استيقظت على صوت جلبة في الشارع وأشياء تسقط بقوة مُحدثة صوتًا فظيعًا فأسرعت تجاه نافذتي فوجدت تلك الجريمة القاسية شجرة الورد في شارعنا قتلوها وسقطت على جنبها تنزف ورودها الحمراء وكأنها تنظر إلي تبكي وتودعني.
شعرت بحزن شديد فأنا تربيت في هذا الشارع الجانبي الفاصل بين شارعين رئيسيين، فكانت على أوله شجرة توت مُثمرة ومع بداية الربيع تجود علينا بتوت لذيذ يأكل منه المارة ومن في الشارع، ورغم صغر الشارع إلا أنه كانت تظلله العديد من الأشجار ومنها شجرة الورد.
كنا صغارًا نحن والأشجار وكبرنا معًا لكن البعض كان يضيق بغصون تلك الأشجار التي تقتحم شرفاتهم فيستدعي عمال البلدية لتقليمها فقط ولم يفكر أحد يومًا في قتل شجرة. كانت بعض غصون الأشجار أحيانًا تتساقط وتُحدث بعض الخسائر لكن تظل الأشجار كما هي تظلل علينا في القيظ وتُبهج نفوسنا بألوانها في الربيع والصيف.
حتى جاء أعداء الأشجار و كل همهم اغتيالها فبدأوا بشجرة التوت وقتلوها وبقي جزء من جذعها شاهد على وحشيتهم.
ثم تتالى قطع الأشجار بحجة وبدون حجة حتى صار الشارع عاريًا من الخضرة والجمال .
واليوم قتلوا شجرة البهجة ذات الزهور الحمراء ، رأيتها وهي ساقطة وكأنها تبكي وتودعني وتقول:
-ماهذا الغدر أيها البشر؟ عشت بينكم سنوات أنشر البهجة وأمتص عوادم السيارات وثاني أكسيد الكربون وأمنحكم الأكسجين، تنشرون القمامة والتلوت في الشارع وأمنحكم زهوري لتُبهجكم وفي النهاية يكون جزائي القتل؟ ولكن حتى اللحظة الأخيرة في حياتي لن أقابل قسوتكم سوى بعبير زهوري الذي سينتشر في الشارع كله ليذكركم بجريمتكم النكراء ويعلمكم أن جزاء الإساءة قد يكون أحيانًا إحسانًا لعلكم تعقلون.





































