ربما لم يَجُدْ الزمانُ على عقول البشر بشيء أكثر مساندة لطبيعته الحائرة من التجربة..
التجربة تمنحك يقينَ المعرفة بإثبات الفرض أو نفيه..
التجربة على كل نتائجها تضيف إلى إنسانيتك ثِقَلا، وتزيدها صَقلا..
ثم يهبُك تراكم التجارب تلك المنحة العظيمة "الحكمة".. ذلك أنه لا أحد ينسى نتائج تجاربه، بل لا أحد ينسى تفاصيل تجاربه.. فكل آهة شاخصةٌ في القلب، وكل فرحة موشومةٌ في الروح؛ ذلك أنها فرحةٌ لم تأتِ إلا بتعب.. تعب الإقدام على التجربة.. ثم تعب انتظار النتائج.. ثم تعب السعادة ذاتها حين تتهادى إلى القلب بعد كل هذا العناء.
التجربة شأن إنساني كريم، تمنحنا أعز الحقوق وأكثرها غموضا "الحق في الخطأ"؛ فأنت تجرب بالأساس كي تعرف، أكان صائبا ما فعلتَه أم كان خطأ..
وعلى ذلك.. فكل التجارب صحيحة.. وكل التجارب مُربِحة.. وإن خسرت فيها ما انتظرت أن تكسبه.. يكفيك أنك ستقي نفسَك شر تكرار ذات الخسارة للأبد.
فاقبل التجربة كمنحة عقلية مستقلة بذاتها.. دون انتظار نتائج بعينها..
ذلك أن كل يقينٍ مَغنمٌ.. وإن أتت الغنيمة من سبيل الألم.