قد تعود "عواطف" على الضباب وتعايش مع فكرة وجوده واحتمالية بقاؤه للأبد، لكن المشكلة لم تكن في الضباب في حد ذاته إنما فيما يحمله ويخفيه! فقد أتى الضباب بعوالم ماورائية غامضة تقشعر لها الأبدان وينتصب لها ذقنه وشعر حواجبه.
جلس على الأريكة مسلطحًا ممسكًا بكباية الشاي الكشري محملقًا في الفراغ أمامه يلعن في سريرته الأوغاد الذين سرقوا من بضاعته ثم ركضوا ديك النهار وهم يقهقهون بينما خانته ركبتاه ولم يستطع اللحاق بهم ، كما أن الضباب أضاعهم منه، وتساءل كيف أن شنبات 3 إعدادي تلك استطاعت أن تستهزأ به وهو سليل عائلة المنياوي دعاة حرية المرأة وتجار الآثار.
كان هذا حتى قطع شروده ذلك الخيال الذي ظهر يتمايل من بعيد....
أيعقل؟! تمايل الطيف أو الخيال كما لو كان "يسرا" من فيلم "المنسي" وهو ذلك "المنسي" المرمي في غياهب الضباب الكثيف..
-أخيرًا حاجة هتخفف عليا وحدة الخوارق ورمية الماورائيات دي.
لكن ما إن اقترب الطيف حتى تبين له أنه لم يكن امرأة بل فتى في الخامسة عشرة من عمره على الأكثر ولم يكن يتمايل أو يمشي بحنية ليقوم زلزال بل كان متعبًا يظهر عليه الهزال الشديد لذا لا يسير بخطى مستقيمة. قام صاحبنا وظل محملقًا بالغريب، يغزوه الفضول لمعرفة قصته..
وكأن الفتى رأى بئرًا يفيض بالماء بعدما فتك به الظمأ لفترة طويلة، فتح ذراعيه واقترب من "عواطف" يريد الإمساك به.
التقفه "عواطف" قبل أن يقع من شدة التعب..
-أنت مين يا بني وإيه الحكاية والبحر غدار ليه، ليه؟
-"رجاء".
-طبعًا قول لي رجاءك مفيش مشكلة.
-رجااء.
-يا بني على حسب لو رجاءك في ايدي أنفذه هنفذه، على حسب رجاءك.
-اسمي "رجاء".
-اااه، أهل....
فجأة شعر "عواطف" أن هذا الوجه مألوفًا، إنه، إنه، هو! هو أحد الشباب الخمسة الذين سرقوا شيبسهاته وكيكاته واستهزأوا به.
أحس بذبذبات عجيبة وطاقة تسري في جسده، أصبح نظره قويًا وحواسه حادة وقبضته شديدة مثل قبضة الهلالي وجسده مرن وشعره يسري به القمل وكأنه أصبح فجأة الرجل النسناس، لا شيء يوقفه أو يقف أمامه، مستعد للقفز على رأس "رجاء" وضربه لطمات غير منقطعة على خديه أو تسلق أشجار الموز.
-يا ابن الل%^&*، يا ولاد ال&#@
من هول الطاقة التي سرت في جسد صاحبنا تحولت لمشاعر جياشة وانفجر في البكاء بعدما صعبت عليه نفسه وتذكر غُلبه وحقه المهدور وشكله اللي مش ولابد.
-ايه بس، في ايه، حضرتك زعلان مني؟
-شفت منكوا حاجات تحير عيب عليكوا أنا مش صغير.
-طب اعرف إسم الكريم الأول.
-"عواطف"، "عواطف عفاف المنياوي".
-أستاذ "عواطف" كفاية عواطف، اديني رجعتلك، اديني بين ايديك، كفاية دموع بقى مش عارف أشوف عنيك، افهمني أنا مسرقتش منك حاجة، باقي صحابي هما اللي سرقوا..
-ثانية واحد إستوب!
شعر "رجاء" أن هناك موضوع عميق على وشك أن يُفتح وأن الإثارة والغموض بدأت للتو واللحظة.
-رجاء هو فين اصحابك اللي سرقوني؟
-الزومبيز قضوا عليهم!
-"رجاء" برجاء تحكيلي كده برواقه وبالتفصيل ومن غير فواصل وإعلانات عشان انا بدأت أربط التربيطات وأوصل النقط ببعضها وحاسس أني هوصل لبلوت تويست أقوى من مسلسلات غادة عبد الرازق...
"يتبع"
(لا ينصح بقراءة الحلقات لمن هم أقل من سنتين ومن يملك مشاكل في القلب أو الضغط أو إرتجاع في المريء)