بعد استشهاد سيدنا عثمان بن عفان بسبب ثورة أشعلها ابن سبأ ،وهو ممن فُتحت بلادهم واعتنق الإسلام ولكن قلبه كان مستعرًا بنار الانتقام، أجمع كبار الصحابة على اختيار علي بن أبي طالب لقيادة تلك المرحلة الدقيقة من حياة الأمة الإسلامية. حاول الرفض ولكنهم ألحوا عليه وأخبروه أنه رجل المرحلة المناسب.
أول مشكلة واجهت علي رضوان الله عليه هي وجود الثوار بالمدينة ونشرهم الفوضى فكان يرغب في عودتهم إلى بلادهم وإقرار الأمن أولًا لكن واجهته معارضة قوية من معاوية بن أبي سفيان وأسرة عثمان بن عفان رضي الله عنه لأنهم كانوا يرون أن القصاص من قتلة عثمان أوجب وأولى لإقرار الأمن وفرض هيبة الدولة.
رفض علي رأيهم وأصر على رأيه فوقعت المشكلة الأكبر وهي تمرد معاوية ومناصريه من أهل الشام على علي بن أبي طالب.
في رأيي المتواضع كلاهما كان يرغب في إقرار الأمن وفرض هيبة الدولة ولكن لكل منهما منهجه وفكره وطريقته وأولوياته والمشكلة وقعت عندما غابت لغة التحاور والسياسة والتفاهم بينهما، كذلك عندما شكك الطرفان في نوايا بعضهما.
فكانت النتيجة كارثية فلم تهنأ الدولة بالأمن ولا الاستقرار ولا حتى بالانتقام من القتلة، بل شب النزاع بينهما وأشعل كارهي الإسلام الفتنة بين الطرفين وانتهت بنهاية عصر الخلفاء الراشدين وبدء الملكية وتوارث الحكم.
ففي الأزمات يكون التروي والحكمة وإعلاء مصلحة الأمة ووأد الفتن في مهدها ضرورة.