في العيد كل سنة كنا بنروح نصلي في مسجد فيه شيخ كبير كل سنة يوصف قصة ذبح سيدنا اسماعيل بتفاصيلها حتى بنتي كانت صغيرة لكنها فهمت واستوعبت ليه الأمر بالذبح ومعظم مناسك الحج جزاه الله عنا خير الجزاء.
كان بيلفت نظري في القصة ٣ مواقف:
الإيمان بالله والتسليم
- الأول موقف سيدنا ابراهيم خليل الله اللي مر بمواقف وابتلاءات كتير ولما ربنا رزقه بالولد بعد سنين كتير أمره يبعته في واد غير ذي زرع أي صحراء يعني هلاكه هو وأمه ولوعة الفراق لسيدنا ابراهيم ، لكن الخليل استجاب ونفذ وهو صعب جدًا على قلبه كأب. تدبير ربنا كان إنه يعمر بيهم البيت الحرام ففجر الماء تحت قدم إسماعيل عليه السلام وبعت لهم قبائل تعيش في جوارهم وتعمر الصحراء.
الابتلاء ما انتهاش بالعكس بيجي ابتلاء أقوى إن ربنا يطلب من الخليل عليه السلام في الرؤيا إنه يذبح ابنه وهو عارف إن رؤيا الأنبياء حق. ابتلاء صعب جدًا على أي أب، فما بالك وده ابنه الوحيد، لكن إيمان الخليل ويقينه بالله كانوا أقوى من تعلقه بابنه أو بالدنيا كلها. فيستجيب الخليل وقلبه يتمزق ألمًا لكنه أمر الله ولن يخلفه.
وفي لحظة ييجي عوض ربنا ومكافأة الإيمان والتسليم لله بإنه يفدي اسماعيل عليه السلام بذبح عظيم، بكبش نازل من السماء.
مش بس كده لأ ويكون اليوم ده عيد لكل المسلمين وكلهم يقتدوا بسُنة سيدنا ابراهيم ليوم الدين ولا تصح صلاتهم إلا بذكر سيدنا ابراهيم وآله الكرام.
كما كانت المكافأة الربانية بأن جعل الأنبياء كلهم من ذرية سيدنا ابراهيم عليه وعلى سيدنا محمد أفضل الصلوات والتسليم.
حسن الظن بالله
نيجي للموقف التاني من الحكاية، السيدة هاجر كانت أميرة مصرية ووقعت في أسر الهكسوس و وفضلت في قصر الملك اللي أهداها للسيدة سارة زوجة سيدنا ابراهيم.
آمنت هاجر بسيدنا ابراهيم ففكرت سارة تجوزها له عشان تجيب له الولد اللي نفسه فيه، وفعلا ربنا يرزقهم بسيدنا اسماعيل ويبدأ أول اختبار لإيمانها فربنا يأمر سيدنا ابراهيم إنه يخرج بإبنه الغالي على قلبه واللي جه بعد سنين حرمان، وزوجته الغريبة اللي سابت بلدها وأهلها مُرغمة وجت عاشت معاه، الأمر كان إنه يسيبهم في صحراء مكة (واد غير ذي زرع).
السيدة هاجر لقيته ماشي وسايبهم ولما عرفت إن ده أمر ربنا قالت كلمة تعلم اليقين بالله للبشرية(إذًا لن يُضيعنا). لا قالت له قلبك قاسي ولا ده عمايل ضُرتي، ولا غضبت وتمردت وقالت مش هانفذ، ولا خد ابنك وأنا راجعة بلدي، بالعكس رضيت بأمر الله لأ وكمان أخدت بالأسباب وفضلت تجري بين جبلي الصفا و المروة تدور له على ماء أو تشوف أي حد قريب منهم تاخد منه أكل.
لما رضيت وبذلت جهدها يجي عوض ربنا وتتفجر عين ماء تحت رجلين سيدنا اسماعيل فتشرب وتشربه وترتوي، مش بس كده القبائل القريبة تستأذنها وتيجي تعيش بجوار الماء ويراعوها هي وابنها.
نجحت هاجر المصرية الصابرة القوية في الاختبار الإيماني الأول فيجي الاختبار التاني الأصعب وهو إن سيدنا ابراهيم كان بيزورهم كل فترة وفي مرة منهم لما سيدنا اسماعيل كبر وبقي في سن الصبا ربنا أمر سيدنا ابراهيم بذبحه فلما عرفت السيدة هاجر رضيت بقضاء الله بيقين عجيب فقلب الأم لا يتحمل فقد الإبن فما بالك بذبحه!كما أنها وافقت نبي الله ولم تتهمه برغبته في التخلص من ابنها، أو تحاول أن تجد حل بديل وكذلك لم تستجب لوسوسات الشيطان.
استجابت لأمر الله وما أصعب الاستجابة على قلب الأم ولكن هل تختار حياة ابنها أم رضا الله فاختارت رضا الله.
فجاءت المكافأة الربانية بفداء سيدنا اسماعيل وان يكون من الأنبياء وأن يجعل الله هذا يوم عيد للمسلمين وأن تُذكر هاجر المصرية في صلواتنا ليوم الدين فهي من آل سيدنا ابراهيم ويكون سعيها جزء من فريضة الحج للمسلمين.
لقد بدأت حكاية السيدة هاجر بالأسر والانكسار ثم التعامل معها كجارية، فلما آمنت تحولت إلى زوجة نبي وأم نبي ونجحت في اختبارات وابتلاءات شديدة حتى تصل إلى تلك المكانة فكانت رمز للصبر واليقين وفخر لكل المصريين.
رحمة الله وبركاته عليكم آل البيت الكرام.
الموقف الثالث وهو الأعجب لفتى في سن الصبا تركه ووالدته في الصحراء بلا عون وسند فنشأ وتربى في كنف أمه المؤمنة الصابرة التي غرست فيه الإيمان بالله والتسليم له. كان أبوه بيزوره على فترات متباعده لأنه مقيم بفلسطين، ولكنه كان يعلمه أن اليقين وحسن الظن بالله هما أساس الإيمان.
وفي زيارة للإبن رأى سيدنا ابراهيم في المنام إنه بيذبح ابنه اسماعيل ورؤيا الأنبياء حق وواجبة التنفيذ فقال لابنه على الرؤيا فكان الطبيعي إن الفتى يخاف أو يرفض أو يهرب من الأب، لكن ابن المرأة المؤمنة ذات اليقين وخليل الله كان رده إنه موافق وشجع والده على تنفيذ الأمر الرباني وإنه هيكون من الصابرين. بدأ سيدنا ابراهيم يجهز السكاكين اللي هينفذ بيها الأمر الإلهي وسيدنا اسماعيل ثابت ويقينه وإيمانه ما اتغيروش، بالعكس قال لوالده ما تخليش وشي تجاهك عشان ما تضعفش. ثبات إيماني من فتى صغير في السن عجيب في اختبار صعب جدا. فتكون المكافأة الربانية مُضاعفة ففداه رب العالمين بكبش من السماء وجعل اليوم ده عيد للمسلمين والذبح سُنة. مش بس كده وكانت المكافأة الأكبرعلى إيمانه وثباته وصبره هي إنه يشارك والده في بناء الكعبة بيت الله الحرام وأن يكون نبيًا يدعو لعبادة الله وحده.
أما المكافأة الأعظم أن يكون من ذريته خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
قصص الذبح والفداء تعلمنا أن الأنبياء أكثر الناس ابتلاءً وصبرًا وأن حياتهم كانت شاقة ولكن يقينهم وثباتهم وحسن ظنهم بالله هو ما جعلهم ينالون المكافأة الربانية في ختام الرحلة الإيمانية والدعوية الشاقة.