توقفت عند هذا البيت من شعر المتنبي وتساءلت: ما هو الألم الذي كان يشعر به المتنبي عندما قال:
"كفى بك داءً أن ترى الموت شافيًا، وحسبُ المنايا أن يكنّ أمانيا"
في هذين البيتين، يطوف بنا المتنبي في آلام النفس البشرية، حيث يتسرب إلى أعماقنا شعور عميق من القسوة والحزن.
الموت في لغة المتنبي لا يعدو كونه الشفاء من وجع الحياة، وجعل الموت كأمل هو أكبر داء يمكن أن يصيب روحًا اعتادت السعي والطموح.
هنا، يصبح الألم النفسي هو المهيمن، ذلك الذي يجعل من النفس تبحث عن الراحة في النهاية القاسية.
المتنبي، ذلك الرجل الذي عرف الكبرياء والتطلّع إلى العظمة، يأخذنا إلى لحظة من الضعف الروحي،
حينما يتسلل إلى القلب اليأس وتصبح المنايا أملًا،
لا سيما عندما يشعر الإنسان بأن الحياة قد ضاقت به.
تلك اللحظات التي يشعر فيها المرء وكأن آماله وأمانيه قد أجهزت عليها،
فوجد نفسه في معركة مع ذاته، مع قلبه، مع حلم الموت الذي يراه خلاصًا.
ولكننا نعلم يقينًا أن تلك اللحظات هي لحظات ضعف،
لا تليق بروحٍ تُقدّر الحياة، مهما كانت قسوتها.
هذه الكلمات تذكرنا أن الألم وإن كان حقيقيًا، إلا أن الحياة تبقى الأمل الأسمى،
وأن لا شيء يعادل سعي النفس الحية نحو العلى، مهما تجرعنا من مرارة.