كنت صغيرة وفقير، أرتدي فستانًا وحذاءً مُمزقين ،وأتسول مع أمي على أحد الكباري المُطلة على النيل وأنتظر من يمنحني مالًا أو بقايا طعام ،كان الناس ينهرونني بل سبب. كنت أتسلل من جوار أمي وأتشبث بالسور وأنظر لهذا العالم ذو الأضواء المبهرة .كم كنت أحلم أن أركب إحدى تلك المراكب ،أو أن اتناول هذا الطعام،أو أن أرتدي مثل تلك الملابس الزاهية وأضحك مثل هؤلاء الفتيات .كنت أستفيق من أحلامي اللذيذة على يد أمي تنهرني عن غفلتي ولهوي وتأمرني أن ألتفت للتسول واستدرار عطف الناس حتى يعطونني المال.
ظل الحلم يراودني حتى بلغت مبلغ النساء وهربت من أمي ومن التسول ،وعملت كخادمة لدى إحدى الراقصات ،وتعلمت منها كل حركاتها وخطواتها ودلالها وأنوثتها، كما ارتديت الملابس النظيفة مما تمُن علي سيدتي به، بقيت أتناول بقايا الطعام، وظل الحلم يراودني وأرغب في تحقيقه.
حتى أتت لي الفرصة لأكون راقصة فانتهزتها وأصررت أن أرقص في أي ملهى ليلي على النيل ،أو في مركب عائم. زادت شهرتي وادخرت المال لأحقق الحلم ،و اشتريت أحد الملاهي الليلية على مركب عائمة، و تحقق حلمي.
بحثت عن أمي فلم أجدها ورغم أني اعتزلت التسول منذ زمن لكني في كل ليلة أتسول الحب والاهتمام من أي رجل ، وأتمنى أن يكون لي من يحبني ويهتم بتأثيث أسرة معي. بالطبع كنت أحلم فأمثال هؤلاء لا يتزوجون أمثالي، أما من تقدم للزواج بي فكلهم طامعون في مالي.
ظننت أن سعادتي في تحقيق حلمي وكرست عمري من أجله ،لكن عندما حققته ضاعت لذته بعد فترة واكتشفت أني في حاجة لأشياء أخرى مثل الحب والاهتمام والتقدير والاحترام.
تمت