ليست المرأة كائنًا يمكن اختزاله في أدوارٍ أو صفات؛
إنها تجربة وجودٍ كاملة، تتقاطع فيها العاطفة مع الفكر، والحدس مع الحكمة.
تولد المرأة وهي تحمل في داخلها حسًّا فريدًا بالزمن،
كأنها تدرك بالفطرة أن كل لحظة قابلة للخلق من جديد إذا مُسّت بالحب، وقابلة للانطفاء إذا غاب عنها المعنى.
المرأة ليست مرآة للرجل، كما أراد العالم أن يصدّرها،
بل هي مرآة للوجود ذاته؛ في انكسارها يتجلّى عمق الحياة،
وفي صمتها تنبت الأسئلة الأولى عن جوهر الإنسان.
تُتقن الإصغاء لما وراء الكلمات،
وتُدرك بالعاطفة ما يعجز العقل عن صياغته من منطق.
تلك الحساسية الوجودية التي تسكنها ليست ضعفًا،
بل بصيرة خفية تفتح نوافذ الإدراك.
في داخل كل امرأة عقلٌ يتحدث بلغة المشاعر، وقلبٌ يفكر بمنطقٍ خاص، كأنه نُسج من الضوء لا من التراب.
ولذلك، حين تُحب، تُحب بفهمٍ لا يُفسَّر،
وحين تتألم، تُعيد ترتيب الكون من حولها بصبرٍ يشبه الخلق الأول.
المرأة ليست فقط ما تُظهره للمجتمع،
بل ما تخفيه من عوالمها الداخلية:
ذاك الحوار الصامت بين قلبها وعقلها،
بين الرغبة في الاحتواء والحاجة إلى الحرية،
بين الحنين والوعي.
هي الكائن الوحيد القادر على جمع التناقضات في انسجامٍ خفيٍّ دون أن يفقد توازنه،
لأنها لا تفصل بين الحياة والروح،
بل تراهما كجسدٍ واحدٍ يتنفس في اتجاهين.
ولعل أعظم ما في المرأة أنها تظل، رغم كل الجراح، قادرةً على أن تبتسم للعالم،
لا من ضعف، بل من معرفةٍ عميقة بأن الضعف نفسه جزءٌ من جمال الإنسان،
وأن الشفافية ليست نقيض القوة، بل صورتها الأصدق حين تُرى بالعين الداخلية.
وفي النهاية، تبقى المرأة كالنور حين يمرّ عبر الزجاج؛
لا يمكن احتواؤها في شكلٍ واحد،
لأنها تُبدّل المعنى كما يُبدّل الضوء لونه بتبدّل الزاوية.
في حضورها يتذكّر الإنسان أصل وجوده،
وفي غيابها يتعلّم كيف يُصغي لصدى الفراغ.
إنها كيمياء الروح وتجلّي الوعي،
سرّ الخلق الذي يذكّرنا أن الجمال الحقيقي ليس في الكمال،
بل في القدرة على أن نكون إنسانيين حدّ النقاء.






































