آخر الموثقات

  • شبح عبدالله بن المبارك تعري أشباح النفوس
  • دعوة الرجل الطيب
  • بين غيم السماء وضجيج الأرض
  • العام 2050
  • يوم غريب في حياتي
  • المتحدثون عن الله ورسوله
  • قصة قصيرة/.المنتظر
  • قصتان قصيرتان جدا 
  • سأغير العالم
  • كيف تعلم أنك وقعت في الحب؟
  • التأجيل والتسويف
  • فأنا لا انسى
  • احترام التخصص
  • 2- البداية المتأخرة لرعاية الفنون والآداب
  • يعني إيه "الاحتواء"؟
  • يا عابرة..
  • رسائل خلف السحاب
  • صادقوا الرومانسيين
  • ربي عيالك ١٠
  • من بعدك، كلامي بقى شخابيط
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة ياسمين رحمي
  5. أشباهنا - هارون الجزء الثالث

"هارون" حضر تاني يوم في المعاد المحدد للغارة، وقف في نفس المكان بتاع اليوم اللي قبله، مكان يضمنله يكون متخفي وهو شاهد على كل حاجة، الغابة كانت مكشوفة ليه، الساحة فاضية، الأجواء ساكنة، ساكنة عالآخر، وده قبل ما تهب الزعابيب...

الغزلان بدأوا يظهروا، واحد ورا التاني، يا جمالهم، مخلوقات خلابة بجد، والأجمل لما الجمال والبراءة دول يموتوا وبأبشع الطرق، لما رقابيهم تتكسر وعنيهم تطفي وعضمهم ينسحق، ودمهم يسيل في بوق الأسد، ده اللي كان بيفكر فيه "هارون" وهو سارح فيهم...

"إنتي فين يا غزالي؟ مش شايفك في أي مكان؟ يا خادمتي المخلصة ومفتاح مجدي؟ أهي، غزالي أهي"

الغزالة عنيها وجسمها كانوا متوجهين ناحيته، نظراتها كلها شوق ووله، وقفت شوية بتتأمل في "هارون" اللي بصلها بنفس النظرات لحد ما حول نظره في اتجاه تاني ورجع تاني بصلها وحرك راسه في إشارة لبداية السباق لإن الأسد كان حضر....

الغزلان انطلقوا، جريوا بأقصى سرعة، بس في حاجة اختلفت...طريقة جريهم، زي ما يكونوا بيمارسوا رياضة، بيتفاخروا برشاقتهم وحركتهم و...مستمتعين،مش خايفين بجد من الأسد، الرعب اتبدد، اتشال من قلوبهم، وأكيد أنا بتكلم عن الفرقة الناجية، الصفوة... اللي الغزالة اختارتهم يكونوا الطبقة الأعلى اللي ليها الحكم والاختيار...

وأكتر واحدة كانت بتتباهى بحركتها كانت غزالة "هارون"، مكنتش بتجري، دي كانت بتأدي رقصة، رقصة جميلة، رقصة مشافش "هارون" زيها قبل كده، كانت بترقصله هو، هو سيد العرض، هو الجمهور الوحيد، هو اللي خطف قلبها...

الأسد برضه حاله كان مختلف، حركته ابطأ من المعتاد، مكنش بيجري في مسار مستقيم ومحدد، حركته كانت فوضوية، بيبص وبيتحرك هنا وهناك، مشتت، وده لإنه لاحظ حركة الغزلان، شاف استعراض مش سباق على الحياة، وهو بقى إيه يا ترى دوره في العرض ده؟ إيه اللي بيحصل بالظبط؟ مين اللي بيدير الرقصة؟ ده حتى الرعب بدأ يدب في قلبه!

وأخيرًا غزالة "هارون" بعد جولات وصولات من الرقص قربت من غزال معين، غزال اتعدى من صحابه الغزلان وكان هو كمان بيأدي رقصته على أكمل وجه، وقامت ضرباه برجليها، الغزال ده أصله كان متطمن عالآخر، غزالة هارون أتوددتله وأكدتله إنه من ضمن الفرقة الناجية وشاورت كمان على غزال تاني وادعت إنه هو الضحية اللي عليها الدور، وبعد الضربة الأولى نزلت عليه بضربات تانية لحد ما أنهار ومبقاش قادر عالوقوف والقطيع كمل جري وسابوا المرمي عشان يكون وجبة الأسد...

المرة دي لما الأسد وصل للضحية مد إيده عليه وسأله:

-هو إيه اللي بيحصل؟

الغزال مكنش قادر يرد، للدرجة دي كان منهك، عنيه كانت بتطرف وجسمه بيرتعش...

الأسد كمل وقال:

-إيه اللي بيحصل في غابتي؟ إيه اللي حصلكوا؟ الغزلان صابها إيه؟ ده وباء؟ جنون؟ هتعدي لما آكل لحمكوا؟

الغزال عينه بس اللي كانت بتتحرك مع حركة الأسد العصبية، كان عمال يزمجر، يروح وييجي في توتر، في حاجة مش مظبوطة، خلاص الأسد بقى متأكد من كده، لكن...هيعرف إزاي؟ وفي إيده إيه يعمله؟ امبارح اتقدمتله وجبة والنهارده وجبة، ودي حاجة أصلًا مش بتتكرر! عادة الأسد بياخد جولات وجولات عبال ما يقدر يصطاد غزالة واحدة، في الآخر راح على الغزال المشلول، غرز أنيابه في رقبته وجره لمكان منعزل عشان ياكله...

بعد ما غاب الأسد ظهرت غزالة "هارون" ، راحت عليه وقالتله بلهفة:

-راضي عني يا "هارون"؟

=بصي كويس، النظرة في عيوني نظرة رضا بس؟

غمضت عيونها الجميلة في خجل وقالت:

-متهيألي إحنا قربنا، مش هيبقى منا غير القوي، الأجمل، اللي يستحق يكون على عرش الغابة.

"هارون" ابتسم بخبث وحرك راسه بيأكد على اللي قالته...

سألته:

-هنعمل إيه بعد كده؟

=هتكملوا بنفس الطريقة.

-لحد امتى؟

=لحد ما اقولك، كده كده الأسد مش هيبطل يجوع وكل يوم هيسعى ياخد حد منكم، بس أنتوا اللي هتبقوا متحكمين، هتفضلوا تدوله الأضعف، الأقل في الإمكانيات، اللي ميتسحقش يتواجد في قطيع الغزلان، لحد ما يتبقى بس الصفوة، ووصولًا للمرحلة دي الأسد كمان هيكون ضعف، التوهة والشك والريبة هيكونوا نهشوا فيه، طيروا دماغه وخلوه مش متزن، ووقتها الفرقة المتبقية من الغزلان، الأقوى والأجمل والأجدر هيتجمعوا حواليه ولأول مرة في تاريخ الغزلان هتكونوا أنتوا الصياد، لأول مرة أنتوا اللي هتهاجموا الأسد وتنهشوا لحمه وتنهشوا أسطورته قبلها...

.......................

وده بدأ يحصل فعلًا، القلق والحيرة ابتدوا ينهشوا في عقل الأسد، بقى ماشي يكلم نفسه وشهيته معاها زادت! مبقاش صياد حكيم ماكر، تقيل، بيراقب ويستنى اللحظة المناسبة عشان ينشن ويصطاد، اتحول لآلة متبرمجة على سد شهوة الجوع، الشهوة اللي مبقتش تنام، الأسد اختل واتغير ومبقاش يطارد الغزلان، كل اللي بيعمله إنه يتمشى ببطء، يلف في دواير مستني الوجبة بتاعة كل يوم، اللي بتجيله لحد رجله، أول ما يلمح الغزال المرفوس يتمشى ليه بعيون واسعة وبوق مفتوح بينزل لعاب عشان يلتهمه بسرعة...

باختصار كده صابته لوثة، بقى شبه الأموات الأحياء اللي بتحركهم بس غريزة الجوع...

مع الأيام أعداد الغزلان قلت بشكل كبير، أصل قبل كده الأسد كان بينجح يصطاد يوم وعشرة لأ، دلوقتي كل يوم في غزال جديد بيموت...

وكمان بقى في تطور، نهم الأسد زاد لدرجة إنه بقى يخرج يدور على أكل أكتر من مرة في اليوم! وابتدت الأمور تخرج عن السيطرة...

الصفوة مبقوش متحكمين في الموضوع زي الأول، الأسد من وقت للتاني بقى يعمل غارات عليهم في أماكن وأوقات غير متوقعة.... والغزالة لما لجأت لهارون قال لها على مكان تقدر تستخبى فيه في الغابة، أصله كان خبير بالغابة ومخابئها بحكم رحلات صيده الكتيرة ولإنه كان صياد قبل كده وكان بيترصد لضحاياه....

و"هارون"..اه على المتعة اللي كان بيعيشها "هارون"، مشافش في حياته عرض ممتع كده، لا فيلم ولا مسلسل ولا شو ولا عرض حي من بتوع الأوبرا والمسرح، مشافش كده في حياته، هنا القواعد انكسرت، هنا القوانين اتلخبطت، هنا الألوان كلها صبت في بعض والجاذبية انعدمت والعمر وقف...

..................................

وفضلت الغزلان تنقص وتنقص لحد ما مبقاش فاضل غير غزالة "هارون" وغزالة تانية، غزالة "هارون" قابلته، راحتله بشوق واتمسحت فيه وقالتله:

-خلاص أنا هتتوج، هكون ملكة الغابة وإنت هتبقى جنبي..

=بس خدي بالك لتتكشفي، زي ما اتفقنا هتعملي حفلة تتويج مزيفة، الغزال هو الملك وانتي الملكة والأسد مش هيلمسكوا عشان هيكون خايف، مش فاهم حاجة، مش شايفكوا بتجروا ولا خايفين، وكمان هيلاقي أجواء احتفالية، الحيوانات متجمعة حواليكم، وأنا هكون مستخبي وسط الشجر الصغير كالعاة معايا البندقية بتاعتي عشان لو الأسد فكر بس يهاجم هيلاقيني بالمرصاد واليوم اللي بعده هيحصل الصيد الأخير، صيد الغزال اللي فاكر نفسه ملك، عشان إنتي وبس اللي تكوني ملكة الغابة.

-وأنت هتبقى جنبي في التتويج الحقيقي وفي اللي متبقي من عمري.

=طبعًا وأنا هروح فين يعني، هبعد عن غزالي؟

واللي قاله "هارون" حصل، حفلة التتويج المزيفة تمت، والأسد اللي كان واقف بيراقب في ارتباك وكان بجد حاسس إنه مبقاش ملك الغابة وإن القواعد اتغيرت..

وجه يوم الصيد الأخير....

"هارون" وقف في مكانه المعتاد، نبضات قلبه كانت سريعة، كان متحمس أوي، ونفسه كل حاجة تمشي زي ما خطط ليها، تبقى مثالية...

الغزال الملك، أو اللي فاكر نفسه الملك كان ماشي مختال، يا أرض اتهدي ما عليكي قدي، أنا الملك الجديد، الوحيد على عرش الغابة بلا منازع، الأسد خلاص زمانه راح واليوم يومك، مبقاش في غزلان تزاحمك في ملكك أو تطمع فيه ومعاك أجمل غزالة، غزالتك، شريكتك في الحكم...

كان ماشي مع الغزالة الملكة، الشمس خافتة قدامهم، جميلة، هادية، جسمهم كل فترة بيخبط في بعضه وهم ماشيين في أمان، الطيور بتغرد والورود ريحتها فايحة والأسد ملوش وجود، هم بس، هم وبس في الكون الواسع، كإنهم...كإنهم في الجنة، ده كان قبل ما غزالة هارون ترفسه لما لمحت بطرف عنيها الأسد على بعد!

الأسد حركته كانت مهزوزة، بيضحك ولعابه بيسيل، بيتحرك زي المجنون، ما هو فعلًا بقى مجنون، جري على وجبته، لكن الغزال مسكتش، صرخ وهو بيراقب غزالة هارون:

-خاينة، خاينة! عملتلنا كلنا شرك، موتت الغزلان، قضت على جنسنا في الغابة، خلتنا نموت بعض وقضت عليك أنت كمان، فوق يا أسد، خلينا نموتها وننسى خلافتنا ليوم واحد، بص لنفسك، أنت كمان مبقتش ملك الغابة، بقيت خيال مآتة، طيف شاحب لإسطورة الملك...

لكن الأسد مكنش سامع وإن سمع عقله عاجز عن ترجمة الكلام، هجم على الغزال وهو لسه بيصرخ وبيقول "خاينة...خاينة"...

وغزالة "هارون" ابتسامتها وسعت، استنت شوية زي ما قالها "هارون" بالظبط عبال ما يكون الأسد خلص وجبته، وراحتله! راحت عالأسد، وقفت جنبه بشموخ وقالتله "مين الملك النهارده؟"

الأسد مكنش فاهم، رفع راسه ليها، وشه كان عليه علامة استفهام وبوقه مليان بدم الغزال...

أصل "هارون" كان مفهمها إنه واقف وموجه البندقية ناحية الأسد لو فكر يعتدي عليها وكده كده الأسد كان هيخاف منها، هيشوف قدامه ملكة شامخة قوية، خصم مينفعش يستهين بيه أو يتحداه....

الأسد فاق لوقت قليل وقال:

-إنتي سبب كل اللي بيحصل ده؟ خلصتي على جنسك؟

-كل حاجة ليها تمن.

طلعت منه ضحكة بسخرية وقال:

-قصدك المُلك، الغابة؟

بصتله ببرود وثقة...

كمل وقال:

-طب وإنتي دلوقتي بقيتي ملكة على مين؟ شوية قرود على تعابين على جواميس برية، عليا؟ بصي لحالي، أنا زي ما قال الغزال اللي خنتيه مجرد طيف لإسطورة ملك، إنتي كده مش ملكة، إنتي موهومة، إنتي قضيتي على مملكة كاملة وعلى بني جنسك، وأكيد الغابة هيصيبها خلل بسبب اللي عملتيه، إنتي ملكة على إيه بالظبط؟ مين الشيطان اللي وسوسلك وخلاكي تبدلي جلدك وتبيعي أهلك؟

هنا الغزالة انتفضت، جسمها كله اترعش، للحظة فاقت، كلام الأسد كان منطقي، وكإنها، كإنها كانت مسحورة، مغيبة، كان فين عقلها، طب بلاش، فين قلبها، هان عليها، هانت عليها الغزلان؟

رفعت راسها وبصت ل"هارون"، وكإنها أدركت، في لعبة كانت بتترتب وهي جزء منها، عنيها اتملت بالدموع ونظراتها ليه كانت عتاب واتحولت في ثانية لكره، اتأكد إحساسها لما "هارون" فضل ثابت، مرفعش بندقيته ووجهها للأسد، مطلعش يزعق ويقول إن الأسد غلطان وإن الغزالة حبيبته وإنها الملكة المستحقة لعرش الغابة، استنى، استنى في مكانه، مستني إيه؟ مستني الأسد يهجم على الغزالة وياكلها هم هم زي كل الغزال اللي قبلها...

محاولتش تهرب، ولما الأسد انقض عليها محاولتش تقاوم، في اللحظة دي كانت ماتت، بصت ل"هارون" بعيون باردة، مفيهاش حياة، فيها خزي من اللي عملته، فيها خيبة أمل وصدمة من الحقيقة اللي اكتشفتها متأخر، مش عضة الأسد اللي قتلتها، قتلتلها خيانة حبيبها، خيانة "هارون"، أكرملها إنها تموت على إنها تعيش مع العبأ التقيل ده، مع أشباح الغزال اللي كانت هتطاردها بقية حياتها، و"هارون" كان بيقضي أحلى وقت في حياته وهو بيراقب الأسد بيقتلها، بيموت الساذجة، مهرج القصر، قصر "هارون"...

بس المهرج الأكبر مكنش الغزالة، كان الأسد، اللي فاكر إنه هو والغزالة اللي بس كانوا على الساحة وقتها، وإن مفيش لاعب خفي بيتحكم فيهم كلهم، فيه هو شخصيًا....

"هارون" استنى يشوف نظرة الثقة والتحكم والإحساس بالأمان في عيون الأسد قبل ما يرفع سلاحه ويطلق منه رصاصة على دماغه ويموته في مكانه وهو معندوش أي فكرة عن الخطر اللي مترصد له وعن اللعبة وتفسير تغيير قواعد الغابة!

الأسد ساح في دمه، جسمه أتمدد جنب الغزالة، الاتنين كانت عيونهم مفتوحة على الآخر، نفس النظرة ونفسها الوضعية، الاتنين مجرد قطع في لوحة الشطرنج بتاعة "هارون"، وبكده "هارون" يكون كسر الروتين، لعب لعبة أحلى من أي لعبة لعبها في حياته، جديدة، مثيرة، مشبعة لشهواته المريضة...

..........................

في سحابة ظهرت في عيون "راحيل".. قالتلي بصوت بيترعش:

-كملي، حصل إيه لهارون؟

=بس كده، "هارون" انتصر!

-"هارون" انتصر؟!

=مش في كل القصص الخير بينتصر يا "راحيل"، وبعدين "هارون" كان ابتلاء للغزلان وللأسد، امتحان ربنا بعته ليهم وفشلوا فيه فشل ذريع، اللي حصل هو العدل...

-أيوه، بس "هارون" لسه متحاسبش...

"عبد الخالق" سألني:

-هي دي نهاية القصة يا تيتا "سكينة"؟

=يمكن، يمكن لأ...بس هو ده كل اللي عندي دلوقتي...

-يعني خلاص كده مفيش قصص تانية.

=مين قال؟ هو ده اللي عندي بالنسبة لهارون، بس قصة "قاهرة" لسه هتبتدي...

"عبد الخالق" سأل بتحمس:

-محافظة القاهرة؟

ضحكت وقلت:

=لأ، قاهرة، البنت اللي اتولدت من أكتر من 500 سنة في ليلة حصل فيها رعد وبرق وسيول في عز الصيف...

سنة 1519 الموافق لسنة 940 هجري وفي ليلة من ليالي يوليو، ليلة زي الجمر، حر ورطوبة رهيبة، سكان المدينة اتفاجئوا برياح بتهز الشجر اللي جذوره ضاربة في أعماق الأرض، ورعد يخلي الودان تنزف وبرق يعمي العيون وأمطار زي الستاير، خطوط متصلة كإنها نول....

الظواهر ابتدت قبل ما تغرب الشمس وكل شوية كانت بتزيد أكتر وأكتر، كل ما "مريم" يطلع منها صرخة الرعد يضرب، كل ما تسيل من عنيها دموع المطر يشتد وكل ما ألمها يزيد البرق ينور السما...

سرحت،ابتسمت غصب عني...

"جوهر" سألتني:

-سكتتي ليه يا تيتا؟

=عشان الوقت اتأخر واحنا سرحنا، المفروض تناموا.

أصواتهم عليت، كانوا معترضين، اتوسلوا ليا إني أكمل القصة لحد ما زعقت فيهم وهددتهم لو مناموش مش هحكي باقي القصة تاني يوم...

تاني يوم؟ هم صحيح هيباتوا عندي؟ أبوهم فين؟ وبعدين؟ يكون حصل له حاجة؟ ليه أهتم؟ المفروض ميفرقش معايا، لأ هو نفسه ميهمنيش، لكن عياله دول اللي سايبهوملي هتصرف فيهم إزاي؟ أنزل أدور عليه؟ ليكون حصل له حاجة، هدور فين؟

الولاد غرقوا في النوم وأنا النوم معداش عليا، لقيت نفسي بتملى فيهم، مش بشبع منهم كإنهم مشهد جميل من لوحة أجمل، الأربعة تبارك الخلاق، أحلى أطفال عشان دول أطفالي، يادي النيلة، أنا وقعت في حبهم! ليلة واحدة خلت مشاعري تتحرك؟ وهم ذنبهم إيه؟ طب ما أقع في حبهم، مش هم اللي اتخلوا عني، أبوهم اللي عملها، وهو أنا بجد كرهت أبوهم؟ أديني أهو قلبي واكلني عليه، يا ترى حصل له حاجة ولا عامل مصيبة وناوي يسيبلي العيال؟

نور الفجر اتسلل من الشباك، قربت منه وقعدت تحتيه، بصيت من خلاله، كنت مستنية، مشتاقة لوجود معين، حد غاب عني ومش مستحملة الغياب...

"عبد الخالق" فتح عينه وفضل باصص عليا، أخدت بالي بس عملت نفسي مش شايفاه، مطلعش صوت، مكنش عايزني أعرف إنه صحي، وكإنه...كإنه كان بيراقبني، نظرته فيها حب غريب زي ما يكون عارفين بعض من مدة كبيرة مش يوم واحد، بس كان في حاجة تانية، كإنه عارف إن عندي سر....

.......................................

فتحت الدولاب، الضرفة إياها اللي محتفظة فيها بشوية لبس حلوين لطارق في مراحل مختلفة من عمره، كنت لازم أحتفظ بقطعة أو اتنين في كل مرحلة والباقي أطلعهم لله، كإني كنت بحوش ذكرى ليه من كل سنة في عمره وبكده يفضل عندي نسخ كتير منه بكل تغييراته وطباعه ولزماته في كل سنة عدت عليه....

خدت هدوم للأربعة عشان لما يصحوا ياخدوا دش ويغيروا هدومهم...

ونزلت بعدها أجيب لهم فطار ورجعت...

كنت بسأل نفسي يا ترى هرجع ألاقيهم ولا هيكونوا مشيوا؟ يمكن أبوهم يظهر وياخدهم؟ ويا ترى أنا عايزه إيه، عايزاهم يكونوا موجودين ولا لأ؟ الإجابة عرفتها وانا بجري على السلم وطالعة الشقة، قلبي كان هيتخلع من مكانه لما تخيلت إنهم مشيوا! مش عايزاهم يمشوا...

ولقيتهم لسه موجودين....

عدى اليوم و"طارق" مظهرش وجه الليل...

الأربعة اتجمعوا حواليا في السرير، كنت عارفة هم عايزين إيه وبستمتع بتعذيبهم وانا عاملة عبيطة وبأخر عليهم القصة...

-ها بقى يا تيتا؟

"جوهر" مستحملتش وقالت جملتها دي...

ساعتها قلت:

=أول ما "مريم" دخلت المخاض..

-إيه المخاض ده يا تيتا؟

=يعني الولادة، كانت خلاص هتجيب بيبي والبيبي عايز يخرج من بطنها... أول ما جت تولد المناخ اضطرب، اللي حضروا الولادة أقسموا إنها كل ما كانت تصرخ الرعد يضرب وكل ما تنزل من عنيها دمعة المطر يشتد وكل ما ألمها يزيد البرق ينور السما، كانت معجزة! زي معجزة الولادة نفسها، أصلها كان بقالها 5 سنين متجوزة وكانت فقدت الأمل في إنها تخلف، كل إخواتها وقرايبها وصحباتها عمالين يجيبوا العيل ورا العيل وهي بطنها زي ما هي، كل ما تحسس عليها تلاقيها محلك سر، مش بتنفش!

وتيجي تحمل وهي عندها 20، أصلهم زمان كانوا بيتجوزوا بدري أوي، دي لما اتجوزت وهي 15 كانت متأخرة عن الباقي!

وبرغم التأخير في الخلفة لكن جوزها مرضاش يتجوز عليها، ده كان روحه فيها حتى مع الزن على ودانه من كل من هب ودب إنه يتجوز تاني عشان الخلفة، ده هي نفسها كانت بتترجاه يتجوز عليها، لكن طبعًا من جواها كانت محروقة ومتتمناش ده، أهو من باب تخليص الضمير عشان يكون له ذرية...

...............................

النهار كان طلع و"مريم" سألت برغم تعبها لما العيل خرج أخيرًا:

-ولد ولا بت؟

الداية ردت عليها:

-بت

-الله!

ضحكت ضحكة رجت المكان وساعتها المطر والرعد والبرق قطعوا فجأة ونور الشمس زهزه وظهر قوس قزح غطى القاهرة كلها، عمل جسر ما بين الأرض والسما والناس كلها بقت تطلع من بيوتها تتأمل فيه، الكل ثابت عيونه على الطيف، لا حد بيشتغل ولا حد بيعمل مصالح ولا حد بيكلم التاني...

-هتسميها إيه يا "مريم"؟

بصت ناحية المشربية على قوس قزح اللي ظاهر من خلالها وقالت:

-قاهرة...

"يتبع"

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↑1الكاتبمدونة محمد شحاتة
4↓-1الكاتبمدونة اشرف الكرم
5↓الكاتبمدونة ياسمين رحمي
6↓الكاتبمدونة حاتم سلامة
7↓الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
8↑1الكاتبمدونة آيه الغمري
9↑1الكاتبمدونة حسن غريب
10↓-2الكاتبمدونة ياسر سلمي
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑31الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني203
2↑22الكاتبمدونة مها اسماعيل 173
3↑14الكاتبمدونة مرتضى اسماعيل (دقاش)205
4↑11الكاتبمدونة منال الشرقاوي193
5↑5الكاتبمدونة كريمان سالم66
6↑5الكاتبمدونة خالد عويس187
7↑4الكاتبمدونة نجلاء لطفي 43
8↑4الكاتبمدونة غازي جابر48
9↑4الكاتبمدونة سحر حسب الله51
10↑4الكاتبمدونة نهلة احمد حسن97
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1079
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب695
4الكاتبمدونة ياسر سلمي655
5الكاتبمدونة اشرف الكرم576
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري501
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني426
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين417
10الكاتبمدونة شادي الربابعة404

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب334279
2الكاتبمدونة نهلة حمودة190518
3الكاتبمدونة ياسر سلمي181799
4الكاتبمدونة زينب حمدي169891
5الكاتبمدونة اشرف الكرم131117
6الكاتبمدونة مني امين116840
7الكاتبمدونة سمير حماد 107986
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي98120
9الكاتبمدونة مني العقدة95199
10الكاتبمدونة حنان صلاح الدين92041

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة عطا الله عبد2025-07-02
2الكاتبمدونة نجلاء البحيري2025-07-01
3الكاتبمدونة رهام معلا2025-06-29
4الكاتبمدونة حسين درمشاكي2025-06-28
5الكاتبمدونة طه عبد الوهاب2025-06-27
6الكاتبمدونة امل محمود2025-06-22
7الكاتبمدونة شرف الدين محمد 2025-06-21
8الكاتبمدونة اسماعيل محسن2025-06-18
9الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني2025-06-17
10الكاتبمدونة عبد الكريم موسى2025-06-15

المتواجدون حالياً

442 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع