مُثخنٌ جرحي، عقدٌ ونيف،
ما عادَ بالأماكنِ حياةً
يجر الليلُ خطواتَه الثقيلةَ،
وتلتهم قدماي الطريقَ..
وحيدٌ، بلا أحدٍ،
تكبّلت أحلامي
أحطِّمُ أسوارَ الظلامِ؛
لتشرِقُ الشُرفاتُ صبحًا آخَرَ..!
خلفَ الجدارِ؛
يحتضِنُ الفراغُ أُناسًا،
وتقضِمُ الحَسراتُ آخَرينَ،
تحملُ ملامحُهم حقائبَ
الدهشةِ حينًا،
والانتظارَ أحيانًا أخرىٰ...!
يطفو في ذاكِرَتي،
وَجهُ الحياةِ المنبَلِجِ،
وتُطفِؤه الرُفاتُ..!
يرتِقُ الصَمتُ ثوبَه الأخيرَ،
صعدَت أمّي،
ورحلَ السلامُ،
تاركًا البيوتَ أطلالًا خاويةً..
أنا يا أبي حزينٌ،
أمزِقُ رجفَتي بيدينِ باردتينِ،
خاويتينِ من الأمَلِ..!
أنا يا أبي حزينٌ،
أتخيّلُ أنّكَ ما زِلتَ هُنا،
يخبو ظِلُّكَ حولي هُنا وهناكَ..
بِساحَةِ الدارِ كانت أمّي تملأ الأرجاءَ أمانًا،
مَن غرَسَ الفزعَ بِساحَةِ الدارِ؟
كانت تُخمِّرُ العجينَ بضِحكتِها،
وتُطعِمُ الصِغارَ طُمأنينةً،
مَن سرَقَ ضَحكاتِ الصِغارِ؟
الشوارعُ فارِغةٌ إلا مِن شَبحِ المَوتِ..!
أنا وحيدٌ يا أبي،
حينًا أبوحُ للسماءِ،
وحينًا أرتَدى صَمتي..
يدي الّتي أطلَقَت الحَجارَةَ كمَدفَعٍ نحو الفوارِغِ،
لم تكُن إلا مِنديلًا يمسَحُ دموعَ يتيمٍ..!
ساقي الّتي ابتلَعَتها الحربُ،
لم تكُن إلا إكليلًا مِن زُهورٍ علىٰ لُحودٍ تفوحُ مِسكًا..!
وحيدٌ؛
أبحثُ عن فَجرٍ جديدٍ،
لأبني آمالًا، وأرتَدي فَرحًا،
ووحيدٌ،
أنتظِرُ الصعودَ،
ضَعوا علىٰ قبري غُصنَ زيتونٍ،
واكتُبوا عليه: "كانَ يُحِبُّ الحياةَ"..
وَحيدَةّ يا "غزّةَ"،
بينكِ وبينَ هذا العالمَ ألفُ غيابٍ،
وألفُ ألفِ عتابٌ،
وألالافُ الشُهداءِ،
وصَمتٌ من بعدِ صَمتٍ..!
وَحيدونَ نحنُ،
يشعِلونَ جَحيمًا بنا يا الله،
والعالَمينَ سُكوتٌ...!