10..
عشرة!! رقم عشرة يذكرني بالكثير في حياتي، ففي يوم العاشر من اكتوبر ب إحدى السنوات الماضية فكرت في إستقلالي المادي وأن أعمل عمل أحبه، وأيضاً عندما كنت طفلاً ذو العشر سنوات وجدت جنيهاً من ذهب في ساحة مدرستي..
وأيضاً العاشر من أكتوبر، ولدت هي!
النصف الآخر من روحي، إكتمال العمر السعيد، تحت مسمى القدر الرائع قابلتها.
هذه هي قصتنا، هل تعلمون إنني تذكرت أيضًا إننا افترقنا باليوم رقم 10 ب إحدى الشهور الماضية.
سأقص لكم وستستمعون لي، أنا أمير وهذه قصتي، أعتقد إنكم ستستمعون إلي قصة لم تمر على مسامعكم من قبل.. فقط إنتبهوا..
○○○○○○
كان يجلس على طرف فراشي، يقوم بالضغط على قلمه بشكل مستمر، حركة توتريه.. ينظر الي وأنا مستلقِ أمامه على فراشي ناظراً إليه دون أن احرك شفتاي.
من هذا؟! أعتقد انه الطبيب النفسي الذي جلبته إبنة خالتي كي يتفحصني ظناً منها إنني سأكون أفضل هكذا.
توقف هو عن الضغط على ذيل قلمه ومط شفتيه وقال لي بعدما زفر بحرارة
_ انت عارف انا هنا بقالى قد ايه باصص عليك ونفسى تنطق بكلمه وانت ساكت ومحسسنى حتى انى مش قاعد
على صمتي ناظراً إليه ف أردف ثانية
_ طيب .. أمير أنا مش هتعامل ع إني دكتور نفسى، واسرتك كلموني عشان نتكلم سوا
وعشان اعرف مالك، وايه الى بدل حالك كده..
أنا هتعامل معاك زى اى 2 صحاب، واحد فيهم بيفضفض للتانى
نظرت له ب إستياء، فالبركان الذي بداخلي لن يخمد بمجرد"فضفضه" كما قال هذا الغريب.
_ ايه معناها البصة دى يعنى ؟ ايه ؟مينفعش نكون اصحاب!
أظنه ترجم لغة جسدي ونظراتي بما إنه يزعم أنه طبيب نفسي.. أكمل هو حديثه الموجه لي وكأنني أجيبه بلغة جسدي
_ شايف انى مش من حقى نكون أصحاب ..ولا مش من حقى اصلا أتدخل فخصوصياتك؟!
ترك مابيده من أوراق وقلم وتحدث إلي بهدوء اتعجب من كونه يمتلكه أمام إستفزازي له بصمتي.
_طيب، أنا حابب بس أعرفك أن حالتك دى السبب ف أن والدتك بين الحيا والموت من حسرتها عليك
وان كل الناس الل إتصلو بيا وإستدعونى لحالتك قلقانين عليك لأن واضح إنك بقالك مدة فحالة اكتئاب
وده السبب فإنك رافض أى قوة أو معنى للحياة تعيشك زى الاكل والشرب
والكلام !
سمعته، سمعت ماقال، قلبي كان يعتصر ألماً على ما آلت إليه حالة والدتي، لكنه رغماً عني ما وصلت إليه.
أظن أن لم يعد لي رغبة في الحياة، أريد الموت حتى وإن أتى إلي بطيئاً يزحف ف إنني في إنتظاره قابعاً خلف جدران غرفتي، بين ذكرياتي وآلامي.
تنهد الطبيب ونهض يترجل بغرفتي ذهاباً وإياباً أمام فراشي ويردف محاولاً تمالك أعصابه
_أمير ارجوك ساعدنى، مش يمكن اعرف اطلعك من حالتك دى، طيب ياسيدى هبتدى انا
يمكن الكلام يجيب بعضه
اعرفك بنفسى
انا دكتور ايمن عاشور
اخصائى امراض نفسيه وعصبية، بلغت من الشهرة حد كبير واعلاناتي بقت على الإنترنت منتشهرة
والحمدلله والل واحد منهم شافته بنت خالتك وكلمتنى أجيلك ع طول
ها..مش هتقولى بقى انت مين ؟
لم أجب، ف أبتسم وهو يسير بغرفتي كأنه أحد أصدقائي القدامى
_تسمحلى أبص في أوضتك وأدور فيها شويةيمكن فيها حاجة توصلنى للكلام معاك
أخذ يسير في غرفتي ظناً منه أن هذا سيثير حفيظتي لأنهض واتحدث معه، حتى رآها!
قطعة من ثوب حبيبتي "فريدة" كنت أدسها تحت وسادتي، رأى طرفها ذاك المتطفل وجذبها ضاحكاً
يتسائل
_ ايه دى ؟؟
لم يكن عندي الرغبة أن اعافر معه وأجذبها منه وأصفعه على وجهه بقوة، أعتقد إنه خارت قواي حتى ظننت إنني ميت!
ميت على قيد الحياة، أكمل هو في إستفزازه لي قائلاً
_ واضح إنها قطعه من ملبس حريمى
قام بوضعها عند أنفه يشم رائحتها، هنا نفضت عروقي وجذبتها منه بقوه وأنا أكشر عن انيابي، ابتسم الطبيب ابتسامة إنتصار وأردف لي
_شكلها تخصّ بنت فحياتك.. ومش بنت عادية لأني حبيت استفز رجولتك ودا الل خلآك يكونلك أخيراً رد فعل عليا.. لأي درجه البنت دي قريبة منك؟
تذكرتها... تذكرت أجمل ذكريات حياتي، عُدت بظهري للخلف على فراشي ممسكاً بقطعة الثوب أعود لوقت مضى أسعدني يوماً
*عودة إلى الماضي*
_ حمدلله ع سلامتك يا حازم يا بنى قدر ولطف
بصوت واهن أجاب والدتي حازم شقيقي الذي كان جسده يغطي معظمه الجبس
_ الحمدلله ياماما
ضحكت أنا واردفت ساخراً منه
_ ماهو لو يبطل يمشى زى المسطول ..مكانتش العربية خبطته
_اسكت بدل م ربنا ينتقم منك وتخبطك عربية انت كمان وتيجى تنام فالسرير الى جنبى
_ده ع اساس انك مكشوف عنك الحجاب ،ولا عشان احنا تؤام لازم يحصلى زى م بيحصلك ؟!
تدخلت والدتي قائلة
_ بعد الشر عنك يا واد يا أمير .. أسكت بقى بلاش الكلام ده
قبلت يداها مع قولي
_بتخافى عليا ياام امير ؟!
نهرني حازم مداعباً لي
_اسمها ام حازم يا كلب ..انا اكبر منك
_ ب5 دقايق يا حلو
*رن جرس هاتفي *
نظرت إلى شاشة الهاتف فوجدته صديقي شادي، اخبرت والدتي ان علي الرحيل الآن
_طب انا هنزل اروح لشادى بيرنلى عشان الموضوع الى قولتلك عليه ياماما ادعيلى ربنا يسهلى النهارده
_ ان شاء الله ياحبيبى متيسرة ..
_واد يا امير، هاتلى سجاير ياض معاك خرمان
_ بس يلا، احترم نفسك وانت بتموت
ترجلت راحلاً وبداخلي شعور بالسعادة لا أعرف مصدره، ظننت إنني سعيد لأني أخيراً ذاهباً ل أحقق إحدى أحلامي التي انتظرها منذ زمن.
لم أكن أعلم ان القدر رتب لي موعداً كي أراها!
ضغطت زر المصعد وانتظرته.. أتى ودخلت إلى المصعد لأجد حالة بالمشفى تخرج على نقال بمساعدة الممرضين ومن ثم دلفت إليه وقبل ان يغلق الباب، دلفت مُسرعة، هي حورية جنتي
كانت متلهفة تلهث وكأنها تريد اللحاق بشئ قد يفوتها.
تحرك المصعد إلى أسفل، كنا أنا وهي فقط.. حتى حدث شئ لم يكن بالحسبان، قُطع التيار الكهربي!
زفرت هي بضيق ومرّت قرابة الخمس دقائق، لأجدها قد تحولت فجأة وأخذت تصرخ بطريقة هيسترية
_ يا نااااااس ... يا نااااااس، الحقوني انا محبوسة هنا
خبأت فمي بيدي كي لا أثير عصبيتها بسبب ابتسامتي وظللت أشاهدها
وهي تطرق باب المصعد وتصرخ ب أعلى صوتها
_ افتحو، همووووت
_حضرتك حتى لو سمعوكى مافيش فايدهم حاجة يعملوها
لم تنتبه لي من الأساس أو ان هناك من يحدثها، كل ما يشغلها هي خروجها من المصعد وحسب بأي وسيله.
_هو انت مش سمعانى ولا ايه
امسكت برأسها، لابد وأنها تشعر بدوار "فوبيا الاماكن المغلقة" وأردفت لي منزعجة
_يااخى أسكت أنت مش شايف المصيبة الى انا فيها دى ؟
تعجبت من كونها تذكر نفسها فقط دون النظر إلي ف اردفت لها
_طب هعمل ايه مانا محبوس معاكِ
_إنتوا يا مستشفى الزفت !! حد يجيب الكهربا
_ اه حد يجيب الكهربا من الكوافير
نظرت لي ب استياء رغم إني أردت حدة الموقف، ظلت تطرق باب المصعد مرات ومرات حتى سعلت بقوة وأخذ جسدها يدور في مكانه حتى قمت بإسنادها قبل أن يهوى جسدها ف اردفت لي إثر سعلة قوية
_انا كده هتخنق وممكن اموت
_يا فندم اهدى دلوقتى تيجى الكهربا والاسانسير يفتح ونخرج
نظرت لي من بين انفاسها المتقطعة وأردفت بوجه ممتغض
_هو إنت هادى الاعصاب كده ليه ؟ إنت ماشوفتش فيلم بين السما والارض
تعجبت وأردفت لها
_فيلم بين السما والارض ؟؟! لا بصراحه
_ ازاى ده ! انت ماشوفتش أتحبسوا أد إيه ومحدش سأل فيهم
يعنى اكيد اكيد هنموت هنا
_انتِ ايه الل بتقوليه ده، وجبتِ التأكيد ده منين
_احنا هنموت هنا صدقينى .. الاكسجين هيخلص والكهربا بتقطع بالساعه والساعه ونص
يعنى ع بال م تيجى نكون احنا فتعداد الاموات
إمتقع وجهي من فرط تشاؤمها وأردفت محاولاً نفض الفكرة عن رأسي
_ياساتر يارب .. ان شاء الله هتيجى الكهربا دلوقت متقلقيش
أخذت تسعل بقوة حتى قامت بفك وشاحها كي تتنفس، وجهها تحول الي اللون الازرق وارتجفت شفتيها وفقدت وعيها!
صرخت من هول المفاجأة وحاولت إفاقتها بقدر الإمكان
_يانهارك اسود !! انتِ يا انسه، انتِ ياحجة.. انتِ يا ست
حاولت إفاقتها قدر المستطاع، ولكن هيهات.. حتى عاد التيار الكهربائي، تنفست الصعداء وقمت بلطم وجنتيها لطمات خفيفه مع قولي
_قومى... قومى يا ..اسمك ايه انتِ
بدأت تستعيد وعيها، مبرد الهواء بالمصعد والإضاءة كان لهم العامل الأكبر
نظرت إلي ومن ثم نهضت مشدوهه بعدما وجدت نفسها رأسها على ذراعي وهي ملقاه هكذا ب أرضية المصعد.
نهرتني بقوة ف اعتذرت لها معللاً انه كان علي إنقاذها
_انا كنت بفوقك غلطان يعنى
_ طيب اوعى لو سمحت قومنى ..
ساعدتها في النهوض وعدلت من وشاحها وملابسها بمرآة المصعد وترجلت مسرعة وكأنها هاربة من شئ ما أو تريد اللحاق بشئ قد يفوتها.
خرجت خلفها لأجدها من سرعة هرولتها سقطت حقيبتها ف مالت بجذعها على الأرض كي تأخذها وتكمل طريقها، وإذ بمرأة مُسنة كانت تدعس على ثوب فريدة اثناء انحنائها ومع نهوضها السريع، جزء من ثوبها تمزق!
وقفت أشاهدها تصرخ بوجه المرأة بصوت عال رغم اعتذار السيدة لها، ولكنها لم تتمالك غضبها أكملت سيرها تسب يومها الغريب هذا، وانا مازلت واقفاً أمام قطعة ثوبها المقطوعة.
تناولتها بأطراف يدي ووضعتها بجيب سترتي مُبتسماً، لا أدري ما الذي دفعني لفعل هذا، ولكنني شعرت انه في يوم ما سنلتقِ مجدداً أنا وهي ولن يكون هذا آخر عهدنا.
عُدت من دوامة ذكرياتي لأجد هذا الطبيب الأحمق ينظر الي ومن ثم يدون شيئاً.
نهضت متحفزاً وأقتربت بوجهي من وجهه أنظر الى عيناه مباشرة،وبعدها عدت إلى فراشي بمنتهى البرود
لن اجعله يفلح فيما قد أتى من أجله.
عدت إلى فراشي واغلقت الاضاءة الجانبية وتصنعت النوم، ففهم هو ليقوم بوضع اشياءه بحقيبته ونظر لي نظرة اخيرة يهز بها رأسه في تفهم ورحل.
_______
صورة مشوشة لشقه كبيرة مملوءة بحشد من الاشخاص!
وبعدها لا تضح الرؤية، ثم تعود فتجد صراخات متقطعة لصوت فتاة تقول
_أبعد عنى ياحيوان ...هصرخ وألم الناس
تختفي الصورة تماماً وتسمع صوتاً
_اما انتى ..فانا هفضل وراكى ومش هسيبك
صوت تكسير وشجار عنيف، ثم صرخة مدوية.. ثم ظلااام.
قدمين يسيران لفتاة صغيرة بعمر السابعة، تدلف داخل غرفة مظلمة تقوم بهز جسد فتاة بالغة على الفراش مع قولها
_فريدة .. يافريدة ، قومى
تفتح فريدة عيناها بفزع! لتفاجئ بأن لا أحد بالغرفة من الأساس، تنظر يميناً ويساراً
ثم تنهض من فراشها تسير ب أرجاء البيت وهي متعجبة، لماذا لايوجد أحد هنا؟!
أين والدتها وشقيقتها الصغرى؟
لايوجد ساعات حائط كي تعرف الوقت ولكنه يبدو في السابعة أو الثامنة مساءاً.
تمتمت فريدة إلى نفسها
_يعنى بردو ياماما مشيتى واصريتى تسيبينى وتاخدى الاء !طب وانا بقى مش همشى من البيت ..هه وخليها عند بعند
تعود فريدة إلى غرفتها تكمل نومها بعدما تحققت من الأمر فوجدته كابوساً عادياً ليس إلا، لايوجد هناك صرخات او تكسير او شقيقتها، مجرد اضغاث أحلام.
=-=-=-=-=-=-=
_ عاجبنى اوى تحديك القوى، انك مصمم متنطقش ب ولا كلمة معايا برغم انى بعمل حجات كتيرة تستفزك وبردو ساكت، واضح كمان انك بتستعيد حجات فمخيلتك مخلياك تسرح بعيد وتنسى العالم الل انت فيه
واضح كمان ان شخصيتك قوية، بس عارف يا أمير انا مش هيأس وهسمعك وانت هتتكلم ..
يا الله! هذا اللعين مرة أخرى بغرفتي يتحدث كالأبله إلي قاصداً إستفزازي كي اتحدث معه، كان يدون اشياء بأوراقه كالعادة، حتى لفت نظره إلي دفتر صغير أضعه بجانب فراشي على المنضدة.
ترجل ناحيته وأمسكه وتصفح غلافه السميك، فتحها وقرأ العنوان المدون فعبس بحاجبيه مع قوله متعجباً
_شمس ديسمبر ؟!! يعنى ايه ؟
أثار غضبي هذه المرة، والجدير بالذكر ضحكاته الغير مبرره فور قرآته للإسم، أخذ يقلب بها ويعلق بصوت عالِ
_مممممم شمس ديسمبر هى الحاجة ....
جذبت منه الدفتر بقوة وهذه المرة كررت نفس حركة وضع وجههي أمام وجهه لايبعدني سوا بضع السنتيمترات قائلاً بغضب
_إطلع برةوماشوفش وشك تانى، برة !!!
ابتسم الأحمق بهدوء وأردف لي
_انا دلوقت بس حسيت ان جلستي المرة دي معاك عملت تطور فحالتك، اشوفك المرة الجاية
مع السلامة
"يتبع"