هل سيأتي يوم تُحكى فيه الحقيقة كاملة؟
أم أن الزوايا المظلمة ستظل تحجبها، لنرى سوى نصف الصورة، ونشعر بأن العالم مقسوم بين من يسمع ويصمت، وبين من يصرخ بلا استجابة؟
كل خبر عن وطن يتألم، عن أطفال يهربون من صرخاتهم، عن مدن تُهدم وقلوب تُمحى، يجعلنا نشعر بالغربة عن الإنسانية،
كأن الشمس تشرق على أراضٍ بلا نور، وأن القلوب التي تنتظر العدالة تُترك في الظل.
العدل ليس مجرد نقل الوقائع،
بل فهم الألم، احتضان الحزن، مشاركة المعاناة، حتى وإن لم نستطع التدخل فعليًا.
العدل الحقيقي يبدأ حين يصبح الإنسان شاهدًا حيًا على المعاناة،
حين يُسمع صوت الروح المقهورة قبل صوت السياسة، قبل الحدود، قبل المصالح.
كل يوم نقرأ أو نسمع خبرًا، نجد أنفسنا محاصرين بين الغضب والعجز،
بين الرغبة في الصراخ وبين الحاجة للسكوت،
بين أن نحمل الوطن في قلبنا وبين أن نتحرك بلا قوة.
اليوم، يصل الألم إلينا من كل زاوية، من فلسطين، السودان، اليمن، باكستان، ومن بقاع أخرى،
حيث تُمحى قرى وأحياء بأكملها تحت وطأة الحروب والكوارث، ويفقد الناس منازلهم وأحلامهم،
وما خفي كان أعظم، صرخات وأوجاع لا تصل إلينا،
ليت الكلمات تستطيع أن تعكس حجم الفقد، وليت العالم يسمع صرخاتهم قبل أن تُدفن تحت الطين والصمت.
متى يصبح الخبر عادلاً؟
حين لا يكون مجرد كلمات على شاشة أو صفحة،
بل مرآة لكل قلب، لكل روح، لكل نفس تتألم وتنتظر رؤية العدالة ولو للحظة واحدة.
حين تصبح الأخبار جسراً يصل إلى الإنسان قبل أن تصل إلى السياسة،
حين نعي أن الألم الذي نراه هو جزء منا، وأن الصمت عن الحق هو ضياع لنا جميعًا.
ربما العدالة الحقيقية تبدأ عندما نختار أن نرى، أن نحس، أن نتحرك داخليًا،
أن نترك الظلال خلفنا ونعترف بالوجع الذي يلمس قلوبنا،
لأن الروح تعرف الحق، حتى لو لم يُكتب، حتى لو لم يُسمع،
وحتى لو تجاهل العالم صرخات من يصرخ بصمت.