الفصل العاشر

_من ساعة م قومت من النوم وأنا الدموع مش مبطلة ، البت حملتني فوق طاقتي يا كوثر

معقول يكون ابوها عمل لها حاجة قبل وفاتها؟ 

قالتها زينب إثر بكائها وهي تقصّ الحلم الذي رأته على الخالة كوثر 

_ الله اعلم، بس عادل من ساعة م سابكم زمان ومرجعش تانى

لا نعرف مكانه ولا قاعد فين ولا بيشتغل ايه ولا اتجوز ولالاء!

"خديلي حقي من أبويا" كلمة شقت صدر والدة فريدة إلى نصفين، ماذا تقصد فريدة برسالتها تلك؟ 

هل حقاً آذاها والدها قبل موتها ولم يعرف أحداً.. أم والدها هو السبب في وفاتها وإنتحارها؟ 

أشارت لها الخالة كوثر ان تستشير شيخاً فيما رأت كي يريحون فريدة بقبرها ولاتتعذب روحها. 

على الصعيد الآخر.. 

نهض أمير من غفوته الطويلة يشعر بدوران في رأسه وعدم اتزان جسده. 

خرج من غرفته فوجد والدته واسماء على حالهما، سألهم منذ متى وهو نائم هكذا؟ روت عليه أمه كل ماحدث من مجئ الطبيب أيمن واستدعاؤه لصديقه حامد وفجأة وجهها تغير وتحدثت بنبرة تشوبها الحزن ان حازم كان هنا بالأمس وقام ب أفعال جنونية بالمنزل باحثاً عن المال، وعندما بلغ به اليأس سرق أساور اسماء خطيبته وفر هارباً. 

-=-=-

شعرت بالأسى حيال والدتي واسماء إثر مافعله توأمي حازم، وحزنت قهراً لما آلت حالة شقيقه، فبعد الإدمان أصبح سارقاً. 

دلفت إلى غرفتي بعدما اغتسلت بالحمام وبدلت ثيابي، سألتني أسماء هل تقوم بتحضير الطعام لي ف أومأت ليها ايجاباً. 

بحثت عن الكتاب فلم أجده؟ من الواضح ان اسماء رتبت غرفتي ثانية دون استئذان مني وهي من حركت مكان الكتاب، دعوتها ف أتت وسألتها 

_الكتاب فين !!

_كتاب ايه ؟؟ 

_ كتاب كان جمبي هنا وبقرأ فيه

صنعت اسماء ايماءه ب إنها تتذكر حتى قالت لي

_ااااه .. ده جه حامد امبارح هنا وأخده !

شعرت بالغيظ فهتفت صائحاً بها

_إيه ؟!! إزاى ياخده من غير مايقولي

خافت أسماء من إسلوبي الغاضب وقالت مدافعة عن نفسها 

_انا ماليش دعوة الدكتور أيمن الل قاله ياخده 

تبدلت ملامحي ونبرة صوتي دون أن ألاحظ نفسي، صحت بها بصوت عالِ حتى خافت أسماء وهرولت إلى الخارج تحتمي بخالتها. 

قمت بتكسير كل شئ حولي، وهما الاثنتان خائفتان مني وامي تردد

_سلامٌ قولاً من رب رحيم.. يابني شكلك اتغير وعيونك إحمرت كدا ليه 

بدأت دموعها تنهمر وقامت بلعن حظها فينا أنا وأخي وما آلت اليه أحوالنا. 

قد مسني شيئاً من الجنون، لربما افقد أعصابي أكثر من ذلك أن لم احصل عليه ثانية، فهو الجسر الوحيد الذي يصل بيني وبين فريدة، هو آخر أمل تبقى لي بهذه الدنيا. 

ودون ان ادري، أمسكت عنق أمي وضغطت عليه وانا اصرخ بقوة 

_ انت الل خلتيهم ياخدوه .. انت طول عمرك بتكرهيها، انت مش عايزاها تبقى معايا

انت السبب! 

كادت ان تختنق أمي بين يدي، تحاول أسماء تخلصيها مني.. يصرخان بصوت عال وانا لا أبالي 

وفجأة! 

سمعنا صوت جرس الباب، هرولت أسماء تفتحه وكأن الذي هناك هو نجدة من السماء أخيراً كي يخلصهم من بطشي وغضبي وثورتي. 

واذ به الطبيب أيمن وحينما رآني هكذا، هرول الي يخلص أمي مني حتى لكمني بقوة في انفي ف إرتميت أرضاً! 

سال الدم من انفي وكانت أمي تلهث بقوة تلتقط أنفاسها بصعوبة وأسماء تحتضنها وتمسح على رأسها. 

وخلال دقائق كان قد إستدعى مساعديه بالمصحة لإحضاري بها ومكوثي فيها، عافرت من بين ايديهم ولكنهما كانا أقوى. 

خافت أمي وسألت الطبيب سيأخذني إلى أين؟ 

_خلاص بقى حاولت معاه بالهدوء منفعش،أمير كده خطر ع نفسه وعليكم

انا هحجزه فالمصحه عندى، متقلقيش يا حجه أمير لازم يرجع لطبيعته لازم يفوق. 

أخذاني بقوة ووضعوني بسيارة خاصة بمصحة الطبيب أيمن، كنت ثائراً أحاول تخليص نفسي فقام الطبيب أيمن بحقني بمادة مهدئة ف فقدت وعيي تماماً

=-=-=-

أما عن دعاء.. 

فقد كانت بعملها في مكتب شئون الطلاب بالجامعة، شاردة ب فريدة واحلامها بها وملاحقة روحها لها. 

تذكرت شيئاً قد يساعدها في حيرتها هذة، مالت بجذعها على مكتب زميلتها قائلة 

_بقولك، دكتور عبدالعظيم بتاع تربية .. دكتور الصحة النفسية تفتكري ممكن يكون موجود دلوقت؟

ضحكت زميلتها ساخرة وقالت 

_ الدكتور اللاسع ده ! اعتقد كده لو مكانش وراه محاضرة

نهضت دعاء تلملم اشيائها داخل حقيبتها وأردفت 

_ طيب انا ساعه وراجعة المكتب ماشى 

_ طب مش تفهمينى عايزاه ف ايه ؟؟

_ بعدين بعدين ..

وصلت دعاء إلى مكتب الدكتور عبدالعظيم، وحينما دلفت وجدته بالداخل 

وبعد المصافحة والاطمئنان على الأحوال، وضحت دعاء إنها أتت إليه ل أمر هام. 

أنصت عبدالعظيم إليها فقالت

_انا بشوف كوابيس.. وحجات غريبة، انا بشوف روح واحدة صاحبتي عاوزة تقتلنى !!

-=-=-=-

عاد وعيي لي ثانية، فوجدت نفسي بنفس الغرفة التي جلبني إليها الطبيب ايمن منذ فترة، إذا ً انا بالمصحة! 

شعرت إنني أريد الصراخ ولكن خارت قواي فلم يعد بي أي قوة، استسلمت. 

دلفت الممرضة ووضعت لي امبول يسري في وريدي عن طريق الكانيولا المتصلة بيدي.

سألتها عن الطبيب أيمن فأجابتني إنها ستسدعيه حالاً. 

دلف إلى الغرفة فقلت له من بين صوت واهن 

_انت خلاص هتحجزنى هنا!؟ 

_انت كنت هتموت والدتك ! انت مش حاسس انت اد ايه بتأذى الى حواليك

دمعت عيناي وشعرت بالخزي قائلاً

_ انا أذى حد !! ده انا بعمل كده عشان مأذيش نفسي ببعدها عنى

صاح بي ايمن مردفاً

_ماتفوق من الل انت فيه! الحياة مش كلها فريدة، انت لازم تحكيلي بالتفصيل عملت ايه بالكتاب

وهل حضرت روح فريدة ولالاء، وايه الل خلاك اتشنجت اول امبارح

كل دي اسئلة انت الوحيد الل عارف اجابتها

إزدرد ريقه وأكمل 

_انا توصلت لشوية معلومات فعلم الارواح .. ولازم نساعد بعض عشان نخلص من الدوامة الل انت حطتنا فيها دى

قلت بصوت متهدج 

_ ماهي خلاص مش هتظهر تانى يادكتور.. انتوا اخدتو الكتاب

_رد ع اسئلتى من فضلك.. مشكلتك أصبحت اكبر من مشكلة نفسية

_حاضر هجاوبك ع كل حاجة 

-=-=-=-

شرح لي الطبيب أيمن خطورة قرأتي لكتاب شمس المعارف، وأن القراءة به دون تحصين تؤدي إلى كوارث، به قوة ملعونه تصيب قارئها وتصيب من حوله وتسكن المكان الذي قُرأ به طاقات شريرة تحرض على القتل أو الانتحار! 

تعجبت وخوفت، وفهمت لماذا اسماء رأت قريني، ولماذا كدت بالأمس ان اقتل أمي دون شعور مني.. 

علمت الآن ان حامد وشادي كانا يريدان مصلحتي، خائفين من أثر هذا الكتاب علي. 

ولكن بعد فوات الأوان، فقد قمت ب إحضار روح فريدة، وقرأت الكتاب بالمنزل وعرضت أمي للقتل، وما الحل إذاً؟ 

=-=-=-=

_إلحقيني ياخالتي! إلحقيييني 

هرولت أسماء تصرخ وتستدعي وجود خالتها وقصت لها شيئاً يستحيل تصديقه، فقد دلفت إلى الحمام فوجدت جسد أمير يتدلى من السقف مشنوقاً بحبل وعيناه حمراوتان ويسيل الدماء من رقبته! 

خافت الأم وشعرت ان هناك شيئاً غير مفهوم بالمنزل، لم تستطيع الأم فهم ما يجري بمنزلها وب أولادها؟ 

واحد تعدى عليها بالضرب والآخر كاد ان يقتلها! 

أحضرت سجادة الصلاة وتوضأت وأدت صلاتها ودعت ربها في سجودها ان يصلح الأحوال، وأن يعودا إبنيها لرشدهم ولحضنها الدافيء. 

=-=-=-

_ انت متأكده يادعاء انها ماتت منتحره!

مطت دعاء شفتيها وقالت

_معرفش.. بس البوليس قال كده والصحافة والسوشيال ميدديا

_ دعاء ..هسألك شوية اسئلة وتردي عليا بدون تفكير لو سمحت

_اتفضل 

_ علاقتكم كانت كويسة؟

_مش طول الوقت

_كنت بتحبي لها الخير فحياتها

_ لا !

قالتها دون تفكير، فهز عبدالعظيم رأسه متفهماً وقال

_ ليه يادعاء؟ 

حاولت دعاء إخفاء دموعها ونظراتها الحاقدة وهي تتحدث

_كانت كل حاجة معاها .. حب وجمال وكل حاجة

ودايمآ تيجي تحكيلي كأنها بتغظني، انا مش بتحب زيها رغم اني اشيك منها

وبنت ناس عنها، ورغم ده كله.. كانت دايماً تحسسني إنها مظلومة

عقد عبد العظيم حاجبيه وقال 

_ تحسسك إنها مظلومة إزاي؟

توترت ملامح دعاء وغيرت مجرى الحديث كي لاتجيب

_دكتور حضرتك مقولتش هى ليه بتظهرلي وبتعمل كده معايا

_وانت مجاوبتيش ع سؤالى ؟

_ يادكتور ارجوك

_ خدى بالك .. هتجيلك تانى، فريدة عايزة منك حاجة بخصوص موضوع انتحارها .. او قتلها !

إتسعت حدقتيها متفاجئة وأردفت

_قتلها !!

_هنشوف فالايام الجاية .. هتحلمي بيها، وهتجيلك الرسالة بتاعتها

وساعتها هتفهمي بيحصلك ليه كده

نهضت دعاء منزعجة وهي تردف 

_شكرآ.. بس بردو حاسة اني مش مرتاحه بعد كلامي مع حضرتك

ابتسم عبدالعظيم ساخراً

_عشان انت مبتقوليش الحقيقة يادعاء!!

هرولت دعاء دون رد تعض على شفتيها منزعجة ان قد افتضح أمرها، وظهرت عليها علامات إنها تخفي شيئاً. 

=-=-=-=-

_الروح المظلومة .. سواء مقتولة ولا منتحرة بتظهر تانى بعد وفاتها تدور ع حقها

وبتروح لاقرب شخص ليها، عشان يقدر يظهر الحقيقه، بس ده فحالة لو ظهرت بطريقه طبيعيه كروح بعد قتل او انتحار، الل هو بالصورة الدارجه بتاعتنا بنقول .. طلعله عفريت "!

وبيفضل يلح فالظهور لغاية م يتاخد بثأرة ويهدا ويبعد، وميظهرش تانى

تعجبت مما توصل اليه الطبيب ايمن من معلومات، كم كنتت غبياً عندما إستدعيت روحها بهذا الشكل الخاطئ، اكمل ايمن وكأنه يريد إعطائي الصدمة جملة واحدة! 

_لكن انت استدعيت روحها بالكتاب.. معنى ذلك انها هتظهر بصورة شريرة ع عكس حقيقتها فالدنيا

_بس انا ملحقتش اتكلم معاها .. يدوب كلمتين وكانت مش فاهمة ولا عارفه انها ماتت

إثر تحدثهم ظهرت روح فريدة تقف خلف أيمن، رآها امير وإبتسم. 

شعر ايمن بقشعريره تسري بجسده فجأة، تعجب ايمن من ابتسامة امير العريضة وهو ينظر خلفه. 

سأله هل حضرت روحها، ف أجابه بنعم. 

صكت أسنان أيمن ببعضهم البعض خوفاً كادت تحدث صريراً، اردف إلى امير متسائلاً

_ وانت مش خايف!!

_ دى حبيبتى ! انا عامل كل ده عشان اشوفها تقولي خايف؟

تمالك الطبيب اعصابه وطلب من أمير ان يسألها بعض الاسئلة، هل هي ذهبت لأحد غيره؟ 

وهل رآها اي شخص وتحدثت معه كما يحدث مع أمير؟ 

اجابت نافية إنها ذهبت لوالدتها وخالتها ولم يروها او يجيبوها على اسئلتها، ولكن تذكرت ان دعاء رأتها وأجابت عليها سؤالها. 

تعجب ايمن وطلب من أمير ان يجعلها تتذكر جيدا هل دعاء رأتها وأجابتها بالفعل، تذكرت فريدة الموقف حتى تبين لها شيئاً لم تحسب له حساب. 

كان باب الشقة مفتوحاً إثر انتظار دعاء للمصعد، وكانت والدتها تسألها من الداخل الا يمكنها المكوث اليوم كي تنتظر اخيها من السفر، واجابتها دعاء الاجابة التي اعتقدت فريدة إنها لها. 

حزنت فريدة جداً، فقد تيقنت إنها ماتت بالفعل ولكن لاتعرف متى ماتت وكيف؟ 

وهذا ما وثق به أيمن معلوماته، ان فريدة ماتت قتيلة ولستُ منتحرة!. 

اشارت فريدة ايضاً ان تسأل الطبيب عن طريق أمير، لماذا شعرت بوجود شئ غريب بمنزلهم وصوت اقدام واشياء ثقيلة توضع أرضاً، هل المنزل مسكوناً بالفعل؟ وان كان مسكوناً فلماذا لم ترى أحد. 

اخبر ايمن امير انه سيبحث في هذا الموضوع وسيخبره بما توصّل إليه. 

-=-=-=-

_اتفضلي ايجار المخزن ياست ام فريدة 

تسلمت زينب المبلغ المالي وأردفت و آسف للتأخير

_ولايهمك توشكر انك اجرت مني الشقه اصلا بعد الل حصل فيها

ضحك الرجل بخفة وأردف 

_م عفريت الابنى ادم ياام فريدة .. وبعدين انا مش بقعد فيها، انا يدوب بحط حجات السوبر ماركت الل بخزنها فالشقه.. وباجى ف 10 دقايق اخد الطلب الل عايزه وبمشى!

_ربنا يكرمك ياحج صلاح..لولا ربنا وقفك فطريقى مكانش حد هيأجرها مني ولا هعرف اصرف عالبت الصغيرة دي

_بس حاولي تلاقي بيعه للعفش ! خسارة انت اولى بفلوسه!

أومأت والدة فريدة برأسها ايجاباً وترجلت راحلة من شارع منزلها القديم، بينما دعاء بعدما وصلت إلى الشارع توقفت قدميها ولوحت إلى سيارة أجرة وابلغته ب أنها تريد الذهاب إلى اقرب قسم شرطة. 

_لو سمحت انا عايزة ابلغ عن جريمة حصلت فقضية اتقفلت انا اعرف معلومات عنها

_اتفضلي

_فيه قضية انتحار حصلت لبنت جارتى والقضية اتقفلت لانه اثبت انه انتحار.. انا عندى معلومات جديدة!

الضابط النوباتشي منتبهاً 

_ ايه هى ؟ 

_هي منتحرتش !! دى ماتت مقتولة وانا عارفة مين قتلها

رفع الظابط النوباتشى وجهه لها منتبهاً فقالت 

_ خطيبها.. امير!!