هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • المتحدثون عن الله ورسوله
  • قصة قصيرة/.المنتظر
  • قصتان قصيرتان جدا 
  • سأغير العالم
  • كيف تعلم أنك وقعت في الحب؟
  • التأجيل والتسويف
  • فأنا لا انسى
  • احترام التخصص
  • 2- البداية المتأخرة لرعاية الفنون والآداب
  • يعني إيه "الاحتواء"؟
  • يا عابرة..
  • رسائل خلف السحاب
  • صادقوا الرومانسيين
  • ربي عيالك ١٠
  • من بعدك، كلامي بقى شخابيط
  • إيران من الداخل بعد الحرب.. 
  • معضلة فهم الحرب على إيران
  • نصر سياسي ايراني
  • قصة قصيرة/ وصاية الظل
  • ق ق ج/ سرُّ الشجرة والقوس
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة نجلاء لطفي
  5. رد الجمیل

 

 

الیوم لابد أن أتخذ موقفا حاسما فتلك حیاتي التي لن أعیشھا سوى مرة واحدة، وتلك سعادتي التي سأتخلى عنھامن أجل لا شيء، لا لن أجعل خوفي یكبلني ویفقدني حریتي عندما أصبح زوجة لذلك القاسي المتجھم دائماالذي لا یبالي بأحد سوى بنجاحھ وزعامتھ للجمیع، حتى أنا خطیبتھ الموعودة لھ منذ الصغرلا یعرف عنيشیئا، لذا فلن أربط حیاتي بھ، حقا أنا مدینة لعمي بالكثیر فھو الذي رباني بعد وفاة والدي لكني لن أضحيبسعادتي وأتزوج من ابنھ ذلك المستبد الذي لا قلب لھ. یجب أن أتحلى بالجرأة وأواجھ عمر بأني لا أریدالزواج بھ ومھما تكن العواقب فلن أھتم فحریتي وسعادتي أھم من كل شيء، وقفت أمام باب المكتب للحظاتبین خوفي وترددي وبین رغبتي في فك ذلك الحبل الذي یطوق عنقي لأنال حریتي وأنطلق بعیدا عنھ، أخیراتمالكت نفسي وطرقت الباب فسمح لي بالدخول، ودخلت وأنا مرتبكة ، وانتابتني ارتعاشة خفیفة عندما نظر:إلي وقال

عایزة حاجة؟-

كنت عایزة أتكلم معاك خمس دقایق-

:نظر في الأوراق التي أمامھ وكأني غیر موجودة أمامھ وقال

اتفضلي أنا سامعك-

كنت..كنت عایزة أتكلم معاك بخصوص جوازنا-

:لم یرفع عینیھ عن الأوراق وقال بلا مبالاة

مالھ؟-

:استفزتني لا مبالاتھ فقلت

انت عارف طبعا إننا موعودین لبعض من صغرنا وإن عمي كان مستني تخرجي من الجامعة عشان یتمم-الجواز وأنا الحمد   اتخرجت یعني المفروض إننا نتجوز

:سكت للحظات فقال بنفاذ صبر وھو یدون ملاحظات على الورق الذي أمامھ

وطلباتك إیھ؟-

أنا مش عایزة الجوازة دي-

:رفع رأسھ ونظر إ لي بذھول كأنھ یراني لأول مرة ثم قال

أقدر أعرف لیھ؟-

لأننا أغراب عن بعض، صحیح عایشین في بیت واحد لكننا بعید عن بعض جدا ومانعرفش عن بعض حاجھ-وكمان شخصیاتنا مافیش بینھا توافق نھائي وده ھیكون سبب لفشل الجواز أو إننا نعیش في تعاسة

دي كل أسبابك؟-

عندي سبب تاني بس مش ھتقدر تفھمھ لأنك إنسان عملي جدا-

:قال ساخرا

قولیھ یمكن أفاجئك وأقدر أفھمھ-

أنا طول عمري باحلم أرتبط بإنسان یكون بیننا تفاھم ومودة واحترام وأحلام مشتركة-

قصدك حب-

مش شرط قصة حب زي الروایات لكن تفاھم واحترام دول أھم حاجة-

ودول مش موجودین بیننا؟-

طبعا أنا باحترمك جدا كأخ كبیر لكن كزوج وشریك في الحیاة المسألة مختلفة وأعتقد بیننا حاجات كتیر تبعدنا-ما تقربناش

وماقولتیش كل ده لعمك لیھ وإنت حبیبتھ ودلوعتھ اللي مابیرفضش لھا أي طلب؟ -

ماینفعش عمي یعاملني زي بنتھ وأكتر وأقولھ أنا مش عایزة ابنك، لكن لو إنت اللي رفضت ممكن یقبلھا-عادي ومایزعلش

:نظر إلي للحظات صامتا وأنا أشعر بالرعب من رد فعلھ ثم قال

أنا مش ھاجبرك على حاجة إنتي مش عایزاھا وأنا أصلا مابفكرش في الجواز،اعتبري الموضوع انتھى لك-طلبات تانیة

أومأت برأسي بالرفض وخرجت مسرعة وأنا غیر مصدقة أنني نجوت من تلك الزیجة بدون أي عقوبات،:وأخیرا تخلصت من العبء الجاثم فوق صدري، أرسلت رسالة على الواتس أب وقلت

(العملیة تمت بنجاح) وجاءني الرد :( عاش یا وحش) ورد أخر ( مایجیبھا إلا بناتھا)

أغلقت الباب وانصرفت وأنا مازلت غارقا في ذھولي فالفتاة الصغیرة التي جاءت بیتنا -بعد وفاة والدیھا–منكسرة ثم عاشت بیننا مدللة كبرت وأصبح لدیھا الجرأة لمواجھتي بل ورفضي بحجة أني لا أناسبھا ولاأتوافق مع صورة فتى أحلامھا، متى كبرت ھكذا؟ لقد كانت بالأمس تلك الصغیرة ذات الجدیلة البنیة التيعاھدت نفسي أن أحمیھا كأخت صغیرة لي وھكذا كنت أعاملھا دائما كأختي أرعاھا وأحمیھا وأوجھھا وأحیاناأوبخھا خوفا علیھا، ونادرا ما أعاقبھا على أخطاءھا لكني لم أكن أقسو علیھا - كما أفعل مع إخوتي الصبیان-مراعاة لیتمھا ورأفة بھا لأنھا فتاة ضعیفة، لكنھا یبدو أنھا كبرت وأنا غافل عنھا حتى أني لم أدرك أنھاتخرجت من الجامعة إلا عندما أخبرني والدي الأسبوع الماضي وفاتحني في ضرورة إتمام الزواج فوعدتھبتحدید موعد قریب ولم یخطر على بالي قط أنھا قد ترفض الزواج بي وأنا من تتمناني كل فتیات القریة وكلبنات العائلات الكبیرة فأنا المحامي ابن عمدة البلد وعضو المجلس المحلي والمرشح لعضویة البرلمان. كیفترفضني ھنیة وھي تعرف قدري حق المعرفة وتعرف حسبي ومركزي بل وثرائي؟ ترى ھل تحب شخصاأخر؟ ھل في حیاتھا حكایة تخفیھا عنھا؟ ولكن كیف ومتى عرفتھ؟ لو كان ھذا سبب رفضھا سیكون عقابي لھاقاسیا ، حقا لم أنتبھ لھا من قبل ولم أولیھا أي اھتمام لكني من الأن سأتابع سلوكھا حتى أعرف سبب رفضھا.لي، فلست أن من یُرفض من أیة فتاة حتى لو كانت ھنیة

صعدت لغرفتي وأنا غیر مصدقة لما حدث وأني أخیرا تجاوزت تلك العقبة وسأنطلق في عالمي وأحققأحلامي سأبدأ من الیوم رحلة البحث عن عمل وسأقنع عمي بالموافقة وسبیلي لذلك زوجة عمي تلك المرأةالطیبة التي احتضنتني في بیتھا وأسكنتني قلبھا وكانت لي أما بعد أمي فلم أر منھا سوى كل محبة وتدلیل فقدكانت مشتاقة لإنجاب فتاة ولكنھا لم تنجب سوى ثلاثة صبیان عمر وحسن وعلي فكنت أنا بمثابة ابنتھا ولأنھاكانت صدیقة أمي فكانت بیننا صلة تزید من المحبة بیننا، ھي الوحیدة التي تستطیع إقناع عمي بعملي وھي لنترفض لي طلبا، سأحدثھا في ذلك غدا. جاءتني رسائل من حسن وعلي على جروب الواتس الخاص بیننایعبران فیھا عن دھشتھما من موقف عمر وكیف أنھ تقبل الموضوع بھدوء فقال علي – الذي یصغرني بثلاثة(أعوام- (فرصتي عشان أتجوزك

(لما تكبر یا شاطر وتخلص جامعة أبقى أخطبلك واحدة أدك وماتنساش إنك أخویا)-

(أنا ابن عمك مش أخوكي والنبي اتجوزیني )-

(أخویا غصب عنك واجري العب بعید یا شاطر أنا متخرجة من الجامعة وبكرة ھاشتغل )-

فرد حسن –الذي یصغرني بعام- (صح كده یا ھنیة لازم تشتغلي كده بتفكري صح بس خلي بالك خریجین(تجارة كتیر لازم تاخدي كورسات انجلیزي وكمبیوتر عشان تلاقي شغل بسھولة

(أنا بافكر أخد كورسات تسویق والشغل على النت مجال مفتوح أكتر )-

(فعلا وأنا لیھ زمیل بیشتغل في المجال ده ھاسألھ إیھ أنسب كورسات لك وفین )-

(ربنا یخلیك یا حسن أھي دي الإخوات ولا بلاش )-

كنت أنا وحسن وعلي على مقربة من بعضنا لتقارب أعمارنا وأفكارنا فكنا معا في المدرسة وصرنا معا فيالجامعة أنا وحسن ثم لحق بنا علي، فكنا إخوة بحق لم أشعر یوما أنھما لیسا أخوي فعلا، وكنا نذھب معاللمدرسة ثم للجامعة ونعود معا ، كنا نتشارك كل شيء أفكارنا وأحلامنا وأسرارنا وحتى مصروفنا فكانتالرابطة بیننا قویة بعكس علاقتنا بعمر الذي كان یكبرني بعشر سنوات فكان بعیدا عنا تماما ومنذ صغره وھویتقمص دور ولي أمرنا الذي یأمر وینھى ویعاقب ویكافىء وعمي یشجعھ على ذلك لأنھ سیصبح كبیر العائلة.بعده ولابد أن یتحمل مسئولیتنا منذ صغره

ربما سلبھ ذلك إستمتاعھ بطفولتھ وشبابھ كغیره ممن ھم في سنھ وجعلھ یعیش في إطار الشخص الكبیر العاقلالمتزن، بینما كنا نعیش طفولتنا ومراھقتنا وشبابنا ونضحك ونمرح ونرتكب الأخطاء الصغیرة ونخفیھا عنالكبار، لذا كنت أنا وحسن وعلي نعیش في عالم بینما یعیش عمر في عالم أخر یفصلھما عن بعضھما سنواتضوئیة بسبب فارق السن الكبیر حیث ماتت أختین لھ أصغر منھ ،لذلك فإن فارق السن كبیر بینھ وبین حسنوعلي ، وكان ذلك من أھم أسباب رفضي لعمر لأنھ شخص بعید عني تماما لایعرف الضحك، قاسي فيمشاعره، مستبد في أحكامھ، ھو دائما على صواب ولا یُخطىء أبدا ولا یلتمس لأحد الأعذار، إنسان عملي جدا.لیس للمشاعر مكانا في حیاتھ

مضت بنا الأیام وعمر لم یتحدث مع عمي في موضوع الزواج بینما انشغلت بكورسات على النت لرفض عمينزولي المدینة للحصول علیھا خوفا منھ علي فوفر لي حسن كورسات بدیلة على النت حتى لا یعطلني شيءعن حلمي، كان البیت كلھ كخلیة نحل تعمل باجتھاد والھدف الوحید ھو خوض عمر لإنتخابات البرلمان فكانعمي دائما ما یقیم الولائم لكبار رجال العائلات في قریتنا وكل القرى المجاورة لكسب أصواتھم لصالح عمر.الذي إن فاز سیكون أول عضو برلمان من قریتنا

في أحد ھذه الولائم التي یجب أن یحضرھا حسن وعلي – كمجرد دیكور لإكمال الشكل الإجتماعي- كانالحوار كلھ عن السیاسة والموائمات السیاسیة والوعود الإنتخابیة فشعر علي بالملل وتسلل خلسة دون أن یشعربھ أحد وذھب لحدیقة البیت وجلس تحت شجرتھ المفضلة في ركن بعید یشرب سیجارة دون أن یراه أحد حتىلا یخبر عمر الذي عندھا سیعاقبھ وربما یضربھ لأنھ نھى أخویھ عنھا وعن الخمر وھددھم أن من یتناولھاسیعاقب عقابا شدیدا فھو لا یتھاون في المحرمات ولا المخالفات الأخلاقیة أبدا، وبینما ھو یشرب سیجارتھ

:ویضع سماعات أذنھ ویستمع لأحد الأغاني فاجأه عادل سكرتیرعمر فارتجف علي فقال عادل

ماتخافش مش ھاقول لعمر حاجھ بس بدل ما تشرب سجایر بتاعة الولاد الصغیرین خد السیجارة دي-

:وصل حسن وسمع الحوار فقال لعادل

ده بدل ما تنصحھ یبطل عشان صحتھ؟-

ماھي دي أحسن لصحتھ أخف وأنضف-

تناولھا علي ولم یھتم بكلام حسن وتركھما حسن وعاد حیث یجلس عمر وأبوه والضیوف وبعد فترة نزلت:للجزء الخلفي من الحدیقة فوجدت علي یرقص ویصفر بصوت عال غیر مبال بالضیوف فقلت لھ

علي إنت إتجننت ؟؟ عمر وعمي لو شافوك ھیقطعوك-

یاشیخة سیبك منھم وتعالي ارقصي-:لم یبدو لي طبیعیا فاتصلت بحسن وقلت

اسمعني وماتردش تعالى بسرعة من غیر ماحد یحس بیك على الجنینھ من ناحیة المطبخ-

:بالفعل جاء مسرعا وعندما رأى حال علي قال

ده أكید بسبب سیجارة الزفت عادل-

مش وقتھ اسنده معایا نطلعھ أوضتھ قبل ماحد یشوفھ وتبقى مصیبة-

بالفعل أسندناه ودخلنا المطبخ الذي كان خالیا إلا من أم الخیر التي تھتم بشئون البیت وربتنا جمیعا وعندما رأت:علي شھقت فقلت لھا

اسكتي لعمر یعرف ویضربھ زي المرة اللي فاتت وعلي حالف لو عمر ضربھ ھیطفش ومش راجع تاني-

فسكتت وصعدنا بھ لغرفتھ ولمحنا عادل لكننا لم نبال بھ ، وضعناه في السریر وذھب حسن لینادي أمھ لتبقىبجوارعلي حتى لا یصیبھ سوء ولا یفعل مالا یحمد عقباه وبقیت أنا بجواره حتى یأتي حسن ، نام علي كطفل:صغیر فخلعت حذاؤه ودثرتھ جیدا وجلست بجواره فأمسك بیدي وقال

ماتسبینیش یا ھنیة-

ماتخافش یا علي مش ھاسیبك-

:أثناء ذلك دخل عمر كإعصار وازداد ھیاجا عند رؤیتھ لذلك المشھد فقال بحدة

بتعملي إیھ ھنا؟؟-

ولا حاجھ أنا وحسن لقیناه نایم تحت الشجرة في الجنینة فطلعناه ینام في سریره وحسن خرج وأنا باغطیھ-

إزاي تسندیھ أصلا وكمان إزاي تدخلي أوضتھ؟ وإزاي تقعدي على سریره وتمسكي إیده؟ إنتي اتجننتي؟؟ -واضح إن فیھ حاجات بتحصل في البیت ده وأنا مش واخد بالي، اطلعي بره حالا

خرجت مرعوبة فقابلني حسن فحكیت لھ بسرعة ما حدث فخرج عمر فوجدني أھمس في أذن حسن حتى لا

:یسمعنا فقال

وكمان بتوشوشي حسن وتقولي لھ إیھ؟؟ یاترى إیھ الأسرار اللي بینكم؟؟-

:تسمرت في مكاني فقال حسن

كانت بتقولي أخلي بالي من علي-

قلبھا فیھ الخیر ویاترى ھي كده حنینھ معاكم على طول وأنا مش واخد بالي ولا دي حاجھ جدیدة؟؟-

:أصابنا كلامھ بالذھول فلم نستطع الرد فجاءت أمھ من خلفھ وقالت

فیھ إیھ یاعمر؟؟ بتزعق كده لیھ؟-

تعالي شوفي الھانم كانت في أوضة واحد وبتغطیھ وماسكھ إیده وواقفھ بتوشوش التاني بینھم أسرار-

وفیھا إیھ؟؟ ماھم إخوات ومتعودین على كده من بعض-

واضح إني ماكنتش عایش بینكم-

:فأجبت بحدة

وھو أنت كنت عایش بیننا ولا عمرك شوفتنا؟؟-

:نظر إلي وشرر الغضب یتطایر من عینیھ لكن ظھر عادل فجأة وقال لھ

عمر بیھ الضیوف بیسألوا على حضرتك-

.أنا نازل بس لیھ كلام معاكم بعدین-

:نزل وأنا متعجبة من اھتمامھ المفاجىء فقالت أمھ

ماتزعلیش یا بنتي أعصابھ بس مشدودة عشان الإنتخابات-

حصل خیر یا ماما-

ربنا یزیدك عقل-

:وقالت لي ھامسة

برضھ عریسك ولھ حق یغیر ابقي خلي بالك من تعاملك مع حسن وعلي-

حاضر-

:دخلت زوجة عمي غرفة علي وبقیت بجواره وھو نائم فقلت لحسن

عمر عرف إزاي إني في أوضة علي؟ وكمان إزاي ساب ضیوفھ وطلع أوضة علي بالذات؟؟-

عادل الملعون شافنا وھو اللي ادى سیجارة لعلي وشكلھا كانت مشبوھة لأن علي بیشرب سجایر وعمره ما-حصلھ كده، أنا مابرتاحش لعادل ده أصلا

أنا كمان مش بارتاح لھ بصتھ مش طبیعیة وابتسامتھ سخیفة زیھ، المھم خلیك قریب من علي عشان لو حصل-لھ حاجھ

لما الناس یمشوا ھاطلع أنام جنبھ-

ذھبت لغرفتي وأنا أتعجب من رد فعل عمر وغضبھ الشدید مني الذي لم یحدث من قبل فقد كان دائما یتعاملمعي برفق لأنھ یراني الصغیرة الضعیفة- كما كان یقول لإخوتھ- لكن تلك أول مرة التي یثور فیھا ھكذا عليویعنفني بشدة، ھل حقا یغار كما تقول أمھ؟؟ لا فھو لم یُظھر أي إعتراض أو ضیق على رفضي للزواج ، یبدو.أن ھناك شيء أخر أو أنھ حقا ثائر الأعصاب بسبب الإنتخابات

جلست مع ضیوفي وعقلي شارد فیما حدث ھل حقا ھي على علاقة بعلي؟؟ إنھ یصغرھا بثلاث سنوات، كما أنشاھدتھا أیضا تھمس في أذن حسن أي أن بینھما أسرار ترى ھل تحب حسن؟؟ أمن أجل ھذا رفضتني؟؟ أكادأجن فمنذ أن قلت لعادل أن یراقب تصرفاتھا وأنا غائب وھو ینقل لي أنھا دائمة الضحك والحدیث مع عليویبدو أن بینھما أسرار، والیوم قال لي إنھا كانت مع علي في الحدیقة الخلفیة یغنیان ویرقصان وقد شاھدھاوھي تصعد غرفتھ، فجن جنوني واستأذنت من الضیوف وصعدت لغرفة علي فوجدتھا تقف بجواره وھو نائموتدثره برقة وتمسك بیده وتعده أنھا لن تتركھ فشعرت ببركان غضب یشتعل في صدري و تبریر أمي أن ھذا

.شيء عادي بینھما أكد شكوكي أن بینھا وبین علي علاقة ما رفضتني من أجلھا

انتبھت للحوار الدائر مع الضیوف وحاولت مشاركتھم لكن ذھني كان منشغلا ، وبعد انصراف الجمیع وقفتقلیلا في الحدیقة وتساءلت لم كل ھذا الغضب ألأنھا رفضتني؟ ألیس من حقھا القبول أو الرفض؟ أم لأنھارفضتني من أجل علي وھو أقل مني في كل شيء؟ لم أشعر بالغضب الأن رغم أني لم أھتم بھا من قبل؟ ھلأغار؟؟ بل أن السؤال الأھم ھل أغار علیھا أم أغار على نفسي ؟؟ فأنا غیر قابل للرفض من أیة فتاة وكنتأعتبر قبولھا أمر حتمي لكنھا فاجئتني برفضھا وتفاجئت أكثر بجرأتھا وعدم خوفھا من مواجھتي كما یفعل.الكثیر من الرجال، یبدو أنھا ذات شخصیة قویة وأنني حقا لا أعرفھا جیدا

جافاني النوم وجلست في سریري أقرأ روایة حتى یغلبني النوم وعندھا سمعت صوت طرقات على بابي:ففتحت فوجدتھ حسن فقال

علي صحي وحاسس بصداع ودقات قلبھ سریعة سألت دكتور صاحبي قال ادیلھ مھدىء فخلیكي معاه على ما-أجیبلھ حبایھ من عندي

:جلست بجواره على كرسي وبمجرد أن رآني أمسك بیدي وقال وھو یتصبب عرقا

باموت یا ھنیھ صداع ھیموتني ودقات قلبي سریعة وحاسس بألم في صدري-

: ربت على یده وقلت

ماتخافش یا علي ھتبقى كویس -

حاسس ان ریقي ناشف-

ھاجیبلك تشرب-

أحضرت لھ كوبا من الماء فكانت یده ترتجف بشدة مع جسده فأمسكت یده وأسندت ظھره بیدي الأخرى حتىیشرب وفي تلك اللحظة دخل عمر وبمجرد أن رآنا جذبني من ذراعي التي تسند ظھره فسقط علي على الفراش:من الوھن والرعب في آن واحد وقال عمر والشرر یتطایر من عینیھ

إنت تاني في أوضتھ؟؟ لأ الحكایة فیھا إن فیھ إیھ بینك وبینھ ؟؟ بتجیلھ أوضتھ في نص اللیل لیھ؟؟-

ده كان تعبان فجیت أناولھ كبایة میھ-:شدد من قبضتھ على ذراعي وقال

وعرفتي منین إنھ تعبان؟؟-

...أصل-

انطقي-

حسن جھ وقالي-

وكمان حسن عارف إن فیھ بینكم حاجھ وبیداري علیكم؟؟-

..حاجة إیھ؟؟ حرام علیك مافیش حاجھ من اللي في دماغك ده ھو تعبان عشان-

: فقال علي بوھن

سیبھا ھي مالھاش ذنب أنا أخدت سیجارة من عادل وخلتني مش مظبوط-

:انفجر عادل كالبركان في وجھھ وقال

سیجارة؟؟ إنت كمان بتشرب سجایر؟؟ ومش مظبوط لیھ؟؟ كان فیھا إیھ؟-

أفلتني واتجھ ناحیة علي یرید أن یفتك بھ فأسرعت ووقفت بینھما فنظر إلي بغضب وألف شیطان یطل من:عینیھ فلم أھتم وقلت

أبوس إیدك إوعى تضربھ-

كمان بتدافعي عنھ ؟؟ده أنا ھاقتلھ وأقتلك معاه یا فاجرة-

قالھا ودفعني بكل قوتھ فسقطت على یدي وصرخت وعندھا دخل حسن ووالدتھ التي حمت علي بجسدھا:وأمسك حسن بعمر وقال لھ

علي غلطان بس عادل غلطان أكتر منھ ھو اللي إدالھ سیجارة مشبوھة ولما لقیتھ مش طبیعي نادیت لھنیھ-تسنده معایا وطلعناه ھنا وفضلت معاه ولما صحي كان مش طبیعي وتعبان كلمت دكتور صاحبي قالي اجیبلھحبایة مھدىء طلبت من ھنیھ تفضل معاه لحد ما أجیب الدوا ده كل اللي حصل

:قمت وأنا أتألم بشدة من ذراعي الذي سقطت فوقھ فقال لي

ولما مافیش بینھم حاجھ كانت بتدافع عنھ لیھ وبتحمیھ مني؟-

:فقلت بغضب ولم أبال بغضبھ

لأنك ما عندكش رحمة ومش قادر تحس إنھ كبر على الضرب وبقى راجل وأخر مرة لما ضربتھ فكر ینتحر-ولما لحقتھ أنا وحسن ھرب وساب البیت یومین وفضل حسن یدور علیھ لما لقاه عند واحد زمیلھ في الكلیةوبیقنعھ یشتغل معاه دیلفیري في محل في القاھرة، فضلنا یومین نقنعھ یرجع، إنت طول عمرك بعید عننا لاتعرف عنا حاجھ ولا حاسس بینا وشایفنا مجرد أصفار على الشمال وانت بس الرقم المھم، إنت الواحدالصحیح ، انت صح واحنا غلط، إنت مركز الكون واحنا على الھامش، عمرك فكرت تصاحب اخواتك وتقربمنھم وتعرف مشاكلھم وتنصحھم؟؟ لأ طبعا، عمرك فكرت إحنا بنحب إیھ وبنكره إیھ؟؟ لا طبعا انت مشغولبنفسك ونجاحك لدرجة إنك شایف نفسك الشمس واحنا مجرد كواكب بتدور في فلكك بدل ماتضرب علي

صاحبھ وافھمھ، إنت أخوه مش جلاده، قبل ما تحاسبنا على قربنا من بعض حاسب نفسك على بعدك عنا، احناطول عمرنا سوا في المدرسة والجامعھ وفي كل حاجھ سوا ،إخوات بیننا حب ووصداقة وأسرار وذكریاتإنت مش فیھا غیر كشخص بنخاف منھ ونتجنبھ، علي وحسن إخواتي فعلا لكن إنت واحد غریب عنا

:قالت أمھ

كفایة یا بنتي روحي أوضتك وحطي میھ ساقعھ على إیدك-

خرجت وذھبت لغرفتي وارتمیت على سریري أبكي من شدة الألم ، ألم نفسي وألم یدي الذي أصبح غیر

.محتمل فقمت وبحثت عن حبوب مسكنة للألم وجلست في سریري أبكي حتى غلبني النوم

نزلت لغرفة المكتب وجلست بمفردي وأنا أتذكر كلماتھا ودفاعھا عن إخوتي ومھاجمتھا لي ولا أعلم لم سكتوتقبلت كلماتھا ربما لأن فیھا الكثیر من الحقیقة فلقد ابتعدت عن أخوي كثیرا حتى صرت لا أعرف عنھما شیئاسوى الأوامر والنواھي فقط أما علاقة الأخوة فلم یكن لھا وجود. أما ھنیھ فلم ألحظ وجودھا في البیت إلا عندماطرقت باب غرفتي تطلب مني أن أعفیھا من الزواج مني، ظننت أنھا على علاقة بحسن أوعلي لكني أدركتأنھا فعلا على علاقة بھما ولكن بشكل مختلف وأنني أنا من لست على علاقة بأي منھم، أنا من ابتعدت بإرادتيوبانشغالي بنفسي وبأحلامي، لقد رفضتني لأن صورتي في عینیھا مجرد إنسان مغرور وأناني وقاسي القلبوھي محقة إلى حد ما فقد أتقنت ذلك الدور جیدا حتى صار جزءا مني لكن مالا تعرفھ أن ھناك في حیاتي مالایعرفھ أحد، لقد كنت عنیفا وحادا جدا معھا ولابد أن اعتذر لھا في الصباح فھي لا تستحق تلك المعاملة مني.

كانت كلماتھا بمثابة شمس أشرقت فجأة فأنارت كھوف نفسي المظلمة وجعلتني أواجھ حقیقتي التي یراھاالجمیع ویخشون مواجھتي بھا، أما ھي فكان لدیھا الشجاعة الكافیة لمواجھتي والدفاع عن علي رغم أنھمخطىء، أعجبتني شجاعتھا وجرأتھا وقوة شخصیتھا، الفتاة الصغیرة المدللة كبرت وصارت قطة شرسة.تدافع عمن تھتم بھم

قمت من نومي على ألام رھیبة في ذراعي الذي وجدتھ متورما ولا أستطیع تحریكھ فتحاملت على نفسيونھضت لأبحث عن ثلج لأضعھ فوق الألم لعلھ یخففھ، نزلت المطبخ وبحثت في الثلاجة فلم أجد ثلجا فوضعتماء في كیس ووضعتھ في الفریزر عدة دقائق لیتجمد وأخرجت زجاجة میاة باردة ووضعتھا على ذراعي:وجلست على منضدة المطبخ وأنا أتالم بشدة وانتفضت عندما سمعت صوتھ خلفي یقول

بتعملي إیھ ھنا في الساعة دي؟؟-

أنا لوحدي یعني مش ھتعرف تتھمني في حد-

أنا مش قصدي لكن قاعدة ھنا لیھ؟؟ الفجر قرب-

إیدي وجعتني لما وقعت علیھا فاخدت مسكن لكن لما مفعولھ راح رجع الألم أكتر من الأول فنزلت أحط علیھا-تلج مالقیتش فحطیت في الفریزر میھ تجمد ومستنیاھا

وریني كده-

:أریتھ رسغي وعندما حاول لمسھ تألمت بشدة فقال بأسف

أنا أسف أنا السبب في ده ، واضح إنھ كسر-

حتى لو كسر لازم نستنى للصبح عشان مافیش دكاترة حالیا أنا ھاحط تلج وأخد مسكن وھابقى كویسة-

:خرج مسرعا وعاد بعد دقائق وقال

أنا كلمت الدكتور وطلبت منھ ییجي حالا عشان یشوف إیدك-

بس إحنا قرب الفجر-

وأنا مش ھاسیبك تتألمي لو ماجاش ھاخدك على المدینة والمستشفى ھناك فیھا دكاترة وأشعة-

مش للدرجة دي إنت بس حاسس بالذنب-

:جلس على المائدة أمامي وقال بلھجة لم أعھدھا فیھ من قبل-

ومش أي ذنب ده أنا عمال ألوم في نفسي إزاي كنت عنیف معاكي كده وأنا اللي طول عمري باخاف علیكي-وباخلي بالي جدا في تعاملي معاكي عشان ما اجرحكیش، كنت دایما شایفك ھنیھ الصغیرة اللي زي الوردةالندیة اللي الواحد یخاف یقرب لھا لیجرح براءتھا، لكن النھاردة ما اعرفش إیھ اللي جرالي

یمكن بس أعصابك مشدودة بسبب ضغط الإنتخابات-

وكمان كلام عادل اللي قالي إنك مع علي في أوضتھ وخاصة إنك رفضتي الجواز كل ده خلاني أتخیل حاجات-وحشة، بس أنا غلطان كان لازم یكون عندي ثقة أكبر فیكي وفي إخواتي

أعملك شاي معایا؟؟-

لأخلیكي مرتاحة أنا ھاعملھ-:نظرت إلیھ بذھول وقلت

ھتعرف؟؟-

ماتنسیش إني عشت في القاھرة لوحدي 4 سنین الجامعة وكنت باخدم نفسي-

قام بعمل الشاي وأنا متعجبة من التغییر الجذري الذي حدث لھ ثم رن ھاتفھ فكان الطبیب یخبره أنھ سیأتي إلینا:فاتصل عمر بالسائق وطلب منھ الذھاب لبیت الطبیب لإحضاره فورا، فقلت لھ

أنا أزعجت الكل-

ولا یھمك المھم أن الألم یخف وعموما الدكتور ده صاحبي من أیام ثانوي-

:وضع كوبي الشاي على المنضدة وقام بإخراج كیس الثلج ووضعھ على یدي وقال

ھیخفف الألم شویة-

على فكرة إنت فسرت رفضي للجواز إنھ رفض لك لأن فیھ في حیاتي حد تاني وده غلط أنا مافیش في حیاتي-حد خالص وإحنا اتنین مختلفین نھائي ومجبرین على جوازة مش عایزینھا وانت محرج إنك ترفض فأنا حبیبتأوفر علیك الحرج وكمان یبقى أدامنا فرصة نعیش حیاتنا بسعادة ، كمان أنا باحلم أشتغل

بس إنت مش محتاجة مالیا عشان تشتغلي-

الشغل للبنت مش مجرد احتیاج مالي وبس دي خبرة بتكتسبھا وتعرف إزاي تفھم الناس وتتعامل معاھم وتحس-. إن لھا قیمة في المجتمع، كمان بیخلي عقلھا وتفكیرھا أنضج

:نظر إلي متعجبا وقال

أنا كنت فاكرك دلوعة وكل ھمك اللبس والماكیاج والموضة وبس ماكنتش أعرف أن مخك كبیر وعملي،-عشان كده ھاساعدك تشتغلي

ربنا یخلیك یاعمر-

رأیتھ یبتسم لأول مرة منذ سنوات عدیدة لقد أنارت الابتسامة وجھھ ، رن ھاتفھ وأنا مازلت أتأمل ملامحھ كأنيأراه لأول مرة، كان طویلا بلا امتلاء بشرتھ خمریة وعینیھ عسلیتین واسعتین ورموشھ طویلة –كزوجة عمي-:وشعره الأسود الناعم القصیر دائما یزیده وسامة ، التفت إلي فوجدني أتأملھ فابتسم وقال

الدكتور وصل تعالي المكتب عشان یشوفك-

بس.. مش ھاقدر أكشف دراعي أدامك إنت والسواق، حرام-

وأنا مش ھاقدر أسیبك معاه لوحدك، خلیكي ھنا-

طرق باب غرفة أم الخیر القریبة من المطبخ حیث كانت تقیم في البیت بصفة دائمة لأنھا لیس لھا أھل فقدوجدھا جدي وھي فتاة تائھة في القاھرة ولا تعرف أھلھا فأحضرھا معھ وعاشت بیننا كواحدة منا ، اخبرھاعمر أني مصابة یجب أن تكون معي والطبیب یكشف علي فقامت مسرعة وجاءتني المطبخ ملھوفة وھي

:تقول

سلامتك یا بنتي-

متخافیش أنا كویسة بس إیدي بتوجعني-

تعالي یا حبیبتي-

ذھبنا معا لغرفة المكتب حیث تواجد الطبیب وسألني بعض الأسئلة وعند الفحص خرج عمر وترك معي أم:الخیر فكشفت عن ذراعي وبعد الفحص قال

ده محتاج أشعة بس غالبا كسر أو شرخ وفي الحالتین لازم یتجبس وده محتاج المستشفى-

:نادت أم الخیر على عمر فسمع كلام الطبیب فقال

ننقلھا حالا المستشفى-

ممكن تستنى للصبح حالتھا مش خطیرة-

لكنھا بتتألم-

ھادیھا حقنة مسكنة-

: فقلت بخجل

لأ أنا باعرف أدیھا لنفسي بس حطھا لي في السرنجة وأنا ھاتصرف، شكرا یا دكتور-

العفو ده واجبي ومحدش یقدر یرفض لعمر بیھ أي طلب-

:ثم قال موجھا كلامھ لعمر

الساعھ 8 الصبح ھاتھا مستشفى المدینة ھاكون موجود وأعمل اللازم-

:خرجت من الغرفة وسمعتھ یقول لعمر ضاحكا

داري مشاعرك یاعم الحبیب مش كده أنا قلت اللھفة دي تبقى أكید حالة خطیرة تطلع كسر؟؟ بس صراحة-تستاھل

لم نفسك دي بنت عمي و..خطیبتي-

رنت الكلمة في أذني وتساءلت خطیبتھ؟؟ ھل حقا مازال یعتبرني خطیبتھ؟؟ ألم ننتھي من تلك القصة؟؟ لابد أنھیقول ذلك لیبرر لھفتھ لیس أكثر ولكن لم كل تلك اللھفة؟؟ ھل حقا صار مھتما بي أم أنھ مجرد شعور بالذنبتجاه ابنة عمھ الصغیرة الیتیمة؟؟

صعدت لغرفتي وأعطیت لنفسي الحقنة كما علمتني إحدى الممرضات لأني كنت أخجل من أن أكشف جسديأمام أي شخص، مددت جسدي في الفراش قلیلا لأرتاح وصورة عمر مبتسما لا تفارق عیني ولا أعلم لذلك:سببا حتى غرقت في النوم. استیقظت على صوت زوجة عمي تنادیني برفق وتقول

ھنیة ..ھنیة..مالك یا حبیبتي سلامتك-:حكیت لھا باختصار ماحدث فقالت

قومي اغسلي وشك والسواق تحت مستنیكي-

: توضأت وصلیت وارتدیت ملابسي ونزلت فوجدت عمي یسألني بلھفة

سلامتك یا بنتي مالك؟-:نظرت إلى عمر وقلت

أبدا اتزحلقت في الحمام ووقعت على إیدي وعمر جابلي الدكتور باللیل-

:فقال عمر

أنا ھاجي معاكي المستشفى-

:فقال عمي

لا ماینفعش عندنا مشوار مھم جدا سوا ولازم النھاردة-

:فقال حسن

خلیك یاعمر أنا ھاروح معاھا-

:فقال عمر

خد أم الخیر معاكم عشان تدخل معاھا الأشعة ولما یجبسوھا وأنا ھاكلم دكتور حسام یستناكم-

ماتقلقش علیھا-

أما تخلصوا تكلمني-

حاضر-

.انصرفنا وأنا متعجبة من ذلك الاھتمام غیر المعتاد من عمر ولكن فسرت ذلك بأن ضمیره یؤنبھ

كانت كلمات حسام عن لھفتي على ھنیة حقیقیة فلم كل تلك اللھفة على إصابة بسیطة؟؟ ألأنھا ابنة عمي؟؟ أمبسبب شعوري بالذنب لأني كنت السبب فیما حدث؟؟ لا أعلم لكن ظل طیفھا یطرد النوم من عیني فتلك الطفلةالصغیرة ذات الجدیلة صارت فتاة جمیلة ببشرة بیضاء وعیون لوزیة وقوام معتدل وابتسامة خلابة وشعر –أخفتھ بناءا على أوامري- بني كانت أمي تحد من انسدالھ بجدیلة تزیدھا جاذبیة مازلت أذكره، كیف غفلت عنھاوھي تعیش بجواري؟؟ كیف لم أر سحر ابتسامتھا ؟؟ كیف تجاھلتھا وكنت صارما معھا؟؟ معھا كل الحق في.أن ترفض الزواج بي فقد كنت جافا وقاسیا

:عدت من المستشفى بعد أن جبست ذراعي واجتمعنا على الغداء فقال عمر لعلي

أنا سامحتك المرة دي بس لازم توعدني إنھا مش ھتتكرر وھتبطل السجایر مش عشان دي أوامري لأ عشان -ھي حرام ومضرة لصحتك وإنت مابقیتش صغیر وعارف مصلحتك

:فقال علي بانكسار

أوعدك-:فقال حسن

على فكرة عادل ده شخص مش أمین ومش محترم-

خلاص أنا مشیتھ بس محتاج حد تاني مكانھ-

:فقال حسن

إیھ رأیك في صلاح ابن عمي إسماعیل؟ متعلم ومؤدب ودماغھ حلوة وبیدور على شغل ومش لاقي وھو أولى-من الغریب ومھما حصل ھو منا وھیبقى قلبھ علینا

:فقال عمي

معاك حق یا حسن ولد كویس أوي-

:فقال عمر

خلاص على بركة ﷲ كلمھ یا حسن وخلیھ یجیلي بعد المغرب-

:فقلت

أنا عندي فكرة بخصوص الانتخابات-:فنظر إلي عمر وعمي بتعجب فقلت

الفلوس اللي بتتصرف على ورق بیترمي ویفط بتتقطع ومؤتمرات وكلام ووعود متكررة ومحدش بیسمع-الكلام ده ، الفلوس دي ممكن نعمل بیھا للأولاد والشباب تیشیرتات علیھا اسمك وصورتك ورمزك الإنتخابيیبقى كسیناھم وعملنا دعایة في وقت واحد

:فقال حسن

وممكن نعمل شنط زي شنط رمضان مطبوع علیھا اسمك ورمزك الانتخابي ونوزعھا على الفقرا ونقولھم إننا-حاسین بیھم وممكن نجیب لأولادھم مثلا كراریس وحاجة المدرسة

:فقال علي بحماس

وممكن نساعد اللي محتاج علاج أو اللي عایز یجوز بنتھ ومش قادر وبكده الناس ھتحبك وتنتخبك لأن الناس-عایزة اللي بیحس بألامھم ویخدمھم

:نظر عمر إلینا فقد كانت أفكارنا تُكمل بعضھا وقال

بس ده محتاج فلوس كتیر ومحتاج فریق عمل-

:فقلت

نعمل صندوق دعایة وكل اللي بیحبك وبیساندك یتبرع فیھ وبكدة ھتكون عندنا فلوس نعمل بیھا حاجات كتیر-

:وقال علي

فریق العمل ده تسیبھ علیھ أن وحسن وأصحابنا وقرایبنا الشباب ھنقسم نفسنا مجموعات وكل مجموعة تتولى-مھمة محددة في مكان محدد

:ابتسم عمي وقال

ربنا یبارك فیكم یا أولاد ویجمعكم دایما، أنا موافق یا ھنیة وھاعمل الصندوق ده وھابلغ كل العیلة وحبایبنا-بنفسي وھاكون أول متبرع فیھ ونخلي عمك الحاج عبدﷲ ھو المسئول عنھ

:فقالت زوجة عمي

وأنا كمان ھاتبرع وربنا یوفقك یا حبیبي -

:فقلت

لو تسمح یا عمي أشارك معاكم في الصندوق بنص إیراد أرضي السنة دي-

:ابتسم عمر ونظر إلینا جمیعا متعجبا وقال

كلام حلو بس لو ماكسبتش الإنتخابات؟؟-

:فقال علي

كفایة إنك تكسب قلوب الناس واحترامھم-

:وقال حسن

والانتخابات الجایة كتیر-

:فقلت

الخیر ما بیضیعش ابدا كفایة دعوات الغلابة لك-

:فضحك عمر وقال

إنتوا عصابة بتفكروا زي بعض وبتكملوا كلام بعض-

:فضحكت أمھ وقالت

اللي عنده ولاد زیكم مایشیلش ھم للدنیا ربنا یخلیكم لنا ویخلیكم لبعض-

:فقال علي مازحا

طالما اكتشفت سرنا وعرفت إننا عصابة یبقى لازم نكمل المھمة-

:ونھض من على الطعام وأحضر قلما وقال لي ضاحكا

مش تفرجینا الجبس الشیك بتاعك؟؟-

فضحكت وأزحت كم البلوزة عن الجبس الأبیض فكتب علیھ ( یاریتني كنت الجبس یا جمیل) ووقع بإسمھوجاء حسن ضاحكا وكتب( تعیش وتاخد غیرھا یا وحش) وكتب تاریخ الیوم وعمي وزوجتھ یضحكان ثم: غمزت زوجة عمي لعمر وقالت

وإنت مش ھتكتب لھا للذكرى -

فابتسم وتناول القلم وكتب ( مایقع إلا الشاطر) ووقع بإسمھ ولا أعرف لم خفق قلبي حینھا واحمرت وجنتاي:وأردت أن أخفي ارتباكي فقلت

ضحكنا وھزرنا یالا بقى عشان نحط خطة عمل، أنا مسئولة عن بنات البلد وزمیلاتي في المدرسة والجامعة-

:فقال علي ضاحكا

وأنا معاكي طبعا-

لأ طبعا خلیك مع الخناشیر أصحابك-

مرت بنا الأیام ونحن نعمل بجد واجتھاد ولم یكن شیئا لیقف في طریقنا فقد شعر كل واحد منا بأھمیتھ وكنانجتمع كل یوم جمعة بعد صلاة العشاء لنناقش ماتم عملھ فاقترحت علیھم للتواصل مع الشباب الذین لا نعرفھمعمل صفحة على الفیس بوك ونستخدم فیھا مھاراتنا في التواصل ونرفع علیھا صور للقاءات عمر ومقاطعفیدیو لھ وللعمل الذي نقوم بھ، أثنى عمر على الفكرة وتحمس لھا علي وحسن وكانت ثمارھا جیدة بالفعل. قبل:الإنتخابات بنحو الشھر بینما نحن مجتمعین على الغداء فقلت لعمي

عایزة أطلب منك حاجة باعمي بس وحیاتك ماترفضش-

اطلبي یابنتي-

عایزة أزور أخوالي لأن مش معقول نكون في بلاد جنب بعض ومانعرفش بعض-

أنا ما قطعتكیش عنھم بس ھم اللي قاطعوني لما صممت إنك تكوني في رعایتي وكانوا مصممین إنك تعیشي-معاھم

أنا عارفھ یاعمي بس دي صلة رحم ومش عایزة ربنا یحاسبني عنھم-

:سكت قلیلا ثم قال

ومالھ یا بنتي خدي السواق بكرة یوصلك وترجعي على طول-

:نھضت من مكاني وقبلتھ في وجنتي وقلت

ربنا یخلیك لیھ یا أحلى عمو في الدنیا كلھا-:فضحك وقال علي

ضیعتي ھیبة الحاج اللي بیرعب البلد كلھا-

:فقال عمي

دي نور عیني وتعمل اللي ھي عایزاه، عارفة الحیاة من غیرك مع الخناشیر دول كانت ھتبقى ماسخة-

:ضحكت وقلت

ربنا یخلیك لنا كلنا بس خلي بالك الحجوجھ بتاعتك شكلھا غیرانة-

:فقال

دي الخیر والبركة ومن غیرھا كلنا مالناش لازمة-

فعلا یاعمي-

نظر إلي عمر صامتا كأنھ یراني لأول مرة رغم أني كنت أفعل ذلك دائما مع عمي وكان ذلك یثیر حنقھ، لكنھ. الأن یكتفي بالاستماع إلینا والابتسام

في الیوم التالي ذھبت بعد الإفطار مع عمي وزوجتھ إلى قریة أخوالي التي كانت تبعد عنا بنحو20 كیلو وعندماوصلت سألت عن خالي كبیر العائلة فدلونا على بیتھ فدخلت البیت وطلبت من الخادمة مقابلتھ وعندما سألتنيمن أكون فأجبتھا أني ابنة أختھ وبعد دقائق خرجت امرأة في مثل عمر زوجة عمي ونظرت إلي للحظات:وقالت

إنت بنت سناء؟؟ یاحبیبتي إنت شكلھا خالص-

ضمتني لصدرھا وأرسلت لخالي من ینادیھ من الغیط حیث كان یشرف على جمع المحصول كما قالت لي،جلست بین ترحیب زوجة خالي وبناتھا وبین ترقب وصول خالي وخوفي من رد فعلھ. دخل خالي بعد نحو ربعالساعة رجل طویل القامة وعریض المنكبین ، أسمر البشرة بعیون سوداء حادة النظرة وشارب كثیف والھیبة:تبدو على ملامحھ ونظر إلي طویلا ثم صافحني ببرود فجلست أمامھ وقلت

عارفة إنك مستغرب زیارتي بعد كل السنین دي بس أنا صممت أجي وأوصل اللي انقطع بیننا لأن مش-معقول نكون أھل ومانعرفش بعض، وربنا ھیحاسبني إني عرفت إن لیھ أھل وما وصلتھمش

عمك زمان ھو اللي قطع الصلة دي مش احنا-

یا خالي وحیاة المرحومة ماما إنسى اللي فات وخلینا في الحاضر یاترى ھترحب ببنت أختك ولا ھتمشیني-مكسورة الخاطر؟:فقالت زوجة خالي

خالك مش ممكن یكسر بخاطر بنت الغالیة سناء-

:نظر إلیھا خالي ثم نظر إلي وقال

ده بیتك یا بنتي ومش أنا اللي یفرط في لحمھ ده أنا كنت عایز أربیكي مع بناتي-

ده عشمي فیك برضھ یا خالي-

سرعان ماذاب الجلید بیننا وتخلى خالي عن جموده معي وسألني عن أحوالي فأجبتھ وتحدثنا في ذكریاتالماضي وحدثني عن أمي وقال أني نسخة أخرى منھا لیس في الملامح فقط لكن في الشخصیة. أردتالانصراف لكن خالي أقسم أن أتناول الغداء معھ وأرسل لأخوالي وخالاتي لیتعرفوا علي، سعدت بوجوديبینھم وشعرت بدفء الأسرة معھم وخاصة خالاتي اللاتي بكین عند رؤیتي وقلن أنني سناء في شبابھا. انتھزتالفرصة بعد الغداء وتحدثت مع أخوالي عن عمر وترشحھ وطالبتھم بنسیان الماضي وأن یدعموه في:الانتخابات فقال خالي الكبیر

نسمعھ الأول ونعرف ناوي على إیھ وبعدھا نقرر-

نبقى اتفقنا ھاتصل بحضرتك ونحدد میعاد تقعدوا سوا وتسمعوه وبعدھا نقرر-

مشیت وأنا في منتھى السعادة فقد حققت الجزء الصعب من المھمة وتبقى لي عمي الذي یجب علي إقناعھ.بدعوتھم في بیتھ ونسیان الماضي

وقفت في الصالة بعد انصراف الضیوف الذین كنت أجلس معھم وعقلي یفكر في تلك المتھورة التي لم تعد حتى:الأن وسألت أمي للمرة العاشرة

ھنیھ ماجتش؟-

لأ لسھ-

وموبایلھا لسھ خارج الخدمة-

أه-

ماكانش لازم نسیبھا تروح ھناك-

:فقال أبي

أخوالھا ناس طیبین ومش ھیأذوھا-

كان ضروري حد یروح معاھا-

ماینفعش ھم أھلھا واحنا غُرب عنھم ماتقلقش-

صعدت غرفتي فلم أحتمل بقائي متوترا مع ھدوء والداي وسألت نفسي لم كل ھذا القلق؟ ولم أفتقد وجودھا وأنامن قبل لم أكن أشعر بھا؟؟ ھل تغیر شيء في أو فیھا؟؟ لا أعلم لكن قربنا الأیام الماضیة جعلني أرى فیھا مالمأره من قبل وأرتبط بھا أكثر من ذي قبل، إنھ مجرد التعود على وجودھا لیس أكثر. دخلت أمي لتقطع أفكاري:وقالت وھي تبتسم

ھنیة ردت وقالت إنھا في الطریق وھي كویسة-

طیب الحمد   -

بس داري لھفتك شویة بلاش تندلق كده أوي-

لھفة إیھ یا أمي أنا بس قلقت علیھا إنت عارفھ منافسینا ممكن یعملوا أي حاجھ-

ماشي ھاعدیھا-

:سمعنا صوت السیارة فقالت أمي

أھي وصلت بس لما انت قلقان كده خلص حكایتك بدل ما تتعلق بغیرك-

لم أرد على أمي إنما نزلت معھا إلى أسفل حیث دخلت ھنیة بصخبھا وضحكتھا الطفولیة وكانت تحكي لأبي:عن إستقبال أھلھا وسعادتھم بھا ثم جلست على ذراع مقعد والدي وطوقت رقبتھ بذراعیھا وقالت

عمو حبیبي ممكن نعزمھم عندنا یوم الجمعة ؟-:فسكت والدي فقبلتھ في وجنتھ وقالت باستعطاف

عشان خاطري-

حاضر یا حبیبتي-

طیب ممكن إنت اللي تعزم خالي الكبیر؟-

:نظر إلیھا وابتسم وقال

حاضر عشان خاطر عیونك-:فقامت وھي تضحك وقالت

أنا قلت لھم على الانتخابات وطلبت منھم یقفوا مع عمر-

:فقالت أمي

مابتضیعیش وقت-

أنا قلت أضرب كل العصافیربحجر واحد وكلھا مصلحة لینا-

نظرت إلیھا متعجبا ھل ھذه طبیعتھا أم أنھا تفعل ذلك من أجلي؟ لكني تذكرت ما كانت تفعلھ من أجل علي إذا.فتلك طبیعتھا تحب الأخرین وتساعد بكل طاقتھا، یبدو أنھا تعشق العطاء

انشغلنا بإعداد ولیمة ضخمة لأخوالي وخالاتي وأبنائھم وبینما جلس عمر وعمي مع الكبار جلس وحسنوعلي مع الشباب في الحدیقة وجلست أنا مع الفتیات في ركن بعید عنھم لكنھم كانوا یروننا وقد لاحظتنظرات محمود ابن خالي الكبیر التي كانت تتابعني أینما ذھبت. بعد إنتھاء الزیارة ذھبت لتودیع الجمیع مع

:عمي وعمر وحصلت على وعدھم بمساندة عمر ، وقال لي محمود وھو یودعني

أنا كنت نازل مع المنافس في الحملة بتاعتھ لكن عشان خاطرك یابنت عمتي ھارشح عمر وھاعملھ دعایة بین-أصحابي ومعارفي

تسلم یا بن خالي كلك شھامة وجدعنھ-

:فاقترب وقال ھامسا

لا وحنیھ كمان-:فقال حسن

مع السلامة یا محمود نورتنا-: وبعد انصرافھم قال علي لي

الواد محمود ده مش سھل خلي بالك منھ كان ھیاكلك بعینیھ وسألني عنك كتیر لما كنت ھاضربھ-

ماتكبرش المواضیع یا علي ھو بس مستغرب إني مختلفة عن كل بنات العیلة وبكرة یتعود علیھ-

:فقال حسن

لأ فعلا خلي بالك منھ نظراتھ وطریقة كلامھ مش مریحھ-

:فقال علي

كان بیقولك إیھ وھو ماشي؟-

أبدا باقولھ كلك شھامة ورجولة قالي وحنیھ كمان-

عم الحنین ده مسھوك وشكلھ ھیتضرب علقھ-

:فجاء عمر من خلفنا وقال

عایز تضرب مین یا علي؟-

واحد حنین ومسھوك-

:فقال عمر

یبقى الملزق محمود-

:فضحكنا جمیعا على تعلیق عمر الساخر وقلت

واضح إن قربك من حسن وعلي خطر على مفرداتك اللغویة ھتتعلم منھم درر، یالا تصبحوا على خیر-

استني یا ھنیھ عایزك-

:انصرف علي وحسن فقال عمر

أنا خدت بالي من اھتمام محمود بیكي وملاحقتھ لك في كل مكان ونظراتھ اللي متابعاكي یاترى أقدر أعرف-كان بیقولك إیھ وھو ماشي؟

أبدا بیقول انھ ھینتخبك عشان خاطري فشكرتھ-

ما اخدتیش بالك إنھ كان قریب منك جدا بشكل یلفت النظر؟-

أكید مایقصدش وبیعتبرني أختھ-

مش كل واحد ھیعتبرك أختھ یاریت تاخدي بالك من كلامك مع الناس وتحطي حدود معاھم مش كل الناس-علي وحسن، حتى علي وحسن حطي حدود معاھم انتم كبرتم مش لسھ صغیرین

:فقلت غاضبة

  • أنا عارفھ حدودي كویس جدا وما باسمحش لأي حد یتجاوز حدوده معایا حتى علي وحسن عارفین ده كویسوھم من نفسھم بیراعوه معایا

أنا مش شاكك فیكي أنا خایف علیكي-

متخافش محدش یقدر یاخد من البنت غیر اللي ھي بتسمح بیھ وأنا أعرف أوقف كل سخافة أو تطاول كویس-جدا

  • ماتزعلیش مني أصلھ شخص مش مریح

تصبح على خیر-

تركتھ وأنا متعجبھ كیف لاحظ الجمیع اھتمام محمود الذي لم ألاحظھ أنا؟ لقد كنت منشغلھ بجذب انتباھھملإنتخاب عمر فقط فلم انتبھ لنظرات محمود ولا اھتمامھ، لم تشغلني الأفكار كثیرا فقد كنت مرھقة بشدة فنمت.ولم أشعربنفسي إلا في الیوم التالي

انشغلنا بشدة في الدعایة الإنتخابیة وقبل الانتخابات بنحو أسبوع أصیب عمر بضربة شمس شدیدة أرھقتھوأخبرنا الطبیب بضرورة حصولھ على الراحة فكنت أنا وأمھ نتبادل خدمتھ وإعطاؤه الدواء ، وكنت وأنابجواره أتأمل ذلك الكائن الراقد بلا حول ولا قوة فأتعجب من الإنسان الذي یتیھ بقوتھ ومالھ ونفوذه ثم یھزمھمرض بسیط فتخور قواه ویتحول لكائن ضعیف كطفل صغیر یحتاج لمن یرعاه، كنت أشعر أنھ طفلي الكبیرحجما ولكنھ صغیر ویحتاجني بشدة فكنت أبقى بجواره وأرفض أن یخدمھ غیري أنا وأمھ، بعد ثلاثة أیاموجدت نفسي ارتبطت بھ واعتدت وجودي معھ فخفت من نفسي ومن ذلك التعود فقد خلق في مشاعر أخرىترعبني وتھز ثقتي بقلبي الذي بدأ ینتفض في ضلوعي كلما لاحت شمس ابتسامتھ، فابتعدت قدر إمكاني.وآثرت السلامة، لكن قلبي كان مشتاقا یلتاع من مرارة البعد ویحن لنظرة وابتسامة تروي صحراؤه القاحلة

كان الأسبوع الأخیر قبل الانتخابات مرھقا جدا للجمیع فالكل یعمل كخلیة نحل ولا ننال قسطا من الراحةفالوقت لم یعد في صالحنا ، حتى حانت اللیلة الموعودة فغدا موعد الانتخابات والكل متوتر لكن كان علیناجمیعا أن نرتاح لأن أمامنا یومان لن نذق فیھما طعما للنوم. جافاني النوم فخرجت في شرفة غرفتي استنشقبعض نسمات المساء فوجدت عمر یتجول في الحدیقة- على غیر عادتھ- فارتدیت عباءة سوداء فوق ملابس:النوم ونزلت إلیھ وقلت لھ

مالك قلقان لیھ؟-

خایف ما اكسبش وكل تعبنا یضیع في الأرض-

ومین قالك إنھ ھیضیع؟؟ ربنا ما بیضیعش تعب حد؟-

بتجیبي الثقة دي منین؟-

من حسن الظن با ، ولو ماكسبتش یبقى ربنا مش عایزك في المكان ده وبرضھ ھنحمد ربنا-

طب والفلوس اللي اتصرفت؟-

اتصرفت في الخیر وده جزاؤه عند ربنا مش عند الناس، ادخل خد دش دافي واشرب كبایة لبن ھتنام وارمي-حمولك على صاحب الأمر والتدبیر

ونعم با -

:صعدنا معا للدور العلوي وقبل أن أتجھ لغرفتي قال برقة لم أعھدھا فیھ من قبل

ھنیھ..أنا متشكر لكل اللي عملتیھ معایا-

لا شكر على واجب إنت ابن عمي وده حقك علیھ-

یعني لو كان علي أو حسن مكاني كنتي ھتعملي كده برضھ؟ ولا ده مخصوص عشاني-

:ابتسمت وقلت بمكر

لو كان علي أو حسن كنت ھاعمل أكتر شویة، تصبح على خیر یاعمر-

دخلت غرفتي وقلبي یخفق بقوة ولا أعرف لذلك سببا وصورتھ وھو یبتسم لي لم تفارق خیالي حتى نمت. كانالیومان التالیان مرھقین جدا للجمیع ، أما انتظار النتیجة فكان محطم لأعصابنا جمیعا، حتى أخیرا تأكد فوزعمر فعمت الفرحة البیت وانطلقت الزغارید وامتلأ البیت بالمھنئین وأقام عمي الولائم ودعا إلیھا أخوالي:فجاءوا جمیعا مھنئین عمر ، وقبل انصرافھم قال لي محمود

جھد جبار برافو یا ھنیة أنا ماكنتش متخیل إن ممكن بنت زیك تقوم بالدور ده كلھ-

شكرا على المجاملة بس حقیقي ماكنتش لوحدي بنات وشباب العیلة ساعدوني-

:فقال مبتسما

لكن وجودك وجھدك ممیزین وفارقین كتیر-

:ففوجئت بعمر من خلفي یقول

ماھي إن ما كانتش ھتتعب لخطیبھا ھتتعب لمین؟ فعلا یا ھنیة لولا جھدك وحماسك لیھ كانت النتیجة ھتختلف-أنا متشكر لوجودك في حیاتي ومعایا

:ثم نظر إلیھ ومد یده وقال

شكرا على تعبك معانا یا محمود-:انصرف محمود حانقا فقلت لعمرإزاي تقولھ إني خطیبتك؟-

:فقال مبتسما

مش دي الحقیقة؟-

بس احنا اتفقنا ان الموضوع ده انتھى-

ومین قالك إني باتكلم عن اللي فات أنا فعلا معجب بیكي وعایز اخطبك إیھ رأیك؟؟-

:شعرت بارتباك وتوتر فقلت لھ

مش معنى إننا بقینا متفاھمین والظروف قربتنا من بعض إننا نتجوز، یمكن ده مجرد تعود أو اعجاب مش-أكتر

أنا مش طفل صغیر ولا مراھق مش عارف شعوري أنا بجد عایزك تشاركیني حیاتي-

ادیني فرصة أفكر-

صعدت لغرفتي وأنا حائرة حقا لقد تغیر للأفضل ولكن ھل ھذا كافیا لأتزوجھ وأربط حیاتي بھ لباقي عمري؟أخاف أن یكون ذلك التغییر مؤقتا ثم یعود لطبیعتھ فیما بعد، كما أني لا أعلم حقیقة مشاعري تجاھھ حقا لم أعدأخشاه لكن ھل ھو الشخص المناسب لي؟ ھل ھو من سأجد سعادتي معھ؟

:بعد عدة أیام من الفوز وإنھاء الإجراءات قلت لعمي بینما كنا مجتمعین على الطعام كلنا

یاعمي كلنا تعبنا جدا ومحتاجین أجازة نغیر فیھا جو-

:فقال عمر

فعلا محتاجین أجازة في مكان ھادي ومریح للأعصاب-

:فقال عمي

كده بوظتي المفاجأة أنا كنت ناوي أخدكم ونسافر كام یوم مكافأة لكم على تعبكم وكمان مرات عمك محتاجة-تتفسح شویة بدل الحبسة اللي ھي فیھا

:فقلت وأنا أغمز بعیني

الحلوین عایزین شھر عسل جدید یا شباب یعني مالناش مكان-

:فضحكت زوجة عمي في خجل وقالت

وھو السفر یحلى من غیر وجودكم معانا؟؟-

:فقال حسن

صاحبي عمھ عنده شالیھ بیأجره في العین السخنة ھاكلمھ ونأجره منھ-

ﷲ علیك یا سونھ دایما جاھز-

:فقال عمر بحدة

إیھ سونھ دي؟-:فقالت أمھ

ھي متعوده تنادیھ كده من زمان-

بس ھم الاتنین كبروا على الدلع ده ولا إیھ؟-

:فقال عمي مبتسما

كلم صاحبك یا حسن بسرعة خلونا نسافر ونتبسط-

أعددنا أنفسنا للسفر وركب عمي وزوجتھ مع عمر في سیارتھ ومعھم أم الخیر وركبت مع علي وحسن حتىنستمع للأغاني التي نحب ونضحك ونمرح كما نرید، كان عمر یراقبنا في مرآة السیارة وعندما وقفنا في أحدالإستراحات طلب من أم الخیر أن تركب مع حسن وعلي وأن أركب معھ السیارة، وافقت لكن افتقدت المرحوالضحك فكان الكلام كلھ رسمي ومتزن فوضعت سماعات الأذن لأستمع للأغاني من موبایلي ونظراتھ فيالمرآة تراقبني فأغمضت عیني وادعیت النوم حتى أھرب من تلك النظرات التي تسعدني وترضي غروري.كأنثى وتُخیفني من قسوتھ في آن واحد

وصلنا للقریة التي بھا الشالیھ كان مكون من دورین الدور العلوي بھ ثلاث غرف وحمام كبیر والدور الأرضيبھ الاستقبال والمطبخ وحمام فاختار علي وحسن النوم بالدور الأرضي لیسھلا خروجھما وعودتھما دونحساب، وكانت غرفتي بین غرفة عمر وغرفة عمي وزوجتھ وكلھا مطلة على شاطىء البحر، ورفضت أنتنام أم الخیر بالمطبخ- لكبر سنھا- وأصریت أن تنام معي في غرفتني فشكرتني كثیرا. تناولنا الغداء وخرجتللشرفة فوجدت أرجوحة على شكل أریكة فجلست علیھا وأنا أتأمل البحر وأغمضت عیناي للحظات وأفقت:على صوت عمر یقول

بتحلمي بإیھ؟؟-

ولاحاجھ بس عجبتني أوي المرجیحة كمان منظر البحر روعة-

تحبي أجیبلك واحدة زیھا في الجنینة؟-

طب والناس اللي داخلة وخارجھ-

مالكیش دعوة ھاتصرف المھم تكوني مبسوطة-:ابتسمت فجاء علي وحسن بصخبھما وقال علي

إحنا نازلین البحر مش ھتیجوا؟-

:فقلت

لأ إنتوا عارفین حكایتي مع البحر-

:فقال علي

خلي الخوف یضیع أحلى لحظات عمرك-

:وانصرفا فقال عمر

إیھ حكایتك مع البحر؟-

بخاف أقرب منھ لأني عارفھ إن بابا وماما غرقوا في البحر-

عمي ﷲ یرحمھ كان سایق على الطریق الزراعي والمطر شدید وفجأة طلع قدامھ جرار جھ یتفاداه معرفش-یسیطر على العربیة فغرق في النیل مش في البحر، علي معاه حق ما تخلیش خوفك یضیع أحلى سنینك

:دخلت أم الخیر بأكواب الشاي فقلت لھا ضاحكة

یالا یا أم الخیر إلبسي مایوه وتعالي ننزل البحر-

: ضحكت وقالت

یادي الفضایح عایزاني ألبس مایوه في سني ده؟-

یعني لو كنتي صغیرة كنتي ھتلبسیھ؟؟-

:ضحكت وانصرفت فقال عمر

إنت مافیش حاجھ عندك جد أبدا كل حاجھ واخداھا ھزار؟؟-

محدش واخد من الدنیا حاجھ-

بس الھزار الكتیر یضیع احترام الناس لیكي-

والتكشیر الكتیر یكره الناس فیھ ویخوفھم مني ، كل حاجھ وسط حلوة-

:ابتسم وقال

تعالي نتمشى على البحر شویة ومتخافیش أنا معاكي-

ھاستأذن عمي الأول-

خرجنا من الشالیھ واتجھنا للشاطىء القریب بحیث یرانا عمي وزوجتھ من شرفة الشالیھ، مشینا في صمت

:فقال

تعرفي إن كان عندك حق ، أنا كنت بعید عنكم وده غلط كان لازم أقرب منكم كلكم وأفھمكم ، بس ربنا جاب-حكایة الانتخابات دي وخلتنا نقرب من بعض أكتر

ویاترى فھمتنا؟-

بحاول یمكن فرق السن بیننا مخلیني فیھ حاجات مش فاھمھا لكن المھم إني قربت منكم وكسرت حاجز-الخوف اللي بیننا

مش فرق السن بس، لكن فرق الطباع إحنا عایشین شبابنا وانت ماعشتش المرحلة دي كنت واخدھا جد أوي-وما استمتعش بشبابك ، احنا جیلنا بیحب حاجات إنت ماتعرفھاش لأنك عایش في جیل عمي مش جیلك شایفھاھیافھ، یمكن دي أكتر حاجھ كانت مخوفاني منك فرق السن بیننا مش كبیر لكن فرق الطباع والشخصیات كبیرإنت عایش سن أكبر من سنك وأنا عایشھ سني

فعلا أنا كنت شایفكم تافھین وعقلكم صغیر لكن لما اتعاملت معاكم لقیتكم وقت الجد جد وبتقدروا تشیلوا-المسئولیة وعندكم أفكار حلوة

ماتحكمش على الناس بسنھا إتعامل الأول وبعدین احكم-

:ابتسم وقال

حاضر یا میس ھنیة-

:استغرقنا الكلام ولم أشعر أننا على الشاطىء إلا عندما لامست میاه البحر قدماي فشعرت برجفة فقال

متخافیش أنا معاكي ارمي الخوف واستمتعي بجمال المنظر-

وانت مش ھتنزل البحر؟-

مش عایز أسیبك لوحدك-

أنا ھاقعد تحت الشمسیة ھنا اتفرج على البحر وأسمع أغاني على ماترجع-

خلع ملابسھ وألقاھا على الكرسي تحت المظلة وانطلق یسبح في البحر ، تأملت جسده الریاضي بإعجاب ثم:سرعان ما أشحت بوجھي وتذكرت صدیقتي ھویدا وھي تحدثنا في الجامعة عن غض البصر وتقول

كما یُفتن الرجل بجسد المرأة وملامحھا تُفتن المرأة بجسد الرجل وملامحھ لذا أمرنا ﷲ بغض البصر لنتجنب -الفتن التي قد تجرنا للمعاصي

:كنت أجادلھا وأقول لھا أن المرأة لا تُفتن فتضحك وتقول

ھذا كلام ﷲ وھو أعلم بمخلوقاتھ-

صدق ﷲ العظیم لقد كنت على حق یا ھویدا ، نھضت من مكاني مسرعة لحظة خروج عمر وعلي وحسن منالبحر وسبقتھم للشالیھ بحجة مساعدة أم الخیر وزوجة عمي في إعداد الغداء.بمجرد أن تناولنا الغداء خرجتلأرجوحتي لأجلس علیھا وأشاھد الغروب كان مشھدا خلابا فالسماء تتلون بخلیط من البرتقالي والأحمر

.وتعكس أضواؤھا على ماء البحر فیترقرق بھدوء یبعث في النفس السكینة

في المساء ذھبنا لبورتو السخنة التي تبعد عنا بضعة كیلومترات لقضاء السھرة ھناك وعند العاشرة مساءا شعرعمي وزوجتھ بالأرھاق وأرادا العودة وأردت البقاء مع علي وحسن لاستكمال السھرة فرفض عمر وعميفعدت مرغمة وغاضبة، لاحظ عمر ذلك وعندما عدنا للشالیھ حاول الحدیث معي لكني تجنبتھ وصعدتلغرفتي وبمجرد صعودي أجرى علي مكالمة فیدیو على الواتس آب وجعلني أشاھد الحفلة المُقامة ھناك منخلال الموبایل وكأني موجودة معھما فشعرت بسعادة كبیرة لرغبتھ في إسعادي بأي شكل بینما عمر كل ھمھ.أن أنفذ رغباتھ بأي شكل ولا یھتم بما أحب

في الصباح تناولنا الإفطار في الشرفة بسبب نوم علي وحسن لعودتھما متأخرین ولكن صوتنا أزعجھمافسمحت لھما باستخدام غرفتي لیناما فیھا فرفض عمر بشدة فسمحت لھما أمھما بالنوم في غرفتھا، وبعد الفطار:قال عمر

ھم متعودین یناموا في أوضتك؟-

إنت اتجننت؟؟-

أمال لیھ سمحتي لھم المرة دي؟-

عشان المكان ضیق وھم مالھمش حتھ یناموا فیھا-

بس أنا ما استحملش أي حد یدخل أوضتك وینام على سریرك-

:ألجمتني كلماتھ ولم أستطع الإجابة فقال بصوت منخفض

إنت لسھ مش فاھمة إني باغیر؟-

وعشان كده حرمتني من حفلة إمبارح معاھم؟؟-

كنت محتار أرجع مع الحاج والحاجة ولا أفضل معاكي فقررت نرجع معاھم وعموما ماتزعلیش ھاعوضك-

مش زعلانھ علي كلمني بالفیدیو وفرجني الحفلة كلھا عشان حس إني زعلانة-

واضح إنك غالیة عندھم أوي-

طبعا مش أختھم الكبیرة-

بس؟-

طبعا بس وھم فاھمین ده كویس-

یعني إنت أختي الصغیرة؟؟-

:سكت ولم أجب فقال

..لسھ حاسھ إني مجرد أخ وابن عم وبس؟ أنا بقى مش حاسس إنك أختي نھائي إنما-

:جاءت أم الخیر وقالت

الشاي-:فقال عمر

ده وقتھ یا أم الخیر؟-

: فقلت مبتسمة

ده في وقتھ تمام-:فقالت أم الخیر

عایزة منك حاجھ یا ھنیة-

عیوني-

:فھمست قائلة

عایزة أروح عند البحر ومكسوفھ أقول للحاجھ-

:فقلت ھامسة

ھاقولھا أنا وأخدك معایا-

:فقبلتني وقالت

ربنا یھنیكي ویفرح قلبك-

شربت الشاي واستأذنت زوجة عمي وأخذت أم الخیر وذھبنا للشاطىء ورغم خوفي من الماء إلا أني تحملتذلك من أجل إسعادھا فكانت تضحك كطفلة صغیرة كلما لامس الماء قدمیھا ، فكنت سعیدة لسعادتھا فھيتستحق الكثیر لطیبة قلبھا وحنانھا على الجمیع واھتمامھا بكل كبیرة وصغیرة تخصنا. بقینا على الشاطىء حتى:اكتفت أم الخیر وعادت لتدور في طاحونة عملھا وعندما عُدت قال عمر بغضب

یعني مش خایفة من البحر ولا الخوف ده بیكون معایا وبس؟-

انت امبارح كسرت حاجز الخوف بیني وبینھ، والنھاردة أم الخیر كان نفسھا تروح البحر فأخدتھا واتغلبت-على خوفي عشان خاطرھا لأنھا تستحق كتیروأنا بحبھا أوي

:نظر إلي متعجبا ثم قال

أنا كل یوم باكتشف فیكي حاجة جدیدة-

حلوة ولا وحشة؟-

حاجات كتیر حلوة وحاجات أوقات ماتعجبنیش -

إنت كمان فیك حاجات حلوة وحاجات ما بتعجبنیش ..إحنا بشر مافیش اتنین نسخة من بعض وكلنا خلیط من-الحلو والوحش المھم إننا نقبل اللي قدامنا زي ماھو بحلوه ووحشھ

إنت فیلسوفھ بقى؟؟-

ولا فیلسوفة ولا حاجة بس الدنیا علمتني-

مضت أیام الأجازة سریعا وتوطدت العلاقة بیني وبین عمر كثیرا واقتنعت بأنھ الزوج المناسب لي وقررت أناأصارحھ بذلك قبل عودتنا للبیت لنستعد للخطبة، فقد تأكدت من مشاعري تجاھھ فلم أعد أشعر بالنفور فقد أذابالجلید بیننا بمنتھى الرقة وشعرت باھتمامھ وغیرتھ فأدركت أن ھناك براعم حب تتفتح في قلبینا، وفي الیومالأخیر بینما نستعد للسفر بعد الإفطار جاء لعمر إتصال ھاتفي فقام للشرفة للإجابة علیھ وسمعناه یقول بصوت:عال

إیھ؟ إمتى ؟ وازاي محدش یكلمني أجي؟؟ أنا جاي حالا-

:فقال عمي

على فین یاعمر؟-

مشوار مھم جدا-

أیوة فین ولمین؟-

ھاقولك بعدین یا حاج-

أقف ھنا یاعمر وقولي حالا رایح فین ولمین؟-

نازل مصر مراتي في المستشفى حالتھا خطیرة-

مراتك؟-

دي حكایة طویلة أحكیھالك بعدین-

:شھقت أمھ وقالت

متجوز من ورانا یاعمر؟-

یا أمي أرجوكي لما تعرفي ھتعذریني بس لازم أمشي دلوقتي-

قالھا ونظر إلي وأنا واقفة مكاني لا أتكلم لكني لم أستطع منع دموعي كم كنت مخدوعة فیھ ذلك المثالي مُدعيالفضیلة لیس إلا كذاب كبیر ویضع قناع الشرف والأمانة على وجھھ وھو متزوج في السر ولم یُخفیھا عنا؟لماذا كان یدعي حبي ویرید الزواج بي وھو متزوج؟ لماذا لم یترك قلبي في حالھ؟ كنت سعیدة بحیاتي لماذااقتحمھا وفي حیاتھ غیري؟؟ ھل كان ینوي الكذب علینا معا؟؟ لقد خدع الجمیع لكنھ وأد بقسوة مفرطة مشاعر

.جمیلة كانت قد وُلدت للتو في قلبي، لیتني ما اقتربت منھ ولیتھ لم یعدني بالحب والأمان

عُدنا للقریة بینما ذھب معھ حسن وبمجرد عودتي صعدت لغرفتي ومكثت فیھا لا أخرج ولا أتكلم مع أحدوبالكاد أكل طعامي الذي تحضره لي أم الخیرالتي حاولت مواساتي كثیرا وإیجاد عشرات المبررات لعمر.

فكرت كثیرا في أنھ لم یعد من الممكن مكوثي في البیت معھ ولابد أن أغادر سأعود لشقة والدي المغلقة فيالقاھرة واصطحب معي أم الخیر أو أیة خادمة أخرى ، كان ھذا قراري النھائي الذي قررت إبلاغھ لعمي.

سمعت طرقا على باب غرفتي فوجدتھا أم الخیر تخبرني أن عمي یریدني في مكتبھ فبدلت ملابسي ونزلت إلیھ:فاستقبلني وھو یبتسم بمرارة وقال

أھلا یا بنتي أنا سیبتك الیومین اللي فاتوا على ماتھدي وتفكري بالراحة-

أفكر في إیھ یاعمي الموضوع مش محتاج تفكیر عمر متجوز یعني خلاص الموضوع انتھى وأنا ماعدش ینفع-أعیش معاه في نفس البیت تاني أنا ھارجع شقة بابا ﷲ یرحمھ وأخد حد من الخدامین معایا

:فقال عمي غاضبا

تسیبي بیتي؟؟ وﷲ مایحصل طول ما أنا عایش مش ھتخرجي من ھنا إلا على بیت جوزك-

یاعمي ماھو ما ینفعش أعیش معاه في مكان واحد-

ومین قالك إنھ ھیرجع ھنا ھو اختارھا من ورانا یروح یعیش معاھا ولما ییجي عشان مصالح الناس یبقى-ینزل في المضیفة بس عشان شكلنا قدام الناس

..یاعمي-

كلمة واحدة یا ھنیة إنت اللي ھتفضلي وھو اللي یخرج-

بس مرات عمي ھتزعل-

اللي یغلط یستحمل نتیجة غلطھ ولما یوحشھا تبقى تروح تزوره في بیتھ لكن مش ھیعیش ھنا طول ما أنت ھنا-

.ده بیتك انت، أنا ما أطلعش البنت تعیش وحدھا عشان غلطة واحد وده أخر كلام عندي

كنت حائرة بین كلام عمي وبین اشفاقي على زوجة عمي التي ستُحرم من رؤیة ابنھا بسببي، ربما عندما یھدأعمي قد یغیر قراره. مرت الأیام على البیت یسودھا التوتر والكآبة حتى أن علي وحسن كانا یغیبا طوال الیومفي الجامعة ولا یعودا إلا مساءا للنوم مباشرة، ففقد البیت حیویتھ وخاصة أن زوجة عمي لم تتوقف عن البكاءلأنھا تفتقد ولدھا الذي أمره والده بأن یبقى في القاھرة وإن عاد فعلیھ أن یقیم في المضیفة- المكان المخصصلاستقبال الضیوف- ظل الحزن یخیم على البیت وبعد أسبوعین عاد عمر لیلا شاحب الوجھ، دامع العینین،حزین القلب ومعھ طفل لم یتجاوز الرابعة من عمره، لم یستطع عمي طرده من البیت نظرا لحالتھ فاجتمع الكل:حولھ فقال حسن الذي كان على اتصال دائم بھ

مرات عمر ماتت النھاردة في المستشفى بالسرطان ودفناھا في مدافن أھلھا وسابت لعمر أحمد طفل صغیر-مالوش علاقة بكل المشاكل والتعقیدات اللي حصلت

نظرت إلى أحمد ذلك الطفل الصغیر النحیف ذو الشعر الأسود الناعم والبشرة البیضاء والعیون الحائرةالمملوءة بالخوف فذكرني بنفسي وأنا صغیرة عند وفاة والداي فرق قلبي لھ ، وأمر عمي أم الخیر أن تأخذأحمد معھا لغرفة أخرى وتطعمھ فرفض أحمد في البدایة لكن عمر طلب منھ أن یذھب معھا وأمسك حسن بیده:فاستجاب لھ وذھب معھ لغرفة الطعام إنتظرت خروج حسن وأم الخیر ودخلت لأحمد وجلست بجواره وقلت

أنا ھنیة وانت اسمك إیھ؟؟-

أحمد-

حلوه أوي العربیة اللي معاك دي-

ماما جابتھالي..بس ھي مشیت وسابتني-

أنا ماعندیش ماما-

وأنا بقى معندیش ماما ھي طلعت السما عند ربنا-

بس انت عندك بابا-

بس مش بیحبني ولا بیلعب معایا ولا بیجیب لي لعب ماما بس اللي كانت بتحبني-

أكید بیحبك-

إنتي عندك بابا؟-

لأ راح عند ربنا-

یعني إحنا زي بعض؟-

:اقتربت منھ وضممتھ إلى حضني وقلت

أیوه إحنا زي بعض-

:دخلت أم الخیر ببعض الساندویتشات فأخذتھا منھا وقلت لأحمد

بص بقى یا حمادة إنت تاكل الأكل بتاعك عشان أخدك معایا وأوریك الدبدوب بتاعي ونلعب بیھ سوا اتفقنا-

اتفقنا بس تاكلي معایا-

أكلت معھ بشھیة فقدتھا منذ فترة وبعد أن انتھینا صعدنا لغرفتي وأریتھ دبدوبي المفضل ولعبنا معا بھ ولعبنا:على اللابتوب بعض الألعاب التي یحبھا ثم استلقى على السریر وقال

أنا عایز أنام-

نام یا حبیبي-

بس تنامي جنبي زي ماما وتحكیلي حدوتھ-

حاضر كان یا ماكان ولا یحلى الكلام إلا بذكر النبي علیھ الصلاة والسلام-

علیھ الصلاة والسلام-

.حكیت لھ الحكایة وقبل أن أكملھا غرق في النوم فاستلقیت في السریر بجواره وغرقت في النوم وأنا أحضنھ

لم أتخیل یوما أن خطیئتي الوحیدة ستعذبني ھكذا، والسر الذي حافظت على إبقاؤه بعیدا عن العیون سینكشفأمام الجمیع بھذا الشكل وسیجعلني أخسر المخلوقة الوحیدة التي شعرت تجاھھا بالمودة والألفة، بل وأخسرأھلي وبیتي والأھم أخسر فخر أبي بي الذي كان یراني نموذجا للإبن الذي یفتخر بھ أمام الجمیع فإذا بھ یكتشفأني لا أستحق تقدیره لي ، وأني لست محل فخره بل كذبت علیھ وأخفیت عنھ خطیئتي التي داویتھا بخطایا أكبروھا أنذا تحطم كل شيء فوق رأسي لحظة أن جاءتني مكالمة تخبرني أن سوسن بحالة خطرة وھي فيالمستشفى فكان لابد أن أترك كل شيء وأذھب إلیھا فقد عرفت منذ عامین إصابتھا بالسرطان وبذلت كل جھديلعلاجھا فكانت تتحسن أحیانا وتسوء حالتھا أحیانا ولأني لم أكن قادرا على البقاء بجوارھا دائما فأحضرت لھا.إمرأة كبیرة في السن لتقیم معھا لترعاھا وترعى أحمد في غیابي

عرف الجمیع بزواجي لكن أحد لا یعرف كیف تم ذلك الزواج ، لم أعد أبالي بشيء إنما كل ھمي أن أصلللمستشفى لأكون بجوارھا ھي وأحمد الذي لیس لھ سواي. لاحظ حسن توتري فرفض أن أقود السیارة فقادھاھو مسرعا وبمجرد دخولي المستشفى طلبت منھ الإعتناء بأحمد ابني، فنظر إلي بذھول ولم یجب، جریت علىالأطباء لأطمئن على حالة سوسن فقال لي الطبیب المتابع أنھا تحتضر فبكیت تلك الإنسانة الجمیلة التي أحبتنيبصدق ومنحتني كل حیاتھا ولم أمنحھا سوى لحظات قلیلة خالیة من المشاعر ولكنھا كانت راضیة وكانت تقول:لي دائما

مجرد وجودك في حیاتي ولو للحظات منتھى أملي وسعادتي-

ماھذه المخلوقة التي تعطي بلا حدود؟؟ فطاقة الحب عندھا لا تنتھي لكن خلال أیام ستنطفىء تلك الطاقةوتخبو. دخلت لغرفتھا فكانت غائبة عن الوعي فأمسكت بیدھا وجلست بجوارھا وبكیت لأول مرة في حیاتي:وقلت لھا

سامحیني یا سوسن، أنا قصرت في حقك وإنت كنت كریمة كعادتك دایما-

عمر..عمر-

أنا معاكي..أنا جنبك یا سوسن-

.لیتھا تفیق بضع لحظات وتستمع إلي، لیتھا تسمع كلمات الحب مني ولو لمرة واحدة علھا تموت سعیدة

ذھبت للبیت مع الخادمة وأحمد الذي حاولت الاقتراب منھ لأول مرة في حیاتي فقد كنت دائما أتعامل معھ علىأنھ شخص فرُض علي ویجب أن أؤدي واجبي نحوه، لم أتعامل معھ أبدا كإبني وتلك منتھى الخسة والأنانیةمني فلیست الأبوة مال یُنفق فقط ولكنھا حب واھتمام ورعایة ومشاركة في التربیة، لكني لم أكن یوما أبا لھ ولاأشعر تجاھھ بأیة عاطفة إلا أنني لن أتخلى عنھ كما وعدت سوسن وكما نویت لغرض في نفسي. وجدت أحمدیتعامل معي كشخص غریب وكان محقا في ذلك فقد كان معتادا على الخادمة أكثر مني. كان بالي مشغولا علىسوسن وحالتھا وكذلك بأسرتي وصورتي التي اھتزت في أعینھم، وبالمنصب الجدید والمسئولیة المُلقاة علىعاتقي، وبالفضیحة التي قد تؤثر على مكانتي الجدیدة ولابد أن أجد وسیلة للتغلب علیھا. بقیت الأیام التالیةبجوار سوسن لا أفارقھا إلا للنوم حتى استرد ﷲ أمانتھ وصعدت روحھا الطاھرة إلى ربھا لیكافئھا علىصبرھا في الدنیا على مثلي. في یوم وفاتھا شاءت الأقدار أن یأتي حسن لزیارتي والاطمئنان علي ففوجىءبوفاة سوسن فأنھى الاجراءات وقمنا بالدفن ورفض أن أبقى وحدي في بیتي بل اصطحبني أنا وأحمد لبیت أبي.لأواجھ الجمیع وأولھم ھنیة التي خذلتھا بشدة في اللحظة التي یجب أن أسعدھا فیھا

: جلست بینھم وقلت لأبي الذي شعرت بانكساره بسبب مافعلت بھ

أنا عارف إني غلطان لكن لازم تسمعوا حكایتي من الأول لما نزلت عشت في القاھرة عشان أتعلم وأشتغل-ھناك أجرت شقتي في حي كویس وسكانھ ناس متوسطة الحال، كانت صاحبة العمارة وجارتي ست كبیرة فيالسن ولھا بنت وحیدة ما اتجوزتش وعایشھ تخدمھا، ناس محترمین وفي حالھم والست كانت بتعتبرني ابنھاوكنت باصعب علیھا إني عایش لوحدي فكانت كل فترة تخبط علیھ وتدیني طبق فیھ أكل بیتي أو حاجھ حلوةھي عاملاھا حاولت أرفض لكن كانت دایما تقولي إني زي ابنھا، في یوم كنت سھران مع ناس أصحابي فيفرح واحد صاحبنا وبعد الفرح خرجنا وكلھم بیشربوا سجایر فیھا حشیش أنا كنت باشرب سجایر على خفیفلكن عمري ما جربت الحشیش ولا الخمرة فلما رفضت عزومتھم فضلوا یتریقوا علیھ فأخدت سیجارة من بابإثبات الرجولة، لكن حسیت الدنیا بتلف بیھ فروحت وقبل ما ادخل الشقة وقعت قدام الباب فسمعت سوسنالصوت ففتحت الباب فلقیتني على الأرض فساعدتني أقف وفتحت لي باب الشقة وسندتني حتى دخلت غرفةنومي ووضعتني على السریر وراحت تجیب لي كبایة مایھ لأنھا افتكرت إني دایخ أو مرھق ، لما رجعتبالمایھ كان الشیطان بیلعب بدماغي وصممت أنھا تبقى لیھ، وحصل اللي حصل وتاني یوم لما فقت مابقیتشعارف ده ھلوسة الحشیش ولا حقیقة بس بقیت مش قادر أرفع عیني في عینھم تاني فرجعت البلد وقعدت فترةما باروحش الشغل ولا بانزل مصر بحجة إني عیان وبعد شھر ونص لقیتھا بتتصل علیھ من موبایل مامتھاوبتقولي إنھا حامل، مابقیتش عارف أعمل إیھ ولا أقول إیھ، أقول أبویا وأصدمھ في ابنھ الكبیر وأملھ في الحیاةویبقى شكلي وحش ولا أخبي؟؟ أتجوزھا وأسترھا ولا أدیھا قرشین وأختفي من حیاتھا؟ كنت في حیرة رھیبةلكن تربیتي وأخلاقي ما سمحتلیش أتخلى عنھا فقررت أتحمل نتیجة غلطتي وأتجوزھا وكل الناس تعرف

.ماعدا انتم لأني خفت على صورتي في عینیكم وخفت علیكم من الفضیحة

ولما ولدت أحمد فكرت أطلقھا وأتكفل بمصاریفھ لكن أمھا ماتت ومابقالھاش في الدنیا غیري وكانت مولعة ليصوابعھا العشرة شمع وبتبذل كل جھدھا عشان ترضیني ومستحملة معاملتي الجافة لھا ، فماقدرتش أغدر بیھاوخاصة لما عرفت إنھا مریضة سرطان ، بعد كل ده كانت مواجھتكم أصعب وأصعب ، جبتلھا ست تخدمھاوتراعیھا ھي وأحمد وھي اللي كلمتني وقالت لي إن سوسن بتموت فكان لازم أسیب الدنیا كلھا وأروح لھ،ودلوقتي كلكم عرفتم وكل اللي بنیتھ سنین إتھد، صورتي في عیون أبویا وأمي، وصورتي كقدوة في عینینإخواتي، وصورتي في عیون ھنیة، حتى صورتي في عیون أھل البلد وسیرتي اللي ھیتكلم عنھا اللي یسوا.واللي مایسواش، أنا غلطت غلطة وعالجتھا بكوارث ودي كانت النتیجة

: سكت الجمیع وكأن على رؤوسھم الطیر،فالتفت فلم أجد أحمد فنادیت على أم الخیر وسألتھا عنھ فقالت

مع الست ھنیة في أوضتھا-

وازاي تسیبیھ معاھا؟؟ أمي أرجوكي إطلعي ھاتیھ منھا بسرعة-

:صعدت أمي وأنا أشعر بالخوف على أحمد من انتقام ھنیة منھ ومني، لكن أمي عادت بعد دقائق و قالت

لقیتھم نایمین في حضن بعض-

:سكت ولم أتكلم من ذھولي، ساد الصمت حتى قال أبي

خلونا ننام ونھدى والصبح نفكر بالعقل ، اللي حصل حصل ومش ھنقدر نغیر اللي فات خلونا نفكر في اللي-جاي

:استیقظت على ید أحمد تعبث بوجھي فبمجرد أن فتحت عیناي ابتسمت لھ وقلت

صباح الخیر یا حمادة-

صباح الخیر أنا جعان-

طیب تعالى نغسل وشنا وننزل ناكل عند أم الخیر-

ھو بابا مشي وسابني؟-

لأ یا حبیبي بس تلاقیھ لسھ نایم-

:نزلنا المطبخ عند أم الخیر وجلسنا نتناول طعامنا عندما دخل عمر فقال

صباح الخیر إزیك یا أحمد نمت كویس؟؟-

أه نمت مع ھنیة صاحبتي، ھي كمان مامتھا عند ربنا-

طیب یا حبیبي لما تخلص أكل تعالى لي بره، اعملي لي شاي یا أم الخیر، ولو سمحتي یا ھنیة عایزك شویة-

مافیش بیني وبینك كلام-

...ھنیة عایز-

:ھنا دخلت أمھ وقالت

صباح الخیر یا أولاد حد برضھ یتكلم في المطبخ؟؟ نطلع نتكلم بره-

:فقلت

لما أحمد یخلص أكل-

بعد انتھاء الطعام تعمدت تجنب عمر لأني لا أرید الحدیث معھ ولا معرفة ظروفھ، وكانت أم الخیر قد أعدت:لأحمد غرفة خاصة بھ فقال لي

تعالي شوفي أوضتي جمیلة إزاي، بس خایف أنام لوحدي-

ھاجي كل یوم أحكیلك حدوتھ لحد ماتنام وخد الدبدوب ده ینام في حضنك-

:قبلني وقال

أنا بحبك یا ھنیة-

وأنا كمان بحبك-

دخلت زوجة عمي وأنا أجلس بجوار أحمد أتأملھ وھو نائم فأشارت لي بالخروج فخرجت ودخلنا غرفتي:فحكت لي قصة عمر مع والدة أحمد وقالت

ھو معترف إنھ غلطان إنھ خبى علینا كلنا وعایز فرصة بس یتكلم معاكي-

مافیش بیني وبینھ كلام ، أما أحمد فبیفكرني بنفسي أول ما جیت وحبیت أعمل معاه اللي انتي وعمي عملتوه-زمان عشان أعوضھ حرمان أمھ

أنا عارفة إن صدمتك فیھ كانت كبیرة لكن عارفھ برضھ إن قلبك كبیر وھیسامح یا بنتي كلنا بنغلط إحنا مش-ملایكة، خدي وقتك وبعدین قرري محدش منا ھیضغط علیكي ھو لازم یرجع مصر لمدة كام یوم عشان عندهشغل ھناك ولما یرجع یبقى ربنا یسھل

سافر عمر ومازال قلبي مجروحا وعقلي یرفض مسامحتھ ولمُت نفسي كثیرا لأني صدقتھ فقد كنت أعیش فيسعادة وأنا خالیة البال ولم أكن أتخیل یوما أن أتعلق بھ ھكذا بل وأحبھ حتى أفقت على صدمتي فیھ. كنت أظنھقویا فاكتشفت أنھ ضعیف لا یستطیع مواجھة أھلھ بأخطاؤة ولا الإعتراف بھا، ویستھین بالكذب وھو عند ﷲعظیم، كما أنھ لا یبالي أن یشاغل فتاة ویعشمھا بحبھ وھو متزوج بأخرى، ماذا لو لم نكتشف حقیقتھ ھل كان.سیجمع بیننا كزوجتین دون أن یخبرنا؟؟ لا أستطیع أن أغفر لھ ذلك أبدا

مضت الأیام وأنا أھتم بأحمد وأراعیھ حتى صرنا أصدقاء وبدأ یحكي لي عن حیاتھ وعن والدتھ المسكینة ،المریضة دائما التي یفتقدھا بشدة لأنھ كان متعلقا بھا بینما والده كان یراه مرات قلیلة وفي كل مرة یغمره بھدایاهلكنھ لا یتحدث معھ أو یلاعبھ بل ھو دائما مشغول مع أخرین یحدثھم ھاتفیا. كان علي في تلك الفترة أن أفكر:بذھن صافٍ في مستقبلي وماذا سأفعل في أیامي القادمة. ذات یوم فوجئت باتصال من محمود ابن خالي یقول

إزیك یا ھنیة أخبارك إیھ؟؟-

الحمد  إزاي خالي وطنط وإخواتك ؟-

كلنا بخیر..أنا كنت عایزك في موضوع-

خیر-

ماینفعش في تلیفون لازم نتقابل عشان نتكلم براحتنا-

ما أقدرش اخرج وأقابلك بره عایز تیجي البیت أھلا وسھلا-

لا ما ینفعش برضھ-

خیر یا محمود قلقتني-

بصراحة أنا معجب بیكي وعایز أتقدملك عارف إنك موعوده لابن عمك وعارف إن مركزة الاجتماعي-والمالي أحسن مني ، بس أنا برضھ مستوایا مش وحش أنا باشتغل في بنك وعندي شقتي في القاھرة وعندناأرض والدي ربنا یدیلھ الصحة یعني مستورة، مش ھاقولك بحبك وأغني علیكي صحیح أنا عرفت بنات كتیرلكن إنت حد تاني بنت مدردحة بس مش مقفولة وجدعة وبمیت راجل ومتعلمة وقلبك كبیر وسامحتي أھلكووصلتیھم بعد مقاطعة طویلة، یعني من الأخر دخلتي عقلي وفي نفس الوقت حاسس بمیل ناحیتك وعشانعارف إنك جد عایز أدخل البیت من بابھ بس حبیت أعرف رأیك الأول قلتي إیھ؟؟

:سكت للحظات من وقع المفاجأة وقلت

بصراحة یا محمود إنت فاجئتني وكمان أنا ظروفي الیومین دول متلخبطة فسیبني أفكر یومین وبعدھا أرد-علیك

وأنا موافق ومھما یكون ردك ھنفضل قرایب ومانقطعش الصلة اللي بیننا-

طبعا ده أكید-

خلاص منتظر اتصالك-

بقیت مكاني في ذھول وكأني أحتاج لمزید من التشتیت، ھل أقبل بالزواج من محمود وأبتعد عن عمر الكاذبلكني لا أعرف محمود جیدا والكل حذرني منھ أنھ لیس سھلا؟ فھل أخرج من ورطة لأقع في أخرى؟ لقدارتبطت بأحمد وھو یحتاج لأم تعوضھ غیاب أمھ وقد یتزوج عمر بمن تسبب لأحمد مشاكل نفسیة فھل أغفرلعمر من أجل أحمد وأتزوجھ لأرد جمیل عمي وزوجتھ؟ أم أرفض الإثنین وأنتظر آخر یسعدني ولا أباليبمشاكل غیري وأھتم بسعادتي فقط؟؟ بقیت غارقة في حیرتي لا أعلم ماذا أختار أو أفعل واستخرت ﷲ كثیرا.وطلبت ھدایتھ

:جاء عمر قبل أن أرد على محمود وأصر أن یجلس معي وأن أستمع إلیھ فقبلت وجلسنا في غرفة المكتب فقال

عارف إني نزلت من نظرك وعارف إنك بتعتبریني كداب وغشاش لكن كان صعب علیھ جدا إني أواجھ أھلي-بغلطتي وأنا اللي شایفینھ عاقل ومتزن وقدوة لإخواتھ، فكانت النتیجة الأسوأ إني أعالج غلطة بغلطة أكبروأفضل أكدب وأداري، أنا معترف إني غلطان في حق نفسي وعیلتي وفي حقك لكن طمعان في إن قلبك الكبیراللي بیسامح الكل ھیسامحني

فیھ غلطات ممكن نغفرھا وفیھ غلطات لأ، إنت كنت ھتتجوزني وإنت متجوز ومخلف من غیر ماتقولي-وتسیب لي الاختیار أوافق أو أرفض؟؟ ویاترى كنت ھتقول للمسكینة دي ولا برده ھتخبي علیھا؟؟

فكرت كتیر أقولك بس خفت صورتي تتھز في عینیكي وإنت غالیة عندي جدا، أنا حسیت معاكي بمشاعر ما-حسیتھاش قبل كده وكان عندي استعداد أعمل أي حاجھ عشان أحافظ علیكي

بالكدب والخداع؟؟ یاعمر الحب الحقیقي عشان یعیش ویكبر لازم أساسھ یكون الصدق والثقة والاحترام-

عندك حق أنا تفكیري كلھ كان غلط وفضلت أداري بالكدب على غلطتي لحد ما اتفضحت الحكایة كلھا قدام-الكل واللي یسوى واللي مایسواش بیجیب في سیرتي، أنا مش ھاضغط علیكي ولا ھاطلب منك أي حاجة بسكل اللي عایزك تفھمیھ إني بشر مش ملاك وباغلط زي كل الناس لكن اتعلمت من الدرس ده كویس أوي ومش.ناوي أكرر نفس الغلطة تاني لأن تمنھا كان أغلى من تصوري

تركتھ وخرجت وتفكیري مضطرب جدا بین رغبتي في تصدیقھ ومسامحتھ وخوفي من خداعھ مرة أخرى،أتأرجح بین العفو والعقاب، ومازاد اضطرابي وتشتت ذھني ھي رغبة محمود في الارتباط بي وأنا مازلتحائرة ماذا أختار. فكرت أن أبتعد عن الجمیع لفترة وأفكر بمفردي دون وقوعي تحت أي تأثیر لكن كان ذلكمستحیلا لأن عمي لن یقبل بسفري بمفردي ولیس لي أصدقاء من خارج الأسرة ، كم تمنیت لو أن أمي على قیدالحیاة لكانت أفادتني برأیھا وكنت سأضع رأسي على صدرھا وأشكو لھا ولا أحمل للدنیا ھما لأني أعلم أنھا.سترشدني للصواب، لكنھا تبقى مجرد أمنیة وعلي أن أواجھ الواقع

اعتزلت الجمیع –حتى أحمد – وبقیت في غرفتي طوال الیوم ولم تكن لدي أیة رغبة في تناول الطعام حتىنزلت في المساء للمطبخ وأعددت كوبا من الشاي وخرجت بھ للشرفة فسمعت عمي وزوجتھ یتحدثان فقررت:أن أعود لغرفتي حتى سمعت زوجة عمي تقول

ھنیة ھترفضھ ھي معاھا حق أنا عاذراھا جرحھا جامد بعد ما عشمھا یمكن لو كانت صلتھم زي الأول ما-كانش الموضوع بقى صعب كده

طب والحل؟؟ الناس أكلت وشي ومالھمش سیرة غیر النائب اللي طلع فجأة متجوز وعنده عیل وبنت عمھ-رافضھ تتجوزه سیرتنا بقت على لسان الكل

الحل إننا نجوزه أي واحدة مناسبة وخلاص وبكره الناس ھتنسى لما تظھر حكایة جدیدة-

ومین ھیرضى یجوز بنتھ لابنك وھو عنده عیل؟-

ابني ألف عیلة تتمنى نسبھ ده سیادة النائب بحالھ وكفایة الناس كلھا بتحلف بعقلھ وبأخلاقھ-

الناس نسیت كل ده ومسكت في حكایتھ، كمان بنات العائلات مش ھیرضوا یربوا ابن واحدة تانیة-

أحمد ھیفضل معایا صحیح صحتي على أدي بس ربنا یقویني وأقدر على رعایتھ-

إحنا ھنضحك على نفسنا یا حاجھ؟؟ عیل زي ده محتاج شابة صغیرة تراعیھ-

طب والعمل؟؟-

العمل عمل ربنا لو كانت ھنیة ربنا یھدیھا وتوافق بالي ھیرتاح مش بس على أحمد لا على عمر والعیلة كلھا-لأنھا عاقلة ومخھا كبیر وبتحبھم كلھم وقلبھا علیھم وكلھم بیسمعوا كلمتھا

معاك حق وھي حنینة أوي على أحمد وھو روحھ فیھا ده حتى النھاردة أكل بالعافیة عشان ھنیة مش معاه مش-عارفة ھیعمل إیھ مع الغریبة؟؟ ربنا یھدیكي یا ھنیة وتریحي قلبي

صعدت لغرفتي وأدركت أن تلك الرسالة موجھة لي فواجبي تجاه عمي وزوجتھ أن انُحي مشاعري جانبا وأنأرد الجمیل ، اتصلت بمحمود واعتذرت لھ بلباقة عن ارتباطي بھ وشكرتھ على مشاعره الجمیلة. في الیوم

:التالي تناولت الإفطار معھم حیث كان كل أفراد الأسرة مجتمعون فقلت لعمي

یاعمي من زمان وانت وبابا ﷲ یرحمھ كنتم اتفقتم على جوازي من عمر وأعتقد إن ده الوقت المناسب إننا ننفذ-الإتفاق ده إلا إذا كان عمر مش موافق

:سكت الجمیع وقد أذھلتھم المفاجأة لكن أول من أجابت ھي زوجة عمي عندما قالت

طبعا موافق ھو لو لف الدنیا مش ھیلاقي زیك یا ھنیة-

:فقال عمي

دي رغبتك ولا حد غصبك على الكلام ده؟-

دي رغبتي یا عمي وحضرتك عارف إننا كنا مستنین لما الإنتخابات تخلص-

وانت یاعمر إیھ رأیك؟-

:كانت نظرات عمر مُثبتة علي فقال

أنا موافق ویاریت یكون في أسرع وقت، بس أنا ھاعیش في القاھرة فترة وجودي في البرلمان وھاجي أخر-الأسبوع

یبقى تشتري شقة في القاھرة وھنیة تعیش معاك ھناك وترجع معاك وانت راجع-

:فقلت

لكن لیھ شرط یاعمي-

خیر؟-

یتكتب في عقد الجواز إنھ لو اتجوز علیھ یكون من حقي الطلاق-

:فسكت الجمیع وأجاب عمر

موافق لأني عمري ما ھافكر أتجوز غیرك-

:أطلقت زوجة عمي الزغارید وھنأني الجمیع وبعد انصرافھم قال لي أحمد ھامسا

ھتتجوزي بابا وتعیشي معانا؟؟-

أه إیھ رأیك؟-

یعني ھتبقي ماما تانیة؟-

مافیش حد ممكن یكون مكان مامتك ﷲ یرحمھا لكن ھابقى ھنیة صاحبتك مبسوط یا حمادة؟؟-

:احتضنني بیدیھ الصغیرتین وقال

مبسوط أوي یا ھنیة-

سعدت لسعادتھ كثیرا وشعرت أني فعلت الصواب من أجل الجمیع لكن یاترى ھل فعلت الصواب لنفسي؟؟ لا:أعلم. ناداني عمر فتوجھت إلى مكتبھ فقال مبتسما

أخیرا سامحتیني؟؟-

بس محتاج وقت كبیر عشان تكسب ثقتي ولحد ما تكسبھا ھتفضل عمر ابن عمي وبس-

متأكد إني ھاكسبھا بسرعة عشان ھاكون صریح معاكي ومش ھاخبي عنك حاجھ ولأني متأكد إنك بتحبیني-زي ما بحبك، بس عایز أسألك یاترى وجود أحمد معانا مش ھیضایقك؟

بالعكس ده ھیكون سبب سعادتي-

یعني مش ھتغیري منھ ولا من سیرة والدتھ؟-

لأ لأني یتیمة وأكتر حد یحس بالیتیم ویراعي مشاعره-

:اقترب مني وقال برقة

أوعدك إني ھابذل كل جھدي عشان أسعدك-

ابتسمت وانصرفت ومازال ھناك شيء في قلبي یقف حائلا بین عمر وبین حبي ھناك شيء في ثنایا عقلي یقوللي لا تصدقیھ ولا تثقي بھ فمن اعتاد على الكذب سیظل كاذبا وصوت یأتي من أعماق قلبي یقول من منا لا

.یُخطىء؟؟ بین عقلي وقلبي كنت حائرة أتخبط وأحتاج لمن یدلني للطریق الصحیح

بدأنا في تأسیس شقة الزوجیة بالقاھرة وعمر یبذل كل جھده لیكسب ثقتي لكن مازال ھناك حاجزا بیني وبینھ،واعلن عمي أن عقد القران سیكون قبل الزواج بشھر لأسافر مع عمر وأشتري حاجاتي بلا حرج فوافقت. أقامعمي حفل كبیر دعا إلیھ أسرة أمي فحضروا جمیعا ما عدا محمود، كما دعا كبار رجال القریة والقرىالمجاورة لیُخرس كل الألسنة . بعد انتھاء الحفل -الذي تحدث الجمیع عنھ سواء بالخیر أو الشر- جاءني عمر:وطرق باب غرفتي ففتحت لھ فقال مبتسما

عایز أتكلم معاكي شویة-

انزل وھاجیلك تحت لأنھ ما ینفعش نتكلم في أوضتي-

بس أنا جوزك-

على الورق بس حالیا ماتنساش ده-:نزل ونزلت معھ إلى غرفة المكتب فقال

عایزین نخلص كل حاجھ في أسرع وقت عشان الدورة البرلمانیة ھتبتدي وھاكون مشغول جدا وكمان شغل-مكتب المحاماه بتاعي بیاخد معظم وقتي

حاضر بس كنت عایزه أطلب منك طلب؟-

أؤمري-

عایزة أعمل مشروع خاص بیھ-

لیھ؟ انت مش محتاجة فلوس عندك إیراد أرضك وكمان أنا ھاكون متكفل بكل مصاریفك-

الشغل للبنت بیملا فراغ عقلھا وبیحسسھا بكیانھا وإنھا مش مجرد تابع للزوج ، كمان في القاھرة مالیش لا-أھل ولا أصحاب وانت بین البرلمان ومكتبك أنا ھاقعد أعمل إیھ؟؟

تراعیني أنا وأحمد وتھتمي ببیتك-

كل ده مش ھیاخد من وقتي 5 ساعات و10 نوم وأكل یعني عندي 9 ساعات فاضیة أعمل فیھم إیھ؟؟ كمان-أحمد ھیدخل المدرسة یعني طول النھار فاضیة ، الفراغ ده ممكن یموتني

وعایزة تشتغلي إیھ؟-

أنا أخدت كورسات في السوشیال میدیا ومعایا بنات زمایلي واحده شاطرة في التسویق (الماركتینج) والتانیة-في السوشیال زیي یعني ممكن نعمل شغل حلو ومعظمھ على النت مش محتاجین نتحرك كتیر بس كل الليھنحتاجھ ھنأجر شقة صغیرة وكام جھاز كمبیوتر نعمل علیھ شغلنا

:سكت للحظات ثم قال

موافق بس لو حسیتي إن شغلك ھیأثر على بیتك والتزاماتك ھتوقفیھ؟-

لأ مش ھاوقفھ بس ھاغیر من طریقة الشغل-

اتفقنا لو ده ھیسعدك-

: ثم اقترب مني وقال ھامسا وأنفاسھ الساخنة تلفح وجنتاي

ماتعرفیش سعادتك مھمة بالنسبة لي أدي إیھ-:وحاول أن یقبلني فأفلت منھ وقلت بإرتباك

تصبح على خیر-:فقال ضاحكا

اھربي براحتك بس بكرة مش ھتعرفي تھربي، اعملي حسابك ھننزل مصر بكره من بدري عشان نخلص-اللي ناقصنا

في الیوم التالي نزلنا القاھرة واتجھنا لشقتنا وكتبنا قائمة بالأشیاء الناقصة التي یتوجب علینا شراؤھا ، وأثناءخروجنا لاحظت وجود لافتة مكتوب علیھا (شقة للإیجار) فطلبت من عمر الإتصال بأصحابھا لمعرفة مطالبھم:فاتصل بھم واتفق معھم على اللقاء بعد ساعتین في العمارة وقال لي

لو اتفقنا معاھم یبقى ھایل على الأقل یبقى شغلك جنب البیت وماتضیعیش وقت في المواصلات-

بس یارب یكون إیجارھا على أد امكانیاتنا أنا مش عایزة أصرف كتیر في البدایة-

ولو ماتقدریش علیھ أكمل أنا الباقي عشان تفضلي ھنا قریبة من البیت ده مكسب-

نظرت إلیھ متعجبھ من رغبتھ الشدیدة لإرضائي وتساءلت ھل حقا یحبني؟ ھل أنا مخطئة بشأنھ ویجب علي أن

.(أسامحھ؟؟ حاولت كثیرا لكن عقلي یقف ضدي ویقول (انتبھي حتى لا یخدعك مرة أخرى

تناولنا طعامنا وعدنا مسرعین للعمارة والتقینا مع أصحاب الشقة وتم الإتفاق وتوقیع العقد ورفضت أن یدفع ليعمر أي مال كمساعدة منھ، فقد أصررت أن یكون مشروعي بمالي.اتصلت بزمیلاتي واتفقنا على طریقةالعمل واشترى لي حسن أجھزة كمبیوتر بسعر جید جدا وقام بتركیبھا في المكتب وبدأت رشا ولمیس العملبینما انشغلت أن في الإعداد للزفاف.مضى الوقت سریعا وأقمنا لیلة الحنة في قریتنا وأبدیت السعادة علىوجھي لنخرس كل الألسنة التي خاضت في سیرة عمر، بینما كان حفل الزفاف في أحد الفنادق الشھیرةبالقاھرة وحضره أفراد العائلتین وبعض المسئولین وأعضاء البرلمان فكان حفلا أسطوریا یتحاكى بھ الجمیعوبعد انتھاء الحفل أصرت زوجة عمي على اصطحاب أحمد معھا حتى أقضي أنا وعمر أسبوع عسل كما:قالت. دخلنا شقتنا وأنا أدعو ﷲ أن ینیر لي بصیرتي ویرشدني للصواب ، بقیت صامتة لا أتكلم حتى قال عمر

غیري ھدومك وتعالي نصلي سوا-

دخلت غرفتي وأبدلت ملابسي وارتدیت بیجاما محتشمة وتوضأت ووضعت الإسدال فوقھا وصلینا معا وبعد:الصلاة قال لي

أنا مش ھاغصب علیكي بحاجة وھاسیبك براحتك لحد ماتحسي إنك محتاجھ لي زي ما أنا محتاجلك بس لازم-تعرفي إني ما كنتش باصدق إن فیھ حاجة إسمھا حب إنما فیھ تعود أو رغبة مش أكتر لحد ماقربت منكولقیتني بحبك إمتى وإزاي ما أعرفش لكن كل اللي أعرفھ إني مش عایز أبعد عنك وعایز أقضي باقي حیاتي.معاكي

سیب القرب بیننا یدوب كل الحواجز مع الوقت تصبح على خیر-

نمت في غرفة أحمد وصراع یدور بداخلي بین قلبي وعقلي وبین رغبتي وخوفي حتى غفت عیناي واستیقظت: على صوت دقات على بابي ففتحت الباب لعمر فقال مبتسما

صباح الخیر، بابا اتصل وقال انھم جایین في الطریق یاریت تستعدي عشان محدش یعرف انك نمتي ھنا وإلا-سمعتي ھتبقى في الأرض

:ضحكت وقلت

حاضر ماتخافش-

:جاء الجمیع وقبلتني زوجة عمي وقالت

لو كنتي بنت بطني ماكنتش ھاحبك أكتر من كده-

انت أمي اللي ربتني وھافضل عمري كلھ أحبك-

:فقال عمي ضاحكا

وأنا نصیبي فین؟-

:فاقتربت منھ وقبلتھ وقلت لھ

إنت اللي في القلب بس خلي بالك ھي ھاتغیر مننا-

:ضحكنا معا وقال عمر ضاحكا

وأنا فین من قصة الحب دي؟-:فقالت أمھ وھي تغمز بعینھا

إنت حاجھ تانیة خالص-:فجاء أحمد ببراءتھ وقال

وأنا كما بحب ھنیة-

:واحتضنني بیدیھ الصغیرتین فقبلتھ وقلت لھ

وأنا كمان بحبك یا حمادة-

انتھت الزیارة وأعدت ترتیب البیت وعمر یتأملني في كل خطواتي ونظراتھ تربكني لكني تماسكت حتى لاأستسلم لھوى قلبي وأرتمي بین یدیھ. مرت الأیام التالیة بین زیارات المھنئین وبین بعض دعوات الغداء أو:العشاء من عمر لیُذیب جبال الجلید بیننا ، حتى انقضى أسبوعا كاملا فطلبت منھ أن یذھب لإحضار أحمد فقال

یعني قلبك حن على أحمد وأبوه لأ؟-

ماقلنا سیب الأیام تداوي الجروح-

ماكنتش فاكر ان قلبك قاسي كده-

لما یكون الألم فوق الإحتمال بیاخد وقت كبیر عشان یخف-

:سكت وبدا الحزن على ملامحھ وقال

طیب مش ھتیجي معایا البلد؟-

لو جیت ھنضطر ننام في أوضھ واحده قدام الكل وأنا لسھ مش متقبلھ الوضع ده حالیا-

براحتك-

انصرف وعلامات الحزن مرسومة على وجھھ مما أشعرني بالأسى وفكرت أن أتراجع عن قراري لكنھ كانقد فات الأوان.قضى عمر الیوم كلھ مع الأسرة وغادرمساءا مصطحبا أحمد ولكنھم لم یصلوا بعد ، لقد مر أكثرمن تلاث ساعات وبدأت أشعر بالقلق، فكرت أن أتصل بعمر لكني تراجعت خوفا من أن یفسر ذلك على أنھالھفة علیھ. بعد مرور أربع ساعات لم أتمالك نفسي واتصلت بھاتفھ ولم یجب فأعدت الإتصال عدة مرات حتىأجابني صوت غریب وقال أن صاحب الھاتف أصٌیب وتم نقلھ للمستشفى ، كدت أسقط رعبا ولكني تمالكتنفسي وسألتھ عن عنوان المستشفى فعرفت أنھا أقرب للقاھرة، اتصلت بحسن وأخبرتھ وقلت لھ أنني ذاھبة إلىھناك. بالفعل استطعت الوصول قبل عمي وأسرتھ فوجدت أحمد جالسا یبكي بعد أن تم تضمید جراح رأسھ:وتجبیس یده الیسرى فأسرعت إلیھ وضممتھ إلى صدري فتعلق بي وقال

أنا خایف یا ھنیة بابا یروح عند ربنا ویسیبني زي ماما-

متخافش یا حبیبي ان شاء ﷲ یخرج بالسلامة-

سألت الطبیب عن حالة عمر فأجاب أنھ تعرض لكسر في ساقھ الیسرى وحالیا في العملیات لتركیب شریحة لھ،وطمأنني على حالة أحمد فشكرتھ. جلست أنا وأحمد في حضني ننتظر خروج عمر من العملیات وعندھا وصلعمي ملھوفا وزوجتھ تبكي ھلعا فطمأنتھم وذھب حسن للطبیب لیعرف حالة عمر بنفسھ وعاد لطمأنتھم فقلت:لزوجة عمي

متخافیش ربنا كبیر وھینجیھ-

یارب یا بنتي-

خرج عمر من العملیات ولكنھ مازال تحت تأثیر البنج وبقینا جمیعنا بجواره حتى أفاق وطمأننا الطبیب أنھبخیر لكنھ سیحتاج وقتا لیتعافى فطلب عمي من الطبیب أن ینقلھ لمستشفى خاص ولكن الطبیب رفض حالیاحتى تستقر حالتھ. رفضت زوجة عمي أن تترك أحدا یبیت معھ سواھا فاتفقنا على تقسیم الوقت بیننا ، فبقیتھي وحسن وغادرنا جمیعا لبیتي . مر الوقت بطیئا ثقیلا وخیم الصمت على الجمیع حتى غلبنا النوم وفي:الصباح خرج عمي مصطحبا علي وقال لي

ھابعت لك مرات عمك ترتاح شویة بس یارب ترضى-

قمت لإعداد الإفطار لي ولأحمد الذي كان متألما فاعطیتھ الدواء الذي وصفھ الطبیب بعد الأكل وقمت لأعدالغذاء للجمیع . جاءت زوجة عمي وطمأنتني أنھ أفاق لكن لابد أن یبقى بالمستشفى عدة أیام فطلبت منھا أن تنامقلیلا حتى تعوض الإنھاك الجسدي والعصبي وعندما أعددت الطعام أیقظتھا ووضعت لھا ولأحمد وعليالطعام وذھبت إلى عمر بالمستشفى ، كنت أشعر بالخوف من نفسي أن أراه وھو ضعیف لكني تماسكت:وعندما دخلت غرفتھ نظر إلي بوھن وابتسم فقلت

حمدﷲ على سلامتك-

ﷲ یسلمك-

:خرج عمي وحسن وتركانا فشعرت بتوتر أكثر وارتباك حاولت أن أخفیھ بسؤالي عن صحتھ فقال

ربنا أخدلك حقك مني-

:فقلت بلھفھ-

بعید الشر عنك ربنا یقومك بالسلامة-

من قلبك ؟-

طبعا-

عشان ابن عمك؟-

لأ عشان جوزي اللي كنت مرعوبة علیھ ومش عارفھ ھاعمل إیھ من غیره-

:أمسك یدي وقبلھا وقال-

یاه أخیرا یا ھنیة،أنا زعلان إني مش قادر أقوم وأخدك في حضني وأعوضك اللي فات-

بكره تقوم بألف سلامھ ولسھ العمر قدامنا طویل-

وكأن القدر رتب ذلك الحادق لیُذیب الجلید بیننا ولأعرف أني أحبھ وبإمكاني أن أغفر لھ، فقلوب المحبین لا.تعرف سوى التسامح والمغفرة

بعد عدة أیام عاد عمر للبیت وغادرت أسرة عمي لكن زیارات الأھل والأصدقاء لم تنقطع، وبدأ الطبیب یسمحلعمر بالحركة شیئا فشیئا حتى استطاع أن یمشي متكئا على عصا وفي أول مره خرج فیھا لزیارة الطبیببصحبة السائق -بعد أن رفض ذھابي معھ بسبب نظرات الطبیب الجریئة لي- عاد بعد ساعتین وھو یحمل ليھدیة جمیلة عبارة عن كتاب نادر كنت أبحث عنھ وباقة ورود، سعدت بالھدیة جدا ومن فرحتي تعلقت برقبتھ:وقبلتھ في وجنتھ فأحاطني بذراعھ وضمني لصدره وقبلني برقھ وقال

ماتتخیلیش أد إیھ حلمت باللحظة دي-

..عمر بس-

مافیش بس أنا بحبك یا ھنیة وانتي بتحبیني لیھ نضیع عمرنا في صد وجفا؟؟ لیھ أحلى سنین عمرنا تمر بین-إیدینا من غیر مانتمتع بیھا؟؟ مش انتي برضھ بتحبیني؟؟

:فأومأت خجلا برأسي فقال ھامسا

مش سامع-

بحبك یا عمر-

وأنا باموت فیكي یاروح عمر تعالي معایا-:جذبني من یدي واتجھ نحو غرفتنا فقلت بخجل

استنى بس ھاقولك-

لأ أنا استنیت كتیر تعالي بقى عندي موضوع مھم عایز أقولھولك-

.استسلمت لھ وعشت معھ أجمل لحظات حیاتي، وبدأت حیاتنا الزوجیة حقا

اتفقنا منذ اللحظة الأولى أن نتشارك في كل شيء ولا نخفي عن بعضنا شیئا وأن تكون الصراحة ھي أساسحیاتنا. بدأ عمر في التعافي وعاد لعملھ وكذلك أنا عدت لعملي وكنت في الأجازة الدراسیة أصطحب أحمد معيلشركتي فكان یلعب على الكمبیوتر حتى أنتھي من عملي ، وبدأت شركتنا تحقق نجاحا لا بأس بھ وحرصتمن بدایة حیاتنا أن یكون دخلي مستقلا عن دخل عمر ویكون لي مالي الخاص ولكن كثیرا ما كان عمر یقترض

.مني بعض المال لإحتیاجات عاجلة فلم أكن أمانع وأحیانا كان یُعیده وأحیانا لا فلم أھتم

مرت حیاتنا سعیدة لم ینغصھا سوى عدم إنجابنا لأطفال وفي كل زیارة للقریة كانا عمي وزوجتھ یسألان عن:السبب فكان عمر یثور غاضبا ویقول

ده رزق ربنا یجي وقت ما ییجي-

:وكان یرفض رفضا تاما ذھابي لطبیب حتى قالت لي زوجة عمي

سیبك منھ الرجالھ ما بیبقاش في دماغھم الخلفھ بالعكس بیحبوا یریحوا دماغھم ، روحي من غیره ولو تحبي-أجي معاكي مافیش مشكلھ

یاریت تیجي معایا-

بالفعل ذھبنا معا لطبیبة فطلبت مجموعة من التحالیل وأن ازورھا بمجرد ظھورھا وعندما رأت كافة التحالیل:طلبت إجراء سونار ثم قالت

ماعندكیش أي سبب یأخر الحمل بالعكس الخصوبة عندك عالیة وسنك مناسب لازم جوزك یكشف ویعمل-فحص شامل ممكن یكون السبب منھ

بس ھو عنده طفل-

ممكن تكون حصلت لھ إصابھ أو جالھ فیروس ومحتاج علاج بسیط-

:فسكت أنا وزوجة عمي وانصرفنا وبعد فترة صمت قالت

محدش ھیقدر یكلمھ غیرك قولیلھ انك بتحبیھ ونفسك في عیل منھ وھو مش ھیرفض لك طلب بس خلي بالكالموضوع ده حساس للرجالة كلمیھ لما تروحوا بیتكم لوحدكم

ربنا یستر-

ربنا یسعدكم یا بنتي-

:عدنا لبیتنا وبعد أن نام أحمد دخلت غرفتنا وجلست على السریر بجواره فقال

بقالك یومین مش على بعضك مخبیة عني إیھ؟-

بصراحة مامتك أخدتني ورحنا للدكتورة عشان تعرف الحمل متأخر لیھ؟؟-

:فقال غاضبا

وطاوعتیھا وكسرتي كلامي؟-

:فقبلتھ في وجنتھ وقلت وأنا أمسك بیده

مش باكسر كلامك بس أنا كمان نفسي في طفل من جوزي اللي بحبھ-

ماقلنا ده رزق-

وأنا باخد بالأسباب مش أكتر-

وقالت لك إیھ؟-

...قالت مافیش أي سبب لتأخیر الحمل نھائي..بس-

بس إیھ؟-

قالت لازم الزوجین یعملوا الفحص مش الزوجة بس-

:فقام غاضبا وقال

أظن أنا كویس جدا والدلیل إني خلفت أحمد-

:فقمت مبتسمھ وقلت

یا حبیبي ده مش تشكیك فیك بس ده اجراء ضروري وحیاتي یاعمر لو غالیة عندك اعملھ أنا نفسي في طفل-منك یبقى أخ أو أخت لأحمد ونعمل عیلھ ولا إنت مش عایز تخلف مني؟؟

ھنیھ اقفلي الموضوع ده أنا عایز أنام عندي شغل كتیر بكره-

مر أسبوع بأكملھ وعمر مازال غاضبا وحاولت بكل الطرق إرضاؤه لكنھ كان متمسكا بموقفھ حتى جاء إلي في:نھایة الأسبوع وقال

مش ھنسافر البلد النھاردة-

لیھ إنت تعبان؟-

فعلا تعبان جدا-

قوم نروح لدكتور-

تعبان نفسیا مش جسدیا-

مالك یا عمر؟؟-

رحت للدكتور عشان ما أقدرش ما استجیبش لطلبك-

حبیبي یاعمر ربنا یخلیك لیھ؟ وقالك إیھ؟-

قالي الحادثة أثرت على قدرتي وإني مش ھاقدر أخلف تاني-

:سكت للحظات ونظرت إلیھ بذھول وأنا غیر مصدقة للخبر فنظر إلي بحزن وأشاح بوجھھ عني وقال

ھاطلقك عشان تقدري تخلفي وتحققي حلم الأمومة-

إیھ اللي بتقولھ ده؟؟ أنا مش عایزة اتطلق وراضیة بنصیبي-

بلاش مواقف عاطفیة تندمي علیھا بعد كده-

أنا اخترتك انت وعمري ما ھاندم على اختیاري-

ارجوكي یا ھنیة أنا مش عایز شفقة من حد-

مش شفقة یا عمر بس أنا كنت عایزة طفل منك إنت مش من غیرك ولو ربنا مش عایز خلاص أنا راضیة-

قدامك فرصة لأخر الأسبوع فكري بعقلك وبعدین قرري بعید عن العواطف-

ولو بعد 100 سنھ قراري ھیفضل زي ماھو-

فكري بعقلك یا ھنیھ-

ذھب لینام وأعطاني ظھره، كانت تلك المرة الأولى- منذ أن صرنا زوجین - لم یضمني فیھا لصدره كماعودني لكني لم أتركھ إنما تمسكت بھ ولم أتركھ وكأنني أشبث بھ خوفا من الغرق وحدي في خضم ھذا العالم:الموحش. مرت بنا الأیام وھو یخرج مبكرا ویعود متأخرا فلا أكاد أراه حتى مر بنا الأسبوع فقال لي

فكرتي یا ھنیة ؟-

فكرت-

أنا ھاتقبل قرارك مھما كان-

قراري قلتھ لك من أول لحظة أنا اخترتك إنت-

خایف تندمي-

مش ھاندم وفكرت كمان إني أعوض حبي للأطفال وافتح حضانة أمارس مع الأطفال اللي فیھا أمومتي-

:ضحك وقال

عملیة دایما في تفكیرك-

أیوه كده اضحك خلي الشمس تنور حیاتي-

:ضمني إلیھ وقال

إنتي شمس حیاتي كلھا-

أخبرنا العائلة بما حدث وقررنا تكتم الخبر عن الجمیع حتى لا یسیئوا لسمعة عمر فظن الناس أني عاقر فلم أبال. المھم أن أصون سمعة عمر

مرت الأیام بحلوھا ومرھا وما كان یھون قسوتھا حب عمر لي الذي ظل مشتعلا كأول یوم، توفي عميفشعرت بمرارة الیُتم حقا ولم أعرف ھل أبكي وأنھار لفقدان أب حنون دللني ورباني وحافظ على حقوقي؟ أمأتماسك من أجل عمر وزوجة عمي؟؟ كان فراقھ صعبا على قلبي فأنا لا أتذكر أبي ولم أعرف لي سواه أبا.

مرت بنا أیام العزاء بین قلوب منفطرة من الحزن وأجساد متھالكة ومحاولات مستمیتة للتماسك، لكن بعدالعزاء سقطت زوجة عمي مریضة فلم تعد لھا القدرة على ادعاء التماسك أكثر من ھذا. نقلناھا للمستشفى فقدكانت تعاني من جلطة في المخ ولكن تم علاجھا سریعا وحذرنا الطبیب من تركھا بمفردھا فكنت أتبادلرعایتھا مع شقیقاتھا ولكن بعد عام واحد رحلت لتتركنا نغرق في بحر من الألام مجددا- فقد كنا جمیعا رغمكبرنا ومرضھا- نرتكن علیھا ونستمد الأمان من مجرد وجودھا والأن غابت وتركتنا فشعرنا كلنا بالضیاع،:ولا أنسى بكاء عمر في حضني لیلتھا كطفل صغیر وھو یقول

ماعدش لیھ غیرك یا ھنیھ ماتسیبینیش-

احنا مالناش غیر بعض یاعمر وعمري ما أقدر أسیبك أبدا-

مرت الأیام ثقیلة كئیبة ولأول مرة بعد وفاة زوجة عمي أغلقنا البیت فقد سافر حسن لعملھ بدبي مع زوجتھ التيكانت تحبھ بجنون وتریده لھا بمفردھا وربما ھي الوحیدة التي فرحت لوفاة زوجة عمي لأنھا لن تشاركھا حبحسن بعد الیوم، وسافر علي لكندا مع ابن خالتھ لیعمل معھ ویحقق حلمھ بالھجرة ، كما تم تقسیم الأرض.واشتریت نصیب علي واشترى عمر جزء من نصیب حسن وتبقى لحسن جزء من الأرض تحت رعایة عمر

بعد وفاة عمي تركت رعایة الأرض وجمع إیرادھا لعمر وكان یضع لي إیراداتي في حسابي في البنك كل عام،كنت أثق فیھ ثقة عمیاء فلم أحاسبھ یوما ولم أراجع حساباتي بعده أبدا.تحملت عبء أحمد ودراستھ وممارستھللریاضة وانشغلت بھ ومعھ فكان ابني وصدیقي ولكني لم أجعل ذلك یبعدني عن عمر وعن اھتمامي بھ. ورغمانغماسي في عملي فلم أھمل أحمد الذي كبر وصار في الإعدادیة فأصبح یفوقني طولا وعرضا وصار یغضبكلما نادیتھ بحمادة فكنت كلما أردت إغاظتھ قلت لھ یا حمادة لكني لم أكن أقدر على غضبھ أبدا فقد صار علىأعتاب الشباب وكنت أرید أن نظل أصدقاء . بعد إنتھاء امتحاناتھ نزل علي في أجازة وظل یحكي لنا عن الحیاة:في كندا من حیث الرقي والنظام وأحمد مبھورا بما یسمع وسألتھ

ومراتك الكندیة بقى تعرف تعملك ملوخیة زي بتاعتي؟-

:فقال ضاحكا

أسوأ حاجھ ھناك إن مافیش الأكل المصري اللي یرد الروح شوفي جوزك بقى بكرش إزاي ؟؟ من حلاوة-أكلك طبعا

طب قوم بقى أعوضك الأكل اللي فاتك عاملھ لك شویة محشي یضیعوا منك كل اللي تعرفھ عن كندا-

ظل مقیما معنا أسبوعا كاملا وبعدھا نزلت زوجتھ وأصرت على الإقامة في فندق واصطحبھا في جولاتبالقاھرة وشرم الشیخ والأقصر وأسوان ثم عادا للقاھرة وفوجئنا بأحمد یسألھ عن إمكانیة سفره للدراسة بكندافرحب علي كثیرا ووعده بإرسال كل التفاصیل. كنت غاضبة من فكرة سفر أحمد وتركھ لنا كما أني كنت خائفةعلیھ من أخلاقیات ذلك المجتمع وعندما تناقشت مع عمر فوجئت بھ موافقا على سفره ودراستھ بالخارج فقال:لي

فكري بعقلك أولا ھیعیش مع علي وھیراعیھ وكمان ھیتعلم تعلیم كویس وممكن یاخد الجنسیة لأنھ صغیر لو-فكرنا بعواطفنا وخلیناه ھنا جمبنا یا اما ھیطلع محامي عشان یمسك المكتب بتاعي یا إما ھیتخرج ومش ھیلاقيشغل ویضیع القرشین اللي ھاسیبھم لھ

معقول بتفكر كده؟ بدل ماتقول ولد واحد یشیلنا لما نكبر تقوم تبعده عننا؟ ھو مش محتاج فلوس عندنا اللي-یكفیھ

بس عاوزه یعتمد على نفسھ عشان یزود الفلوس مش یضیعھا شوفي علي لما سافر اتغیر خالص وده اللي-شجعني

عمر لو أحمد مشي مش ھیفضل لنا حد-

ھییجي یزورنا وھنروح نزوره متخافیش-

أنا مستغربة موقفك جدا المفروض تتمسك بیھ أكتر مني-

لو على قلبي مش ھاخلیھ یتحرك من جنبي لكن عقلي بیقول خلیھ یسافر لو دي رغبتھ ومصلحتھ احسبیھا-بعقلك بس

لم أصدق ما یفعلھ عمر وظننت أنھ مجرد كلام وسیرجع عنھ وحاولت إقناع أحمد بعدم السفر ووعدتھ بأنھسیدرس ھنا الثانویة البریطانیة وسأجعلھ یلتحق بأفضل جامعة خاصة وستكون لھ سیارة فخمة كما كان یحلم،فلم یجبني والتزم الصمت فأدركت أنھ وقع فریسة لكل تلك المغریات. لاحظت من فترة تغیر كبیر في معاملةعمر لي فقد ولى ذلك الشغف الذي كان بیننا وصارقلیل الكلام و كثیر الإنشغال والغیاب رغم تركھ للبرلمانواكتفاؤه بمكتب المحاماة، فقلت لنفسي ربما ھو التعود وملل الحیاة الزوجیة وأننا نحتاج لأجازة متمیزة فقررت.أن أفاجئھما بحجز رحلة لتایلاند فكانت فرحتھما كبیرة

سافرنا وقضینا خمسة أیام في الجنة فزرنا معبد الفجر ذي اللون الذھبي وزرنا القصر الكبیر في بانكوكوكذلك شاھدنا حدیقة السفاري وكأننا في غابة مفتوحة ثم ذھبنا لمدینة شنغماي وشاھدنا الشلالات والمدینةالقدیمة ومعبد الجبل الذھبي وقضینا اللیل في السوق وزرنا جزیرة بوكیت واستمتعنا بشواطئھا الساحرةوعندما حان وقت العودة كنا نرغب في البقاء مدة أطول. لقد كنا حقا في حاجة لمثل تلك الأجازة لنعید التقارب.بیننا كأسرة ولنتزود بطاقة إیجابیة تساعدنا على احتمال مشاكل الحیاة

:عدنا لبیتنا وفي الیوم التالي بینما كنا نتناول الغداء قال أحمد

عمو علي كلمني وقالي إنھ خلاص قدملي في مدرسة وھیبعت لي الدعوة والتذاكر-

:سقطت الملعقة من یدي ونظرت لعمر وقلت بذھول

برضھ عملتوا اللي في دماغكم؟؟-

:فقال أحمد

ده مستقبلي ومن حقي أختار ھیكون ا زاي-

وحقي أنا كمان أقبل أو أرفض-

: فقال بغضب

لا مش من حقك ده مستقبلي لوحدي-

لا مش لوحدك قبل ما تفكر في نفسك فكر في أمك وأبوك اللي تعبوا لحد ماكبروك ولما كبرت عایز تسیبھم-وتمشي

لیھ عایزة تربطیني جنبك ؟؟ عایزه تعوضي النقص اللي عندك إنك ما بتخلفیش؟؟ مش قادرة تشوفي اني-مابقیتش حمادة الصغیر وان عندي احتیاجات تانیھ مختلفھ؟ لیھ عایزة تتحكمي فیھ وإنت أصلا مش أمي

أنا أمك غصب عنك، مش الأم اللي بتحمل وتخلف وبس لأ الأم اللي بتربي وتراعي تكبر اللي بتسھر جنبك-وانت عیان اللي بتقف تعملك حاجھ بتحبھا وھي ھتموت من التعب اللي بتسھر معاك تذاكرلك وتفضل تدعیلكبالنجاح اللي بتكون معاك في تمارینك في البرد والحر الصبح أو باللیل ومش مھم صحتھا وتعبھا لأن الأھمصحتك ومستقبلك، صحیح بالدم أنا مش أمك لكن بالتربیة أمك، بأحلى سنین شبابي اللي ضیعتھا علیك أمك،بحبي وقلقي وخوفي علیك أمك، وعلى فكرة أنا مش مسیطرة ولا عایزة أعوض فیك نقص عندي لأني معندیشنقص إنما أنا خایفة علیك بقلب أمك لكن طالما إنت شایفني بعد كل ده مش أمك ومالیش أي حق علیك سافر بسلما تسافر تنسى خالص إن لك أم

ظل عمر صامتا لا یتدخل في الحوار حتى تركتھما ودخلت غرفتي وأغلقت بابھا وبكیت كما لم أبك من قبل،من أین لھ بھذا الجحود وتلك القسوة؟؟ ھل جزاء حبي الجارف وحناني تلك الأنانیة المفرطة؟ ھل أضعتسنوات عمري سُدى في تربیة ورعایة من ظننتھ ابني؟؟ وتذكرت قول خالتي یوم أن عرفوا بزواجي من عمر:وأن لدیھ ولد فقد قالت لي

یا مربي في غیر ولدك یا باني في غیر ملكك عمره ما ھیكون لك ابن مھما تعملي-

ھل كانت مُحقة؟ ھل حقا لا یعتبرني أمھ؟ وأي نقص ذلك الذي یحدثني عنھ ؟؟ ألا یعلم أنھا تضحیة ولیست.نقصا؟ لماذا لم یتكلم عمر؟ لماذا لم یدافع عني؟ ھل یوافق على ماقالھ أحمد؟؟ موقفھ عجیب لا أفھمھ

:عندما دخل عمر الغرفة ربت على كتفي وقال

ماتزعلیش فترة المراھقة وتغیر الھرمونات بتخلي الأولاد عصبیین وممكن یقولوا في غضبھم كلام ما-یقصدوھوش ھو حس انھ قرب یحقق حلمھ وإنك ممكن تقفي في طریق الحلم ده فثار علیكي لكن لما ھیفوقویفكر بعقل ھییجي یعتذر لك

:فقلت ببرود

یعتذر عنھ إیھ ھو معاه حق أنا مش أمھ بس أنا اللي تخیلت في یوم من الأیام إنھ ممكن یحبني كأم فادیت لنفسي-حقوق مش بتاعتي وأھو فوقني النھاردة بقلم على وشي صحیح وجعني بس كان ضروري عشان أفوقوأشوف حقیقة وضعي

ماتخلیش الغضب یسیطر علیكي ده مھما كان لسھ صغیر ومش فاھم بیقول إیھ-

حصل خیر-

أنا نازل مشوار وبعدین رایح المكتب عایزة حاجھ؟-

لا شكرا-

خرج عمر وأحمد وبقیت وحدي في غرفتي أبكي شبابا أھدرتھ على ولد ظننتھ ولدي وحرمت نفسي من أنیكون لي أطفال لأكون بجوار عمر وأربي لھ إبنھ، حتى عمر أحوالھ تغیرت كثیرا ولم یعد ذاك الملھوف على

.حبي ولا من یرغب في إرضائي إنما صار شخصا روتینیا یؤدي دوره بجدارة لیس أكثر

لم تعد علاقتي بأحمد كما كانت بل انقطعت تماما فلم یأت لیعتذر عما قال وھذا معناه أنھ لا یشعر بالندم إنما ھویقصد كل كلمة قالھا ، أما عمر فكان یقضي في البیت فقط الوقت المخصص للنوم ، وجدت نفسي لم أتجاوزالخامسة والثلاثین وأعیش في وحدة كعجوز في السبعین تزوج كل أبنائھا وتعیش وحیدة. كدت أجن من الوحدةورغم انشغالي في عملي وفي الأعمال الخیریة ولكن برودة البیت بعد سفر أحمد الذي أصر علیھ متجاھلا

.غضبي ، وانشغال عمر عني وبرودة مشاعره تجاھي جعلتني أموت یومیا

فكرت في الإنجاب مرة أخرى إبنا أ بنتا لا یتنكرون لي یوما فقررت أن أسأل الطبیب الذي كان عمر یتابع معھحالتھ ھل ھناك تحسن في حالتھ؟؟ ھل ھناك أمل في الإنجاب أم بإمكاننا أن نكفل طفل یتیم لیملأ حیاتنا؟ قررتأن أذھب إلیھ دون علم عمر حتى لا أجرح مشاعره. بحثت في دولاب عمر في أوراقھ الخاصة فوجدت إسمالطبیب على روشتھ قدیمة ولكني تعجبت لأن تاریخھا قبل الحادث بسنوات . ذھبت للطبیب ومن حسن الحظ

:أنھ كان یسجل بیانات المرضى على الكمبیوتر بالإسم والتاریخ وبالفعل أخرج ملف زوجي وقال

جوزك یا مدام عقیم من زمان ما بیخلفش ومافیش أمل یخلف وده مش بسبب الحادثة لأن تاریخ زیارتھ لیھ قبل-الحادثة دي بسنین

إزاي یا دكتور ده مخلف ولد من واحده قبلي؟-

التحالیل والتقاریر اللي قدامي بتقول كده لكن التفاصیل الباقیة دي ممكن تسألیھ فیھا بنفسك-

حضرتك متأكد؟-

تعالي اتفضلي شوفي كل المكتوب بنفسك بالإسم والتاریخ-

تأكدت بنفسي وخرجت من عنده أترنح من قوة الصدمة، إذا فھو كاذب فھو عقیم من قبل زواجنا وكان یعلموإدعى أن ذلك بسبب الحادث وتزوجني وحرمني من حقي في الإنجاب، أما أحمد فمازال لغزا یحیرني فإن لمیكن ابنھ فمن یكون؟ ابن من؟ وماشأنھ بھ؟ ولم یربیھ ویعاملھ كإبنھ؟؟ تساؤلات كثیرة كادت تعصف برأسي ولا

.أجد لھا إجابة، لذا قررت أن أذھب لمكتبھ لأواجھھ وأعرف منھ إجابات كل الأسئلة

دخلت المكتب فوجدتھ خالیا لم یكن بھ أحدا حتى سناء سكرتیرتھ لم تكن موجودة فاقتربت من باب غرفتھ الذي:لم یكن مغلقا تماما وسمعت سناء تقول لھ

إنت مش قادر توفي بوعدك؟؟ أنا ذنبي إیھ أفضل في الضل؟ ذنبي إیھ تسرق ساعات تقضیھا معایا عشان-خایف على مشاعر الھانم

قلت لك اصبري شویة سفر احمد مأثر علیھا مش ھاجي انا كمان أصدمھا وأقولھا إني متجوز علیھا-

:دخلت وقلت بحدة

وفیھ إیھ تاني مخبیھ علیھ یابن عمي غیر كده؟ وإنتي یا سناء ده جزاء مساعدتي لیكي بعد وفاة جوزك ،-شغلتك عند جوزي وبنعاملك أحسن معاملھ وفي الأخر بتردي الجمیل بإنك تاخدیھ مني؟؟

:فقالت سناء بحدة

لو كان بیحبك صحیح ما كانش ھیشوف غیرك ولعلمك ھو اللي كان بیجري ورایا وفضل یتحایل علیھ لحد ما-اتجوزتھ بعد ما وعدني إنھ ھیعدل بیننا ویعیشني زیك لكن فضل خایف منك

ماتقلقیش ھو ده طبعھ بیخاف یواجھ أي حد وبیفضل الھروب كنت فاكره إنھ بطلھ لكن اللي فیھ طبع ما-بیبطلوش، الأول خاف یواجھ أھلھ إنھ متجوز ومخلف في السر ودلوقتي خاف یواجھني إنھ أصلا عقیم مابیخلفش وان أحمد ده مش ابنھ وإنھ متجوزك في السر وﷲ أعلم خایف یواجھني بإیھ كمان

إیھ عقیم؟؟ انتي كدابة بتلزقي عیبك فیھ؟؟إنتي اللي ما بتخلفیش عشان كده ھو خایف على مشاعرك-

ھتقولي لي على رقة قلبھ، لو مش مصدقاني خدي رقم الدكتور وإسألیھ-

:جلس عمر على مكتبھ ووضع رأسھ بین كفیھ فقلت لھ

إیھ یا حضرة المحامي ماعندكش كلام تقولھ؟؟ سنین عمري وشبابي ضیعتھا مع واحد كذاب وأناني باربي ولد-لاھو ابني ولا ابنھ، وحارمني من حقي في الخلفة وكمان بجح وبیتجوز علیھ، إنت إیھ الجبروت ده یا أخي؟؟ دهأنا بنت عمك اللي تخاف علیھا مش اللي تضرھا، إنت إیھ مابتفكرش غیر في نفسك وبس؟؟ وأنا وشبابي وحقيإن یكونلي أطفال ماخطرش في بالك؟ وكمان رایح تقول للناس إن العیب مني؟؟ كداب وجبان ومتستاھلشالعشرة بس اللي محیرني أحمد ده ابن مین ولیھ بتربیھ ومدیلھ إسمك؟

أحمد ده مش ابني فعلا أمھ كانت جارتي وغلطت مع قریبھا وھرب وسابھا وجاتلي تترجاني اشوف لھا حل-قانوني عشان الولد مایبقاش ابن حرام وعدتھا ھافكر واتصرف في الوقت ده تعبت جامد ورحت للدكتوروعملت أشعھ وتحالیل واكتشفت إن عندي خلل جیني بیخلیني ما أخلفش نھائي وطبعا لأننا كنا موعودین لبعضفكنت ھاتفضح في البلد كلھا ابن العمدة مابیخلفش ففكرت إني أتجوز سوسن ومقابل إني أتستر علیھا واكتبالولد بإسمي وماقلتلھاش على سري عشان أفضل البطل المنقذ في نظرھا، كان طبعا شرطي إن الجواز یكونفي السر عشان العیلھ ماتعرفھوش لكن أھل الحتھ كلھم عارفین .فضلت جوازتنا في السر لحد ما أتحط فيموضع اتھام ھاخلیھا تظھر ھي وأحمد وأبقى باخلف وماعندیش عیوب ومحدش یقدر یعایرني، الحل ده كانمناسب لنا وبعد ما اتجوزنا حبتني جدا وكانت شایلھ جمیلي علیھا وھي مش عارفھ إنھا ھي اللي صاحبةالفضل والجمیل، ولما جت تموت وصتني على ابنھا وأنا ماكنتش محتاج وصیة لأن أحمد كان طوق نجاتي منالفضیحة وبعدین اتجوزنا وانتي كنتي مصرة على اني أكشف عشان عایزانا نخلف فاستغلیت موضوع الحادثةوقلت ان ده السبب وكنت متأكد إنك ھتضحي وتقبلي وتعیشي، ماكانش فیھ مشاكل لحد ما أحمد صمم یسافروالدنیا اتقلبت على دماغي فكرت لما ھیسافر حیاتي ھتفضى ففكرت أملاھا بسناء وبنتھا الیتیمة اللي محتاجةأب وأنا محتاج بنت تعوضني عن احساس الأبوة، وكمان سناء صغیرة ومحتاجھ زوج یكمل معاھا تربیة البنت. فاتجوزتھا

أكملك أنا بقى لما أحمد زعقلي وسافر فكرت إني محتاجھ أولاد یكونوا ولادي أنا فافتكرت إنك قلت إن فیھ أمل-ضعیف فرحت للدكتور من وراك لأني ھبلھ وخایفة على مشاعرك فعرفت الحقیقة ولما جیت اواجھك سمعتالھانم وھي بتطالب بحقھا، بس یا ھانم أن ھاریحك وھاسیبھولك خالص لأني قرفت من جُبنھ وضعفھ وكدبھوداعھ وأنانیتھ ، ھاسیبھ لأنھ ما عدش یلزمني، ولأني شارطھ علیھ في عقد جوازي لو اتجوز غیري یطلقنيویومھا وعدني إنھ مش ممكن یتجوز علیھ وأھو بیوفي بوعده بعد ماضیع أجمل سنین شبابي في كدبة كبیرةإسمھا الحب والتضحیة، خلیك عندھا أسبوع لحد ما أدبر أموري وأتنقل مكان تاني وھابعتلك المحامي بتاعيیصفي معاك حسابات كل المشاریع اللي داخلینھا سوا وھابعتلك محاسب یراجع معاك كل حسابتنا وحاصةحساب الأرض وورقة طلاقي تكون عندي النھاردة بدل ما تقاریر الدكتور تكون علنیة والكل یعرف حقیقة.البیھ المھم نجم المجتمع، أتمنى كلامي یكون واضح یاعمر بیھ

خرجت وتركتھ وأنا لا أصدق كل تلك الأعاصیر التي أطاحت بحیاتي وسعادتي، لقد كانت حیاة مبنیة علىأساس ھش وسعادة زائفة قائمة على الكذب والخداع لذا كان لابد أن تنھار، لكني لا أصدق أن عمر یفعل كلھذا بي لمَ؟؟ فأنا لم أفعل لأجلھ سوى كل خیر، منحتھ حبي، ربیت ابنھ المزعوم، ضحیت بأمومتي لأجلھ فھل.ھذا جزائي؟؟ نعم ھذا جزاء البلاھة والتضحیات بلا حدود ولا ثمن

دخلت البیت وشعرت أني اختنق فھذا البیت لیس بیتي إنما ھو المكان الذي اشتراه لیحبسني فیھ ویحرمني منحقي في الحیاة والحب الحقیقي، كل جزء في البیت یجعلني أشعر بالنفور حیث ذكریات الخدیعة تحیط بيوتزید من ألامي فجمعت ملابسي وكل أوراقي ونزلت إلى شركتي في الدور الأرضي وجلست على الأریكةاسترجع شریط ذكریاتي وأتساءل ماذا فعلت لأستحق ھذا؟؟ كادت الأفكار ان تتسبب في جنوني وحرمتني النوملیلالي طویلة وأنا أتساءل لماذا؟ ھل ھذا جزائي؟؟ فكرت أن أتصل بحسن وأحكي لھ لكن تذكرت غیرة زوجتھالشدیدة فتراجعت، ثم قررت أن أتحدث مع علي، لكنھ لن یشعر بما أشعر بھ، ووجدت نفسي وحیدة بلا سند ولاأصدقاء فقد كان عمر وأحمد ھما كل حیاتي وكل من لي في الدنیا، والأن لم یعد لي أحدا كادت الأفكار والحیرة. أن تفتك بي لذا قررت أن أسافر بعد انتھاء كل الإجراءات

أنھى عمر كل الإجراءات بھدوء وسرعة كأنھ یرید –ھو أیضا- التخلص من تلك الفترة الملیئة بالكذب والخداعلیبدأ حیاة جدیدة، وبعد الطلاق حجزت في إحدى شركات السیاحة للسفر لأداء العمرة وقبل سفري إستأجرتشقة لأقیم فیھا مؤقتا حتى أدبر أموري واشتریت لھا أثاث بسیط وأنھكت نفسي في ترتیبھا حتى حان وقتالسفرفسافرت وبمجرد رؤیتي للكعبة شعرت بانشراح صدري فدعوت ﷲ كثیرا وطلبت منھ أن ییسر ليأموري، صلیت كثیرا في كل مكان استطعت الوصول إلیھ وبكیت بین یدي ﷲ كثیرا، وعندما زرت المدینةشعرت براحة غریبة وبدأت أنظم أفكاري وقررت أن أعیش حیاتي كما یحلو لي وأن أفعل ما یرضي ﷲ فقطوأني لن أضحي من أجل أحد مرة أخرى، سأعمل وسأشتري شقة خاصة بي ولن أعیش أسیرة الماضي بلسأعیش الحاضر وأحلم بالمستقبل. وقبل عودتي للقاھرة وبینما أنا في المسجد النبوي أنتظر صلاة العشاء رن:ھاتفي برقم غریب فأجبت

السلام علیكم-

ماما وحشتیني أوي-

:سكت للحظات وانھمرت دموعي فقد كان صوت أحمد الذي قال باكیا

عارف إن غلطتي كبیرة جدا وإنك مش مسامحاني لكني عارف ومتأكد إن قلبك لسھ بیحبني وإنك لسھ-بتدعیلي، أنا عیطت لما عرفت إنك إنتي وبابا إنفصلتم لكن قلت لھ ھي أمي وھتقضل أمي لحد ما أموت

بعید الشر عنك یا حبیبي-

یعني سامحتیني-

كنت بس زعلانھ منك لكن قلبي مایقدرش یغضب علیك-

یعني ھافضل ابنك وتفضلي تدعیلي؟-

طبعا یا حبیبي أنا في المدینة ةھادعیلك كتیر أوي-

  • طیب ما تجي تعیشي معایا
  • معلش یا حبیبي فیھ أسباب كتیر تمنعني دلوقتي لكن یمكن بعد كده أجي

ھتكلمیني تاني؟-

طبعا مش ابني-

ابنك طبعا وبافتخر بیكي جدا انت احسن ام في الدنیا-

خلي بالك من نفسك واھتم بمذاكرتك-

حاضر یا ماما-

كانت تلك المكالمة بمثابة الدواء لقلبي الجریح وشعرت أن ﷲ أراد أن یكافئني على ما فعلتھ مع ذلك الیتیم الذي.لا ذنب لھ وأراد أن یقول لي أن العمل الطیب لا یذھب سدى

عدت من العمرة أكثر راحة من ذي قبل وغیرت مقر الشركة لأبتعد عن عمر تماما واشتریت شقة جدیدةوصغیرة في إحدى المدن الجدیدة وإستأجرت مقرا كبیرا للشركة قریبا من منزلي، وانشغلت بعملي وتأثیثشقتي وقررت أن أستعین بمكتب دیكور لیتولى تشطیبھا فرشحت لي إحدى زمیلات مكتبا تعرفھ فذھبت:وطلبت مقابلة صاحب الشركة ففوجئت بھ محمود ابن خالي الذي قال

یاااه ھنیة إیھ اللي فكرك بیھ؟-

أنا ما اعرفش إن دي شركتك أنا كنت عایزاكم تشطبوا شقتي-

أمال عمر فین؟-

انفصلنا-

معقول بعد السنین دي؟-

مافیش مستحیل في الدنیا دي -

اقعدي واحكیلي-

معلش مش عایزة اتكلم خلینا نتكلم في الشغل-

زي ماتحبي-

اتفقنا على العمل وبدأ بالفعل محمود التنفیذ وكثیرا ما كنا نتحدث عبر الھاتف أو نلتقي في الشقة لیریني ماتم:حتى انتھى العمل في الشقة وأتصل بي یطلب لقائي في مكتبھ فظننت أن لھ حساب متبقي فذھبت لكنھ قال

بصي أنا صریح ومالیش في اللف والدوران أنا زمان كنت عایزك وإنتي اخترتي عمر وأنا اتجوزت بنت-خالتي اللي كانت بتحبني وتتمنى رضایا وخلفنا منة ﷲ بعد فترة من جوازنا لكن یشاء ربنا إن مراتي تموت فيحادثة عربیة وتسیب لي منة وأنا وھي محتاجین حد یراعینا ویھتم بینا قلتي إیھ؟

في إیھ؟؟-

تتجوزیني؟-

تاني؟؟ انا مش بافكر في الموضوع ده حالیا صدمتي كانت كبیرة ولسھ مش قادرة اتجاوزھا-

یمكن نقدر سوا نتجاوزھا، أنا كنت صریح معاكي لا قلت لك بحبك ولا ماقدرتش أنساكي، بالعكس قلت لك أنا-محتاج زوجة وأم لبنتي وإنت كمان محتاجة زوج وبنت تمارسي معاھا أمومتك

بس أنا عایزة طفل یكون ابني او بنتي-

اللي اعرفھ انك ما بتخلفیش-

دي حكایة طویلة جدا مش عایزة احكیھا بس أنا أقدر أخلف عادي بس یمكن السن ھو اللي یمنعني-

:ضحك وقال

سن إیھ اللي أدك لسھ بیتخطبوا، فكري بعقلك إنت محتاجھ لنا وإحنا محتاجین لك..فكري ومستني ردك-ولو ماخلفتش؟-

مش فارقھ عندنا منة-

مش عارفھ أنا متلخبطة خایفة أكرر تجربتي الفاشلة-.استخیري ربنا وفكري بعقلك وربنا یكتب الخیر-

طوال الأسبوع وأنا أستخیر ﷲ وأفكر وسألت زمیلاتي في العمل فشجعنني على الزواج فظروفنا مناسبةلبعضنا فاستجبت لھ وافقت على الزواج والتقیت بھ وبمنة أكثر من مرة كانت فتاة رقیقة ھادئة وارتحنا لبعضنا:كثیرا، أخبرت أحمد بخبر زواجي فسكت قلیلا وقال

یعني صلتنا ھتنقطع؟-

لیھ؟-

أكید جوزك الجدید مش ھیرضى تكلمیني-

مافیش حد في الدنیا یقدر یمنعني عند مھما یحصل ھتفضل ابني وحبیبي-

بجد یا ماما؟؟-

طبعا یا حبیبي-

تزوجت بمحمود وأخذنا فترة كبیرة حتى اعتدنا على طباع بعضنا وعاداتنا لكني تأقلمت سریعا مع منة وبعدنحو عام من زواجي بمحمود الذي كان شخصا عملیا جدا ویتسم بالطیبة ولا یرفض لي طلبا لكنھ یفتقدللرومانسیة - كغالبیة الرجال الشرقیین- قررت زیارة الطبیبة لأعرف ھل ھناك أمل في إنجابي وبعد إجراء:الكشف قالت لي

یامدام إنت حامل في شھرین؟-

بجد صحیح؟-

التحالیل والسونار بیقولوا كده-

:عدت البیت وأنا أطیر فرحا وعندما أخبرت محمود قبلني في وجنتي وقال

مبروك یا حبیبتي بس اھتمي بصحتك-

كانت منة سعیدة لأنھا سیصبح لھا إخوات ككل زملائھا في المدرسة ، وكانت المفاجأة الكبرى أني حامل فيتوأم وكأن ﷲ أراد أن یعوضني عن كل سنوات عمري وعن كل مالاقیتھ، فكنت أحمده وأشكره كل یوم وأطلبمنھ أن یرزقني بطفلین بصحة جیده وأن یجعلھما من الصالحین. حانت لحظة الولادة القیصیریة وكدت أواجھالموت أنا والصغیرین لكن ﷲ شملنا بعنایتھ وخرجنا من المستشفى وبدأت رحلة المعاناة مع لارا وتیم، فقد كاناكائنین مدمرین لكل شيء وبقدر ما ملأا حیاتنا بالصخب والمشاكل والتكسیر فقد كانت مشاغبتاھما مصدرسعادتنا جمیعا، وكثیرا ما ساعدتني منة في العنایة بلارا وأنا كان علي أن أھتم بذلك الكائن الذي لا یھدأ ولایستكین تیم. كان أحمد في أجازتھ الأسبوعیة یحدثنا بالفیدیو ویتابع نمو الصغار ویضحك على مشاغبتھما:وعندما إلتحق بكلیة الھندسة قلت لھ

قل لي عایز مكافأة نجاحك إیھ؟-

تجوزیني منة-

ھھھھھ باتكلم جد مش باھزر-

وأنا كمان مش باھزر منة دي بتاعتي ومش ھاتجوز غیرھا ولا ھتتجوز غیري-

ومالك واثق من نفسك مش یمكن تحب غیرك-

عیب یا ماما ابنك خطیر برضھ-

ھھھھھ یا واد یا خطیر ماتسبقش الأحداث بكرة تكبروا والأیام تغیر نظرتكم لما تخلص دراستك وھي على-الأقل تدخل الجامعھ نبقى نفكر

بس اوعدیني تساعدیني-

ربنا یسھل-

مرت السنوات وصارت منة فتاة رقیقة ھوایتھا الرسم وسماع الموسیقى وساعدتھا لتلتحق بكلیة الفنون الجمیلةلكن محمود أصر على قسم دیكور لتدیر شركتھ فوافقت ، أما لارا التي كانت ھي وتیم في سن المراھقة بعد أنتخطیا شقاوة الطفولة وقضیا على ماتبقى من شبابي معھما، صارت لارا أنسھ جمیلة ولكنھا مازالت لا تعرفماذا ترید فتارة تلعب ریاضھ وتارة تعزف موسیقى وتارة تغرق في قراءة القصص الرومانسیة،أما تیم فكانغارق في كرة القدم سواء في لعبھا أو متابعتھا فكانت سبب شجاره الدائم مع أبیھ وحین أتدخل بینھما یتھمني.محمود بأني أدلل تیم وسأفسده

نزل أحمد لمصر في أجازة بعد أن التحق بشركة ھندسیة كبرى في لندن، فرحبت بھ ودعوتھ للغداء معنا رغماعتراض محمود لأنھ ابن عمر ومحمود یغار بشدة من الماضي ولكن حرصھ على ألا یغضبني جعلھ یوافقعلى مضض. كانت تلك المرة الأولى التي أرى فیھا أحمد منذ سفره فلم أتمالك نفسي واحتضنتھ وبكیت ونسیتأنھ لیس ابني ولا یجوز لي أن أحضنھ لكن مشاعر الأمومة غلبت عقلي، جلس أحمد معنا على السفرة وعیناه لمتفارقا منة ، لكن تیم غمره بأسئلتھ عن الحیاة في الخارج والسفر وكرة القدم. بعد الغداء جلس مع محمود یتناولا:القھوة ویتحدثان عن حیاة أحمد ودراستھ وعملھ وسألھ محمود

مافكرتش ترجع مصر؟-

ھارجع لمین؟-

لوالدك أكید محتاجلك بعد ماكبر-

والدي مشغول بحیاتھ وعمره مافكر یزورني ولا حتى یكلمني یسأل عن أحوالي وكل ما أكلمھ یقولي انا-مطمن إن عمك معاك، لولا ماما و إخواتي وكلامھم معایا كنت اتجننت

إخواتك؟؟-

قصدي تیم ولارا أنا فعلا باحبھم زي إخواتي وماما ھي أمي اللي ربتني واللي لسھ بتھتم بیھ وبتسأل عني-

یعني ھتكمل حیاتك بره-

لسھ ما فكرتش بس مافیش حاجھ ھنا تخلیني أرجع-

:فقلت

ھتفضلوا تتكلموا كتیر في الشغل؟ تعالوا عشان نحلي-

یاماما أنا مش قادر كده وزني ھیزید-

كل یا حبیبي انت خاسس خالص-

:دخل تیم وجذب أحمد من یده لیلعبامعا بلاي ستیشن فقال محمود

خلي بالك أحمد مایجوزش تبوسیھ وتحضنیھ ھو مش محرم علیكي-

فعلا معاك حق ھاخلي بالي وأنبھھ بس فرحتي بیھ نستني-

أنا ملاحظ انھ مھتم بمنة-

متھیألك-

اعملي حسابك انا مش ھاناسب عمر-

ولو قلت لك انھ مش ابن عمر؟-

إیھ؟-

دي حكایة طویلة بس ما تسبقش الزمن والأحداث ﷲ أعلم نصیبھم فین-

:بقي أحمد في مصر لمدة عشرة أیام لم یزر فیھا عمر إنما اتصل بھ فلم یدعھ عمر لزیارتھ وقبل سفره قال لي

ماما ھو بابا لیھ متغیر من ناحیتي؟ ده مافكرش یشوفني، صحیح طول عمره بعید عني لكن المره دي غریبھ-أغیب كل السنین دي وما وحشتوش؟ طب لو مراتھ مانعاه یشوفني من وراھا، أنا ھاتجنن بیعمل معایا كده لیھ؟لیھ انتي اقرب لي منھ؟ ھو أنا مش ابنھ؟

لأ-

إیھ؟-

انت مش ابنھ ھو سماك على اسمھ عشان یقول للناس أنھ بیخلف وعنده ولد وھو في الحقیقة عقیم وده كان-سبب من أسباب طلاقنا إنھ كذب علیھ وحرمني من حقي في الخلفھ

امال مین أبویا؟-

محدش یعرف أمك ﷲ یرحمھا خبت اسمھ لحد ما ماتت-

ده یفسرلي طریقة معاملتھ لیھ، طول عمره جاف معایا عمري ما حسیت معاه بالأمان ولا بالحب بس بقیت-أقول جایز ده طبعھ، وانتي عرفتي كل ده وفضلتي تحبیني؟

وھافضل احبك لأخر عمري انت ابني صحیح مش ھاقدر ابوسك ولا احضنك عشان حرام لكن قلبي ھیفضل-یحبك ویدعیلك یا حبیبي

أنا مش عارف من غیر وجودك إنتي وعمي كنت ھاعیش إزاي-

سیبك من الماضي وفكر بس في المستقبل-

..كده ھاسافر ومش ھارجع تاني حتى منة بقت حلم بعید أكید أبوھا مش ھیرضى بواحد إبن-

اوعى تنطقھا انت ابني وبس وسیب الأیام تداوي الجراح-

:سافر احمد لم تنقطع اتصالاتھ بي وعندما فاتحت محمود برغبتھ في الزواج من منة رفض رفضا تاما وقالأنا ما كنتش راضي بیھ وھو ابن عمر ھارضى بیھ وھو ابن حرام-

حرام علیك تحاسبھ بذنب مالوش علاقة بیھ، ھو ماعملش حاجھ-

ماھي مش بنتك فمش فارقة معاكي یعني لو اتقدم للارا حد زي احمد ھتوافقي؟-

إخص علیك بعد كل السنین دي تقولي ھي مش بنتك؟؟ أنا قصرت معاھا في إیھ؟ عمري عاملتھا وحش قبل ما-أخلف أو بعد ما خلفت؟ إسألھا عمري أسأت لھا؟ إنت قلبك قاسي وسھل علیك تجرح اللي قدامك عموما ھيبنتك وإنت حر معاھا أنا مالیش دعوة، بس انا ما اتمناش لللارا حد احسن شویة ولو كانت كبیرة وھو مشمتعلق بأختھا كنت قلت لھ اتجوزھا، احمد انسان تتمناه كل بنت وتتشرف بیھ أي عیلھ الواحد مش بأمھ وأبوهوبس الواحد بشخصیتھ وأخلاقھ ولعلمك یوم ما أحمد یفكر یتجوز ھاروح معاه وأقول أنا أمھ وھاقف معاه لأخرلحظة

تركتھ ودخلت غرفتي أبكي وتركني وذھب لمكتبھ ، دام خصامنا عدة أیام حتى لا حظت منة وعندما سألتني:عما بي فلم أجبھاوإنما قلت لھا

مجرد خناقة عادیة زي كل مرة-

یعني مش بسبب أحمد؟-

لیھ بتقولي كده؟-

بصراحة كنت حاسھ بابا غیران من حبك لھ واھتمامك بیھ وھو ماتزعلیش مني مش ابنك-

ممكن أسألك وتجاوبیني بصراحة؟-

طبعا یا ماما؟-

إنتي بتحسي إني أمك ولا إني مرات أبوكي؟-

:ارتمت في حضني وبكت

إنتي اللي عوضتیني غیاب أمي كنت خایفھ منك لكن لقیتك طیبة وحنینھ زي أمي وعمري ماحسیت غیركده-

أحمد نفس الحكایة اتجوزت باباه بعد موت أمھ وربیتھ زي ما ربیتك وبعد الإعدادیة سافر یدرس بره مع عمھ-وانفصلت أنا ووالده لكن ماقدرتش أنفصل عن أحمد، یا منھ الأمومة إحساس مش لازم یكون حد من دمكعشان تحبیھ إنما ممكن یكون حد ربیتیھ وحبیتیھ من قلبك ، أحمد ابني وأنا باعتبرك بنتي رغم إن أبوكي شایفغیر كده وده سبب زعلي منھ بیقولي إنك مش بنتي بس قلبي بیقول لا منھ وأحمد الإتنین ولادي

یا حبیبتي یا ماما انا باحمد ربنا على إنك أمي-

طیب كفایة دراما وتعالي نحضر الغدا زمان التتار راجعین من المدرسة-

بعد یومین اعتذر لي محمود عما قالھ لكنھ أصر على رفضھ لأحمد بل وأصر على تزویج منة لإبن شریكھ فيالشركة وحاولت إثناؤه فلم یقبل أما منة فكانت رافضة لكنھا استسلمت تحت ضغط والدھا، تمت الخطبة وھيتبكي كل یوم رافضة ذلك الزواج وعندما سألتھا عن السبب أخبرتني أنھا تحب أحمد وإن أصر والدھا على:إرغامھا فستنتحر نھیتھا عن ذلك فقالت

تفرق إیھ إني أموت نفسي أو إنكم تموتوا روحي وقلبي وتسیبوني جسم من غیر روح؟ یاترى ھیكون بابا-سعید وھو شایفني تعیسة؟ ولا ھیكون سعید عشان شریكھ مبسوط وبنتھ لأ؟

لم أدرك أن محمود سمعنا فرق قلبھ لھا وخشي أن یفقدھا أو أن تكرھھ لباقي عمرھا ففسخ الخطبة وبعد نحوالشھر كانت منة تذبل یوما بعد یوم ففقدت جمالھا وصارت بشرتھا البیضاء المشربة بالحمرة صفراء وشاحبة:وعیونھا اللوزیة صارت حمراء من كثرة البكاء وفقدت الكثیر من وزنھا فقال لي محمود

ھو أحمد لسھ عایز منة؟-

طبعا-

خلیھ یكلمني-

بجد یا محمود؟-

إنتي فاكراني إیھ قلبي حجر؟ ھاسیب بنتي تموت قدامي وأنا ھاقف ساكت وبنتي بتضیع مني؟ خلیھا تتھبب-تتجوزه بس اقسم با          لو فكر یزعلھا لأقتلھ

: قبلتھ على وجنتھ وقلت

رغم إنك تبان شدید قاسي بس قلبك طیب وما بتستحملش علینا الھوا أنا ھاكلم أحمد وأفرح منة-

لا سیبي منة أنا ھابلغھا بنفسي عشان تصالحني وتكلمني، خصامھا بیقطع قلبي-

ربنا یخلیك لنا-

اشترط محمود على أحمد أن یعیشا في مصر أو أیة دولة عربیة على الأقل فوافق أحمد ونزل في أجازتھ وقبل:الخطبة بیومین جاء لمحمود حزینا وقال

للأسف یاعمي بابا مش ھیحضر-

أحسن أنا كنت ھاعصر على نفسي لمونة وأستحملھ عشان خاطرك ھو كده ریحنا-

یعني حضرتك مش زعلان ؟ عموما أعمامي وعدني یحضروا-

بس اعمل حسابك مافیش جواز غیر لما تلاقي شغل ھنا وھي تخلص دراستھا-

موافق یاعمي-

وجد أحمد عملا بدبي بمساعدة حسن وسافر حتى تنھي منة دراستھا وكان یحدثنا یومیا ویفتح الكامیرا لیریھاالشقھ وتطلب منھ ما ترید وتختار ألوان الحوائط وأثاث الغرف استعدادا للزواج، حتى فستان الفرح جعلتھیتجول في المحلات ویرسل لھا صور الفساتین حتى إختارت ما یعجبھا فاشتراه وأحضره لھا ومحمود یراقبھ.في صمت

نجحت منة وحددنا موعد الزفاف وحجزنا قاعة فخمة وأقام لھا أحمد عرسا ضخما تحاكى عنھ الجمیع وعنيفقد كنت أمھما معا ، كانت منة رائعة الجمال وأحمد كان وسیما أما لارا فكانت نجمة الحفل بصخبھا وغنائھاوفستانھا الرائع، وتیم ھو من رقص طوال الحفل ھو وأصحابھ، وكالعادة غاب عمر خوفا من زوجتھ وحرم.نفسھ من أجمل لحظات نعیش العمر كلھ نحلم بھا ونعیش من أجلھا ونسعد عندما تتحقق

:بقدر ما كنت سعیدة من أجلھما، لكني بكیت كثیرا عند فراقھما حتى قال لي تیم

ماتزعلیش یاقمر احنا لسھ قاعدین معاكي انتي والحاج نناكف فیكم -

طب یالا یا أخرة صبري-

كم ھي عادلة الحیاة تحرمنا من أشیاء لكنھا تمنحنا أشیاء أخرى وأھم شيء أن نتسمتع بما في أیدینا ولا نظل.متعلقین بما ضاع منا، حتى لایضیع العمر ھباءا

تمت- 7-12-2018

-

-

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↑1الكاتبمدونة محمد شحاتة
4↓-1الكاتبمدونة اشرف الكرم
5↓الكاتبمدونة ياسمين رحمي
6↓الكاتبمدونة حاتم سلامة
7↓الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
8↑1الكاتبمدونة آيه الغمري
9↑1الكاتبمدونة حسن غريب
10↓-2الكاتبمدونة ياسر سلمي
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑31الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني203
2↑22الكاتبمدونة مها اسماعيل 173
3↑14الكاتبمدونة مرتضى اسماعيل (دقاش)205
4↑11الكاتبمدونة منال الشرقاوي193
5↑5الكاتبمدونة كريمان سالم66
6↑5الكاتبمدونة خالد عويس187
7↑4الكاتبمدونة نجلاء لطفي 43
8↑4الكاتبمدونة غازي جابر48
9↑4الكاتبمدونة سحر حسب الله51
10↑4الكاتبمدونة نهلة احمد حسن97
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1079
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب695
4الكاتبمدونة ياسر سلمي655
5الكاتبمدونة اشرف الكرم576
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري501
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني426
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين417
10الكاتبمدونة شادي الربابعة404

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب334119
2الكاتبمدونة نهلة حمودة190244
3الكاتبمدونة ياسر سلمي181661
4الكاتبمدونة زينب حمدي169817
5الكاتبمدونة اشرف الكرم131009
6الكاتبمدونة مني امين116810
7الكاتبمدونة سمير حماد 107916
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي98011
9الكاتبمدونة مني العقدة95104
10الكاتبمدونة حنان صلاح الدين91912

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة نجلاء البحيري2025-07-01
2الكاتبمدونة رهام معلا2025-06-29
3الكاتبمدونة حسين درمشاكي2025-06-28
4الكاتبمدونة طه عبد الوهاب2025-06-27
5الكاتبمدونة امل محمود2025-06-22
6الكاتبمدونة شرف الدين محمد 2025-06-21
7الكاتبمدونة اسماعيل محسن2025-06-18
8الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني2025-06-17
9الكاتبمدونة عبد الكريم موسى2025-06-15
10الكاتبمدونة عزة الأمير2025-06-14

المتواجدون حالياً

1300 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع