الحلقه الثامنه
_من البداية قلت لك، إن مش دايما يكون الحب كافي
والحياة ليها حسبة ثانية، يومها نزلت دمعة منك فوق كتافي،،
كُل شخص مننا لديه الاستعداد على تكملة حربه الخاصه التى شَنّها ، بشرط أن يجد من يقاسمه هذه الحرب!
بمعنى أن على الطرف الآخر أن يُشعره ب أن هذه الحرب تخصهما الاثنين ولها نفس الأهمية لديهم عندما تنتهى سواء بالفوز أو الهزيمه.
ف أن أحسّ الطرف الأول ب أن الطرف الثانى ليس لديه القدرة للمحاربه من أجله ومشاطرة لذه النهاية سويا.. ً ف ل يعلم بأنهم قد خسرا بالفعل من قبل خوض التجربة.. إعلاناً من احدهما انه ليس على استعداد بعد الآن لخوض الحروب بمفرده مرة أخرى..!
كانت تُصدر الاجهزة أصواتها، ان جواد مازال على قيد الحياة واجهزة جسده كلها تعمل بشكل جيد، لكنه مازال فاقد وعيّه.. حتى بدأ يستعيد وعيه تدريجياً شيئاً ف شيئاً.. يداه تتحرك
جسده يحاول النهوض، فتح عيناه!
رأته واحده من طاقم التمريض اثناء تأديتها لواجبها فى رعايته وسرعان م اخبرت الطبيب ليأتى على الفور
فيبدء جواد بالتحدث ولكن بصعوبه
_ا... أنا فين
_إنت فالمستشفى والحمدلله فوقت من غيبوبة طويله وأنت بخير متقلقش
هنطمن أهلك لأنهم قلقانين عليك
تعجب جواد من كلمه أهله، أخذ ينظر فى أرجاء الغرفة وعلى الإبر الغارسه بجسده والاسلاك
ما الذى أودى به إلى هذا المكان.. وماهو آخر شيء حدث!
*قبل الحادث*
رشا ممسكه بهاتفها الخلوى وتتحدث به، الصورة غير واضحه تمام الايضاح مثل الاحداث بالماضى
ف احدث المستقبل تكون مشوشه وصورتها باهته وغير مستقره..
كان جواد يراقبها من بعيد يقف لاتراه، فسمعها تتحدث
_انت لازم تلاقى اى مخرج لينا.. انا كلمته فالطلاق ومش عاوز يطلقنى
وكل يوم بخترع خناقه جديدة عشان يززهق ويرمى اليمين وبرضو معاند اعمل ايه ياشريف!
عقد جواد حاجبيه، هى سيصبح لها علاقه فى المستقبل بشخص غير زوجها وهو الذى لعب على مشاعرها
كى تتخلص من زوجها وتتزوجه، ولكنها لم تضع بمخيلتها ابداً ب أنها ستقتله..
بعد هذه الرحلة إلى المستقبل، كانت رأسه تدور بثقل.. الحقيقة هو ليس على إستعداد لتقبلها!
ولكن على كل حال، نهض وذهب إلى عمله ككل يوم.
هناك كاان معهم جسداً بلا روح كالعاده.. يراهم يتهامسون ويتحدثون بسخرية ولكنه غير مبالى
حتى دلف لينضم إليهم زميل لهم منفرجه اساريره فرحاً ويردف بصوت مُبتهج
_ياجماعه بعد١٥سنه جواز،. مادلين مراتى حامل!
وقف البعض يهنئونه ويصافحوه، بينما نظر ناحيته جواد مُبتسماً هو يعد من زملاء عمله الجيدين
وفى تعامله مع جواد يكون لبق وهادئ..
دنى الأستاذ هانى من مكتب جواد واعطاه قطعة_الشيكولاته_ فقام جواد بتهنئته
_مبروك ي هانى وربنا يقومهالك بالسلامه
_الله يبارك فيك ياجواد وعقبال لما تلاقى شريكتك ونفرح بيك قريب
بعد ان أتم هانى كلمته نظر جواد ناحية مكتب سجى الفارغ، ليتمتم البعض بصوت مسموع نسبياً
_هو يا محتاج نضاره ي إما عاوز حد يعمله ظبط زوايا
...
بعدما إنتهى اليوم، كان جواد فى طريقه ليستقل _المترو_عائداً إلى المنزل، فهرول هانى ناحيته واردف
_هتمشى من الشارع دا؟
_اه عشان اطلع ع محطه المترو على طول
_طيب ينفع نكون سوا انهاردة، هجيب حجات كتير للبيت ولمادلين وهعدى على الكنيسة ومش هعرف اشيل كل دا وحدى ينفع تكون معايا
إبتسم جواد واصطحب هانى فى طريقه يحمل معه الأغراض ويقف معه حينما يقف عند اى محل يبتاع منه، حتى وصلا إلى الكنيسة فوقف جواد
_هستناك هنا ومعايا الحجات متقلقش
إبتسم هانى وأردف له
_تعالا معايا، ولع شمعه لأم النور.. هى أمنا كلنا والكنيسة بيت ربنا زى كل بيوت ربنا، تعالا أدخل معايا
دلف جواد على إستحياء، لأول مرة يدخل إلى كنيسة.. دلف هانى يخبر القس بالخبر السار وقام بتقبيل يده
ف أمره القس على فعل بعض الأشياء ليذهب هانى فيقف جواد مكانه بلا حراك، ينظر القس ناحيته مُبتسماً ويشير له ب أن يقبل نحوه
ينظر جواد هنا وهناك ويشير إلى صدره، فيومئ القس ب رأسه اينعم أنت!
ترجل جواد ناحيته بخطوات هادئه ووقف أمامه فررت القس على أحد كتفيه مُردفاً إليه بصوت هادئ..
_مالك يابنى، شايل همّ الدنيا على كتفك ليه؟
_مفيش حضرتك سلامتك
_إحكيلى يابنى، احكيلى كانك بتحكى لنفسك.. مش يمكن خطاويك جابتك لحد هنا عشان تزيح من على قلبك
تبسم ثغر جواد ب ارتباك قائلاً بتلقائيه
_بس حضرتك أنا مُسلم
تبسم القس بهدوء وأردف
_هو إحنا لما بنختار حد يسمعنا بنختاره لديانته ولا عشان روحه هتسعنا وارتاحنا نقوله هو على اللى فينا
أومأ جواد برأسه ايجاباً وأردف
_انا محتار، محتار أوى.. اتمنيت أمنية أن اعرف ليه بيحصل ليا كدا اللى فات واللى جاى
بس ياريتنى ما اتمنيت، فيه حجات عرفتها واتمنيت ان ياريتنى مكنت عرفتها
وحجات هتحصل بعدين وجعتنى وخوفتنى، ساعات بحس ان عندى تشوش بس الحاضر والماضر والمستقبل
أبتسم القس وربت على كف يده برفق وأردف بهدوء صوته
_الماضى والحاضر والمستقبل بإيد ربنا يابنى، متشغلش بالك بحجات اكبر منك لو عرفت حقيقتها هتتعب
"سيقومُ مُسَحاءُ كَذَبةٌ وأنبِياءُ كَذَبةٌ، ويُعطونَ آياتٍ وعجائِبَ، لكَي يُضِلّوا لو أَمكَنَ المُختارينَ أيضاً" الانشغال باللى انت بتقوله دا دليل على الفراغ الدينى يابنى
ليه ماتسيبش غيب ربنا لربنا، واللى عاوز تعرف حقيقته لو مكتوبلك هتعرفه فوقته المناسب
إنّ أصل العلم اللى بتجرى وراه هو من الشيطان للى كان في الأساس كاملً في كلّ طرقه، والأعلى في ترتيب الملائكة، والأجمل والأحكم في خلائق الله، حتّى "وُجِدَ فيهِ إِثْم" عندما قال في قلبه "أصعَدُ إلى السَّماواتِ. أرفَعُ كُرسِيّيِ فَوقَ كَواكِبِ اللهِ، وأَجلِسُ على جَبَل الاجتِماعِ. . . أَصيرُ مِثلَ العَليِّ"
متدخلش فى حكمة ربنا لأن هيحصلك زى م اشتكيت، غًربة وتعب وتوهان
تنهد جواد بعد زفره عميقه منه وأردف
_بس أنا عرفت حجات جاية لسه وبإيدى انبه الشخص دا منها لأنه هيقع فشر
_يابنى محدش بيعرف الغيب إلا رب الغيب، ممكن تكون شفت تهيؤات ومينفعش تروح لحد تقوله خد بالك عشان هيحصلك كذا وكذا لأن هيقول عليك مجنون
سيبها على ربنا، مراحم ربنا بتحاوطنا طول الوقت يابنى بس الإنسان هو اللى ظالم
شعر جواد بالارتياح مع حديثه مع القس، حتى رأى هانى زميله قد أقبل نحوه وأتم مهمته فانصرفا الاثنين وودع جواد هانى وترجل نحو محطه المترو عائداً إلى منزله.
...
لست مُهيأ لتجاوزك، أعتقد بأنك محطتي الأخيرة!
_ايشمعنا أنا يا إسماعيل؟!
_ايشمعنا أنت إيه
_ايشمعنا أنا الل اتكلمت معاه وقولتله سرك وحسيت بيه وعرفته اختراعاتك؟ ليه أنا بالذات؟!
_عشان انا انت يا جواد!
كان كل هذا يجول بخاطر جواد ب آخر محادثات له مع إسماعيل، أخرج علبة الورق ووضعها أمامه..
حديث القس مازال ب رأسه، وخِطبه الشيخ ايضاً
لاتدخل فى غيبيات يا جواد، ولكن الفضول مازال يضغط عليه.. يريد معرفة اكثر مما عَلم.
أمسك ورقه زرقاء خاصه بالمستقبل، وعزم أمره على استخدامها..
...
رأى نفسه يهرول ويلهث، ينظر خلفه وأمامه كأنه يبحث عن شيئاً ما حتى وقف أمام قبر ليرى إسم مدون عليه
حاول كثيراً قراءته حتى تبين معظم حروف الأسم الأول، اقترب جواد أكثر ليجده إسم حسن!!
"مو على كيف الزمان ولا على كيف الظروف
لعن أبو حي الظروف اللي بتوقف بيننا"
الحلقه التاسعه
_إيه اللي وصلنا لكده؟!
بقت القلوب زي الملامح من خشب، بقيت حالتنا بجد اعجب من العجب
عايشين نلف في دايره نسأل ع السبب،،
"أعتذر أنا جواد لكل شخص كنت سبب في أن يشعر بغصة في قلبه، يشهد الله ما أردت إلا أن أمضي في هذه الدنيا كمثل ريح خفيف لا يضر ولا يهلك، ويشهد الله أني أضعف كثيرًا من أن أنوي ذلك.. أرجو من كل من يرى بي السوء أن يتيقَّن بكوني بشر أخطئ وتزل قدمي، فالتمس لي عذرًا لعلِّي كنت في وادٍ غير واديك."
تقلب فاطمه صفحات الكُتيب الصغير وتقرأ المسطور داخل الصفحات بخط إبنها جواد، وبجانبها العلبة الثغيرة التى بها ورقات السوليفان!
*قبل الحادث*
صوت صياح عالِ وحركه عشوائيه غير مفهومه بالخارج ليهرول معظم المدرسين خارج الغرفه فيخرج معهم جواد ليجد المنظر الذى رآه حينما استخدم الورق الازرق.
نفس الطالب الذى تحدث معه مُسبقاً، يقف بساحه المدرسة يقوم بفعل التهديد لأحد المدرسين
ويضع السلاح الابيض على عنقه _المطواه_والكل فى حالة هلع حتى حان دور جواد.
_تامر.. تامر إحنا مش اتكلمنا قبل كدا؟!
بهلع يمسك الفتى السلاح واستسلام من المدرس بين يديه والكل مُلتف حوله، بينما كان تامر يوزع نظراته على الجميع محاولاً السيطرة على الموقف ولكن من الواضح ان الموقف اكبر منه.
يحاول جواد الاقتراب بهدوء من الحدث وهو يردف مصوب عيناه ناحيه تامر بهدف سماعه للكلمات وتهدئه الموقف
_تامر، احنا اتفقنا أن العنف مش بيجيب نتيجه.. سيب مستر عبدالحميد
_العنف ينفع لما يتطاولوا على ابوك وامك وعيلتك كلها وهات ياتريقه مع زمايلك ومن المدرس بتاعك يبقى يستاهل الدبح
قالها وصدره يعلو ويهبط من قوة عصبيته واشتياظ غضبه، ف حاول جواد ترتيب افكاره وكلماته واردف
_لو عملت حاجه فمستر عبدالحميد مستقبلك هيضيع ياتامر
ترققت دمعة بعين تامر إثر تحدثه إلى جواد
_مستقبلى كدا كدا ضايع مفيش فايده
دنى جواد بخطوات حذره ناحيته وهو يردف اليه، بينما الجميع مبتعد يشاهد فقط ومنهم من يصور الحدث
_مين قال كدا يا تامر، مش انا قولتلك قبل كدا ان انا هنا عشان مساعدتك
_يعنى انا لو سيبت رقبته هما هيسيبونى فحالى، هيفصلونى وهيحبسونى وادخل الاحداث
يبقى ازاى مضاعش
صمت الجميع ف أردف تامر بصوت جهور مختلجه نبراته
_ومحدش وقتها هيعرف ان المستر وزمايلى السبب فالتنمر على فقرى وعلى شوغلانه ابويا، هبقى تريند الولد المنحرف اللى دخل السجن بعدما هدد استاذه بالقتل وبيدخل المدرسة ومعاه مطوه!
دنى جواد اكثر ف اكثر وهو يتحدث له بنبرة هادئه
_اوعدك، لو فيها رفدى لو سيبت المستر.. انا مش هخلى ولا حاجه من دى تحصل
ثق فيا ياتامر..
...
نجح جواد فى إقناع تامر بترك السلاح واستاذه، حتى قام بالامساك به اشبه بالاحتضان
وأردف بصوت عالِ هز ارجاء المدرسه كلها
_محدش يقدر يعاقب تامر، أنا وعدته والغلطه اللى حصلت انتو السبب فيها قبل م نوصل للنتيجه دى
بعد تصفيق حار من كل طلبه المدرسه وكل هذا كان يقوم احدهم بتصويره، قام جواد بتقديم طلب إلى الإداره بتحويل ملف تامر من انتظام الى منزلى.. وهكذا لايتوجب بالضرورة حضوره وحدوث اى مشكلة لاى فرد بالمدرسه بسببه.
وايضاً قام بالبحث عن عمل فى مكان بجانب المدرسه حتى حصل عليه لأجل تامر كى يعيش حياة افضل ولا يتعرض للتنمر مرة أخرى..
لم يسعهم تقديم جواد إلى التحقيق لانه بالفعل انقذ موقف بإنقاذ حياة المدرس، وإنقاذ مستقبل تامر..
وبطريقه للمنزل، كان يستقل المترو حتى اتت محطته ليهبط، وفى آخر العربة تجلس سجى تستمع إلى الفيديو
وتراه بعينان تتحدث فخراً به..
ماحدث ثبت فكرة انه لا يوجد مكان لا يلائمك تماماً ، بل توجد بعض التنازلات ؛ عِش وكأنك ترغب فى البقاء وتقبل الأمر كما هو لأنه الأفضل.
...
أطمئن معك، كأنك كل الرفاق، كل الأحبة، وكل اللحظات السعيدة والاليمه.. أنت كل الأشياء,
_بدأت افهم يا حسن، افهم ليه مدخلتش الكلية اللى كنت عاوزها
ولا اشتغلت فالمكان اللى عايزه، عشان فيه وقت هنقذ فيه روح من الموت.. هنقذ مستقبل ولد صغير لسه بيبدء حياته مالوش ذنب فالتنمر عليه
حتى رشا..
نفث حسن دخان السيجاره وأردف قائلاً
_مالها رشا؟
إنتبه جواد من حديثه فصمت ليكمل حسن
_طب فاكر احنا اتعرفنا على بعض ازاى؟ انا خبطنى الموتوسيكل اللى انت كنت راكبه ورا واحد ورايح مشوار فيوم عادى جداً، حصلت الحادثة وجيت معايا المستشفى وانت حاسس بالذنب مع انك مكنتش سايق
ضحك جواد على آخر جملة قالها حسن ف اكمل حسن مُبتسماً
_وبقينا أصحاب، ربنا كان عاوز الحادثه تحصل عشان انت تبقى كل اصحابي وكل حاجه ليا عشان أنا ماليش حد
شعر جواد بالامتنان له فربت على يده وأردف حسن
_لو صحوبيتنا ووجودك فداها رجلى مش مهم، ماهو احنا لازم نخسر حجات عشان نكسب حجات اكتر وأحسن
تخيل أن يكون شخص واحد فقط فى هذا العالم هو قبولك الوَحيد رغم انك شخص يَرفضه الكُل ..بكامل رغبتك لم تعد تريد أن تعني لأحد شيئاً تريد فقط سلاماً داخلياً وان يظل هذا الشخص، احياناً قبول المعسرات يكون باباً مفتوح على الميسرات دون أن ندرى...
_ياريتنى بسلامك النفسى دا يا حسن
قالها جواد بهدوء ف اردف حسن
_انت اللى تاعب نفسك ياجواد، عالم موازى وبحث فالماضى وبحث فالمستقبل والحاضر ليه وبيحصل عشان إيه ومش عارف مين بيعمل ايه، سيب بكرة على ربنا واللى فات مات واقفل عليه
واللى احنا فيه إرضى بيه،ريح دماغك ياجواد بقا
_عاوز اشبع منك أوى ياحسن مش عارف ليه
_ليه هموت
قالها ضاحكاً واردف بنبرة ساخره
_كلنا هنموت يا جواد، وكلنا لازم نعرف قيمه بعض طول م احنا سوا مش لازم
نبقى عارفين اننا هنموت قريب فنعرف قيمه اللى قدامنا
شرد جواد قليلاً ومن ثم قال
_بس أنا عاوز اعرف، ليه إسماعيل ظهرلى فالوقت دا
وليه عامل كدا وليه دماغه شبه دماغى كدا كأنه عارفنى من زمان
تعجب حسن وأردف له
_إسماعيل مين؟
...
_جواااااد الحق، النار يا جوااااد الناااار
هرولة والدة جواد هنا وهناك وفزع نيللى، نهض جواد من فراشه إثر نومته
محاولا الخروج دون أن ن تمسه ألسنة اللهب، النار تحيطهم بكل مكان ب أرجاء
الشقة يحاول جواد إطفاء النيران وتحتمى خلفه نييللى باكية وتحاول والدته معه.
مر الوقت والنيران تزداد حتى غلبتهم ورقدا نيللى ووالدتها جثه هامدة!
حانت لحظة الفراق دون اختيار! حانت لحظة الألم التى هى أقوى من الاحتمال، ولكن ماذا ستفعل ياجواد؟
هاهو آخر نبش الماضى وعدم الرضا بالقدر ومعرفة القادم والتدخل فى عِلم الغيب.
لو بإمكاننا إعادة دورة الزمان وترتيب الأحداث ومحو جراح الأيام وترك الابتسامة لتكون آخر رسمة على وجوه الأحباب، كنا فعلناها دون الذهاب إلى المستقبل.. رسخ فكرة ان كل مايحدث لك الآن هو افضل أحوالك وسترضى.
قام جواد بدفع رأسه بالحائط بقوة وهو يصرخ حتى استيقظ عائداً من رحلته المستقبليه بالورق الأزرق كالعادة وهو يتمتم
_لاء.. لاء،ااااا أمى ونيللى لاااااااء
"كلنا قبل نتلاقى حالنا حال الضعوف
كلنا كنا ترانا تايهين في ليلنا"
الأخيره
_عم شوف خيالات، والله خيالات، بشوفك كل دقيقة ثلات أربع مرات
كل ما بسمع صوت، وع الباب دقات.. بفكر إنت ومنو إنت كلها تهيؤات،،
"إضربْ بِيدك عَلى ذَاكَ العقل ِ حِينَ يَشت ، وَقُل : إتَقِّ اللَّه فِإنك مَيّت!"
قاعدة جواد الذهبية رقم 10:..
' إبتسم ف أنت لا تملك كُل مشكلات الكون'
_رُد عليا يا جواد.. اللى حصلك دا حصلك إزاى يابنى؟!
نظر جواد ناحية والدته التى يبدو عليه التعجب كيف لها تظل هى وشقيقته على قيد الحياة حتى الآن؟
اعتدل فى جلسته بفراشه بالمشفى وحاول ان يسترجع ما الذى حدث له ليكون نتيجته أنه هنا الآن ولايشكو من شئ عضوى بجسده..
*قبل الحادث*
صندوق مملوء بصور فوتوغرافيه باللون الأبيض والأسود، جلست تشاهده فاطمه والده جواد فجلست بجانبها نيللى تتصفح الصور معها وتتدلل بالحديث كعادتها.
_إيه يه كل الناس اللى فالصور دى ياماما، شكلهم غريب أوى
قالتها ضاحكه فلكزتها والدتها فى أحد جنبات جسدها وقالت
_دول اهلى فالبلد، ودا جدك إسماعيل بابايا.. انتِ مش هتفتكريه
لكن جواد هيفتكره،. خصوصاً ان جواد وارث منه حته التفكير الزياده ومواضيع الفيزيا والكيميا
إبتسمت نيللى وتناولت إحدى الصور كان فيها الجد إسماعيل يضع جواد على أحد ساقيه وجواد ينظر له ضاحكاً، اخذتها نيللى وهرولت ناحية غرفه جواد لتجده يكتب فى كُتيب صغير ف وضعت الصورة أمامه وقالت
_بُص، دا جدو إسماعيل بابا ماما الله يرحمه.. ماما بتقول أنا مش هفتكره لكن أنت عارفه
شكلك كان يضحك وأنت صغير
نظر جواد إلى الصورة ليجده إسماعيل، ماذا؟!
أنه إسماعيل_صديقه الملّوح_صاحب اوراق السوليفان.. هل هو ام يتشابه به؟
بلى أنه هو.. أهو جدى؟!
أى انه شخص معلوم بالنسبة لى وليس مجهول،. ترك جواد ما كان يصنع وذهب مهرولاً إلى والدته
يسألها عنه ف أجابته ب الإجابات الصاعقه.
انه جدّه بالفعل، ويفضل مواضيع الفيزياء والكيمياء وتطبيقها مثله!
رأسه تدور، هل أتت روح جده له على أنها حقيقه لتساعده فيما يريد معرفته؟
وماذا عن حسن! فهو الذى جلب له اوراق السوليفان والكُتيب الصغير..
ترجل خارجاً مُمسك بهاتفه وقام بالإتصال ب حسن صديقه ليجد الهاتف مغلقاً، مرة بعد الأخرى حتى ارتدى ملابسه وذهب إلى مكان سكنه ويطرق الباب فتفتح الباب والدته
_ايوة يابنى
_حسن فين يا حجه؟هو مش حضرتك جارته! بكلمه موبايله مقفول
نظرت السيده فى وجهه مطولاً، ماذا يقول هذا المعتوه حتى أردفت بصوت متهدج
_حسن مات يابنى،، مش انت برضو اللى كنت راكب الموتوسيكل ورا الراجل اللى خبطه؟
إتسعت حدقه عيناه، ترك السيدة وجلس بعيداً يلتقط أنفاسه، كيف هذا
إسماعيل من تكوين خيالاته، وحسن ميت بالفعل؟!
وماذا عن الاوراق والماضى والحاضر والمستقبل.. هل حدث أم خيال ايضاً
ليأتى له اتصال اثناء جلوسه هكذا بمفرده يكاد أن يجن، كان الاتصال الهاتفى من تامر
الطالب لديه الذى انقذ مستقبله، يتصل به ليشكره على مافعله معه فى ظل ايجاد له عمل وعدم ضياع مستقبله!
إذا ً هناك اشياء حدثت بالفعل، ماهذا قد اوشك رأسه على الجنون، مرّ الليل عليه وكأنه فى كابوس لايستطيع التيقظ منه ححتى ذهب باليوم التالى إلى عمله بالمدرسة ككل يوم، ولكنه كان ذاهباً يستكشف ما الحقيقة وما هو السراب ب أمره إذاً.
حتى له كانت المفاجأة الثالثة، سجى زميلته ليست بالصورة التى تبدو عليها بخياله طوال الوقت
فهى سيدة اكبر منه بالعمر ببضعه أعوام، متزوجه ولديها أولاد.. ليست هيئتها تماماً ولا طريقه تحدثها ولا طريقه ملابسها!
تباً ماهذا الهراء، أكان جواد متواجد بمكان غير مكانه؟
ماذا عساه أن يُصدق؟ وماذا عن الذى علمه عن ماضى والديه وماضى حسن؟
جلس ينتفس بهدوء ويفكر..حتى تذكر الأمور بروية.
حينما صَدمت الدراجه البخارية حسن وكان يستقلها جواد والسائق، كان أمر إصابته بالغ الخطورة
فأخذاه إلى المشفى وبعد وقوع الكشف عليه ومكوثه بالمشفى، أحب جواد أن يعلم من هم ذويه وأهله كى يعوضهم مالياً ليقوموا له بمصروفات المشفى والعلاج، وهنا علم حقيقة ب أنه طفل كان فى دار أيتام ولا يعلم من هم اهله أو من هم ذويه، وقد قصت السيده جارته هذه القصة حينما ذهبت له المشفى تطمئن لحاله لتأتى الصدمه، بعد يومان مكوثه بالمشفى. حسن توفى!
كان شارداً بمحطه المترو، حتى أتت سجى وجلست بجانبه وكادت تنظر له بعمق حتى انتبه، فخاف ب أن يكون من احلامه هذه ايضاً أو صُنع خيالاته.
فقامت بمناداته..
_جواد.. إزيك؟!
نظر لها فقامت بلمس كف يده فتعجب هو ليقول
_إنتِ سجى!
_كويس إنك فاكرنى
_هو إحنا نعرف بعض منين اصلآ واتكلمنا قبل كدا؟ أنا دماغى هتموتنىى
إبتسمت سجى بخفوت وبدأت تقص القصه عليه.. فعليها ان تخبره ب أنه لم يكن لقاءاً لائقًا بِما عاشته بمفردها تحاول مشاركته كل هذا الوقت..
_أول حاجه خالص شوفت إسم اكونتك فكومنت من كومنتات كتير على بوست عاجبنى، خدت بالى من الاسم
والصورة، شكلك مش غريب عليا كأنى شوفتك قبل كدا واعرفك واتكلمنا
أنا بفهم ف أمور التخاطر والتحدث عن بعد بالروح وكدا،. عملت كذا مرة تخاطر معاك.. كنت حاسه ان فيك شبه منى، فيه حاجه معلقانى بيك غريبه معرفهاش،ايه هى معرفش بس فضولى ممشينى..
وبعد ماعرفت كمان حقيقه غريبه جداً، إن والدك كان جوز مامتى لحد م اتوفى!
إتسعت عينا جواد وهو يسمعها ف أكملت هى
_أيوة دى الحقيقه، أنا ابقى بنت منى بنت عم باباك ومراته التانيه.. ومن هنا عرفت ليه اتشديت لك وحبيت اعرفك، وبعد كتير من التخاطر سوا
بعتلك مسج حكيتلك فيه كل تفاصيل الحكاية بتاعت باباك ومامتى وأنت شوفتها ومردتش عليا حتى..
أنا مستسلمتش، لأن كان قدرى وقدرك أكبر مننا... كان فيه ترتيب يومى بشوفك فيه وانت راجع من شغلك
وانا كمان ببقى راجعه، فالمترو!
كنت بفضل بصّالك طول الطريق بس مكنتش بتبقى شايفنى، مع ان متأكده ان التخاطر معاك كان بينجح فكل مرة..
ابتلع جواد ريقه ببطء بعدما بلل شفتيه وأردف
_ايوة نجح، بدليل أنى كنت بتعامل مع زميلة ليا فشغلى على أنها انتِ
_طيب دلوقت هتعمل إيه؟!
_انا دلوقت مش فاهم حاجه
تركها ليستقل القطار فصعدت خلفه، مُتجهاً نحو منزله.. هل ماحدث كان حقيقة؟
أى شيء فيما يحدث حقيقه إذاً وأيهم من صنعه هو؟!
هل تدرى شيئاً؟
إنك تعبت من السير فى طريق ما، وعاجز تماماً عن الوقوف وبالوقت ذاته خائف!
هذا هو إحساس جواد ناحية الحياة ب أكملها أياً أن كان المكان الذى يتواجد به ك أمر واقع (عمل_صداقه_علاقة حب) لايوجد شئ يًعطيه شعور الراحه والاطمئنان والاستقرار كما هو يريده.
لذلك طيلة الوقت يشعر وكأنما هو بمكانه الخطأ، كل هذه الاماكن ليست له! هو مُجبر تماماً على خوض حرب الرضا مع ذاته طوال الوقت للدرجه التى استوعبها عقله ب إنها ليست حرب من الأساس.
ليتحقق من الأمر بنفسه، امسك ب ورق السوليفان والكُتيب الصغير، أنه حقاً خط يده هو
خط يد جواد! وماذا عن غرفه إسماعيل السرية؟
ذهب إلى هناك يفتح بمفتاح كان معه بالفعل، دلف يتحسس الأشياء بدقه، أنها اشياؤه انها مُعداته خاصته
حتى دلف صاحب العقار خلفه وأردف إليه
_كويس انى قابلتك يا أستاذ جواد، فيه إيجار شهرين متأخرين علي حضرتك
شعر جواد بدوار شديد، كل شيء يدور بذهنه تتوالى الأحداث خلف بعضها
كل هذا بيومان فقط، نظر ناحية علبه أقراص من اختراعه وعليها مدّون
بخط يده 'طريقة الذهاب لعالم متوازى لعالمك'
جثى على رُكبتيه غير مُتفهم حتى سقط مغشى عليه أرضاً.
...
أراقب حياتى وقت نومي ويحييني الدوبامين الزائد من حلم تواجدى في الأرجاء وليس أنا ، وأظن أن قدري لائمني على الوحدة فصرت واحد وحيد بخيال العديد من الاشخاص حولى في ليلة حزينة ممطرة.
_شوفت رشا عملت إيه؟
كانت هذه أول أيام جواد خارج المشفى بعدما تعافى تماماً، كان يستمع إلى نيللى شقيقته
حينما كانت تخبرهم بشئ ما رآته على_الفيسبوك_ كان مفاجأة لها ولكنه كان معلوم لدى جواد وهذا ما جعله
يُصدق بورق السوليفان وبما وصل إليه من علم حديث..
_قتلت جوزها، الحمدلله يا جواد انك متجوزتهاش كان زمانك مكانه
قامت الأم بفعل مصمصه شفتيها مع قولها
_لا حول ولا قوة الا بالله، ربنا مبيجيبش حاجه وحشه يابنى ابداً
بنحسبها شر وهى خير لينا بس بنعرف بعدين
اومأ جواد برأسه ايجاباً على ماقالت والدته، ف تابعت فاطمه حديثها بسؤالها له
_هى سجى الى بتجيلك دى فعلآ بنت منى؟!
اتسعت حدقه عين نيللى قائله بدعابة طفله
_حقيقي آخر حاجه اصدقها، بنت ضرة ماما تقابلك وتحبك من مجرد اكونت
وتوصلك
_هى جاتلك المستشفى ازاى وعرفت منين وانت بتقول مفيش بينكم تواصل
قالتها فاطمه ف اردفت نيللى
_بتقول من البوست بتاعى اللى نشرته على صفحه جواد
إنتبها بأن جواد صامتاً يتابع حديثهم فقط ف اردفت نيللى إليه
_مالك يا جو؟
نظر جواد ناحيتهم ونهض ف وجد هاتفه يرن برقم غير معروف ليمسك به
_الو
_جواد.. انا سجى، عامل إيه دلوقت
_تتجوزينى ياسجى!
صمتت فكان الصمت جواباً، أما عنه فمازال يريد معرفة المزيد
عن العوالم الاخرى والماضي والمستقبل، بخطوات متباطئه ذهب نحو غرفته السرية
ليمسك بعلبه الاقراص ويأخذ نفس عميق ليبتلع قرصاً منه..
_اهلاً بك ياجواد..
_أنت مين؟!
_أنا هو أنت ولكن بعالمٍ موازى
_إنت بتتكلم منين، انت مش بتفتح بوقك.. وليه شكلك متغير عنى كدا
نظر إليه جواد الآخر مطبق الفم وصوت حديثه مسموع قائلاً
_أنا اتحدث إليك عبر إشارات العقل،. هل تريد خوض رحلة جديدة بعالم موازى؟
ابتسم جواد وقال مُرحباً
_طبعاً،!
*تمت*
الوجه الآخر من العالم (على ورق سوليفان)
2021
نور إسماعيل
*الخاتمة*
مهما فضلنا نفتّش ونجرب هيفضل أعظم وأجمل أحساس في العالم أن يكون الإنسان مطّمن، مطمّن مش أكتر.. ميهاجموش شعور بالخوف، وميفضلش عايش في شكوك، وميخوضش معارك مع عقلة كل ليلة، مطمّن وبس.. والطمأنينه بتيجى لمّا بنسيبها لله وبنرضى بالواقع واللى مكتوب لنا لأنه الأفضل مهما فكرنا شئنا أم أبينا فحكم الله نافذ!
[شُكر خاص وواجب]
معرفش القائمه اللى هذكرها دلوقت دى هتفضل معايا لإمتى بس بتمنى تفضل معايا لآخر العمر
ويدمنا صُحبة دنيا وجنة وتفضلوا ضلوع حياتى الثابته التى لاغنى عنها..
(يسرا العالول، اسماء فرج، أنغام سمير، هبة هويدى، ملك الزناتى، روان الخشاب، ميرفت حداد)