هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • يوم غريب في حياتي
  • المتحدثون عن الله ورسوله
  • قصة قصيرة/.المنتظر
  • قصتان قصيرتان جدا 
  • سأغير العالم
  • كيف تعلم أنك وقعت في الحب؟
  • التأجيل والتسويف
  • فأنا لا انسى
  • احترام التخصص
  • 2- البداية المتأخرة لرعاية الفنون والآداب
  • يعني إيه "الاحتواء"؟
  • يا عابرة..
  • رسائل خلف السحاب
  • صادقوا الرومانسيين
  • ربي عيالك ١٠
  • من بعدك، كلامي بقى شخابيط
  • إيران من الداخل بعد الحرب.. 
  • معضلة فهم الحرب على إيران
  • نصر سياسي ايراني
  • قصة قصيرة/ وصاية الظل
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة ياسمين رحمي
  5. المادة 1020

"القصة مستوحاة من أحداث حقيقية"

 

-دنيتي كلها إتقلبت مرة واحدة. عارف لما تبقى على مركب ثابت والأمواج هادية وحاسس بطمأنينة واتزان وراحة بال ، وفجأة عاصفة تهب، الموج يعلى والمركب يتقلب ، تلاقي نفسك في جوف الميه مش قادر تتنفس، بس اللي يقضي عليك مش الميه اللي ملت الرئة بتاعتك ولا السحب اللي بياخدك للقاع ولا الحطام اللي بيخبط فيك ، اللي بيقضي عليك هي الصدمة، خبطة الثقة، كنت مآمن للمركب وللبحر وللطقس واتاخدت على خوانه، وهو دا بالظبط اللي حصل لي..بعد عِشرة سنين، بعد ما بنتيت حياتي كلها عليه وعلى ولادنا، راجلي، الأمان بتاعي ، قرر يسيب المركب ويتط ويخليني أنا بس اللي أجدف، أنا كنت عارفه على فكرة بخيانته، كانت زي طعنة سكينة ف ضهري، مصدقتش أن دا "وسيم" حب حياتي ، الراجل اللي عرفته من أول سنة في الجامعة، يعني تقريبًا كنت طفلة، واتجوزنا بعد ما اتخرجت بسنتين، وبقيت أم صغيرة لطفلين جمال هاديين متربيين بشهادة كل الناس اللي حواليا واللي اتعاملوا معاهم.. وبس، حياة وردية ، شبه مثالية. لحد لما "وسيم" فجأة اتغير، بقى جاف معايا وغاب عن المناسبات بتاعة ولاده وسقط ذكرى جوازنا وعيد ميلادي وأعياد ميلاد الأولاد واجتماعات الآباء في مدرستهم وهكذا... الموضوع مكنش عايز حد عبقري عشان يفهم، شميت ريحة ست تانية، واتحول من مجرد شك ليقين لما راقبته وركزت معاه، بلعت المرارة وقولت هيرجع، كنت بضغط على نفسي وأنا بتعامل معاه، بمثل الضحك والاهتمام، وأصعب لحظات لما عيني كانت تلتقي بعينه وبستنزف كل طاقتي عشان معيطش، وبرغم دا كله، برغم استعدادي للتضحية وإستكمال التمثيلية عشان خاطر الأولاد، هو اللي معجبوش وقرر يطلقني عشان يبدأ حياة جديدة مع السنيورة... ولما الدنيا بقت عتمة، مفيش بصيص نور ظهر هو، كان في الأول صوت بس، صوت بيقول كل الكلام الصح، إني ليا قيمة وإني مرغوبة، مش وَحش ولا ست قبيحة. عمري ما اتخضيت من وجود الصوت أو إنزعجت منه ، وبعد فترة في عز المعمعة، لما اتطلقت فعلًا وكمان أبويا وأمي بقوا عليا وعاتبوني إني ضيعت جوزي من إيدي وحطوا اللوم كله عليا وهو قرر إنه ينفصل تمامًا عن حياة الولاد ويبطل يصرف عليهم ويسيب الجمل بما حمل الصوت بقى ليه شكل مجسم، مصدر الصوت بقى واضح، بقى يظهر في الشقة، في أوضتي ، في الصالة، في المطبخ بس لما بكون لوحدي، أول ما حد من الولاد يبقى معايا أو أي حد تاني بيختفي... لما بيظهر بيفضل قاعد معايا بالساعات مش شرط نتكلم، ممكن يفضل باصصلي بحنو ودفا وممكن أرمي راسي على صدره وأفضل أعيط وهو ميتحركش أو يأفف ويشتكي، وعدني إن عمره ما هيسيبني ، أنه مش هيتغير معايا، حتى شكله مش هيتغير، لا هيكبر ولا هيكرمش، هيفضل بنفس الصورة لحد الآخر....

 

=حضرتك بتقولي مش بيظهر لأي حد غيرك؟

-ايوه.

=وأنه قال إن شكله مش هيكبر؟

-فعلًا.

=طيب تقييمك كدا، الراجل دا عبارة عن إيه؟

-مش فارق معايا، حتى لو مش من جنس البشر، المهم أنه مش هيغدر، مش هيخون، مش هيستغنى ولا هيهرب.

=بس كدا ولا في باقي للقصة؟

-بس، مفيش أحداث تانية.

=حضرتك طب تحبي تسمعي رأيي وتقييمي؟

-طبعًا يا قاسم أمال أنا متصلة بيك ليه؟

=أنا تقييمي أن الكيان دا نتاج عقلك الباطن، ملوش وجود حقيقي، ودا خبر حلو جدًا، لأنه لو كان جن عاشق مثلًا كانت هتبقى مصيبة، اللي إنتي اتعرضتي ليه مش سهل أبدًا، كافي يطير عقل فيلسوف، وطليقك ربنا ينتقم منه أو يهديه، والشخصية الخيالية اللي إنتي اختلقتيها فيها كل حاجة عكس طليقك، الوعد بالبقاء، الإحساس بالأمان، التعهد أنه مش هيتغير ولا حتى في ملامحه عشان يضمنلك أقصى إحساس بالراحة ، إن حتى وشه وشكله مش هيختلف، النظرة الحانية منه في وسط القسوة بتاعة أقرب الناس ليكي من ضمنهم أهلك، عدم تأففه أو إظهار ملل حتى لو قعد ساكت لساعات، مكتفي بس بوجودك، أنه بيحسسك إنك مرغوبة وليكي قيمة وبيقولك إنك ست حلوة. أما نصيحتي فإنك تتوجهي فورًا لدكتور نفسي، كلنا يا "هاجر" محتاجين دكاترة، المفروض الطب النفسي يبقى زيه زي باقي الاختصاصات، الناس تروح للعيادة أول ما تشتكي من وجع ، قلق أو حيرة أو توتر أو اكتئاب ولو بسيط. حتى لو مكنش في حاجة واضحة، لازم كلنا نروح بشكل منتظم عشان مش بنبقى على وعي كافي بالأثر اللي بتسيبه التجارب وحتى المعاملات والظغوط اليومية، أظن دا هيفرق في المجتمع ككل، مش هنشوف كم جرايم الكراهية البشعة والتصرفات العدوانية اللي في الشارع...لازم تهتمي بنفسك يا "هاجر" عشان محدش تاني هيهتم بيكي...

"صمت لمدة ثانية وبعدين هيقول:

=ومعانا اتصال تاني...

"التليفون بيرن"

-آلو..

=أيوه يا فندم.

-إزيك يا "قاسم"؟

=في أفضل حال الحمد لله.

-معاك "شريف"، مقدم سابق في الشرطة..

=سابق؟

-اه هنوصل لدا بعدين...

=تمام، أنت عارف قواعد البرنامج؟

-أكيد عارف وإلا مكنتش غيرت إسمي وكمان هغير أسماء الناس والأماكن في القصة عشان وفقًا للقواعد أي حاجة هقولها هتبقى على مسؤوليتي وإحنا عالهوا ، مفيش سرية...

=مظبوط، وأنا مستعد أسمع حكايتك.

-قبل ما تسمع حكايتي، عايز اسألك على حاجة.

=إتفضل طبعًا.

-بحكم شغلي وخبرتي، عندي حدس كدا، اللي يختار المجال الاستثنائي بتاعك، يقدم برامج عن الجرايم الغريبة أو الحاجات الخارقة للطبيعة، الشخص دا بيبقى ليه طبيعة خاصة وتقييمي إنها بسبب تجربة معينة. أنت حصلت معاك حاجة يا قاسم ، خلت يبقى ليك التوجه دا، إمتى بقى هتحكيلنا حكايتك؟

=أنتوا لسه مش مستعدين لحكايتي!

-يعني إيه بقى؟

 

=يعني حكايتي أنا شخصيًا مقولتهاش لحد من وقت ما حصلت، مجرد أن أحكي دي فكرة مرعبة بالنسبة لي، حاسس إني زي ما أكون هرجع تاني للجحيم اللي مريت بيه، أنا تخطيت حاجات كتير ف حياتي، إلا التجربة دي بس أوعدحضرتك أن هييجي وقت وهكيهالكم، أنا مدين ليكم بدا، بالذات بعد ما كتير حكولي عالهوا قصتهم...

-ماشي خلينا في حكايتي دلوقتي... أنا ساكن في الشروق وخدمتي كانت هناك... الشروق بشكل عام مدينة هادية أوي وتعم فيها أجواء السلام والصفاء النفسي، الشوارع متقسمة حلو وواسعة ومش زحمة وفيها مساحات خضرا، تشبه اليوتوبيا وفي وسط الهدوء دا وف يوم رايق، الناس اتذعرت بسبب صريخ واحدة ست في مول معروف هناك بتستنجد... كانت بتقول "حرامي...حرامي..الحقوني"..طبعًا رد الفعل العفوي الطبيعي في المواقف اللي زي دي هي إن الناس تجري عليها وتحاول تنقذها وتمسك الحرامي، ودا اللي حصل ، شوية شباب جريوا بسرعة ناحية الصوت والناس اتجمعت بأعداد كبيرة. 

 

المشهد كالتالي: ست شايلة طفل صغير في حاجة زي حمالة كدا أو شنطة، المهم أن الطفل ساند على بطنها، وراجل كبير في السن ماسك إيدها اللي شايله بيها محفظة بكل قوته وحتى بعد ما الشباب قربوا وهجموا عليه مكنش راضي يسيبها... الشباب فكوا إيده من عليها وكتفوه وهي لسه بتصرخ والمحفظة وقعت من إيديها عالأرض وكذلك الكروت اللي كان ماسكها الراجل في إيده التانية... الراجل كان بيزعق فيهم وفي الناس الملمومة، كان بيقول : "المحفظة بتاعتي والكروت بتاعتي، أنا مش حرامي!" الناس متفلتتش للي قاله وفضله مكتفينه ومحاوطينه... أنا كنت قرب الموقع وجالي بلاغ باللي حصل، جريت على هناك لقيت المتهم متثبت عالأرض من الأمن بتوع المول، وشه كان أزرق وعمال لسه يزعق ويقول: "الحاجة بتاعتي، الحاجة بتاعتي".. مش عارف ليه أول حاجة فكرت فيها لما وصلت إني أشيل المحفظة والكروت من الأرض وأفتح المحفظة أشوف اللي فيها... فتحتها وطلعت البطاقة، كان عليها صورة الراجل وعليها إسمه! وعلى كروت السحب نفس الإسم، الحاجة فعلًا بتاعة الراجل الكبير!

=نعم؟! المحفظة والحاجة بتاعته هو، يعني مكنش بيكدب ولا بيحاول يهرب؟!

-لأ، كان عنده حق.

=وإيه الست الغتتة دي، هي أكيد حرامية لكن كمان تفضحه وتخلي الناس تمسكه وتهينه بالشكل دا وهو راجل كبير في السن؟ وبعد كل دا المحفظة تقع منها ومتلحقش تاخدها...

-الموضوع مش بالبساطة دي، مفيش حاجة في القصة دي تفسيرها بسيط أو واضح!... بعد ما اتأكدت من البيانات أن الحاجة بتاعة الراجل أمرتهم فورًا يشيلوه من على الأرض، أصلًا الإجراء العنيف دا مكنش ليه لازمة، هو كان فعلًا متكتف، ليه يثبتوه عالأرض؟ إيه الداعي يعني، دا لو على إفتراض أنه كان حرامي فعلًا؟! بعدها اتلفتت حواليا عشان أشوف الست....

 

=طبعًا كانت بخ، اتبخرت في الهوا...

-طبعًا! كان معايا كذا عسكري مشطوا المول كله مع رجال الأمن. مكنش ليها وجود. استغلت انشغالنا بالموقف، ما هو طبيعي الناس في المواقف دي وزي ما شفت في الأفلام الأبيض وأسود، أول ما بيمسكوا في الحرامي بيتعموا عن كل حاجة تانية، الساحر ممكن يطلع من برنيطته فيل والناس برضه مش هتاخد بالها، وهي اعتمدت على كدا، إختفت على مرأى من الجميع...تفتكر يا "قاسم" إحنا عملنا إيه بعد كدا؟

=بالنسبة للراجل أكيد إعتذرتوا ليه وحاولتوا تهدوه وتفهموا منه اللي حصل، وبالنسبة للست الغامضة مشطتوا المنطقة كلها بحثًا عنها...

-قبل ما نتكلم معاه ونحاول نفهم منه اللي حصل، اتوجهنا فورًا لأوضة الكاميرات، نشوف دخلت إمتى وخرجت إمتى ومن أنهي بوابة ونشوفها لما كانت جوه المول نفسه...شفناها جوه المول وهي بتمشي بالطفل، المفروض هي دي الست اللي بندور عليها، عملنا زووم على وشها لكن...اللي شفته عقلي مكنش قادر يستوعبه، من بعيد يبان وش طبيعي لكن من قريب، ملامحها جامدة مفيهاش تعبير، زي ما تكون جبت وش مانيكان من بتوع المحلات وحطيته على جسم بني آدم، مش وش بشري!

=لأ آسف مش فاهم وضحلي أكتر، يعني إيه وش مانيكان مش وش بشري؟

-زي ما بقولك بالظبط، وش تمثال أو عروسة كبيرة، مش زي وشوش البشر!

=طيب الحرامية أو الست دي دخلت وخرجت إمتى؟

-لا دخلت ولا خرجت...

=نعم، يعني إيه؟

-مفيش أي رصد لدخولها، نفس الست دي بنفس الملامح البشعة الكاميرات مصورتهاش لا وهي بتدخل ولا وهي بتخرج.

=يعني هي كانت لسه جوه المول؟!

 

-وإيه تفسير إن الكاميرات ملقطتهاش وهي بتدخل؟؟

=معرفش، معرفش!.... ثواني، لو ملهاش تعابير، والوش جامد شبه المانيكان ، يبقى مش مستبعد يكون قناع مثلًا وده يفسر أن الكاميرات مرصدتهاش، ببساطة عشان لما دخلت كانت بوشها الطبيعي وبعدين دخلت حمام مثلًا بدلت هدومها ولبست القناع وراحت عملت الفقرة بتاعتها ودخلت تاني الحمام في عز الناس ما كانت مشغولة بالقبض على الراجل، رجعت لبست هدومها الأولانية وشالت القناع وخرجت من المول، وفي السيناريو دا مش مستبعد كمان تكون راجل...

-حلو أوي تفسيرك، طب والطفل راح فين؟

=هو كمان مشفتهوش في التسجيلات وهو بيدخل أو بيطلع؟!

-ولا في أي مكان في المول، اللي اتفتش سنتي سنتي، قول لي بقى إيه تحليلك لده؟

=لا يا فندم أنا كدا أُسقط في يدي، معنديش أي تفسير..

-عامة يا "قاسم" الحكاية لسه بتبتدي...طبعًا قدمت إعتذارات الدنيا للضحية الأستاذ "فهيم فتحي"، لكن كنت قلقان جدًأ عليه، من وقت ما كانوا مثبتينه في الأرض وشه كان أزرق، شكله تعبان بجد، وبعد ما اكتشفنا الحقيقة وحاولنا نهديه ونعتذرله مكنش بيستجيب، زي ما يكون فاصل عن الدنيا، سرحان.. طبعًا مع حاله دا مكنش ينفع نستجوبه ونراجع معاه الموقف من أوله، كان لازم نستنى على الأقل يوم كمان...اللي حصل أنه روح بيته، وأنا مقدرتش أنام عدل. طول الليل براجع كل اللي حصل مرة بعد مرة في دماغي وكل شوية صورة الست، صورة الوَحش تطاردني، اترعبت كل ما افتكرت ملامحها، وكنت مستني بفارغ الصبر اليوم التاني عشان اخد أقوال أستاذ "فهيم" وأعرف شاف إيه بالظبط وكل التفاصيل بتاعتها وتفاصيل الموقف...لكن للإسف الإستجواب دا متمش..

=ليه، ميرضاش يتجاوب؟

-لأ، مبقاش موجود، أستاذ "فهيم" إتوفي في نفس اليوم بليل.. جاتله سكتة قلبية، عربية الإسعاف وصلت في وقت قليل بس ملحقهوش، مات قبل ما يوصل المستشفى...

=لا حول ولا حوة إلا بالله، دا بسبب...

 

-بسبب محاولة الست الغامضة مثلًا إنها تسرقه ولا خضته لما خدت المحفظة وقعدت تصرخ وتقول حرامي ولا لما شباب في سن أحفاده اتجمعوا حواليه وهاجموه وكتفوه ولا لما أفراد الأمن ثبتوه عالأرض كأنه مجرم ولا بسبب اللي شافه، الكائن اللي على شكل واحدة ست واللي سمعه منها واللي منعرفش عنه حاجة؟؟ زي ما قلتلك، دي كانت البداية..... بنته البالغة من العمر "52" سنة كانت في قمة الحزن والغضب بسبب إهانة أبوها بالشكل دا لدرجة أنها راحت المول بعد الدفنة وفاجئت أفراد الأمن بزعيق وتهزيق واتهمتهم بإنهم موتوا أبوها.. هي طبعًا متعرفش حد بعينه، متعرفش مين اللي كان حاضر وعمل كدا بس أهو، كانت عايزه تنفس عن غضبها وخلاص..

=وليه متوجهتش للقسم وقدمت بلاغ في إدارة المول بدل ما تعمل الشوشرة دي؟

-لييييه، بالظبط هو دا السؤال، ليه مقدمتش بلاغ؟ عامة أنا مكنتش هستنى إجابات، كنت هدور عليها بنفسي، قلت بس أستنى كذا يوم وبعدين أحاول أتكلم معاها بشكل ودي..

=هاه وقالتلك إيه؟

-مقالتش، ملحقتش تقول... تاني يوم الصبح إبنها دخل عليها أوضة نومها لما لاقاها اتأخرت جدًا في النوم، المفروض كانت تصحى قبل كدا بكتير.. خبط عليها مردتش، ففتح الباب ودخل ...

مكنتش على السرير، اللي موجود هو دم مغطي الفرش! مكنش حاسس بنفسه وهو بيمشي لجنب السرير التاني حيث كانت الجثة..أنا شفت الجثة بنفسي. بص هو أنا هحاول أوصف على قد ما أقدر، عارف لما أسد أو ديب يفترس ضحيته، الجثة بتبقى ممزقة بسبب المخالب. شكل جثة "نفسية" كانت زي كدا، كأنها فريسة لوحش بري عايش في الغاب، الفرق بس أن التمزيق في لحمها مش من مخالب، من سنان!

=سنان؟!

-أيوه، سنان مش بشرية، مفيش سنان من بتاعتنا هتقدر تعمل كدا، تنهش بالشكل دا. حيوان مفترس مش معروف نوعه هو اللي هاجم "نفيسة" وقتلها بوحشية، دا كان تقرير الطب الشرعي، الجثة مكنتش كاملة، يعني مش كل أعضائها كانت جوه الجسم، اضطرينا نلملم وآسف يعني إني بقول كدا، أجزاء من أعضاء متفتتة وأشلاء من على الأرض والسجاجيد والحيطان..

=حيوان بري مفترس في "الشروق"، أو بما إنك قلت إنك هتغير الأماكن، فهو مكان قريب من الشروق أو شبهه..مكان هادي بس المفروض أنه عمران، مش في صحرا ولا غابة و حيوان فجأة كدا يهل ويتسلل لأوضة مواطنة ويقتلها ويمثل بجثتها وبعدين ينسحب ويختفي من غير ما أي حد من المنطقة يبلغ عن أنه شاف حيوان غريب متوحش؟

-إحنا بنشتغل باللي متوفر لينا، الأدلة كانت بتقول كدا "آثار الجروح الموغلة ونمطها يشير إلى هجوم حيوان مفترس"، بس تعالى كدا نراجع حاجة مع بعض، الحيوان البري لازمله مخالب..

=أكيد.

-مفيش آثار لمخالب، مفيش خربشة!

=ودا معناه إيه؟

-معناه أن الهجوم مش بتاع حيوان بري، بتاع إنسان..

=لأ، هو أنا كدا أكيد مش هاخد مكالمات تانية عشان القضية دي هتقضي عليا، أنت مش قلت تقرير الطبيب الشرعي قال إنه هجوم حيوان بري وخلاص أنتوا إستقريتوا على كدا؟

-اللي إستقر استقر، واللي ارتاح باله للتحليل دا هو حر، أنا بقى لأ، أنا بقيت مقتنع أننا بنواجه مخلوق لا هو حيوان ولا هو إنسان أو يجمع ما بين الاتنين، دا أول إستنتاج ليا، أما الاستنتاج التاني فهو إستهداف أستاذ "فهيم"، إختياره مكنش عشوائي، الست أو الكائن قصدته هو بالذات، والدليل على كدا أن الضحية التانية هي بنته، في علاقة ما ما بين هسميها "الدمية البشرية" وما بين فهيم.... عمومًا إحنا اتقسمنا فرقتين ، فرقة سلمت باللي قاله التقرير وباللي كان واضح من منظر الجثة اللي هو هجوم حيوان مفترس، وفرقة تانية اللي هي تتكون مني أنا بس كان ليها نظرية الدمية البشرية، وفي الحالتين فإحنا قدام كارثة بكل المقاييس، لو افترضنا أنه حيوان مفترس فالحيوان دا كان لازم يتمسك وفي أقسى سرعة قبل ما يهجم تاني، لازم نصطاده حي أو ميت ولو افترضنا أنه دمية بشرية، الله أعلم دا معناه إيه أصلًا وإيه كينونة الكائن دا، فلازم برضه نمسكه أو نمسكها ونحاول نفهم طبيعتها وإذا كانت الوحيدة من نوعها ولا في تاني، وجيه منين وإيه قصتها، كابوس، كابوس بالمعنى الحرفي....

إستجوبنا إبن "نفيسة" ومكانش عنده أي فكرة أو تبرير للي حصل، حكيتله عن حادثة جده بالتفصيل ووريته صور الست اللي اتهمته بالسرقة، كان صادق، رد فعله أول ما شاف الصور يدل أنه ميعرفهاش ولا شافها قبل كدا، وكان في حالة رعب من ملامحها...

 

كان واضح إننا داخلين في حارة سد.... كذا يوم عدوا بعد إستجواب "أنس" إبن "نفيسة" ومفيش أي دليل أو خيط يساعدنا، بس الخبر الحلو أن مفيش برضه هجمات وعلى رأي المثل "لا خبر هو خبر جيد". كنت بدأت أسلم بالوضع القائم، إني ممكن موصلش للقاتل اللي كنت شاكك بنسبة كبيرة أنه نفس الست ذات ملامح الدمية، وكنت راضي، كدا كدا ظروف الحالة دي استثنائية ومش معتادة وفوق قدرات الناس العادية...لحد اليوم دا....

حصل اللي قلب الموازين وخلاني أكتر من الأول هتجنن وعايز أحل اللغز بأي تمن... لقيت "أنس" داخل عليا القسم، كان بيتنفض ووشه أصفر، حالته بشعة، كأن كلب مسعور كان بيجري وراه....

قال لي أنه تلقى مكالمة من صاحب جده، الدكتور "جاد الله"، "جاد الله" زيه زي "فهيم" راجل سنه كبير، قرب التمانين، لكن بعكس "فهيم" مكنش عنده أسره، عاش حياته عازب ، إنشغل بشغله وعدت السنين ومتجوزش وفي النهاية إتنقل لدار مسنين في نفس المنطقة "الشروق"، "فهيم" مقطعش إتصاله ب"جاد الله" وكان علطول يا بيكلمه يا بيروح يزوره في الدار ويقعد معاه بالساعات. صداقتهم كانت قديمة من أيام شبابهم.. المهم أن "جاد الله" كلم "أنس" وقال له أنه خايف، إن الدور جي عليه وأنها هتهاجمه في أي لحظة ومحدش هيقدر يوقفها وقاله كمان أنه مش هو بس اللي معرض للخطر، دا "أنس" نفسه وأي حد ممكن يكون عزيز على "فهيم" أو على "جاد" في عداد الأموات وإنها مسألة وقت....

قمت فورًا مع "أنس" أول ما خلص كلامه وإتوجهنا لدار المسنين....

الغريبة أن "جاد" رحب بينا وكان رايق جدًا، بيضحك ووشه بشوش، سألته علطول عن الست اللي كان يقصدها في مكالمة التليفون وعن هويتها وعلاقتها بيه وب"فهيم" ورده كان:

-ألا فهيم عامل إيه، ليه غايب عني ، هو زعلان مني ف حاجة؟!

ولا كأنه سمع اللي قلته... مبقتش فاهم حاجة، هو مثلًا بيحاول يداري ومش عاوز الموضوع يوصل للشرطة؟

قلتله:

-يا دكتور "جاد" مفيش وقت، ناس كتير ممكن تموت، هي الست اللي تقصدها هي نفسها اللي هاجمت الدكتور "فهيم" الله يرحمه في المول وإدعت أنه حرامي؟

-إحنا هنرجع إمتى؟

-نرجع؟

-هنرجع إمتى من أمريكا؟ مش خلصنا بقى يا فهيم، أنا مبقتش عايز أقعد، مش مستحمل، الموضوع دا فاشل ونتايجه وخيمةّ!

فهمت اللي بيحصل لما ممرضة جريت علينا وقالت لنا إن "جاد" عنده زهايمر، أوقات بيفوق وذاكرته بتبقى كويسة وتصرفاته طبيعية، وأوقات تانية بيغيب تمامًا وبيبقى مش مركز والدنيا عنده بتدخل في بعضها، ممكن يوجه لحد كلام على أساس أنه واحد تاني ويتكلم عن حاجات في الماضي بتاعه وكمان ممكن يبقى عدواني...

=يعني في لحظات الفوقة بتاعته كلم "أنس" وقال له عن مخاوفه وحذره.

-مظبوط، بس الله أعلم بقى إمتى تاني كان هيفوق، المشكلة أن الممرضين في الدار مسموحلناش نتكلم معاه أكتر أو نقعد حبه يمكن يرجع لحالته الطبيعية في أي وقت ويقول أي حاجة تفيدنا، قالوا أن حالته مستحملش وأننا كدا بنضغط عليه... للأسف كان ممكن الوضع يختلف لو خلونا نضغط عليه! فجر اليوم التاني جالنا بلاغ من نفس الدار، المكالمة كانت بشعة، اللي بلغ كان بيستنجد، بيصرخ بهستيريا، كلامه مش متزن ولا منطقي قال:

 

-فجأة لقيناها، منعرفش دخلت منين، محدش قدر يوقفها، مش بشر، دي مش بشر، سنانها مدببة، طالعة من كل مكان في بوقها، وحركتها، كانت ببتحرك بسرعة غريبة كأنها حيوان، قتلتهم في دقايق، محدش قدر يوقفها...

أخدت معايا أعداد كبيرة من العساكر وخلال 10 دقايق كنا هناك... الوضع كالتالي: قدامنا 3 جثث ممزقين، جثة منهم ملامحها مش باينة عشان العيون والمناخير والشفايف كانوا منزوعين من الوش، التلاتة من النزلاء، كبار السن. من ضمنهم طبعًا دكتور "جاد"... اتصلت بالإسعاف عشان ييجوا يشيلوا الجثث، لكن وأنا بتكلم في الموبايل سمعت صوت كحة، المصدر كان "جاد"، "جاد" لسه عايش!

غيرت كلامي ، زعقت في اللي كنت بكلمه .. قلتله:

-خليهم كيسين مش تلاتة وعاوز نقالة فورًا وعربية إسعاف مجهزة، واحد لسه عايش، بسرعة!

قعدت جنبه، المنظر كان كافي يسبب لأي حد حتى لو شاف جرايم الدنيا صدمة عصبية، ومع ذلك مكنش عندي رفاهية إني أنسحب، كان لازم أتعامل مع الواقع، الواقع اللي مش واقعي بالمرة.

 

وزي ساحة الجريمة اللي فاتت، مكنش فيه أي بصمات، لا على الجثث ولا على الأرض والحيطان المتلطخة بدمهم... استجوبنا اللي بلغ وباقي الممرضين الحاضرين، كلهم أجمعوا أن الرؤية مكنتش واضحة بشكل كافي عشان الأنوار كانت مطفية والنزلاء نايمين في أوضهم.. واحد من الممرضين قام على صراخ ودربكة، جري لحد ساحة الاستراحة، اللي النزلاء بيجتمعوا فيها، لمح بالنور البسيط بتاع الفجر أجسام بتتجر على الأرض وخيال بني آدم بينهش فيهم بأسنانه بعد ما بيضمهم جنب بعض على أرض الاستراحة، حركة الخيال مكنتش عادية أبدًا، بيتنقل من مكان لمكان بسرعة رهيبة وفي لحظة الممرض شاف لقطة واضحة لوش الخيال، ست بشعر قصير ، ملامحها ممسوحة، مفيهاش تعابير كأنها تمثال في فاترينة محل هدوم!

=هي، نفس الست، هي سبب كل الهجمات..

-هي نفسها، كدا مبقاش في شك، مع إني أنا شخصيًا كان عندي يقين من الأول... الاتنين اللي اتقتلوا كانوا أكتر ناس قريبين من "جاد" في الدار، أعز أصحابه، وتقييمي إنها بدأت بيهم عشان "جاد" يشهد المجزرة، عشان دي تبقى آخر لقطات ليه وهو حي قبل ما تدور عليه وتقتله، لكن ربنا شاء أنه يعيش برغم الجروح المميتة في جسمه...

=مش فاهم، ليه تعمل كدا؟ إيه الغل الرهيب دا تجاه "جاد"؟

-قول تجاه "جاد" و"فهيم"، الست دي عايزه تنتقم منهم، في حاجة حصلت، حاجة متقلش شناعة عن طبيعتها خلت هدفها في الحياة تموتهم وتموت أي حد عزيز عليهم، مابدهاش بقى، كان لازم أحفر وراهم وأعرف ماضيهم وعلاقتهم بالدمية البشرية، للأسف حالة "جاد" كانت صعبة ، دخل في غيبوبة والله أعلم كان هيفوق ولا لأ، دا غير حالته الذهنية الغير مستقرة اللي أكيد بقت أسوء بعد التجربة اللي عاشها وأن أقرب أصحاب ليه اتدبحوا قدامه.. كلمت ناس صحابي يقدروا يجيبوا ملفات "جاد" و"فهيم" وكل المعلومات عنهم...

الملفات كانت عندي في يومين، واللي عرفته منهم إن "جاد" و"فهيم" كانوا زملاء وأصدقاء من زمان، من أيام شبابهم، والاتنين كانوا مختصين في علم معقد ونادر جدًا في وقتهم وهو "الكيمياء الحيوية"...المعلومة الأهم والمشتركة ما بين ملفاتهم إنهم سافروا لأمريكا في نفس الوقت سنة 1972، غابوا حوالي شهر ورجعوا ف نفس الميعاد على نفس الطيارة ، عملوا إيه بقى ف أمريكا مش مذكور، أنهي جهة استدعتهم مش مذكور...مفيش أي حاجة تانية في ملفاتهم لفتت نظري..

 

=طب ليه بتقول إن دي أهم معلومة؟ إيه المشكلة لما يكونوا سافروا لأمريكا ورجعوا في نفس الوقت، حتى لو جهة ما استعانت بيهم؟

-تعرف إيه اللي حصل في أمريكا سن 1972؟

=إيه؟

-مستشفى سيدار سيناي في لوس إنجلوس إستقبلت حالة مش إعتيادية أبدًا، مريضة من نوع مختلف ... ست ظهرت فجأة في الرواق بتاع المستشفى، دخلت لوحدها وللوهلة الأولى كان ظاهر إنها عايزه مساعدة طبية.. الست كانت ماشية على رجليها عادي، لابسة قطعة واحدة زي جلابية بيضا مغطية جسمها، الجلابية كانت متلطخة بالدم، مش كدا وبس قطرات من الدم كانت لسه بتتدفق وبتنزل عالأرض، أما بقى الست نفسها فملامحها كانت مش زي أي ملامح تانية، اللي نجيوا عشان يحكوا الحكاية قالوا أن ملامحها كانت زي المانيكان، جامدة وخالية من التعابير.. الكل في المستشفى سكت لما شافها، وفي عدد من الموظفين جريوا فورًا يستخبوا، خوفهم منعهم يبقوا إحترافيين ويشوفوا شغلهم... أما العدد الشجاع اللي قرر يساعدها ويشوف فين مصدر الدم ويخيطوا الجرح ويكشفوا عليها يمكن يكون عندها كمان نزيف داخلي ففي مرحلة ما إكتشفوا أن في حاجة جوه بوقها.. لما قربوا لقوا أن اللي جوه بوقها جزء من جسم قط، وواضح أن الباقي كانت أكلته. الست أخيرًا بطلت تمشي، لفت براسها كأنها بتدرس المحيط كله وبصت لكل اللي كانوا حاضرين وبعدين رمت القط من بوقها واترمت على الأرض، جسمها انهار تمامًا..

هي مكانتش فاقدة الوعي، لكن لا حول لها ولا قوة...

برغم المنظر المقرف اللي شافوه والوحشية بتاعة الست الغامضة المرعبة، إنها تتغذى على كائن ضعيف بريء إلا إنهم أصروا إنهم يعالجوها وإذا استدعى الأمر يعملولها عملية جراحية ...

 

في البداية نضفوا جسمها من الدم وغيرولها ..في المرحلة دي اتأكدوا أن مصدر الدم مش هي، مش أي جرح في جسمها، الدم كان بتاع القطة والله أعلم إيه تاني ، لكن دا ميمنعش إن ممكن يكون في نزيف داخلي أو تكون بتعاني من مرض ما يسببلها عدم الاتزان والملامح الاستثنائية المفزعة دي...

=ودا منطقي؟ في حاجة إسمها مرض يتسبب في أن الملامح تبقى شبه المانيكان أو الدمية؟

-لأ، لحد دلوقتي العلم موصلش لإكتشاف زي دا، بس الله أعلم، في إعاقات جسدية بيبقى سببها مرض ما، وكل يوم بنكتشف حاجة جديدة، إنما في حالة الست دي، أظن كانوا متأكدين أن الحالة مش كدا، إنهم بعد ما حتى يعملوا الأشعة والفحوصات مش هيلاقوا إجابات، أو بمعنى أصح مش هيلاقوا إجابات منطقية، إجابات تليق بجنس البشر... المهم أن النية الرئيسية كانت إنهم يخلوها تحت السيطرة لحد بس ما السلطات وجهات التحقيق توصل ويشوفوا إيه حكايتها...وزي ما ملامحها ملامح جماد فجسمها إتخشب برضه كإنها جماد.. جسمها مدد على السرير من غير أي حركة، من قبل ما يدوها المخدر، حتى أطرافها مكنتش بتتحرك وأظن يعني في منهم أكيد جه في دماغهم خاطر، أن بما إنها ملامحها زي المانيكان وأهو جسمها متخشب زي المانيكان، ف ليه نستبعد إنها فعلًا جماد؟ ليه متكونش روبوت مثلًا؟

=حد منهم صرح بدا بعد كدا؟

-لأ، أنا بتخيل نفسي مكانهم لو أنا شايف المنظر دا، ملامح جماد وبعد شوية حركة الجسم وقفت وبقى زي الجماد، ليه فعلًا ميبقاش جماد؟؟

=وطلع جماد فعلًا؟

-يا ريت! برغم ثباتها دا إلا أنهم شافوا إنهم لازم يخدروها، إنسان بقى، جماد، ديناصور، مكنوش هيسيبوها للتقديرات والآراء، كان لازم يضمنوا هدوئها لحد ما الشرطة توصل... وأول ما واحدة من الممرضات قربت بحقنة التخدير وكانت على وشك تغرزها في جسمها..الجسم المتخشب دا بقى بركان هايج... اتنفض، كل سنتي فيه اتنفض.. واحد واتنين وتلاتة وأربعة وخمس ممرضين حاولوا يثبتوا فيها مع بعض لكنها كانت أقوى منهم كلهم ووقعتهم واحد ورا التاني على الأرض.. لما الكل بقى ممدد مشلول من الدهشة، جسمها اترفع لوحده أشبار عن السرير! دكتور من الدكاتره دخل في اللحظة دي. دخل يشوف إيه سبب الدوشة، لقى خمس ممرضين ممددين على الأرض، عينيهم بتحكي عن تجربة مفزعة ومش قادرين يتحركوا وجسم المريضة غريبة الأطوار مرتفع في الهوا من غير ما يكون مسنود بأي حاجة.. الست أخيرًا حركت راسها في اتجاه الدكتور... ابتسمت له إبتسامة عريضة كشفت عن أسنانها، ، أسنان مدببة، طالعة من كل مكان في بوقها، مش صفين زي أسناننا، دايرة كاملة، فوق وتحت ومن الجناب!

=أنا سمعت الوصف دا قبل كدا!

-سمعته فين، فكرني...

=وصف الممرضين بتوع دار المسنين عن الست اللي هاجمت الدار وقتلت اتنين من أصحاب "جاد" ، الست نفسها بتاعة المول...لا، أكيد لأ.

-أكيد لأ؟!

=نفسها، هي؟؟ الست اللي دخلت المستشفى ف أمريكا هي اللي عملت الهجمات هنا؟

-تعرف حد تاني، وشه وملامحه زي المانيكان وسنانه مدببة زي الحيوانات ومعندوش مخالب؟ وكمان في شخصين مشتركين في القصتين، راحوا أمريكا وجم على مصر؟

=طيب إحكيلي حصل إيه في مستشفى أمريكا بعد ما الدكتور دخل وشاف المنظر...

-بعد ما ابتسمت له وشاف سنانها اتجمد هو كمان في مكانه... في الوقت دا الممرضين على الأرض بدأوا يفوقوا من صدمتهم واتحركوا، جريوا بأقصى سرعة من الأوضة والدكتور هو اللي فضل ... قرب منها وهو بيترعش، متعرفش بقى دا إسمه إيه، الفضول ولا مكنش ف وعيه بسبب الوضع كله ولا كان في دماغه مثلًا أنه برغم كل حاجة فهو مجبر يخدرها..المهم إنه لما قرب سألها: "أنتي مين وعايزه إيه؟" 

حركت راسها من غير ما تحرك جسمها وفضلت مبتسمة ليه وبعدين اتحركت بسرعة رهيبة وغرزت أسنانها في كتفه وهمست في ودنه بحاجة...

 

-إيه هي، قالتله إيه؟

=معرفش، المعلومة مش متوفرة، دا اللي اتسجل من مراقبة موظفين المستشفى في الممر للأوضة... المهم أن وقتها أفراد الأمن كانوا وصلوا ... الدكتور كان بيراقب أفراد الأمن وهم بيهجموا عليها واحد ورا تاني، وهي بتنهش في أجسامهم وبترميهم جثث على الأرض.. للأسف لما المساعدة وصلت وبقى في أعداد كبيرة من الدكاترة والمسعفين والممرضين معاهم الشرطة ملحقوش الدكتور لإنه كان نزف دم كتير..

-وفين الست؟

=ست مين، هو كان في ست؟

-نعم؟

=مفيش أثر لست ولا راجل ولا مانيكان، الست اتبخرت في الهوا، عبال ما الشرطة وصلت كانت اختفت.. لكن عرفوا اللي حصل من الممرضين والموظفين اللي لسه عايشين، ما أنا نسيت أقولك إنها بعد ما خلصت على أفراد الأمن كملت لوحتها الفنية في أروقة المستشفى ومخزن الأدوية وأوضة العمليات، قتلت فوق ال20 شخص كمان، اللي كانوا في أماكن واضحة واللي كانوا مستخبيين.. اللي نجيوا بقى هما اللي حكوا أجزاء من الحكاية، كل واحد جزء من مكان ما كان واقف وبناء على اللي شافه وسمعه...

-ملقوهاش بعد كدا؟

=لأ، وفقًا للسجلات الرسمية ملقوهاش، الست أخدت سرها معاها للقبر..

-طب ووفقًا للسجلات غير الرسمية؟

=ممكن تعرف الإجابة من الجزء الناقص، الأحداث اللي حصلت هنا في مصر... نرجع لقصتنا؛ جالي أخبار أن "جاد" استعاد وعيه، فاق من الغيبوبة. جريت عليه، طبعًا التحدي بقى أضعاف، دلوقتي معانا حالة اتعرضت لحادثة بشعة، واحد شاف أصحابه بيموتوا بطريقة غير إنسانية، حرفيًا بيتقطعوا وهو كمان اتعرض لنفس الهجمات لكن نجي وف نفس الوقت هو أصلًا عنده زهايمر، فاحتمال إني أقدر أخد منه تصريح مفيد هو 1 على المليون...أول ما دخلت الأوضة شفت من بعيد نظرة إدراك، "جاد" كان في وعيه، مش مجرد فاق ، دا كان مدرك، في لحظة من لحظات الإفاقة الذهنية..تابعني بعبنه لحد ما وصلت ليه وقعدت على كرسي جنبه.. قلتله وأنا ماسك إيده وببص في عينه بشفقة:

-معندناش وقت كتير، عشان كدا هدخل في الموضع علطول.

-أنا شفتك قبل كدا؟

 

-أيوه، أنا جيت مع "أنس" دار المسنين، فاكر "أنس"؟ حفيد صاحبك، أنت كلمته تحذره من واحدة ست، قلت إنها هتهاجمك وتهاجمه و...

-ما هو حصل فعلًا..

سألته:

-يعني حضرتك مدرك للي حصل؟ أن الكيان دا هاجمك وقتل أصحابك في الدار؟

-أيوه، للأسف مدرك وفاكر كل حاجة.

-أرجوك، قول لي إيه الكائن ده وإيه علاقتك أنت والدكتور "فهيم" بيه؟

-إحنا ملناش ذنب، بالعكس إحنا روحنا ننقذ العك اللي حصل...أمريكا واليابان وروسيا وألمانيا من زمان عندهم هوس بالتجارب البيولوجية، ومن سنين كتير التجارب اتعدت الفيران والقرود والضفادع، بقت على البشر، المجرمين والأسرى بقوا هم فيران التجارب لإن الدول دي كان عندها قناعة أن الحرب شكلها هيتحول ويتطور من النووي للبيولوجي، حرب الفيروسات والجنود الخارقين، يعني العنصر البشري نفسه هيبقى سلاح مش محتاج سلاح ف إيده، غير الفيروسات والأوبئة الجرثومية اللي هتبقى ف شكل قنابل وغيره.. ودا خلاهم يعملوا تجارب بشعة، تجارب بمعرفة حكومات الدول ومن غير معرفتهم كمان في أوقات. إحنا تم استدعائنا عشان نلملم فوضى مكنش عندنا علم بيها بسبب تفوقنا ف مجالنا وأبحاثنا اللي لقت صدى كبير على المستوى العالمي.. روحنا لأمريكا وإحنا فاكرين إننا هنقعد في مختبر ونحط شوية مواد على بعض وندي ملاحظات ودمتم للخير لكن اتفاجئئنا بأن واحد حطني أنا و"فهيم" ف أوضة وقعد قدامنا. وشه كان باين على القلق والإنزعاج، عينه وارمة كأنه منامش من أيام. حكلنا عن ظهور ست بشكل مفاجيء في مستشفى وإنها هاجمت أعداد من الموظفين والدكاترة وقتلتهم وإنها كانت خالية من التعابير وبتجري وتنط كأنها حيوان بري وعندها قدرات فيزيائية استثنائية. سألناه بعفوية إذا كانوا قبضوا عليها وإيه اللي وصلوله... إحنا كان في بالنا مثلًا أن دي واحدة مجرمة بتتعاطى مخدر معين، هو اللي إداها الطاقة والقدرات دي وخلاها تعمل الهجوم العشوائي لإنها أكيد مش ف وعيها.. لكن اللي عرفناه مكنش ييجي ف بالنا أبدًا....

 

الراجل قال بنبرة أوطى من قبل كدا، كأنه محرج، أنهم عارفين هوية الست دي وإنهم مسكوها، بعكس التصريحات اللي طلعت للعامة والصحافة بإنها هربت وميعرفوش مكانها ولا هويتها ولا قصتها، ومش بس يعرفوها، دا هم اللي مسؤولين عنها، عن حالتها وشكلها، هم اللي وصلوها لكدا...

كنت مستني في أي لحظة ملامح وش الراجل ترتخي ويضحك ويقولنا أنه بيهزر وبعدين يعرض علينا المهمة الحقيقية اللي جابونا عشانها، لكن دا محصلش، مكنش بيهزر، الست دي هم اللي صنعوها!

=ياريت اللي ف بالي ميبقاش صح.

-للأسف يا قاسم اللي في بالك مظبوط... "جاد" كمل وقال إنهم فتحوا باب داخلي جوه الأوضة بعد ما الراجل خلص كلامه ليهم، ورا الباب كان في حاجز زجاجي شفاف ووراه كانت ست ملامحها زي التماثيل، عينيها فيها نظرة حادة مرعبة متحدية، راسمة إبتسامة خفيفة.. وبس، سابوهم للمهمة، مهمة إصلاح ما أفسدته الجهة السرية في أمريكا، الجهة اللي بتمارس التجارب البيولوجية على البشر والنتيجة إن إنسانة مشردة جابوها من الشارع واختاروها للتجربة اتحولت لمسخ متجرد من كل عاطفة إنسانية ومتبرمج بس على الهجوم وقتل الناس بنهشهم من غير تفرقة ما بين عدو وحليف، بين مدني ومحارب...

=ونجحوا؟ قدروا يتحكموا في الكيميا بتاعة مخها مثلًا؟

-أنت شايف إيه؟

=فشلوا...

-حاولوا، قعدوا معاها فوق الشهرين، استخدموا الأساليب العلمية والإنسانية، مش بس حطوها على كرسي التجارب وحقنوها بمواد لأ ،دول كمان اتكلموا معاها، قالولها إنها إنسانة وإنها متستحقش اللي حصل لها، وإن حياتها هتتغير وأن الأوان مفاتش، هتحظى بكل الحقوق والعيشة الآدمية اللي تستحقها...لكن كل دا مكنش له لازمة، الضرر كان حصل، مبقاش فيها أي جوانب إنسانية ممكن تستجيب، حالتها يمكن أصعب كمان من الحيوانات الضارية لأن الحيوانات دي على صعوبتها وشراستها ممكن تتروض بتدريب معين وطولة بال..."جاد" و"فهيم" اتبلغوا من الجهة المسؤولة عن التجارب أنهم خلاص فقدوا فيها الأمل وهيعدموا "المادة 1020"، تخيل كان بيسموهم مواد، كأنهم مكانوش بشر في يوم، لا ليهم أسماء ولا اعتبار وللأسف "جاد" و"فهيم" كانوا متفقين معاهم، كانوا مدركين لخطورتها برغم أنهم إرتبطوا نفسيًا بيها واتألموا لألمها وحزنوا إنها هتموت..محضروش الإعدام. قبل ما يمشوا بيوم واحد كانوا معاها في الأوضة اللي المحجوزة فيها، قربت من الحاجز الزجاجي وقالت : "هفضل فاكراكم، هجلب الجحيم لحياتكم وحياة أحبائكم مهما طالت المدة!!" 

اللي أنا متأكد منه إنها مش بس كانت تقصد جاد وفهيم، دي قصدها كل وش شافته ، كل اللي شارك في التجربة ولذلك أكيد كل العلما ومساعدينهم في أمريكا اتقتلوا ومعاهم أسرهم والقريبين منهم وجه الدور على فهيم وجاد اللي ملهمش ذنب ودورهم كان إنقاذها، بس هي مبقتش مدركة لدا ولا بتفرق بين اللي بيتعامل معاها كأنها فار تجارب واللي حاول يساعدها أو أدركت وقررت في كل الأحوال تفتح الجحيم على الكل!

 

=هو دا تفسير اللي حصل لدكتور فهيم، السكتة القلبية اللي جاتله... مش عشان وحدة غريبة اتهمته بالسرقة وخلت الناس تهاجمه، عشان شاف وش يعرفه من عمر، وش المفروض ميكونش موجود، المفروض إتعدم!

-شبح، شبح بيطارده ، شبح نفذ تهديده "مهما طالت المدة".. أنا كنت معين حراسة على بيت "أنس".. في وسط ما "جاد الله" بيحكيلي جالي بلاغ من جيران "أنس" بيقولوا أن في أصوات صريخ رهيبة جايه من بيته.. قمت من غير ما أوجه أي كلمة لجاد..وصلت هناك بأقصى سرعة.. الباب كان مفتوح، عليه بقع دم كبيرة عشوائية..طلعت مسدسي ومشيت بهدوء، لكن صوت أنفاسي العالية كان ممكن جدًا يفضحني...كنت ماسك نفسي ومثبت خطواتي عشان اللي على الأرض كان كافي يوقعني، مواد سميكة ودم، أشلاء ، وأجزاء من دماغ بني آدمين ، كنت كل مدى بلاقي جثة لعكسري مختلف، كلهم، كلهم اتقتلوا...خيوط الدم على الحيطان كان بتجري وبتسيل على الأرض وفي النهاية لقيته... "أنس" ، ممدد على الكنبه، ملامحه مبقتش باينه من الجروح فيها، أظن أن عينه مكانتش موجودة أصلًا وبعدين شفتها بعيني، واقفة قدامي، في حاجة مدلدلة من بوقها، حاجة بتنزف مقدرتش أميزها..قربت مني وهي بتضحك، منظر سنانها... أنا كنت سمعت الوصف بس متخبلتش أنها بشعة كدا، مثلثات رفيعة كتير مدببة، طالعة من كل مكان ، مش عارف إزاي بوقها قادر يحتويهم أصلًا، ضربت عليها نار زي المجنون، فرغت كل الطلقات فيها.. هي وقعت على الأرض وأنا رجعت خطوات لورا، جسمي ساب، سندت على طربيزة ورايا وبعدها سمعت...حركة، رفعت راسي، لقيتها بتتحرك من على الأرض وبتقوم...قربت مني بهدوء، وشها مليان دم ومع ذلك شُفتها بتبتسم.. بقت لازقة فيا، قربت من ودني وقالت: "أنا الشيطان".. مديت إيدي بحسس على الطرابيزة لقيت شاكوش تقيل، بكل قوتي مسكته ورفعته وفضل أضرب راسها وأنا بصرخ..وأخيرًا ماتت...

=لأ، أنا أعصابي باظت، مش متخيل أصلًا إزاي كنت في الموقف دا، في القصة كلها...

-تفتكر بفى يا "قاسم" بعد ما عشت قصة زي دي، كنت أقدر أخدم تاني؟ كنت أستحمل حياة الخطر والمطاردة والمجرمين؟

=مظنش.

-مقدرتش، بعد ما دفنا الكائن المسخ دا واتفقنا أن القصة متتعرفش للناس عشان إحنا أصلًا معندناش كل الإجابات زي إنها إزاي قدرت تهرب من الإعدام وإزاي معجزتش برغم مرور كل السنين دي وإزاي جت مصر، بعدها فضلت في صدمة عصبية ونفسية وقت كبير أوي، بقيت عايش على المهدئات، كل ليلة بقوم وأنا بصرخ لإني بشوفها في الكوابيس بتتسلق على سريري وبتفتح بوقها وبتغرز اسنانها ف رقبتي، يدوبك إتحسنت شوية بعد فترة كبيرة لكن متعالجتش، لسه متعالجتش، عشان كدا بقيت "مقدم سابق"، قدمت إستقالتي، سبت الخدمة وبقيت إنسان مبيدورش غير على أكتر الأنشطة الهادية، لا بحب الصوت العالي ولا الدوشة ولا الجدال، بس الإدمان اللي مش قادر أتخلص منه هو البرنامج بتاعك يا "قاسم" هو دا مصدر الإثارة الوحيد اللي لسه متقبله، ولسه مستني أسمع قصص الناس التانية....

"تمت"

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↑1الكاتبمدونة محمد شحاتة
4↓-1الكاتبمدونة اشرف الكرم
5↓الكاتبمدونة ياسمين رحمي
6↓الكاتبمدونة حاتم سلامة
7↓الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
8↑1الكاتبمدونة آيه الغمري
9↑1الكاتبمدونة حسن غريب
10↓-2الكاتبمدونة ياسر سلمي
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑31الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني203
2↑22الكاتبمدونة مها اسماعيل 173
3↑14الكاتبمدونة مرتضى اسماعيل (دقاش)205
4↑11الكاتبمدونة منال الشرقاوي193
5↑5الكاتبمدونة كريمان سالم66
6↑5الكاتبمدونة خالد عويس187
7↑4الكاتبمدونة نجلاء لطفي 43
8↑4الكاتبمدونة غازي جابر48
9↑4الكاتبمدونة سحر حسب الله51
10↑4الكاتبمدونة نهلة احمد حسن97
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1079
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب695
4الكاتبمدونة ياسر سلمي655
5الكاتبمدونة اشرف الكرم576
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري501
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني426
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين417
10الكاتبمدونة شادي الربابعة404

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب334199
2الكاتبمدونة نهلة حمودة190331
3الكاتبمدونة ياسر سلمي181706
4الكاتبمدونة زينب حمدي169858
5الكاتبمدونة اشرف الكرم131037
6الكاتبمدونة مني امين116824
7الكاتبمدونة سمير حماد 107941
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي98056
9الكاتبمدونة مني العقدة95141
10الكاتبمدونة حنان صلاح الدين91962

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة نجلاء البحيري2025-07-01
2الكاتبمدونة رهام معلا2025-06-29
3الكاتبمدونة حسين درمشاكي2025-06-28
4الكاتبمدونة طه عبد الوهاب2025-06-27
5الكاتبمدونة امل محمود2025-06-22
6الكاتبمدونة شرف الدين محمد 2025-06-21
7الكاتبمدونة اسماعيل محسن2025-06-18
8الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني2025-06-17
9الكاتبمدونة عبد الكريم موسى2025-06-15
10الكاتبمدونة عزة الأمير2025-06-14

المتواجدون حالياً

1734 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع