_ايه ده !انا مش قولتلك قبل كده مالكيش دعوة بتليفون اختك !
عضت الصغيرة شفتيها وقالت بتلعثم
_ انا بلعب على الالعاب
جذبت الأم منها الهاتف بقوة وحذرتها من الامساك به مرة ثانية
أجابت الأم الإتصال
_الو...
تعرقت جبهتي، اهتز قلبي،هل أصبحت حقيقة أنها..، لم أكمل حديث إلى نفسي ربما هواجسي كانت السبب.
ظلت تردد والدة فريدة "الو.. الو" دون رد مني، اغلقت الخط وقد تملكني اليأس.
هبطت دموعي رغماً عني.. قلبي غير مصدق ان هذه هي الحقيقة وعقلي يحاول إقناعه بالمنطق والأدله وكعادة قلبي من ناحيتها، لايصدق شيئاً.
على الناحية الاخرى، قامت والدة فريدة بالتفتيش بالهاتف لتجد أن هناك إتصال ب أمير البارحة، علمت بفطنتها انها ألاء من الممكن إنها ضغطت على زر الاتصال ب أمير عن دون قصد.. او بقصد ربما لتسأله عن فريدة.
وبعدما أغلقت أنا الهاتف، تنهدت هي بحزن وقالت متمتمخ إلى نفسها
_قلوبنا كلنا إتكوت عليكِ يابنتي
-=-=-
_مكنتش اعرف إنى بحبها للدرجه دى
أجابني حامد وهو يربت على فخذي
_إزاى مكنتش تعرف يابنى ، ده كل الناس كانت عارفه إنك مجنون فريدة
_ بس اختيارها لنهاية حواركم ..
قطعت شادي إثر تحدثه عنها بهذا الشكل وأردفت غاضبًا
_متقولش اختيارها !! انا متأكد انها معملتش كده
نظرا شادي وحامد لبعضهم البعض وأردف شادي لي بهدوء
_أومال مين يا أمير ؟ احنا عايزين مصلحتك، احنا اصحابك وخايفين عليك
هى واحدة مجنونة بالتمثيل والشهرة والافلام والمسلسلات وانت عارف ده كويس
نهضت من مكاني أرفض الفكرة قائلاً كالمجنون
_ بس مش للدرجة دي
حاولا إقناعي ان فريدة اختارت النهاية بعناية منها، كانت طيلة الوقت تتمنى ان تصبح مشهورة وحديث الساعة، بإمكانها فعل اي شئ لتصل إلى مبتغاها.
نظرت لهم بحزن أريد الدفاع عنها، لايوجد اي دافع على وجه الأرض يجعلها تنهي قصتنا بهذه النهاية البشعة، ف أنا كنت أغمرها بالحب والثقة بالنفس كلما احتاجت، بجانبها طوال الوقت لم اتركها ثوانِ.
لماذا فعلت هكذا إذاً، لماذا؟
_أنا شايف ان كفاية كدا عُزلة وحزن ي أمير، قوم شوف حياتك إفتح محلك
إبتدي من جديد، لسه حياتك ياما فيها
أردفت مجيباً حامد بنبراتي التي يشوبها الحزن
_ هى كانت حياتى
نظر حامد حولي ليقع نظره على كتاب "شمس المعارف" فنهض وهو يردف
_انا هاخد الكتاب ده
إنتبهت قائلاً بفزع
_ لا ! متخدوش
_بقولك ايه .. الل بتفكر فيه مش هيحصل والكتاب ده مش لازم يفضل معاك
تحدث معي حامد بنبرة قاسية دون الشعور بقلبي وحاله، ف أردفت له بنبرة متحدية أنني لن أتركه ييأخذ الكتاب
_انا عايزه ياحامد، حياتى كلها متوقفه ع الكتاب ده
تعجب شاديي قائلاً
_انت شكلك اتجننت خلاص، حياتك ايه الل متوقفه على الزفت ده، انت ناوى ع إيه؟
انتفخت عروقي، كبرت بعقلي الفكره لن أدعه يأخذ الكتاب
_هي كلمة مش هتاخده ياحامد
_ يابنى آدم ده ممكن يأذيك ويأذى اي حد حواليك
_مبقاش عندى حاجة ازعل عليها ياحامد خلاص
زفر حامد زفرة عميقه وأردف لي محاولاً تمالك اعصابه
_وأنا آسف يا أمير مش هساعدك تكمل ع نفسك تدمير أكتر م انت تعبان
_مش اكتر من الل خسرته والل اتدمر فحياتي
وجدني حامد أنني مازالت ممتمسكاً بالكتاب، وبداخلي قوة غريبة انه يمكنني خسران اي شئ مقابل إحتفاظي به.
تركوني ورحلوا وعلى وجوههم الغضب والضيق مني ومن أفعالي، يريدون مساعدتي وأنا لا أريد، لا أريد مساعدة من أحد.. أريدها فقط هي ولا شأن لي بالجميع!
-=-=-=-
_على فكرة استعباط مبحبش، انتِ عايزة تعرفي غلاوتك عندي أد إيه؟قومي بقى بلاش دلع!
صورة غير واضحة مع ترديد الجملة السابقة، تتقلب فريدة إثر نومها ثم تسمع صرخة مدوية بصوت أمير لتنتفض فزعة!
تنظر حولها، المشهد المعتاد كل يوم.. غربت الشمس، لايوجد احدً بالمنزل، لا تتصل بها والدتها أو أمير!
نهصت متعجبة، ما الذي جعلها تنام جانب طاولة الطعام برُدهة البيت ولست بغرفتها!
نهضت تبحث عن هاتفها أين هو، سمعت صوت أقدام بالخارج وهناك من يفتح الباب.. هرولت ثانية إلى غرفتها
ودلفت إلى الخزانة تختبئ، أصوات همهمة لم تفهم منها شيئاً، أشياء ثقيلة توضع ارضاً فتحدث صوتاً عالياً، وهناك من يجر شيئاً من على الأرض.
ماهذا؟ تأكذت فريدة ان منزلهم به شيئاً غامضاً، ربما كانت تسكنه الارواح منذ قديم الأزل ولأنها دائمة الانشغال لم تلحظ مثل والدتها التي صممت على بيعه واستقرارهم ببيت الخالة كوثر.
جلست فريدة مختبئة وحيدة خائفة وكل ماتفكر به، ماذا ستفعل الآن.
=-=-=-
شعرت والدة أمير بالبرودة ف حثت أسماء ان تغلق النافذة منعاً لدخول الهواء البارد.
أردفت أسماء وهي تغلق النافذة ان الشتاء قادم، لايوجد سوى بضع أيام ويبدء شهر نوفمبر!
كنت بالداخل أقرأ بكتاب شمس المعارف ومن ثم سمعتهم، فنظرت إلى هاتفي فى خانة التاريخ.. اللعنة!
اليوم الثامن والعشرون من شهر إكتوبر!! عيد ميلاد فريدة.. امير: 10/28!
كيف نسيت لابد وأنها ستغضب مني الآن، حتى ان كنا متشاحنان سأحاول مصالحتها فاليوم عيد ميلادها.
نهضت نحو الخزانة وأخرجت قميصاً أحبه كثيراً، تذكرت حينما اشتريته، كان شادي يبحث معي عن ست الحسن والجمال التي ألتهمت عقلي كقطعة خبر طرية.. فريدة.
ذات يوم كنت مشغولا بكتابة أحداث بروايتي وهاتفني شادي انه قد رآها بأحد المولات، تقوم ببيع ملابس شبابية ورياضيه ب أحد المحلات.
فدقيقتين كنت قد ارتديت ملابسي وذهبت إلى حيثما اخبرني شادي ورأيتها.. يا الله هل بالفعل يتجسد القمر في وجهها؟
تصنعت شراء قميصاً اعجبني وذهبت إليها كي اقوم بدفع فاتورته فوجدتها تصرخ، علمت ان هناك من يضايقها. شعرت الآن انها فرصتي.
دافعت عنها وقمت بلكم هذا البغيض بلكة قوية في أسنانه، قام هو بضربي ضرباً مبرحاً في ضلوعي، لم استسلم كي لا اجعل صورتي حمقاء أمامها، قمت بتسديد عدة ضربت له وهناك من قام بفض الاشتباك بيننا.
انتهت المعركة.. نهضت اقوم بتعديل ثيابي، هرولت مسرعة تناولني منديلاً كي امسح الدماء من على فمي.
نظرت لها بحب بالغ كي تشعر مابقلبي، شكرتني ونظرت لي نظرة لا أنساها ما حييت.
أتى صاحب المحل غاضبًا مما حدث من تكسير وعراك ودون ان يستمع إليها قام بطردها وقذف بوجهها باقِ مستحقاتها المالية.
خرجت تبكي، فقدت عملها بسببي، اقتربت منها أنا وشادي واخبرتها ب أن لاتقلق ف داهمت شادي فكرة واخبرها ب ان هناك عملاً لها وطلب منها هاتفها ف اعطته إياه كي يخبرها عن مكان عملها الجديد وطلبت أنا هاتفها ايضاً اذا وجدت عملا مناسباً لها سأهاتفها، وقد كان.
سألتني لماذا قمت بالدفاع عنها، اخبرتها دون أي مقدمات.. إنني أحبها!
_إيه بتحبني؟! إزاي يعني وإمتى
قصصت عليها دخولها قلبي من أول وهلة وشردوي بها طوال الوقت، وإنني ابحث عنها في كل مكان كي أراها ثانية وطالما رأيتها اليوم لن أضيعها مني ثانية..
ارتديت ثيابي بسرعة، وانصرفت راحلاً، سألتني أمي إلى أين أنا ذاهب ولكنني لم أجيبها، لابد وان لا أتأخر عن ميعادي، سأذهب لأشتري لها هدية قيمة.. كانت قد اخبرتني من قبل إنها تريد أن تحتفظ ب أول حروف إسمي بالانجليزية يتدلى من قلادة، ولأنها تعلم ب إنني اقوم ب إدخار كل ما أتحصل عليه كي أعجل بزواجنا.
قلت فنفسي سأشتري الدلاية الآن والقلادة لاحقاً.
ذهبت واشتريتها، وسرعان ما وصلت إلى مكاننا المفضل، عندما كنت اجلس معها وانظر إلى عيناها واطلب منها ان امسك بيدها كي أرتاح وأملك الدنيا ومافيها.
أنتظرتها طويلاً ولم تأتِ، قمت ب الاتصال بها هاتفياً وجدت هاتفها مغلقاً.
ترجلت حزيناً محطم الآمال، ظللت أسير واسير ولا أعرف إلى اين ستأخذني قدماي، إلى أن ذهبت إلى اخر مكان يمكنني الذهاب إليه.
_اسم حضرتك ايه؟
نظرت إلى المساعدة متجهماً وأردفت محبطاً
_أمير طلعت
_تمام اتفضل إستريح
أتى دوري، فنهضت ودلفت إلى غرفة الكشف..
رآني الطبيب ف وقف مشدوهاً ف أردفت له قبل أن يتحدث
_مكنتش تتوقع انى اجيلكك صح؟ بس جيت عشان تعبت
إبتسم أيمن واردف لي مرحباً
_كنت متفاجئ لما قالتلي البنت إنك برة
جليت أمامه متذكراً كيف هداني عقلي للذهاب إليه، تذكرت عنوانه بالكارت الذي وضعه داخل دفتري، كانت عيناه تفيض تساؤلاً، كيف لى ان اطرده منذ أيام.. واليوم أنا عنده بعيادته.
_أنا جيت بس عشان انت قلت هتساعدني، وفعلاً محدش من الل حواليا قادر يساعدنى
_يعنى انت بجد تعبان بسبب بنت ؟
إبتسمت ساخراً وقلت له
_ بسبب روح كانت ساكنة روحى وسابتها
_ طيب معظم الناس بتسيب وبتفشل فعلاقات، محدش بيعمل زيك
نظرت أمامي في الفضاء وقلت برتابة
_مقدرش اقول انها فشلت، لأنها مفشلتش.. مع ان هي اختارت ليها نهاية فاشلة قدام كل الناس
ومقدرش اقول سيبنا بعض لانى مسبتهاش، هي الل سابتنى
_طيب مدام بتحبها كده .. م تحاول تصالحها؟
_وان كان فيه شئ بيعجزك عن كده
هز رأسه لي قائلاً
_فهمتك.. الكرامة مش كده
_فيه شئ اقوى من الكرامة!
تعجب ايمن وأردف لي متسائلاً
_ايه هو ؟
_الموت !