ما الذي جاء به، هذا المخلوق سداسي الأبعاد، ذو الكرش الذي ينافس به فرس النهر؟
تراه أتى لينول الرضا ويجاور السعيد الذي هو أنا حتى يسعد، قد علم بالتأكيد بمكانتي وإني أصبحت سيد مجتمع مصيت، أراهن أنه يرى فيديوهاتي ولايفاتي وتقييم وجباتي ووصفاتي وبدلي الملونة الشياكة وتيشرتاتي...
وبحركة رأفت هجانية التفت وأعطيت له ظهري ونظرت إلى الكاميرا وأنا أكلمه بعزة نفس ومناخير وذقن مرفوعين لفوق...
= خير يا عميل "008" إيه جابك؟
-معقول بتديني ضهرك، مش هاين عليك توريني وشك القمر وخدودك المكتنزة؟
= لأ وياريت تعمل سامري في حدود 200 كلمة عن أيًا كان الموضوع اللي جايلي عشانه.
-طيب يا "جعيدي"، بالمختصر والسامري عايزينك تسيب شغل الفود والكالوري وترجع تاني عميل للملفات السرية.
= لأ
-باليز.
= نو
= باليييز.
-وأنا إيه يخليني أسيب الفود بلوجن اللي بيجبلي زكايب فلوس وأرجع تاني للملفات السرية؟
= أنت هتمثل دانت لسه مضروب علقة من صاحب عربية الكبده وكان لايف وعلى عينك يا تاجر، دانا بشغل الفيديو لحفيدتي ذات ال3 أسابيع عشان يعمل لها حالة استرخاء بدل الضوضاء البيضاء.
-خلص يا عميل وهات مالآخر إيه المغريات عشان أرجع للملفات؟
= حوافز، زيادة في المرتب 35 جنيه ونص، تذكرتين لافتتاح عطارة المكمكم في حارة الغوازي وتذكرة اكسبايرد لجنينة الحيوانات واشتراك لمدة ساعتين إلا ربع في أتوبيس رقم 13 المتوجه للعجمي من المنشية.
= أوكيه
-همتك معايا بقى، عايزين نلم التيم ونعدل الموازين.
= التيم؟
-تيم الملفات السرية الذي لا يقهر، وأولهم وأهمهم مهيطل التعلب.
= نو نو نو نو نو سيت امبوزيبل.
-ليه كده ما كنا حلوين؟
= عشان مهيطل بتاعك ده واد ملزق ودمه تقيل وأنا مقدرش أتعامل معاه وبعدين مش بيفهم في الإتيكيت، بيخروش ببقه وهو بياكل البطيخ وبيزروط الدنيا وهو بياكل مانجا ومش عامل متابعة لأمينة شلباية.
-عميل "جماجم" ال35 جنيه ونص.
= برضه لأ.
-افتتاح العطارة.
= لأه.
-الزو والزرافة والجزر والشامبانزي وحرباية نزلة السمان وعرضها الجنان.
= نوووووووه.
-أتوبوس العجمي.
= مش هتقنعني.
-هخليك مشرف عليه وتربورت للجعجعوني مباشرة مش زي زمان زمايل والند بالند والراس بالراس وهدايا أقلام فلوماستر وكراس.
ارتفع ذقن "جعيدي" وأشرق وجهه ونور كده وبان عليه النعنشة والسرور.
-ده غير إن في تعيينات جديدة وهخليك تعمل عليهم إتش آر ترهبهم وتظبط اختبار جبار.
أطلق ضحكة شريرة تنم عن رضاء ونوايا خبيثة.
.............................................
هناك في الركن المظلم بعيدًا عن شموع الأعياد الصغيرة التي بالكاد تنير الغرفة جلس أحدهم بقبعة تشبه بتاعة ساحر أوز ورداء له هيبة وطلة أوفر سايز يتعثر بها كلما مشى.
أغمض عينيه في تأمل تام، لكنها لم تتوقف عن الحركة خلف الجفون المقفلة، ثم فجأة صاح وهو يفتح عينيه:
= واحدة فيكم خفت الكنكة الستانلس المصدية بتاعة "جمالات"، خافت لأختها تطمع فيها، جمالات مش مرتاحة، مش مرتاااااحة.
نظرت كل من الأختين إلى الأخرى في ريبة، وشرعا في تبادل السباب كلٌ منهن تلقي التهمة على الأخرى.
شخط فيهم "مهيطل" في حدة:
-إنتوا مش عايزين أمكم ترتاح؟ إهدوا كده واللي فيكم خفت الكنكة تقب وتعترف.
التزمتا الصمت.
-هاه، منظهرها هيبقى وحش أوووي اللي عملتها بعد ما أعرف من نفسي.
استمر الصمت.
-ماشي.
حجب عينيه بيده وفرد اليد الأخرى وحركها بينهن وهو يقول:
-حادي بادي كرومب زبادي شاله وحطه وكله على ادي.
استقرت يده على القلة في الركن البعيد لكنه عمل أبروكسميشن كده على أقرب واحدة للقلة وقرر أنها الفاعلة.
انتفض في غضب وصاح بها:
-عااااااا يا مجرمة يا حرامية يا مدلسة يا محدثة.
نظرت إليها الأخرى في عتاب وقالت:
-عجبك كده أمك مش مرتاحة، أتاريها مش بترد بقالها ربع ساعة.
ضاقت عينا "مهيطل" وقال بنبرته التي يعتليها التشويق:
-ليه هي فين؟
-في السمبلاوين، عند أختها بايتة عندها.
-أمال أنتوا استدعيتوني هنا ليه؟
-عشان بنسمع حركة كتير وأصوات في أرجاء البيت والحاجات بتتحرك من مكانها، وكتير وأنا نايمة حاجة بتلمس إيدي من تحت المخده وتعدي بسرعة.
-لو مش جمالات يبقى مين؟ مارد مالصين؟ عمل من ناس مش كويسين؟ لعنة عوازل قماصين؟
غمزت له إحداهن وقالت:
-تعالى معايا...
سار "مهيطل" حيث وجهته حتى وصلوا ثلاثتهم إلى بقعة معينة في أسفل الحائط...
سألته الأخرى:
-تقدر تقول لنا إيه ده.
كانت خربشات صغيرة للغاية ، ثلاثة خطوط متوازية، وبالنسبة إليه قد عنى ذلك أمرًا واحدًا...
-عفريت، ده عفريت، مش روح ولا قرين، أنتوا أكيد قلقتوا الكيان ده اللي عايش معاكم، صحيتوا بليل خبطتوا في الحلل، مليتوا القلل، رقصتوا على اغنية كفر، اخدتوا دش على ضوء القمر....
-لا خبطنا في حلل ولا ملينا قلل.
سمع ثلاثتهم صوتًا خافتًا مصدره خلف الستار...
توجه مهيطل المغوار إلى خلف الستار وخلفه الأختين يمسكن في جلبابه حتى وصلوا فأزاحه تاتا تاتا ليتبين لهم أنه أخطر بكثير من روح غير مستقرة أو عفريت مشاكس لقد كان....فااااار.......
"يتبع"






































