"كنت قد ظننت أني طويت هذه الصفحة السوداء المنيلة من حياتي وأني مضيت قدمًا وأخيرًا صنعت لنفسي كيان خارج الملفات السرية أوي. فاتت 5 سنين بحالهم، وصلت لمكانة لم أتخيل يومًا إني سأصل إليها، كارير خطير يحسدني عليه كتير، صرت أنافس المشاهير وأحظى بجمهور وتقدير، وأظهر في الإعلانات مع كزبرة ومحمد منير، لكني وجدت نفسي قد سُحبت مرة أخرى إلى بحر الغموض والأسرار دونما إختيار مني ولا قرار، ووجدت من المستحيل أن أسبح عكس التيار، فهذا قدري، الملفات السرية شمسي والماورائيات اللا منطقية قمري، وعجبي...."
...................................
قبل ذلك بأسبوع....
= الحقيقة يا جماعة أنا أول مرة أجي هنا، زي ما أنتم شايفين اخترت طرابيرة مدورة بكراسي مقورة عشان الزبون يقعد براحته ويرحرح وياخد مساحته، أنا شايف على الطرابيزة خرابيش، أكيد هنعمل سكان نجيب المنيو اللي فيها الطواجن والمناقيش، أاااااهو... مفيش....
"لو سمحت فين المنيوو"
يرمي عليه العامل ورقة بلاستيك مهترئة مقشرة تصيبه في طرف عينه.
يكبت "جعيدي" صرخته ويضع يده على عينه من سكات ليكمل شغل اللايفات....
= زي ما أنتوا شايفين المطعم هنا بيفضل الإسلوب الكلاسيك في تقديم الخدمات، عارفين الشغل الأورينتال الأوريجينال ده، بدل بقى السكان والكاميرة لأ جايبنلي منووو بلاستيك شيك هاند تو هاند، غير الكراسي الخشب المفرغة من القاعدة، مستني أدوق الأكل على أحر من الجمر...
أنا شايف قدامي قسم الكبده الأوريجنال على قديمو، وقسم الكبده الإسكندراني والكبده الفراخ والكبده اللحمة وسندويتشات الكبده والكبده في طبق فويل تالت استعمال، والكبده في كيس معاد إستخدامه كانت بتسبح فيه سمكة زينة لزوم إعادة التدوير والحفاظ على سلامة المدينة....
أنا خلاص عرفت هطلب إيه وهنشوف مع بعض التيست والسيرفز والأجواء، خليكوا معايا يا ناهد يا سالي ويا علاء....
يرفع رأسه ويشير إلى العامل كي يتلقى طلبه، لكن لا يستجيب له ، فينادي عليه فلا يتجاوب فيرفع صوته وهنا ينتبه العامل ويأتي من بعيد بعينين تطق شرارة....
-ها؟ عايز إيه؟
= عايز كبده فويل وصاندويش كبده أوريجنال بالصن توماتوز والهوت بيبرز والتااحيينة.
رمقه العامل بنظرة حملت سبابًا لا يصح ولا يجوز ومشى من سكات وهو يبرطم حتى وصل إلى الطباخ الواقف على عربية الكبده وأخبره بالطلبات ثم أضاف: "هاتله من الهوهو"....
دقيقتين ونزل الطلب. كان "جعيدي" قد إرتدى جوانتي المواعين البلاستيك لتجربة الطعام. أمسك صاندويتش الكبده بيديه الاثنتين وتوجه إلى كاميرة الموبايل وهو يقول:
= الصاندويتش جووسي بيلظ، عاجبني البوهارات، ولفة الفويل من عليه اللي هتاكل منه حته، بس متهيألي كانوا جابوا سايد ديش بيتشنجان، أديله 9 وتلات أربع من عشرة، ودلوقتي هندوس في طبق الكبده الفويل، أمممم أممممممم الكبده بتفط وتمط في البوق، مش عارف أبلعها بسهولة وده بيخلي الطعم يفضل أكتر ، طعم يعيش معاك، حتى لو حاولتم مش هتقدروا تبلعوها بسهولة، يعني كمان نعتبرها تريت زي اللبانة كده، وعشان كده هديها 10 من 10 وستار بجليتر....
اقترب من "جعيدي" العامل القائم على الخدمة وطلب منه دفع الحساب فرد عليه:
= خلاص يا إكسلانس الحساب اتدفع.
-حساب إيه اللي اتدفع؟
= مانا عملتلكم إعلان، صورت فيديو على تيك توك وجبت مشاهدات كتشيير أوي وعملت تقييم كمان.
-أيوه يعني فين الحساب؟
= ما هو ده الحساب.
وفي ظاهرة خارقة للطبيعة، انتقل "جعيدي" من على مقعده المثبت على الأرض إلى مقعده برضه بما إنه مقور ونصفه الأسفل يتدلى منه لكن في الهواء على بعد اشبار من الأرض حتى أن المقاعد جميعًا أصبحت واضحة والجالسين أصبحوا نقاطًا بالنسبة إليه، وانهال عليه العامل مع باقي العمال والطباخ بالضرب حتى جعلوا من وجهه باليتة ميكاب أوريجنال.
.............................
بالكاد استطاع "جعيدي" تمييز الأشياء حوله ولم يتمكن من فتح عينيه إلا قليلًا، لذا كان من العسير عليه القيام من فراشه والمشي في أنحاء الشقة وكل مرة اضطر فيها إلى القيام تخبط ووقع وتشتحتف إشفاقًا منه على حاله...
كعادته تمدد على ظهره ووجه نظره إلى الحائط بعينيه نصف المغمضتين الوارمة عندما دق جرس الباب..
وضع يديه الاثنتين على وجهه وصاح "يادي النيلة" بينما قام بطيئًا...
الملفت أن الجرس دق مرة واحدة فقط، لذا كاد "جعيدي" أن يلتفت ويعود إلى غرفته لأنه من الواضح أن الطارق قد غير رأيه وورانا عرض كتافه، لكن ولسبب ما وانطلاقًا من الحس المخابراتي القديم تقدم ومد يده إلى مقبض الباب استعدادًا لفتحه حيث تيقن أن هناك من يقبع وراءه....
فتح الباب في حركة سريعة ورشيقة فوقع أرضًا من كان ملتصقًا به...
= استنى عندك متمشيش عبال ما أحيب رذاذ الفلفل أو السيف الشيش.
-لأ من فضلك مترشنيش متغزنيش.
= الصوت مش غريب انطق قبل ما أجيبلك شاويش.
-مالك يا عميل "جعيدي" مش شايفني؟ مش عارفني؟
= إوعى يكون....
-أيوه، هو، معقول نسيتني؟ الشهرة عمت عنيك؟
= عميل 008!
-ايوه هو يا سي البلوجر المشهور، ولا أقولك بلاش الملامة سيدي أنا حمد الله عالسلامة....






































