الفصل السابع
_إبتديت أدوخ يا أمير!
قالتها فريدة وهي تتشبث بجسدي وتحيطني بذراعيها إثر وجودنا بمركب شراعية تسبح في نهر النيل.
كان الهواء عليلاً يجعل الشراع يتحرك ويرفرف هكذا يشعرنا بالتحرير من أي قيود
.
تطير الطيور فوق رؤوسنا صانعة منظر بهيج، ولكن لا أدري ما سبب خوف فريدة هكذا.
أحتضنتها جيداً كي أشعرها بالأمان مع قولي
_فيه ايه يا فريدة، خايفه من إيه
نظرت حولها بتوتر وأردفت وهي بين ذراعي
_رغم أن أنا الل قولتلك عايزة أركب مركب فالنيل، بس بصراحة خايفة وقلقانة
_من إيه بس يا حبيبتي؟
_مش عارفة يا أمير
رفعت عيناها لي، فرأيت انعكاس السماء بهم.. يا الله!
صُنع الله العظيم، وكأنه خصهما فقط بجمال العالم كله، رفرفت ب أهدابها ب رقة وقالت لي
_إوعى تسيبني يا أمير، حتى لو جيت يوم واتخبطت فنافوخي وقولتلك سيبني.. متسبنيش
ضممت رأسها إلى صدرها استنشق رائحة قربها الجميل،وأردفت لها مترجماً غرامي المفعم
_عمري م هسيبك.. قلبي وقلبك بقوا مربوطين ببعض يا عيوني من جوا، حتى لو إتجننتِ وقولتِ إنك عاوزة تسيبيني.. مش هسيبك.
إستنشقت بعمق رائحة النيل من حولنا، وظللنا على هذا المنول وأنا أردد بصوت مسموع
_ياريتك تفضلي جمبي طول عمري والساعه توقف ومتمشيش.... والساعه توقف ومتمشيش
توقف ومتشيييش..
سممعت صوت يناديني، نهضت وجدت نفسي بفراش غريب، ليس فراشي ولا غرفتي، تلفتت حولي وجدت الطبيب أيمن أمامي وهو الذي أوقظني من ذاك الحلم الجميل.
_صباح الخير
_انا فين ؟!
_انت ف المصحة بتاعتي
إندهشت وقلت عاقداً حاجباي
_ مصحه؟
_انت امبارح ف الجلسة كنت تعبان جدآ وجاتلك حالة هياج وتشنجات، وكان لازم تبات هنا تحت ملاحظتي نهضت غاضبًا أكشف غطائي عني وأردفت
_ بس انا همشي، انا مش هقعد ف مصحات!
دورت بالغرفة ابحث عن ملابسي وانا اردف بنبرات غضب مبالغ بها
_مش عشان جيتلك وقررت احكيلك ..تعاملنى ع اني مريض ومجنون وتحجزني فمصحه كمان !
أمسك يدي ايمن يريد إيقافي مع قوله
_إنت تعبت جدآ بليل ومكانش ينفع إنك تروح، خدت حقنة مهدئة ونمت كان لازم احجزك لحد م اطمن عليك
إرتديت ملابسي وحذائي وأنا اردف له
_وانا تمام دلوقت كويس جدآ
قال ايمن يحاول تعطيلي عن الرحيل
_ مش معقول الل انت بتعمله ده ياامير،انا كنت قربت المس زوايا علاجك
ليه كل م بحاول اوصل.. بترجعنى لورا ؟
_أنا عايز اقولك ع حاجة .. كل حاجة بتحصل بمزاجي، يعنى اجيلك وقت مانا اعوز
واحكي الى انا عايزه، وممكن اقفل صفحة علاجك دي بالمرة، لاني ببساطة انا مش مستنى حاجة من الدنيا عشان اتعالج
أومأ هو برأسه موافقاً فترجلت راحلاً فقال مردفاً
_مش هتحكيلي الحلم الل فيه فريدة !!
أوقفني بجملته الاخيرة، وعدت أحدق به.. هل أخبره أم أرحل؟
-=-=-=-=-
دعاء بغرفتها، ممسكة بكتاب بداخله وردة حمراء يابسة!
أمسكت بها وتذكرت مناسبتها، يومها أتت إليها فريدة تتقافز من السعادة وبيدها هذه الوردة الحمراء.
اخبرتها أن أمير قد ذهب إليها يطمئن إلى حالها ب أول يوم عمل لها بالمكتبة المقابلة لعمل صديقه شادي.
تمنى لها حظاً سعيد ويوماً لطيفاً واحضر لها الوردة من محله، على وعد أن يجلب لها باقة كاملة المرة القادمة.. فقط ان أخبرته انها تبادله نفس شعوره!
كانت سعيدة دعاء لسعادة فريدة، فبرغم غيرتها منها لأنها أخيراً وجدت الحب الذي تحلم به.. وهي على حالها كما هي، لم يتقدم احدًا لها بطلب الزواج أو الإعجاب حتى!
وقتها شعرت فريدة بقلب دعاء فتركت لها الوردة تذكار وتميمة حظ انها هي القادمة بعدها بقصة حب ملتهبة.
وضعت دعاء الوردة بالكتاب واحتفظت بها، اليوم فتحت دعاء الكتاب وتذكرت كل هذا.
من يوم وفاة فريدة، وهي بحالة اكتئاب وانتكاس قوية، تجلس بمفردها في الغرفة بالساعات، تنام كثيراً، لاتتحدث مع أحد. حتى عملها لاتذهب إليه ب إنتظام.
أغرورقت عيناها عندما لامست الوردة وتمتمت بهدوء
_الله يرحمك يا فريدة
-=-=-=-=-=-
عُدت إلى المنزل، أكاد اتعارك مع ذباب وجهي، لا اطيق كلمة من أحد.
وجدت اسماء وأمي كعادتهم وعلى حالهم جالستان يضعان ايديهن على وجنتيهن.
رأتني أمي فسألتني عن ليلة البارحة أين كنت، اجابتها حانقاً
_كنت فداهية يا امي
_هو انت متعرفش ترد على أمك كويس؟
قالتها العبقرية اسماء، أدرت لها وجهي وقلت لها ساخراً ما الذي يبقيها هنا؟ أليس لها منزل واسرة ووالدة ووالد.
اجابتني إجابة افحمتني، إنها هنا لكي تعتني ب أمي التي داهمها المرض بسبب غياب حازم وحالتي النفسية.
تركتهم ودلفت غرفتي، وهما على ذكر حازم أين هو من كل هذة الاحداث؟
على الجانب الآخر من النهر.. كان حازم قابعاً ب غرفة شديدة الاتساخ وانتشار القاذورات بكل أرجائها.
غائباً عن الوعي بعد تناوله لجرعة مخدرات كبيرة، كان يحدثه صديقه أن المال كله الذي كان بحوزتهم اضاعوه في شراء مخدرات جديدة، ف اقترح حازم ذهابهم لأحد معارفهم يتناول ايضاً المخدرات كي يتناولوا معه حتى يجلب احداً المال ويشتروا من جديد.
-=-=-=-
"شمس ديسمبر:"
_روايتي التي اكتبها الآن، كتبت فيها كل ما مر من مواقف بيني وبين فريدة، كلما تذكرت شيئاً كتبته، ولكن اشعر دائماً ان هناك شيئاً ناقص!
هناك حلقة مفقودة لا أعرف كيف أصل إليه.
عنوان شمس ديسمبر إختارته بعناية لأنه يعبر عن قصتنا بالفعل، سأشرح للقراء عندما يقتنوا روايتي ماسبب تسميتها هكذا.
دلفت اسماء تردف الي وانا منكب على أوراقي ومكتبي أكتب
_مش عايز تاكل ؟
_لاء
وقفت تنظر الي محدقه ب أوراقي وقالت
_ممكن أسألك ع حاجة
أومأت لها إيجاباً دون رد ففهمت هي وأردفت
_انت هتفضل كده لحد امتى ؟ يعني مش ناوي تقوم بقى من الل انت فيه
رفعت لها بصري وتركت قلمي قائلاً لها
_كام حد قالك بلاش حازم يااسماء؟عارف اني رديت ع سؤالك بسؤال..بس انا بسألك كام حد حذرك من حازم ..ومع ذلك لسه بتحبيه
قالت ب إحباط منتكسه برأسها أرضاً
_ كلكم
_ومع ذلك لسه بتحبيه ومستنياه، ويمكن قاعدتك دي هنا عشان انت ِمستنياه
_تقصد ايه ؟
زفرت زفرة طويلة وأردفت لها
_اقصد ان حياتنا لما بنختارها تكون جمب انسان حبيناه من كل قلبنا، بيبقى صعب نأمر قلبنا بين يوم وليلة انه يبطل يحبه ويفوق، ويبقى واحد تاني والا مكانش حبه بجد!!
ضيقت حدقتيها لي وقالت بتساؤل
_ للدرجة دي بتحب فريدة ؟
ابتسمت أخبئ دمعة تستقر على اعتاب عيناي
_مستاهلش روحها الى ساكنانى لو مفضلتتش احبها لحد م اموت، دا ردي ع سؤالك ببساطة!
خرجت من غرفتي دون أن تنفرج شفتاها بكلمة، اللعنة! قطعت حبل افكاري، تركت دفتري وأمسكت كتاب شمس المعارف، فقد نويت وسأصمم على قراري.
-=-=-=-=-
وفي الصباح الباكر، نهضت اسماء كعادتها تستيقظ مبكراً.. تؤدي صلاتها وتجهز وجبة الإفطار لها ولخالتها.
دلفت اولاً إلى الحمام، فوجدت أمير بداخله!
اغلقت الباب سريعاً مع إعتذراتها
_يالهوي! معلش مأخدتش بالي انك هنا ياامير وصاحي دلوقت
خرجت وجلست بالرُدهة تنتظره يخرج، حتى سمعت صوتاً بغرفة أمير كأن هناك أحدا بها.
ترجلت ناحية الغرفة وجسدها بالكامل يرتجف، فتحت الباب فوجدته يمسك بكتاب شمس المعارف يقرأ فيه وعندما دلفت رفع عيناه لها لتصرخ قائلة
_يالاهوي.. ياالاااااهوي الحقيني ياخالتي
قالتها وفقدت الوعي في آنها!