ظهر على حين غفلة في قريتنا مصاص الدماء لم نعلم من أين أتى ولا لماذا اختار قريتنا ، لكن كل ما نعلمه أنه قرر أن يستوطن بها.
عاش في الغابة القريبة من قريتنا وكان يختفي نهارًا ويهيم ليلًا يبحث عن أي حيوان ويتغذى على دمائه فلم نهتم مادام بعيدًا عنا فليفعل مايريد.
هربت الحيوانات من الغابة خوفًا منه فلما اشتد به الجوع اقترب من أطراف القرية وصار يسطو على بعض الحيوانات المملوكة للفلاحين. هنا انقسمت القرية بين رأيين ،الأول أن نتجمع لنقتله ونرتاح من شره ،والثاني فلنضحي ببعض الحيوانات في سبيل أمننا وراحتنا.
خلال انقسام القرية هاجم مصاص الدماء أحد البيوت ولم يجد فيها سوى امرأة ضعيفة فامتص دماءها عندها أدرك أن دماء الإنسان أفضل ومن يومها وهو يهاجم البشر.
قررت الأغلبية قتله لأنه صار خطرًا عليهم ،لكنهم لم يتفقوا على قتله حيث رأى البعض الاكتفاء بطرده للغابة وتوفير بعض الحيوانات له. ومع كثير من التردد والخوف و الجُبن لم يستطع الحشد التغلب عليه واحتموا بقريتهم فاستولى هو على أطرافها.
ظلوا على تلك الحال من التشرذم والتقزم والخوف منه حتى استولى على معظم القرية وصارت متعته دماء الأطفال الصغار فتضاعفت المأساة وفقد الجميع الإحساس بالأمان. هبت مجموعة من الشباب لا يعرفون خوف ومهانة الكبار ولا تشرذمهم واتفقوا على التخلص من مصاص الدماء وتحرير قريتهم منه ،لكنهم اصطدموا بخنوع الكبار وهلعهم فلم يهتموا بهم وأعدوا العدة للتخلص من مصاص الدماء دون علم الكبار.
أعدوا له كمينًا وأوقعوه في شباكهم وفوجئوا بأن الكبار صاروا ضدهم واتهموهم بأنهم سيجلبون لهم المصائب وأن مصاص الدماء سينتقم منهم أشد إنتقام فهم لا يصدقون أن الشباب أجرأ وأفضل منهم وفعلوا ما عجزوا عنه.
وكانت الصدمة الكبرى عندما تعاون بعض من الكبار مع مصاص الدماء وأطلقوا سراحه بل وأمدوه بدماء حيواناتهم وعاهدوه أن يتخلصوا من الشباب مقابل ألا ينتقم منهم فوعدهم.
انهال الكبار الجبناء على الشباب ضربًا فقتلوا منهم العديد وسلموا بعضهم لمصاص الدماء وفر منهم قلة قليلة للنجاة بحياتهم. ظن الكبار أنهم بذلك عاشوا في أمان حتى فوجئوا ذات يوم بمصاص الدماء يجتاح قريتهم ويرتع فيها وبدأ يقتلهم واحدًا تلو الآخر ويمتص دمائهم حتى قضى على كل من عاونوه في السابق.
هاجر أهل القرية وتركوها خرابًا خوفًا وهلعًا فبدأ مصاص الدماء يبحث عن القرى المجاورة ويهاجمها ويستعين بالجبناء والخونة ليمكنوه من أهلها. ذات يوم استفاق مصاص الدماء على مجموعة ضخمة من شباب القرى مزودين بأسلحة ورغبة عارمة في الانتقام لأهلهم وهجموا عليه ولم يتركوه إلا جثة هامدة.
أعاد الشباب تعمير القرى بمساعدة الأهل وعلموا الصغار كيف يحموا أرضهم ويفدوها بأرواحهم وألا يتركوا بيوتهم للذئاب ولا للضباع وألا يخافوا من أحد ولا حتى من مصاصي الدماء.
تمت