'الوَجه الآخر مِن العالم ????'
(على ورق سوليفان)
إهداء..
إلى اللطيف الذى كان،
سأحلق إليك بجناحين من الأمل، ثم سأقابلك، سأتمسك بك جيداً، سأهتم بك ك اهتمام طفل بلعبته الجديدة، سأعيشك لحظة بلحظة.
ثم سنفترق مرة أخرى وتلقائياً، كى يتجدد اللقاء بيننا ويحلو.. كما هو لقاء العيد.
المُقدمة..
قد يصرف الله عنك شيئًا تحبه فتأسف عليه وينفطّر قلبك أسى على فواته، وفي علم الله السابق وعلمه المحيط أن وقوعه لك ووصولك إليه وحصولك عليه يضرّك، فحماكِ منه لا بخلًا ولا عجزًا وإنما رحمة، رأفة، عناية، رعاية ،لُطفًا، عطفاً، كفاية و وقاية.
يعنى لو إتكلمنا باللغه الدارجه، هنقول أن الواقع اللى إنت عايشه دا وحاسس إنه فُرض عليك، وإن كان فيه إمكانية إنك تعيش واقع تانى راسمه خيالك لنفسك أفضل مما أنت عليه الآن!
أحب بكل شجاعة اقولك إنك غلط، وإن المكتوب عليك هو الأصلح ليك مهما كان مُتعب أو مؤلم أو مِش مُتصالح معاك وهتعرف دا مع الوقت وحكمة ربنا منه.. فلو علمتم الغيب لأخترتم الواقع!
...
قد بُنيت قلاعٌ من الغبار أمام ناظري، فحُجبت عني الحقيقة لفترة من الزمن، إلّا أن خيطًا من النور تسلل فجذب بعيني نحو ساحة من الورد الأحمر...
"چواد"
____
أتخذ السماء موطنًا لى دائماً، كانوا أصدقائى أيضًا القمر، النجوم، والسُحب .. كان القمر بمثابة مصدر الضوء لعتمة كل ليلة من ليلات، كانت النجوم تُعلّم القمر كيف يَلمع وحده وكنت مستمعه جيدًه لهما، أما عن السُحب فقد كُنت أَتيه في داخلها، كانت تبدو دائمًا وكأنها تحتضننى بمجرد النظرِ إليها!
"سچى"
____
ستعلم بعد حين يا صغيري انك كنت سجين افكارهم وارائهم وستندهش اكثر حين تعلم انك كنت تري باعينهم هم لا باعينك انت وحين ينجلي ذاك الغشاء الرقيق الفاصل بينك وبينهم ستدرك كم كانوا مخطئين ضيقي الافق وذوي عقول كالهلام.
"إسماعيل"
_____
-كان حلم دا و لا كان خيال لا ارتاحت و لا بيرتاحلي بال-
كطفل صغير يظن ان البحر حامله الى عوالم ارحب فإذ بقاربه يخذله ما كان يدرك ان البحر في مكامنه الغضب وان قاربه اضعف مما يخيل اليه بكثير.
وسط أسلاك الأجهزه الخاصه الموصلة بجسده الممدد على فراش غرفة العناية الفائقه بالمشفى، كان كل جهاز يصدر الصوت الذى يُعلم الآخرين ب أنه مازال على قيد الحياة ولكن عقله يرفض الوعى، مستسلماً تماماً لما هو عليه الآن ولايريد تغييره.
دلف الطبيب وقرأ آخر تقرير مدون ل آخر فحص له ووضع ملاحظاته ومن ثم خرج، ل تقف سيدة متقدمة بالعمر ولكن ليس بكثير وبجانبها فتاة فى مقتبل العشرينات..
_هيبقى أحسن يا دكتور؟!
أومأ الطبيب برأسه إيجاباً واردف لها
_هو حالته الجسدية بقت أحسن، لكن مفيش استجابة من عنده هو انه يفوق من الغيبوبة
تركها الطبيب وانصرف فنظرت السيدة إليه، إبنها الأكبر _جواد_ عبر زجاج النافذة وهو ممدد هكذا لاحول له ولاقوة وتتمتم داخلها
_ايه يابنى بس وصلك لكدا؟
*قبل الحادث بوقت طويل*
_جوااااااااد يا جواااااااد رد عليااااااا
ولجت نيللى إلى غرفه شقيقها بخطوات سريعه تُشبه الوثب وبصوتها العالِ حتى جعلته ينتفض من مكانه إثر جلوسه منفرداً بغرفته يفكر، ف أردف إليها مذعوراً
_إيييييه يا مجنونة، ايه ايه عاوزة إيه
_انا دلوقتشى محتارة
_دلوقتشى مش دلوقتى بتتقال
ضحكت نيللى وقالت مُبتسمه بعدما جلست أمامه
_إسمع بس، دلوقتى بمجموعى دا اكتب إيه فالتنسيق اكتب ايييييه انا خايفااااه
أمسك جواد فمها بيده واغلقه بشده حتى جعلها تضحك بهيستريه وهو يتحدث
_وليه بتعلى صوتك مانا سامعك هو انا اطرش
ترك فمها فنظرت نيللى إلى الأرض وأردفت مُتحيرة
_ماهو أصل كل الحجات اللى قصادى وحشه جداً، يامعهد خدمة اجتماعية يامعهد تعليم صناعى
كلها معاهد معاهد ميجيش على المذاكرة اللى انا مذكرتهاش، يا أخى ايه دا فيش ضمير
نظر جواد إليها ممتعضاً يلتوى بشفتيه وأردف
_فيش.. بتتقال فيش مش مفيش مثلاً زى الناس، وبعدين يعنى انتِ مُعترفه إنك مذاكرتيش وكمان عاوزة كُلية كويسه يا شيخه تباً ل أحلام الطلبه الحقيرة
ضحكت نيللى وهو يداعبها فى وجهها بيده وقالت له
_ايوة طيب اقدم على إيه ياجواد انا محتارة
_قدمى على معهد تدوير نفايات يا نيللى
تعجبت نيللى ورفعت أحد حاجبيها، وقالت بعد أن نظرت إليه فاغره فاهها
_معهد تدوير نفايات؟ فيه حاجه إسمها كدا فمصر
_ايوة فيه، لما بيكونوا اللى مقدمين مجموعهم زبالة زى حضرتك
قالها بصوت عالٍ مضحك ونهض من مكانه يفتح خزانته يبحث عن شيئاً يرتديه مناسب ولايعير شقيقته إهتماماً، ف أردفت نيللى له وهى تقف خلفه
_إنت نازل؟!
_آه
_رايح فين
استدار جواد لها وهو يرفع أحد حاجبيه مردفاً
_يابنتى نفسي تفهمى، أنتِ أختى مش مراتى، وحلّى واسرحى بعيد بقا دلوقت عشان أشوف حاجه حلوة انزل بيها
حدقت شقيقته النظر به مطولاً واضعه سبابتها على فمها وأردفت
_مممم قولتيلى نازل وعاوز حاجه مناسبه، أنا شايفه ان البليزر الأبيض وتحته القميص الكحلى والبنطلون الچينز الكحلى هيبقى قمر عشان الفرح، وللا أنت إيه رأيك؟!
وضع جواد ملابسه على فراشه واستعد ب أن يقوم ب كيّها وهو يردف لها دون النظر إليها
_أنت ِ مستحيل تكونى بنت عادية عندها ٨١ سنة مستحيل، انتِ رئيسه رابطه المطلقات الارشانات بمركز شباب حقير فى روض الفرج!
_ممم قول قول انك رايح فرح رشا مش كدا، جدع خليك راجل عشان توريا انها مش مهمه وانها مش فارقه وانك تقدر nO evom
هنا دفع جواد شقيقته خارج غرفته وأكمل فى كيّ ملابسه والاستعداد للذهاب.
...
حفل زفاف صاخب، الشباب والفتيات يتراقصن ومنهم من يصفق ومنهم من يمسك
بهاتفه يقوم بتصوير الأجواء والاصدقاء، مجموعة فتيات تقف حول العروس يتراقصن جميعهن وكأنهن يصمّون الحركات العشوائية التى يقوموا بها، ولج جواد من بينهن ومد يده للمصافحه إلى العروس، أما عنها
ف وقفت مشدوهه هل بالفعل أتى إلى هنا ليحضر حفل زفافها إلى غيره.
صافحته وأردف لها جواد بعدة كلمات مقتضبه
_مبروك وربنا يسعدك يارشا
أجابته هى ب إبتسامه مجاملة وظلّت معلقه نظرها عليه حتى اختفى تماماً واستدعتها احدى صديقتها للرقص مرة أخرى والدخول داخل دائرتهم.
....
ظل جواد ّ هائم على وجهه يسير بالشوارع والطرقات، يتسكع هنا وهناك مجرد ساقيه يقوداه إلى حيث لا يعلم، وعقله يدور بما يحدث وحدث وكان وسيكون، رشا حبيبة قلبه طوال فترة الجامعه ومابعدها
بُنيت الآمال الكثيرة،مخططات للمستقبل معا.. حديث الغرام الذى يدغدغ المشاعر
الوعود الكثيرة بعدم الهجران، ينامان يحلمان بحلمهما المشترك سوياً. غفوتهما على صوتهما عبر الهاتف.
افكاره وحنينه كانا يقوداه إلى حيث وصل عند شاطئ النيل فجلس، هو يعتاد الجلوس فى هذا المكان والشرود مطولاً.
وعلى الناحية الاخرى كان يرى أحدهم يلّوح له بيده، ف أسماه جواد بينه وبين نفسه "الرجل الملّوح" لأنه دائما يجده بالمكان ذاته ويلوح له بنفس الطريقه.
ظل جواد جالساً مكانه حتى رأى الرجل العجوز قد همّ بالانصراف من مكانه، مضى الوقت قليلاً حتى وجده جلس بجانبه وأردف
_بقالنا كتير بنشاور لبعض، قولت انهاردة آجى اتعرف عليك
إبتسم جواد ومدّ يده بالمصافحه له قائلاً
_جواد عبدالحى
مدّ الرجل يده قائلاً
_أسماعيل.. فيه ايه ياجواد انهاردة لما شاورتلى مكانتش مشاورتك المتعود عليها
ضحك جواد كثيراً وأردف له
_قلبك دليلك ياعم إسماعيل، يعنى من بعيد حسيت ان مشاورتى مش هى بتاعت كل مرة
_ايوة طبعاً، احنا اصحاب بقالنا اد ايه بالمشاورة لازم أحس
ضحك جواد كثيراً لكلمات هذا الرجل المضحكه، ف أردف له
_ايوة فعلاً انا متضايق، هو أه زى كل يوم بس إنهاردة بزيادة، اكتر بنت حبيتها واتفقت معاها على مشوار عمرنا وحياتنا.. إتجوزت انهاردة
مط العجوز شفته السفلى يسمعه،ف أكمل جواد له يسترسل كلماته
_مفيش أى حاجه بتحصل ليّا كُنت عاوزها أو حاببها، درست دراسه مش عاوزها
اشتغلت شُغلة سخيفه مع ناس اسخف، البنت اللى حبيتها اتجوزت
حتى الصحاب.. مفيش واحد جنبي، كلهم مشغولين كلهم مسحولين
قولى كدا انا عايش ليه؟ ايه فحياتى حلو؟
إنت عارف ياعم إسماعيل، وأنا فثانوى كُنت بذاكر مذاكرة لدرجه كُنت باكل الكُتب وفيه واحد صاحبي كان بيذاكر نص مذاكرتى، هو دخل الكلية اللى كنت هموت عليها
وانا دخلت كلية آخر ما كانت فحسبانى.. اتخرجت قدمت فشغل كتير كويس قولت يمكن القى نفسي فالشغل
متقبلتش ف ولا مكان من اللى كنت حابب اتعين فيهم، واتقبلت فمكان اسخف مايكون
والشغل فيه مش ظريف وحاجه تقرف.
والحاجه الوحيدة اللى كانت بتهوّن عليا، وجود رشا.. عمرى ماتخيلت أنها ممكن تسيبنى إنها تبيعنى فيوم
لكن اتخلت، اتخلت زى كل حلم حلمت بيه وسابنى.
ووصلت هنا قاعد عالنيل،. بشاور لراجل معرفوش بقالى دهر من الزمن وإنهاردة بحكيله حكايتى! شايف عجايب القدر ياعم الحج
إبتسم إسماعيل له مع هزة لرأسه إنه يتفهم الأمر جيداً ف أجابه بكلمات بسيطه بصوته الرخيم
_فيه غيبيات كتيرة يابنى مبنعرفش ايه سببها إلا بعدين، مبنعرفش حصلت لنا ليه وإيه قيمتها فحياتنا طالما لخبطت لنا كل حاجه مرتبين لها
بس الاجابة بتجيلنا بعد فترة لو صبرنا وبنعرف أن كل اللى بيحصل دا الأحسن وان اللى اختارناه مكانش الأفضل لينا أبداً.
إبتسم ثغر جواد ونظر إلى إسماعيل مردفاً
_هو إحنا اتقابلنا ليه ياعم الحج، وايشمعنا انت اللى احكيلك حكايتى
حك الرجل بذقنه البيضاء بإصبعه قليلاً وأردف بثقه ناظراً لسواد النيل أمامه
_يمكن دلوقت لا أنا ولا أنت نعرف ليه، بس بعدين أكيد هنعرف
سمعه جواد ونظر لأسفل وهو يحك بحذائه فى الارض وعمّ الصمت بينهما وبالمكان كله سوى صوت السيارات والآلات التنبيه بها.
...
سُلِبَت طاقتي، أصبحت غير قادر على المواجهة أكثر، ربما ما مررت به مسبقًا يكفي، خارت قواي، وانتهى بي عقلي إلى الصمت المطبق واعتزال البشر؛ فقد طال أذاهم، واستنفذت كل طاقتي حتى أصبحت أشبه بعجوز ستيني سقطت جميع أسنانه، ويخشى فتح فاه حتى للتبسم.
مطبقان ذراعيه على مكتبه بالمدرسة التى يعمل بها، كان جواد معكوف الرأس فوق ذراعيه لاتدرى نائماً ام يصتنع النوم والهروب!
_أستاذ جواد، يا أستاذ جواد
رفع جواد بصره ليجدها زميلته بالعمل الاستاذة 'بدور' سيدة فى منتصف الثلاثون، ترتدى نظارة سميكه زجاجها وتضع غطاء لشعرها يُشبه القبعه يغطى شعرها بالكاد.
_ايوة يا ميس بدور نعم
_مش جعان؟! دا وقت الفطار وانت مبعتش العامل يجيبلك أكل قولت بقا مبدهاش يدوق المحشى بتاعى
ضحكت ضحكة طويلة اثناء الحديث لا داعى لها وأكملت
_ كانوا الزملا والمدير طلبوا منى حلة محشى مشكل يفطروا بيها، والكل أخد وانت لاء اتفضل
وضعت صحن به عده اصابع من ملفوف _الكرنب_ والباذنجان والكوسه المحشوة بالارز_أكلة مصرية شهيرة_ إبتسم جواد شاكراً إياها
_تسلمى يا ميس بدور، بس والله ماليش نفس
إبتسمت بدور إبتسامه واسعه وأردفت
_إهييي لا والف لاء لازم تدوق وتقول رأيك، ابو الولاد والزملا هنا بيحبوه منى ودايماً يطلبوه
_والله ياميس بدور فكرتينى بواحده كانت ماما عاوزانى اخطبها، لما اتعزمنا عندهم عالغدا كانت عاملة محشى ورق عنب.. الورق لوحده والعنب لوحده
قهقهت بدور عالياً ومن ثم قالت
_يبقى تدوق بقا المحشى اللى على أصله، إحنا عارفين انك مش مختلط بحد مننا وبتيجى ساكت وتمشى ساكت
بس العيش والملح بين الزملا حلو، وبيخلى علاقة الاخوية تدوم ياسيادة الاخصائى الإجتماعى
قالت كلماتها وتركته أمام الصحن، نظر إلى الصحن مالياً وتناول أحد الاصابع الملفوفه وهو مُبتسم ويتمتم
_وناكل محشى حتى لو مش فحسباننا، انا لاعارف بعمل ايه هنا ولا ايه لزمتى اصلا.. بس هاكل محشى ومالو ميضرش
...
"ماما هو ليه مش بتحبي تتكلمى عن بابا كتير ولما أسألك عنه بتقفلى الموضوع"
قالتها نيللى متوجهه بكلماتها إلى والدتها بيننما كانت هى تهم بتوضيب الخزانه الخاصه بغرفه نومها وترتيب الملابس داخلها.
كان يسمعهما من الخارج جواد إثر دخوله غرفته وسمع إجابة والدتها
_عشان بابا إتوفى خلاص، هقول ايه عنه؟!
كانت إجابتها غير مُقنعه ل إبنتها، وربما ل جواد ايضاً هز رأسه ودلف الى غرفته
وبداخله يتحدث كالعادة
_بحس ب أنانيه من أمى لما متتكلمش عن بابا ولا حتى تذكر ليها مواقف حلوة أو سيئه، عاوزة تمحي
من جوانا.. ولا قاصده تمحيه من جواها هىّ؟!
"كلنا قبل نتلاقى حالنا حال الضعوف
كلنا كنا ترانا تايهين في ليلنا
في دخولك في حياتي إنت سويت معروف
خلينا نحيا حياة تليق في شخصيننا"
الحلقه الثانيه
"خلينا واقفين ويا بعض كمان شويه وسبيني مع نفسي النهارده اتخيلك
ده انا كل وقت بتيجي وبتتقابلي بيا بحتاج يا دوب سنتين تلاته اتأملك"
يزورني طيفك فأشتاقك لحد الوله و الجنون للحد الذي يجعل أذني لا تطرب لحديث سوا حديثك للحد الذي يجعلني انتظر خلف النوافذ مترقبا متلهفا مشتاقا
اتمنى انغلاق المسافات و لقياك اتمنى ان اسكن بين ضلوعك بعيد عن همهمات البشر حتى تختلط مع ضلوعي و عندما اسمع نبضات القلب لا أعلم أهي دقات قلبي أم قلبك
رفقا بي يا وجعي و لاعزاء للغياب...
يديها الرقيقتان تتحسس كفه وهو راقد هكذا وتترقب صمته ونومه بلاقوة، اما هو ف شعر بوجودها وملامستها لاول مره حاول ان يتمسك بأصابعها وبتشبث بهم وهو فى عالم آخر من الغيب غير عالمها..
رآها تقف امامه بجمالها كالمعتاد وفستاتها القصير وجهها كالقمر الذى تعشقه تحدق به بمقلتيها العميقتين، حاول ان يلامسها ابتعدت.. ابتعدت خطوات حتى غابت!
_لو سمحتِ يا آنسة ممكن تتفضلى هو محتاج يرتاح شوية
قالتها إحدى فتيات طاقم التمريض فنهضت'سچى' من جانب فراش جواد ورحلت..
*قبل الحادث*
مجموعه من الكتب، كان يضعهم جواد ب صندوق من الكارتون وأخذ يرتب رفوف خزانته العلويه وينفض عنها الغبار حتى وجد صورة فوتوغرافية قديمه العهد ل والده!
هبط من أعلى المقعد ممسك بها يحدق مطولاً، وترجل نحو غرفه والدته اثناء مشاهدتها للتلفاز وبجانبها شقيقته يشاهدان فيلما للراحل_إسماعيل يس_ ويتضاحكان
_ماما، أنا لاقيت الصورة دى لبابا وسط حجاتى والكتب اللى كانت مركونة
لم تعيره الأم اهتمام وتحدثت وهى على نظرتها للتلفاز
_ماشى ياجواد هعمل ايه خليها معاك
جلس جواد بجانبها بالفراش وأردف ومازالت الصورة بيده
_استغربت لما لاقيت له صورة هنا، تقريباً أنت ِشيلتى كل الصور هنا ومفيش ولا صورة له مع حد او متشاله فحته
تركت والدته ريموت التلفاز ونظرت له بحده وأردفت
_باباكم كل واجبه ناحيتى دلوقت ادعيله بالرحمه، وبالنسبة لكم فهو هيفضل باباكم لحد م تموتوا
تنهد جواد كعادتها، كلماتها لاتريحه ابداً ولكنه يؤثر الصمت..
دلف إلى غرفته فتبعته نيللى وهو تتحدث له
_لاقيت صورة بابا فين ي جواد
_هنا
أعطاها إياها وعاد لما كان يفعل قبل أن يذهب إلى والدته فراقبته وأكملت تساؤلاتها التى ليس لها حدود
حب إستطلاعها وفضولها يقودها دائماً
_هو عن ايه كل الكتب دى ي جواد،. غير بتوع دراستك طبعاً بس كل أما اجى اسألك أنسى
كانت تناوله رواية _أسطورة أرض أخرى_يضعهم معهم ف أردف لها
_دى كتب وروايات اتكلمت عن الأكوان المتوازيه
_يعنى إيه الأكوان المتوازية
قالتها فاغره فاهها وتنظر له كالبلهاء فهبط من على مقعده وقام بلطم وجنتها بعفوية مضحكه
_حمارة زيك لازم تسأل يعنى ايه اكوان متوازيه
تبسمت نيللى وأردفت له ضاحكه
_ياعم إخلص انت هتتنطط عليّا، يعنى عملت إيه بدراستك وكتبك ما انت متلقح فمدرسة إعدادى بنين
إخصائى إجتماعى لشوية عيال بتشد كولا وبتسرق فلوس اهاليها وتروح تلعب بلايستيشن
امتعض جواد بشفتيه على ماقالته شقيقته للتو وأردف لها بنبرة ساخره
_خلصتِ ردح! الاكوان المتوازية دا موضوع الناس كلها بتتكلم عنه من أيام الرسول صلى الله عليه وسلم دى حتى مذكورة فالقرآن، ربنا سبحانه وتعالى قال فكتابه العزيز
" اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا"
يعنى فيه كون تانى غير الكون بتاعنا دا، وفيه ناس وحياة بس لسه العلماء موصلتش له،فيه اشباههنا بس عايشين عيشه غير بتاعتنا دى بشكل تانى واسماء تانيه.. فاهمه حاجه؟
على هيئتها نيللى فاغره فاهها لاتفقه شيئاً ف أكمل هو
_طبعاً معزة ولا فاهمه حاجه، اللى عاوز اقوله لك انى بحب البحث فالموضوع دا بالذات وانى اطلع برة روحى وعيشتى دى لعيشه تانيه فالخيال وياترى الشخص اللى شبههى دى فالكون التانى بيعمل ايه
واسمه ايه وياترى ايه حياتى لو كنت فعالم تانى غير العالم بتاعى
نهضت نيللى من مكانها واردفت
_انا قريت عن اعلان لعيادة صحة نفسية يا جواد عالفيس بوك، هشوفلك ميعاد قريب عشان اخويا بيضيع منى
_طب امشى اطلعى برة
دفعها خارجاً وأكمل ما كان يفعله، وحينما إنتهى تسكع إلى مكانه المحبب أمام النيل حتى وجد "الملّوح" صديقه الاستاذ إسماعيل ف جلس بجانبه
_زهقان؟!
نظر إليه جواد وأومأ برأسه ايجاباً، ف أمسك اسماعيل بيده وأنهضه من مكانه
_تعالا معايا
أخذه اسماعيل دون أن يتفوه بالرفض أو الايجاب، سارا طريق ليس ببعيد حتى وصلا إلى غرفه تقبع خلف درج قديم بمبنى سكنى قديم متهالك.. أخرج إسماعيل مفتاحاً من جيبه وفتح الباب
دلف منه ودعا جواد للدخول.
ولج جواد ينظر فى أرجاء المكان، مكان غريب يشبه بمكان لتحضير الجان أو الاختراعات العبقرية المخبولة
وقف مكانه مشدوهاً ينظر هنا وهناك حتى قاطع نظراته صوت إسماعيل
_مالك؟
_ايه المكان دا
إبتسم إسماعيل، وأردف له
_دا المكان السرى بتاعى، محدش يعرف عنه شئ أنت وبس دلوقت اللى تعرفه غيرى
انا فيوم من الايام كنت مدرس أول فيزياء، وبعدها بقيت موجه للماده
مكنتش بشتغل عشان شوغلانه والسلام زى م أنت عامل فحياتك، انا كنت حابب اللى انا فيه وعاوزه
كنت بقرا هنا وهنا، اى ورقه تقع قدامى اقراها وافصصها واحللها.. وبسبب الفيزياء ونظرياتها
عملت حجات كتيره متصدقهاش، أنت أو غيرك
تبسم جزء من ثغر جواد بتعجب وأردف
_إختراعات يعنى؟!
يظل المرء مهابا حتى يتحدث، فإذا تحدث إما أن تعلو هيبته وإما أن تسقط!
أمسك إسماعيل بشيء من اشياءه وأردف إلى جواد
_سميها زى م تحب، المهم ان المكان دا اكتر مكان بحبه وبرتاح فيه فحياتى
وبسببه انعزلت عن العالم، واللى حواليا بقوا حاسين انى مناخوليا بسببه
قالها ضاحكاً ف إبتسم جواد وترجل خطوات متباطئه يوزع نظراته بين اشياء هذا الغريب، ولكن ما الذى سيخسره جواد اذا صدقه، هو بحاجه إلى رجل كهذا بحياته
يجعله يترك عالمه لعالم آخر، ومن يعلم!
_قولى يا جواد، إيه أحلى هديه جاتلك فعيد ميلادك؟
سؤال إسماعيل قطع شرود جواد إثرتجوله بين الأشياء العجيبة هذه، ف أردف إليه
_مش حاجه معينه، انا عندى معارف كتير لكن صحاب مفيش ممكن يكون قجراً ليا صديق اسمه حسن ظروفه غير شوية ويمكن دا سبب معرفتنا ببعض، كان كل عيد ميلاد ليا يجيب لى تى شيرت مثلا علم الاهلى عشان انا بشجع الاهلى تذكرة لحفلة لهشام الجخ عشان بحب الشعر بتاعه
رشا البنت اللى كنت بحبها كانت تهاجينى هدايا البنات الرقيقه دى، مج وعليه صورتنا سوا
قلوب ودباديب مع ان غُلبت اقولها دى مش هدايا شباب، نيللى اختى فعيد ميلادى بتاخد منى فلوس
كأنه عقاب أنى اتولدت اليوم دا عشان تقلبنى
قالها ضاحكاً ف أردف له إسماعيل
_طب لو قولتلك ايه الأمنيه اللى نفسك تتحقق لو اتمنتها تحصلك عيد ميلادك دا
شرد جواد مطولاً،السؤال اتاه على حين غره والمتعارف لدى البشر أن حينما تواجهه بسؤال ماذا تريد او ماهى امنيتك يتعطل المخ تماماً عن التفكير او عن إسعافك فى هذه اللحظه.
فهناك برأسه احلام بمذاق الغروب، مابين الاصفر والرمادى يكون هو هناك
بالمنتصف بقايا امله يكاد يكون معدوم، لخط فى منتصف عمره المهدور.
رفع رأسه الى إسماعيل وأردف
_عاوز اشوف بابا واسأله عمل ايه فوالدتى تخليه بعد كل العشق الل عشقته له تمحيه من جواها ب استيكه كدا بعد وفاته، عاوز اسأل رشا ليه مستنتش نكون سوا وعاوز أعرف هل وجودها جمبي كان هيبقى افضل ولا اللى هى فيه دلوقت أفضل
عاوز أسال زميلى اللى دخل الكليه اللى كنت عاوزها واشتغل الشوغلانه اللى كنت بحبها هل مبسوط وإيه احساسه فيها، هل هيكون زى م كنت هحس كما لو كنت مكانه!
نفسي ابطل تفكير فاللى جاى هيكون إيه واللى فات حصل ليه؟ مش ليا بس لكل اللى حواليا ايه الحكمه فكدا وليه..
هز إسماعيل رأسه متفهماً وربت على أحد كتفى جواد ونظر أمامه إلى اشياءه.
...
مر من الوقت الكثير، كان كافياً لتوطيد العلاقه مابين جواد وإسماعيل حتى أنه تعرف على حسن صديق جواد الأوحد.
حتى أتى يوماً ذهب جواد الى النيل هو وحسن كالمعتاد لم يجد إسماعيل، انتظره كثيراً مرت أيام وليال ولايوجد هناك أثر له.
إسماعيل ليس ممن يحملون الهواتف الخلوية، فالبحث عنه كان شاق حتى بمكانه السرى كان مغلقاً إلا أن علموا أنه توفى!
قاموا بتأديه واجب العزاء به، وفى طريقهم جلسوا قليلاً على النيل مكانهم الأساسى.
_هو مكانه السرى دا كان بيعمل فيه إيه ي جواد
سأل حسن بينما كان جواد شارداً ويتمتم بصوت مسموع نسبياً
_أنا كنت ناقص حيرة عشان تظهر فحياتى وتختفى من غير م أعرف ايه سبب أنى اقابلك وتدخل حياتى وتعرفنى على سرك
_ياجواد بسألك
إنتبه جواد، ف أردف له وهو ينظر أمامه فى الفضاء
_مش عارف ي حسن،. اصله سر الراجل اللى مات دا ومش هينفع اقوله لك
بس يعنى فالمجمل مكان كان بيلاقى فيه نفسه واللى بيحبه
تجاحظت عينا حسن ذهولاً وأردف
_إيه دا كان بيجيب حريم وخمرا فيه؟ مش عيب راجل كبير يعمل كدا
نظر جواد ناحيته متعجباً لما حكم به وتفوه به من هراء فوضع يده فوق فم حسن وتحدث هو
_هنزل على وشك ب100قلم اعلمك الأدب، أنا برضو قولت كدا
أنا بتكلم أن الراجل كان بيعمل حاجه مريحاه حتى لو قالو عليه مناخوليا
ضرب حسن كفاً ب كف وأردف
_لا حول ولا قوة الا بالله يبقى كان بيجيب قطط فسن تمنتشرات كدا عشرينات يعلمهم الرقص ويصور فيديوهات
_قوم يالا من جنبي!
نهضا الإثنين من مكانهما، عاد جواد إلى منزله ومن ثم إلى معتاد يومه الروتينى الممل
ويوم يتبعه يوم خلفه يوم، حتى كان هناك يوم على غير معتاده نسبياً..
خطوات لحذاء حريمى تدلف إلى مكتب المدرسين بالمدرسة، جلست إلى أقرب مقعد وهى تنفث حانقه
نظر إليها جواد وأردف
_صباح النور..
نظرت إليه الفتاه متعجبه ف أكمل هو
_على أساس إنك قولِتٍ صباح الخير وكدا، الاستاذة تعيين جديد معانا؟
إلتوت شفتى الفتاه ونظرت الناحية الأخرى وهى تهز ساقها علامه توترها، ف تمتم جواد إلى نفسه
_هى الأيام هتبقى فوحلقى أنا عارف
....
وبعد شهور، على موقع التواصل الاجتماعي _الفيس بوك_ كان يسطر جواد منشوراً يكتب فيه
_اليوم اتممت عامى الثلاثون، لا أعلم ماذا سيكون ب انتظارى وما الذى سيلحق بي
لكن الذى اعمله جيداً هو أننى سألتزم الصمت حتى تفعل بي الأيام ماتفعله ككل مرة!
طرق الباب عدة طرقات، همت نيللى بفتح الباب لتجده حسن صديق شقيقها تدعوه للدخول وتغلق الباب
يخرج جواد لملاقاته مردفاً
_إيه يابنى كل دا وقايلى من بدرى جاى؟
_ ملاقتش مواصلات، وجيت مشى وأنت عارف رجلى لو هاجى فمشوار ياخد عشر دقايق هوصلك بعد نص ساعه
ولج إلى غرفه جواد واعطاه كيس بلاستيك مبتسماً
_كل سنه وانت طيب يا اسطا
فتح جواد الكيس ليجد بنطال ذا اللون الاسود، إبتسم وقام بعناق حسن سريعاً ف جواد لايحبذ العناق بين الرجال.
_عجبك؟! إنت من فترة قولت قدامى ان ناقصك بنطلون اسود فهدومك
نظر جواد ناحيته وأردف مداعباً إياه
_عارف يا حسن أنت لو مراتى مش حتهتم بيا الأهتمام دا
قالها واصتنع الشهقات فضحك حسن وأردف
_المفروض ابوسك فبوئك بعد الجملة دى طيب؟
صفعه جواد بخفه على أحد كتفيه،. ف أخرج حسن علبه صغيرة من سرواله ووجهها نحو جواد وهو يتحدث إليه
_اه صحيح ليك هديه كمان معايا
عقد جواد حاجبيه وذراعيه وأردف
_متقولش رشا؟
_ياعم رشا مين، رشا دى ست متجوزة دلوقت.. الهديه دى معايا من شهور
ادهالى صاحبها لأنه كان حاسس انه مش هيقدر يوصلهالك
والحمدلله تمت مهمتى بنجاح.. اتفضل
تناول جواد العلبه واعطاه حسن ايضاً_كتيب صغير_معه شارحاً له
_قالى حتفهم كل حاجه لما تقرا البتاع دا
قرأ جواد خارج العلبه مكتوب من إسماعيل إلى جواد، فتح العلبه ليرى عدة ورقات من ورق السوليفان!
"لا تهجى في كفوفي مو مهم راي الكفوف
دربنا واحد ولو ما يلتقي خطيننا
ومو على كيف الزمان ولا على كيف الظروف
لعن أبو حي الظروف اللي بتوقف بيننا"
الحلقه الثالثه
"شوف اللي وصلنا ليه شوف لو بينا حاجة تشفعلنا نكمل
في مين يعيش راضي وهو خسارة مش مبسوط
في مين يموت عادي ومين يرضى يعيش مكبوت"
'خرجت من كل الأشياء وأنا انتزعهامنى أو تنتزعني، أنفضها عنى أو أنتفض منها.. لم أحظ يوماً بفراق كامل!'
_عم إسماعيل... إنت قدامى دلوقت؟ فهمنى أنا مش فاهم حاجه!
ينظر إسماعيل إلى جواد ويبتسم فيحاول جواد النهوض ولكنه يشعر بالتكبيل بالرغم من عدم وجود أى شيء يقيده، يحاول ويحاول إلا أن فتح عيناه فجأة..
_ماما!! جواد فتح عيونه
هرولت والدته نحو فراشه، بالفعل فتح عيناه ثم أغمضهم ثانيه ببطء، زفرت والدته بعمق وأسى وعادت إلى مجلسها ومازالت شقيقته نيللى بجانبه تترقبه قابعاً خلف كل هذه الأجهزة على أمل شفاؤه..
*قبل الحادث*
جلس جواد إلى فراشه ممسكاً_الكُتيب الصغير_الذى أعطاه إياه حسن صديقه مبعوث من أسماعيل قبل رحيله
فتح أولى صفحاته وبدأ يقرأ وهو فى خلوة بغرفته منفرداً كى لايزعجه أحداً..
_جواد، دى هديتى ليك فعيد ميلادك.. على فكرة انا مسبتكش أنا هفضل معاك
بس تابع كل الخطوات بحرص عشان يوصل اللى عاوز اوصلهولك
وابقى كدا حاولت اوصلك لأمنياتك، على أد م قدرت
زفر جواد وترك الكتيب وتحدث إلى ذاته متعجباً
_اوصل لإمنياتى!! هو اللى بنعمله فالناس هيطلع علينا ولا إيه
بقى أنا لما كنت بجمع الصدف من على البحر فالمصيف وأنا صغير وارجع هنا ابيعه لزمايلى فالمدرسة
على إنه بيحقق الأمنيات، هيجينى حد بعد30سنه يقولى هوصلك لأمنياتك!
نهض من مكانه يترجل بغرفته واضعاً يديه معقودتان خلف ظهره يفكر، ومازال فى حيرة ف أردف إلى نفسه مرة أخرى
_وفيها إيه لما أجرب،، بس فعلاً بالعقل كدا شوية ورق سوليفان هيحققولى أمنياتى!
هو الراجل دا معرفتى بيه هتجننى ولا إيه؟ ولاتجرب يا جواد مش هتخسر حاجه
جلس مرة أخرى وأمسك الكتيب وشرع فى تكملة قراءته، فهو يؤمن أن هديه كهذة ستقوم بنشله من أمر ما
ولكن ماهو الأمر يا تُرى؟!
ففى بعض الاوقات الدعم النفسي في الوقت الصعب والمناسب لا يُنسى، لا يُنسى أبدًا.
_حدد هدفك يا جواد، شوف نفسك عاوز إيه... ماضى ولا مستقبل
فكر وركز، وفكر فالشخصيات والحجات اللى عاوز تعرفها وتلقى ليها إجابات على اسئلتك
ركز وخليك لوحدك واستخدم ورق السوليفان الاحمر لو عاوز تعرف اللى فات
لكن لو عاوز تفهم اللى جاى، استخدم ورق السوليفان الأزرق وحاول تنام قبلها فتره كافيه
بالمناسبة... مش سحر ولاتعاويذ بس يمكن يكون دى أكتر حاجه ناجحه اشتغلت عليها
سنين عمرى كلها
عقدت حاجبى جواد، ترك الكتيب ببطء وهو يفكر، ماالهراء هذا؟!
اختراع ل خرق الزمن والسفر عبر الوقت بمجرد وريقات!
هل جن هذا الرجل؟!
نهض جواد وترك العلبه والكتيب ونفض عن رأسه كل هذا الهراء وشرع فى مُضى يومه
كروتينه المُعتاد.
...
_ياربي على القرف والغلب اللى انا فيه دا!
ولجت _سجى_من الباب وجلست الى مقعدها وهى تتمتم باللعنات والسخطات على كل شئ حولها
لاحظها جواد، ليس من معتاده البدء ابداً لكنه نهض من مكانه وذهب إليها
_استاذة سجى، شكل حضرتك متضايقه من المكان ومش عارفه ايه اللى جايبك هنا مش كده
زيي بالظبط تقدرى تقولى متفقين
قالها متبسماً فهبت هى فازعه بوجهه وبمنتهى العصبيه تحدثت
_بقول لحضرتك إيه، انا العفاريت بترقص سامبا ف وشى ف لو سمحت مش وقت معاكسه وجو تعطيف وتلطيف
أحتقن وجه جواد ورفع شفته العلوية معترضاً وأردف لها
_استاذه إحنا مش فكافيه أنا والنجوم وهواك عشان أكون بعاكسك، أنا بس لاول مرة الاقى حد معايا فالمدرسة دى مش حابب وجوده ومش مرتاح لا أكتر ولا أقل
خبطت كف يدها على المنضده أمامها منزعجه قائله
_طبيعى مرتاحش فمكان زى دا، مدرسة اعدادى بنين.. بدرس دراسات إجتماعيه
لعيال شنبهم خاطط تحت مناخيرهم زى لسعه الكرباج ومش فاهمين حاجه إلا فقلة الأدب
والبجاحه والمعاكسه ويقلدوا محمد رمضان فى الاسطورة!
حاول جواد أن يكتم ضحكاته كى لاتنزعج منه أكثر فقال لها
_يبقى أنا صح انتِ مش حابه المكان ولا أنا وجينا غلط ف يبقى طبيعى نلاقى لغة حوار بيننا
نهضت سجى تحمل حقيبتها فى كتفها وتشرع فالانصراف وهى تردف له بنبرة حاده
_لا لغة حوار ولا لغة عربية، عن إذنك..
تركته وانصرفت، وهو على نظرته لها فارغاً فاهه ويتمتم بصوت هادئ
_دا فيه قطط والده فدماغها، لا ربنا يشفى هو انا ناقص!
...
مضى اليوم، تسكع هنا وهناك كعادته ويدور ب رأسه هديه إسماعيل الغريبة، يبدو إقتناعه الداخلى قليلاً
بالأمر خاصه بعدما افتقده فى مكانه كعهده.
عاد للمنزل، أخرج العلبه مرة ثانيه وتذكر كلمات إسماعيل المدونه
الورق الأحمر لما سبق والورق الازرق للمستقبل، ولابد من نومه قبلها نوم عميق!
ماهذه الشروط؟ شروط لرجل مختل.. ومن الواضح أنه سيصبح خليفته فى الاختلال العقلى.
على كل حال هناك أمور لاتقبل الجدل، منها أنه لاتوجد راحه بهذه الدنيا ولكن هناك مايستحق التعب بالفعل!
فكر جواد مالياً هناك أمور كثيرة مختلطه بذهنه ولايعلم من أين يبدء هذه اللعبه العجيبه، وبعد دقائق قرر العوده.. فسلط تركيزه على والده،علاقه والده، ما الذى لايعرفه
فكر كثيرا ومن ثم أمسك ب إحدى الورقات الحمراء، قام بفركها مثلما اوضح إسماعيل وفى ثوان مُلئ المكان بالدخان الكثيف جدا.. حتى أنه لم يكن لديه الاستطاعة للتنفس
حاول أن ينفض الدخان من أمامه حتى رأى ان الاماكن تبدلت حقاً ليست غرفته ولا مكانه،. ليس توقيت الساعه كما كان!
القى بنظره بعيداً وجد رجل مُسن قادم نحوه ف ارتبك جواد فتخطاه المُسن ليجلس بمقعد فى زاوية، دقق جواد النظر ليجده جده.. والد والده كما رآه بالصور القديمه
اتسعت إبتسامته، هرول ناحيته ل يصافحه ف وجده يقوم بالمناداة على والده
_أحمد... يا أحمد تعالا هنا بسرعه
نظر جواد خلفه ف وجد والده قادم، اصغر سناً عن الصور، وجهه مشرق وحالته صحياً أفضل
جلس أمام جده، من الواضح أن لا أحد يرى جواد بالمكان!
وقف يستمع ولايصدق مايرى
_قولى يابنى، مش عاوز تخطب فاطمه بنت عمك ليه؟
تأفف أحمد ونظر لأسفل قائلاً
_ياحج، أنا مبحبهاش وأنت عارف، انا عاوز اخطب منى
نهض الجد منزعجاً قائلاً
_منى! منى تربيه البندر واللبس المكشوف وزى أمها بالظبط
_بس أبوها اخوك، وبنت عمى زى فاطمه برضو
أنفرجت اسارير الجد وهو يردف
_لاء طبعاً، أنت عاوز تساوى فاطمه ب منى.. فاطمه البنت المطيعه الطيبه
اللى الشمس مش بتشوف وشها، هتساويها ب منى
إنزعج أحمد وتذمر قائلاً
_أنا بحب دى وقلبي اختار دى يا بابا
_وأنا قولت لاء يعنى لاء، فاهم وهتتجوز فاطمه يا أما والله
لا إنت إبنى ولا أعرفك
تنهد أحمد بضيق ووقف أمام والده يعتريه الضيق، وتحدث متحدياً
_يبقى أنا مش هقعد فالبلد يوم يا بابا بعد النهاردة .. عن إذنك
...
هل تعلم أن القلق والخوف أسوء شعور من الممكن أن يسكن قلب إنسان!
طرقات باب غرفه جواد،فتبخر كل شيء ليعود كما كان... ولجت نيللى تتحدث إليه
ولكنه هو لم يكن كما هو، يشعر بثقل رهيب ب رأسه ودوار شديد
ويعانى من إحمرار بعيناه، تتحدث شقيقته وهو لايعطي إهتمام لحديثها
خطى خطوات بطيئه نحو العلبه وفتحها ونظر لها متعجباً، فصرخت نيللى بأعلى صوت لديها ل ينتبه
ف أردف فى وجهها بعصبيه
_إيه ايه ايييه
_شغاله اناديك واقولك الفيلم اللى بتحبه شغال تعالا شوفه معايا الفيلم اللى بتحبه جه
زفر جواد بنفاذ صبر وأردف لها كى يعرف ماذا تريد وتهم بالانصراف
_فيلم ايه يا حيزبون فالثامنه عشر من عمرك!
_الفيلم الاجنبي دا اللى اسمه يجعل يومى قبل يومك بس بالانجليزى
تعجب جواد وبدا على قسمات وجهه علامات تثير الضحك لمن ينظر إليه وأردف
_فيه فيلم اجنبي فالدنيا اسمه يجعل يومى قبل يومك؟!
وضعت يداها بمنتصف خصرها وقالت له معترضه
_أيوة بتاع البنت اللى بتحب الشراب المخطط وبتشتغل عند الراجل المشلول اللى هيموت فالاخر
تذكر جواد الفيلم وهتف عائداً برأسه للخلف مع صياح صوته
_اااااه، me before you
انتِ ترجمتيه يجعل يومى قبل يومك ياتعليم نص كُم!!
تمايلت نيللى تسخر من حديثه وأردفت له
_أومال يعنى معناه إيه
أومأ جواد برأسه لها كى ينتهى من حديثها التافه ويتفرغ لما أكتشفه للتو
_آه هو فعلاً معناه يجعل يومى قبل يومك ب ترجمة خالتى أم أنيس عبيد، يلا أمشى وايدك لو خبطت عالباب تانى حكهربك
إنصرفت نيللى متذمرة ف أغلق الباب خلفها وعاد يفكر فيما حدث وبداخله رغبه وشغف حديثى العهد بسبب مما جرى ولايصدقه عقل!
"مو على كيف الزمان ولا على كيف الظروف
لعن أبو حي الظروف اللي بتوقف بيننا"
الحلقه الرابعه
_غمضت عيني وجيت أنام شفتك هنا، فرحان لوحدك في المنام وأنا مش معاك،،
هل تعرفت يوماً على شعور سئ كالحنين؟!
عجباً! البعض يلقى هذا الشعور لديهم بالاستحسان، ولكننى أراه شعوراً قاسياً لأنه بكل بساطه بإمكانه أن يجبرك على أن تجرب مرة أخرى ب أن تعود لمن مضوا واغلقوا بابهم فى وجهك ولابأس!
وعلى النقيض تماماً، عن وجهة نظرى ارى أن الوقت القاسي الذى مررت به بمفردك يحثك على أن الخطوة القادمه لابد وان تكون من الطرف الآخر.
البعض يقنع ذاته ب أن لاضرر من أنك تكون مُبادر الخطوة فى هذا، لكن ليس دائماً.. من الضرورى ب أن ما كُنت تشعر به بمفردك كان يشعر به الآخر وما تجده فى قلبك من وخزات لسيل الحنين فهو يفوقه بقلبه ايضاً وأنه من المهم ان ينتهى كل ذلك وان تصبح هنا.. حقيقه لاسراب!
خطواتها المتباطئه الحائرة كانت فى طريقها للخارج، ذيل الحصان_هذه هى تصفيفه شعرها المعهوده.. كان يتهاوى خلفها كلما تحركت، اما عن الهواء كان له العامل الاقوى فى تحريك فستانها على ساقيها.
سُمرة بشرتها.. عيناها الواسعتان اللتان يسكنهما عمق غريب، شفتيها اللتان ارتعشتا حينما نادتها والدة جواد
_حضرتك مين؟!
توقفت واستدارت لها، ف تفحصتها السيدة جيداً وعادت بطرح السؤال مرة أخرى
_مردتيش عليّا يا آنسة، حضرتك مين
إبتلعت سجى ريقها وأردفت إليها
_أنا سجى يا طنط
_انتٍ تعرفى جواد إبنى؟! أنا شوفتك خارجه من اوضته دلوقت
تلعثمت سجى، ماذا عليها ان تجيب؟ لم يخطر ببالها أن سيراها أحداً اثناء زيارتها له
رفعت سجى بصرها للسماء وطلبت العون من الله، بالوقت ذاته استدعى طبيب حالة جواد والمُشرف عليها السيدة والدته، فذهبت له ونسيت أمر الفتاه.
فتنفست الصعداء وترجلت منصرفه خارجاً عن المشفى..
*قبل الحادث*
بكفى يديه، كان جواد ممسك بورقه سوليفان حمراء واليد الأخرى ورقه زرقاء
يحدث نفسه، هل سيخوض التجربة مرة أخرى؟
عقله يدور به الكثير، يظن انه بعدما تأكد من صحه ما بعثه ذاك المخبول_إسماعيل_ ف أنه على حق ومثلما رأى الماضى عليه أن يكمله.
او سيخوض تجربة اخرى فريدة من نوعها ليعلم ما القادم أو يلمح حتى نبذه عنه صغيرة!
ليهدأ باله وفِكره الدائم، أمسك الكتيب الصغير ورأى اين توقف ليكمل قراءه تعليمات إسماعيل
حول ورق السوليفان
_اذا حاولت تستخدم ورق المستقبل، لازم تنام قبلها بوقت كافى وتركز ذهنك فى السؤال دا'إنت عاوز إيه تعرفه للمستقبل' تحدد أشخاص فى ذهنك وتبقى على درايه ليه أنت اختارت تعرف دا بالذات.
تنهد جواد، ف امسك الورق الاحمر الخاص بالماضى واغمض عيناه ليجمع تفكيره حول والده وماحدث ليفرك بين أصابعه الورقه، ينبعث الدخان الكثيييف.. يملئ اركان الغرفه بالكامل ليحجب الرؤية تماماً
يستنشق جواد عبير غريب للدخان هذا، فيغمض عيناه.
يفتحهم ببطء مع زوال الدخان تدريجياً أمامه وحوله حتى يرى جده _عبدالحى_ جالساً على مقعد ويرفع سماعة الهاتف ليصمت طويلاً ثم يتحدث
_الوو... ازيك يا أحمد، عامل إيه.. كويس دلوقت فالغربة واللى اختارته
يعنى إنت شايف ان هروبك دا حل عشان تعصى أبوك!
عالعموم إنت عملت اللى فدماغك، وأنا عملت اللى فدماغى وهنشوف كلام مين اللى هيتنفذ ويمشى فالاخر
يصمت الجد ليستمع إلى رد إبنه، بينما جواد يراقب الموقف بلا حراك فيأتى الرد من الجد
بنبرات غاضبه بعض الشئ
_خلصت كلامك، سافر واتغرب ان شاء الله تقعد١٠٠سنه، مسيرك هترجع
بس بقولك إيه، متطولش فالغيبة عشان أنا روحت لعمك وطلبت ايد فاطمه ليك ولبستها الشبكه كمان
متبقاش تتأخر عن الفرح اللى أنا هحددهولك ياعريس
اغلق الجد الهاتف، ووضع ساق فوق أخرى واخذ ينظر فى الفضاء ل يفكر، كان صوت نباح كلب يقترب من مجلس الجد، فرآه جواد ولم يتحرك اعتقاداً منه ب أنه لايراه مثلهم، ولكن اقترب الكلب نحوه ليهاجمه
فحاول جواد الهروب منه حتى استفاق مما كان فيه ليجد نفسه مازال بغرفته ممدد جذعه على فراشه!
...
_مش ملاحظ ان استاذ جواد مش بيتكلم غير مع الميس اللى جت جديد دى؟
كان حديثاً مُدار بين اثنين من زملاء المدرسه لجواد، تفوه بالاخيره أحدهم ف اجابه الآخر
_مع ان مش من عادته يتكلم مع حد ولا ستات ولا رجاله، يقعد كدا يسمع ف جسار وحماقى
يقلب فالفون بتاعه يمضى آخر النهار ويمشى
مرت زميلتهم أمامهم فضحك واحد منهم بعدما رمقها سريعاً بنظره وأردف
_دى المفروض يسموها سجن مش سجى!
قهقه الآخر محاولاً كتمان ضحكاته وأردف مشيراً لها وهى مترجله نحو _الفصل_ظهرها لهما
_ويا اخى عليها تكشيره وشويه لبس متعرفش جيباهم من الوكالة ولا من الناس اللى بتفرش عالارض
_وفوق دا كله عامله زى الدكر شكلاً وتعاملاً وعمك الحج شغال يكلمها ويحاول يجر سكه
_مُغفل
ضرب واحداً منه كفه بكف الآخر واكملا حديثهما الساخر على آخران حتى يمضى ميعاد العمل وينصرفا.
...
فى بعض الأمور الخاصه بمشكلاتنا وعلاقاتنا بالآخرين أو حتى مع أنفسنا ك ذكرى أو حدث أو شئ مازال يدور بالخاطر.. تكون هذه الأمور مختلجه بالمشاعر، ليس أنه مجرد خلافاً بين اثنين والامر يحتاج الى حكم كى يفصل الخطأ عند أى طرف!
وليس الأمر ايضاً حيرة مابين أمرين أو قرارين، بلى، أنها مشكلات من نوع آخر التى يتوه بها مزيج مميز بين العقل والقلب والمشاعر، ففى الوقت هذا عليك تجنب مشاركتها مع هؤلاء اصحاب المنطق ورسم الخطوط العريضه بالورقه والقلم.
فى هذا الوقت بالتحديد أنت بحاجه لشخص يشعر بك، يجتاحك، شخص يلعب دورك بالمشكلة ذاتها ليستشعر الآمك وحزنك وكسرك! لأنه على الاقل حينما يضع نفسه مكانك ستجد يديه بسهولة تربت على كتفك ويأمن على قلبك بين يديه ويراعى كل كلمه سيتفوه بها اثناء انهيارك..
_طبيعى ميكونليش أصحاب غيرك، او حتى بنت واحده تحبنى أو تعجب بيا زى اى شاب!
واحد أعرج، حالته الماديه بتزق نفسها بالعافيه.. شكلاً أهو يتبص فخلقته إلى حد ما
ومفيش مستقبل، لاء وزود على كل دا مفيش ماضى
كان يستمع جواد إلى حسن صديقه بكل آذان صاغيه دون أن يقاطعه، ف استرسل حسن حديثه
وكأنه يخرجه من داخل اعمق حفرة بمضغه قلبه
_تخيل يا حسن أنت الشخص الوحيد اللى بتتعامل معايا على أنى حد عادى.. مش لاقيط وتربية ملجأ
انت ال مبتتكسفش منى وانت ماشى معايا أو حتى بتعرفنى على حد، ليه ياجواد؟
تفاجئ جواد بسؤال حسن ف اجاب مداعباً إياه كعهده
_ايه الل ليه، احنا اصحاب.. اينعم مقابلتنا كانت فظروف منيله
بس انت صاحبي وماليش دعوة بماضيك ايه لأن ملكش ذنب فيه
تنهد حسن بحزن ونظر أمامه، ومن ثم قذف ب_حجر صغير_التقطه من جانبه ليلقيه بالنيل
وأردف
_بس عارف، هموت واعرف اهلى مين.. عايشين ولا ميتين
طب سابونى ليه، طب أنا غلطه ولا جيت بالحلال
هنا وضع جواد كفيه على رأس حسن مقاطعاً إياه قائلاً
_ممكن متشغلش دماغك باللى مشغلوش دماغهم بيك.. وحكاية البنات اللى محدش بيعجب بيك دى عادى
مانا قدامك أهو، عملت إيه بعد م حبيت واتنيلت
اخدت قفا محترم وقالتلى يالا بالسلامه وكانت بترقص مع عريسها يوم فرحها بمنتهى الانشكاح كأنها كانت مرتبطه بربطه بقدونس
ضحك حسن كثيرآ ومن ثم تذكر شيئاً ف أردف
_تفتكر عاملة ايه رشا فحياتها دلوقت
صمت جواد ورفرف ب أهدابه عدة مرات ثم تناول _حجر _آخر وقذف به بالنيل أمامه.
...
كانت تترجل والده جواد الى غرفه نيللى لتوقظها فوجدتها يقظه وجالسه تتصفح حاسوبها المحمول
_كويس إنك صاحيه، روحى صحى أخوكِ على بال م اجهز الفطار.. انهاردة الجمعة عشان يلحق الصلاة
بملل رتيب هبطت نيللى من على فراشها، تخطو بتكاسل نحو غرفه شقيقها وفتحت الباب لتوقظه
_جواد جواد جوااااااااد جواااااااد
فُزع جواد وقام بصفعها على وجنتها فتأوهت منها ليردف هو بعدما قام بفرك عيناه
_إنتِ يابت إنتِ فمرة هتجيبلى ذبحه بطريقه صحيانك دى، عاوزة ايه
أمتعض وجه نيلى وقامت بدفعه فى أحد كتفيه بقبضه يدها مع قولها
_قوم عشان تفطر وتلحق الصلاة، وعارف لو ضربتنى كدا تانى هعضك
تركته ورحلت فهم جواد بالاستيقاظ والنهوض، ولكن عيناه وقعت على علبه ورق السوليفان!
فلعب الشيطان ب رأسه، وتذكر كلمات إسماعيل
لابد وأن ينام وقتاً كافياً قبل استخدام ورق المستقبل الورق الازرق، نهض ليمسك بالعلبه ويفتحها ويخرج ورقه زرقاء ويقوم بفركها ليقع مُغشى عليه فالحال!
يرى رجلاً مُلقى على الأرض والدماء تغطيه، قتيلاً مفتوح العينان ومن الواضح هناك عدة طعنات بجسده.
يشعر جواد بالهلع عندما يراه ويبتعد للخلف خطوات مغطياً فمه بيده حتى يرتطم بشئ صلب يعيده مرة اخرى لواقعه ليجد نفسه مُلقى على الارض ورأسه مرتطمه بخشب سريره وهذا ما جعله يفيق.
أنتبه لواقعه وهو يسأل نفسه سؤالاً واحداً.. أين رأى هذا الشخص القتيل؟ ولمِ قُتل؟
هو يتذكر ب أنه رآه ولكن هول ما رأى عطل ذاكرته مؤقتاً،فياترى سيعيد تجىبة المستقبل ثانية ليكمل أركان
الحقيقه أم هول المفاجأة ستجعله يعيد حساباته بأن القادم اكبر كثيرآ من توقعه!
"كلنا كنا ترانا تايهين في ليلنا
في دخولك في حياتي إنت سويت معروف"