أنا ذاك السرُّ الذي ينمو في الظلِّ،
كظلِّ شجرةٍ على جدارِ الزمنِ،
يتموّجُ شكلاً، ويحفرُ في الأعماقِ جذورًا.
ليست هويّتي وطناً يُرسَمُ على الخريطة،
بل رجعُ نغمةٍ في وترِ الذاكرة،
ورائحةُ ترابٍ تعصرهُ الأيامُ عِطرًا،
وصوتُ أغانٍ في زوايا الطفولةِ غائبٌ.
أنا بين الأرضِ وبين حُجُبِ السّماءِ،
بين شوقٍ لوطنٍ لم ألمسْ حجارتَه،
وحلمٍ بحريّةٍ كالنسرِ في الآفاقِ.
بين حريرِ شمسٍ تذوبُ على وجناتي،
وبرودةِ ريحٍ تغزلُ خيوطَ الغُربةِ.
هويّةٌ كالنهرِ الجاري في أعماقِ الصمتِ،
يجري بحبرٍ من الأسئلةِ تحتَ جلدِ الزمانِ،
يبحثُ عن بحرٍ يُولدُ فيهِ مرّةً،
لكنّهُ يعودُ دومًا ظمآنًا إلى ينبوعِهِ.
أنا أنا،
مزيجٌ من صمتٍ وظلّ،
وجُرحٍ وهجرانٍ،
ذاكرةٌ تنزفُ،
وحلمٌ يبني.
كائنٌ يحملُ خريطةً لا تُرسمُ:
"من أين أتيتُ؟" يغنّيها ظلُّ الأجدادِ،
"إلى أين أمضي؟" تُجيبُ الريحُ:
"ما زلتَ تسير..."






































