آخر الموثقات

  • المتحدثون عن الله ورسوله
  • قصة قصيرة/.المنتظر
  • قصتان قصيرتان جدا 
  • سأغير العالم
  • كيف تعلم أنك وقعت في الحب؟
  • التأجيل والتسويف
  • فأنا لا انسى
  • احترام التخصص
  • 2- البداية المتأخرة لرعاية الفنون والآداب
  • يعني إيه "الاحتواء"؟
  • يا عابرة..
  • رسائل خلف السحاب
  • صادقوا الرومانسيين
  • ربي عيالك ١٠
  • من بعدك، كلامي بقى شخابيط
  • إيران من الداخل بعد الحرب.. 
  • معضلة فهم الحرب على إيران
  • نصر سياسي ايراني
  • قصة قصيرة/ وصاية الظل
  • ق ق ج/ سرُّ الشجرة والقوس
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة نجلاء لطفي
  5.  الملتحي المتوحش

 

  إهداء

 إلى كل الأرواح المُعذبَة من اضطهاد المجتمع وإلى كل الباحثين عن الحب والصفاء النفسي . المقدمة

يتعرض الكثيرون للتنمر من قِبل المجتمع بسبب الجنس أو اللون أو الملبس أو الإعتقاد فيعمم المجتمع حكمه عليهم ويظل يضطهدهم أو يجعلهم من المنبوذين مما يفقدهم ثقتهم بأنفسهم أو يجعلهم كارهين  للمجتمع ولا ينتمون له .

دعونا لا نحكم على الأخرين حتى نمر بنفس ظروفهم ونعيش في نفس بيئتهم وعندها حتى لا يحق لنا الحكم عليهم بل نترك الحكم لله  وحده.

 نجلاء لطفي

 الفصل الأول

أقبع خلف نقابي أراقب الناس فأراهم على حقيقتهم ولايرونني، أعرف حقيقتهم ولا يعرفونني، يظنون أني معقدة، أو أني شدي دة ا لالتزام وهم لايعرفون حقيقتي ولا مافي قلبي ولم يحاول أحد منهم أن يقترب مني لحد كا ف  ليعرفني حق المعرفة  فهم لا يبالون بما في قلبي بل يكتفون بالحكم علي من خلال شكلي فقط ، فأنا لا أحد ولا أهم أحد حتى أني أحيانا أنني لا أهم نفسي  حتى، لا أحد يعرف حقيقتي ،ولم يحاول أحد معرفتها،

حقيقتي تلك التي لم أعرفها بعد من أنا؟؟ وماذا أريد؟؟ لاأعرف فأنا مازلت تائهة أبحث عن ذاتي في هذا العالم  شديد القسو ة! !

أنا فت اة نشأت بين أب أناني يعشق ذاته ولايبخل عليها بأي متعة سواء كانت حرام أو حلال، مدمن نساء وحشيش، أو هكذا قيل لي وسمعته من أمي والأخرين، وأم لم تكمل تعليمها ودائما ما تندب حظها السئ الذي أوقعها في هذا المخلوق الكريه، قاسي القلب عليها وعلينا، ولا أعرف لماذا لم تفكر في الطلاق لتنقذ نفسها

وتنقذني أنا وأخي منه ومن مشاجراتهما اليومية  التي لاتنتهي، ربما لا أنها ضعيفة الشخصية ولا تستطيع أن تتخذ قرار، أو لأنها فقيرة جاهلة ولا تعلم كيف ستنفق علينا ولا تستطيع تحمل مسئوليتنا بمفردها . كنت أختبىء أنا و أخي وقت  المشاجرات  في غرفتنا خوفا من أن ينصب غضبه علينا  بعد أمي، فأغرق في بكاء مكتوم وأخفي رأسي في الوسادة حتى لا يصدر مني أية صوت يُثيره علين ا، بينما ينفس أخي غضبه في كيس الملاكمة المعلق في حجرتنا فيضربه بعنف متخيلا إياه أبي الذي يكرهه بشدة. كبرت وأنا أخاف من كل الرجال -  فلم أكن أتصور أن هناك من يختلفون عن أبي-  وقررت بيني وبين نفسي أنني لن أتزوج أبدا  حتى  لا أقابل زوج مثل أبي وأعيش مقهورة وحزينة كأمي. 

كان معظم الجيران يتجنبوننا بسبب غلظة أبي مع الجميع وقسوته علينا ما عدا جيراننا في الدور الذي يعلونا فقد كان الرجل بلديات أبي ويعرفه جيدا وكثيرا ما كان يمنع أذاه عنا وعن أمي أو يصلح بينه وبين أمي ، أما زوجته فكانت صديقة أمي التي تواسيها دائما ، و ابنهما خالد ذلك الفتى الضخم المتجهم فكان صديقا لأخي،  كان هؤلاء الوحيدون الذين سمح لنا أبي بالاختلاط بهم وهم الوحيدون الذين احتملوا طبع أبي السيء.

 عندما بلغت العاشرة توفي أبي فجأة بلا مر      ض لم أشعر بالحزن لفراقه لأني لم أكن أراه إلا لسويعات يصرخ فيها ويتشاجر مع أمي فكان فراقه معناه التخلص من تلك المشاحنات، كما أني لم أشعر باليُتم حيث أني لم

أشعر يوما أن لي أب فقد كنت يتيمة في وجوده، لكني كنت قلقة حيث أن غيابه يعني غياب الممول لحياتنا لكن تعهد جدي لأبي أن يتولى مصاريفنا ورعايتن ا-  رغم اختلافه الدائم مع أبي ومقاطعته له كثيرا بسبب سوء  سلوكه مع الناس ومعنا بل ومع إخوته ووال ده أحيان ا-  فكان ذلك الحل الأمثل لمشاكلنا .

 كنا نجتمع مع أبناء أعمامي وعماتي في بيت جدي كل يوم جمعة حول طعام الغداء –الذي يحتوي أصنافا لم نكن نتذوقها إلا هناك- ونتبادل الأحاديث في ذلك الموعد المقدس لدى جدي الذي كان لا يسمح بغياب  أحد عنه مهما كان عذره، ولايسمح جدي بانصراف أحد قبل المغرب حتى تنشأ بيننا صلة لاتنقطع بعد موت ه، هكذا كان يقول لنا دائما. كنت أنا وأخي من المنبوذين من الجميع  بسبب سلوكيات أبي وسيرته وسلوكه مع الجميع فالكل يحملنا وزره ، لكن جدي كان يقف بالمرصاد لمن يذكره بسوء فنظرة واح دة منه كانت كفيلة بإسكات الجميع، الكبير والصغير منهم، وكان جدي يشملنا بعطفه فيسألنا دوما عن أحوالنا وعما ينقصنا ويوفره لنا

حتى لا نشعر أننا أقل من الأخرين، لكننا كنا فعلا أقل ماديا وتعليميا، بل وكنا أقلهم ثقة في أنفسنا فقد أهدر أبي كل ممتلكاته وراتبه على نزواته متناسيا أن لديه أولاد يحتاجون ذلك المال ليعيشوا بكرامة فكل ما كان يعنيه  في الكون هو ذاته فقط.

بدأ الجميع يعتاد وجودي أنا وأخي بينهم، كنا بعد الغداء ننقسم لفرق الكبار يتناولون القهوة مع جدي في الصالون،  والأولاد يلعبون الكرة في فناء المنزل ولم يكن أخي يلعب معهم إنما كان يأتي له شيخ ليحفظه القرأن لأنه كان الوحيد بين أبناء العائلة الذي لم يحفظ ولو حتى جزء من القرأن بسبب بعد أبي عن التدين وجهل أمي، أماالبنات فكن يتجمعن في غرفة داخلية ويتبادلن الحكايات وما أدراكم ما حكايات البنات، أما أنا فكنت مجرد مستمعة لهن، في البداية كن يخفن مني ولا يحكين أمامي كل شئ لكنهن مع الوقت اعتدن علي وصرن يحكين كل خصوصياتهن أمامي، وكثيرا ما كن يسألنني عن خصوصياتي فأقول لهن ليس لدي ما

أحكيه، لم أكن أكذب فحقا لم يكن لدي ما أحكيه فمن سيهتم بتلك اليتيمة العجفاء الفقيرة التي بالكاد تجد ملابس  ملائمة بسبب ضعف معاش والدي لأنه مات  صغيرا.

كانت حياتي في مجملها خوف، كنت أخاف من أبي ثم من جدي ثم من المجهول الذي ينتظرنا، ولأن أخي كان يكبرني بخمس سنوات فكان يعتبر نفسه ولي أمري ولم يعد صديقي الذي يشاركني أفراحي وأحزاني، فراح يأمرني وينهاني فصرت أخاف منه كما أخاف  الجميع، خاصة بعد أن تحولت العلاقة بيننا لأوامر

ونواهي فقط وضاع بيننا الود القديم. كان أول أوامره القاسية على نفسي إجباري على لبس الحجاب وأنا في  الحادية عشر من عمري، لم تعترض أمي -  لأنها كانت ضعيفة الشخصية-  وعندما اعترض جدي قال له أخي:

  • إننا نعيش في منطقة شعبية وأخشى عليها من نظرات الناس وطمعهم فيها، خاصة أن أصحاب النفوس الدنيئة لايرحمون صغيرة أو كبيرة، وأنا أريد حماية أختي ليس أكث ر

 فاقتنع جدي بكلامه واشترى لي ما يناسب الحجاب وشجعني عليه واكتفت أمي بقولها )لست أنت الوحيدة المحجبة في الشارع والحي وفي مدرستك كل البنات مُحجبات أتريدين  فضحنا أمام الناس ؟؟( لم تكن أمي تهتم بالحجاب كفرض أو ستر لكن خوفا من كلام الناس فقط. حقا لم أكن الوحيدة في بيئتي لكني كنت كنت الوحيدة بين بنات العائلة المحجبة في هذه السن الصغيرة ،وليتهم جميعا  اهتموا بخُلقي كما اهتموا بستري وبشكلي بل لم يهتم أحد بتعليمي أن الحجاب فرض على البنت البالغة، كما لم يهتم أحد بتعليمي تعاليم ديني ولا حتى الصلاة والغرض منها ، ولم يهتم أحد بتعويدي عليها فأمي لم تكن مواظبة على الصلاة ،وأبي لم يركع يوما ركعة واحدة، أما أخي فكان كل اهتمامه بشكلي لا بجوهري وكان هو نفسه معلوماته الدينية قليلة. كان الحجاب بالنسبة لي في تلك السن مجرد قيد على حركتي وحريتي، وعندما كبرت وظهرت علي معالم الأنوثة صار وسيلة لحجب جمالي وأنوثتي فقد كان ظاهرا للجميع أني أقتحم عالم الأنوثة بقوة بجسد متوسط الطول

ممتلىء قليلا وبشرة بلون سنابل القمح وشعر أسود ناعم لكنه مقيد تحت غطاء رأسي وكم كنت أحلم أن أطلق له العنان وعيون سوداء واسعة ذات رموش طويلة، فكان جمالي شرقي يلفت الأنظار دون قصد مني ، بل  ويسبب لي غيرة البنات من حولي.

  في سن الخامسة عشر  انتبه أخي أني صرت أنثى ألفت الأنظارفأصرعلى ارتدائي عباءات سوداء واسعة  ومعها نقاب حاولت أن أعترض لأول مرة في حياتي فكان جزائي الضرب الشديد من أخي وقال:

  • أتريدين أن يطمع الناس بك؟ أم أن تسوء سمعتك؟أم تريدين الحياة على هواك؟ ؟

 لم أجبه ولكني كنت أريد أن أصرخ وأقول:

  • بل أريد أن أستمتع بحياتي كغيري من الفتيات بلا قيود ولا خوف ولا إهانات

 لكني لم أجرؤ على فتح فمي وإلا كان مصيري المزيد من الضرب وبالطبع ستقول أمي جملتها المعتادة

  • أطيعي حسن فهو ولي أمرك وكفاك معاندة، فنحن لا نحتاج مزيدمن الفضائح بين الجيران.

صار يجبرني عليه ويشدد عليه ألا يراني أحدا بدونه ، كنت أشعر أنني سجينة ذاك النقاب وأنه السجان الذي يحبسني ووحده يملك مفتاح سجني ، وزاد من تشدده معي انضمامه لبعض المتشددين دينيا المعروفين في  المنطقة، وعندما نصحه جدي في أواخر أيامه با لابتعاد عنهم قال له:

  • ياجدي إنهم ناس متقين يريدون تطبيق شرع الله ولا ضرر من صحبة الأتقياء.

كنت كلما اجتمعت مع بنات العائلة أواجه سيلا ا من السخري ة منهن جميعا، ثم يبدأن في حكاية مغامراتهن وأنا  أستمع صامتة ، وسألتني ابنة عمي يوما:

  • ألن تحكي لنا مغامراتك؟؟ لاتخافي لن نخبر حسن عنها
  • ليس لي مغامرات فحسن لايتركني أخرج بمفردي ولا حتى للمدرسة فمن سيعرفني بنقابي هذا ومن سيحبني وهو لايرى وجهي ولا يعرف إن كنت جميلة أم قبيحة؟ ؟

لم يتكرر السؤال مرة أخرى بل صرت موضع عطفهن وثقتهن جميعا، وحكت لي كل واحدة بمفردها قصة حبها التي تخفيها عن الجميع لأنها تعلم أنني الوحيدة التي لا أستطيع الإيقاع بحبيبها لوجودي الدائم تحت

الحراسة المشددة ولأني لا أمتلك موبايل حديث ولا إنترنت،  ولأن حبيبها لن يفكر بفتاة لا يراها مثلي، ولأني  كتومة قليلة الكلام كنت موضع ثقتهن.

 توفي جدي سندي في هذا العالم والحيد الذي أحبني واهتم بي فبكيته كثيرا لأني أعلم أن الحياة بدونه ستكون قاسية جدا، فقد شعرت باليتُم حقا بعده  فقد كان هو أبي الحقيقي الذي يحنو علي ويكلمني وينصحني بهدوء، بكيته كما لم أبكِ أبي. بعد وفاة جدي انقطعت عنا العائلة فلا أحد يريد أن يورط نفسه في مسئوليتنا وخاصة أنهم يرونا أثمين كأبي ، ف انقطعت صلتي الوحيدة بالدنيا فلم نعد نزور العائلة إلا في حالات المرض أو الوف اة فقط أما في الأفراح والمناسبات فلم يكن أحدا يدعونا، كما لم تفكر أية فتاة من العائلة في التواصل معي وربما حتى لم يعدن يتذكرنني.  في الصف الثالث الثانوي  اختار لي أخي مدرسات لدروسي  ورفض أن أذهب لدى مدرسين من الرجال بحجة خوفه علي   وربما لأن دروسهم تكلفتها باهظة  بينما المُدرسات تكاليفهن أقل،وانهمكت في تحصيل دروسي على أمل أن ألتحق بالجامعة وعندها ستكون فرصتي لأنطلق للعالم

الخارجي، لكنها كانت مجرد أوهام فقد نجحت في القسم الأدبي بمجموع يفوق ال90% لكن أخي أصر على دخولي كلية رياض أطفال لأنها قريبة من البيت ولأنها للبنات فقط، فطلبت منه أن أدرس في كلية البنات فرفض لبعد المسافة عن البيت و لأنها ستكلفنا مصاريف مواصلات باهظة وظروفنا المالية لاتحتمل بعد وفاة جدي وانقطاع مساعداته المالية ،وضآلة معاش أبي، كما أن أخي يعمل أحيانا وكثيرا ما يكون عاطلا بسبب

تشدده الديني وتشاجره مع زملاؤه وأصحاب العمل دائما لأنهم من وجهة نظره كفرة أو فاسقين. عندما حاولت  أن أرفض تحكم أخي بمستقبلي واستعنت بأعمامي فوجئت بهم يقولون:

  • اسمعي كلام أخ يك فهو ولي أمرك الأن وهو يعرف مصلحتك جيدا ولن نتدخل بينكما.

أدركت أنه بعد جدي لم يعد لي أحد يهتم بي في ذلك العالم، ضاعت أحلامي كلها هباءا وراء تحكمات أخي وما زاد الأمر سوءا  أنه وافق على خطبتي لأحد إخوانه-  كما يطلق عليه-  الذي يكبرني ب10 سنوات ويمتلك ورشة نجارة وتوقف في تعليمه على دبلوم صناعي، لم أفكر حتى في الرفض فما جدواه طالما حسن قرر أنه مناسب لي، كما أني لم أكن أجرؤ عليه وإلا كان جزائي الضرب والإهانة، فمثلي لا يحق لها ا لاختيار إنما  ترضى بما يمنحه لها القدرأو ما يفرضه الأخرون فهم قدرها.

 الفصل الثان ي

ذات يوم أفقنا على حدث زلزل كياننا ،في الفجر سمعنا طرقات على الباب وبعدها اقتحم مجموعه من الرجال بيتنا ،كلهم  كانواملثمين ويرتدون ملابس سوداء،وبعد أن فتشوا الشقة جيدا وقلبوها رأسا على عقب

اصطحبوا حسن معهم وسط ذهولنا وصراخ أمي  وعرفنا منهم أنه متهم با لانضمام لجماعة إرهابية تخطط  لقلب نظام الحكم، حاولنا نفي التهمة لكن أحدا لم يستمع لنا إنما قال ضابط شاب لأمي إشفاقا عليها  :

  • ياحاجة إننا ننفذ الأوامر فقط وإن كان حقا ابنك برئ فوكلي له محام يثبت برائته إن لم يكن يفعل من وراءك أشياء ولا تعلمينه ا

 بمجرد سماع الجيران للتهمة اعتزلونا جميعا خوفا من أن تلصق التهمة بأحدهم إن وقف معنا ، وعندما لجأت لأعمامي تخلوا عنا بحجة أنهم لايستطيعون تعريض أنفسهم وأولادهم للخطر بسبب حسن وأفعاله، وبقيت أنا وأمي المريضة بمفردنا في مواجهة العالم لأول مرة بدون رجل حقيقي-  لأن خطيبي المحترم تخلى عنا خوفا  على رزقه وعمله وخوفا من أن يأخذوه مع أخي-  ولاخبرة  لي في التعامل مع الناس.

كانت لي زميلة في الدراسه لها قريب لأبيها يعمل  محاميا فطلبت منها أن توصيه علينا لمساعدتنا في قضية أخي فوافقت وأعطتني رقمه لأتواصل معه وأحكي له التفاصيل، كنت أتلعثم وأنا أكلمه فتلك هي المرة الأولى التي أتحدث فيها مع رجل غريب ، لكني استطعت أن أوضح له ما حدث ووعدني ببذل كل جهده. في البداية بذل جهدا كبيرا حتى يعرف مكانه ويصل إليه ويحصل لنا على تصريح بزيارته ، وعند الزيارة حكيت له أن الكل تخلى عنا حتى خطيبي وأن المحامي قريب لزميلتي فطلب مني عدم الحضور لزيارته وإن أراد شيئا فسيرسل لي مع الأستاذ جمال  المحامي. لم أكن أنا أو أخي نعلم أننا فتحنا على أنفسنا أبواب جهنم، صار المحامي يتصل بي يوميا تقريبا ليحدثني عن القضية في البداية ثم صار يحدثني عن نفسه ويسألني عن نفسي، وصار الحديث بيننا يوميا لا ينقطع وكنت سعيدة لأني أخيرا نلت إعجاب شخص ما واهتم بي، وبعد فترة من  التواصل بيننا  قال لي أنه معجب بي. 

كنت في قمة سعادتي أخيرا وجدت من أنال اعجابه حتى دون أن يراني، أخيرا ستكون لي قصة كباقي البنات، أخيرا سيكون لي حبيب وستبتسم لي الحياة، أخيرا شعرت أني لست أقل من أية فتاة إنما أنا جديرة بالحب والاهتمام وليس ذلك ا لاهتمام من شخص عادي بل من محام شاب ناجح ومستقبله كبير،حقا لم يكن وسيما بجسدة متوسط الطول الممتلىء وعيونه السوداء خلف النظارة الطبية وشعره الأسود الذي بدا وكأنه  على وشك الصلع ، لكني لم أهتم بالشكل إنما سعدت بمشاعره المتدفقة.

 كان جمال يغمرني بمشاعره ليل نهار حتى أنه نسي قضية حسن ونسيت معه نفسي ، تعلقت به وكلماته الرقيقة التي ملكت قلب ي، كان يجعلني أحلق في السماء من سعادتي وكم حلمت بعش الزوجية الذي يجمعني معه. طلب جمال مني أكثر من مرة أن نتقابل وحدنا بعيدا عن أعين الناس لكني كنت أرفض تماما لأني لم أقابل رجلا غريبا بمفردي من قبل ، كما طلب مني أن أرسل له صورتي بلا نقاب وألح علي وكدت أضعف أمام إلحاحه لولا خوفي من حسن أن يعرف فرفضت وغضب مني غضبا شديدا و انقطع عن الكلام معي عدة أيام، كدت أجن عندما ابتعد عني فقد اعتدت اهتمامه ووجوده في حياتي وأشتاق بشده لسماع صوته وكلماته التي تطرب قلبي وتشعرني أنني أنثى. مرت علي الأيام طويلة وصعبة وقاسية بلا مشاعر ولا اهتمام ، لكن بعد عدة أيام جاء لوالدتي يطلب يدي فقالت له إن الظروف غير مناسبة، فقال لها اننا نحتاج لرجل يحمينا وأنه سيكون هذا الرجل، كانت فرحتي غامرة وأكبر من أن يستوعبها قلبي المشتاق للحب ، لكني أدركت أنه أيضا لا يستطيع الحياة بدوني.كان لابد من وجود رجل معي أنا وأمي في غياب حسن فاتصلت بأعمامي لأخبرهم فتنصلوا جميعا من مسئوليتي وقالوا ليس لنا شأن، بكيت كثيرا وترحمت على جدي فهو الوحيد الذي كان  يحنو علينا حتى أكثر من والدنا وتيتمنا فعلا بعد موته.

جاء جمال يوم الخطبة بمفرده فقد كان والده متوفيا وعندما سألناه عن أسرته إدعى أن والدته مريضة بشدة وأن أخته معها لتعتني بها فأصبحت الخطبة قاصرة علي أنا وأمي وهو فقط فاتصلت أمي بجارتنا أم خالد – الوحيدة التي لم تقطع صلتها بن ا-  ودعتها للحضور هي و خالد –ذلك الملتحي المتجهم دائما الذي كان زميلا لحسن في المدرسة  وصديقه لمدة طويلة ثم فترت علاقتهم منذ أن انضم حسن للجماعة سبب سجنه، كنت أرى في خالد كائن متوحش فهو ضخم الجثة ،حاد الطبع،شديد التجهم-  فحضرا معنا الخطبة وتمت قراءة

الفاتحة ومنحني جمال دبلة ذهبية وخاتم كدليل على خطبتنا ورفض خالد أن يدعه يلمس يدي أو يلبسني الدبلة  بحجة أني لا أجوز له وكاد جمال أن يشتبك معه لولا تدخل أمي التي قالت لي:

  • خالد مثل حسن ويجب أن تطيعي كلام ه

فجاءت أمي وألبستني الدبلة والخاتم وأطلقت أم خالد الزغاريد مع أمي لإعلام الجيران بخطبتي كعاداتنا ووزعت أمي علينا الشربات وأنا أشعر بالغضب من خالد ذلك المتطفل الذي لبس رداء أخي فجأة وصار يتحكم في وكأن قدري أن ينتقل زمام تحكمي من رجل لأخر .بمجرد انصراف جمال قال خالد بحدة تشبه حدة  حسن:

  • يا خالتي هذه مجرد خطبة أي وعد بالزواج وليس له أية حقوق لايلمسها ولا يجلس بمفرده معها ولا يخرجا معا بمفردهما، ليس معنى الخطبه أنه أصبح زوجها انتبهي له فهو مازال غريبا عنكما ولا تعرفانه جيدا. كدت أقول له وما شأنك أنت أيها المتوحش حتى تتدخل في حياتنا ولكن أمي أسرعت وقالت:
  • بالطبع يابني نعرف ذلك، شكرا لك يا ولدي وإن شاء الله سنكون بجوارك يوم فرح ك

انصرف هو وأمه وأنا أرمقه بنظرات غاضبة لم يرها من خلف النقاب ذلك الشاب الطويل العريض النكبين

،ذو البشرة السمراء والعيون السوداء الغاضبة دائما والشعر الأسود المجعد ، كل تلك الملامح تزيد من وحشيته وقساوته ، لكني سرعان ما نسيته  بمجرد حديث جمال معي ،فقد ظل طوال الليل يحدثني في الموبايل عن حبه وغرامه وحلمه بأن أكون معه في بيته، وأخبرني أنه سيسرع بإتمام الزواج لأنه لم يعد يطيق بعده عني ويريدني زوجته اليوم قبل غدا، كنت في منتهى السعادة بتلك المشاعر وأحلم كيف أسعده وأجعله مرتبطا بي لباقي عمره . بعد يومين من خطبتنا اتصل بي وقال أنه يشعر بالغضب لأن النقاب يحول بينه وبين ملامحي الجميله ثم طلب مني أن أكشف النقاب ليرى وجهي عندما يكون في بيتنا فوافقته لأنه قال لي أن الرؤية الشرعية من حقه بعد الخطبه  وشرح لي معناها وهو أن يرى وجهي لأني خطيبته، ولأني كنت جاهلة بديني وبما يجوز ولا يجوز فصدقته. استطاع بلبقاته أن يقنعني أنا وأمي فصرت أكشف وجهي أمامه بل وصورني بموبايله بحجة أن يراني وهو بعيد عني ، كان يستغل غياب أمي في المطبخ لإعداد الشاي أو القهوة له ليقترب مني ويمسك بيدي وأراد مره أن يقبلني ولكني منعته بالقوة و انا أكاد أستسلم له بسبب تعلقي به وضعفي أمامه حتى جاءت أمي فابتعد مسرعا وحمدت الله أني لم أضعف. كان يبرر تصرفاته بأنه يحبني ولا يقدر على بعدي أكثر من هذا، فقلت له )عجل بالزواج( فقال إن إمكانياته ضعيفة ولا يستطيع توفير شقة حاليا،  فعرضت عليه أن نتزوج في بيتنا لنكون بجوار أمي وأيضا نوفر نفقات السكن الخاص وتأثيثه فوعدني أنه سيفكر في هذا وسيستشيروالدته التي لم أرها منذ خطبتنا  وهو يدعي أنها مريضة فعرضت عليه زيارتها  أنا وأمي فقال أنه سيحدد لنا موعدا ولم يحن ذاك الموعد أبد ا،و رغم ر غبته الواضحة ولهفته علي ، إلا أني كنت أشعرأنه غير صادق ولا جاد فكلما ذكرت الزواج أمامه أجده يماطل ، لكني قلت لنفسي أن أكف عن  تصور أشياء ستفسد علي سعادتي.

بعد عدة أيام مرضت الحاجة أم خالد وأرادت أمي زيارتها في المستشفى لكن جمال منعني بحجة أنه يغار علي من الرجال وخاصة خالد ذلك المتجهم الذي يكرهه بشدة ، وقال لي جمال أنه يظن أن خالد يغار منه فرحت كثيرا بغيرة جمال ولم أذهب مع أمي إنما بقيت في البيت لأرضي جمال . اشتد المرض على أم خالد فتبادلت أمي مع خالد ا لبقاء بجوارها لأنهم لم يكن لهم أقارب بالقاهرة، وكانت أمي وأم خالد بمثابة شقيقتين  يتشاركان الأفراح والأحزان، فكانت أمي ترى أن رعاية أم خالد واجب عليها.

في يوم اضطرت أمي للمبيت مع أم خالد بدلا عنه لأنه كان لديه عمل ضروري لابد أن يقوم به وعرف جمال ذلك من خلال حديثي التليفوني ورفضي أن يأتي لزيارتي بسبب غياب أمي، لكني فوجئت به يطرق الباب

ففتحت وذهلت من وجوده أمامي فاستغل دهشتي فدفع الباب ودخل وأغلقه خلف ه، عندما استعدت شجاعتي قلت

 له :

  • أمي ليست هنا لايصح وجودك معي بمفردن ا
  • ولم لا ألست خطيبك؟؟ لنجلس قليلا معا أحتاج أن أتحدث إليك بمفردن ا

 وجذبني من يدي و أجلسني على الأريكة وجلس بجواري واقترب مني مبتسما وقال:

  • افتقدتك كثيرا ولم أستطع أن يمر اليوم دون أن أراك ، أنا مشتاق لك كثيرا وأريد أن أراك بلا حجاب، أريد أن ألمس شعرك أريد أن أراه منسدلا على كتف ك

 مد يده برقة ليفك حجابي فابتعدت قائله :

  • أرجوك لا يصح يا جمال أن تراني بلا حجاب وعندما نتزوج ستفعل ما تري د
  • لاطاقة لي للإنتظار حتى الزواج ألا تحبينني؟؟ ألا تشعرين بالشوق إلي كما أشتاق إليك؟؟ يالقسوة قلب ك

اقترب مني كثيرا حتى صارت أنفاسه الحارة تلفح وجهي ورأيت في عينيه نظرة لا علاقة لها بالحب إنما هي نظرة شيطانية ، شعرت بالخوف الشديد وحاولت أن أدفعه لكنه كان أقوي مني وراح يغمرني بقبلاته وأنا أ حاول ا لابتعاد عنه ولا أستطيع ،حتى جذبني على الأرض وأنا أحاول التخلص منه و استجمعت قوت ي وركلته في بطنه فتألم فقمت مسرعة تجاه الباب وحاولت أن أفتحه لكن كان أسرع وأقوى فلحقني فأغلقه ومزق ملابسي  حتى ظهر جسدي أمامه فتحول لذئب جائع وألصقني بالباب وراح ينهشني،  فصرت أصرخ وأركل الباب بقدمي لعل أحدا يتقذني فجذبني نحو الأرض مرة أخرى وأنا أصرخ وأقاومه بكل قوتي لكن قوته كانت لها الهيمنة فاستطاع شل حركتي، عندهاعرفت أني انتهيت ولأول مرة من خلال دموعي تذكرت الله ودعوته أن ينجيني من هذا الوحش ، وفجأة سمعت صوت كسر الباب وفوجئت بشخص يمسك بجمال ويضربه بقوة لم أنظر إليه إنما كان كل همي أن أستر نفسي فقمت مسرعة لأستر جسدي بمفرش السفرة وأغطي رأسي بمعظمه بعدما مزق جمال حجابي وملابسي ، وعندما نظرت إليه وجدت خالد قد أوسع جمال ضربا وعندما انتهى نظر إلي نظرات نارية ظننته سيقتلني بعدها وقال لي  بحدة  :

  • ارتدي ملابسك وسنسلمة للشرطة وتحكي ماحد ث

 شعرت بالفزع وخاصة عندما قال جمال:

  • سأقول خطيبتي والجيران سيشهدون بذلك وسأقول هي من دعتني لبيتها وحتى إن اتهمتني بمحاولة إغتصابها سأطلب الزواج منها وتنتهي القضية و ماسيحدث هو فضيحة للهانم المحترمة وليس لي فالقانون معي.

 غضب خالد وصفعه مرة أخرى فقلت له من خلال دموعي:

  • أرجوك أتركه لا أريد فضائح فلن يقف بجواري أحد وسيكون الكل في صفه وإن طلب الزواج مني سيغتصبني كل يوم، أرجوك دعه يذهب.

جذبه خالد من ملابسه خارج الشقة وأغلق الباب وراءه وارتميت على الأرض أبكي وأحمد الله أنه نجاني، قمت وخلعت ملابسي الممزقة وأخفيتها عن أمي واغتسلت وداويت جراح جسدي لكن جراح قلبي لا يستطيع أحد أن يداويها، كانت صدمتي في خالد أكبر من الوصف ومن كل الكلمات، كنت أظنه يحبني لكنه كان يرغب في جسدي فقط، كنت أظنه سندي الذي سيحميني من غدر الناس فإذا به الذئب الذي يريد  إفتراسي، كنت أظنه رجلا فوجدته وحشا.

في الصباح اتصلت أمي لتخبرني بوفاة أم خالد وهي منهارة فقد كانت لها الأخت والصديقة في كل الأوقات، جريت إلى المستشفى وأنا أبكي فقد كانت امرأة طيبة تساعد الكل وتحب الناس ورغم ضيق ذات يدها لم تكن تبخل على أحد أبدا،وجدت أمي تبكي وخالد لايستطيع منع دموعه، فشعرت بالذهول من هذا المشهد، يا الله أهذا المتجهم القاسي حاد النظرات يبكي مثلنا؟؟ أله قلب مثلنا؟ أيدرك معنى الوجع

ويستشعر ألام الفقد مثلنا؟ لم أعرف أأشفق عليه أم أشمت فيه؟؟ كنت أكرهه لأنه رأني في هذا الوضع المهين ولابد أنه سيحكي للجميع ماحدث معي ويفضحني أو سيسكت ويبتزني مقابل سكوته، لكن رغم  ذلك شعرت بشئ من الشفقة تجاهه فالإنسان مهما بلغت قسوته فلابد أن يهتز لفقد أمه.

 سكت في إنتظار ما سيفعله بي خالد وكنت على يقين أنه لن يترك الموقف يمر دون أن يستغله، مرت  أيام العزاء وسألتني أمي كثيرا عن جمال فقلت لها:

  • لقد تشاجرنا معا لأني اكتشفت أنه خطبني ضد رغبة أمه وأنها رافضة لزواجنا هي وكل أسرته لأن أخي إرهابي كما تقول ففسخت الخطوبة لأني لن أقبل أن يتعالى علينا أحد كما لا أقبل إهانة أخي.

سكتت أمي كعادتها ولم تقل رأيا، وبعد عدة أيام اتصل بها خالد وقال إنه ذهب لجمال الذي أخبره برغبته في فسخ الخطوبة وعدم الدفاع عن حسن فأخذ خالد منه أوراق القضية وأعطاها لمحامي يعرفه شكرته أمي على تعبه معنا، ذهب خالد لزيارة حسن وأخبره أن جمال فسخ الخطوبة –ولم يذكر السبب-  وأنه يريد أن يعقد قرانه علي لنصبح في حمايته ولن يتم الزواج إلا بعد براءة حسن ،وافق حسن وأرسل معه خطاب بخط ي ده يخبرني فيه بالموافقة، لم يفكر أحد في رأيي أو في رغبتي ولم يسألني أحد موافقتي إنما

الكل يقرر بدلا مني. جاء خالد لأمي وطلب يدي منها وأخبرها بموافقة حسن فنادتني أمي وأخبرتني وهي تنتظر رأيي فنظرت إلى خالد وأدركت أنه فعل ما فعل لينالني هو فقلت لنفسي )لا فارق بينهم جميعا،  كلهم يسعون نحو جسدي ولا أحد يفكر في قلبي( فقلت له: موافق ة

 فقالت أمي:

  • من حقه أن يرى وجه ك
  • لقد رأى مافيه الكفاية

 ونظرت له نظرة كلها ألم وأسى،وفي اليوم التالي تم عقد القران في البيت حتى يعلم كل الجيران.

 الفصل الثال ث

كانت السنة الدراسية توشك أن تبدأ وهي السنة النهائية لي وليس لنا دخل سوى معاش أبي الضئيل فقلت  لخالد:

  • أريد أن أعمل
  • لماذا؟ ؟
  • لأن دخلنا لايكفي مصاريفنا ولا نفقات المحام ي
  • لاتنسي أنك زوجتي وأنا متكفل بكل مصاريف ك
  • ومصاريف أمي وأخي؟؟ نحن لانقبل صدقات من أح د

 نظر إلي بغضب وقال:

  • أنا لا أتصدق عليكم بل أعتبر نفسي واحدا منكم وأريد المساعدة
  • وماذا تريد مقابل ذلك؟ ؟

 اشتعل غضبا وأمسك بيدي بعنف وقال:

  • لا أريد شيئا ولا تنسي أنك زوجتي أمام الله والناس وإن أردتك الأن فلن يلومني أحد ولو كنت أفكر مثل ذلك السافل لنلتك ليلتها بدون زواج وبدون اعتراض منك

 انهرت باكية لأني لم أحتمل أن يعايرني ويذكرني بذنبي فقال خالد بحدة  :

  • احذري من غضبي فلن تحتملي ه
  • ولم الحذر فأنت كغيرك تريد أن تتحكم بي ولا تهتم بمشاعري ولا برغباتي وسهل عليك أن تجرحني بل وتهينن ي
  • منى أرجوكي سامحيني فأنا لم أقصد الإساءة إليك لكن كفي عن استفزازي وعموما إن كان العمل رغبتك اتركيني عدة أيام أبحث لك عن العمل المناسب.

 مسحت دموعي وأنا متعجبة من رقة كلامه وقلت:

  • أريد أن أعرف ماذا تعمل حاليا؟ ؟

 ابتسم وقال:

  • هل من المعقول أن تتزوجي رجلا لاتعرفين عنه شيئا؟ ؟
  • وهل تركت لي فرصه لأعرف؟
  • إذا فلنتعارف من البداية أنا بكالوريوس تجارة وعملت في كل المهن التي تتخيلينها ولا تتخيلينها، عملت كبائع في محل ملابس وعملت في محل تصوير ورق وطباعه على الكمبيوتروكسائق تاكسي

وتعلمت النقاشة وعملت بها لفترة وعملت بالمقاولات وأخيرا فتح الله علي وصرت الأن أعمل مقاولات  صغيرة في بعض الشقق لصالحي.

  • العمل لايعيب صاحبه مادام شريفا ما يعيبه حقا أن يجلس عاطلا ويعتمد على غير ه
  • لأني يتيم الأب فلم يكن لي أحد أعتمد علي ه
  • كثيرون لديهم أباء لكن غيابهم أفضل
  • منى أنا....أعني سأبحث لك عن العمل المناسب.

انصرف وقلبه يخفق لأول مره في حياته، لم يكن يؤمن يوما بالحب أو لم يكن لديه وقت للحب حتى رأها قبل ارتداءها النقاب فخطفت قلبه، ظن أنه مجرد إعجاب وسينتهي وظل يلوم نفسه لأنه لم يغض البصرعنها ولكن حتى لو غض بصره كان سيراها بعيون قلبه، كان كل يوم يلوم قلبه لأنه تعلق بها وهو لايقدرعلى الزواج بها ولا هو قادر على النسيان فكان بحكم الجيرة يقابلها كثيرا ورغم أنها لم تكد تراه حتى تدير وجهها إلا أن تلك الثواني كانت بمثابة الزاد لقلبه، ورغم تدينه لم يستطع منع نفسه عن حبها ولا غض بصره عن عينيها،  فكانت هي إثمه الوحيد الذي سيحاسبه الله عليه وكم استغفر وسأل الله ألا يعاقبه بفقدها، كانت صدمته الأولى عند خطبتها وحاول أن يغرق نفسه بالعمل لينساها، وعندما تركها خطيبها الأول فكر أن يتقدم لخطبتها لكن أمه قالت له لايصح أن يتقدم وأخوها بالسجن، ثم أفاق على خطبتها للمحامي ذلك الذي أثار ريبته من أول لحظ ة، وكرهه لأنه سرق منه حلم حياته ولأنه  رأى بعينيه نظرات الرغبة في عينيه لا الحب ، وكاد أن يفقد الأمل نهائيا حتى كان عائدا من عمله ليبدل ملابسه ويذهب عند أمه بالمستشفى حيث كانت أم حسن تجلس مع أمه، فسمع في بيتها صوت صراخ  فأدرك أن منى في خطر وعندما سمع صوت ارتطام با لأرض جن جنونه وركل الباب بكل قوته وكاد يقتل جمال عندما رأى مافعله بمنى تلك الفتاة البريئة التي طالما اعتبرحتى نظرته الطاهرة لها ستدنسها لفرط برائتها، فيأتي ذلك القذر ويدنس جسدها بحقارته؟ ظل يضربه حتى  انتبه لرفض منى تسليمه للبوليس  وظن أنها مازالت تخاف عليه حتى نطقت جملتها التي مزقت قلبه  :

 -إن تزوجني فسيغتصبني كل يوم أرجوك لا تجعلني لقمة سائغة في فم ه

عندها فقط تراجع وتركه يذهب طليقا بفعلته لأن المجتمع لن يرحمها فهم يلومون الضحية لا الجاني. بعد وفاة والدته فكر في الزواج من منى ليحميها ويحقق حلمه بالسعادة ،لكنه تردد لسببين الأول انها ستظنه يستغل ما حدث، والثاني أنها ستكون مجبرة على الزواج منه وتعيش معه بلا حب وهو يريد قلبها، ففكر لكن ربما يخطبها غيره فتقدم لخطبتها ولكن س يطيل الم دة حتى تعرفه عن قرب لعلها تحبه كما أحبها،  سيكون بجوارها ليحميها ويعلمها ما لم تتعلمه من قبل، سيجعلها تختاره بقلبها وعقلها.

بعد عدة أيام اتصل بها وأخبرها أنه وجد لها عملا كمدرسة إبتدائي بالحصة في أحد المدارس الخاصة حتى تتوفر لديها أيام لدراستها، وذهب معها لمقابلة مديرة المدرسة مدام إيمان التى كانت والدة زميلة في الدراسة

وعندما هاجر رفضت أن تهاجر معه وأسست تلك المدرسة لتشغل فراغها وتعلم الأولاد فيها، فلم يتركها خالد وكان يسأل عنها باستمرار بل وعاونها حتى وقفت المدرس ة على أقدامها-  هذا ما عرفته بعد فترة من عملها بالمدرسة-  وكان راتبها بالمدرسة بالإضافه لمعاش أبيها ومصروفها الشهري الذي أصر خالد على إعطاؤه لها بصفتها زوجته كل ذلك معا كان كافيا لتعيش هي وأمها مستورتين، أما قضية حسن فطالت مدتها وليس  بها أمل كبير، لكن خالد قال لها:

  • لا تيأسي فقط قولي يارب وهو وحده قادر على حل كل مشكلة مهما كانت كبير ة
  • لكن هذا المشكلة ليس لها ح ل
  • بمقياسك أنت لكن كل شئ عند الله له حل ولكن في الوقت المناسب، كل ما علينا أن نحسن الظن بالله، وأكثري من الدعاء وأنتي ساجده في صلات ك

وقفت أتأمله وكأني أراه لأول مره وأنا أقول لنفسي من هذا ؟؟هل هوملاك هو أم شيطان؟؟ أحقيقته كما يقول أم أنه يمثل علي ويخدعني كغيره؟؟ لم أعد أصدق أي شخص ولم تعد لدي ثقة بأحد، صدقه أو خداعه هذا ما  ستظهره الأيام.

 الفصل الرابع

كان خالد يمر علي قبل ذهابه لعمله ليوصلني بسيارته الصغيرة القديمة ولكنها كانت أرحم بكثير من

المواصلات وسخافات الناس فيها وزحامها  واختناقي بالنقاب  في الجو الحار، كان يسألني كل يوم قبل نزولنا  هل صليت ؟؟ في أول يوم أجبته بالنفي فقال:

  • سأنتظرك حتى تصلي.

شعرت بالخجل منه وذهبت للصلاة وأنا لست معتادة عليها، وفي الأيام التالية تكرر سؤاله فاعتدت أن أصلي قبل أن يأتي حتى لا ينتظرني ولا أشعر بالحرج أمامه، في المدرسة كانت التقاليد أن كل مُ درسة تؤدي بطلابها صلاة الظهر جماعة، فكان علي أن أعلم الأطفال كيفية الوضوء وأن أصلي معهم، في البداية كنت أشعر بالضيق لكني اعتدت على الصلاة معهم، عند إنتهاء الدراسة كنت أحيانا أذهب لكليتي وأحيانا أعود للبيت ولا أكمل صلاتي لباقي اليوم. كان خالد يتصل بي مساءا ليطمئن على أحوالي وليعرف إن كانت لنا طلبات يحضرها أثناء عودته وأثناء ذلك يسألني عن صلواتي فأحيانا كنت أجيبه بنعم وأنا لم أصلها إنما لأتخلص من خجلي، لكني توقفت يوما وسألت نفسي لم أحسب كل هذا الحساب لخالد؟؟ولم أخجل منه؟؟ولم لا أخجل من الله الذي منحني نعم كثيرة وأنا منقطعة عنه بل وأكذب وهو يعلم؟؟خجلت من نفسي كثيرا فأنا أعلم الأطفال الصدق وأنا كاذبة .قررت أن أنتظم في الص لاة لنيل رضا الله وليس خالد، لكن الأمر كان شاق جدا فكنت أنسى أحيانا وأتكاسل أحيانا، ثم أخجل من نفسي وأعود للصلاة، وخالد يتابعني كل يوم بأسئلته ،حتى  كدت ذات يوم أن أصرخ بوجهه وأقول له: هذا ليس شأنك، ثم تراجعت وقلت ربما جعله الله سبب لصلاتي. 

ظلت علاقتي بخالد جافه لاتتجاوز الرسميات حتى عندما يصطحبني للمدرسة في الصباح أظل صامتة إلا  عندما يسألني عن شئ فأجيب، وذات يوم أثناء توصيله لي قال:

  • أريد منك شيئا ولكني أشعر بالخجل من ك
  • قل ماتريد
  • لقد تعبت من غسيل ملابسي على يدي ولا أعرف كيف أستعمل الغسالة حاولت مرارا وفشلت هل تعرفين كيفية استخدامها ؟ ؟

 ضحكت من خلف نقابي وقلت:

  • عندما نعود سأذهب معك لشقتك لأريك كيف تستخدمه ا
  • حقا ستصعدين عندي؟ ؟
  • ألست زوجي أمام الله والناس؟؟أم أنك تنوي أن تفعل شئ سيء؟؟

 نظر إلي وضحك وقال  :

  • حقا لقد نسيت تماما إنك زوجتي وربما ظننتك بنت الجيران فقط وأردت أن أجر قدمك للرذيل ة

   ضحكت ونظرت إليه عندما يبتسم ويتخلى عن تجهمه يتحول لشخص أخر تماما.

عند عودته مر علي وصعدت معه للشقه وفتح الباب وتعمد أن يتركه مفتوحا ، ذهلت عندما دخلت كانت شقته أشبه بخرابة ،لاشئ في مكانه، الأتربة تغطي كل الأسطح، أطباق الطعام فوق المنضدة وعلى الأريكة  بجوارملابس، كان البيت يعج بالفوضى، لاحظ ذهولي مما أرى فقال:

  • أسف فلا أعرف كيف أرتب البيت فقد كانت والدتي رحمها الله هي من تفعل كل شئ، هاهي الغسالة.
  • هات ماتريد غسله من الملابس

أحضرلي كومة كبيرة من الملابس  ففرزتها وفصلت ذات الألوان الداكنة عن الفاتحة ووضعت الألوان الداكنة في الغسالة وشرحت له كيفية تشغيلها وقمت بتشغيلها أمامه ثم طلبت ورقة وقلم وكتبت له كيفية غسيل كل نوع من الملابس وكمية المسحوق والأزرار التي يستخدمها ولصقتها على جانب الغسالة،  فضحك وقال:

  • مهنة التدريس أثرت عليك كثيرا،يبدو أنك اعتدت على الطلبة الأغبياء فصرت تكتبين لهم المطلوب حتى لاينسونه.

 ضحكت وقلت:

  • الرجال لايفهمون كثيرا في أعمال النساء ولا يركزون فيما نقول وهذا أسهل كان حسن هكذا ، أيمكنني أن أطلب منك شئ؟ ؟
  • بالطب ع
  • غدا أجازتي من العمل والكلية هل يمكنك أن تعطيني مفتاح شقتك ولا تتواجد قبل السابعة مساءا؟ ؟
  • لماذا ؟ -

  قالها وارتسمت على وجهه علامات التعجب فقل ت :

  • لأحول من تلك الفوضى مكان يصلح لمعيشة البشر
  • شكرا لك ولكني لاأريد أن أتعبك مع ي

 يبدو أنك مصر أن تنسى أني زوجتك وأن لك علي بعض الحقو ق

 نظر إلي طويلا وارتسمت  تلك ا لابتسامة التي أحبها على وجهه ولم يقل شيئا حتى قلت:

  • يجب أن أنزل حالا.

كنت أظنه بلا قلب ولا مشاعر مجرد كائن متوحش متجهم دائما، لكني وجدته مختلفا يبتسم أحيانا ويفعل كل ما أريد ولايفرض علي شخصيته ولا رأيه، ولايشعرني أنني أقل منه شأنا، وحتى الأن لم يستغلني أو يعايرني بما حدث أو حتى يفضحني، ترى هل كنت مخطئه بشأنه؟ أم أنه يتقن دوره وعندما يمتلكني  سيظهر على حقيقته؟ الأيام كفيلة بإسقاط كل الأقنعة ورسم صورة حقيقية للبشر.

 في اليوم التالي مر على في الصباح وترك لي المفتاح وقال:

  • أرجوك لا تتعبي نفسك فسأخذ أجازة يوما وسأقوم بترتيبه ا
  • لن تستطيع فعل ما تفعله النساء توكل على الله ولا تعد قبل السابعة

 تناولت إفطاري وصعدت لشقته وأنا حائرة من أين أبدأ، ثم قررت أن أبدأ بالأسوأ وهو المطبخ الذي استغرق  تنظيفه حتى ظهرت معالمه الرئيسية قرابة الثلاث ساعات ونصف ثم رششته بمبيد حشري قوي وأغلقت بابه ووصلت لغرفة والدته كانت  مرتبة كما تركتها أخر مرة فاكتفيت بتهويتها  وإعادة ترتيب السرير .كانت أمامي موقعتان كلتاهما  أسوأ من الأخرى فبدأت بالصالة وجمعت كمية من الملابس  والجوارب وضعتها في الحمام تمهيدا لغسلها وبدأت حملة النظافة التي أنهكتني. 

قررت أن أستريح وأصلي الظهر قبل أذان العصر وشربت كوبا من الشاي ثم دخلت للموقعة الكبرى وهي غرفة خالد ، لاأدري لم شعرت بالخجل ربما لأنها كانت أول مرة أدخل غرفة رجل غير حسن ،كانت بلا معالم واضحة  إنما أهم سماتها هي الفوضى العار مة ولفت نظري أنه  يحتفظ بين أوراقه على صورة لوالدته لأنه كان شديد الإرتباط بها ،  وبعد أن حولتها لغرفة أدمية تحولت للحمام الذي ظننت أن كل مساحيق الكوكب لن تنظفه ولكني نجحت أخيرا في تنظيفه. عدت لغرفته مرة أخرى وأنا منهكة لأضع ملاءة على سريرة وأرتب كتبه وأوراقه، كنت متعبة جدا فاستلقيت على سريره ولم أشعر بنفسي إلا ويد تلمسني وصوت ينادي ب اسمي، فقمت مفزوعة فإذا به حسن يقف مبتسما ومندهشا فقد كنت أرتدي إحدي بيجامته وأغطي شعري بإيشارب مربوط من الخلف ،شعرت كأنه يراني عارية فسحبت طرف  الملاءة وغطيت جسمي ورأسي وقلت له :

  • أخرج حتى أبدل ملابس ي

خرج مرتبكا وأغلق الباب فقمت وارتديت عباءتي ووضعت نقابي وخرجت وأنا أتعثر من الخجل فقال  مبتسما  :

  • لقد أعدت للبيت أدميته وذكرتيني بأمي رحمها الله، لكنك استوليت على بيجامتي. .

 قالها وضحك فقل ت:

  • لقد ابتلت ملابسي وخفت أن أبرد فارتديتها حتى أنهي عملي ولكني نمت على سريرك من التعب ولم أشعر بنفسي.
  • فقال برقة لم أعهدها فيه من قبل
  • شكرا لك لقد أتعبتك مع ي

 ارتبكت فأشحت بوجهي عنه وقلت:

  • لقد رتبت لك أشيائك في الدولاب وأرجوك حافظ على النظام وخاصة مايتبقى من الطعام والعلب ضعها في كيس وأخرجها للزبال وهو يمر يوميا، ولو احتجت لأي شئ أخبرني.
  • شكرا ل ك
  • سأغسل بيجامتك عندي ثم أعيدها إليك
  • أرجوكي لاتغسليها أريدها هكذ ا

 تعجبت من رغبته وقل ت -  سأعيدها لك في الصباح. لم أصدق عيناي عندما رأيتها نائمة على سريري ومرتدية بيجامتي التي تظهر ملامح جسدها الفاتن،وقفت مرتبكا لا أعرف ماذا أفعل أأغض بصري عنها ؟؟ هي حلالي، كم تمنيت لو أضمها إلى صدري ولكني تذكرت أنها مازالت بعيدة بمشاعرها عني،  وأيضا خشيت من ضعف نفسي فقاومتها بصعوبة وناديت إسمها لكنها لم تسمعني فلمست جسدها برفق وكان جسدي كله يرتجف فتلك المرة الأولى التي ألمس فيها امرأة غير أمي وهي ليست أية امرأة إنما حبيبة قلبي وأملي في الحياة فارتجف جسدي وفرح قلبي، لكني شعرت بالسعادة أكثر لأنها رتبت بيتي ونظمت ملابسي ونامت على سريري مما يعني أنها لمست كل شيء بيدها، وأنها

شعرت بالأمان في بيتي وربما صرت قريبا من قلبها، ارتمى خالد على سريره وظل يقبل الوسادة التي نامت  عليها ويحتضنها .

نزلت إلى بيتي وقلبي يخفق بشدة ولا أعلم لذلك سببا، ربما لأني أراه يبتسم ويمزح معي لأول مرة، وربما  لأني رأيت في عينيه نظرة لم أعرفها من قبل ،نظرة اهتمام ربما أو نظرة إعجاب لا أعلم.

 جاء في الصباح ليصطحبني للمدرسة  كعادته فأعطيته كيس بلاستيك وضعت به البيجامة وقلت له بصوت  منخفض أقرب للهمس:

  • انا لم أغسل البيجامه كما طلبت من ي

نظر إلي تلك النظرة مرة أخرى فوجدت جسدي كله يصيبه إضطراب واللهيب يصعد لوجنتي وحمدت الله أن  نقابي يداري وجهي، وفي السيارة قال لي:

  • لا أعرف كيف أشكرك على تعبك في تنظيف البيت الذي تحول لجن ه
  • ممكن أسألك سؤال؟
  • طبع ا
  • هل تطبخ طعامك؟؟ أم تشتري طعام جاهز؟؟
  • حاولت أن أطبخ وفشلت وأعتقد الأثار كانت واضحة في المطبخ فصرت أكل من المحلات حتى مرضت بمعدتي لكن ما العمل؟ ؟
  • ممكن أقترح عليك حل؟؟ تأكل مما نأكل وإن كنت لا تريد أن تأكل معنا سأترك لك أكلك على المنضدة في شقت ك
  • لأ طبعا أنا لاأريد أن أتعبكم معي ولا أستطيع أن أكل على حسابك م
  • أنت دائما تقول إنتي زوجتي ولي حقوق عليك مما يعني إن لك حقوق علي أيضا وأعتقد أبسط حقوقك أنك  تاكل أكل بيتي نظيف ويغذيك بد لامن أكل المحلات ، وهناك أيضا مصروفي أي أنني لن أنفق سوى من مال ك - مصروفك ملكك ولا أعطيه لك لتنفقيه عل ي
  • إهدأ ولنتكلم بالعقل أنت تحتاج لأكل بيتي ونحن نعده كل يوم يعني لن نفعل لك شئ مخصو ص
  • إذا سأعطيك كل أسبوع ما كنت أنفقه على طعام المحلات مقابل طعامي..ثم ابتسم وقال:
  • وأريد أن أتذوق طعام من يد زوجتي..إذا كانت تعرف كيف تطهو ..أتعرف ؟
  • جرب وأحكم بنفس ك
  • أنا واثق أن أي شئ من صنع يدك سيكون لذي ذ

لا أعلم لم صرت أنجذب إليه يوما بعد يوم ،وضاعت صورة ذلك المتوحش المتجهم ضخم الجثة الذي كنت أخافه وحلت محلها صورته وهو يبتسم وينظر إلي تلك النظرة التي تحرك كل ذرة في كياني وتحرك  مشاعري بعنف.

 صرت كل يوم بعد عودتي من المدرسة أقف لأعد له طعامه وبعد أول مرة قال لي :

  • أشكري الحاجة الأكل كان رائعا
  • الحمد لله أن طعامي أعجب ك
  • طعامك؟؟ أنت من صنعتيه؟؟ لم أكن أتخيل أنك طباخة ماهرة ، هذا سيجعلني أفكر بالتعجيل بالزواج.

 الفصل الخام س

بعد عدة أيام عرفنا من المحامي أن جلسة أخي ستكون بعد أسبوعين وطلبت من خالد أن أذهب أنا وأمي لنراه فوافق وذهبنا كان شاحبا صامتا هادئا على غير عادته ولم يعنفنا لأننا جئنا للزيارة ككل مرة، وهمس في أذني  قائلا:

  • غالبا الحكم لن يكون لصالحي لذا لا تأتوا لزيارتي مره أخرى حتى لاتكونوا تحت الأنظار وخاصة وأنت منتقبة، اهتمي بأمي وعجلي بزواجك من خالد لتكونوا في حماية رجل وخالد رجل فعلا.

تم تأجيل المحاكمة لجلسة أخرى ،وعندما عدنا للمنزل مرضت أمي بشدة ونقلناها للمستشفى ولم تمض أكثر من يومين وماتت، بكيتها كثيرا وخالد يحاول أن أجعلني أتماسك. بعد انتهاء إجراءات الدفن عدت للبيت  لأول مرة بدونها وشعرت بالفرا غ الكبير الذي تركته في حياتي فرغم ضعفها كانت تمنحني حبها وحنانها بلا حدود والأن صار علي أن أتجرع مرارة اليتم والوحدة فلم يكن لي في الكون سواها والأن صرت  بدونها تائهة

وضائعة، فكنت أبكي كلما فعلت ما كانت تفعله وكلما تناولت طعامي بدونها، تحولت لفتاة شاحبة بلا روح ولا  حياة.

  بعد عدة أيام قال خالد: 

  • أعتقد أن زواجنا الأن صار ضرورة ولا يمكن تأجيله

 تذكرت كلام حسن ووحدتي فوافقت وحددنا أخر الأسبوع لإتمام الزواج.

 في المساء وصلتني رسالة على الموبايل من جمال يقول لي: ) لاتظني أنني سأتركك لحبيب القلب ليتمتع بك  (

شعرت بخوف شديد وفكرت أن أخبر خالد ولكن خفت من عصبيته التي قد تدفعه لقتل جمال وأفقده هو الأخر، فكلمت مديرتي في العمل مدام إيمان فهي من أقرب الناس لخالد وتستطيع التأثير عليه، حكيت لها

الحكاية من البداية بكل تفاصيلها فوعدتني أن تتصرف، وفي اليوم التالي وجدت خالد يحدثني على الموبايل  بعصبية وقال:

  • لم لم تخبريني؟؟ ألا تثقين بي؟ ؟
  • خفت أن تتهور وتضيع أنت أيضا وأنا لم يعد لي سوا ك

 فرق صوته وقال:

  • خائفة مني أم علي؟ ؟

 فلم أجبه فقال:

  • استعدي سأمر عليك لنذهب للبوليس لعمل محضر

ذهبنا للبوليس وأبلغنا بما حدث وعملنا محضر عدم تعرض وأي شئ سيحدث لي أو لخالد سيكون جمال هو من تسبب فيه، ظننت أني تخلصت من جمال نهائيا ولكني فوجئت في اليوم التالي بالقبض على خالد بتهمة الإنتماء لجماعة إرهابية تحرض على قلب نظام الحكم، شعرت برعب وفزع أحقا خالد هكذا؟؟ لم أصدق فهو مسالم وليس له علاقه بالسياسة لامن قريب ولا من بعيد. وبعد ساعه وصلتني رسالة من رقم مجهول تقول ) لقد نال ما يستحق عما فعله بي ولن يمنعك أحد مني بعد الأن( ، إنه الملعون جمال هو من دبر له هذا، شعرت برعب رهيب فقد يقتحم البيت ويغتصبني كما حاول من قبل، اتصلت بمديرتي مدام إيمان فأتت إلي وأصرت على أن أجمع ملابسي وأذهب معها لبيتها وهناك نستطيع التفكير بهدوء فوافقت،  لكني خفت أن يكون جمال يراقبني ف اتصلت ببعض زميلاتي  في العمل وحضرن إلي وألبستهن جميعا النقاب وخرجنا معا ولا أحد  يستطيع أن يميز واحدة من الأخرى وذهبت كل واحدة في إتجاه وبعد خروجهن خرجت مع مدام إيمان.

هكذا ذهبت لبيت مدام إيمان وأنا محطمة نفسيا تماما فزوجي وأخي بالسجن وأنا معرضة لتهديد إنسان سافل لاضمير له، بكيت كثيرا ودعوت الله كثيرا ورجوته أن يفك الكرب . في المساء اتصلت مدام إيمان بأحد معارفها في الشرطة وأخبرته بما حدث ووعدنا بالبحث في الأمر وأصر على بقائي عندها وعدم إخبار أي شخص مهما كان بمكاني، كما نهاني عن الخروج من البيت لأي سبب، إذا أصبحت حبيسة مثل حسن وخالد لم يحزنني ذلك بل على الأقل أشاركهما في إحساسهما. ظلت رسائل جمال تتوالى على موبايلي من أرقام مختلفه وكنت أرسلها بأرقامها للظابط الذي طلب مني مجاراته ليستطيع القبض عليه، وبالفعل تحدثت معه هاتفيا وأخبرني أنه من لفق التهمه لخالد لينتقم منه و لأصبح له وحده ، فأظهرت له خوفي وهلعي وطلبت لقاؤه حتى نستطيع التفاهم أكثر فواف ق، بالطبع سجلت تلك المكالمة وأرسلتها للظابط الذي اتخذ إجراءاته وفي ميعاد اللقاء تم القبض عليه، وفي نفس اليوم اتصل بي محامي أخي وأخبرني أنه تم الحكم ببراءته وكلها أيام  قليلة وسيعود للبيت ، فبكيت من فرحتي وسجدت شكرا لله الذي لم يتخل عني رغم تقصيري.

تم الإفراج عن أخي وعدنا لبيتنا وأنا شعر بالأمان لوجوده معي، لكنه خرج إنسان مختلفا تماما عما كان عليه هادئ ولا يتكلم كثيرا ويؤدي عباداته بالبيت وهجر المسجد تماما مما أحزنني فما علاقة المسجد بعقول الناس وسلوكياتهم؟ ولمَ نبتعد عن الله في الوقت الذي  يجب أن نقترب منه أكثر وأكثر؟ سألت الله أن يغفر له فهو بشر وله طاقته وأخطاؤه، لكن أكثر مالفت نظري في سلوك حسن بعد الإفراج أنه صار قليل الكلام جدا واعتزل الناس جميعا فأدركت أنه عانى في السجن كثيرا ، حاولت أن أخفف عنه فلم أفلح لأنه كان يلتزم الصمت ويتشيث بخلوته في غرفته،ومازاد الوضع سوءا أنه لم يجد أي مجا لا ليعمل فيه، إلا أن بعض معارفه وعدوه بإيجاد فرصة عمل في الخليج وظل حسن ينتظر تلك الفرصه بفارغ الصبر وحتى ذلك الحين كنا ننفق من  راتبي الضئيل ومصاريف جنازة والدتي التي صرفتها لنا هيئة المعاشات.

بعد شهر من خروج أخي خرج خالد بعد ثبوت براءته ،فطرت فرحا لعودته إلي فقد كان الشوق يعصف بقلبي في غيابه وكلما كان يغالبني الحنين إليه كنت أصعد لشقته وأنام على سريره محتضنة وسادته التي أشم رائحته فيها وكم تخيلت أنه يهزني برفق كتلك المرة السابقة لكني سرعان ما أفيق على الفراغ الذي يحيط بي في غيابه ، واعترفت لنفسي أني هائمة بحبه ولاأستطيع الحياة بدونه وفي كل يوم وأنا أذهب بمفردي لعملي كنت أفتقد صوته ونظراته وكلماته ووجوده معي.خرج خالد لكنه لم يكن خالد الذي أعرفه فقد فوجئت به قد تغير تماما تجاهي فصار يعاملني بجفاء شديد وبشكل رسمي بل ويتجنب بقاؤه معي بمفردنا،حاولت أن أعرف سبب ذ لك ولكنه لم يجب على تساؤلاتي إنما التزم الصمت، وكاد صمته أن يفتك بقلبي، لذا قررت أن أهدم

ذلك الجدار الصلب الذي يحول بيننا فصعدت لشقته كعادتي لأرتبها وأضع له طعامه ففوجئت به خلفي ،يبدو  أنه دخل من الباب المفتوح دون أن أشعر به، فقلت له وأنا ابتسم بدلال :

  • اتمنى أن يعجبك الأكل
  • لاتصعدي هنا مرة أخرى ولا أريد طعامك خذيه مع ك
  • ماذا حدث لكل هذا الجفاء؟؟ أرجوك قل ل ي
  • ألا تعلمين؟ أم أنك مازات تتصنعين البراءة ؟ ماذا فعلتي لتبرئتي من تلك التهمة الخطيرة؟ ؟
  • فعلت الكثير وعلى استعداد أن أفعل أكثر من أجل زوجي
  • أتعترفين هكذا ببساطة وبلا خجل؟؟ يالك من جريئة وقح ة
  • أخجل من ماذا؟؟ أنا فعلت الواجب الذي تفعله كل زوجة
  • وهل من الواجب أن تستسلمي لجمال ليعترف على نفسه ويبرئني؟؟ لو كنت أعرف أن هذا ثمن البراءة لفضلت أن أعترف بجريمة لم أرتكبها.
  • أجننت؟؟ ماذا تقول؟؟ كيف تظن بي هذا؟ ؟
  • أنا لا أظن إنما جمال أرسل لي رسالة وجدتها على موبايلي بعد خروجي وفيها صورة لك بين أحضانه شبه عارية.
  • يا الله وأنت صدقته؟؟ أهذه هي ثقتك بي؟؟ إن كنت رفضت أن أسلم له نفسي عندما كان خطيبي وكنت أظنه يحبني وأنت رأيت هذا بنفسك فهل أسلم له نفسي وأنا زوجتك وأكرهه؟؟ أين عقلك؟؟ أما كان أولى أن أسلم لك نفسي وأنا زوجتك شرعا؟؟
  • يبدو أنه استطاع أن يوقظ الحب القديم في قلبك فأنساكي الكل أو أنك توهمتي أن تضحيتك سيتم تقديرها وتصبحين بطل ة
  • يبدو أنك جننت ولاتعرف ماذا تقو ل

 أمسك بيدي بعنف والشرر يتطاير من عينيه فقلت له:

  • إن كنت تشك في كلامي يمكنك أن تسأل مدام إيمان لتعرف الحقيقة.
  • مدام إيمان؟؟ وما شأنها بالموضوع؟؟
  • اسألها وعندما تعرف الحقيقة أرسل لي ورقة طلاقي لأني لن أبقى على ذمتك لحظة واحدة سواء كنت خائنة أو بريئة.

تركته ونزلت لبيتنا وأنا منهارة من البكاء وبمجرد أن رأني حسن جاء يسألني عن السبب فارتميت  في حضنه وبكيت فهدأني وحكيت له كل ماحدث ،فسكت قليلا ثم قال:

  • سلمي أمرك لله هو من سيدبر أحولنا بشكل أفضل مما نتخيل،قومي توضأي وصلي وهو وحده سيظهر برائتك ، فأنت لست أفضل من السيدة عائشة التي اتهموها ظلما وزورا وخاضوا في عرضها وأظهر الله براءتها بقرأن يُتلى ليوم القيامه، ثقي بالله وتوكلي عليه وحده.

دخلت حجرتي وبكيت كثيرا فلم أكن أتصور يوما أن يتهمني خالد في شرفي ومع من مع جمال الذي رأني وأنا أقاومه بشدة رغم حبي له حينها، كنت أتخيل أن العلاقة بيننا مبنية على الثقة ولكن يبدوا أن  تسرعنا في الإرتباط جعلها تقوم على أساس هش فسرعان ما إنهارت أمام أول رياح عاتية .

كم حلمت بالسعادة مع خالد لكن يبدو أنها ليست من نصيبي لكني راضية بحكم الله وتقديره لي، أما خالد فسأضحي بحبي له وسأقتلع قلبي من بين ضلوعي لأحافظ على كرامتي فشكه في لا يمكن أن أغفره له مهما حدث، فالمحب لا يظن فيمن أحب سوءا أبدا وطالما شك في فهو لم يحبني يوما ولم يثق في قدرتي على أن أصون شرفه. لقد حكم على حبنا بالإعدام وهو مازال طفلا يحبو ولم يمنحه  الفرصة ليكبر ويقف على قدمين ثابتتين.

ذهب خالد لمدام إيمان التي حكت له ماحدث وأخبرته أنه ظلمني وعليه أن يعتذر لي ويرجو أن أسامحه،  فجاء إلي خالد في وجود حسن وحكى لحسن أنه جن جنونه عندما قرأ الرساله وشاهد الصورة وخاصة أنه تم الإفراج عنه قبل عرضه على النيابة حتى، مما أثار ظنونه وجعله يصدق رسالة جمال لكن مدام إيمان حكت له ماحدث وهو يثق في صدقها لذا صدق حكايتي وهو نادم على سوء ظنه بي وعلى إستج ابته للشيطان جمال وألاعيبه القذرة الدنيئة. ناداني حسن لأقابل خالد  فرفضت الخروج ،فجاءني حسن وقال:

  • أخرجي وأسمعيه وبعدها قرري ما تريدين، امنحيه فرصه ليدافع عن نفس ه

 –لا أستطيع النظر في وجهه مرة أخرى بعد ما ظن بي الظنون  ، إنه لايثق في إخلاصي له ولا في حفاظي على شرفي ،لقد طعنني في شرفي وكرامتي ولن أغفر له ،  لقد صدق مدام إيمان وكذبني، كل ما أريده هو الطلاق وأنا مصرة عليه بشدة فلن أكون على ذمته بعد الأن ولن أتزوجه ولو كان أخر رجل في العالم.

 كان صوتي مرتفعا من شدة إنفعالي  فسمع خالد ما قلته لحسن فقال له:

  • أنا ألتمس لها العذر لتغضب لذلك سأترك لها فرصة يومين لتفكر بهدوء بعيدا عن مشاعر الغضب فإن أصرت على الطلاق سأفعل لها كل ماتريد.

مر اليومان ومازلت أصر على موقفي  لأنه حطم روحي وجعلها شظايا متناثرة لا أستطيع لملمتها بعد،نظرات الغضب في عينيه وعنفه معي مازالا محفورين في ذاكرتي لقد هنت عليه ونسي حبي في لحظات غضبه فكيف أمنه على روحي؟؟ شكه في كان طعنة نجلاء في صميم قلبي وأحتاج الكثير من الوقت لمداواتها .تم الطلاق وشعرت بإنكسار رهيب في قلبي وروحي ،لكني لم أندم على قراري

فكيف أعيش مع رجل لايثق بي ولا بحبي ؟؟ ورغم كل ذلك مازال قلبي يهفو إليه ، ذلك اللعين الذي  ينتمي إليه ولا ينتمي إلي،  لقد سامحه ولكن عقلي يرفض أن يغفر له.

بعد عدة أيام جاءت لأخي فرصة سفر للسعودية والعمل هناك  فكان ذلك هو الحل الأمثل له ولي، فلنسافر ونترك أحزاننا خلفنا ولعل الله يبدل حزننا فرحا ، ولنقف على أبواب الكعبة نشكو لله ظلم  البشرفهو وحده القدر على مداوة جروح الروح.

 الفصل الساد س

 سافرنا معا وأقمنا بمسكن بسيط يشبه منزلنا ويبتعد عن شغل حسن كثيرا لكننا كنا سعداء وسرعان ما تأقلمنا مع ظروفنا،وخلال فترة وجيزة وجدت عمل كمعلمة أطفال فكان لي وسيلة لأتشاغل بها عن أحزاني وألامي فبراءة الأطفال كفيلة بأن تنسيني قسوة البشر فأحببتهم بصدق وأحبوني بدون غرض أو سوء ظن، لكن أ جمل شئ حدث لي هناك أدائنا لفريضة الحج وتمتعنا بعدد من العمرات ،كان تواجدي قرب بيت الله الحرام سببا في اقترابي من الله أكثر وأكثر، ولم أعد أكره نقابي بل صرت أشعر أنه ستري وأماني وأنني بدونه عارية ، ولم أعد أضيق بالفروض بل كنت أجد فيها ملاذي  ووسيلتي للتفريج عن نفسي وللتكفير عن ذنوبي السابقة.

تقدم للزواج مني كثيرون منهم من يبحث عن زوجة في الغربة فقط وعندما يعود لوطنه يطلقني ويعود لزوجته وأولاده فأصبح مجرد أداة لتفريغ رغباته المكبوتة ولم يفكر أن لي مشاعر وأرغب أيضا في تكوين أسرة مستقرة، ولم يفكر في مشاعر زوجته التي أفنت عمرها في خدمته وتربية أبناؤه، ومنهم كبير السن الذي يريد أن يستعيد شبابه من خلال الزواج بفتاة في مثل سني ولا يبالي بشبابي الذي سيضيع في خدمته وتمريضه، ومنهم من يريد من تنجب له الولد لأن له عدة بنات فإن لم أنجب له  الولد طلقني وبحث عن غيري وهو لا يدرك أن الله هو من يرزق الأولاد والبنات وحده وليست الزوجة المسئولة عن نوع الجنين، فكان عليه أن يطلب من الله لا أن يتزوج بأخرى، رفضتهم جميعا لأنهم لايريدون شريكة للحياة بل يريدون جارية للمت عة والإنجاب فقط ولأنهم أنانيون لا يبحثون إلا عن متعتهم فقط و لا يرغبون في زواج  قائم على المودة والرحمة كما أمرنا الله عزوجل ،و السبب الأهم لأن –برغم كل شئ-  مازال ذلك الملعون الذي يعيش بين أضلعي يخفق بحب خالد، مازال يتذكر نظرات عينيه ،ابتسامته، كل ملامحه، كم أود لو أستطيع محوه من ذاكرتي نهائيا لكن قلبي يتأمر علي ويحن إليه بشدة ويرفض أن يكون لسواه. يالهذا القلب الذي مازال يهفو إليه ويعذبني بذلك الحب ،ترى أمازال يذكرني أم نسيني؟؟ هل تزوج بغيري؟؟ بالتأكيد لقد مر عامان على طلاقنا وهو وحيد ولن يحتمل وحدته كثيرا كأي رجل ، فهو لم يحبني يوما إنما كنت أتوهم حتى غرقت أنا  في حبه وأتعذب بذاك الحب وحدي، لعنة الله على ذلك القلب الذي مازال مصرا على تعذيبي.

 لاحظت أن أخي دائم الحزن والشرود وحاولت أن أعرف السبب فلم يخبرني، لكني أدركت أنه

يرغب بالزواج والإنجاب ويخشى أن يتركني، ففاتحته في هذا الموضوع أكثر من مرة فكان يتهرب  من الإجابة، عندما اقترب موعد أجازاتنا السنوية التي سننزل فيها مصر لأول مرة قلت له:

  • لقد وجدت لك عروسة مناسبة وأعرفها جيدا، إنها سناء أخت إحدى زميلاتي في المدرسة سابقا، فت اة جميلة ومتدينة كما تريد وهادئة الطباع وأهلها طيبون للغاية ما رأيك؟ ؟ - ليس الوقت مناسبا للزوا ج
  • اسمعني يا حسن جيدا أعلم أنك ترفض الزواج من أجلي ولكن هذا ليس حلا ولا تضطرني لأتزوج بأي رجل حتى لاأحرمك حقك في السعادة، فلتأت بزوجتك هنا وأنا سأعيش مع زميلاتي المغتربات في سكنهم المشترك فأكون بجوارك وفي نفس الوقت لا أحرمكما من حياتكما الخاصة، لا تجعلني أشعر بالذنب لأني أحرمك من السعادة فأنا لست بأنانية.
  • دعي الأمور تسير كما يريد الله
  • لنر سناء أولا ثم تقرر بعد ذل ك

 لم يعترض حسن وسعدت بذلك فكم أتمنى أن يسعد بحياته وألا يعيش تعيسا بسببي.

 نزلنا في شقتنا القديمة وهاجمتني كل الذكريات الحلوة والسيئة  بضراوة في لحظات  وخفق قلبي بشدة عندما تذكرت خالد  وتساءلت ترى أين هو الأن؟؟ أمازال يذكرني أم نسيني؟؟ حاولت أن أشغل نفسي بتنظيف البيت وا لاتصال بسناء لأخبرها بأننا قادمون لخطبتها ولأعرف رأيها، لم تمانع لكنها لم تكن سعيدة فقلت ربما فارق السن هو ما يخيفها لكنها عندما تعرف حسن عن قرب ستسعد به فهو

إنسان طيب القلب وحنون. ذهبنا لسناء وشعرت بأن هناك إعجاب متبادل بينها وبين حسن، فسعدت لذلك كثيرا ،وعندما جلست مع أختها ووالدتها  بمفردنا سألتني والدتها إن كنت سأقيم معهما أم بمفردي؟؟اجبتها أني سأقيم في سكن المغتربات  بالقرب منهما، شعرت بتغير في ملامحها يبدو أنها تخشى من تدخلي في حياتهما فطمأنتها أنني أعمل وأتقاضى مبلغا يعينني على الحياة ولا أحتاج لأحد كما أن عملي يستغرق وقتي كله لعلها تطمئن أني لن أسبب مشاكل  لابنتها . عندما خرجنا لم أسأل  حسن عن رأيه فقد كانت الفرحة والحيرة تتنازاعان في عينيه ، فقلت له:

  • مبروك ياعريس ا ليوم أنا أسعد من في الوجو د
  • بارك الله فيك فعلا اختيار جيد وأشعر بارتياح تجاهها، لكنني قلق عليك وأخشى عليك أن أتركك بمفردك فيطمع بك أصحاب النفوس الدنيئة.
  • لاتخف علي ولا تشغل بالك بي ، عش فرحتك وأكمل إجراءات الزواج وسيدبر الله كل أمورنا كما يريد ولن أكون بعيدة عنك لاتشغل بالك بي يا حبيبي وتفسد فرحت ك

وافقت سناء و التقاها حسن مرتين في بيتهما وتمت قراءة الفاتحة واشترينا الشبكة وتمت الخطبة ، طوال الوقت وأنا أدعو الله أن ييسر لي حل يسعدني ويسعد أخي فقد عانينا كثيرا وخاصة حسن وهو يستحق السعادة.

بعد أسبوعين من خطبة أخي جاءني يقول:

  • اليوم حدث شئ عجيب،لقد قابلت خالد بعد صلاة العشاء وتحدثت معه وسألته عن أحواله فقال أنه ترك الحي منذ سفرنا ولكنه عاد اليوم ليدفع إيجار شقة والدته التي يرفض أن يتخلى عنها لأن بها أجمل ذكرياته، ثم سألني عنك وعن أحوالك والعجيب أنه ابتسم بسعادة عندما علم أنك لم تتزوجي بعد، وأخبرته أن عقد قراني بعد ثلاثة أيام فقال لي إنه سيحضر إن كان ذلك لايزعجني فشعرت بالحرج ودعوته، أرجو ألا يضايقك  ذلك. 
  • لا لن يضايقني فقد نسيته تماما ولم يعد يعني لي شيئ ا

بالطبع كنت أكذب على حسن وعلى نفسي فقد خفق قلبي بشدة عند ذكر اسم خالد ،مال هذا القلب سعيد لأنه سيراه؟ ذاك الملعون مازال مجنونا بحبه، ترى أتزوج؟؟هل نسيني؟؟ وماشأني به يجب أن أنساه ولا أشغل نفسي به ،حاولت أن أشغل نفسي با لإعداد لحفل كتب الكتاب ولكن قلبي كان مشغولا  بأشياء أخرى وذكريات بعيده لكنها جميلة.

جاء موعد كتب الكتاب ووصلنا للقاعة وقلبي يخفق بشدة وعيناي تمسح القاعة بحثا عنه، لكنها لم تجده بعد، مال هذا القلب مازال يهفو له؟؟ ومال عيناي تشتاق لرؤيته ؟؟ أمازلت أحبه؟؟ أم أني أريد أن أرى أنه مازال يحبني ويشتاق إليه؟؟ وما شأني به ألم أتركه بإرادتي؟؟ لم أحاول أن أجد أجوبة لأسئلتي لأني أعرف جيدا الإجابة ، تأملت في الحضور مرة أخرى فلم أجد خالد  لكن وجدت قلبا مشتاقا خفاقا يهتف باسمه..تبا لك من قلب. انشغلت بالترحيب بمن أعرفهن من الحضور ثم وقفت

بعيدا وحدي أتساءل ألن يأتي؟؟ يبدو أنه مل إنتظاري واستجداء حبي فقرر أن ينساني ،لكنه طلب من  حسن الحضورترى ما السبب؟ أفقت من أفكاري على صوت حماة أخي التي قالت لي:

  • ماذا ستفعلين ؟؟هل ستسافرين معهما أيضا؟ أمازلت مصرة على العيش هناك والعمل ؟
  • رغما عني فهناك عملي وأخي يرفض أن يتركن ي
  • معه حق فمن يترك امرأة مثلك معرضة للخطر من خطيبها السابق بمفردها؟ كما أنك مطلقة فستصبحين عرضة لكلام الناس الذي لا يرحم؟ ألم يأتك خطاب بعد طلاقك؟ ؟ - جاءني كثيرون لكنهم غير مناسبي ن
  • وهل ستظلي ترفضين حتى يتقدم بك العمر؟؟ اق بلي بأنسبهم لك ولا تنسي أنك مطلقة وليس من السهل أن تجدي عريسا كما أن العمر يتقدم بك وسيأتي وقت يتوقف فيه الرجال عن الرغبة فيك، لا تغصبي من صراحتي فأنت مثل ابنت ي
  • لا لم يغضبني كلامك فقد سمعته كثيرا،و كل شيء بإرادة الله
  • ونعم با لله

تركتني وكلماتها فتحت جرحا في قلبي لم يندمل بعد، لقد ذكرتني بكل أ لامي وضغطت علي جراحي بقوة وقسوة، مال الناس لايرحمون أحد ولايتركون أحدا في حاله؟؟ يبدو أنها لاتريدني أن أسافر مع حسن حتى لا أشغله عن عروسه، معها حق فحتى متى سأصبح حملا ثقيلا عليه؟؟ ماذا لو لم أجد الرجل المناسب كزوج؟ هل أبقى هنا بمفردي وأصبح مطمعا للجميع ليسعد أخي؟ أم أسافر معه وأتسبب في تعاسته؟ وفي غمرة أفكاري فوجئت بخالد يدخل من باب القاعة مرتديا بدلة كحلية اللون وقد فقد بعض وزنه فبدا وسيما ورشيقا، تذكرت أنه لم يعد زوجي وعلي أن أغض بصري، فخفضت عيناي لكن قلبي كان يشعر به وحده من بين كل الحضور.

 بدأت مراسم عقد القران فاقتربت من أخي ألتمس الأمان من وجودي بجواره، لكنه كان غارقا في أحلامة بالحياة الهانئ ة، فقررت لحظتها أنني لن أسافر ويجب أن أتركه ينعم بحياته مع زوجته وألا أحمله همي ولكن كيف  أفعل ذلك؟ وكيف أقنعه بأن يتركني وحدي؟ انتهت المراسم واقتربت منه واحتضنته وأنا أبكي فاليوم تنقصنا أمي لترى حلمها يتحقق، هنأت زوجة أخي وأردت أن أطمأنها أنني لن أكون عقبة في سبيل سعادتها ولكني لم أفعل لأني لا أعرف كيف سأفعل ذلك وأن أخي لن

يقبل بتركي بمفردي. جاءت حماة أخي تقبلني وته نئني وجذبتني من يدي لتعرفني بأقاربها ووقفت بي  أمام أحد الرجال وقالت:

  • المهندس حسين ابن خال تي مهندس زراعي في مزرعة كبيرة جدا، وهذه منى أخت العريس مدرسة أطفال أدب وأخلاق وتدين كما تر ى

 نظر إلي الرجل متفحصا نظرة جعلتني أرتبك وقال:

  • تشرفنا وهل أنت من اخترت ارتداءالنقاب أم أن احدا أرغمك عليه؟؟ أترينه فرض؟؟ قبل أن أجيبه ناداني أخي فأنقذني من ذلك الموقف السخيف وقال هامسا :
  • عندي مفاجأة لك خالد طلب الزواج منك  حالا ما رأيك؟ ؟

شعرت بارتباك شديد وزادت خفقات قلبي حتى خلت أنها أسمعت كل الحضور، أمازال ينتظرني كل  تلك المدة؟؟ هل يحبني حقا؟؟ أفقت على صوت  أخي يقول:

  • ماذا أقول له؟ ؟
  • سيصله ردي غد ا

تملكتني الحيرة هل أقبله بعدما حدث ؟؟ أم أرفضه ؟؟ قبوله سيكون فرصة لأبرر لأخي سبب بقائي بمصر، ورفضي له سيجعلني أسافر مما سيسبب المتاعب لأخي، كنت أعلم جيدا أني أفكر في الرجوع له ليس لإسعاد أخي فقط إنما لإرضاء ذلك المتمرد الذي مازال ينتمي إليه أكثر مما ينتمي إلي، ذلك القلب الذي يهفو إليه بجنون لكل ذرة في جسدي ترغبه بشدة لكني مازلت أقاوم كل تلك المشاعر، شعرت بارتباك شديد حتى تلاقت نظراتنا فزادتني ابتسامته إضطرابا فأنا أتأرجح بين  الحنين والغضب، بين الألم والسعادة ، بين الرغبة والرفض فترى أيهم سترجح كفته.

 انتهت مراسم عقد القران وكان علينا مغادرة القاعة ، و لأن  أخي سيصطحب عروسه لأحد المطاعم بمفردهما كان علي أن أعود للبيت بمفردي  ففكرت في أن أركب سيارة أجرة ولكن حماة أخي لم تدع  لي فرصة للتفكير إنما جذبتني من يدي وقالت لأخي:

  • لاتقلق سنوصلها البي ت

فابتسم أخي وانطلق مع عروسه ، وفوجئت بها تحشرني في سيارة معها هي و ابنتها الصغري وجلس زوجها في المقعد الأمامي ، وزاد من دهشتي أن تلك سيارة حسين قريبها-  ذاك السمج الذي كان يتفحصني بمنتهى الغرور-  لم أستطع الكلام، وبينما السيارة تتحرك فوجئت بخالد بجوار نافذة السيارة ينظر إلي وشرارة الغضب تتطاير من عينيه لكن لم يكن هناك سبيل للتبرير فقد انطلقت السيارة. وفي الطريق إنهال علي حسين بالأسئلة عن سني ودراستي وعملي وراتبي كنت أجيب إجابات مقتضبة، كم كنت أريد أن أقذف بنفسي خارج السيارة لأتخلص من أسئلته السخيفة أو أصرخفي وجهه وأقول )ما شأنك أنت؟؟(، كنت أشعر أنهم  استهلكوا كل الهواء بالسيارة ولم أعد قادرة على  التنفس، حتى وصلنا أخيرا لبيتنا فتسائل مستنكرا:

  • أتسكنون هنا في هذا الحي الفقير وذاك البيت المتهالك؟ ؟ نزلت من السيارة وقلت بحدة :
  • نعم وهذا البيت القديم وهذا الحي الفقيرأفضل من بيوت وأحياء كثيرة تفرز أشخاصا متكبرين يفتقدون للذوق ومراعاة الأخرين.

تركتهم ومشيت وأنا أكاد أبكي، فتحت الباب وارتميت على أول كرسي وبقيت أبكي ، وفزعت عندما  سمعت صوت من خلفي يقول:

  • لم تبكين؟؟ أتشعرين بالذنب أم بالندم؟ ؟ قمت مفزوعة فإذا به خالد فقلت:
  • كيف دخلت؟ ؟
  • لقد تركت الباب مفتوحا فشعرت بالقلق عليك فدخلت لأطمئن عليك فوجدتك تبكي ن
  • من فضلك أخرج فهذا لايليق أن نبقى بمفردن ا
  • معك حق أنا أسف لكن أرجوك لا تب ك

قالها برقة حركت كل مشاعري فنظرت إليه من خلال دموعي فتركني وخرج وهو يشعر بالإرتباك، أغلقت الباب جيدا ودخلت غرفتي وأغلقت بابها جيدا وخلعت ملابسي وارتديت ملابس النوم

واحتضنت وسادتي وأنا أبكي بحرقه ، لقد صرت أباع وأشُترى لأني مطلقة، من حق الجميع أن يستبيحوا خصوصياتي ويسألوني عن أدق تفاصيل حياتي ، ويجب أن أقدم كشف حساب للجميع حتى أبُرئ نفسي، ما أسخف هذا المجتمع الذي لايرحم بنت تأخرت عن الزواج أو انفصلت عن زوجها أو حتى أرملة مات عنها زوجها. حاولت أن أنام فلم أعرف فكل حركة في الخارج كانت تصيبني بالرعب لأني لم أعتد البقاء بالمنزل وحدي، لم أشعر با لأمان إلا عندما عاد أخي متأخرا فاصطنعت النوم حتى لاأفسد عليه ليلته.في الصباح ق ام حسن من نومه مبتهجا ، لأول مرة أراه سعيدا منذ عدة  سنوات، وقال لي:

  • جاءك عريس أخر أمس يبدو أنه كان يوم حظك، لقد أبلغتني حماتي أن ح سين الذي أوصلكم أمس يرغب بك كزوجة، هو مطلق ولديه طفلتين وحالته المادية ممتازة، ما رأيك؟ ؟
  • ألم تقل أن خالد طلبني للزواج؟؟ أطلبه ليأتي اليوم أريد أن أتحدث معه قبل أن أعلن رأي ي نظر إلي حائرا وقال:
  • كما تريدين لكني كنت أظنك تكرهين خال د

لم أجبه إنما اتجهت للمطبخ وانشغلت بإعداد الطعام وأنا مازلت حائرة هل أقبل خالد وأتغاضى عن الماضي لأني مازلت أحبه ؟ أم أتزوج حسين مجرد زواج رسمي وليكن مجرد رجل أحتمي به من ظنون المجتمع؟ أم أعود مع أخي و أتسبب له في المشاكل؟؟ كنت حائرة فصليت العصر وسألت الله  أن يهديني، جاء خالد بعد صلاة المغرب وجلست معه أنا وحسن وقلت له:

  • أريد أن أعرف لم طلبتني للزواج ثانية؟ ؟ نظر إلي بثبات ثم نظر إلى حسن الذي قال: - سأذهب لأعد الشا ي فقال خالد بتحد:
  • هل تنتظرين أن أقول لك أني كنت ملتاعا طوال مدة غيابك وتعذبت بهجرك لي؟؟ طبعا لا لم يحدث لقد نسيتك بمجرد طلبك للطلاق ولكن بينما كنت أقف خلف حماة حسن سمعتها تشكو للجميع سوء حظ ابنتها التي ستتزوج مع أخت زوجها وأنها ستدبر لك أي زواج لتتخلص منك لتسعد ابنتها فقلت لنفسي أنا أولى بك لأسباب خاصة لن أقولها ، وأنا على الأقل أفضل بالنسبة لك من أي رجل غريب فانت تعرفينني ولست غريبا عنك، كما أني أحتاج لزوجة تدبر شئوني فقد سئمت الوحدة وأنت أفضل من أية امرأة غريبة ستحت اج لوقت حتى تعتاد طبعي بخلافك حيث تعرفينني جيدا.
  • كنت أظن في الماضي أني أعرفك جيدا لكني كنت مخطئة لذا لو تم زواجنا سأحتاج لوقت حتى أعرفك حقا، وأنا أعرف أسبابك الخاصة للزواج بي من أول مرة ف قد حكت لي أمي أن أبي بعد وفاة أ بيك كان يدفع لكم الإيجار ومصاريف دراستك لأن معاش والدك –صديق عمره- كان ضئيلا ولا يكفيكم ولكنك عندما عملت في سن صغيرة صممت الا يدفع لكم مليما، حتى أني تساءلت وقلت : أكان أبي على قسوته معنا له قلب يدفعه لعمل الخير؟؟ فقالت لي أمي جملة مازل ت أتذكرها إلا الأن )لكل إنسان ميزاته وعيوبه فلسنا ملائكة ولا شياطين لكننا بشر خليط من هذا وذاك( ، عرفت من يومها أنك تتزوجني لترد جميل أبي

 ، وأنا ممتنة لك كثيرا ولكن أريدك أن تعرف سببي للزوا ج

  • أعرف تريدين أن تتركي أخاك لينعم بحياته دون أن يقلق بشأن ك
  • بما أنك تعرف دوافعي وأنا اعرف دوافعك إذا فلنتفق على أن يكون زواجا شكليا أمام النا س

 قال بتحد وغضب:

  • أنا وحدي من سيحدد شكل الزواج ، لكن لاتظني أني ملهوف عليك أنا لا أريدك إلا كزوجة تدبر أمور بيتي

هنا دخل حسن ورأى علامات الغضب في عيني فنهضت وتركتهما ، وبعد عدة دقائق ناديت حسن وأخبرته بموافقتي فهو رغم كل شيء الأنسب لظروفي والأقرب لقلبي ولكني لن أعترف له بذلك أبدا، نعم جزء مني يريده بش دة وجزء غاضب منه، لكنه فعلا أنسب لي من ذلك الغريب الذي لا أعرفه ولا أعرف  كيف سيعاملني. 

عادت منى مرة أخرى وعاد قلبي يخفق بعد طول سكون ،كان ميتا إكلينيكيا ويتنفس من خلال جهاز

تنفس صناعي وعندما عادت منى رُدت إليه روحه، صممت أن أستردها بأي ثمن وألا أدعها تضيع مرة أخرى، دعوت نفسي لعقد قران حسن وأنا أمني الروح بأن تقبل أن تعود لي حتى جاءتني الفرصة على طبق ذهبي عندما علمت أن حماة حسن ستسعى للتخلص منها لتهنأ ابنتها وحسن وحدهما فقررت أن تلك فرصتي لأسترد منى ولن ترفض  لأنها تحب حسن ولن تقف في سبيل سعادته. عادت منى ولكنها أصبحت منى أخرى أكثر قوة وثباتا ويبدو أن خبرتها وتجارب الأيام زادتها نضجا وقوة كما أنها زادتها جمالا. لم أسعد بشيء سوى سعادتي بموافقتها على الزواج مني فهذا يعني أن جزء منها مازال يحينيويريدني وتلك المرة لن أخذلها ولكن سأمنحها كل الحب والسعادة.

 الفصل الساب ع

خلال أيام تم عقد قراننا مرة أخرى، يبدو أن قدري أن أتزوجه مرتين لأسباب خارجة عن إرادتنا، لكن ترى هل سيكُتب لنا النجاح في تلك المرة أم سيضربنا الفشل في مقتل؟ أتمنى أن ننجح معا وأن أكتسب قلبه حقا في تلك المرة لكني لن أعترف له بحبي حتى أتأكد أنه يستحقه. بدأ في نقل أشيائي لشقته لرفضه التام أن يعيش في شقتنا، وكان قد قام بطلاء شقته بشكل سريع وتخلص من بعض الأغراض القديمة ورفضت أن يشتري أي شئ جديد لأننا  سنقيم بها بشكل مؤقت حتى نشتري شقة جديدة حسب  اتفاقنا فإقامتنا هنا قد تعرضنا لخطر تعرض جمال لنا مرة أخرى فأردنا أن نذوب في زحام القاهرة حتى لا  يجدنا. قبل الزواج بيوم نقلت أغراضي لغرفة والدته فغضب بشدة وقال:

  • ضعي أشيائك في غرفة الزوجية وأنا من سيحدد أين سأضع حاجاتي، ولاتنسي أنك صرت زوجتي ولن أقبل أن تقيمي في غرفة أخرى..مفهوم ؟

نفذت أوامره بلا مناقشة، يبدو أنه تغير تماما فلم يعد ذلك الودود الذي يتمنى رضاي إنما صار حاد الطبع سريع الغضب، يبدو أني ورطت نفسي في ورطة كبيرة وأنا أظن أني سأحظى بالسعادة. حان موعد سفر أخي وبالتالي موعد  انتقالي لبيت خالد، لاأدري أيهما تسبب بحزني أكثر فقد أخي سندي وأماني، القلب الحنون الذي يحبني بصدق ؟ أم انتقالي للعيش مع ذلك المتوحش الذي يتطاير الشرر من عينيه دوما

والذي يبدو أنه عاد لينتقم لكرامت ه؟؟ ودعت أخي ودموعي تبلل نقابي واحتضنته وتشبثت به كالأطفال  فهمس لي قائلا:

  • مابك؟؟ أخائفة من شئ؟؟ أتريدن أن أؤجل سفري ؟
  • لا يا حبيبي لكنني سأفتقدك كثيرا لكن لاتحمل همي خالد معي وأنا واثقه أنه سيحافظ علي لأنه رجل يعتمد عليه

حمدت الله على نقابي الذي يخفي وجههي حتى لايعرف حسن أني أكذب ، وحتى لايرى مدى حزني وخوفي من فراقه ومن تركه لي وحدي مع خالد الذي لا أعرف نواياه تجاهي بعد أمازال يحبني أم يريد  أن ينتقم مني لإصراري على الطلاق ويرغب في إذلالي؟ ستظهر الأيام حقيقة نواياه.

عدت مع خالد في سيارته، ظل صامتا طوال الطريق كأني ليس لي وجود  حتى صعدنا لشقته في ليلتنا الأولى فدخل وتركني على الباب ولم يتعامل معي كزوجين فشعرت بالخوف وأدركت أنه سيسيء معاملتي وينوي الإنتقام مني ، دخلت غرفتي وخلعت نقاب وجلست على طرف السرير أرتجف وأنا أفكر ترى ماذا سيفعل بي هل سيضربني أم سيغتصبني؟ كل فكر ة منها كانت تصيبني بالرعب كثيرا ، دخل خالد الغرفة وكأني غير موجودة بها و أخذ بيجامته ووسادة وأغلق الباب خلفه بعنف دون أن ينظر إلي

حتى، لقد ألمني إهماله كما كان سيؤلمني عنفه. بقيت فترة في غرفتي لم أبدل حتى ملابسي خوفا من أن يعود ويقتحم غرفتي، ثم تسللت بهدوء وفتحت باب غرفتي فوجدته يغط في نومه  في غرفة والدته فتعجبت لأني كنت أظنه سيكون ملهوفا علي ويرجوني أن أسامحه  أو على ا لأقل سيعاملني بعنف عندما  أرفضه ويغتصب حقه كزوج مني، لكن أن يتجاهلني تماما فهذا مالم يخطر ببالي.

 بدلت ملابسي ونمت وأنا أتأرجح بين التعاسة لفتور مشاعره تجاهي وبين الخوف أن يقتحم الغرفة ويغتصبني رغما عني كما أراد جمال أن يفعل .استغرقت في نومي حتى  استيقظت على صوت أذان الفجر فقمت لأتوضأ فوجدت خالد يستعد للنزول ، مر بجواري كأنه لم يرني، لا أدري ما به لقد كان يتلهف للزواج بي هل تغيرت مشاعره؟ لماذا أصبح بهذا البرود ؟ كيف تغير هكذا؟؟ وإن لم يعد يحبني أو ملهوفا علي فلم تزوجني؟؟ أحقا أراد أن يرد جميل أبي؟ ؟أم أراد أن ينتقم لكرامته الجريحة؟؟ توضأت وصليت وجلست أذكر الله  ودعوت الله أن ينير بصيرتي.عاد خالد من صلاته ودخل المطبخ فدخلت  ورائه وقلت:

  • أتريد أن أعد لك الإفطار ؟
  • لا أريد أن أتعبك معي ولكني متعجل فلدي شغل مه م
  • شغل؟؟ في يوم الصباحية ؟؟ أتريد أن تفضحني بين الجيران؟؟

 ابتسم ساخرا وقال:

  • صباحية ؟؟ هل تصدقين نفسك؟ ؟
  • على الأقل الناس يظنون أننا عروسان فلا يصح خروجك الأن
  • لا يهمني الناس أنا أفعل ما أري د-
  • وبالطبع لاتهمك سمعتي التي ستتلطخ بكلامه م
  • انت تهتمين بكلام الناس ولم تهتمي حتى بزوجك لتسأليه لم تركك ونام بمفرده ، لم تهتمي بي وتريدين أن أهتم بك؟؟ كم أنت أنانية.

 خانتني دموعي وانهمرت أمامه فأدار وجهه وراح يعد لنفسه الشاي فأردت أن أخرج فقال:

  • انتظري هناك أشياء لابد أن نتفق عليه ا

وضع كوب الشاي على المنضدة في الصالة ومعه طبق به بسكويت من الذي يعدونه عند الأفراح وجلس  أمامي  وقال:

  • أولا لا دخول أو خروج من غير إذني، ثانيا لاأريد لأحد أن يعرف تفاصيل حياتنا وخصوصياتن ا

نهائيا ولا حتى مدام إيمان أو حسن، ثالثا إن  احتجتي لأي شئ أطلبيه مني فورا ولا تنفقي مليما واحدا من مالك ولا حتى على نفسك.

  • أنا أريد أن أفتح دار حضانة وأديرها بنفسي وأريد أن أشتري شقة بالدور الأرضي من أجل هذا ولاأعرف ماذا أفعل ولا إن كان المبلغ الذي معي يكفي أم لا فهل من الممكن أن تساعدني؟؟
  • طبعا فأنا أعمل مع مقاول كبير حاليا يقوم ببناء عدة عمارات في مناطق جديدة سأتحدث معه وأعرف ماهو الأنسب لك وقد أستطيع الحصول على تخفيض في سعرها مقابل عدة أعمال أقوم له بها في تلك العمارات، سأنزل الأن وإن إحتجتي لشئ إتصلي بي .

ذهب عند باب الشقة وقمت خلفه لأغلق الباب جيدا ورائ ه-  فأنا أخاف منذ حادثتي مع جمال-  ف التفت إلي  وقال عابسا:

  • نسيت أن أقول لك أهم شئ لاترتدي في البيت وأنا موجود سوى عباءات أو ضعي روب فوق ملابسك وإياك إياك أن ترتدي بيجاماتي أو حتى بيجاماتك أو تطلقي عنان شعرك الأسود، ثم اقترب مني وقال مبتسما:
  • عندها لا أضمن أنني أستطيع التحكم في نفسي.

 أغلق الباب وأنا بالكاد أستطيع التنفس وقلبي يدق بعنف وأود لو أفتح الباب وأصرخ قائلة:

  • ضمني بين ذراعيك ولا تتركني فأنا أحبك يا خال د

 لكن لساني عجز عن النطق وأبى كبريائي أن أعترف له بحبي ولهفتي وهو من هجرني في ليلة زفافي ، ألم أطلب منه ذلك؟؟ألم أقل له أن زواجنا مجرد شكل أمام الناس؟؟ لكن هل هناك رجل عاقل يستمع

 لامرأة جريحة ؟؟ هل هناك رجل عاقل يصدق أن تنسى امرأة حبيبها ثم تقبل العودة إليه كزوجة وهي  لاتحبه ؟؟ ألا يفهم أن قلبها يهفو إليه وحده؟؟ولايعلو وجيبه إلا له وحده؟؟ ألايفهم؟ ؟

مضت بنا الأيام على وتيرة واحدة هو ينام في غرفة والدته وفي الصباح يذهب لعمله ولا يعود  إلا مساءا  منهك القوى يتناول طعامه ثم ينام وأنا أقضي  النهار في أعمال المنزل أو القراءة.

     وجد لي شقة تناسب مشروعي ومالي فاشترتها وبدأت في إعدادها وكان ذلك الإعداد يشغل كل وقتي لكني اكتشفت أني لا أملك المال الكافي لتشطيب الشقة وفرشها فتبرع هو بإجراء كل تشطيب الشقة على نفقته ولكني رفضت تبرعه وقلت إنه دين س أسدده فيما بعد وكاد غضبه أن يعصف بي ولكنه تماسك وقال  لها غاضبا:

  • افعلي ما تريدين.

.بعد أن إنتهى من إعداد الحضانة إشترى لهما أيضا شقة في نفس العمارة وليستطيع إكمال ثمنها باع شقة  والدته وإضطرا للإقامة في شقة والدة منى مؤقتا ، فأقام هو بغرفة حسن وعادت هي لغرفتها .

انشغ لنا بإعداد دار الحضانة وشراء الأثاث اللازم لها وإعداد شقتنا ،وبدأت  في اختيار من سيعملن

معي.بدأت العمل فعلا وكان معي مجموعة من المدرسات حديثات التخرج أو أصحاب الخبرة البسيطة فكن جميعا لم يتجاوزن السادسة والعشرين تقريبا. حرص خالد على أن أشاركه برأيي في كل كبيرة وصغيرة بالشقه فكان كثيرا ما يحضر إلي للحضانة  ليطلب رأيي في أي شئ ،فلاحظت  نظرات  الإعجاب في عيون العاملات معي فشعرت بالغيرة تنهش قلبي وقلت له:

  • إن أردتني في أي شئ ف اتصل بي على الموبايل وسأحضر لك ولكن لا تأتي لهنا الحضانة كلها نساء ووجودك بينهن غير لائق...

 ابتسم قائلا: أتغارين؟؟..

  • لا أحافظ على سمعة المكان فقط

   ثم قلت لنفسي)  لم لم أقل له نعم أغار عليك بش دة حتى من ملابسك لأني أحبك بجنون وكلما قضيت معك وقتا أطول يزداد حبي لك وتعلقي بك؟؟ لا لن أعترف له بحبي حتى لايجاملني بمشاعر كاذبة او

يؤدي واجبه كزوج أنا أريده حبيبا كما كان من قبل(. زادت غيرتي إشتعالا عندما سمعت هناء -  تلك الفتاة   الخمرية التي تهتم بجمالها وتسعى للفت الأنظار إليها دائم ا- وهي تقول لزميلة لها:

  • يالوسامته إنه رجل جذاب للغاية قوام رياضي ورجولة في التعامل وأخلاق وتدين إن مدام منى محظوظة رغم جفافها في التعامل معه يبدو أنها لاتقدر قيمة النعمة التي بين يديها لكن غيرها على إستعداد للتقدي ر

 فقالت زميلتها:  ابتعدي عنه ولا تفتحي أبواب جهنم على نفسك

 فقالت هناء: إن كانت هي لاتعرف قيمة النعمه فأنا خير من يقدرها                   .

إستشعرت الخطر وقررت أن أتخلص من هناء ولكن حتى لو تخلصت منها هل سأتخلص من كل نساء

الأرض؟؟ ألن يمل حياته معي؟؟ ألن يبحث يوما عن غيري؟؟ ألا يستطيع أم يطلقني أو يتزوج بأخرى؟؟ إنه في النهايه رجل وله احتياجاته وأنا أحرمه منها وبالتأكيد سيأتي يوما ما ويبحث عن غيري، لابد أن أتخلص من خطر هناء أو لا ثم أفكر فيما بعد ذلك . لم أبذل جهدا كبيرا ففي خلال أسبوع واحد اشتكى إثنان من أولياء الأمور من قسوة هناء في التعامل مع أولادهما، فكانت تلك فرصتي للتخلص منها وعدم  الإستجابة لرجائها بمنحها فرصة أخرى.

لم تترك الحضانة  في الحال ولكنها ظلت تنتظر عودة خالد حتى رأته يدخل من باب العمارة فخرجت من باب الحضانة وبمجرد أن أصبحت قريبة منه إدعت الإنهيار من شدة البكاء فذهب لها يسألها عما بها فقالت له أني طردتها ظلما ولم أستمع لها وأنها تعول إخوتها ورجته أن يتدخل بيننا، ثم فجأة صرخت

بشدة وسقطت مغشيا عليها فما كان منه إلا أن سندها بذراعه قبل أن تصطدم بالأرض فكانت تقريبا في حضنه. خرجنا جميعا على صوت صراخها ففوجئت بخالد يحملها بين ذراعيه ويحاول إفاقتها وعندما رأني طلب مني زجاجة مياه ليسكب منها على وجهها لتفيق.  كانت نظراتي النارية له كفيله بأن توصل له ما أشعر به،  جذبتها من يده و أسندتها مع مدرسة أخرى قلت له بحد ة:

  • سأجعلها تنتبه بطريقتي. ..

ضربتها على وجهها بقوة مقصودة فأفاقت في الحال واعتذرت عما سببته من قلق و ادعت أنها لاتستطيع  الذهاب لبيتها وقبل أن ينطق خالد بكلمة نظرت له بغضب وقلت:

  • من فضلك يا أم حسين أوصليها لبيتها بتاكسي وعودي في الحال وهذه أجرة التاكسي.

قضت كلماتي على كل أمالها في صحبة خالد لها فمشت وهي تجر أذيال الخيبة ، وبمجرد إنصرافها  دخلت مع خالد شقتنا التي كانت خالية وقلت:

  • أريد توضيحا للمشهد الذي رأيته حالا ماذا بينك وبينها؟؟
  • بيني وبين من؟؟ أنا لا أعرف حتى اسمه ا
  • بينك وبين هناء لم كل هذا الإهتمام؟؟ ولم كانت بين ذراعيك إن كنت لاتعرفها؟

 صمت لثواني وقال غاضبا:

  • أنا لا أسمح لك باتهامي في أخلاقي فأنت تعرفيني جيدا وتعرفين أني لست ذئب نساء ولن أسمح لك بالشك في سلوكي وليس من حقك أيضا سؤالي ولا محاسبتي
  • لم ألست بزوجتك؟ ؟
  • هل أنت حقا زوجتي؟؟ إن كنتي زوجتي فتلك مصيبة لأنك تعرفين أخلاقي وخوفي من الله وإن لم تكوني زوجتي فليس من حقك سؤالي عن شأن لايخصك

  فاجأني كلامه القاسي فقلت:

  • أنت تتهرب من الإجابة بذكاء ولاتريد أن تعترف أنك تحبها وكنت تنوي الزواج بها ولكن إفشالي لعلاقتكما وإبعادي لها عنك كان صدمة لها لذا سقطت بين يديك وطبعا كنت كالعا دة الفارس المغوار الشهم الذي ينقذ النساء وينال إعجابهن ويخطف قلوبهن أليس كذلك؟؟
  • أرجوك كفى لن أقبل أيه مناقشة في هذا الموضو ع مادمت لا تستمعين سوى لنفسك ولا تصدقين غيرها وإن كنت تشككين في أخلاقي فأنا على أتم إستعداد لإنهاء العلاقه بي ننا حالا ويمضي كل منا في طريقه.

أذهلتني كلماته ولم استطع الرد أو حتى أن اتحرك من مكا ني ،بينما ترك خالد الشقة وخرج وصفع الباب بقوة جعلتني  انتفضوتساءلت هل حقا سيتركني؟؟ هل سأفقده مرة أخرى وأعاني عذاب الشوق وألام  الوحدة ؟؟ كيف سأتحمل ذلك ولم يعد لي سواه ؟؟ جلست على الأرض وانهرت باكية حتى فقدت وعي ي. اتصلت إحدى العاملات بخالد تسأله عن منى لأنها تريد إغلاق الحضانة وليس معها أية مفاتيح ولاتعرف إن كانت منى معها المفاتيح أم  لا،كما أن منى تركت موبايلها في الحضانة ولا أحد يعرف مكانها.

شعر خالد بالقلق فعاد للحضانة وتكلم مع العاملة وطالبها بإغلاق الحضانة وأنه سيتصرف في اليوم التالي. شعر خالد بالخوف ترى أين ذهبت بعد محادثتهما؟ هل أصابها مكروه؟ هل تركته وذهبت؟؟ لكن إلى أين فهي ليست في شقة والدتها فالهاتف لا يجيب عليه أحد. فكر خالد أن تكون بقيت في شقتهما ففتح خالد الشقة فوجد منى ملقاة على ا لأرض ، جرى ناحيتها و القلق يقتله ، احتضنها بين ذراعيه وراح يربت  على وجهها وينادي اسمها بلهفة: منى من ى

فلم تستجب فوضعها برفق وذهب ليحضر بعض الماء ونثره فوق وجهها برفق وهو يناديها من أعماق  قلبه ويرجوها أن تستجيب له، فتحت عينيها ببطء وبمجرد رؤيته بكت وتعلقت برقبته وقالت:

  • خالد أرجوك لا تتركني أنا أسفة لن أغضبك أبدا ولكن لا تتركني فليس لي سواك وإن تركتني سأموت هذه المرة فأنا لا أستطيع العيش لحظة واحدة بدونك، أنت لست زوجي فقط ولكنك حياتي وساكن قلبي وأماني في هذا العالم، لاتتركي يا خال د
  • أخيرا يامنى كم تعذبت لأسمع منك تلك الكلمات كنت أنتظرها بشوق ولهفة وكنت أحلم بتلك اللحظة كثيرا باعدت بيننا المسافات لكنك كنت دائما في قلبي ولم أستطع نس يانك ولو للحظة وكنت أدعو الله أن يردك إلي قلبي الحزين لتسعدي ه

 ضمها لصدره بقوة وقال:

  • لن يفرقنا إن شاء الله أحد وسأظل بجوارك لأخر دقة في قلبي وأخر نفس في صدري، لن تكوني زوجتي فقط ولكن حبيبتي وصديقتي ،أنا أيضا ليس لي في الكون سواك ولا أحتمل فكرة فراقك مرة أخرى..

 رفع نقابها ومسح بيديه دموعها ونظر إليها بكل الحب وقال:

  • هل تقبلين الزواج مني؟؟
  • طبعا أقبل وأتمنى أن أظل زوجتك حتى أخر لحظة في عمري ..أحبك يا خالد .

 اقترب منها وقبلها ثم  ابتعد عنها وجذبها من يدها وقال ضاحكا :

  • لقد أفسدت مفاجأتي لك..حجرة نومنا الجديدة وصلت وفرشتها أمس وكنت أرغب أن أريها لك، تعالي لتريها.

 دخلا الحجرة فقالت مبتسمة :

  • جميله جدا ذوقك أكثر من رائع..ضمها إليه وبدأت حياتهما كزوجين.

الفصل الثامن

عشت مع خالد أجمل لحظات حياتي وعرفت معنى الحب وشعرت في حضنه بالأمان، رغم قوته الجسدية كان حنونا بشكل لايوصف، يعاملني بمنتهى الرقة ،حتى إذا اختلفنا أو تشاجرنا بعد عدة دقائق يأتي إلي

ليصالحني . بقدر ما كنت سعيدة إلا أني كنت أشعر بالخوف فلم أعتد من الأيام كل هذا القدر من السعادة، كنت أخاف أن تحرمني الأيام من سعادتي فجأة كعادتها معي.عشنا معا في سعادة بلا مشاكل وكانت كل مشكلتنا تأخر الحمل فكنت ملهوفة أن يكون لي طفل منه ، وكان يقول لي ) كل شئ بأوان(، وبعد مرور عام على زواجنا ألححت عليه في الذهاب للطبيب الذي بشرنا بأنه ليس لدينا عيوب ولكن الإنجاب متعلق  بإرادة الله سبحانه. لم يخفف كلام الطبيب من حزني إنما زادني حزنا فقال لي خالد:

  • لدي وصفة مجربة ونتائجها مضمونة للإنجاب.

 فقلت: ماهي؟؟  قل بسرعه فأنا على إستعداد لفعل أي شيء ليكون لي طفل منك

 قال:-  الإستغفار

 فتعجبت فقال:

  • لقد علم الله سيدنا نوح أن الإستغفار يجلب الرزق والذرية، فعلينا بتلك الوصفة الرباني ة

 فصرت أستغفر كثيرا وأدعو الله ليلا ونهارا أن يرزقني بطفل من خالد ليزيد ارتباطنا ويملأ علينا حياتنا.

صدقت توقعاتي فقد  انتهت لحظات السعادة بخروج جمال من السجن بعد أن تعرف بداخله على رجال أعمال كبار وصار محاميهم وعاد مسنودا بهم، وبالطبع بحث عنا حتى توصل لمكاننا وبدأت رسائل التهديد،  ثم إرسال شكاوى كيدية ضد الحضانة وإغراقنا في المشاكل، ثم قطع عيش خالد بنشر الأكاذيب حول أمانته وأنه خريج سجون، وانتهت بإرسال صورة لي وأنا عارية بين يديه على هاتفي بالطبع كانت ملفقة كغيرها وخالد يعلم مدى كذبه لكني شعرت بالقهر ،بمجرد رؤيتي للصورة انهرت باكية وأنا أقول

 )حسبي الله ونعم الوكيل( حتى فقدت الوعي في شقتي في غياب خالد.

 أفقت لأجد نفسي على سريري وبجواري خالد مفزوعا ومعه أحد الأطباء، واستعدت وعيي شيئا فشيئا وطلب الطبيب من خالد إجراء بعض التحاليل والفحوصات فورا وأهمها إختبار حمل في الدم حتى

يستطيع تحديد الأدوية المناسبة، فأخبره خالد أنني متأخرة في الحمل فأصر الطبيب على رأيه . اتصل خالد بالمعمل لإرسال ممرضة لسحب العينات وبعد ظهور النتائج ذهبنا معا للطبيب فأخبرني أنني حامل، لم أشعر بالفرحة التي كنت أنتظرها فقد أطفأها جمال ،بالعكس شعرت بالخوف على خالد وعلى ابني  أكثر. بعد أن عدنا للبيت سألني خالد  :

  • ألست سعيدة بحملك؟ ؟
  • أنا مرعوبة
  • لماذا؟ ؟

  لم أجبه إنما أريته رسالة جمال فكاد يستشيط غضبا وأقسم أن يقتله.صرخت مفزوعة:

  • لا أرجوك لاتحرمني أنا وطفلي منك وتتركنا لقمة سائغة في فمه، أرجوك يا خالد فكر بالعقل.

 لم تتح له الفرصه للتفكير بالعقل لأن جمال كان مستعدا بإتهام جديد له حيث تم القبض على خالد لإتهامه بأنه مجرم خطيرمتهم ب7جرائم قتل وسرقة بالإكراه وضرب أفضى إلى موت وهارب من العدالة،  وأحضر شهود زور مما أكد التهم على خالد ، تلك الصدمة كانت أقوى من احتمالي لكن يجب أن أصمد و أقف بجوار وأواجه مصيري بقوة وشجاعة، فمدام إيمان من وقفت معي سابقا توفاها الله ، والضابط الذي ساعدني من قبل لا أعرف له طريق ، وأخي ليس هنا ولن أجعله يترك عمله وزوجته من أجل قضية قد  تطول لسنوات.

 ليس لي سواك يارب أنا و ابني، صليت وبكيت كثيرا ودعوت الله، في اليوم التالي ذهبت للقسم حيث تم حبس زوجي وطلبت مقابلة المأمور كان رجلا كبير السن ذو هيبة وملامح صارمة فدعوت الله أن ييسر لي أمري وحكيت له حكايتي من بدايتها حتى ا لأن وأعطيته رقم المحضر الذي سبق و اتهمت فيه جمال  ورقم القضية وطلبت منه أن يحميني منه لأني ليس لي أحد، لم يعطني أي إنطباع إنما قال: 

  • سنبحث في الموضوع

شكرته وانصرفت واتصلت بالمحامي الذي سبق وتعامل مع قضيتي خالد وحسن فوعدني خيرا، توكلت  على الله وكان ظني به أنه سيحميني وينصف خالد.

انشغلت بعملي وكل يوم تأتيني رسالة من جمال يخبرني فيها بحبه وبأنه مازال يريديني ،لم  أعرف كيف توصل لرقم هاتفي وعنوان بيتي ، يبدو أنه سأل عنا في بيتنا القديم أو كان هناك من يتتبعنا ويدله علينا لكن كيف توصل لرقم هاتفي وقد غيرته عدة مرات؟ ثم تذكرت هناء وتساءلت ترى هل أرادت أن تنتقم  مني بتلك الطريقة؟  وكيف عرفت بحكايتي مع جمال؟ هناك تفاصيل ناقصة.

كان علي أن أتابع حياتي وأتوخى الحذر كثيرا فذات يوم وأثناء نزولي لميعادي مع الطبيبة المتابعه لحملي وتوجهي لسيارة خالد لأقودها، وجدته ينتظرني أمامها بسيارته ويغلق على الطريق- ولأننا نسكن في منطقه جديدة فقد كانت  الشوار ع خالية إلى حد كبير من الن اس – ويطلب مني الركوب معه أو أن يدخل معي لشقتي فرفضت وبدأ صوتي يعلو في الحديث لعل أحدا يسمعني وينقذني ،فهم جمال ما أصبو إليه  فقال بابتسامة لزجة:

  • أصرخي كيفما تشاءين فهذه المرة لن ينقذك أحد من ي

 فقلت له:

  • سينقذني الله منك

 فضحك ساخرا وقال:

  • سنرى لقد أرسل الله لي من تدلني عليك فأعطتني رقم هاتفك ومواعيدك كلها يبدو أن محبينك كثيرون
  • لكني أكرهك وسينتقم الله منك ومنها
  • وأنا أيضا أكرهك فأنت أول واحده تتمرد علي وتؤذيني بل وتفضل علي شخص حقبر مثل خالد ، لكني لن أترككما تنعمان بحياتكما، لقد بحثت عنكما كثيرا حتى عرفت من جيرانكم بالحي أنكما تزوجتما وانتقلتم لهذا الحي فبحثت عنكما كثيرا حتى عرفت أنك تمتلكين تلك الحضانة وأثناء تتبعي لأخبارك

تعرفت بهناء التي كانت تكرهك بقدر ما أكرهك فعرفت منها كل شيء عنك وبدأت في خطتي، سأنتقم منك ومنه شر إنتقام سأغتصبك ولن أكتفي تلك المرة بإرسال الصور له بل سأنشرها كفيديو على  اليوتيوب

  • أنت حقير حسبي الله ونعم الوكي ل

صرخت بأعلى صوتي وانا بداخلي أرجو الله أن ينقذني، فإذا الأرض تنشق عن سيارة بها 4 شباب توقفوا  عند سماع صوتي ونزلوا من السيارة  وتدخلوا بيننا فقال لهم:

  • ما شأنكم إنها زوجتي وبيننا مشاكل وسنحله ا

 فقلت لهم:

  • بل هو كاذب إنه يريد اختطافي واغتصابي بالله عليكم لا تتركوني له

 فأوسعوه ضربا واتصلت بالنجدة التي ألقت القبض عليه وشهد معي الشباب أنه كان يجذبني من يدي رغما عني ليدخلني سيارته وأنني كنت أصرخ وأقاومه، فاتهمته بمحاولة اختطافي واغتصابي وأخذت

رقم المحضر وذهبت لمأمور القسم حيث كان خ الد محبوسا وأخبرته بما حدث ورجوته أن يساعدني في  قضية خالد لأنه مظلوم فوعدني بالمساعدة.

كانت الأيام تمر على ثقيلة وطويلة والليالي باردة بدون خالد، كنت أشغل ن فسي نهارا بالحضانة ، وليلا بالحديث  لابني عن أبيه وعمل بعض الملابس الصوفية له لعلها تستهلك وقتا من تلك الليالي التي لاتنتهي وتقتلني ببرودتها ووحشتها. اقترب موعد ولادتي وأنا بمفردي ليس معي أحد ولا أعرف كيف سأتصرف  إن فاجئتني الولادة ليلا، كنت أدعو ليل نهار من الله أن يكون معي ويرسل لي من يقف معي أنا وابني.

في ليلة شتوية غزيرة الأمطار شعرت بألام الولادة فبدأت في تجهيز احتياجاتي و اتصلت بسيارة الإسعاف التي لم تصل ، فأعدت الإتصال بعد ساعة فأخبروني أن كل السيارات خرجت لحالات ولم تعد بسبب غزارة الأمطاروبمجرد تواجد سيارة سيرسلونها لي .اشتدت علي الألام وصرت أصرخ ولكن من سيسمعني أو سيشعر بي أوحتى سيهتم والعمارة لم يسكنها سوى ثلاث أسر غيري والكل مشغول بحاله؟؟ ارتديت ملابسي وفتحت باب الشقة ولكن ألامي كانت فوق الوصف فصرخت وقلت: يارب وسقطت  مغشيا علي. أفقت فوجدتني على سريري في حجرتي وحولي غرباء لا أعرفهم فنظرت إلي امرأة وقالت: -  حمدا لله على سلامتك أنا جارتك حنان وهذا زوجي دكتور علاء سمعنا صراخك فنزلنا لنرى مابك  فوجدناك غائبة عن الوعي والطفل خرج منك فأسرعنا لإنقاذك أنت وهو وحملناك حتى سرير ك

  • وابني هل هو بخير؟؟

 قال الطبيب:

  • بخير اطمئني عليه لقد اقترب النهار أستأذنك لأصعد شقتي لأنام قليلا وسأترك معك زوجت ي

 .فقلت: لا شكرا لاداعي لتعبها لقد صرت أحسن الأن

 فقال بصرامة :

  • بل تحتاجين من يرعاك

هنا دق جرس الباب فذهب الطبيب ليفتح فإذا به خالد يسأله من أنت ولم أنت في شقتي فحكى له الطبيب عما حدث فشكره خالد ، دخل خالد وأنا أحمل طفلي ونسيت كل أ لامي بمجرد رؤية ذلك الكائن الصغير مغمض العينين الذي يصرخ خائفا من ذلك العالم الغريب.  بمجرد رؤيتي لخالد بكيت فرحا فقد استجاب الله لرجائي كما لم أتخيل ورزقني بخالد وابني في وقت واحد. انسحبت حنان من بيننا وتركتنا بمفردنا نبكي ونحتضن بعضنا شوقا وخالد يحمل طفله بلهفة ممزوجة بالخوف من أن يؤذي ذلك الملاك الصغير.جاءت حنان إلي بالنهار لتطمئن علي فشكرتها كثيرا على ما فعلته معي هي وزوجها وصرنا من يومها أصدقاء. أسمينا إبننا عبد الرحمن ليذكرنا كل لحظة  برحمة الله بنا، كل ما عانيناه في حياتنا كان  سبب في قربنا من بعضنا أكثر . بعد أن تحسنت صحتي قال لي خالد:

  • سيخرج جمال ويعيد الكرة مرات ومرات وقد يؤذينا في عبد الرحمن، لذلك فكرت أن نسافر .
  • إلى أين؟ فلن تسمح لنا أية دولة بدخولها وخاصة أنه تم إتهامك في تهمة سياسي ة
  • دعيني أفكر بهدوء وعندها سنقرر ماذا نفعل

أرسلت لحسن أطلب منه أن يجد عملا لخالد فوعدني خيرا، وحاول خالد أن يعود لعمله مؤقتا لكنه لم يستطع فقد لوث جمال سمعته تماما، فقرر أن يعمل على سيارته كسائق تابع لشركة أوبر حتى يقضي الله بأمره.  عدت لمتابعة عملي بالحضانة ومعي عبد الرحمن فكان دخل الحضانة مع دخل السيارة بالكاد يكفينا فلم أبال لقد عشت في فقر ونعيم وأعرف كليهما خير المعرفة وأستطيع تدبر أمري فابتسامة عبد  الرحمن ووجود خالد بجواري عندي أغلى من كل كنوز الأر         ض، كما أن يقيني بالله كبير.

 ذات يوم عاد خالد في الواحدة بعد منتصف الليل منهكا فأعددت له الطعام و استلقى على الأريكة في الصالة فرن جرس الموبايل فأجاب المتصل ثم قام مفزوعا فسألته عما به فلم يجب وخرج، شعرت بالرعب أن يكون جمال قد أوقعه بمشكلة جديدة ودعوت الله كثيرا أن ينجيه . مرت ساعتان وعاد  مستبشرا ثم قال:

  • انظري لتدابير ربنا قمت بتوصيل راكب كويتي من المطار وبمجرد وصولي منهكا كلمني يسألني عن محفظته التي فقدها ويطلب من أن أبحث عنها في السيارة نزلت بسرعة فوجدتهاها ومعها أنسيال ذهبي فاعدتهما له  ولم يكن يعرف بفقده للأنسيال  فقال لي: 
  • ا طلب ماتريد فأنت لاتعرف كم هو غا ل عندي هو الشيء الوحيد المتبقي لي بعد فقدي لابنت ي

  فقلت :

  • أريد عملا خارج مصر

  فقال :

  • لك ما طلبت خذ هذا الكارت الخاص بي واتصل بي غدا وسنتف ق

  أخيرا يا منى سنعيش بلا خوف ولا تهدي د

  • لا تفرح كثيرا وانتظر حتى الغد فقد لايفي بوعده

 في اليوم التالي ذهب خالد للرجل فأخبره أنه يريده أن يعمل معه في شركته حيث يمتلك شركة مقاولات ويحتاج لشخص أمين لمتابعة أعمالها أثناء  انشغاله وسفره فوافق خالد وأخبره أنه يجب أن يصطحبني أن  وعبدالرحمن فوافق الرجل ووعده أن يدبر لي عملا أيضا عند معارفه.

استغرقنا الأيام التاليه في تجهيز الأوراق المطلوبة وتأجير الحضانة وشقتنا حتى إذا عدنا يوما ما ، واشترطنا على المؤجرين وضع فلوس الإيجار في حساباتنا البنكية وعند التأخير شهرين متتابعين سيتم

فسخ التعاقد. ركبنا الطيارة وغادرنا خوفنا للأبد وأمسكت بيد خالد لأطمئن ودعوت الله أن يكتب لنا بداية  جديدة سعيدة.

 تمت

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↑1الكاتبمدونة محمد شحاتة
4↓-1الكاتبمدونة اشرف الكرم
5↓الكاتبمدونة ياسمين رحمي
6↓الكاتبمدونة حاتم سلامة
7↓الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
8↑1الكاتبمدونة آيه الغمري
9↑1الكاتبمدونة حسن غريب
10↓-2الكاتبمدونة ياسر سلمي
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑31الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني203
2↑22الكاتبمدونة مها اسماعيل 173
3↑14الكاتبمدونة مرتضى اسماعيل (دقاش)205
4↑11الكاتبمدونة منال الشرقاوي193
5↑5الكاتبمدونة كريمان سالم66
6↑5الكاتبمدونة خالد عويس187
7↑4الكاتبمدونة نجلاء لطفي 43
8↑4الكاتبمدونة غازي جابر48
9↑4الكاتبمدونة سحر حسب الله51
10↑4الكاتبمدونة نهلة احمد حسن97
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1079
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب695
4الكاتبمدونة ياسر سلمي655
5الكاتبمدونة اشرف الكرم576
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري501
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني426
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين417
10الكاتبمدونة شادي الربابعة404

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب334041
2الكاتبمدونة نهلة حمودة189952
3الكاتبمدونة ياسر سلمي181543
4الكاتبمدونة زينب حمدي169764
5الكاتبمدونة اشرف الكرم130978
6الكاتبمدونة مني امين116790
7الكاتبمدونة سمير حماد 107860
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي97922
9الكاتبمدونة مني العقدة95030
10الكاتبمدونة حنان صلاح الدين91805

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة نجلاء البحيري2025-07-01
2الكاتبمدونة رهام معلا2025-06-29
3الكاتبمدونة حسين درمشاكي2025-06-28
4الكاتبمدونة طه عبد الوهاب2025-06-27
5الكاتبمدونة امل محمود2025-06-22
6الكاتبمدونة شرف الدين محمد 2025-06-21
7الكاتبمدونة اسماعيل محسن2025-06-18
8الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني2025-06-17
9الكاتبمدونة عبد الكريم موسى2025-06-15
10الكاتبمدونة عزة الأمير2025-06-14

المتواجدون حالياً

858 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع