلة مميزة، من أرقى عائلات أسيوط والمحروسة والوطن العربي والشرق الأوسط والعالم ومجرة التبانه ، إحنا عيلة ليها تاريخ عريق في الدفاع عن الحريات بشكل عام وحقوق المرأة بشكل خاص، إحنا فيمنصتس.
-وإيه دخل ده ف ده يا عفاف؟
-أنا هحكيلك، أنا جدي الكبير أبو المنياوي كان مؤمن أن العالم كله ما هو إلا قرية واحدة، ماتريكس يعني ومينفعش نبقى عنصريين ونتعنصر عشان إتولدنا في محافظة أو بلد معينة، كل العالم ملك لكل العالم وحب خلي الناس تحب روح للناس يا حب الحب مالينا غيره اووه مالينا غيره.
-جميل.
-وعشان كده وبرغم أنه أسيوطي قرر يسمي جدي "المنياوي"، عشان يكسر العنصرية والإستريو تايب وينشر الحب والسلام.
-حلو وبعدين؟
-جدي بقى كان فيمنصت كبير ، قال ف عقل باله ديك النهار ليه في أسماء معينة تمشي مع الرجالة والستات بنخليها بس للرجالة أو الستات زي "عفاف" وبذلك سمى أبويا "عفاف" وأبويا برده كان فيمنصت ومؤمن أن الراجل ممكن يشتغل في شئون الطلبة والست ممكن تبقى تاجرة آثار فسماني "عواطف".
-جميل تاريخ العيله مشرف.
-امال.
-إيه بقى قصة اللعنة؟
-اه صحيح، اللع....
توقف "عواطف" فجأة حين تذكر أنه لم يذكر "لعنة" أو شيء من هذا القبيل، كيف إذًا علم الكاتب الغامض الذي ظهر من العدم عنها؟!
-مالك إتوترت ليه؟
-أصل...لا ولا حاجة.
إتسعت حدقتا "عواطف" وظل محدقًا بالرجل ، فاه مفتوحًا ولعابه يسيل في محاولة منه لإخفاء توتره وكشفه للمستور .
-انت أكيد أصابك القلق والشك والريبة أني عرفت أن في لعنة ، مظبوط؟
-ايوه.
أطلق ضحكة خبيثة زادت الأجواء ساسبنسزًا ثم قال:
-ده تفسيره بسيط وهو إني من مثقفين وسط، يعني بيبقى ليا نظرة ثاقبة وحدس عبثي حاد جدًا، اه صحيح تيجي نروح وسط ناو؟
-وسط ايه؟ داحنا مش عارفين نروح أول الشارع من الضباب اللي شبه كليبات التسعينات ده، المهم فهمني برده عرفت إزاي؟
-ببساطة بسبب الضباب اللي غيم على شوارع المحروسة ، من ساعة ما جه وأنا حاسس بأجواء مش طبيعية بالمرة، قلت يأما بيحرقوا الزبالة على يمة الدائري أو أكيد هتحصل لعنات وماورائيات جوه الشبورة.
-مظبوط يا أفندينا وده اللي حصل، أنا مشيت ورا الوغدين اللي ضحكوا عليا في حق الحاجة اللي أخدوها، تخيل الأوغاد يدوني باقي الفلوس لبان وبسكويت؟ المهم جريت ورا إحساسي لقيتك حبايبي وناسي وفضلت ماشي لحد ما لقيتهم دخلوا بيت مريب في خفافيش وأجواء أفلام جايسون الغرقان شهيد النسيان وبعدين شافوا عفريته هائمة مش مرتاحه وعينيها دباحه وبعدين شغلوا فيديو جواه بير مهجور وأبو كف رقيق وصغير وجالهم تليفون مريب وبعدين دخلوا جوه باب ظهر أوت أوف نو ويير في الحيطة فتحوه ودلفوا وإتحبسوا مع أغاني محمد محيي إلى ما لا نهاية.
-لا دي تنفع رواية رعب روعة لمعرض الكتاب اللي جاي هسميها "عواطفينيوس- رحاب جوه الضباب".
-المهم ده إيه تفسيره بقى؟
-أنت كنت تحت تأثير أي عقار من اي نوع بنادول مثلًا أو كونجيستال؟
-لأ أبدًا.
-يبقى لازم تفتح مخك وتقبل يا عواطف.
-أقبل إيه؟
-إن الضباب فتح أبواب لعوالم تانية، أكوان غير كوننا، يمكن الأكوان دي كانت طول الوقت موجودة بس الحواس بتاعتنا مكانتش قادرة ترصدها ودلوقتي الضباب خلاها ببساطة تنكشف، توقع أي حاجة جوه الضباب.
-زي إيه؟
-زي إنك تشوف كائنات إنقرضت أو إسطورية مثلًا أو نباتات قاتلة أو عالم سفلي وأطياف واشباح أو أفراح من غير مهرجانات أوطنط مش بتسألك أنت لسه متجوزتش أو بط يقوم مش فرحان من النوم يغطس ويعوم وهات يا لعب. أسيبك أنا دلوقتي.
-هتروح فين، هتعرف تمشي في الضباب؟
-انا كاتب، يعني قلبي ميت والدنيا كده كده سوده ومقفلة ف وشي، متقلقش عليا صلاحية آمالي منتهيه.
-طب إسمك إيه؟
-ياسين رحمي.
شعر "عواطف" أن المناخ زاد برودة ما إن غادر "ياسين" وأنه أصبح وحيدًا تمامًا وسط مدينة صارت غريبة عليه وما زاد الأجواء رعبًا هو سماعه لبعض الأصوات التي لم يميزها ، كأنها صدى صوت لكيانات تعيش في العراء أو جبل شاهق موحش. لم ينم حتى الخيوط الأولى للصباح ، كان هذا عندما إقتربت أصوات أخرى من الكشك وعلم حينها أنه لا مفر.....