تزعجنى هذه العبارة التي يطلقها البعض على الفتاة التي تقدم بها العمر، ولم تتزوج، وما يزعجنى هو استخدام الفعل فاتها، كأنما اِختُزِلت رحلة العمر كله عند محطة الزواج، فاعرف من الفتيات ممن دخلن في هذا التصنيف، لم تتوقف بهن الحياة، بل صنعن لأنفسهن حياة خاصة يستمتعن فيها بجمال الحياة، ويستثمرن ما لديهن من إمكانات وقدرات، ولم يكتفين بذلك، بل عملوا على تطوير أنفسهن حتى وصلن إلى أعلى المناصب، ولا ننكر حق الفتاة في بناء أسرة وإنجاب الأبناء، فالزواج سنة ربانية، وقد وصفه الله –تعالى-
“ميثاقًا غليظً �ا” سورة النساء الآية 21 ونلاحظ الآن ارتفاع سن الزواج عن المعدل الطبيعي عام كان معهودًا في السابق، ففي الماضي، لم يكن استكمال رحلة التعليم هدفًا عند بعض الفتيات، أما الآن، فال تكتفي الفتاة بالحصول على المؤهلات العليا فقط، بل تتطلع للحصول على المؤهلات الأعلى، فتضطر لتأجيل خطوة الإقدام على الزواج لما بعد الانتهاء من تحقيق أحلامها، وقد تعزف بعض الفتيات عن الزواج خشية التعرض لتجربة مؤلمة، ربما عايشتها مع صديقة لها، ورغم أن بعض الفتيات قد لا يحالفهن الحظ للقاء شريك الحياة المناسب، فإن المجتمع ما زال يلقي اللوم على الفتاة غير المتزوجة، ويعد ذلك ظلم للفتاة، فإذا ما تأملنا مسألة الزواج بموضوعية، فسنجد أن الزواج منحة من الله سواء للفتى أو للفتاة، لكن المجتمع ينكر على الفتاة تأخرها في الزواج، بينما لا ينكره على الرجل، فيطلق على الرجل لقب العازب العازف عن الزواج، بينما يعد تأخر الزواج وصمة للفتاة، مما جعلها ترضخ لثقافة المجتمع البالية التي دفعت الفتاة لتتقبل الألم النفسي الذي تخلفه تجربة زواج فاشلة أقدمت عليها دون دراسة وروية لمجرد التخلص من لقب العانس والحصول على لقب مطلقة، وهي بذلك إن تخلصت من نظرات المجتمع المتنمرة، لأنها عانس، تجد نفسها وقد تكبلت بقيود يفرضها المجتمع على المطلقات، فليُدرِك الجميع أن الفتاة وإن فاتها قطار الزواج فإن قطارات أخرى أكثر رفاهية بانتظارها.