إهداء //
اللى قال إنها ف كفة والعالم ف كفة كان غلطان، دا هى الكفتين والعالم والدنيا والناس
إلى غلاوة روحى وحلاوة أيامى ونعيم الدنيا "ساجدة" بنتى الحلوة ربنا يبارك فعمرك واشوفك أحسن الناس
`~`~المقدمة`~`~
مرة واحدة بالعمر.. يمُر بك الشخص الذي كلما تأخرت في ترتيب الكلام يقول: لا تُكمل.. أفهم ما تريد قوله،
مرة واحدة بالعمر..يمُر بك الشخص الذي كلما أخطأت يقول: لا تعتذر.. أتفهم ما حدث،
مرة واحدة بالعُمر.. يمُر بك الشخص الذي تَشعر أنه يَعرفك أكثر من نفسك!
_لقائلها
`~`~`~
"زكى فضل مطر"
أنتظرك العمر ب أكمله حتى وأنت لا تُفكر في المجيء حتى!
`~`~`
"هيام"
لم يكن وداعًا لائقًا بِما عشناه، ولم يكن حضور لائقاً بما فى قلوبنا.. ولكنه القدر
`~`~`
"زاد مطر"
أنا من اقف على محطاتى، أنا من انوى الرحيل وانا من انوى المكوث، أنا صاحبة القرار الأول والثانى والأخير
وآخر قراراتى كانت أنا لاشيء غيرى.. أنا فقط!
`~`~`~`
الساعة الآن.. السادسة صباحاً
كرر المنبه رسالته عدة مرات، امتدت يد زاد لتطفئه بينما كانت تنعم ب نُعاس طويل هادئ، نهضت وجلست على سريرها تزيح شعرها المشعث الفوضوى للخلف وتتثائب، نظرت إلى الهاتف ورأت كم الرسائل التى فى إنتظارها ل فتحها.. مطت شفتيها ومن ثم هبطت ترتدى خُفّّيها وامسكت بريموت التحكم عن بُعد لتفتح ستائر الشُرفه الزجاجية لدى غرفتها المطلة على حمام السباحه والحديقة الكبيرة الغناء المحيطة بالقصر الذى تعيش به!
ترجلت ووقفت أمام الزجاج تترقب أشعه الشمس الخفيفه مع طيران العصافير ورفرفه غصون الأشجار.
فهى زاد مطر، بلغت من العُمر سبع وثلاثون عاماً.. ذات بشرة بيضاء وعينان سودويتان عميقتان، حاجبان كثيفان.. فم صغير وانف منصوب، طولها مناسب لوزنها الذى تحافظ عليه طيله الوقت
عزباء وتقدس حياة الوحده والحرية..تدير شركات مطر للشحن، صاحبة رأى وفكر مستقل ولديها رياده فى القياده وإدارة العمل بكفاءه فهى تربية عمها الحميدة.
مدت يدها لتسحب إحدى المناشف وهمت بالدلوف إلى المرحاض ولكن قبل هذا سبق فعلها بالإتصال هاتفياً ب خدم القصر لتحضير وجبة الإفطار الخاصه بها ووجبه الإفطار التى تُعد خصيصاً لعمها "زكى فضل مطر".
تحممت، خرجت وارتدت ملابسها، وضعت القليل من مساحيق التجميل، صففت شعرها
وفى طريقها إلى غرفه عمها، طرقت الباب ولم يجب ف دلفت
_زكى، يا زيكووو لسه نايم!
اقتربت من فراشه لتجده يغط فى سُبات عميق، وبجانبه مجموعة من الاظرف وردية اللون واوراق الرسائل القديمه ذات اللون الأصفر، امسكت ب واحد منهم وقرأت التالى..
"مش عارفه إزاى وامتى يا زكى ممكن نتقابل، بس اللى اعرفه انى هحاول ومش هعدى الميعاد دا بالذات
وحشتنى، ووحشتنى لمسة ايدك يا حبيبي...
لم تكمل زاد قراءة الرسالة، فهى تعلم دون قراءة.. سمعت الكثير من عمها وبكل مرة تستمع للمزيد دون ضيق
وكانها اسطورة ضمن اساطير العاشقين، زكى وهيام!
دنت زاد من اذن عمها وأردفت بهدوء
_اصحى يا زكى، يلا لسه فيه دوا وأكل ورياضه ودكتور العلاج الطبيعي على وصول..
كان زكى بدء، يستعيد وعيه قليلاً، فهمست زاد ب خبث فى أذنه بصوت هادئ
_هيام!
إنتبه زكى وفتح عيناه فضحكت زاد، ساعدته فى النهوض وحينما نظر إلى وجهها إبتسم إبتسامه عريضه
وأردف لها
_هتبطلى إمتى خُبث؟ بقى بتوشوشينى ب إسمها
جلست زاد بجانبه وأخذت تذلك أحد ذراعيه وهى تتحدث
_يعنى هصحيك ازاى، ماهى شفرتك الوحيدة يا زيكو.. يلا فوق عشان لسه هفطر معاك وبعدين هنزل عالشركه
نهضت من جانبه تقوم بوضع الرسائل فى الاظرف على مرأى زكى فقال لها
_طبعاً قعدتِ تقرى المكتوب قبل م تصحينى
هزت زاد رأسها بالنفى وضحك قائله
_لا طبعاً، لأن أنا عارفه مكتوب إيه وحصل إيه وحفظاهم ومستعده أسمعهم كمان، انت بقا لسه محفظتهمش؟!
نظرت إلى عيناه بعمق، فقال زكى وهو يتهرب من نظراتها بعيداً
_حافظ حرف حرف بس برضو هفضل اقراهم وكل كلمه وكل حركه تتعاد عليّا عشان اصبر على بُعدها اصبر قلبي انها مش معايا
جلست زاد بجانبه مرة ثانية وقالت له مُتعجبه بنبرة صوت حنونة
_تفتكر ممكن حد يوصل لسنك ياعمو، ٦٥سنه ولسّه بيحب كدا؟
إبتسم زكى وأردف
_طالما قلبه لسه بيدق، يبقى هيفضل يحب.. بشرط أن الحب يكون بجد
نهضت زاد وكعب حذائها يدوى بالغرفه فى طريقها لخزانه زكى الخاصه تضع الرسائل القديمه إثر تحدثها إليه
_عشان كدا انا مش هرتبط ولا هتجوز، قصتك علمتنى ي احب واتحب واللى قدامى يتمسك بيا يا هفضل لوحدى وكدا افضل
طرقت الخادمه الباب ودلفت بوجبة الإفطار لهما، ومن ثم تناولاها حتى حان وقت الطبيب الخاص ب زكى
ف اطمأنت زاد لحاله وودعته ورحلت.
وبدء زكى فى دورة جديده من دورات علاجه.. زكى فضل مطر
بلغ من العمر خمسه وستون عاماً، صاحب مجموعة شركات مطر الكبرى للشحن والتفريغ، بدء من القاع
رجل عِصامى حتى اصبحت لديه كل هذه الثروة، غير متزوج ويعيش مع إبنه أخيه زاد بقصرة الكبير.
منذ عامان أصيب بمرض الشلل المؤقت فتقاعد بالمنزل وتولت زاد زمام الأمور، وطوال تواجده بالمنزل
إما لتلقى العلاج، او للعب الرياضه، او للجلوس لسماع مطربة المفضل عبدالحليم حافظ متصفحاً كل شئ يُذكره ب أفضل جزء بحياته.. حُبه الكبير والوحيد
أسمر البشرة، ذو شعر اجعد قليلاً يُشبه للفنان أحمد زكى بعض الشئ، حتى فى صغره كان يسمونه النمر الأسود.
الرسائل، الاغانى، الهدايا، الاماكن.. تبقى الذكرى ونيسه الوحيد بعد الفراق!
`~`~`~
_وين رايحه تيته؟! مو قلتيلى رح تكملى لى الئصه!
قالها الصغير ناصر .. حفيد هيام من إبنتها الكبرى، كان يرفع بصره لها إثر روايتها له إحدى روايات الأطفال الشهيرة.. تنهدت وبللت شفتيها المحاطه بالتجاعيد وكسرات الوجه علامه على تقدم السِن وأردفت له
_تيته رح تشرب قهوتها ومن بعدا رح تكمل لك الئصه
تركها الصغير وترجل يلعب بعيدا بفناء المنزل الكبير، فجلست هيام تنظر إلى فنجان قهوتها الساخن.. قهوتها المُفضله والتى تُعد خصيصاً لها، الاسبريسو المختلط بمزيج قليل من اللبن، احتست القليل
وأمسكت بريموت التلفاز تقلب القنوات الفضائية حتى وقفت على فيلم من بطولة أحمد زكى، إبتسمت مع ترقرق دمعه خفيفه بمقلتيها لتعود لذكرياتها، لأيامها القديمه.. لحُب عمرها الوحيد
زكى!
عام 1990
كانت تتهيأ هيام أمام المرآه تضع حمرة الخدين والشفاه بكثرة، وتمشط شعرها على صوت اغانى عبدالحليم خصيصاً اغنية "أول مرة تحب ياقلبي"
وتتغنى معها وجسدها بالكامل يتراقص، هيام محمود حسون، سبع وعشرون عاماً، إبنه تاجر كبير يعيش ويعمل بالسعودية ويقيم هو وعائلته بها وهيام واحده منها.. تمتاز هيام بالبشرة المختلطه المميزة بين السمرة والبشرة البيضاء.. ذات انف متساوِ مع استدارة وجهها، حاجبان خفيفتان إلى حد ما تقوم برسمهم بالقلم لتوضيحهم.
وجنتين ممتلئتين، فم مكتنز وضحكه واسعه جميلة.
_عم ترجصي وصوت الاغانى عالِ، وين رايحه؟!
قالتها والدتها بعدما دلفت إلى غرفتها، ف أردفت هيام
_نازلة اشترى شوية أغراض يا أمى
_اوك بس ما تتأخرى، والبسي العباية على جسمك مايصح تنزلى بهاى ملابس
تركتها ورحلت، ف أكملت هيام م كانت تفعله حتى أنتهت وهرولت إلى السيارة، ليهبط زكى منها ويقوم بفتح الباب لها لتجلس بالخلف وهو يقف حتى دلفت للداخل ليغلق الباب ويقوم بالدوران إلى الناحية الأخرى يركب ناحية مقعد السائق ويدير المقود وانطلق..
_وحشتنى يا زكى
إبتسم زكى ينظر بالمرآه لها وأردف
_مش أكتر منى والله، أنا منتظر من امتى المشوار دا
_اتلككت ل أمى ب أى شئ ناقصنى وقولتلها هنزل اشتريه ضرورى، حكتلى ان م اتأخر
بس مو مهم، المهم إنى اشوفك واكون معك.. وين رح تودينى؟
ضحك زكى ضحكه واسعه وأردف
_لاء ماهو يتحكى مصرى يا سعودى، وبما انك مصرية ف اتكلمى مصرى
عشان افهمك اكتر
دنت هيام من مقعده وتحدثت بالقرب منه
_أنا أصلاً لو حكيت عِبرى هتفهمنى يا زكى
نظر زكى إليها مطولاً ومن ثم أردفت هى بهلع
_حاسب هنخبط فالسيارة أمامنا!
تفادى زكى الحادث فضحكت هى، اردف هو
_قولتلك متقربيش كدا، مش بعرف اتحكم ف أى حاجه.. ولا عاوزة نعمل حادثه وابوكِ يقطع عيشي ومنشوفش بعض تانى
خافت هيام فعادت للخلف وهى تردف
_لاء خلاص هقعد فى حالى
نظر زكى إلى وجهها بالمرآه وأردف
_طب قولى لعيونك يكونوا فحالهم عشان نعرف نوصل على خير..
عادت هيام من ذكرياتها وزفرت زفرة حارة ومن ثم احتست رشفه من قهوتها وعيناها مثبتتان على التلفاز، لاتراقب الفيلم.. بل تستعيد صورة سجين قلبها فى رؤية بطل العرض!
وكأن بداخلها يردد أنه من فرط انتظارها له ذبُلت، ولم تعد قادرة على مواساة نفسها، تتمني أن تأتي عاصفة شديدة إما أن تيقظها من غفلتها أو ترحمها حتى لا تكمل في هذه الحياة التالفة، تلك الحياة التي لم تعد باستطاعتها اكمالها بدونه!
`~`~`~`
_تقصد إيه يا مستر عبدالقدوس ب أن نفتتح شركه نشاطها مُغاير لنشاطنا اللى متعودين عليه من سنين
قالتها زاد بنبرة صوت مُعترضه أثناء إجتماعها برؤوساء الأقسام بالشركة، ف أردف لها أحدهم
_أنا برضو شايف اقتراح مستر عبدالقدوس صح، إحنا لو عملنا ده هيبقى تجديد دم للشركة ودا هيبقى بمثابة عائد افضل للشركة وعملائها
وضعت إحدى رؤساء الأقسام القلم بفمها ومن ثم تحدثت
_بس أنا شايفه حاجه تانيه، احنا منعملش شركه ليها نشاط تانى.. اناشايفه ان شُغل الميديا والتليفزيون والدعاية والإعلان هو دا اللى ماشى وبيكسب بصورة مش طبيعية
نظروا إلى بعضهم البعض جميعاً ف أردفت زاد
_بمعنى إيه، ننتج فيلم ولا مسلسل
_ننتج برنامج تليفزيونى موضوعه يعمل مشاهده عالية على منصات الانترنت ودا فحد ذاته يعمل ضجه غير عادية لشركاتنا
عادت زاد بظهرها إلى المقعد وعبست بوجهها مع مطه لشفتيها تفكر، ف استرسل أحد الموظفين حديثه
_إحنا ممكن نعمل دراسه جدوى وحصر للمواضيع اللى ممكن نقدمها فى برنامج تليفزيونى وأى القنوات الفضائية اللى ليها نسبه مشاهده عالية والتقرير يبقى على مكتبك بالكتير كمان يومين
وتشوفى انتِ ومستر زكى مطر وتقرروا.. إيه رأيك يا فندم!
'~`~`~`
قلبت زاد فنجان الشاى وقدمته إلى عمها إثر تحدثهم سوياً
_فهمت حاجه من الجنان دا؟!
إبتسم زكى وتناول منها فنجان الشاى وهو يقول
_إنتِ ايه اللى مخليكِ مش موافقه؟!
عادت زاد بظهرها للخلف ووضعت ساق على ساق وقالت
_طبيعى دا جنان وموافقش عليه، احنا شركات شحن وتفريغ مالنا ومال الميديا والتليفزيون والبرامج وقلة القيمه دى
شرد زكى بخياله واردف لها
_هما لسه هيقدموا دراسه الجدوى للموضوع صح
_بيقولوا يومين ويكون على مكتبي
_تمام، أنا شايف ان ندى فرصه للموضوع.. أنا حابب ومتحمس
نظرت له زاد متعجبه نظرة مضحكه وأردفت
_زيكو اسمحلى اقولك انك غريب.. غريب جداً
ضحك زكى وارتشف من فنجان الشاى واخذ يهز رأسه على نغمات أغنية يوم من عمرى ل عبدالحليم حافظ..
`~`~`~` بالفصل القادم`~`~`~
_بيقولك مرة مكوجى تاه ف الصحراء لقى تعبان قعدوا ساعه يبخوا علي بعض، إضحك يانكد!