رحلات صحراواتك..
تلك الحارة، العطشى، الأليمة..
التي قطعتها وحدك..
وعرفت مكان سحاباتها الرحيمة وحدك..
وضمدت شقوق أقدامك فوقها وحدك..
هذه سر ظهرك الممشوق.. وعينك الثاقبة..
هذه وشاح إنسانيتك.. هذه وسام سوائك..
فاحفظ لها ثلاثة شروط تحفظك حتى آخر العمر:
لا تخبر أسرارها أحدا
ولا تذكر أيامها بحزن
ولا تتمنَّ عودتها
إنما هي رحلة واحدة.. ووصول واحد..
إن قطعتها حُزتَ شهادة حياتك..
وأنت لن تملك فهما حقيقيا بها إلا بعدما تنهيها..
فمتى أنهيتها.. فأمسك عن أسرارها لسانك..
فإنما هي سرك ولست أنت صاحب سرها..
وإنما هي دليلك ولست أنت من قطعها..
وإنما هي صاحبك.. ولست أنت من اخترتها..
فهل لنا مع السر إلا الحفظ الشريف..
وهل نكافئ الدليل إلا بامتنان الوصول..
وهل لنا مع الصاحب الذي اصطفانا سوي أن نصطفيه..
ونحفظ حظنا فيه..
ونبتسم في وجه الدنيا بعدما قطعنا معه وبه مفازاتها الصماء..
وعبرنا جبالها العمياء..
ونظرنا في عين شمسها أقوياء أبرياء..
ابتسمنا ولم نخف شيئا..
ابتسمنا صامدين حتى ابتسمت لنا شمسها..
مع غمزة عين ذكية حوراء.