يا كاشف الحُجِب يا مانح الفهم يا صاحب السر
أنا المغرور بكلمة عرفها ولم يفهمها، وخطوة قطعها ولم توصله لمحل.. أنا التائه بسؤاله غير ذي الجواب، الخائف نفاد العمر قبل نفاذ البصيرة.. أنا المجبول على حبك، المبتلى بعصيانك، الخائف عذابك، المطمئن لرحمتك..
يا كاشف الحجب يا مانح الفهم يا صاحب السر
اتقضى من العمر ما وهبني يقين القبول لا الطلب، والخضوع لا المكابرة، والصبر لا الضجر.. فما عاد باقيا لي سوى قبول ما تكشف، والخضوع لما تقدر، والصبر على ما لم تحطني به خبرا..
فإن كشفت لي سِترا من حُجُبك أكرمتني وإن لم أكن أهلا للمكرمة.. وإن منحتني لمحة من فهم رحمت قلبا قضى في الشقاء عمره وهو يستحق الشقاء.. وإن فضضت لي طرف السر رفعت قدري وهيأت أمري.. فكان ذلك منك أحسن المغنم..
أمَا وقد انفضَّت بيننا كل سبيل عدا قبولي المطلق لسلطانك المطلق.. فبعزتك ما فيما ناجيتك طلب وإنما حسن ظن، وبجلالك ما فيما ناجيتك طلب وإنما يقين، ما فيما ناجيتك سوى بقية العمر، أود لو أقضيه في سكينة، تدثرني.. وأعاتبها على طول الغياب..
فلعل بقية العمر تكفي عوضا عن أغلبه الذي انقضى شتاتا
ولعل السكينة بعدما تعرف تفاصيل رحلتي تغفر لي حماقات العتاب.