الإهداء
إلي روحي التائهة ألا عودي إلي وطنك فقد طال الهجران ومازال هذا الجسد ينتظرك .
.رحلت طويلاً وهجرت جدران مازالت تحمل ذكراك وأماني مازالت في انتظار تحقيقها طال البعاد حتي صارت السنين لا تُعد .عُد أنت واملأ تلك الفراغات التي تركتها
ما زلت أنتظر اللقاء الأخير بيننا حتي اشبع عيوني من النظر إليك
احارب ذاكرتي جيداً حتي لا تنسى ملامحك .واحارب قلبي حتي ينسى حبك واجاهد روحي حتي تعود إلى جسدي ،فلا أستطيع نسيانك ولا أنتصر علي قلبي ولا تهتدي روحي
البداية
.ولدت مسلمة بالفطرة راني الجميع جميلة يشع وجهي بالنور والضياء اسموني فاتنة نشأت في منزل لا أشعر فيه بالحنان سوأ من أبي كنت أشعر أن أمي قاسية القلب وكأنها تحمل بين ضلوعها حجراً لا يلين كانت شديدة العصبية حديثها اؤامر لا ترد
بلغت من السنين ما يكفي لتستطيع ذاكرتي الاحتفاظ بتفاصيل ما أرى كانت جدران منزلنا ملونة جميعها بالأبيض معلقاً بها بعض آيات القرآن فقط
كانت أمي تغضب لرؤية أي شيء يلتصق بالجدران سوى آيات القرآن .كانت تذهب للصلاة وكأنها عروس تزف .كنت اشاهدها تغتسل ثم تتوضأ بمياه مخلوطة بماء الورد ليفوح عطرها في أرجاء المنزل تتزين بلباس أبيض واسع طويل وتذهب إلي الاختلاء بربها . أنتظر قليلاً حتي تفرغ من صلاتها ثم أذهب واسجد مكان سجودها حتي استنشق رائحة أنفاسها وعطرها . وأشعر بابتلال سجادة أمي موضع سجودها .كنت أتساءل اهذه دموع الدعاء ؟ام الابتلاء ؟
لم أهتم فهناك رائحة جميلة تجعلني اركع واسجد دون تفكير..
لم تعد الأمور بين أمي وأبي كسابق عهدها لعل صمتهم هو الهدوء الذي يسبق العاصفة زادت الأمور تعقيداً بينهم طال غياب أبي عن المنزل وزادت دموع أمي لم يقتصر الأمر فقط علي سجودها .بل أصبحت تبكي علناَ أمامي .
تبدلت أحوال أمي أصبحت حنونة القلب ولكن قاسية علي روحها فلم تخرج ما فيها من ألم لأحد .كانت كثيرة الشكوى في سجودها ولكنها تعود للحياة وكأن شيء لم يكن عند فروغها من الصلاة.
حتي بلغت العاشرة كان البيت لأبي ما هو إلا مكان نلتقي فيه كنت أشعر أنه يأتي حتي يستطيع رؤيتي
لم أستطيع معرفة ما بينه وبين أمي ولا من المخطئ بينهم .اليوم نادت بي أمي وقفت أمامها أحمل بعض الألعاب وارتدى فستانًا ابيض وروده حمراء .نظرت أمي إلي عيوني ثم تبسمت وأخرجت حجابًا صغير لونه أبيض وهمست في اذني .فاتنة لقد صرتي فتاة
كيف يا امي ؟
احتفلنا بعيد ميلادك العاشر إذا انتِ فتاة والفتاة الصالحة لا تظهر شعرها الجميل علي الفتيان الغرباء أو الأقارب ،
إذن ماذا افعل يا أمي؟
أمسكت أمي بالحجاب ووضعته علي رأسي وابتسمت أكثر وكأنه رأت عجائب قدرة الله في جمالي
عليكِ بالحجاب يا فاتنة ليرضى عنكِ الله ويرضى قلبي عليكِ وتكوني من الحور العين في الجنة
ومن هم حور العين يا امي ؟
أريد أن أكون في الجنة
حور العين يا فاتنة هما الفتيات الصالحات الذين يطيعون اؤامر الله .يجعلهم مكافأة لفتيان صالحين
وماذا عن مكافاتي الن يكون لي مكافأة عند صالحي ؟
فاتنة.. لا تسألي كثيرًا ستدركين الأمور عندما تصيري آنسة راشدة تمسك بكتاب الله وتتقن قراءة آياته
وضعت أمي الحجاب علي رأسي وقالت الآن تزينتِ بالستر يا فاتنة .في تلك اللحظة شعرت بالرضا في عيون أمي اجمعت شجاعتي وانتهزت الفرصة لأذكر أبي .
أمي.. لماذا لا يأتي أبي إلي المنزل إلا كضيف ثم يرحل ؟
كنت اخشى غضب أمي ولكن كسا الحزن عيونها وتنهدت وجعًا ، اباكِ يا فاتنة أختار طريقًا اخر ليس لنا فيه مكان
ما تلك الصراحة التي تحدثت بها أمي ،اصرت كبيرة مدركة في عيونها حتي تتحدث بتلك الصراحة ؟
ذهبت إلي غرفتي افكر أي طريق أختار أبي ليس لنا فيه مكان ألست قرة عينه كما يقول دائماً ،لا بأس فغدًا أو قريب سيأتي أبي ،لم يمر الغد حتي تحققت نبوءتي .كنت اجلس برفقة ألعابي في باحة منزلنا استمع إلي آيات سورة مريم وصوت فارس عباد .ومن خلف الباب صدر صوت المفاتيح توضع بباب منزلنا أنه أبي .حقا أنه أبي .فلا أحد غيره يملك مفاتيح منزلنا
طرت بحجابي الأبيض وفستاني الطويل أقف أمام الباب انتظر أبي دخل حاملاً بيده الكثير من الهدايا نعم لم ينسى أبي عيد مولدي حملني إلي أحضانه غمرني بالحنان الذي اشتقت إليه قَبل خدى ولكنه غضب بعض الشيء عند رؤيتي بالحجاب
فاتنة؟ لماذا ترتدين الحجاب ؟
لأكون حور عين يا أبي
ماذا! هل فعلت أمك هذا ؟
نعم يا أبي الآن صرت فتاة صالحة .تبسم أبي وهز برأسه وهو يملس علي حجابي بيده . تركني أستمتع بتلك الألعاب والهدايا التي اتي بها وذهب إلي المطبخ حيث أمي .لم أهتم بمعرفة الحوار بينهم حتي اشتدت لهجة ابي وعلي صوته خارقًا مسامعي .اقتربت قليلاً حتي أستمع إلي حديثهم كان لأبي الغلبة في هذا الحديث ،
لقد فعلتِ ما اردتِ دومًا ماذا تفعلين بتلك الصغيرة ؟الا ترين أنها مازالت صغيرة علي الحجاب لماذا تفرضين عليها الأمر ؟
الامر مفروض علي جميعاً لابد أن تتعلم منذ الصغر حتي لا تضل الطريق كأبيها
ماذا؟ أتسمين هذا ضلالاً .صمتت أمي وصمت أبي ولم يكمل حديثه .لقد راني أبي واقفة ابكي دموعاً كالفيضان استمع لكلاهم .ضرب أبي كفه بالمنضدة وأتي إلي جلس علي ركبتيه يمسح دموعي
لماذا يا أبي ؟ لماذا أخترت طريقًا لسنا فيه ؟لماذا؟
نظر أبي إلي أمي نظرة عتاب ثم قَبل جبيني ورحل كانت تلك اخر نظرات أبي إلي وجهي خرج ذلك اليوم ولم يعد بمرور الأيام تأقلمت علي غياب أبي ولكنه لم ينسى يومً عيد مولدي كان يرسل لي الهدايا وكأنه يعلم ما أحب واحتاج حتي بلغت الخامسة عشر صرت في نظر أمي فتاة كبيرة تقدم لي النصائح بخوف ومحبة استمع إلي نصائحها وأخرج متعجبة من حال الجميع أليس لديهم ام تنصحهم؟ فكثيراً ما حذرتني أمي من مرافقة الشباب أو الاختلاط بالغرباء بعكس ما أجد حولي فالكثير من اصدقائي يدخلون في علاقات سرية مع بعض الشباب يفعلون ما تحذرني منه أمي سرًا ويظهرون علنًا انقياء شرفاء أمام المجتمع والناس .حتي أمامي أنا وأنا أعلم الكثير عن خباياهم .
وقفت لحظات أمام نفسي اسألها أ يجدر بي أن أفعل مثل ما يفعلون سرًا وأكون نقية في عيون أمي ؟
نعم يجدر بي ذلك
ولكن هل سأكون نقية أمام ربي ، كيف سأقف أمامه محملة بذنوب لا تغتفر ؟
كيف سينظر لي ؟كيف سأكون من الحور العين كيف سيكفأني ربي؟ ثم هزمت شيطاني واعلنت الفوز علي وسوسه وعدت إلي رشدي سأستمع إلي نصائح أمي ولن اقترب من ذلك الطريق المؤدى إلي جهنم وبئس المصير
لم تكن أمي فقط من تملك الحظ السيء بل وخالتي أيضاً
كانت تعاني من تسلط زوجها وشدته معها كنت استمع إلي حديث أمي تنصحها بالصبر والمصابرة وعدم التسرع وطلب الطلاق .أو مجرد التفكير في الأمر . قائلة إن الطلاق ابغض الحلال عند الله وخراب للبيت ودمارً للعائلة
ولكن
أليس لصبرها حدود؟ كنت أراها تبكي على مدار سنوات فائتة تأتي الي أمي يوميًا وعيونها غارقه بالدموع ألن تكفي تلك السنين ألم يتغير في تلك الفترة كما توعدها أمي ؟
ترسخت داخلي فكرة أن الطلاق حرام شرعًا ولا يجوز للسيدة طلب الطلاق مهما بلغ عذابها
مرت سنوات الثانوية بخير كما أرادت أمي جعلت مني شخصًا قويًا لا يبالي بنظرات أحد ولا أنساق خلف الكلمات والمجاملات هكذا أظهر أمامهم ولكني وحيدة أشعر وكأني افتقد جزءًا من روحي لعله أبي كنت ابرر شعور النقص داخلي دائمًا باشتياقي لأبي ولكني أعتقد أني بحاجة إلي شخصً جديد يقتحم عزلتي يخذني إلي عالم احلامي الوردي أعيش معه عالماً خالياً من التسلط والأوامر لقد كان كل شيء مؤجل حتي الزواج هكذا كان رد أمي دائماً
نسيت كل تلك الأمور فرحت بذلك العالم الجديد أنه عالم كلية الطب خطت خطواتي أولها في طريق العلم والإنسانية
فرحت بنفسي وفرحت بي أمي كثيرًا كنت اتطير فرحًا عند سماعي كلمات امي تمدحني قائلة ابنتي دكتورة اد الدنيا .
ولكنها لم تجعل الأمر يمر مرور الكرام .بل دعتني الي مجلسها الطاهر حيث تختلي بدعاء ومناجاة ربها .وضعتني . أمام عيونها وظلت تبكي .
ما هذا يا أمي لما البكاء فقد حققت أمنيتك وقريبًا سأحمل لقب طبيبة ؟
اخشى عليكي يا فاتنة .فتن هذه الدنيا وتلك المرحلة وذلك العالم الجديد اخشى ان تقابلين من يفتح عيونك للدنيا وتتغير نظرتك ليصبح هو دنياكِ وتضحين بكل غالي لأجله اخشى علي ذلك القلب النقي ان يتلوث بحب كاذب مزيف . يأخذك إلي ضياع مؤكد
لا يا أمي لا تتعبي روحك بالخوف والقلق فابنتك تملك قلبً باردًا لا يعرف سوى حبك .ولكن يا امي هل يفعل الحب كل هذا أ لهذه الدرجة ترتعبين من الحب ؟
ألم يكن النبي يحب خديجة وعائشة وساقهم إلي الجنة .
نعم يحبهم .ولكن ليس بيننا أنبياء يا فاتنة جميعهم بشر .ليسوا معصومين من الخطأ وليسوا متحلين بأخلاق الأنبياء .
إذا يا امي الخطأ وارد علي الجميع لماذا تخشين أن اخطى
اريدك ورقة بيضاء يا فاتنة بقلبً نقي وجسداً طاهر
لا تخافي يا أمي . سأكون مثل ما أمرني ربي .لأستطيع المرور باختبار الدنيا بسلام .
سنوات خلف سنوات اجاهد نفسي احارب روحي حتي لا تنساق خلف الشهوات .ابتعد عن المغريات .اقترب أكثر وأكثر من ربي حتي لُقبت بين زملائي بالمعقدة .اكثرهم فسر انضباطي بالإرهاب والتطرف والبعض الأخر تقبله .ركزت في دراستي جيداً حتي صرت من الاوائل دائماً .تزداد فرحة أمي حتي أنها تناست الماضي . أيضًا
ولكني لم أنسى يومً دموعها لم أنسى تلك الليالي التي نامت فيها باكية تتنهد حزنًا
لم ينسى أبي أيضًا فقد كان يرسل لي الهدايا عند نجاحي كذلك الأموال اللازمة لدراستي وحياتي ولكني كنت أشعر بالنقص أمام كل أب أراه مصاحبًا لابنته بالشارع كنت أشعر بالعجز أمام كل لحظة اشتقت إلي أحضان أبي ولم أجده لا بأس فالأيام تمر والدنيا تأخذ منا كل إحساس وتعوضنا أحاسيس أخرى .
لقد نبضت تلك الأحاسيس يومً داخلي كنت أظن أني متملكة قلبي ولن يستطيع خيانتي والنبض لغيري
وبأحد الأيام من العام الأخير لدراستي كُلفت بالتدريب بإحدى المستشفيات الحكومية. وهناك رأيته
إنه شاب طويل القامة بلحية سوداء كثيفة وبشرة فاتحة السمار .ينقل احد معارفه المصابين بحادث سير ويبدو عليه القلق والتوتر .
وقفت من بعيد أمام المصاب والطبيب المشرف .تائهة وكأني لم ادرس الطب يومً .حتي صاح الطبيب في اذني ان ألتفت لعملي ...
وهنا قومت بالإسعافات الأولية للمصاب حتي يتم نقله غرفة العمليات .ولكني شعرت بعيون تراقبني من بعيد وتدقق النظر في تفاصيلي . شعرت بالتوتر وارتعشت يداي ولم استطيع إكمال عملي عند رؤيته ينظر نحوي نظرات غريبة فلم يلفت نظره عن وجهي وكأني ألقيت عليه تعويذة الحب من أول نظرة .
حتي أتي أحدهم من بعيد مسرعًا يتنفس بصعوبة بحكم سنه الكبير .ينادى خالد يا خالد .
التفت إليه ذلك الاسمر الطويل .اسنده علي كتفه حتي وصل به الي الاستراحة وأخذ يهدى من خوفه ويحدثه بهدوء لعل ذكائي أخبرني أن ذلك العجوز يقرب المصاب فذلك ما يفسر خوفه وقلقه ولكن المفرح في الأمر أن ذلك الأسمر الطويل يدعي خالد لقد حُرف الاسم والملامح داخل ذاكرتي أنهيت ذلك اليوم الغريب استقليت وسيلة النقل العام وتوجهت إلي منزلي تلمع عيوني فرحًا قبلت أيادي أمي واستنشقت فيها رائحة ماء الورد .وبقيت في أحضانها بعض. الوقت .لعلها شعرت بتغير حالي .
فاتنة .ما بكِ يا جميلتي ؟
لا شيء يا أمي . إني بخير .
اراكِ اليوم مبتسمة متغاضية عن إجهاد الجامعة والعمل .
امتزجت مع ذلك التعب يا أمي كي أستطيع التعايش .شعرت ببعض الراحة في أحضان أمي وارادت البقاء بمفردي ولو قليلاً لأستطيع تفسير ذلك الإحساس داخلي .
ذهبت إلى غرفتي اغلقت الباب كذلك النافذة واشعلت نورًا هادئً أري من خلاله خيال جسدي بالحائط بدأت بالتمايل علي ألحان رومانسية دارت في مخيلتي .كذلك وجدتني أفرد ذراعي مستقبله خالد بينهم يمسك بي نتمايل سويًا علي تلك الألحان .شعرت أن شيء جديد أخذ روحي وشغل فكري لعله الحب ذلك الاحساس الذي حذرتني منه أمي .
تساءلت بيني وبين روحي هل يعقل أن أحب بتلك السهولة وهل هكذا يكون الحب من أول نظرة دون سابق معرفة أو إنذار بالحب
كيف لغريب ان يتملكني .بهذه السهولة ؟
لم أجد إجابة لتلك التساؤلات .وعزمت أن أبحث عن تفسير لتلك الأحاسيس .
تقدمت إلي فراشي الممزوج برائحة ماء الورد . ألقيت عليه جسدي واحتضنت وسادتي ونمت أشعر بنغزه الحب الأولي المزعومة بالإعجاب
وزار خالد أحلامي تلك الليلة ورأيتني أطير إليه فرحًا مرتدية الأبيض وتلك أمنيتي الأولى بالزواج
لم اتذوق الطعام ذلك اليوم ولكني تذوقت احساسً الذ من شهوات الدنيا .واشتهيت لو يطول ذلك الوقت كي أستطيع تفسير ما حل بي .
اشرقت شمس نهاري الجديد أسرعت إلي دولابي احتشمت في ملابسي والتزمت بتعاليم أمي في الحجاب وعدم التبرج أو التطيب بالعطر اكتفيت بماء الورد كي تظل أنفاس أمي معي بالخارج وبجانبها ركعت وسجدت بركنها الخاص صار موضع السجود يتسع لي ولها .
قبلت أمي جبيني بعد انتهاءها .واشرق صباحي بدعواتها .
وتوجهت إلى المشفى بصدر رحب وفي الطريق استوقفتني بعض الكتب المعروضة بالأرصفة تجمدت في مكاني أنظر إلي عناوين الكتب تحمل جميعها أسماء توحي أن داخلها حكايات حب ماذا أختار لا اريد أن انتقي شيء يوحي لروحي أن الحب مأساة ولكن لحظة، هل جميع الكتب عن الحب .هل كاتبيها جميعهم ذاقوا طعم الحب عاشوه وتعيشوه؟ . أخترت إحدى الكتب التي جذبتني كان عنوانها حب بالمراهقة وآخر يحمل اسم من النظرة الأولي
والأخير هو نسائم البارود جذبني به اقتباس وكأنك درب بغير انتهاء وإني خلقت لهذا السفر
وللمرة الأولى هزني وصف المحب للحبيب
وأكملت طريقي إلى المشفى وفي الطريق اندهشت لذلك العنوان أ يوجد حب بالمراهقة .ولكني شعرت بخيبة عندما قرأت أولي صفحاته .فلم أعيش حب الطفولة ولم أمر بحب المراهقة .وها أنا في الشباب ولعل ما حل بي هو لعنة الحب .
وصلت إلى المشفى ارتديت بالطو عملي الأبيض نشرت الابتسامة بين زملائي وذهبت إلى غرفة ذلك المصاب استرق النظر من بعيد لعلي أرى خالد .ولكني .وجدت فراشه فارغًا كذلك مرتبًا ارتعشت من خوف عدم رؤيته مرة أخرى همست إلي إحدى الممرضات أين المريض الذي كان هنا البارحة؟
واجابتني
لقد رحل إلي مشفى آخر أخذه والده في سيارة إسعاف إلى مشفى خاص لخطورة حالته
وخالد ؟ماذا عن خالد؟
هزت الممرضة رأسها مستنكرة حديثي أي خالد تقصدين؟
هاا لا عليكي ارحلي انتِ الآن
شعرت بخيبة أمل وكأني تُركت عروسً بليلة عُرسي
ايقنت أن تلك نغزه الحب ايقنت أنه كُتب علي الحب من النظرة الأولى كما كُتب علي قلبي العذاب جعلته سرًا في قلبي إلي أن مر اخر عام بدراستي وتخرجت أصبحت طبيبة رسميًا وها أنا ما زالت بعد مرور عام اتذكر خالد ولا تغيب ملامحه عن خاطري .
شعرت بفرحة النجاح ولكن مازال قلبي يرغب رؤيته ومازالت ذاكرتي تحتفظ به وتأبي أن تنسأ نظراته إلي ذلك اليوم .
أمسكت شهادة تخرجي ونزلت ركضًا من المنصة تجاه أمي أقبل رأسها وقدميها في تلك اللحظة وعند احتضان أمي . رأيت أبي من بعيد يقف باكيًا تغمر عيونه الفرح والدموع .اندهشت أهذا أبي حقاَ ؟
لم تخوني عيوني يومً ولم أنسى ملامحه .نعم إنه ابي
همست في أُذن أمي .برفق .
أمي . أنه أبي يقف بعيداً ناظرًا تجاهي بعيون باكية .
اذهبي إليه يا فاتنة .
وقفت في تلك اللحظة مترددة أتساءل هل يجوز لي احتضانه .
هيا ماذا تنتظري اذهبي إلي اباكِ
دون أن التفت إلي تساؤلات روحي ركضت تجاه ابي كان المكان يعج بالحضور مما منع وصولي إليه سريعًا رغم قصر المسافة بيننا .
وما أن وصلت إلى الركن الذي بكى فيه أبي ناظرًا نحوي لم أجده لقد اختفي فجأة دون أن يحتضني جال بخاطري تساؤلات أخرى ألم يراني آتية إليه ركضًا ؟ام حسب أنني ابتعد عنه ؟أ يخشى عتابي له عن غيابه تلك السنوات ؟
فلم أكون أحتاج سوأ الشعور بأنفاسه حتي يطمن قلبي . رحل دون أن يعترف بفخره بي .
احتضنتني أمي مرة أخرى واخذت تملس علي حجابي بحنان .لا عليكي يا فاتنتي لقد رحل لعله لم يراكِ يا صغيرتي .
بررت ذلك الموقف لروحي .نعم لم يراني يا أمي .لقد رحل قبل أن يراني
في تلك اللحظة أيقنت أن قسوة أمي وأنا صغيرة ما كانت إلا حبًا زائدًا. وحب أبي ما كان إلا شيئًا زائفًا ودليل ذلك استغناه عني دون صعوبة الأمر عليه .
رحلت رفقة أمي إلي المنزل. رميت بهمومي في أحضانها وعوضتني الأيام بالنسيان فور تعيني بإحدى المستشفيات الحكومية قابلت من الحالات ما يكفي لتتغير نظرتي بالمجتمع فعلمت أن الأمر الأهم هو إنقاذ روحًا تصارع الموت وتتشبث بالحياة
أراد خالي الأكبر مكافاتي علي تميزي بالدراسة وحصولي علي لقب طبيبة .
فجاني ذات يوم واقتحم غرفتي فاتحً ذارعيه .ينادي فاتنتي
ركضت إلي أحضانه أغلق ذراعيه بقوة حولي .
اريدك ان تري نصف العالم يا فاتنة
كيف يا خالي وأمي ترفض فكرة السفر حتي داخل مصر ؟
لا يا فاتنتي فتلك المرة لن ترفض أبدا سنذهب سويًا
أين يا خالي ؟
إلي مكة يا فاتنة سنطوف حول الكعبة سنزور قبر حبيبك النبي .
حقًا يا خالي سنطوف سويًا
نعم يا فاتنتي سنطوف ونرى نصف العالم
هنا تعجبت وسألت خالي سريعًا
إن كانت الكعبة نصف العالم فأين النصف الآخر؟
أشار بأصبعه الي قلبي .هنا يا فاتنة النصف الآخر للعالم في هدوء روحك وسكينتك طمأنينة قلبك بقضاء الله وقدره
وفوق كل هذا قوة إيمانك بالله يا فاتنة .
لم أفهم ذلك الوقت معني كلمات خالي ولكني فرحت بتلك الرحلة التي تشتاق النفس إليها .
واسرعت في ترتيب اشيائي التي ستكون بحوزتي في تلك الرحلة .وجدت حقيبة أمي جاهزة دون عناء أو بذل مجهود في ترتيبها فقد أعدتها أمي منذ سنوات منتظرة تلك اللحظة .لم تزيد أشياء أمي عن بعض قطع الملابس البيضاء وعباءة الصلاة وكذلك عبوات ماء الورد التي حجزت مكانتها بالحقيبة .
وفي اليوم المنتظر استيقظت باكراً علي صوت أمي تنادى برفق .
فاتنة يا دكتورة ميعاد الطائرة .
قفزت من فراشي سريعًا بللت وجهي كي أستطيع استيعاب حقيقة الأمر .لم يكن الأمر الهام بالنسبة لي هو زيارة الحرم كنت أجهل مكانة ذلك المكان وكم الراحة النفسية داخله ..كنت أشتاق إلي أي رحلة تغير جو الملل الذي اعيشه استقل طائرة اذهب بين شعوب مختلفة اتعرف على وجوه جديدة كذلك أعلم عاداتهم والتقاليد التي يعيشون عليها .
وقفت أمام أمي بعباءة سوداء طويلة وحجاب أبيض لؤلؤي ابدو في عيونها بدرًا مكتملا ضحكت بحنان فور رؤيتي . أتمنى أن يدوم عمرى كي اراكِ تطلين بالأبيض فيكون بداية حياة جديدة وسندًا كسند رسول الله لزوجاته
هنا حزنت كثيرًاعلي حال أمي هنا شعرت بالحيرة ماذا ينقص أمي كي يتركها أبي ؟
اخشى الزواج يا أمي أخشى أن يتركني معلقة في حباله ويهرب .اخشى أن يترك خلفه طفلاً يعاني اشتياقه ل ابيه ولا يعلم سبب بعده .اخشى أن يشعر بالألم الذي سببه أبي لقلبي يا امي
فاتنة لا تجهدي روحك بالتفكير انتِ قرة عين اباكِ لآخر العمر يخشى عليكِ من الهواء الحار مازال جوارك حتي ببعده
إذن لما البعد يا امي لقد كبرت بما يكفي لأستطيع تفهم السبب
لكل آن اوان يا فاتنة .انتظري حتي يأذن الله .
أنهت أمي حديثها ودق خالي باب منزلنا وقف خارجًا يرتدى عباءة بيضاء متعطرًا بماء الورد كحال أمي يمسك بيده سبحة سوداء خرزها كبير لامع .يبتسم وكأنه عريس يزف إلي محبوبته .
إلي الآن أنتم هنا ظننت سأجدكم علي باب العمارة هيا بنا فالسيارة في الانتظار .
حملت الحقائب رفقة خالي ونزلنا ثلاثتنا يودعنا الجيران بطلب الدعوات والتبارك بحضرة النبي .وعدتهم أمي بذكرهم في حضرته وإرسال السلام .
في السيارة احتضنني خالي بقوة وظل يعلمني مناسك العمرة وكلي أذان صاغية كما أستمع إلي دعاء أمي الذي لم يتوقف حتي وصلنا المطار واستقلينا الطائرة
كطفلة طلبت الجلوس بجوار نافذة الطائرة لابا خالي طلبي ظللت انظر الي سحاب السماء وكأنه موج بحر يحتضني شردت كثيراً بالتفكير
علي صوتي وأنا فاتحة ذراعي علي مصراعيها .احتضنني أيتها السحب .حتى سمعني الجميع
ضحكت أمي وغرق خالي في ضحكاته العالية وأشار لي أني تماديت قليلاً حتي سمعني الكثير وظنوا أنني طفلة .لم أستطيع مقاومة رؤية السحب للمرة الأولى .
هبطت الطائرة واستيقظت احلامي ركضت أمي الي الأرض ساجدة تشكر الله بصوتً عاليًا
أي يا أرض رسول الله أي يا حبيبة رسول الله .أي مكانً فيكِ خطت خطوات حبيبي الشريفة .أي بقعة فيكِ تحمل من عطر جسده الشريف فوالله إني أشتاق أن أقبل كل ركن بكِ فوالله إني أشتاق أن اشتم رائحة حبيبي فيكِ
ختمت حديثها بالصلاة والسلام على النبي خلعت حذائها واكتفت بالجوارب خاشية أن تخطء بحذائها فوق خطوات النبي .
ها نحن وبعد راحة وصلنا إلي الحرم اختلت أمي في ركنها المفضل بجوار الكعبة ظلت تصلي وتتلو الأذكار وبدأت أنا بالطواف حول الكعبة حتي شعرت بالتعب لم يكن المكان يكتظ بالناس ولم يكن فارغًا كنا عددًا كبيرًا قليلاً .
جلست جوار أمي أتلو بعض الآيات القرآنية ..
حتي أنهيت جزءًا كاملاً رفعت رأسي ابحث بنظري أين خالي أيعقل أن أراه وسط الزحام ولكني رأيت أحدهم اعرفه جيدًا واقف من بعيد ينظر نحوي دون خجل أو احترام لذلك المكان أنه خالد نعم إنه خالد .لم أشعر بنفسي عندما لفظت اسمه بصوتًا عالي حتي اخترقت مسامع أمي باسمه .
أنه خالد ...
خالد ؟من خالد ؟أي خالد تقصدين ؟يا فاتنة
توترت قليلاً ثم تشجعت المكان يا أمي أن هذا المكان خالداً .
نعم يا فاتنة أنه خالدًا لقد شيده إبراهيم وإسماعيل عليهم السلام . بأمر من الله واستكمالا لعمل الملائكة علي بناءه ووضع حجر أساسه .
اهتمت بكلمات أمي ولكن ليس بقدر اهتماماتي بنظرات خالد الذي رأيته مرة واحدة منذ عامَ أو أكثر .
كان ينظر نحوي وعيناه تقول إنه أيضاً ما زال يتذكرني بل ويريد محادثتي
وضعت المصحف جانبًا بجوار أمي وتقدمت بعض الخطوات تجاه خالد ومازالت عيونه تنظر إلى عيوني دون خجل اقتربت كثيراً حتي صارت بيننا مسافة صغيرة واستجمعت شجاعتي
وناديت باسمه
خالد!
آثار ذلك دهشته وات نحوي مبتسم مجاب بلهفة نعم خالد
وقبل أن انطق وجدته يتساءل
أنتِ مرة أخري
وهنا انقطع حديثتا القصير
حين امسكني خالي من ذراعي .يسحبني نحوه ظنًا منه أنني أبحث عنه
أنا هنا يا فاتنة .
أنزل خالد عيونه أرضًا ورفع يده يمسح علي شعراته ظهر بمعصمه وشمًا دُق باللون الاسود . أنه صليب نعم لقد كان بالحجم الذي يجعلني أتأكد أن هذا صليب .
انصدمت كيف وشم بالصليب وها هو يقف أمامي بالحرم ؟
وسألت روحي كيف نصراني بالحرم ؟
نعم لم اراه وهو يصلي أو يطوف ولكن يكفي وجوده بالحرم .مرتدي لباس الطواف ويداه إلي الأعلى يدعو الله جهرًا
سحبني خالي تجاه أمي و ما زالت عيون خالد موجهة نحوي حتي اكتظ المكان بالمعتمرين واختفي خالد بعيدا عن عيوني ونُقشت نظراته داخلي مرة أخرى .وايقنت أن الله يريد لنا لقاء بحرمه ولكن غير مكتمل فكيف سأصل إليه مرة أخري هل سأكتفي فقط بذكره والبكاء عليه ليلاً
بكيت ... .بكيت كثيراً فلم أستطيع تفسير ما رأيت ولا إيجاد خالد مرة أخرى رغم بحثي الكثير عنه
هذه المرة كنت سأقترب منه كنت سأهمس له سرا كان بقلبي كنت سأساله عن نظراته التي اخترقت قلبي ولكنه رحل أيضاً ولا أدرى أي أرض أخرى ستجمعنا وأي صدفه ستكون سبب في لقائنا .
مر يومنا الأول في سلام ظللت طوال ليله اراقب النجوم أدعو الله أن يجمعني به صدفة اخرى أدعو الله أن يكون خانني نظري في أمر ذلك الوشم .
اتي يومنا الثاني حملت حقيبة ظهري التي تحتوي بعض الأدوية الخاصة ب أمي كذلك جهاز قياس الضغط والسكر خاشية أن تفقد أمي وعيها ف أستطيع إنقاذها .
ذهبنا بعد انتهاء المناسك إلي ركننا المفضل بجوار الكعبة وظلت أمي تردد بعض آيات القرآن هي ومن حولها من النساء تميزت أمي بينهم برائحتها الذكية وصوتها الهادئ وريحها الطيبة .
جلست جوار أمي أدعو لبعض اصدقائي سرا اذكرهم بالخير واتمني لهم زيارة هذا المكان يوما ليستطيعوا الشعور بتلك الراحة التي أشعر بها .لقد كنت أجهل مكانة ذلك المكان إلي أن أتيت إليه وتملكتني روحه
ولكن فجأة قطع صوت عالي تلك الجلسة القرآنية أنها إحدى السيدات تستنجد بالحضور كي يستطيعوا مساعدتها في استعادة وعي والدتها تمددت هذه السيدة أرضاً فاقدة للوعي وجوارها ابنتها لا تستطيع فعل شيء ومن بعيد يهرول إليها أحد الرجال لم اتردد دقيقة حتي أخذت حقيبتي وذهبت مسرعة إلي تلك السيدة اتفقد حالتها بحكم عملي ومن خلفي أمي تدعو الله ان يأتي بها خيراً .
أخرجت جهاز الضغط وقمت بقياس ضغطها لأجده منخفضً إلي حد كبير مما سبب لها فقدان الوعي لزم الأمر نقلها إلي الفندق حتي تستطيع أخذ المحاليل اللازمة
وجدت أبنها ممسكاً يدها بخوف ينادى أمي يا أمي .
أخبرته هي بحاجة إلي بعض المحاليل كي تستعيد الوعي عليك نقلها إلى الفندق .
وسأقوم بعمل اللازم لها هناك .
أنتِ طبيبة ؟
نعم طبيبة .
انفض الجميع من حولنا وبخوف شديد وبكاء تحدثت اخته بسرعة يا جمال أنقل أمي للفندق .
علمت أن اسمه جمال وتلك السيدة أمه وهذه أخته الكبيرة لم تتركني أمي ليس خوفًا علي بل أرادت الاطمئنان علي تلك السيدة . .....حمل جمال امه الي الفندق وضعها بالفراش وترك الأمر لي كتبت له بعض الأدوية والمحاليل ذهب مسرعًا حاملاً بيده تلك الورقة يبحث عن صيدلية لم يمر الكثير حتي عاد جمال بحوزته تلك الأدوية والمحاليل قمت بتثبيت المحلول وكشف ذراعها وبدأت بالبحث عن أحد أوردتها وبعد شكة بسيطة أسرى المحلول بجسدها وبدأت عيونها ترتجف وعادت إلي الوعي
ظلت صامته قليلاً تنظر حولها وعيونها تتساءل من هؤلاء ؟
بهدوء اقتربت أمي منها وملست علي كتفها .
حمداَ لله على سلامتك .
بصوتً متعب ردت تلك السيدة علي أمي سلمك الله من كل تعب
ولكن من أنتم؟ .
صمتت أمي مبتسمة وسبقها جمال بالرد .
أنه والدة الطبيبة التي انقذتك يا أمي .
توجهت أنظار السيدة نحوي .هل أنتِ الطبيبة ؟
نعم أنا لا عليكِ أنتِ بخير فقط بعض الإجهاد من الطواف .
ما اسمك يا جميلتي ؟
نظرت خجلاً إلي أمي فتبسمت عني . إلي تلك السيدة أنها ابنتي فاتنة .
بارك الله لكِ فيها وانبتها نباتًا حسن
في تلك اللحظة اهتز هاتفي بالحقيبة. أنه خالي يبحث عنا في كل مكان وشعر بالقلق لغيابنا عن أنظاره . هدأت من خوفه قليلاً واخبرت أمي بقلقه الزائد علينا .
وقبل الرحيل استأذنت أمي و اطمأنت علي السيدة .وعدتها أمي بعودتي إليها كي أطمئن علي حالها بعد إلحاحها في طلب عودتي مرة أخرى .خرجنا في طريقنا إلى الغرف الخاصة بنا بالفندق قابلنا خالي في الردهة يقف محتارًا ينظر يمينًا ويساراً وكأنه تائه يبحث عن منقذيه .
وما أن رانا حتي رقت عيونه بالدمع وأسرع نحوي
فاتنة يا صغيرتي لقد خشيت أن يصيبك مكروه .
أيعقل أن تخاف إلي هذا الحد على فاتنة .ولا تخاف علي شقيقتك ؟
انتِ صغيرتي يا فاتنة قرة عين أمك وأمك قرة عيني فإذا أصابك مكروه انشق قلب أمك وانطفئ نور عيونها .
وماذا عنك ؟
لن اكون بالدنيا كي أوصف حالي فلن أقوى علي تحمل مكروه يصيبك
ثأر غضب أمي وشعرت بالغيرة علي شقيقها مني . رأيت ذلك في عيونها .فأرادت مداعبة غيرتها قليلاً فلا بأس ببعض المرح مع خالي وصلنا غرفتنا وظللت امتدح خالي وجمال خالي وعيون خالي الزرقاء مثل ماء البحر .
فلم تستطيع أمي امتلاك غضبها أكثر من ذلك اقتربت قليلاً من خالي وصاحت في وجهه
كفاك عبثًا مع الفتاة قد يصابها دلعك لها بالغرور علينا ويجب أيضًا أن نستعد لصلاة المغرب
الا يكفي تدليلك فيها بعد ؟ستصبح مائعة ولا أريد ذلك .
علم خالي أن ذلك سم الغيرة الذي يجرى في عروقها وأظهر عصابيتها .اجلسها أرضًا وجلس إلي جوارها يملس علي رأسها وحجابها الطويل .أنتِ ابنتي التي لم تولد بعد يا فاطمة أنا من اسماكِ فاطمة قدوة ب فاطمة الزهراء بنت رسول الله.
إن قلبي أمانة عندك يا فاطمة وروحي ساكنة جسدك فلا أستطيع أن اتغير تجاهك علي مر تلك السنين ولم أستطيع أن انشغل عنكِ يا صغيرتي يومً فانتِ قرة عين اخيكِ.
اراكِ كوردة بيضاء علي غصن يابس اخشى أن اقطفها تذبل واصير انا السبب ولا أملك الماء كي أروى غصنك فصرت اطمئن يومياً انكِ ما زلتِ متماسكة اخشى أن يأتي ذلك اليوم الذي ينكسر الغصن فأصبح أنا بل قلب .جسداً دون روح .
تلك الكلمات أجبرت قلب أمي وانعشته لقد كان خالي حكيمًا بما يكفي يدرك فقدان أمي للعاطفة كان دائماً يلقي عليها بكلمات السحر خاصته كي تستطيع مواجهة الحياة .
تلك المواقف التي عشتها بالحرم لم تنسيني وجه خالد الذي رأيته مرات ومرات كثيرة في أحلامي الذي سكنها فلم يمر ليلي إلا برؤيتي عروس تَزُف إلي خالد فارحة بفستان زفافي الأبيض وكوني عروس خالد
ولكن انشغل تفكيري بسبب ذلك الصليب علي معصمه .
ظللت طوال تلك الأيام البسيطة المتبقية في رحلتنا أذهب يومياً إلي السيدة نعمة والدة جمال كي اطمئن علي حالتها الصحية تعلقت بها أمي كثيراً لطيب نفسها ونقاء روحها كما تعلقت هي أيضاً بنا .
مرت الأيام وحان وقت رحلتنا لنعود إلي مصر لم تستطيع أمي المغادرة قبل رؤية الحاجة نعمة أخذتني من يدى. ووقفت أمام باب غرفتهم تقرع الباب دون اهتمام لقلق نومهم فقد كانت الساعة الخامسة صباحاً .
فتح لنا جمال الباب يبدو عليه أنه كان مستيقظًا
لعله اندهش من رؤيتنا باكراً .وتعثرت كلماته بعض الشيء
خالة فاطمة لعل الأمر خير .
خير يا جمال كل الخير إن طائرتنا في تمام الثامنة صباحاً ولا أريد الذهاب قبل رؤيتكم جميعًا
دخلت أمي بشوق إلي الحاجة نعمة ألقت عليها السلام فقد كانت مستيقظة تتلو بعض آيات القرآن الكريم .
لعلهم كانوا في سباق لختم القرآن .
قبلتها أمي وجلست إلي جوارها يتبادلون أرقام الهواتف في مصر والعناوين تركتهم في جلستهم وخرجت إلي الشرفة أتطلع للحرم أحدث نفسي لعلها المرة الأخيرة التي سأرى فيها الحرم إذن فلأشبع عينيا رؤيته .
وأثناء شرودي سمعت جمال
لن تكون المرة الأخيرة سنأتي هنا سويًا مرات قادمة .
ماذا! إنه جمال
حقا جمال يتحدث إلي أذني قال تلك الكلمات ورحل وتركني حائرة ماذا يقصد ؟
أسرعت إلي أمي ارتجف أخبرها أننا تأخرنا وهى مازالت تمسك يد الحاجة نعمة .
حتي اهتز الهاتف باتصال من خالي يطلب منا الإسراع حتي نستطيع لحاق رحلتنا .
ما بكِ يا أمي أهذا يعقل وكأنك شقيقتها ولا تردين مغادرة أحضانها.
لا أدري يا فاتنة ربما شعرت أنها ستكون رفيقتي بالجنة لهذا تعلق قلبي بها ..
وما ادراكِ يا أمي لعلها رفقيتك إن شاء الله .
غادرنا ارض الحرم . وصلت إلى منزلنا أشتاق لكل ركناَ فيه أداعب هواء مصر ببعض البسمات احتضن الشوارع والناس بعيوني .
أمي لقد كانت أعظم رحلة في حياتي .
وستكون دائماً الأفضل مهما تجولت هنا وهناك
نعم يا فاتنة فهناك نصف العالم .
انقطعت اجازتي وعدت إلي دوامة العمل مرة أخرى ولعلي أخذت قسطًا كافيًا من الراحة يجعلني أقبل على العمل بشهية مفتوحة .
كنت دائمًا المرحة بين زملاء العمل علي عكس فترة الثانوية والجامعة فقد أيقنت أن الابتسامة صدقة . فما بال البسمات في وجوه زملاء العمل أو المرضي .
لم تغادر ذاكرتي قط الحاجة نعمة وعائلتها ، حتي أنني عدت يومً من العمل مهلكة أشعر وكأن ضلوعي اقتلعت من مكانها انادى بصوتًا عالي عند دخولي المنزل .
الغدا يا أمي بسرعة .
ثم صرت كالصنم في مكاني حين رأيت الحاجة نعمة وابنتها مريم رفقة جمال في منزلنا يجلسون امامهم الشاي وبعض قطع الكيك .
اندهشت ثم فرحت . ألقيت عليهم السلام بخجل ثم جلست قليلاً. جوار الحاجة نعمة اسألها عن صحتها وما وصلت إليه .
أخبرتني بلطف .
لقد زال تعبي وارتاح جسدي وقلبي فور رؤية ابتسامتك .
زاد خجلي واحمر خدي ثم استئذانت وذهبت إلى غرفتي لأستطيع تبديل ملابسي .
لم تمر دقائق حتي أتت أمي خلفي تستعجلني للخروج للضيوف
وذلك ما تعجبت له
ما بكِ يا أمي لقد القيت السلام أعلمهم بتعبي وإني خلدت للنوم .
لا يا عزيزتي لا يصح فقد أتاؤ كي يستطيعوا معرفة شخصيتك والتقرب إليكِ
ماذا يا أمي ؟ولماذا؟
ليس الآن فكل آن أوان .
لم استطع كسر اؤامر امي أسرعت في تبديل ملابسي وخرجت خلفها طالت جلستنا حتي أتي خالي وشاركنا الكيك الشاي تجاوزت حدود جلستنا الحديث عن الطب والصحة العامة بل أصبحت جلسة تعارف بين عائلتين لم اكذب روحي التي أخبرتني أنهم أتوا لخطبتي رأيت جمال ينظر نحوى نظرات غريبة تحمل الكثير من الحديث ولكنه يشعر بالخجل .
لم ادري من أين أتيت بتلك الشجاعة التي جعلتني فجأة أطلب من جمال أن يشاهد معي النيل من شرفتنا .
جمال هل سبق ورأيت النيل من مرتفع
هااا؟ لا يا فاتنة لم يسبق لي
إذا تفضل في شرفتنا سترى مصر جميعها وليس فقط النيل .
لم أشعر بالإحراج ولم أعرف لما فعلت هذا وماذا سأقول لأمي بعد ذلك
خرجت إلي الشرفة رفقة جمال يبدو عليه التوتر ولكني أجمعت شجاعتي وبادرت بالحديث
النيل أجمل ما في مصر .
لا ليس هو فقط أنتِ الأخرى فاتنة يا فاتنة
جمال هل اتت هنا لخطبتي ؟
لستِ فقط جميلة بل وذكية يا فاتنة .نعم إن سبب زيارتنا اليوم هو خطبتك يا فاتنة
هنا فعلاً شعرت بفرحة ممزوجة بخجل وخرجت سريعاً متجهة إلي غرفتي . أتت أمي خلفي بعيون فرحة و وجهًا مبتسم أسمع عن بعد دقات قلبها .
لقد آت جمال لخطبتك .
لم املك الشجاعة للرد تملكني الخجل .
فاتنة إن جمال مهذب ذو أخلاق لقد تأكد خالك من سمعته الطيبة بالعمل وبين جيرانه وزملائه .
ولكن يا أمي متي حدث هذا .
لقد أخبرتني الحاجة نعمة هذا في آخر زيارة قمنا بها قبل رجوعنا مصر .
وما أن تأكدت من حسن أخلاقهم وسمعتهم الطيبة حتي أذنت لهم بالزيارة .
لم انظر ل جمال بعين الحب فلم أستطيع الاحساس بذلك الشعور يومً أظن أن إحساسي بالحب اقتصر على رؤيتي لخالد .بل نظرت له بعين أنه الأفضل الأتقى الأقرب إلى الله الأصلح ليكون زوجًا وابً يعرف الله ويخشاه وتركت الأمر إلي أمي وخالي .
لكي القرار يا أمي ف أنا أثق في اختياراتك .
قبلت أمي جبيني . إذا مبارك لكِ وعليكِ يا فاتنة .
لم أشعر بالفرح الكامل كأن الأمر ينقصه شيء كي يكتمل
اتجهت أمي الي الباب في طريقها للخروج وإذا بي دون مقدمات .
وأبي يا امي؟
التفت أمي إلي سؤالي وكأنها تائهة ما به اباكِ يا فاتنة ؟
الن يحضر زفافي ؟أسيكون دائماً غائبًا عن أهم لحظات حياتي .
تلك الرحلة شَرفت علي الانتهاء يا أمي ف قريباً لن اكون ابنته المدللة التي يتذكرها بهدايا عيد الميلاد .سأصبح زوجة وفيما بعد أم أيعقل أن أمر بتلك التجارب جميعها دونه ؟
سيأتي يا فاتنة لن يترددا عند معرفته وسيأتي لا تيأسي يا صغيرتي .
كنت استعجب لحال أمي التي لم تذكر أبي بسوء فبعد تلك السنين الطويلة وهجرته لنا إلا أنها ما زالت على عهد الوفاء بينهم فلم تذكره سوأ بالخير بل وتصنع له الحجج والاعذار
خرجت أمي اعلمتهم بالموافقة وأسرع خالي في طلب قراءه الفاتحة لتكون بداية خير .
جلست أمام جمال ضامه يداي إلي بعضهما اقرأ الفاتحة سرا انظر الي نظراته وكأنه يعشقني منذ مائة عام .
اليوم صرت آنسة كبيرة في عيون أمي فكنت دائماً بأنظارها فتاة صغيرة إلي ذلك اليوم .
مرت أيام بسيطة حتي ارتديت خاتم الخطبة وصرت كباقي البنات متفاخرة بتلك الخطبة وكأنها أهم ما حققت بحياتي . إلا أن شبح خالد كان ما زال يطاردني بأحلامي وهذا ما اغضبني لتفسيري على إنه خيانة لجمال
لم أستطيع افتتاح عيادتي الخاصة نظرا لرفض جمال ذلك الأمر في الوقت الراهن كان دائماً ما يبرر رفضه بأننا سنذهب للخارج بعد الزواج في رحلة عمل وهناك سوف نستقر وأقوم بافتتاح العيادة الخاصة بي . ذلك الأمر زاد من حماسي للإسراع في الزواج ف دائماً ما كنت أرغب في السفر ومعرفة شعوب مختلفة .مر عام من خطبتي وات موعد الزفاف كنت أشعر بالخوف وعدم الطمأنينة كنت أرغب في احتضان أبي وأشعر أني لن أراه ثانية .
خاب ظني وظن أمي فقد ات يوم زفافي ولم يأتي أبي ظللت طوال اليوم انتظر قدومه وكأني طفل في العاشرة ينتظر دراجته كهدية لنجاحه .
يكفي يا فاتنة لن يأتي اباكِ من النافذة إن اتي سيدق الباب
لا يا أمي لن يأتي اعلم ذلك جيداً .
شعرت ببعض الغضب أغلقت النافذة بقوة وجلست أمام المرآة أستعد لذلك اليوم .
صففت أمي شعرى وضعت به بعض زيوت الورد واشتمت رائحته وظلت مبتسمة لعل هذه اخر مرة سوف اصفف شعراتك يا فاتنة
لماذا يا أمي؟ سأكون دائماً بجوارك .
إذا لا تتزوجين ؟؟؟؟قالتها أمي وهى تضحك ضحكات عالية أكاد أسمعها للمرة الأولى . أشعر وكأنها تتحدث صدقاً ارتديت حجابي وجلست في انتظار جمال كي يذهب بي الي الفندق اتمت أمي جميع الأمور اهتمت بجميع التفاصيل .تفاصيل لم أكن سأتذكرها .
أتي جمال وحمل الحقائب رفقة أمي وجلست جواره بالسيارة يقتلني الخجل ادنى من اذني وهمس برفق .
الليلة ستكونين لي و سأكون ملك هذا العالم بامتلاكك يا فاتنة .
احمر خدى وشعرت بالخجل أكثر وأكثر وتملكني الصمت أسرع جمال في اتجاه الفندق وما أن خطأت قدمي أرض الفندق حتي صرت اعامل كالأميرات عالمً جديد لم أكن أعرفه صار جميعه. في خدمتي يتمنون راحتي جلست كالأميرات حولي الكثيرين ، فمنهم من يهتم بشعري والبعض الآخر ببشرتي حتي اصابع قدمي نالت نصيبًا من التدليل وات دور الفستان
ابيض كالسحاب كثيف كموج البحر طبقاته فوق بعضها البعض ارتديت الفستان والطرحة البيضاء أسفلها شعرى مخبيًا لا ادرى لم بكي الجميع فور رؤيتي
انهارت أمي في البكاء كذلك خالي الذي اتي لصحبتي حتي يد جمال انهمرت منه الدموع .
وظل ينظر إلي وجهي مبتسم يردد ما شاء الله
ما بكم هل ينقصني شيء ؟
اجاب خالي مسرعًا
لا يا فاتنة ف أنتِ فاتنة
إذا لما البكاء يا أمي أريد أن أري فرحك ولو مرة واحدة أنتِ كثيرة البكاء يا أمي .
حتي بالفرح تجبرين دموعك على النزول
الأمر ليس بالسهل يا فاتنة اليوم أشعر أن الحبل السري بيننا قد انقطع فلم أشعر به وقت ميلادك ولكني اليوم شعرت بألمه .
لا عليكِ يا امي سأكون دوماً جوارك
قطع ذلك الحديث خالي امسكني بيده ونزل بي درجات السلم خلفنا باقي العائلة تخترق مسامعي زغاريدهم وقفت علي مقربه من جمال الذي ظل كالصنم ينظر لي بتعبير وجهًا اضحكت الجموع وبعد أن فاق من شروده أمسك بيدي وقبل رأسي أخذني بين أحضانه حتي اعتصرت .كان ذلك العناق الأول بيني وبين جمال ظللت طول الحفل انتظر قدوم أبي أنتظر تلك اللحظة التي سيأتي فيها ويأخذني بين أحضانه ويخبر الجميع بوجوده أني لم أترك ابنتي ولم يهون علي أمرها . أحدث نفسي أيعقل أن لا ينسى عيد ميلادي كل عام ؟
ولكنه لم يهتم لأمر زفافي . أم أن خالي لم يعلمه
كانت تلك الفرحة دائماً ناقصة
أنتهي حفل الزفاف أنصرف بعض المعازيم امسكني جمال وطار بي بين الحضور في القاعة إلي الباب الرئيسي لم يُفلت يدى حتي وصلت إلى السيارة انذهل الجميع من طريقه خروجنا ولكني فرحت لتلك اللحظات المجنونة التي لم أمر بها يوما كنت أحدث نفسي مازالت الحياة مليئة بالشغف لعلي سأمر بتلك الأيام رفقة جمال ،استقليت السيارة رفقة جمال وفور ذهابنا رأيت أبي يقف من بعيد بجوار إحدى أركان الفندق ينظر نحوي وكأن عيونه تودعني شعرت بالحزن علي حاله فقد حرم روحه تلك اللحظات وأمر علي روحه بالبعد ولا أعرف لماذا ؟
اخرجت يدى من نافذة السيارة الوح له وداعاً حينها أبتسم ابتسامة عريضة رفع يده ملوحًا لي بالوداع ارتاحت روحي قليلاً بذلك المشهد فقد عوضت ابتسامته غياب تلك السنين .
حياة جديدة بدأتها رفقة جمال مر علينا ثلاثة أشهر سوياَ لم أجد منه غير كل خير .كان يعاملني معاملة خاصة وكأني كنز ثمين .ولكنه كان دائم الخروج والمكوث خارج المنزل كانت تطول مدة غيابه عن المنزل ل ثلاثة أيام أو أكثر كنت أجن من الغيرة يحدثني الشيطان أن هناك أخرى اخذته حتي انشغل عني .لكني كنت صابرة كما أمرتني أمي فقد اقنعتني أن ظروف عمله تحتم عليه ذلك الأمر
وما أن يعود جمال أجد له ألف سببًا وسبب لغيابه .
اسامحه من أول اعتذار وكأن شئيًا لم يكن اجد في نفسي طباع الأطفال اغضب سريعاً وارضى أسرع فهناك بعض الكلمات تمحو غضبي بل وتسعدني كثيراً .
مرت سنة كاملة علي زواجي احتفلت رفقه جمال بعيد زواجنا الأول بحضور عائلتنا فقط لعله كان يحضر لي اعظم مفاجأة في حياتي .ذلك ما ظننت هذا الوقت، اتي جمال بتذاكر سفرنا
الي فرنسا كهدية عيد زواجنا الأول اندهشت وظللت أنظر إلى التذاكر وادقق فيها متي فعلت كل هذا يا جمال ؟
كيف رتبت جميع تلك الأمور وحدك ؟
كنت احضر لتلك المفاجأة منذ أول يوم زواجنا حتي أنني رتبت جميع أمورنا هناك فالعمل في انتظارك والحياة الممتعة
سنكون سويًا يا. فاتنة واريدك أن تكوني خير السند في الغربة
اعطاني حديثه الأمل في الحياة كما زادني إصرار على مساندته في خلق حياه افضل نريدها .
لكني حملت هم أمي شعرت أن دنياتها ستتوقف برحيلي عنها .وما باليد حيلة عرضت عليها أن تأتي معي ونستقر هناك سويًا لكنها رفضت فكرة الهجرة تمامًا ارادت البقاء في منزلها والتفرغ للعبادة دون الارتباك بأمور الحياة الدنياوية على حد قولها
احترمت قرار أمي كما اني شعرت بالاطمئنان عليها بوجود خالي جوارها
شرعت في تجهيز حقائبنا .حان وقت الرحيل اخذني جمال تحت ذراعه وحمل الحقائب في يده غمرتني السعادة حين شعرت بخوفه الدائم غير المبرر فكثيراً ما يخاف جمال أن يمسني مكروه ودعت مصر مرة أخرى .
كانت الرحلة الاولي كي التقي جمال وتلك الرحلة رفقة جمال ولكن هذه المرة إلي فرنسا .
بلد السحر والجمال دائماً ما كنت أشعر برغبة السفر والخروج من مصر ولكني هذه المرة أشعر بالخوف اخشى ان افتقد تلك الوجوه وهذه القلوب اخشى ان أقابل
من يغير فكرتي عن الحياة ويجعل الخوف يتملك قلبي وغادرني أمل لقاء خالد أو رؤيته مرة أخري
هبطت الطائرة بمطار فرنسا وهناك ذرفت الدموع بغزارة وكأني تائهة عن امي
وما أن خطت خطواتي أرض فرنسا حتي شعر جسدي ببرودة جوها وتغير مناخها عن مصر
استعجب جمال من حالي .ما بكِ يا فاتنة كنتِ متحمسة لتلك الرحلة .
اشعر بالخوف يا جمال أشعر أن الأيام لن تتركني أعشها بسعادة .
لا تقلقي يا فاتنة ف أنا هنا بجوارك .
شوارع فرنسا تختلف كثيراً عن شوارع مصر لم أشعر فيها بالدفء فتلك الوجوه تبدو غريبة أشعر وكأن قلوبهم ليست حقيقة وكأنها فارغه .لم اعرف أهذا تأثير تلك الأفكار التي اتخذناها عن الغرب أو هو مجرد إحساس تملكني
جميع الشوارع يكسوها الثلج تفوح منها روائح عطرية مميزة وايضًا قوية
توجهنا إلى منزلنا بحي هادئ والجميل في ذلك الحي جيراننا العرب كان بالحي الكثير من العرب التقي جمال ببعض الجيران عند وصولنا والذي كان علي تواصل معهم عبر الهاتف منذ فترة شعرت بالراحة في ذلك الحي وشرعت في ترتيب مسكننا الجديد ولكني مكثت مدة طويلة اخشى فيها الخروج من المنزل حتي انقضى ثلاث أسابيع كان جمال يخرج يومياً للعمل والبحث عن مشفي خاص يقبل أوراقي حتي استطيع مزاولة مهنتي .
كنت أشتاق لمصر ورائحة مصر تلك الضوضاء في الشوارع هنا أشعر وكأن الحياة مرتبة جداً الي حد الملل فالوقت لديهم اهم شيء كذلك العمل وكسب الأموال .لكنهم لم يفرطوا بحقهم بالحياة فكثيراً ما يستمتعون بحفلات الرقص في الشوارع والخروج إلي المتنزهات كذلك لم يتخلوا يومً عن الشراب أتعجب لأمر هذا الشعب يكسبون الأموال فقط لينفقوها علي اغلي موديلات الملابس وافخم انواع الشراب
وأفضل العطور .هنا توجد فجوة كبيرة بين تفكيرنا نحن العرب وتفكير الفرنسيين بالأخص .لم أرغب يومً في تجربة حياتهم بل كنت أشعر بالخوف والرهبة لمجرد نزولي الشارع وكأني طفلة تائهة في شوارع مغتصبين .
فالفرق شاسع بين هنا وهناك بالنسبة إلى من تربي تلك التربية الدينية
لم اغضب من جمال كثيراً لأنه وعدني بفرص العمل المتوفرة .بل فرحت لاجتهاده في البحث عن مشفي يقبل تعيني ولم يفقد الأمل بي يومً .حتي جاء بالبشارة .
رجع من العمل يطير فرحاَ وضع مستنداته جانبًا امسكني من يدى وحملني إلي أحضانه .
اليوم يوم حظك يا فاتنة ..لقد اتاني اتصال يخبرني أن اوراقك قُبلت بالمشفى ويريدون مقابلتك من أجل التعيين
لم أستطيع تصديق الأمر ،احقًا سأشعر بقيمتي في تلك البلد كنت أشعر بالخوف والرهبة لعل العمل سيعيد لي ثقتي الغائبة
احتفلت رفقة جمال بهذا الخبر السار .طرت إلي الهاتف أخبر أمي وافرح فؤادها قابلت هذا الخبر بالحمد الكثير والشكر الكثير لله فقد كانت تخبرني يومياً إنها تدعو من أجل تلك اللحظة .كانت تقول إن لم تجدى عمل لا تستسلمي لعل الله يدخر لكِ الخير .
الان أشعر بالخير كله يا أمي ليس لقلة المال بل لأني سأشعر بالراحة والطمأنينة ففي العمل سيتبدل شعور الخوف إلي اطمئنان عند الاحتكاك بالبشر عن قرب .
اغلقت المكالمة مع امي وأنا اطير فرحة ثم تذكرت ما كانت تفعله عند تلبية دعاءها ذهبت توضأت ثم تعطرت بماء الورد وركعت شاكرة الله على فضله .اديت صلاة الشكر لله .
ثم ذهبت إلى فراشي وخلدت لأول مرة في هذا المنزل لنومًا عميق .وكحال عقلي أعاد على ذكري خالد وزاولني بأحلامي وذلك ما أسعدني أكثر وأكثر
اتي الصباح واشرقت الشمس ببرائقها اللامع في غرفتي
نهضت سريعًا اتممت تلك الأمور الصباحية واستقبلت يومي بالصلاة ثم ذهبت إلى جمال اهمس في اذنه
استيقظ يا كسول كادت الشمس أن تملئ المكان وما زلت في نوبات نومك. هل نسيت ميعاد مقابلتي؟
.
لا يا فاتنة ف ها أنا مستعد لأكون جوارك في ذلك اليوم .
اسرع جمال في ترتيب مظهره التقط بعض اللقمات الخفيفة أمسك بيدي كطفلة في أول يوم مدرسة
التقط لنا الصور التذكارية سويًا ثم ذهب بي الي المشفى وكأن دعوات أمي مجابة فلم يبعد المشفى كثيراً عن الحي الذي اسكنه .
ولكن ما اقلقني تلك الأسئلة التي طرحت علي بالمقابلة .
فلم يتساءلوا عن الشهادات أو فترة تدريبي أو ما يخص العمل بل اكتفوا بالنظر إلى الملف الخاص بي .ما ثأر قلقي هو نظرتهم إلي الحجاب قلقهم لكوني مسلمة محجبة في مجتمعهم .
اردت أن افتح ذلك الموضوع بطريقه مباشرة امامهم متغاضية عن قبولي في العمل أو لا .
وبعد لحظة لم يستطع لساني صبراً .نعم أنا مسلمة عربية محجبة أعمل طبيبة وليس لديني علاقة بعملي سوأ إني اخشى الله .
وكان السؤال كيف تخشى الله ؟
امرني ربي بالصالح والاجتهاد في العمل ووصف من يكون سبب في إنقاذ حياة شخصاَ واحد كأنما انقاذ جميع الخلق ولم يذكر أو يحدد هوية أو ديانة ذلك الشخص بل أمر من يستطيع بالمساعدة لنجاة الآخر وأنا طبيبة مهمتي إنقاذ الأرواح وإعطاء امل الجديد في الحياة أظن إني بهذا أنفع الناس بعلمي . أثبت قدراتي في مجالي كما أني اطيع الله كما أمرني بإحياء ارواحًا كادت أن تهلك .
هل ستؤدين عملك بإخلاص متغاضية عن كون المرضي ليسوا من ديانتك أو عروبتك .
نعم فهذا واجبي العلمي والديني والأخلاقي وهذا ما عهدت ربي عليه
اذا فنحن نقبل بكي بيننا فلسنا أهل للعنصرية فالعلم والطب للجميع والرحمة في القلوب ونظن أن ذلك القلب رحيم .
كم شعرت بالفرحة والفخر عند قول تلك الكلمات وددت لو اطير إلي أمي أفرح قلبها كفرح قلبي .
ولكن كان هناك جمال ينتظرني خارجاً كطفل صغير ينتظر نتيجة أول امتحان .
جمال لن تصدق ما حدث
ماذا يا فاتنة ما الذي حدث ؟
لقد قبلت سوف استلم العمل من اليوم .سأخرج من دائرة الخوف يا جمال أظن أن أيام سعدى قادمة
نعم يا فاتنة أيام سعدنا قادمة
شرعت في استلام عملي مر أول يوم عمل بتعب شديد لقد بذلت قصارى جهدي لأستطيع إثبات نفسي في ذلك المكان
لا أدرى كيف مر الليل لقد ذهبت في نومً عميق فور عودتي للمنزل حتي انني لم أتذكر مهاتفة أمي استيقظت لم أجد جمال جواري بل لم يكن بالمنزل ولكنه ترك صندوقًا كارتوني بجوار البراد يبدو أنه لأحدهم فلم يخبرني جمال بأمره .
خانني فضولي وجلست علي ركبتي أمام ذلك الصندوق اشرع في فتحه لمعرفه ما يحويه ولكن قطعني جمال بندائه
فاتنة .....
وقبل ان أفكر بالرد أسرع جمال والتقط الصندوق وكأنه يخفي سرًا
ما بك يا جمال اختفيت صباحًا باكرًا والآن ظهرت فجأة من العدم
و ما أمر هذا الصندوق ولماذا تخفيه عني ؟
ليس بالأمر شيء يا فاتنة أنه فقط ليس لنا لذلك لا يجوز فتحه فهو أمانة
اذا لمن هذا الصندوق ولماذا أتيت به هنا ؟
سأخبرك لاحقاً يا فاتنة الآن يجب أن أذهب
إلي أين يا جمال فلم تتناول فطورك بعد ،ولم تسألني كيف مر يومي الأول بالعمل ؟
ليس الآن يا فاتنة سنتحدث لاحقًا
اخذ جمال ذلك الصندوق في أحضانه ورحل مسرعاً يبدو بحال سيء ترتعش يداه كملاكم مهزوم يبدو أنه متوترًا.
تغاضيت عن حاله المفاجئ هذا.
ارتديت ملابسي وهرعت إلي المشفى.
لا أريد أن يؤخذ عني انطباع الاستهتار من أول يوم .
اكأد أمسك السحاب بيدي كلما نادوا اسمي دكتورة فاتنة
انجزت عملي وفي نهاية اليوم تفاجأت بطلب لمد فترة عملي من مدير المشفى لم اندهش لطلبه هذا رجحت ذلك الأمر أنه يريد تجربتي في ضغط العمل أمسكت هاتفي وشرعت في الاتصال بجمال أخبره الأمر .
وبعد قليل أجاب
ما الأمر يا فاتنة اهناك شيء ؟
لا لا فقد طلب مني مدير المشفى مد فترة العمل حتي وقت متأخر من الليل .
لا عليكِ أنا أعرف ابقي حتي الصباح .
تعرف ! ماذا تعرف ؟
أعرف أنهم سيختبرونك تحت ضغط العمل لذلك توقعت هذا
اقنعني جمال برده
اغلق الخط قبل ان ألقي عليه تساؤلاتي . أين هو ، لماذا يبدو عليه مرتبكًا ؟ولماذا تجاهل الأمر هكذا ؟ايضا طلب مني البقاء حتي الصباح .
لم أصدق الأمر أهذا جمال .
ولكني تغاضيت لأستطيع إكمال عملي .
لم أكن أعلم أن الأمر سيتكرر للمرة الثالثة
وأن الصدفة ستجمعني به مرة أخرى بدون تدخل سوأ للقدر، و شعرت شعورًا مريب فور رؤيتي خالد يقف في ردهة المشفى أمام إحدى غرف الرعاية .هرعت إليه لأتأكد إن كان هو حقًا ام تخونني عينيا .
اقتربت أكثر حتي تأكدت منه فلم أنسي ملامحه بعد تلك السنين، نعم إنه هو خالد لم اتمالك نفسي هذه المرة اقتربت منه كثيراً .
وظهرت أمامه فجأة لم اندهش أنا هذه المرة ولكن بدت ملامحه متسائلة يريد قول شيء ولا يستطيع .
حتي نطق أخيراً
انتِ ؟انتِ ماذا تفعلين هنا ؟لماذا كل مكان ودائماً متذكرًا ملامحك .
في تلك اللحظات شعرت بالفرح لأنه مازال يتذكرني .
اجابته بغير اهتمام . أنا طبيبة هنا .
نعم نعم اعلم انكِ طبيبة .اقصد منذ متي ولماذا ؟
لم أجد إجابة لتلك الأسئلة ولكني اردت خلق حديث معه .
انا اتذكرك جيداً فلم تخوني ذاكرتي. كذلك صرت اشتم رائحة العرب عن بعد والاخص المصريين .
صمت خالد قليلاً يبدو مرتبكًا بعض الشيء
ما الأمر لماذا أنت هنا ؟
انا هنا رفقة ابي لقد اصيب بجلطة دماغية وتدهورت حالته ونصحني الأطباء باللجوء إلي مشفاكم ..
وكيف حاله اليوم ؟
لقد تحسن كثيراً ويرغب في العودة إلى مصر .
ابتسمت حين ذكر خالد مصر
وأنا كذلك أريد العودة إلي مصر أتعلم ليس لها مثيل
نعم أعلم ذلك ،ولكن ما أعلمه أن بكل مرة أفكر فيكِ اراكِ أمامي وكأنكِ إحدى الجنيات فمنذ المرة الأولى بمشفى القاهرة منذ أعوام طويلة لم تفارقني صورتك وبالحرم أيضًا والآن هنا
ابتسمت لحديث خالد واردت أن أتساءل عن الصليب الذي وشم على يده
أشارت إلي يده متسائلة ذلك الصليب على يدك
وقبل ان أكمل حديثي معه سمعت أحدهم ينادى باسمي لمتابعة احدي حالات الرعاية .
لم استطع توديعه ظننا مني في رؤيته مرة أخرى استأذنته بالذهاب ثم توجهت ل إكمال عملي
سأعود ثانية لاطمن على أباك هز خالد رأسه بنعم
وذهب إلي حيث غرفة أبيه
خالد؟ أين كنت يا بني ؟
هنا بالخارج يا أبي أنتظر أن يأتي الطبيب واتحدث إليه قبل خروجنا .
وهل اتي الطبيب ؟
لا كانت طبيبة ولكنها رحلت سريعًا اتعلم يا أبي لقد رأيتها للمرة الثالثة دون معرفة أي شيء عنها
من يا خالد ! من تقصد؟
تلك الطبيبة لقد رأيتها بالمشفى بمصر كذلك بالحرم والآن هنا .
اتعرف اسمها ؟
لا لم اسألها ولم اشأ لعلها تسوء الظن بي
لا عليك ،أ تدرك يا خالد أن فاتنة أيضاً طبيبة
ادرك يا أبي ولكنها بمصر . أتعلم أريد أن أراها يا ابي لأعلم إن كان وصفك لها منصفًا لها أم لا .
ستراها يا خالد ستراها
.
مر من الوقت ساعتين أنجزت فيهم عملي شعرت ببعض التعب والاجهاد وجلست استريح قليلاً .
تناولت فنجان قهوه ثم نظرت إلي هاتفي لم أجد اتصالات من جمال اندهشت قليلاً فعادته القلق الزائد وكان كثير الاتصال .
حاولت الوصول إليه ولكن هاتفه مغلق بررت ذلك بتعبه في العمل وخلوده للنوم .
ارادت مساعدة خالد كذلك إرضاء فضولي ومعرفة سر الصليب علي معصمه و وجوده بالحرم .
انهيت قهوتي وتوجهت إلي الطابق حيث يوجد خالد بحثت عنه في جميع الغرف فلم أجده أين ذهب فجأة .
لم أستطيع السيطرة على فضولي وذهبت إلي إحدى ممرضات الطابق .
كان هنا عربي يدعي خالد رفقة أبيه .
نعم نعم
اين ذهبوا .
لقد تعافا والده بشكل جيد واذن له الطبيب المعالج بالانصراف بعد الاطمئنان عن حالته .
أتعانين أنهم ذهبوا ؟
نعم منذ ساعة أو أكثر
غضبت بل غصبت كثيراً أين ذهب لماذا تجمعنا الصدف وتفرقنا سريعاً
وكأنه طيف وليس بشري كيف سألقاه ثانية
.لعلها مشيئة الله يريدني الا اتعلق بما يغضبه نعم هو الله من يريد ذلك ويدبر لي الأمر .
الآن .
مر وقت العمل اتي الصباح انهيت عملي وتوجهت إلي المنزل لم يأتي جمال ولم يتصل علي غير عادته شعرت أن بالأمر شيء واسرعت إلي المنزل .
فتحت الباب برفق خاشية أن ايقظ جمال
ولكني رأيت أمر غريب كان على الطاولة ثلاثة أكواب شاي وبعض الاوراق والخرائط اندهشت قليلاً من بالمنزل فجمال لا يحب الاختلاط كما أنه يمنع دخول أحد منزلنا ولمن هذه الخرائط وعمل جمال ليس في هذا المجال فهو محاسب ما شأنه بالخرائط .
جمال يا جمال ؟
فاتنة اتيتي؟
نعم أين أنت .
انا هنا بالداخل يا عزيزتي .
ما بك يا جمال لماذا تنام على الأريكة ولم تأتي ولم تحاول الاتصال . ولمن تلك الاكواب ولماذا تنام هنا؟
هشش ليس كهذا يا فاتنه خذي قسط راحة من الأسئلة .
ولكن جميعها تنتظر الإجابة .
فاتنة بالأعلى أحد زملائي بالعمل أتاؤ لقضاء ليل أمس معي شعروا بالتعب وخلدوا للنوم .
زملاء عمل ؟اذا لمن الخرائط ؟
اي خرائط تقصدين ؟
هنا أعلي الطاولة
لعلها خاصتهم يا عزيزتي لا شأن لنا الآن اذهبي إلي القبو حتي يرحلوا .
ماذا ؟ ولماذا القبو يا جمال
تعرفين يا فاتنة لا أريد لأحد أن يختلط معاك بالحديث فتكوني مجبرة علي الرد
الآن إلي القبو سأصعد ايقظهم ثم يحملون اشياءهم ويرحلون .
دون تردد نفذت نصائح جمال نزلت إلي القبو انتظر خروج اصدقاءه الذين لم يرغب جمال في رؤيتي لهم .
لم انتظر قليلاً .فبعد دقائق نادا جمال باسمي أخبرني ان اصعد فقد راحلوا .
جمال ما بك أستطيع أن أرى بعض الأمور تتغير في شخصيتك هل أنا على حق .
نعم يا فاتنة فقد تغيرت كثيرا لعلي أدركت الأمور جيداً ان ما أنا علي وشك فعله يا فاتنة سوف يغير كثيراً ليس بحالي فقط بل بحال الكثير الأمر ليس تلك الحياة الروتينية المملة التي نعيشها بل سنزيد من انفتاحها سوف يدرك الكثير من نحن وما هي قيمتنا الحقيقة .
الغاز يا جمال جميع احاديثك لما أعد أستطيع فهمها سأخلد إلي النوم ثم أعود لإكمال تلك الحياة الروتينية المملة .
ألن تتواصلي مع أمك كررت الاتصال كثيراً .
نعم ولكن بعد أن أستيقظ .
فأنا مهلكة من التعب
لم أستطيع النوم سوأ بعد معاناة طويلة مع عقلي
فزت في نهاية الأمر واجبرته علي الخلود للنوم هاربة من التفكير في أمر خالد .لأجده شريكي في حلمي .لم أريد أن استسلم لتلك الاحلام أو الاهتمام بأمره والتفكير فيه استيقظت بعد ساعات قليلة أشعر بصداع أثر الإجهاد ذهبت إلي هاتفي التقطه وشرعت في الاتصال ب أمي .
اسرعت بقبول المكالمة لعلها جالسة بجوار الهاتف تنتظر اتصالي
امي!
فاتنة يا قرة عيني وفؤادي أ يهون عليكي امري تلك المدة لم تتصلي .
اسفة يا أمي أنه العمل الجديد أخذ وقتي بل وتفكيري ولكن قلبي مازال عندك يا حبيبتي.
اريدك ان تثبتي مكانتك في العمل لعلي اراكِ قريباً بقنوات التلفاز.
ضحكت قليلاً من حديث أمي وحماسها الزائد ايقنت أنها لا تريد احداَ أفضل مني .
هنا العمل خلف الاضواء يا أمي يكفيني فقط أن اشغل وقتي في مهنتي والاطمئنان عليكِ
طال الحديث بيني وبين أمي حتي انقضت ساعات الراحة وات وقت العمل من جديد اغلقت المكالمة ثم نظرت في الساعة تأخر الوقت ولم يأتي جمال كذلك هاتفه مغلق .ظللت انتظر عودته حتي وقت متأخر دون فائدة . التقطت حقيبتي وترك له ورقه معلقة بباب البراد ثم ذهبت .
لم أستطيع العمل ذلك اليوم تفكيري مشوش دائماً أنظر لهاتفي لم أجد اتصال من جمال .ولم أستطيع تفسير الأمر فهاتفه مغلق .
شعرت ان الجميع انتبه لشرود عقلي اغلقت الهاتف واكملت العمل ..
مرة أخرى عدت للمنزل لأجد جمال منشغلاَ بالحديث مع اشخاصًا غرباء . أسرع نحوى وكأنه يخشى ان أراهم .
فاتنة عليكِ النزول للقبو حتي يمروا .
من هؤلاء يا جمال كثر وجودهم بالمنزل وكثرت مرات نزولي للقبو ما الأمر .
لا أريد أن يراكِ أحد يا فاتنة
نزلت إلي القبو تلك المرة غير مقتنعة بحديث جمال ولكني أردت معرفة الأمر وقفت عن قريب خلف باب القبو اراقب من هؤلاء؟ الذي يخشى جمال أن يراني أحدهم .
انهم رجلان يبدو من ملامحهم أنهم عرب ولكن حديثهم أخبرني بعدم عروبتهم فلغتهم العربية ضعيفة يرتدون الزي الإسلامي في نظرهم العباءة القصيرة أسفلها البنطال مطلقين لحيتهم يحملون حقائب صغيرة علي أكتافهم
تساءلت لروحي من هؤلاء ومن أين لجمال معرفتهم ؟
اصعدي يا فاتنة لقد ذهبوا
من هؤلاء يا جمال ؟
شركاء العمل يا فاتنة
كيف لشركة فرنسية أن تثق في مثل هؤلاء لعلهم نعتوهم بالإرهابين أو المتطرفين فالعالم هنا يصدر حكمه بالمظاهر وهم ينسبون ذلك الزى إلي المتطرفين .
ليسوا بالشركة يا فاتنة
اذا أي عمل هم شركاءك به ؟
ارغب في إقامة مشروع خاص هنا بباريس ولكني ادرس الأمر جيداً
اهذا سبب انشغالك تلك الأيام الماضية ؟
نعم نعم يا فاتنة .
انهى جمال حديثه معي سريعاً ورحل .مرت الأيام وزاد جمال في الانشغال بل اصبح يمكث خارج المنزل اياماَ كثيرة مبرراً ذلك بالعمل .زادت عصبيته علي اتفه الأمور لم يكن باللين الذي عهدته عليه سابقاً تغير إلي شخص آخر يصدر الأوامر فقط .وينتظر تنفيذها
صار الحديث معه دون فائدة فالوقت الذي يأتي فيه للمنزل مقتصراً فقط لراحته .
تغير أيضاً شيء داخلي نظرت إلي تلك الحياة بشفقة فلم أعد أرغب فيها فالوقت يمر في العمل سريعاً واعود إلي منزلي اخلد للنوم أشعر وكأني لست بشر أين شغف الحياة الذي كان ينتظرني رفقة جمال ؟
لم استطع ايجاده ولم اجهد نفسي بالبحث عنه كثيراً .فقط استسلمت لتلك الحياة الروتينية .
وفي ليلة باردة كست الشوارع بعض الثلوج اطفأت اضواء المنزل وذهبت إلي فراشي كانت تلك أولي الليالي التي افتقد فيها أمي حقاَ، تغلبت علي ذلك الاحساس وخلدت للنوم وبعد ساعات استيقظت علي طرق أحدهم لباب المنزل .
من الطارق الآن أيعقل أن يكون جمال ؟
لا فهو يملك نسخته من المفاتيح . إذن من الطارق الآن .
ارتديت سترتي واسرعت بالنزول إلى الطابق السفلي أقف خلف الباب استمع دقاته .
حتي سمعت صوت جمال .
فاتنة أنا جمال افتحي ذلك الباب سريعاً .
اسرعت بفتح اقفال الباب تفاجأت ب جمال يقف أمامي مستنداَ به أحد الرجال .. يبدو بحالة مرضية .وفور دخوله إلي المنزل واستراحته إلي الأريكة وجدت ملابسه مشبعة بالدماء كذلك جمال .
وفُزع قلبي وصحت في وجه جمال
ما الأمر يا جمال من هذا ؟وماذا أصابه ؟
ليس وقت أسئلة يا فاتنة هو مصاب الآن قومي بإسعافه وسأخبرك بكل شيء لاحقاً
لم أستطيع أن أقف أمامه مكتوفة الأيادي أسرعت إلي غرفتي وأتيت ببعض الإسعافات الأولية أخرجت من جرحه بعض شظايا النيران أدركت أن بالأمر شيء ولابد من معرفته أنهيت عملي معه وأغلقت ذلك الجرح وتركته يرتاح بعد ذلك النزيف الذي جعله يخسر الكثير من الدماء .
جمال الآن لابد أن أفهم كل شيء وأين كنت تلك الفترة
انه أحد أصدقائي يا فاتنة ولكنه تشاجر مع أحد الفرنسين كاد الشجار ان يودى بحياته لولا مساعدتي له .
ولماذا لم تأخذه للمشفى تلك الأمور لابد من إخبار الشرطة بها أتعلم ماذا سيحدث ان لم يتحسن ؟
اعلم يا فاتنة ولكني أثق بكِ كما أني أعلم أن الأمر سيتصاعد إن ذهب للمشفى والاكيد سيتم ترحليه من البلاد ويخسر عمله .
انت تدرك كل شيء ولكنك لا تدرك ما حل بك منذ أشهر فلم تعد جمال الذي عرفته سابقاً .
فاتنة ليس لصرصرتك حدود الآن عدت متعب أرغب الراحة والسكينة يجب عليكِ أن توفري لي تلك الراحة .
الان صرت مثل غول زادت رغبتك في التهام فريستك كأنك جاع منذ أعوام متغاضياَ عن أي شيء .
اتلك الحياة التي وعدتني بها لم اعد أرغب في تجربتها يا جمال أريد العودة إلى مصر .
كفاكِ يا فاتنة فالمرأة الصالحة مكانها جوار زوجها مستنداً إليها لتخفف عنه أعباء الحياة وليس لتزيد همومه
وماذا عن حق تلك المرأة الصالحة أتدرك كم عدد المرات التي احتاجت اليك فيها ولم أجدك يا جمال
تلك الحياة التي وعدتني بها يا جمال لم نعيشها يومً
أين ذهب لين قلبك اصرت حاد القلب كحال الغربة ؟
ألم تلاحظ تغير حالك يا جمال .؟
كفي يا فاتنة زاد الأمر فوق طاقتي ولم أعد أستطيع أن أكمل هكذا .
مازال حديثك ألغاز يا جمال .
لم تشعرين بكم القهر الذي عشته ولا عدد النظرات المحتقرة التي نظر المجتمع بها لي فقط لكوني مسلم مسالم يفسرون أن تلك مجرد حياة مزيفة ودائمًا ما نخطط لهم شيء يحتقرون وجودنا في هذه الدنيا رغم كوننا أصحاب الحق والقوة فيها .
أيعقل أن يكون ظني صحيح؟
هل لجأت إلي مزيفين الدين يا جمال هل انسقت خلف حديثهم الكاذب وتبريراتهم للعنف هل إحساسي صحيح يا جمال
لا وقت للحديث يا فاتنة علينا الذهاب الآن
إلي أين يا جمال ؟لن ابرح مكاني قبل أن افهم ما يدور حولي .
إن بقيتِ هنا أما ستسجنين أو سيقتلونك يا فاتنة
لماذا يا جمال لماذا؟ .ومن هما؟
ليس هناك وقت يا فاتنة سيبقى عبدالله هنا وسيأتي أحدا في الصباح للاعتناء به أو أخذه ولكن نحن يجب علينا الرحيل الآن
لم اعد افهم يا جمال هل رتبت لتلك الرحلة سابقًا ؟
نعم يا فاتنة منذ فترة وكان الأمر مدبر عليكِ بالإسراع الآن
ماذا أفعل كيف اتصرف لم أستطيع التفكير شل عقلي وتحجر جسدي العمل والحياة هنا وفي مصر غادرنها اصبحنا علي شفع حفرة من نار لم استطع جمع جميع اشيائي أخذت فقط اللازمة منها ولعل أولها البوم الصور الذي يجمعني بأمي وأبي أحزنتي تلك الصورة التي وقعت من الألبوم ولم تراها عيني اختفت بمكان ما
أ سنترك هنا يا جمال ؟
نعم والآن
لماذا لا نعود إلي مصر ؟
هناك عمل مازال ينتظرني لابد من إكماله
بأي بلد ينتظرك العمل هذا يا جمال ؟
بإيران
ماذا! إيران ؟
لا أرغب في السفر إلي إيران يا جمال لا أرغب في الذهاب إلي المجهول
لا تقلقي يا فاتنة الحياة هناك مختلفة عن فرنسا لا اجتهاض ضد المسلمين فالجميع مسلم كذلك ستعرفين أشخاص جديدة ستعرفين من خلالهم أمور كانت غائبة عنك وستعرفين كيف تقدمي المساعدة لإخوانك المسلمين ألم ترغبي يومً في نصرة المسلمين هناك نستعد لجهاد الحق ضد الظلم ضد الفساد لابد أن تقدمي المساعدة .
بعد تلك الكلمات شعرت كأني في ساحة المعركة ولا ادرك أيهما علي حق .
احقاَ انضم جمال إلي المتطرفين أيعقل أن يتم غسيل افكاره ومعتقداته بهذه الطريقة .
لا يا جمال لن أذهب قبل أن أعرف اتلك الجماعات متطرفة يقتلون باسم الدين اهم من ينشرون الخوف بين النفوس باسم الدين اهم من يحللون قتل بعض البشر لإعلاء رايتهم والإعلان عن وجودهم.
لا يا فاتنة فهم يسعون لتحرير الأراضي من الظالمين والفاسدين والكفرة يرغبون في نشر شريعة الإسلام وسنة الرسول ولكن تلك الحقوق سُلبت منا بالقوة حتي ظنوا أننا ضعفاء فلابد من استرداد حقوقنا بالقوة أيضًا وإظهار قوتنا لهم فنحن من سيعيد العدل يا فاتنة نحن من سيحكم بالشريعة . فتلك الجماعات هما بشر مثلي ومثلك يخافون الله ورسوله يسعون إلي اصلاح الفساد الذي انتشر بين النفوس يسعون إلي إعلاء راية الإسلام كذلك تحرير رقبة المسلمين من أعداءهم اللذين استغلوا كلمة الإسلام ليجعلوا منا قتلة بعيون العالم
اهكذا اخبروك يا جمال ، اهكذا قاموا بتغيير أفكارك ومعتقداتك
لا أظنهم كذلك يا جمال فالجميع يطمع في الحكم فالجميع يرغب في السلطة وجاه السلطة ولكن لكلاَ منكم طريقته الخاصة
هم يضحون في الخفاء ويعلنون الانتماء وانتم تضحون في العلن وتشوهون الاسلام
لا يا فاتنة ستدركين الأمر الصواب هناك وإلا ستعودين إلي القاهرة فلن اجبرك على الاستقرار بإيران
وانت يا جمال الن تعود معي؟
لم اعد أستطيع ذلك .ولكن الآن لابد أن نذهب حتي نستطيع اللحاق بميعاد الطائرة وإلا هاجمتنا الشرطة الفرنسية وإن حدث ذلك سيتم تصفيتنا على الفور
خرجت مضطرة رفقة جمال أحمل بعض الحقائب يبدو علي وجهي التوتر ولكني أستطيع السيطرة على أعصابي لماذا أهرب ؟فلم أفعل شيء أيعقل أن أرمي بتلك الحياة أرضًا وانساق خلف حديث كاذب ولكني مضطرة فيجب علي طاعة جمال حتي أصل معه نهاية المطاف حتي لا اكون ناشذ في عيون المجتمع .ذلك ما أخبرتني به أمي مراراً وتكرارًا
مرت ساعات المطار المرعبة كاد قلبي يخرج من جسدي ولكني الآن اخط أولي خطواتي علي أرض إيران بعد ساعات بالهواء لا أعرف إلي أين سأذهب فقد جمال ثقته داخلي بل وأصبحت أشعر بالخوف منه وعليه .
وكانه كان يدبر الأمر منذ مدة فالسيارة في انتظاره خارج المطار امسك جمال بيدي وذهب إلى إحدى السيارات يقف أمامه رجل ببشرة سوداء غليظ الوجه طويل القامة لم يحرك ساكنًا
فتح جمال باب السيارة وجلست في الداخل أنظر حولي تحدث إليه جمال ببعض الكلمات واستقلينا السيارة وانطلقنا إلي أين؟
لا أعرف إلي مجهول ينتظرني
كنت أرغب في حياة السفر والترحال وليس في الهرب والخوف
ساعات أخرى علي الطريق ودعنا الشمس في آخر اليوم واتي الظلام مرة أخرى ومازلنا في الطريق .
حتي صرنا. بمكان مهجور اشبه بالصحراء بها بعض البيوت الصغيرة بجوار بعضها البعض والكثير من الاغنام في الجوار كذلك الجِمال، هدوء ذلك المكان ارعبني حقاَ بقيت بالسيارة حتي نزل جمال وتحدث إلي أحدهم ثم بالهاتف .واتي تجاهي .
لماذا ما زلتِ هنا؟
والي أين سأذهب؟ فلم ترشدني
لا عليكِ اعلم أن اليوم شاق بالنسبة لكِ .
هنا منزلنا مجهز بالكامل لن تحتاجي شيء
اشار جمال إلي احد المنازل الصغيرة بالجوار يشبه ذلك المنزل .منزل احلام الفتيات بالمراهقة ملون من الخارج باللون الأخضر وحوله الكثير من الورود البيضاء والشجيرات الخضراء جميع المنازل هنا بساحتها الخارجية ورود متنوعة . تحرك داخلي ذلك الحنين إلي سن الحادية عشر كنت أرغب فيه بذلك المنزل ولكني لم استطع يومً تميز من أرغب أن يشاركني بالمنزل .. اتجهت إلي المنزل خلفي جمال يحمل بعض الحقائب يساعده السائق في صمت وقفت امام الباب أتساءل أين مفتاحه .
حتي ظهرت أمامي إحدى السيدات بجلباب اسود طويل ونقاب سوداه كالليل قاتم تمد يدها تجاهي تحمل بها مفتاحًا نظرت إلي عيونها هزت برأسها نعم .
مددت يدى التقطت المفتاح من يدها وتوجهت إلي الباب فتح أمامي عالم آخر .
تذكرت منزلي قديمًا فما ينقص هذا المنزل أمي فجدرانه بيضاء كمنزلنا معلقًا به آيات القرآن فقط مقاعده قديمة مهلكة كحال منزلنا قديمًا أفرغت ما في يدى وجلست أرضًا ابكي أغلق جمال الباب من خلفه وجلس إلي جواري يمسح دموعي ويحتضني بصدره أشعر وكأنه غريب لم أعد أشعر بالاطمئنان قربه انتفضت من جواره إلي أحد الأركان أصرخ في وجهه
اريد العودة يا جمال أريد الذهاب الى مصر
تحملي يا فاتنة فلولا وجودك إلي جواري لهلكت
ما الذي اتي بنا إلي هنا يا جمال ؟
لم يجيب جمال بل اتات الإجابة من أحدهم اقتحم المنزل فجأة شخصًا بالسن المتوسط كحال الأربعين يرتدى عباءة سوداء يمسك بيده احدي العصا ليس عجوزاً فلماذا يمسك بالعصا .
انا سوف أخبرك ما الذي اتي بكم هنا .
جمال رجلنا منذ أعوام اسدنا الغائب وها قد عاد الأسد الي عريانه .
من انت ؟وكيف تقتحم منزلنا هكذا ؟ورجل من جمال ؟لم أستطيع فهم شيء
سأخبرك من أنا فأنا (المصطفي )أبو الخير أمير تلك المنطقة وهذا المنزل ملكي وجميع تلك المنطقة تحت امري املك جميع المفاتيح. لمنزلها .
اما عن جمال فهو ذراعي اليمين لم نستطيع المضي دونه
من انتم ؟
نحن الأنصار مهمتنا رد الحقوق إلي أصحابها والأخذ بالثأر لجميع المسلمين ممن ينتهكون حقوقهم الكفرة ويستضعفوهم .
وما دور جمال معاكم ؟
جمال صانع النار فهو من يبث الخوف في قلوبهم يستطيع بلمسة من أنامله تحويل أي شيء إلي قنبلة تقضي علي أعداء الله .
اذن جمال يصنع المتفجرات لجماعتكم .
يقتل أنفاس حرم الله قتلها يساندكم في طغيانكم
والتفت إلي جمال بوجه غاضب ثائر
منذ متي يا جمال وأنت تبيعهم
واجاب أبو الخير بدلاً عنه
لا عليك يا جمال سوف أخبرها فلم يعد الأمر كالماضي فهي الآن زوجتك وعليها لك السمع والطاعة فجمال رجلنا منذ ثلاثة أعوام ويزيد شهرين يعمل معنا بقلبه وإخلاصه حتي أنتِ تستطيعين تقديم المساعدة
انا!
كيف؟
هل يجب أن أحمل سلاحًا وارهب بعض البشر من العامة والضعفاء ؟
لا ليس هكذا فالأخوة في باريس أخبروني كيف تعاملتِ مع جرح عبدالله بحكمة حتي أنه استعاد وعيه
الآن ما ستقدميه هنا لن يكون مختلف عن عملك سوف تعالجين وتسعفين المصابين والمرضي بالمعسكر أظن هكذا لا تستطيعين رفض مساعدة من يوشك على الموت فالكثير يعود من ساحة المعركة بجرح بسيط لكننا نفقده لسوء التعامل مع ذلك الجرح الآن بيننا طبيبة تستطيع تقديم المساعدة الطبية للأخوة بالمعسكر وفي ساحة المعركة .
تسرع جمال بالرد وكأنه أبيه الذي يخشى غضبه نعم يا شيخ أبو الخير ستقدم فاتنة المساعدة دون الاهتمام لأي شيء آخر
ما أود فعله هو العودة إلى مصر ونسيان كل هذا
الان أنتِ تحت امرتنا يجب عليكِ الطاعة فانتِ زوجة أحد القادة فلا يجوز لزوجة القائد أن تنحرف عن السير معه وسيكون لكِ شأن كبير بيننا
خرج أبو الخير أغلق الباب خلفه وما زلت مصدومة لا استطيع تفسير ما سمعت
احقا أنت يا جمال ذلك الشخص الذي رأيته يسجد بالحرم يبكي طمعًا في رضاء الله وقبول عمرته احقاَ أنت من كان يساعد المحتاجين هناك ؟اليوم تصنع بيدك ما يفنيهم ويفتك بهم .
انت قاتل وزوجتك طبيبة كيف هذا أنت تسلب الروح منهم وأنا أساعد في تطيب جراحهم أيعقل أن أكون دوايت شخصًا أنت سبب في جرحه ونزيفه
فاتنة أنا لن اكون سببًا في قتل روح بريئة يومً بل أساعد فقط
أساعد في تطهير بعض البلاد من المحتالين الطامعين فيها ويريدون إذلال أبنائها فقط نحاربهم بالطريقة الصحيحة التي تخشى حكومتنا العربية تنفيذها عليهم مما جعلنا ضعفاء أمامهم هم يخشونا لأنهم يدركون أننا علي حق يا فاتنة نحن علي حق ففي الغد سوف تنضمين الي بعض السيدات وستدركين ما أقوله، الآن أنا متعب سأخلد للنوم .
ها يا فاتنة جواز سفرك ابقيه معاك دائمًا أنا لم امنعك الرحيل ولكن رحيلك سيكون بمثابة افتراقنا أما إن أصابني مكروه ولم أعود من أي معركة عليكِ فوراً مغادرة إيران والرجوع إلي مصر
ذاق قلبي معني العذاب بتلك الكلمات شعرت حقاَ بحب جمال لي ولكني آسفة علي ما وصل به الحال أرغب في أن يسترد عقله ولكن الأمر صعب .لذلك حدثتني روحي أن أظل إلي جواره حتي أستطيع العودة به إلي مصر وتغير أفكاره
جمال !
نعم يا فاتنة
اريد إجابة لتلك الأسئلة داخلي
أي أسئلة ؟
هل زواجك مني جاء بغرض المصلحة وخدمة هؤلاء الناس ؟
لا يا فاتنة فأنا أحبك حقًا ولم يسبق لي حب أحد غيرك
وفرنسا ؟وتخطيطك لسفرنا إلي هنا ؟
عذراَ يا فاتنة تلعبت بك فقد كان الأمر مدبرا لأجل ذلك اليوم كنت اخطط للسفر إلي فرنسا بغرض تأدية بعض المهمات هناك ولكنك أفسدت الأمر عندما احتللتِ ذلك القلب أخترت أن نكمل طريقنا سويًا
ولكنك لم تخبرني الحقيقة يا جمال لم تترك لي حق الاختيار في تلك الحياة
الامر مازال أمامك يا فاتنة ولكن ارجو منك التأني في الاختيار ومعرفة الحقيقة قبل أن تتخذي قرارك .
لم أجد كلمات للرد علي حديث جمال فما زلت في صدمة مما يدور حولي شفع له حبي في قلبه أردت معرفة حقيقة تلك الجماعات عن قرب ولكن دون التأثير بأفكارهم
مر الليل ونحن في صمت واشرقت الشمس في منزلي الجديد أشعر وكأنها تشبه شمس مصر صوت الأطفال في الخارج يذهب بي إلي ذكريات الطفولة والروضة ارتديت حجابي وفتحت النافذة ببطء استرق النظر إلي شوارعهم الضيقة يختبئ بها الأطفال من بعضهم الآخر
نساءهم كثيرون .جميعهم يرتدون جلباب اسود طويل ونقاب يخفي جميع ملامحهم حتي العيون لا أعرف كيف يميزون بعضهم الآخر ولكن أصواتهم مميزة يعلنون بها رقتهم وانوثتهم الطاغية امتلكني الفضول لمعرفتهم عن قرب .
ارتديت جلباب أسود تُرك في دولابي واسرعت للخروج خلفهم
استيقظ جمال علي صوت تحركي بالمنزل راني أستعد للخروج
الي أين يا فاتنة؟
اريد ان استكشف المكان
اذا انتظرني استعد واتي معاك
لا هذه المرة لا اريد تزيف للحقائق اريد معرفة الأمر بنفسي.
لم أهتم لرد فعله واسرعت في الخروج خلف النساء .اتبع خطواتهم من بعيد كانوا يشعرون بي ولكن لم يلتفتوا .
حتي وصلوا إلي منزل كبير يطلقون عليه قصر النسوة .
لم يشعروني بأني غريبة بينهم بل دخلت خلفهم وقفت في منتصف المنزل انظر يمينًا ويسارًا وانظارهم متوجهة نحوى كشفوا جميعهم النقاب عن وجوههم ومنهم من قام بخلع الجلباب الأسود افلت ذلك الجلباب عن اكتافي وتحركت في المكان استمع إلي حديث بعضهم ولم أستطيع تفسيره .ولكني سمعت بينهم لسان عربي تجولت قليلاً في المكان لأستطيع الوصول إلى صاحبة الصوت
حتي رأيت من بعيد بعض النساء مجتمعين حول بعضهم البعض
جميعهم يتحدثون العربية دون غيرهم ولكن ليسوا مصريين .
وقفت أمامهم كالصنم لا احرك ساكناً فقط استمع لحديثهم
لافت انتباههم بفضولي عليهم أتت نحوي أحدهم شعرها أسود داكن طويل قليلاَ عيونها واسعة شديدة السوداء وجهها كبياض الثلج .
وقفت امامي مبتسمة .
انتِ فاتنة صحيح ؟
اندهشت قليلاً كيف لها معرفتي وقد أتيت أمس .
نعم فاتنة
اهلاَ بكِ، أعلم انكِ طبيبة ماهرة فقد أخبرنا الشيخ أبو الخير بقدومك منذ مدة وأمرنا جميعاً بحسن معاملتك.
لا يعرف أن النساء لا يريدون توصية علي بعضهم البعض .
امسكت يدى سحبتني خلفها
هيا سأعرفك علي الجميع هنا
اوقفتني في منتصف جمعتهم ونادت في الجميع .
يا نساء لقد اتت الطبيبة فاتنة رحبوا بها جميعكم وستعرفكم جميعاً لاحقاً
رحب بي الجميع
دقائق وانفض الجمع من حولي وهدا المكان وعاد كلا منهم إلي ما كان يشغله
عرفني الجميع وسأعرفهم بحكم عملي لاحقًا ولكن يجب معرفة من عرفتني من النظرة الأولى
انا عزيزة الخليل .
من أين يا عزيزة ؟
هنا الجميع أخوة لا يهم من أين أتيت ولكني سأخبرك أنا من سوريا .
استنتجت ذلك لحسنك وجمالك الطاغي قد رسم سحر الشام داخل عيونك
الجميع يقول ذلك ولكن قد أتت فاتنة سيدة الحسن والجمال ابنة النيل
لم أشعر بالراحة في ذلك المكان إلا عندما تحدثت إليكِ
الا تخشين أن أكون كالجميع منافقة أظهر لكي مشاعر مزيفة .
لا أظن ذلك فليس بيننا مصلحة لتصيري منافقة معي .
قطعت حديثنا إحدى السيدات بندائها
هيا يا عزيزة طالت خرجتنا يجب علينا الرجوع ارتدت عزيزة جلبابها واسدلت النقاب علي وجهها وزادت جمالاً في نظري
اذهبي فأنا آتية خلفك
زادني الفضول لمعرفة إلي أين هي ذاهبة.
الي أين يا عزيزة ؟
الي منزل شيخي أبو الخير فاليوم هو يومي .هيا معي سنتحدث في الطريق .
شعرت وكأن عزيزة تبتعد عن جموع النساء تلتفت يميناً ويساراً قبل التقدم رفقتي اختلينا في الطريق سوياَ انتهزت الفرصة وهمست في اُذني
ما الذي أتي بكِ هنا ؟
ماذا ؟انه زوجي
عليكِ الهروب في أقرب فرصة ولكن كوني حريصة
لم افهم ا تلك نصيحة ام تحذير .
لم تستطيع إكمال حديثها أخذتها إحداهما ورحلت
وقفت أمام المنزل مشتتة التفكير ماذا أفعل تمنيت لو تعود الأيام وارفض السفر إلي فرنسا تمنيت لو لم ألتقي جمال ذهبت بالتفكير إلي المشفى بفرنسا والمدة القصيرة التي قضيتها هناك تذكرت أمي وخالد الذي لم يفارق ذاكرتي
سألت نفسي اينا منهم يستحق مساعدتي فهناك غرباء جنس وملة وهنا توحد كل شيء . ولكني تائهة لم أستطع تقابل مبدأهم
اتي جمال من بعيد رفقة ابو الخير يمشي بجواره طوع أمره
اراكِ خرجتي باكراً للاطلاع على المكان هل اعجباك أيتها الطبيبة ؟
ما زلت لا أعرف الكثير كانت تلك الخطوة لمعرفة من حولي لن يحدد مكوثي هنا الأشخاص ولكنها الأفعال يا شيخ
لا عليكِ اليوم جلسة بين النسوة يتبادلون فيها المعرفة الدينية وتعرف كلاَ منهم قدرها لتستطيع حجز مكانها جوارنا
تقصد يحددون لأنفسهم دورهم بينكم
نعم هو كذلك
لأي حد يكون دور المرأة بينكم
هل يحملون السلاح ؟
لا نحمل السلاح إلا لرد الحق ونصرة المظلوم
وكيف يكون بقتل أبرياء ليس لهم ذنب ولا يعلمون شيء عن تلك الدائرة التي وضعوا بها
لا فالأبرياء حقًا لا تأتي بهم الصدفة في طريقنا فلو كان عملهم صالحًا لن يلقي بهم الله في طريقًا ولكن هي أسباب ليرتد الحق إلي أصحابه يومً .
اعلم إن حديثه مجرد تبرير لأفعاله يدس تلك الأفكار في عقول الضعفاء فيتمكن منهم ويصبحوا كآلة بين يداه لم استطع صبراً أكثر من ذلك تركت الجميع وتوجهت داخل المنزل أبحث بين الأشياء عن هاتفي أين هاتفي ؟
كان جمال بالخلف يغلق باب المنزل لا ادرك كيف علم أني ابحث عن الهاتف وقف امام الباب صامتاً قليلاَ ثم تحدث
ليس هنا يا فاتنة
من ؟
ما تبحثين عنه لقد أخذ ابو الخير جميع الهواتف .كما أن الهواتف هنا ممنوعة نظرا للخوف من تتبعها ورصدها
كيف ؟وكيف سأتواصل مع أمي كيف سأطمئن علي حالها ؟
سوف تأتيني الأخبار يا فاتنة وسأعلمك عنها خيرًا
اكانت تأخذني منها لتعاقبها بغيابي الن يكفي حزن روحها تلك السنين استزيد عليها ألم الحزن علي وحيدتها
كفاكِ يا فاتنة كشف أمرنا فالجيش الفرنسي داهم منزلنا في فرنسا وتم القبض على عبدالله هناك وهذا يعني أنهم توصلوا إلينا ومن المؤكد سوف يبحثون عن خيط يصل بيهم إلينا .اعدك يا فاتنة بعد فترة سوف اجلب لكِ هاتف أبو الخير لتستطيعي الاطمئنان على والدتك ولكن دعيه يأخذ فرصته للثقة في شخصك
لا أريد ثقته يا جمال لا اريد تلك الحياة أريد العودة إلي مصر
هيا يا جمال ما زلت تستطيع تخطيء الأمر دعنا نهرب من هنا سنعود مصر وتستمر الحياة كما كانت
لن تستمر يا فاتنة فإن خرجت من هنا سوف أعدم يا فاتنة أعدم
لن تتركني قوات الأمن كذلك لن تتركني جماعتي إن تراجعت فهذا الأمر أشبه بالردة عن دينهم
فقدت الأمل في النقاش مع جمال انفطر قلبي علي أمي اشتاق سماع صوتها اراها بمخيلتي تبكي خوفاً كل مرة تحاول الاتصال ولا أرد .
مر اليوم صعبًا طويلاً ات الكثير يطلبون المساعدة الطبية لوصف حالتهم الصحية لم اتهاون في مساعدتهم بل وكنت أستمع إليهم لأعرف إلي أي حد هما راضيين عن حياتهم هنا .
ات الليل وظللت انتظر تلك الجامعة للنساء ولكنهم أخبروني ستكون في منتصف الليل لماذا منتصف الليل
حتي لا يستطيع رجال المعسكر سماع صوت النساء أثناء نقاشهم فالجميع هنا يخشي علي زوجته التفات نظر أحدهم إليها .ولو من خلال صوتها
اغلقت أبواب منزل أبو الخير وهدأت أنواره كانت ليلة عزيزة علي حد قولها أستطيع من نافذة غرفتي رؤية ظلالهم تتحرك علي الجدران . رأيت عزيزة بالنافذة تنظر إلى السماء وتتنهد ثم اغلقت النافذة ورحلت لم تشعر برؤيتي لها .
جميلة هي وقفت امام ابو الخير بلباس أبيض طويل شفاف كما يطلبها دائماً
تاركة شعرها منسدل علي أكتافها يكاد يتعدى خصرها المنحوت بيد فنان يهوي رسم النساء
تقدم إليها وقف أمامها أمسكها ببطء ثم ضغط بقوة علي عنقها
الن تكفي عن محاولاتك بالهرب ؟الي أين ستذهبين سيتعفن ذلك الجسد الجميل بالصحراء أ تظنين تستطيعي الهروب من قبضة أبو الخير
سأظل اهرب إلي أن أستطيع
تحاولين الهرب ثم تعودي لتشاركيني فراش المتعة إذا لماذا تحاولين
احاول حتي لا اشاركك هذا الفراش
اصبح ابو الخير مثل حيوان جائع في صحراء واسعة أمسك بغزال ضعيف لا يقوي على مقاومته أو الدفاع عن نفسه
ات منتصف الليل وتجمع النساء في قصر النسوة خرجت رفقتهم وظللت استمع إلي حديثهم الغير مرغوب لي ظللت أنتظر أن تأتي عزيزة إلي أن أتت بعد وقت طويل فتحت الأبواب علي مصراعيها ولم تلتفت إلي أحد وتوجهت إلي الداخل وأنا خلفها يقتلني الفضول لمعرفة ما بها .تتقدم باتجاه مسبح النساء وفي كل خطؤه تسقط ملابسها عن جسدها حتي تعرت بالكامل
لما تفعل هذا ؟
يبدو عليها الاستسلام وعدم الرغبة في الحياة وصلت إلي المسبح التفت في إحدى الأقمشة البيضاء وجلست في مسبح الماء يبدو أنها باكية لكنها لم تكشف أمر بكاءها لأحد
ما بكِ ؟
انطفأت
هل هذه المرة الأولي ؟
لا
اذن .ما الأمر ؟
فكل مرة يقترب مني ذلك الغول انطفأ ارغب في نزع جلدي عن جسدي
كنت أظن انكِ طوع امره ولكن يبدو الأمر عكس ذلك
نعم هو عكس ذلك الجميع هنا ليسوا سوى خنازير يستعملون الدين لصالحهم بل ويتلعبون بآيات الله للوصول لغايتهم
لما أنتِ هنا يا عزيزة ؟
لأكون جارية ابو الخير
هل اختطفك من سوريا ؟
لا لقد أتيت إليه بنفسي
لماذا؟
ولماذا كم العدد هذا من النساء ؟
هل الجميع جواري هنا ؟
لا ليس الجميع جواري فمنهم متزوجات كحالتك
لماذا نصحتني بالهروب ؟
ستعرفين لاحقاً إن لم تستطيعي الهروب
لما الجميع يخشي مواجهة الأمر هنا
اقتربت عزيزة من أذني وهمست بصوت منخفض جميع تلك العيون عليكِ ينقلون ما قيل بيننا لأبو الخير سأخبرك كل شيء في وقت نكون بمفردنا الآن علي جمع اشيائي وإن سألوكِ فيما تحدثتم أخبرهم كنا نتحدث عن كيفية الجهاد بطريقة أخري
وما هي الطريقة الأولي ؟
اظن أن يومك الأول كان مرهق يجب عليكِ الراحة الآن
غادرت عزيزة وتركتني في حيرة من أمري وفضول يقتلني لتخبرني ما أرادت به انفض المجلس وعادت كل النساء إلي منازلهم أكثرهم يتشاركون نفس المنزل .
مر اسبوعين ومازال الحال كما هو ، يمر نهاري في الكشف علي النساء والأطفال وكذلك المصابين في التدريبات
يظل جمال خارج المنزل طوال اليوم يعود فقط كي يرتاح من مشقة عمله في الصحراء رفقة أبو الخير
يشجعني دائماً علي تلبية احتياجات من بالمعسكر قدر المستطاع أصبحت اكره ذلك العمل أود لو اصير مثلهم يمكن تبديل أفكاري ولكن لا استطيع وما زاد قلبي وجعًا هو غياب صوت أمي عن مسامعي
لم تعد تأتي عزيزة إلي قصر النسوة أشعر بالملل كذلك ينفطر قلبي علي أمي التي لم اسمع صوتها لأكثر من أسبوعين .
تغير حالها وصارت في اسوء حال فلم تعد الادؤية تبدى نفعًا مع حالها انهارت قواها بسبب خوفها لغيابي فقد استشعرت أن بالأمر شيء نظراً لكثرة اتصالاتها دون رد أسرعت في الارسال إلي المشفى الذي كنت أعمل فيه بفرنسا ليأتيها الرد هكذا .ناسف لعدم استطاعتنا مساعدتك فالطبيبة فاتنة لم تأتي للعمل منذ أسبوعين دون طلب إجازة وعليه تم فصلها
شعر قلب أمي بالعجز فقد أرسلت الكثير من الرسائل كذلك حاولت الوصول إلى جمال عن طريق عائلته دون نفع رقدت في فراشها تصارع نوبات الصرع التي تشعر بها من حين لآخر في الفترة الأخيرة
ظلت هكذا يراعها خالي . أكثر من شهر تخشي الموت قبل الاطمئنان علي حالي ويخشي خالي فقدانها فيصير جسدًا بل روح
هناك من جمع شجاعته وأخذ عنوان منزل أمي وذهب كي ينفذ رغبة أحدهم قبل الموت .
دقت الحادية عشر صباحًا ودق جرس منزل أمي
اغلق خالي مصحفه ووضعه إلي جوار أمي كعادته وذهب بخطوات هادئة إلي باب المنزل تفاجأ به فلم يراه قبل ذلك .
من أنت يا بني؟
انا خالد أتيت أتساءل عن الحاجة فاطمة هل استطيع رؤيتها ؟
لم يكتفي أبو الخير باحتلال جسد عزيزة وحسب بل أراد السيطرة علي روحها واجبارها علي المكوث طوع امره
فقد أتت إلي ملتفة في جلبابها الأسود تطلب أن أقوم بالكشف عليها
ما بكِ يا عزيزة أراكِ في أحسن حال ؟
لا فهذا الجمال يخفي الكثير فهنا جدران محطمة، بقايا روح لا تستطيع إكمال الحياة ترغب في السفر بعيداً
عن تلك الأراضي ونسيان رائحة هواءها
اصرتي فيلسوفة ؟
لا . ابو الخير يريد طفل وأخبرته أنه يجب أولاً زيارة الطبيبة
هل تزوجك ؟
تصدقين حقًا اكذوبتهم يا فاتنة .هنا لا يهتمون سوى لشيء واحد فراشًا جيد وامرأة كل ليلة
ما هدفهم ؟
ليس لهم هدف يأخذون أموال طائلة من جهات مختلفة تعمل على تشويه سمعة الإسلام وصورتهم وتكون منهم جماعات إرهابية ثم يعودون قتلهم ويفتخرون امسكنا بالإرهابين
ولكن الجميع هنا يظن أنه يخدم دينه ويقدم نفسه فداءَ لنصرة الدين كما أنهم يظنون قتلهم للغير لرد الحقوق المسلوبة من المستضعفين
فاتنة هؤلاء لعبة الكبار يمدهم بالسلاح والذخائر والأموال والنساء ويستمتعون بقتلهم
ليضحكوا علي شعوب ضعيفة لا تريد سوأ العيش دون خوف أتعلمين يا فاتنة لا يميز أحدهم بين زوجته الأولي والثانية لعلهم لا يدركون أي زوجة تزوجوا يختطفون النساء من بيوتهم يخبروه أن دورهم في الجهاد محجوز فعليهم نفض غبار الجهاد عن أكتاف رجالهم وإنجاب الأطفال لينشاوا في المعسكر ويصيروا فدائيين وتلك اكبر أكذوبة في تاريخهم
ماذا تعنين ؟
جميع النساء هنا تريد الهرب
جميعهم مجبرون علي الجهاد ولكن لا مفر منهم
سيأتون بغيرنا ولن يبالوا لأمرنا
نحن تجارتهم الرابحة دومًا متعة .
وكذلك إنجاب
كيف أستطيع الهرب من هنا ؟
لن تستطيعي .فما زلت أحاول ولولا أنني مفضلة أبو الخير لكنت جثة هامدة تحت التراب منذ زمن
الان سأرحل وسأخبر ابو الخير . إني بخير أستطيع الانجاب علي حد قولك
توهت في ذلك العالم اريد الهرب أريد العودة إلى مصر فلن استطيع إكمال حياتي هنا
ات جمال من الخارج يبحث عن حقيبته حتي وجدها وشرع في وضع بعض الملابس داخلها
جمال؟ ماذا تفعل إلي أين ستذهب؟
عمل يا فاتنة رحلة عمل لمدة ثلاثة أيام رفقة أبو الخير
لن أطيق هنا أكثر من ذلك يا جمال أشعر بالاختناق في ذلك المكان
اعدك يا فاتنة فور عودتي سنسافر إلي سوريا سويًا ومن هناك سوف اجد طريقه لرجوعك مصر
اريد الاطمئنان على أمي يا جمال
هي بخير يا فاتنة الآن يجب أن أذهب
حمل جمال حقيبته ورحل سريعًا كان أبو الخير في انتظاره بالخارج بسيارته الفاخرة لا أدرى إلي أين يذهبون وعزيزة في سجنها كحال كل مرة يخرج فيها ابو الخير لرحلة طويلة
هل أدركت الصواب يا جمال ؟
نعم يا شيخ هي تحاول
لا يكفي المحاولة يا جمال انصحك أن تتأخذ عليها امرأة أخرى لعلها تشعر بالغيرة وتصير طوع أمرك
لا استطيع يا شيخي لقد اكتفى قلبي بفاتنة ولم يعد يرغب بغيرها .
لك حق الاختيار يا جمال الآن عليك معرفة المهمة جيداً
ستقوم أنت والفرقة (ا) بزرع قنابلكم في طريق إحدى الميلشيات ليستنفروا تلك الفعلة وينسبوها للجيش
وما غرض تلك المهمة يا شيخي ؟هل ستكون لتحرير بعض الأسرى؟
لا لا يا جمال الأمر مختلف هذه المرة فنحن نضغط على الجيش لقبول أمر ما وتلك هي الخطة المعلنة عليهم للضغط على بعض الأطراف
اتعني يا شيخي ان الأمر لنصرة الاسلام
نعم يا جمال فعملنا جميعه لنصرة الإسلام ويجب عليك الطاعة
نعم وأنا طوع أمرك يا شيخي
انتهي الحديث بين جمال وأبو الخير ولم ينتهي الطريق بعد فما زالوا في طريقهم
رحب خالي بخالد ادخله إلي صالون منزلنا حيث تم عقد قرآني وجلس أمامه يتساءل أي خالد يعرف فاطمة أختي وما سبب زياراته
ولم يستطيع رد فضوله
هل انت ابن إحدى صديقاتها ؟
لا فأمي متوفية منذ كنت طفلاً في الحادية عشر
إذن فاطمة تعرفك وكانت بمثابة أمك ولكن لم تخبرني يومً عن أمرك .
لا لا فهي ليست تعرفني إنها المرة الأولى التي سألقيها فيها
إذن من أنت ؟ومن أين تعرف فاطمة؟
أنا خالد اسمي خالد جيت لأنفذ رغبة أبي قبل الموت
لا لا لم أعد أتحمل أعلم أن اسمك خالد ولكن من اباك وكيف ستنفذ رغبته ولماذا نحن ؟
يبدو أنك أخطأت العنوان
لا لم أخطئ تلك المرة لم أخطئ فأبي هو زوج الحاجة فاطمة
( ثابت توفيق)
كيف تكون ابن ثابت ؟ و...
نعم . أعلم
ولكن الأمر يطول شرحه
فهل لي أن أتحدث بوجود الحاجة فاطمة ؟
سأخبر الحاجة فاطمة بوجودك واستئذانها لك
تركه خالي جالسًا وذهب إلى أمي وقف أمامها مشفقًا علي حالها ينظر إليها بحزن
فاطمة بالخارج من يريد مقابلتك
هل فاتنة يا اخي؟
لا يا فاطمة شخص آخر يريد بعض الوقت معاك يبدو أن هناك امراَ يريد اخبارك به
من يا أخي ؟
خالد يا فاطمة
من خالد؟
ابن ثابت زوجك
ابن ثابت كيف ؟
وثابت لم ينجب سوى فاتنة
اعلم يا فاطمة أخبرتك أنه يريد مقابلتك ليخبرك شيء فأريدك ان تستمعي إليه لعلكِ تفرجين كربته فيكون سبب لتفريج كربتنا
تعلم يا أخي لم أرد سؤال احدًا يوم فهل سأرد سؤاله وهو في منزلي
ادخله يا أخي
لم يكن خالد شجاع كمثل هذا اليوم تقدم الي غرفة أمي بخطوات هادئة وعيونه تتجول في المكان أظن ارتاحت روحه في منزلنا شعر بتلك النسمات الروحانية به .جلس خالد أمام أمي ينظر لها يسأل روحه ما بها ؟
بادرت أمي بالحديث .من أنت ؟
انا خالد
وكيف تكون ابن ثابت .
له الحق في أكثر من أمي وأبي اكرمته بقول أبي
كيف ؟
توفي أبي وأنا بالخامسة من عمرى لم تحتفظ ذاكرتي له سوى ببعض الذكريات البسيطة كادت تختفي وانسى معني كلمة ابوة وفي التاسعة من عمرى تزوجت أمي مرة أخرى لم اتأقلم مع ذلك الوضع سريعاَ
ولكن بمرور الأيام ايقنت أن ما فعلته أمي هو الصواب .
اكمل يا خالد
انا ابن ماريا
كنت أدعي سابقاً ب اونش ( يعني النور) اسمتني امي هذا الاسم فور ولدتي ولكنها مشيئة الله غير قدري بعد ذلك كذلك اسمي
انتفض قلب أمي فرحًا ونست ما بها من ألم
اكمل يا خالد
انه الاسلام يا حاجة فاطمة فتح لي ذراعيه واحتضنني كابن ضال منذ أعوام
كيف يا خالد ؟
تزوجت أمي مسلم تخلي لأجلها عن جميع ما يملك وملك في حياته اتي إليها يساندها في رحلة علاجها ضد غول السرطان تلك الرحلة التي عاشتها أمي تتألم كل يوم
هل كانت ماريا ...؟
نعم كانت تعاني من سرطان الدم لم تدوم تلك المعاناة كثيراً فقد رحلت باكراً
اُذهلت أمي مما تسمع كذلك خالي فضلوا الصمت ليستطيعوا معرفة باقي الأمر
رحلت أمي بعد عامين من زواجها تركتني في سن الحادية عشر طفل صغير تبرئ منه جميع اقاربه كما تبرؤا من امه نظراً لزواجها من مسلم
لم أجد ملجأ سوى أحضان أبي ثابت كنت ارفضه كل يوم اعامله باحتقار أتمني قتله و الومه علي موت أمي وكأنه ملاك الموت الذي أخذ روحها بعيد
كان يقابل كل هذا بالصبر والحب كان يخلص في تربيتي دون انتظار أجر
لم أستطيع معرفة كيف مرت الأيام بيني وبينه ولكن شيء غريب حدث بينا صرت لا استطيع التخلي عنه ولا يمر يومي دون أبي ثابت كذلك هو لم يستطيع يوم معاملتي بقسوة أو تركي وحيداً .حتي صرت بالخامسة عشر .وقفت أمام نفسي اسألها هل مازالت أمي موجودة ليفعل كل هذا هل ينتظر شيء مقابل معاملته لي كابن فهو يقدم النصيحة يقف بجواري حتي وإن أخطأت . فلماذا يفعل كل هذا ذكرت تلك الأسئلة بصوتًا مسموع ظنًا مني بعدم وجوده بالمنزل ولكنه هنا سمع تلك الأسئلة وايقن حيرتي واراد بث الطمأنينة في قلبي وروحي
جميعًا نشعر بالارتباك يا اونش ونريد تفسير للأمور وهذا ما حدث لقلبي فور رؤيتي والدتك لم أعد أستطيع إكمال الحياة دونها أعطيت لنفسي الحق واقتربت منها رأيت ما تحمله في قلبها من ألم لا حصر لها وحيدة كانت تصارع الموت كل لحظة لم تجد من يحنو عليها رغم قلبها الكبير المفتوح دائماً للجميع وضعت خلف ظهري حياتي جميعها وقررت الوقوف جوار والدتك كنت أعلم أن الموت اتي إليها قريباً لا مفر منه ولكني أردت أن ترحل وهي مطمئنة لا تشعر بفقدان الحنان من أحد
أهكذا سرد لك الأمر يا خالد؟
اكمل يا خالد
الم تكن تلك أنانية أنت هنا تركت عالمك لأجل أمي وها قد رحلت أمي لماذا ما زلت موجود ؟
نعم يا اونش أنانية ولكني اليوم إن رحلت فلن أكون فعلت أمر صحيح بحياتي أجمعها .
لقد تركت منزلي وابنتي و زوجتي لأجل قلبي . الآن رحل قلبي بعيداً ولن يعيده أي شيء .اليوم إن رحلت وتركتك خلفي سأصبح أكثر أنانية
كيف ؟
لن أستطيع الرجوع بسهولة سيجب أن اتخلى عنك لأثبات حسن نيتي في بدأ حياة جديدة مع أسرتي سأخسرك ولن أستطيع هدم ذلك الحاجز الذي وضعته بيني وبين أسرتي
ا ستكون هكذا دائمًا ؟هنا لأجلي ؟
نعم فأنا هنا لأجلك واجلي لن اتركك ولن اذهب حتي لا اخسرك واخسر نفسي فما فعلته لا يغتفر في قانون النساء
اريد أن اناديك أبي
حقًا تريد هذا ؟
نعم أريد أن استعيد تلك الكلمة مرة أخرى إلي قاموسي فلتكن لك .
وكيف اسلمت يا خالد ؟
تعجبت لأبي فلم يفرض سيطرته علي يومً ولم يجبرني أمرا كان متفاهمًا يقدم الخير دون انتظار مقابله
رأيته يتوضأ بماء مخلوط برائحة ذكية تفتح أمامي ابواب الدنيا عند استنشاقها .
رائحة ماء الورد يا خالد ؟
نعم نعم كان أبي يقول كذلك رائحة ماء الورد
رايته يقيم كل فروضه كذلك يخلص في عمله يتصدق دون حساب يشعر بالمحتاج ويقدم المساعدة دون انتظار ردها .
شرعت في البحث عن ما بداخله ما سبب تلك المسالمة التي يعيشها .
هل إنسانيته أما دينه
تلقائيًا شعرت بتغيري حتي صرت مثله شعرت أنني أشبهه بكل شيء حتي بطريقة تناولنا للطعام .
تأثرت كثيراً به واردت معرفة الإسلام من خلاله
ابي .
ماذا يا اونش؟
اريد معرفة الكثير عن الإسلام
ماذا يا اونش ؟ولماذا تريد معرفة الكثير عن الإسلام ؟
اريد أن أقترب لكل شيء قريب من قلبك يا أبي أريد أن أصل لكلمة السر التي جعلت منك ملاكًا في نظري
أهكذا تراني يا اونش ؟
نعم يا أبي لقد قرأت ما في قلبك
وماذا وجدت يا اونش ؟
لا يوجد به غير الحب وهكذا الملائكة في نظري
سأخبرك جميع ما أعرف وأستطيع عن الإسلام يا اونش كذلك سوف اعرفك إلي شخص يطلق علي نفسه خادم الله سوف يفيدك كثيراً بمعرفته للإسلام
أريد أن أري الإسلام بعيونك ومثل ما ترا يا أبي
لك ما تريد يا اونش
....عشقت أمي تلك الحكاية اعتدلت في جلسته لتستمع لتلك الرحلة وكأنها نسيت ما بها من حزن لغيابي عنها
وماذا رأيت يا خالد، كيف وجدت الإسلام بقلب ثابت؟
عقيدة راسخة لا تحركها زلازل ذلك العالم الخارجي
كيف يا خالد ؟
سأخبرك .
أبي كثير المحبة
لا تفارق الابتسامة وجهه للغني والفقير يجرم ان نصف الفقير بالعالة علي المجتمع بل دائماً ما كان يذكرني بفقر الأنبياء وقلة حيلتهم المادية كذلك غناهم بأعظم ما يكون وهى رسالة الله عز وجل كان دائماً ما يذكر زهد الأنبياء للدنيا وحسن خلقهم وتدبيرهم للأمور
اتريد أن تتحلي بصفات الأنبياء يا أبي
اطمع يا اونش أن أقتل غول الشهوات داخلي لأكون في الدنيا مجرد ضيف ترك من الأثر الطيب فقط .
اكان ثابت يعملك الإسلام ؟
بل يخبرني الإسلام وترك لي الأمر
الي أن آتي ذلك اليوم الذي تغير داخلي كل شيء
كيف يا خالد ؟
احضرت دفتري وقلمي وجلست أمام أبي
ابي اريد ان أدون بعض الفروض الإسلامية كذلك شروط الإسلام وحق المسلم في الإسلام .
إذا عليك بالبدء يا اونش فهناك الكثير لتدوينه
إذا ولدت مسلمًا فهذا يعني الكثير يا اونش
وذلك بداية الطريق أن تشهد من قلبك بوجود الله وتؤمن برسالة رسوله محمد
أن تقيم صلاتك في مواعيدها فلا يلهيك عن عبادة ربك شيء
أن تتصدق بنية خالصة لله ونية خالصة لتفريج الكرب عن المحتاجين
كذلك صيام شهر رمضان يا اونش وتكون النية لله لطلب رضاه
وفي الصيام راحة نفسية لا توصف
وماذا بعد ؟
أن تحج بيت الله تطوف بالحرم وكأنك طائرًا بالسماء فهناك نصف الدنيا
هل هذا كل شيء عن الإسلام ؟
انها فقط أركان الإسلام يا اونش
أذن أكمل يا أبي أين حق المسلم
اتكتب بيدك يا خالد ؟
نعم
وهل عينك تقرأ ما كتبت ؟
نعم
هل ما زلت تستنشق رائحة الورد بالمنزل ؟
نعم يا أبي
لا أنا اراك بصحة سيئة هذه الفترة
لا يا أبي ف أنا بصحة جيدة
ا ما زلت تتذوق طعم التفاح قبل اكله ؟
نعم وإن كانت لا تعجبني اتركها لك يا أبي
إذن فأنا وأنت وغيرك الكثير من البشر أخذنا حقوقنا كاملة من الله
نستطيع أن نري ونسمع نتذوق ونشم كذلك في أحسن حال أليس هذا بالكثير ؟
نعم يا أبي إنه كثير ولكن جميعاً نستمتع بتلك الأشياء فالمسلم و اليهودي و المسيحي جميعهم بأحسن صحة
اتسأل ما هي الميزة التي وهبها الله للمسلم عن باقي البشر ؟
إنه مسلم يا خالد وهذا يكفيه
اليوم عرفت أركان الإسلام ولكنك تريد معرفة الكثير الآن شيء مختلف سوف ترى أخلاق المسلم وما يجب عليه اتباعه وهذا ما يسمي الإنسانية والتي يجب للجميع التحلي بها .
نزل خالد رفقه أبي إلي شوارع حيهم .
ودقق النظر إلي أبيه ليعرف ماذا يفعل ليحبه الكثير من جيرانه لم يفعل أبي الكثير ولم يفرد جناحيه ليطير في السماء محققًا رغبات البشر ولكنه كان مبتسم في وجههم يتعامل بخلقه الكريم مع الجميع يساعد بصدق لا يعرض المساعدة فقط وكأنه يأخذ حسنات دون إجهاد
أنتهي يوم خالد مع أبي .
شعر خالد بالإجهاد وأيضاً الحيرة .
لا يا أبي ليس هذا فقط ما اشعر به في قلبك هناك أمر اشعره ولا أستطيع الوصول إليه
ماذا تشعر يا خالد ؟
أشعر إنك قريب إلي الله وكأنه يحتضنك
أنظر إليك فأجدك جالسًا بالجنة تدعوني إليها
إذن عليك بالدخول يا خالد
أين يا أبي ؟
الجنة يا خالد أنها تنتظرك
تلك المرة الأولي التي أيقنت أن أبي يدعوني للإسلام حقًا
لم أكن بالشجاعة الكافية حتي أستطيع تسليم امرى لأبي ونطق الشهادة حينها ولكني عقدت العزم للبحث عن نفسي في ذلك العالم تحليت بالإنسانية كما وصفها أبي في تعاملي مع الجميع حتى رأيت بعيني تغيرهم معي وصلت للدرجة الأولي من الرضا عن نفسي وروحي ولكني ما زلت تائه ابحث عن يابسة أضع قدمي عليها لتكون أرض صلبة تحملني وأصل بها إلي بر الأمان دائماً ما كنت أشعر أني بجزيرة تحوطها المياه من كل اتجاه اصنع ما أصنع عليها دون فائدة سيكون كل شيء هباءًا منثور إلي أن أخذت القرار وعقدت العزم وذهبت إلى أحد المساجد التي دائماً ما كان صوت الآذان بها يجعل روحي تشعر بالسكينة انتهى المصلون من أداء صلاة العصر
دخلت خائفًا وكأني تائه من أمي أقف في ركن منعزل عن الجميع أخشي ان يرى أحد ذلك الصليب على يدى امسكني أحدهم من كتفي وهمس في هدوء لماذا تقف بعيدًا ولا تشارك جلسة القرآن هناك .
تشتت كثيراً ولكني ما زلت متماسك ارتعشت يداي بعض الشيء كذلك تعرقت ولكن لا بأس
ما بك يا فتى؟
أريد أن اتلقى أحد الشيوخ عندي أمر هام أهذا الأمر صعب؟
وما هو الصعب في ذلك يا فتى ؟المسجد مفتوح للجميع والجميع هنا خُدامه
تعلموا ليعلموا .
فلتأتي معي سأعرفك إلي من يستمع لك
ذهب خالد خلفه يرتجف يظن أن جميع العالم يراه ويعرف من هو يتساءلون لماذا هو بيننا وليس مكانه
جلس معتدل أمام أحد الشيوخ نسى ان يقوم بتغطية صليبه وظهر أمره للشيخ
ما اسمك يا فتى؟
هااا ؟
ما اسمك؟ لا تخف فأنت لست في ساحة معركة بل في بيت الله بين رجالاَ يخشون الله
اسمي اونش
تكلم يا اونش أفرغ ما في صدرك فأنا أستمع اليك
أريد أن أعرف ما ذلك الأمر الذي أتى بك للمسجد ولم تذهب للكنيسة
لا ارى فرق بينهم يا شيخ فهناك يعبدون الله وهنا كذلك
أتعلم يا شيخ أنه أبي الذي دفعني لتلك الخطوة أشعر بالغيرة منه اراه دائمَا يشعر بالرضا والراحة النفسية أشعر وكأنه حاجزاً مكانه بالجنة دون منازع
اليوم أريد معرفة السبب
سرد خالد قصته مع أبي للشيخ
لم يندهش فهو كثيراً ما يقابل تلك النفوس الراضية وكأن الله يلقى بهم في طريقه
إنه كذلك يا اونش حاجزاً مكانه في الجنة ولكنه يمد يداه إليك لتكون بجواره
لماذا يا شيخ؟
لأن الله ارتضى لنا الإسلام دينا
اتعجز قبل الأوان يا اونش؟
لا كيف هذا
إذن كانت كل تلك الرسل والأنبياء والكتب والديانات التي أنزلها الله ما كانت الا تمهيداً للإسلام يا اونش
لا أعرف لماذا أريد أن اركع حتى أشعر برضا الله حتى أشعر أن روحي تعلقت به أريد أن ينير لي بصيرتي فلا اضل بعد ذلك ابدا
اليوم أنت في منتصف الطريق يا اونش
ولكنى أريد إكماله يا شيخ
هل هذا عن اقتناع يا اونش ؟
نعم عن اقتناع
انفعلت أمي فرحًا وصاحت مبروك يا خالد مبروووك
هناك رأيت النور يدخل قلبي شعرت برضا لم اعهده من قبل أمسكت بيد الشيخ وبكيت عند نطقي الأول للشهادة أخبرني إنه يجب تغير اسمى واستخراج شهادة بإسلامي
اتممت كل شيء سرًا لقد ذهبت إلي مشيخة الأزهر أعلنت إسلامي وأخذت شهادة بذلك ولم أخبر أبى ثابت حتى يوم مولده
ابى أريد أن أقدم لك هديتك
وهل أتيت بهدية يا اونش؟
نعم يا ابى
وماذا جلبت ؟
وقفت أمامه استخرجت شهادتي ورفعتها أمام أنظاره مد يده ببطء ونظرات تعجب حتى التقطها وتمكن من قراءتها
انها شهادة إسلام يا اونش
نعم انه أنا خالد أنه أنا من أسلم يا ابى فمن الآن أنا خالد ولست اونش
احتضنني بقوة وكأنه امتلك العالم بي وصار يصرخ اليوم امتلكت الجنة اليوم حصدت ثمرتي بهذه الدنيا اليوم صار لي حلم تحقق وأصبح حقيقة
وانا اليوم يا خالة فاطمة ايقنت ما هو الشيء الذي كنت ابحث عنه في أبي ايقنت ما سبب قربه لله ورضاه عنه
انها تلك الدعوات الصادقة التي ما زلتِ تطلقيها في سماء الترجي لله إنها دعواتك له بالخير بكاءك ليلاَ وانتِ ما زلتِ متماسكة
اليوم زال حزن السنين يا خالد كنت أجهل كما أنا أنانية كنت أرى الأمور بعين النسوة وغفلت عن مشيئة الله الذي أحسن تدبير كل شيء
كيف كنت سأمنع ثابت من هذا الثواب العظيم
اليوم أنار الله بصيرتي كان يعلم والعلم له وحده انى أستطيع تربية فاتنة وانشاءها على تعاليمه الدينية كان يعلم انى سوف استطيع وحدى
كذلك دبر لك الأمر لتنجو من فتن الدنيا أرسل في طريقك ثابت ليأخذك الي الطريق الصحيح كذلك يكرمك ويحسن تربيتك
ولكن خالي مازال متسائلاً بينه وبين روحه ان كان حدث ما حدث ما الذى أتى به ولماذا الآن؟ لم يستطيع خالي امساءك لسانه وبادر بطرح الأسئلة
اريد ان أعرف ما السبب الذى اتى بك اليوم ؟
تبسم خالد قليلاً أنه ابى ثابت لم يعد كالسابق فحالته الصحية تسوء يومً عن يوم كذلك حالته النفسية أشبه بمدمن حرم الخمر وهو امام عيناه . أعلم أنه يتعذب كل يوم كل ليلة يرغب في احتضان أبنته ولو دقيقة دائمًا ما يحكى باكياً عن آخر لقاء جمعهم وهى في العاشرة دائما يشتاق إلى رائحتها ويبحث عنها في جميع الأشياء حوله لقد كان قريباً يوم تخرجها كذلك يوم زفافها ولكنه لم يملك الشجاعة الكافية كي يحتضنها كي يقول لها أحبك كل ليلة كان يصرخ باكياً ينادى باسمها يعلن حبها في قلبه لم يستطيع محاربه الخوف داخله ولا التغلب عليه كان يخشى أن تقابله بعتاب أو عيونًا باكية اكتفى برؤيتها من بعيد وهى سعيدة .اليوم هزمه المرض واحتل جسده رغم محاولاتي معه ولكنه كان يبكى مهزومًا عندما يتذكر أن أبنته طبيبة ولن تستطيع وصف دوا لحالته
انا هنا اليوم لأرد له دين بسيط أريد أن أجمع بينه وبين أبنته أريد أن أخبرها الأمر أن اكشف لها الحقيقة أن تعلم كم يحبها والدها كم يشتاق إلى أنفاسها كم التعب الذى عاشه تلك السنين لغيابه أريد أن أخبرها أنه أنا الذى اخذه منها ولها الحق أن تفعل بي ما تشاء وتنتقم مني كما تريد ولكن فقط تسامحه تغفر له غيابه تلك السنين أن يراها للمرة الأخيرة كي ترتاح روحه فلن اسامح نفسي إن حدث له مكروه دون رؤيتها
لم تستطيع امي حبس دموعها تركتها كالفيضان ومازالت صامته تبكى في هدوء تحتضن صورتي بحفل التخرج إلى أحضانها
ما بكِ يا خالة فاطمة ؟ارجو منك مساعدتي فأبى يحتضر وامنيته أن يرى ابنته أنا هنا مستعد لأى عقاب أي حكم سوف تصدرونه بحقي ولكن طلبي الاخير أن ترتاح روح أبى
اغمضت امي عيونها تنهدت بضيق وحزن
فاتنة ليست هنا
اعلم إنها تزوجت
لقد غابت فاتنة انقطعت اخبارها غابت شمسي وحل السواد على ايامي كالسابق
ماذا؟
لم تستطيع امي إكمال حديثها واستسلمت للبكاء
جلس خالي الى جوارها يحتضنها بقوة الى صدره وكأنها روحه يخشى أن يخسرها
سافرت فاتنة إلى فرنسا رفقة زوجها وبدأت بالعمل هناك ولكن منذ شهر او أكثر انقطعت أخبارها و اخبار زوجها لم نستطيع التواصل مع أحد ليخبرنا ما الأمر فُصلت من عملها لانقطاعها دون طلب اجازة .صرنا في بحر نحن بالسفينة وهى في الماء ولا نعرف ما الذى حدث لها وأين هي أرسلنا عدة استغاثات وطلبات بالبحث عنها ولكن الرد دائماً ما يكون مازال البحث مستمر
اندهش خالد مما سمع فلم يكن في الحسبان أن الأمر سيزداد تعقيداً أمامه
كيف هذا ؟
ومنذ متى انقطعت اخبارها ؟
منذ شهر وأكثر
أيمكنني رؤيتها ومعرفة أدق التفاصيل سوف أرسل في طلب للبحث عنها
اسرعت أمي بإخراج صورتي من أحضانها نظرت إلي وجهى المبتسم واعطت الصورة إلى خالد الذى التقطها ونظر الى وجهى ليبدو بملامح ساكنة حزينة ثم صاح
انها الطبيبة التي رأيتها
التفت أمي إليه باهتمام . رأيتها ؟
اين رأيتها ؟متى رأيتها؟
اخبرني يا خالد
كانت مقابلتي الاولى لها هنا في إحدى المستشفيات ولكن لم يحدث بيننا حوار لضيق الوقت كذلك رأيتها
اين رأيتها يا خالد ؟
فضل خالد ابقاء أمر رؤيتي له للمرة الثانية بالحرم سراَ بقلبه
رايتها بفرنسا كُنت هناك رفقة ابي ثابت في إحدى المستشفيات الخاصة كان يمر بأزمة صحية قابلتها باخر يوم لنا هناك لم يجمعنا وقت كافي ليطول الحديث بيننا لم أكن أعرف إنها فاتنة ولم تكن تعرف أن الراقد بالداخل هو ابياها كيف لهذا الأمر أن يحدث تفصلها خطؤه واحدة عن أبيها لتعود بينهم مسافات لا يمكن قطعها
كانت أمامي بخير تباشر عملها ما الذى حدث فجأة ؟
أ يعقل أن تجمعني بها الصدف لتكون هي ابنة أبى ثابت
ما هذا القدر ؟
انه قدر الله يا خالد ولكنها الآن غائبة لم نستطيع معرفة ما حل بها لقد خسرت قرة عيني
لا لا أهدئ قليلاً سوف أسافر إلى فرنسا لأستطيع معرفة الأمر سوف أبحث عنها في كل مكان حتى أجدها أعدك أنى سوف أعود بها إلى أحضانك سريعاً لأسدد دين أبي ثابت
حقًا يا خالد حقاَ؟
نعم يا خالة فاطمة ولكن لي طلب
ما هو يا خالد؟
اريدها أن تظهر العفو عن أبى ان تحتضنه بإخلاص كي ترتاح روحه أريدها أن تغفر له ما سبق
اليوم أنا غفرت يا خالد اليوم أدركت مشيئة الله وأعلم أن فاتنة سوف تغفر عند رؤية أبيها فاتحًا ذراعيه لها
اريد منك عهداً أن تعيد فاتنة يا خالد
اعهدك أن لا أعود دونها
ودع خالد أمي وعاد الى ابى بتلك الأخبار الحزينة التي مزقت روحه عهده بالسفر والبحث عنى وأن لا يعود دوني طلب منه الصبر وطرد الحزن من قلبه
لم يستطيع خالد تفسير تلك المشاعر التي تملكته شعر وكأن القدر يحيك له أمرًا وعزم البحث عنى ليستطيع تفسير ما تملكه من إحساس
وصل جمال وأبو الخير موقعهم الجديد أخذ كلاَ منهم مكانه وبدوءا بالعمل كان جمال طوع أمر أبو الخير فلا يستطيع رد امره ظل بغرفته يقوم بترتيب بعض الأشياء الخاصة بالمهمة
حتى اتاه أبو الخير
بطلنا ! هل انتهيت ؟
نعم يا شيخي فقط أمهلني بعض الوقت لأكون انتهيت
لك الكثير من الوقت فالمهمة لن تتم الا بمنتصف الليل
خيراَ يا شيخي ..
انشغل جمال بإكمال عمله وذهب أبو الخير للاستراحة لم يكن يعلم أن أمره سوف يكشف وينكشف ذلك الغطاء عن وجه جمال
حتى واجه جمال بعض المشاكل في تنفيذ المهمة على الخريطة وقرر الأخذ برأي أبو الخير وفى طريقه الى الاستراحة سمع منير أحد أفراد الجماعة والمشتركين بالمهمة .
يا شيخ أبو الخير تلك المهمة اتت فجأة دون ترتيب أظن سنخسر فيها الكثير فلم نستطيع تدبير أمرنا
لا تقلق يا منير سوف نربح من الأموال الكثير نهياك عن تلك النفوس التي سنخسرها فالمعسكر به الكثير من الرجال ونساءهم ستكون جوارينا ليكموا الجهاد .
ان الأموال في ذلك المعسكر لا تفيد يا شيخي فالأمر كالمسجون المتزوج من جميلة الجميلات لا يستطيع القرب منها ومع ذلك يخشى فقدانها
كذلك حال الأموال معانا لا نستطيع الاقتراب منها ونخشى أن يتم سحبها منا إذا رفضنا اي عمل وكل الينا
الان عرفت كم أنت مجنون يا منير هؤلاء الرجال في الخارج هم قوتنا هم كالخواتم في أصابعنا طوع أمرنا ينفذون ما نطلب منهم دون تردد أو تفكير هم يخشون هؤلاء الرجال يا منير الرجل منهم بإشارة منا يرتدى حزامه الناسف ويسعى بينهم دون أن يشعروا به هم لا يستطيعوا معرفه من أي مكان سوف نهاجمهم يسلحون لننفذ لهم ما يريدون ونحن نسلح أنفسنا للتصدي لهم في حال انقلبوا علينا .
نحن جماعة لترهيب الناس وبث الرعب في قلوبهم هدفنا الوحيد هو جمع الأموال والتمتع بالدنيا ومهمتنا تغير تفكير الضعفاء ذلك عملنا وهم وسيلتنا لتنفيذ تلك المهمات هو العقل البشري نتحكم في تفكيرهم نغير فكرتهم ويصبحوا طوع أمرنا نرتاح نحن في الفراش والي جوارنا الجواري. وهم ينفذون تلك المهمات الانتحارية
احسنت يا شيخ أبو الخير هما يتمتعون بجنة الآخرة فليتركوا لنا جنة الدنيا هي و نساءها واموالها
كشف الغطاء عن عيون جمال وراي حقيقة تلك الجماعة وعلم نواياهم الخبيثة انصدم جمال وصار كالنار المشتعلة ولكنه عاجز عن حرق ما حوله جلس في غرفته وترك تلك النيران تأكل من روحه حتى يستطيع التفكير
ظل يحدث روحه كعجوز السبعين ماذا أفعل ؟
من هؤلاء وهل كل ما مر كان لأجل شهواتهم للمال والنساء ؟ماذا سأفعل هل سأتماد معاهم لأقتل الكثير من أرواح الأبرياء ؟
لا لا إن فاتنة على حق يجب ألا يشعرون أنى اكتشفت أمرهم يجب أن اهرب واعود بفاتنة إلى مصر
دفع أبو الخير الباب ودخل غرفه جمال فاتحًا ذراعيه مناديًا
يا جمال هل انتهيت من عملك يا بطل؟
ها يا شيخ هناك كثير من التعقيدات في تلك المهمة وينقصني بعض الأشياء
المخزن تحت أمرك والرجال طوع امرك يحضرون لك ما تشاء
خيرا يا شيخ خير
نظر أبو الخير إلى جمال نظرة استغراب
جمال! ماذا بك يا بطل أراك متغير الحال، خيرًا يا شيخي الأمر فقط هو ضغط المهمة الجديدة
نعم أراك مرتبك هذه المهمة غير كل المهمات التي نفذتها من قبل
لا يا شيخي فقط افكر في أمر فاتنة تعرف لا اريد ان اخسرها ولا أن تشعر إنها بسجن أريدها أن تتأخذ هذه الحياة عالمها وتتعايش غير مجبرة
تلك الأمور اتركها لحين عودتنا المعسكر
الان فقط اطلب من الرجال ما ينقصك حتي نتم المهمة قبل الفجر
وقف جمال مكتوفي الأيادي أمام أبو الخير فقط يردد نعم يا شيخي
وقفت أنا أمام منزل أبو الخير أرى كم الرجال التي وضعها أبو الخير لحراسة عزيزة وكأنه يخشى اقتحام أحدهم المنزل وسرقتها
اريد ان أقابل عزيزة
لا
لماذا؟
أمر الشيخ أبو الخير بهذا
سمعت عزيزة حوارى مع حارسها امام باب المنزل فتحت الباب منفعلة تخرج شرار نار من عيونها
امرك شيخك أبو الخير بحبسي في المنزل ولكن لم يأمرك برد ضيوفي وطردهم
سحبتني عزيزة داخل منزلها وأغلقت الباب بوجه حارسها
دهشت لروعة المنزل وتصميمه من الداخل يشبه قصور حكايات الكارتون به احلام جميع الفتيات
ما بكِ يا فاتنة ؟
هااا أنه التصميم أخذ عقلي قليلاً
نعم لقد أخذ بعقلي أيضاً عند رؤيتي له للمرة الأولى ولكنى دفعت ثمن بقائي داخله
لماذا أتيتي يا فاتنة؟
لقد أتيت لأعرف
اي ثمن دفعتي ولماذا تدفعين ؟
سوف أخبرك الآن اجلسي الى كرسي أحد الملوك لا تندهشين نعم هو مسروق لأجل أبو الخير
جلست الي ذلك الكرسي الملقب بكرسي الملوك ولم أشعر باختلاف قط بينه وبين أي كرسي اخر فتلك أكذوبة أن يطلقون عليه كرسي الملك فلا اراه مختلف عن باقي المقاعد
ألم تشعري برغبة في جعل العالم تحت اقدامك عندما جلستي إلى كرسي الملك
لا!
إذا لماذا ينهشون أجسادنا فور اعتلائهم تلك الكراسي فجأة يتحولون إلى غيلان يمتصون دماءنا دون رحمة والاغرب هناك دائماً من يؤمن بهم ويضحى بحياته فداءً لهم
ماذا تقصدين يا عزيزة ؟
لا تهتمين .
ما الشيء الذي تريدين معرفته الآن؟
أريد معرفة الكثير عنهم
أو تريدين معرفة طريقه للهروب ؟
الاثنين
ستفشلين .الا في حالاَ واحد
وما هو يا عزيزة ؟
ان تقنعيهم انكِ صرتي منهم لا عليهم تعملين لصالح الجماعة وترغبين في تقديم المساعدة والفداء
تقصدين أن أثبت ولائي لهم ؟
نعم هو كذلك
وحين أخرج من هنا ماذا أفعل أين سأذهب ؟
لا تفكرين في التالي حتى لا تفقدين الامل وتيأسي فقط فكرى في الهروب اولاَ ثم ستتدبرين أمرك فور خروجك من هنا
الآن اريد ان اعرف ما الذى أتى بكِ إلى هنا يا عزيزة
تنهدت عزيزة ثم جلست أرضاً لا أدرى من أين أتت بكل هذا الحُسن في وجهها
إنه بلال يا فاتنة
من هو بلال؟
أنه شمسي وقمري عطشي ومائي ناري التي لن تنطفئ
أنه أمنيتي من تلك الحياة ومطلبي من الله اصحبه معي في كل دعاء
أين هو الآن ؟
لقد. رحل مع بعض الجماعات التي هجرت سوريا بعد أن وقع في شباك من لا يرحم ليصبح مطلوباً من الجيش كذلك بعض الجماعات ترغب في قتله
رحل عنك وعن سوريا الهذأ أتاتي هنا بحثاً عنه ؟
نعم لقد تأكدت من وجوده هنا في ذلك المعسكر تمكنت من الهرب وعبور جميع الحدود حتى وصلت هنا بحثاً عنه
وماذا حدث، الم تقابليه ؟
لا وجدته
كان هنا بالمعسكر أتيت مع بعض النساء وصرت ابحث عنه كالمجنونة أخبرت الجميع أنى زوجته حتى عثر هو علي لقد استعجب من تلك التي أتت خلفه من سوريا وتدعى بأنها زوجته
وماذا فعل؟
احتضنني كطفل صغير هجرته امه والآن فقط عادت ظل بأحضاني حتى جفت دموعه على وجهه ونظر إلى مبتسماً
أهكذا فقط ؟
نعم هكذا فقط لم يتحدث بل لم ينطق حرفاَ أخبرتني عيونه جميع الكلمات شعرت بنيران اشتياقه كذلك شعرت أن الحزن والخوف انتهى فقد تركت سوريا ابتعدت عن اصوات طلقات النيران ابتعدت عن رائحة المبيدات التي يطلقونها بالهواء تركني الخوف وشعرت بالراحة والاطمئنان في أحضان بلال كنت أظن أن أيام سعدي حانت سأكون رفقة بلال حتى الموت
وما الذى حدث ليخيب ظنك؟
إنه أبو الخير ذلك الشيطان الأسود طلب منه بلال زواجي فالرجال هنا يتزوجون بإذن أبو الخير
اعطاه الأذن ولكن طلب أن يباركني
لم أكن أعلم أنه يومي الأسود
ذهبت إليه أحسبه بمكانة أبى سوف يبارك زفافي على محبًا هجرت البلاد لأجله ولكنه نظر لي نظرة طمع وكأني دمية أراد امتلاكها اعطنا الإذن بالزفاف ولكن قبل زفافنا أسند إلى بلال إحدى المهمات المستحيلة كان يعلم أنه لن يعود منها .ولكن بلال أراد إثبات نفسه وطاعته لأبو الخير
جمع الرجال وعرف المهمة كذلك درس كل خطواتها .اعد نفسه لها جيداً كان يريد الإسراع في تنفيذها كي يعود ليتم زفافنا .
وهل عاد يا عزيزة ؟
نعم
خاطر بحياته ونجى من الموت بأعجوبة لقد كانت دعواتي ترافقه اينما ذهب ولكن تدابير أبو الخير قلبت عليه الموازين
ابو الخير ابو الخير
ما بك يا منير ؟تنادى أبو الخير وكأنك تغرق
لقد عاد بلال من المهمة وعاد دون أن ينقص فرد من جماعته
أحقاَ يا منير ؟
نعم يا أبو الخير أنه الآن في مسجد المعسكر يصلى شكراً لله وسيأتي إليك حالا
وهل علمت عزيزة برجوعه؟
زُف إليه الخبر واجتمع النساء حولها ليجعلوا الفرح إثنين
نعم سيكون فرحًا
الآن أذهب إلى بلال اخبره أن يأتي إلي مسرعًا
ذهب بلال إلى أبو الخير عاشمًا أن يبارك له على رجوعه ويحدد يوم زفافه
قابله أبو الخير برصاصة في صدره اخترقت جدار قلبه ونزف وريده دمًا مخلوط بحب عزيزة وقع أرضاً خانته قواه ما زلت روحه بجسده ولكنه فاقد التركيز
يتساءل لماذا؟
لم يستطيع عقله فهم ما حدث ولا تفسير تلك الخيانة فها قد بدأت الروح بالانسحاب من ذلك الجسد أقترب منه أبو الخير سريعاً رقد أمامه على ركبتيه .
الا تعرف أن تلك مكافأتك لك حور العين في الجنة يا بلال ولي عزيزة
أ فعلت هذا لتغدر بي وتأخذ عزيزة ؟
فعلت هذا لأنفرد بشيء رغبت فيه
فما يرغب فيه أبو الخير لا يجاوز لغيره وأنت تملك قلبها
لن تستسلم لك عزيزة
ستجبر..... الآن عليك الموت بسلام
انتهت ايام بلال بالدنيا صمتت أنفاسه وصعدت روحه إلي السماء
كيف استطعتِ الصبر يا عزيزة؟
لم اصبر بل دُفنت معه ذلك اليوم
لقد رأيت الرصاصة تخترق قلب بلال ولكنى شعرت بها في صدري لم تقتل بلال فقط بل قتلتني معه ذلك اليوم
شاهدت ما حدث لبلال دفعت الباب بيدي ودخلت رافعة رأسي للأعلى لم اذرف عليه الدموع بل جلست إلي جواره أخذته إلى أحضاني ورفعت رأسي إلي أبو الخير
لم يحزن قلبي لموت بلال، اليوم أدركت من أنتم وماذا تفعلون كنت احسبكم جماعة للحق ونصرة الإسلام والمستضعفين
اليوم علمت أنكم مجرد راغبين المال والسلطة كان بلال مغتش فيكم إلي أن قتل لأجلكم وقُتل على أيديكم
لم يجد أبو الخير كلمات تبرر موقفه امام عزيزة انهزم في نفسه بعض الشيء وعاد ليخترع كذبة آخري
إن بلال خائن لقد وكلت إليه مهمة مستحيلة لنستطيع كشف أمره ولم يخيب ظني لقد نفذها بمساعدة أفراد الجيش ليستطيع كسب الثقة مرة أخرى ولكن أمره كشف
ما كشف هو أمرك أنت وجماعتك يا أبو الخير
سيغسل بلال ويدفن خارج هذا المعسكر اما أنا سأعود إلي سوريا اواجه مصيري هناك إن فارقت هذه الحياة سأكون بأرضي لن ادفن غريبة
انفعل ابو الخير أمسك عزيزة من يدها اوقفها امامه كسره كبرياءها ونظراتها الحادة رأي في عيونها عدم الخوف منه
لقد أتيتي ذلك المعسكر برضاء نفسك ولن تغادريه إلا بأمر أميره و ها أنا أمير المعسكر أمرك أن تذهبي إلي قصر الجواري تتزينين ستصبحين الليلة ملكي أما عن هذا الخنزير سيدفن بلباسه
ومنذ ذلك اليوم دفن قلبي بجوار بلال تحت الرمال صرت لا أشعر
فقط مجبرة علي العيش لأكون جارية أبو الخير
لهذا حاولتِ الهرب؟
احاول دائما وسأحاول حتي استطيع
ذلك الإحساس يخبرني أنني ما زلت على قيد الحياة
أي إحساس تقصدين
إحساس الحرية يا فاتنة
أخشى أن تطول جلستي هنا فأصير مثلك أقصي طموحاتي الحرية
لا تخشين فقط فكري كيف ستهربين
دبر خالد أمور سفره سريعًا وغادر القاهرة إلي فرنسا مرة أخرى ليستطيع البحث عني
ات منتصف ليل المهمة أجبر جمال على التنفيذ لأول مرة منذ انضمامه إليهم صعد إلى السيارة بجوار أبو الخير يحمل بحقيبته الكثير من الديناميت والأسلاك يرغب في الهرب بعيداً بعد أن كشف حقيقتهم ولكنه يخشى أن يصيبني مكروه ظل جمال حائراً ولا يستطيع التفكير في ذلك الأمر حتي وصلوا الى مكان المهمة
نزل الجميع خفية يتحسسون في الليل ولكن جمال مازال بالسيارة خائفاً ينظر حوله يرغب في الهرب من قبضة أبو الخير
شعر أبو الخير بارتباك جمال واراد كشف ما به
جمال !ما بك يا بطل تبدو متردد بعض الشيء .اعندك شك في ذلك الأمر
لا لا يا شيخ ولكنه فقط بعض الإجهاد يتملكني
فلتسرع يا بطل اليوم يومك سترفع راية من رايات الاسلام على يدك
هااا نعم يا شيخ نعم
نزل جمال من السيارة ممسكاً بحقيبته السوداء وقف في حيز التنفيذ أخرج قنابله جلس على ركبتيه وشرع في توصيل الأسلاك ببعضها
ظهر على جمال الارتباك كذلك التوتر لاحظ ذلك أبو الخير من نافذة سيارته دقق النظر إلي ملامح جمال وشك أن به شيء
نظر إلي امامه حيث يجلس منير بكرسي القيادة
منير الا تلاحظ امراَ غريب على جمال اليوم
نعم الجميع لاحظوا ذلك شروده طوال اليوم توتره الزائد لقد كان فارغ الذهن أثناء كل مهمة ولكنه اليوم غريب بعض الشيء
اشتم فيه رائحة التردد كذلك رغبة في الهرب
ليس كذلك يا ابو الخير. لعله يفكر في أمر زوجته أو يخشى أن تهرب من المعسكر تعرف كم يحبها
لا يا منير ليس الأمر كذلك دعنا ننتهي من تلك العملية وسيكشف لنا ما في الأمر
اتشك في امره يا ابو الخير
اشك في أبي يا منير فذلك العمل لا يعرف صداقة أو أخوه إن كان ابنك او ابيك فعليك الحذر وإلا غُدر بك أما أصبحت مقتولاَ أو كبش فداء للكبار
أعلم يا أبو الخير ..انظر فجمال ترتعش يداه أظن أن تلك المهمة مستحيلة على الأقل هذا اليوم
لا يا منير انتظر قليلاً لن نأخر عميلة كهذه لأجل فرد في الجماعة
اقتنع منير برأي أبو الخير وظل منتظر يراقب في صمت ولكن حدث ما لم يكن في حساباتهم فقد تمت محاصرتهم من جميع الاتجاهات بفرق من الجيش يقتربون إليهم في هدوء
شعر منير ببعض التحركات حوله وبدأ الخوف يسيطر على تفكيره
ابو الخير انظر هناك بعض الانوار في تلك الاتجاهات غير المدروسة بالخريطة
اهدأ يا منير هي فقط إشارات فرق الجيش لبعضهم ولكنهم ليسوا في الجوار يتبادلون الاضواء الكاشفة عن بعد للاطمئنان على معسكراتهم أنت تعلم تلك الأماكن يتم التشويش فيها على أجهزة اللاسلكي
نعم أعلم ولكن أشعر أن هناك تحركات تحدث حولنا
انظر ابو الخير تتم محاصرتنا الجيش منتشر بالمكان
نعم انت على حق
صاح أبو الخير في رجاله
إلي السيارات إلي السيارات
ترك كلاَ ما في يده واسرعوا إلي السيارات هنا بدأت المواجهة وتبادل إطلاق النيران بينهم استمرت المواجهة سبع دقائق أصيب فيها الكثير وقتل الاكثر أصبحوا جميعهم اموات لا يعلمون حقيقة الأمر
ظل جمال في مكانه لا يستطيع التحرك خاشياَ أعيرة النيران حوله
ظل مختبئ حتى صاح فيه أبو الخير إلي السيارة يا جمال إلي السيارة يا جمال اسرع جمال باتجاه السيارة ولكنه أصيب بطلقة نارية في كتفه الأيسر قاوم ذلك الوجع حتي بلغ السيارة واستقلها بمساعدة أبو الخير
انطلق منير في الصحراء بعيداً تاركاً خلفه أفراد جماعته في مواجهة مع الجيش رغم قلة عددهم
استطاع منير الإفلات من عيون الجيش والمضي تجاه المعسكر التدريبي دون أن يتبعه أحد
نزف جمال الكثير من الدماء ضعفت قوته علي تحمل ذلك الوجع فقد الوعي قليلاَ ولكن قلبه مازال ينبض
امازال حيَ يا ابو الخير؟
نعم حي فقط أسرع قليلاً حتي تستطيع زوجته إسعافه واستخراج الرصاصة من جسده
طال الطريق على جمال خسر الكثير من الدماء كذلك فقد اتزان عقله وبدأ في سرد ما بخاطره في هلوسة فقدان الوعي
سامحيني يا فاتنة سوف اهربك لا تخافين سنصل مصر قريباً
ابو الخير قاتل يا فاتنة يداه مليئة بدم الأبرياء
يداه مليئة بدم الأطفال والأمهات .كذلك أنا جمال قاتل يا فاتنة
سمع تلك الهلوسات ابو الخير كذلك منير نظر كلاَ منهم للآخر في مرآة السيارة أبتسم أبو الخير
ألم أقل لك يا منير إني اشتم رائحة التردد ورغبة في الهروب
وماذا سنفعل هل سنرمي به هنا في الصحراء
ضحك أبو الخير ضحكة عالية لا فزوجته طبيبة المعسكر يحتاجها كذلك هو صانع قنابل لا يضاهيه احد لا مثيل له في الجماعة أجمعها
سيكون أسيراً مثله مثل أي جارية بالمعسكر . ينفذ ما نطلب دون تردد ونستريح من تلك المسرحية التي نمثلها أمامه إلا أن انضم إلينا حقاَ فلن ينقصنا سوى بعض الدولارات
وصلت سيارة ابو الخير وحدها المعسكر اصطف الجميع مندهشَا أين باقي الجماعة نزل منير مسرعاً فتح باب جمال أخرجه أمام الجميع غارقاً في دمائه حمله منير رفقة بعض الرجال واسرعوا به إلي منزلي
فُزعت لطرقهم الشديد على باب المنزل ايقنت أن بالأمر شيء هام لا ينتظر ارتديت حجابي. واسرعت إلي الباب
انغلقت الدنيا أمامي فور رؤيتي جمال غرقاَ في دمائه
ماذا حدث له ؟
اقتلتوه ؟
اتاني الرد من خلف ظهري أنه أبو الخير .كيف لنا أن نقتل فرداً منا وبطلنا .هو فقط أصيب في المعركة أحدهم اوشى علينا
و جمال كان في ساحة المعركة أصيب بطلق ناري بسيط ارينا مهاراتك كيف ستنقذين زوجك من الموت
خوفي من فقدان جمال جعلني انسى مهنة الطب التي دراستها تملكتني العاطفة سيطرت على افعالي صرت كالأطفال أول يوم مدرسة .هنا شعرت أني سأخسر جمال إن لم اتصرف أسرعت في إحضار الإسعافات الموجودة وشرعت في تطهير الجرح واستخراج الرصاصة من جسد جمال كان يتألم يكاد صراخه يخترق مسامعي ولكني أظهرت القوة في تعاملي مع الجرح حتي اخرجت الرصاصة وقمت بخياطته
تركته يرتاح أثر ذلك الوجع ارتفعت حرارته قليلاَ وكان لابد من اخذه بعض الأدوية
توجهت إلي أبو الخير نظرت إلي عيونه وكأني أخبره إني أعرف حقيقتك
هل اخرجتي الرصاصة من جسد جمال ؟
نعم
ولكن جمال يحتاج الراحة كذلك يحتاج بعض الأدوية
ونحن فداءَ لبطلنا سجلي ما تحتاجين من أدوية ومنير سوف يحضرها
لابد من إحضارها بنفسي
لا عليكِ فنحن نفعل ذلك لأجل راحتك منير هنا تحت امرك فجمال ابننا كذلك انتِ لكى مكانة بالمعسكر
لا اريد تلك المكانة لا اريد البقاء هنا ولا ثواني معدودة فقط أريد الذهاب من ذلك المكان عاجلاً ليس باجلاَ
تريدين الذهاب دون زوجك؟
لا سوف نترك هذا المكان أنا وجمال سوياَ
كيف وجمال طريح الفراش ؟
استحملنه على اكتافك ؟
تدرك جيداً إني لست كعزيزة لا أترك زوجي وإن كان هذا نهاية حياتي
جمال هنا طريح الفراش والطريق أمامك ولكي الاختيار
ولكن فقط احسني الاختيار كي لا تدفعين عمرك ثمن ذلك لاحقاً
ما بها أبواب الدنيا مغلقة في وجهي ألم يأن آوان سعادتي؟ كم رحلة شقاء وبعد سأمر بها إن ذلك الفؤاد يحمل الكثير داخله ومازلت متماسكة كي أكون مثل ما أريد
مر ذلك اليوم علي جمال صعب طويل يحارب فيه الموت حتي أنتصر عليه وفتح عيونه اخيراَ لقد كنت إلي جواره طوال الليل أتابع حرارته واحقنه ببعض الأدوية ليخف جرحه ويستعيد وعيه
جمال !حمداَلله على سلامتك انطفأت شمسي بإغماض عيونك يا جمال
لا تقلقي يا فاتنة أنا بخير كنت أثق في قدراتك بعد ثقتي بالله واليوم رهنت عليكِ وكسبت الرهان يا فاتنة قلبي
لا تجهد نفسك كثيراَ فمازلت متعب
أنا متعب لأجل ما فعلت يا فاتنة لقد استغلوا اسم الدين ليسحبوني إلي دائرتهم لا أريد إكمال ذلك يا فاتنة لا أريد هذا الدور
هل عرفت حقيقتهم ؟
نعم يا فاتنة لقد رأيت كل شيء كان يخفيه أبو الخير رأيت كم هو ظالم قاتل مأجور فاسد كلب للمال والسلطة عبد للشهوات
أتعلم أنه قتل بلال خطيب عزيزة ليأخذها لنفسه
ذلك الشيطان لا يعصي عليه أمر يا فاتنة أنهم يستغلوني يا فاتنة ولابد لنا من الهروب وترك هذا المكان حتي وإن وجهت السجن سيكون كفارة لي على عملي معاهم تلك الفترة
حقاَ يا جمال سوف نترك هنا ؟
حقا يا فاتنة سنترك هنا ما إن شفي جرحي سنترك ذلك المكان فوراً سأعود بكِ إلي مصر سأجلس أمامك أطلب العفو عن تلك الرحلة السيئة التي ستحفر في ذاكراتك
ايقنت أن جمال استرد وعيه و عاد إلي رشده وتلك كانت أولي الخطوات المطلوبة للرحيل عن هنا
وصل خالد فرنسا
لم يحتار كثيراً ذهب اولاَ الي ذلك المشفى الذى كنت أعمل به حيث التقينا استطاع معرفة عنوان منزلي بمساعدة أحد الأطباء بالمشفى كذلك معرفة تاريخ انقطاعي عن العمل أخذ خالد العنوان وأسرع إليه عاشمًا أن يمسك طرف الخط الذي سيوصله إلي
باب المنزل مغلق معلقًا عليه لافتة للإيجار لفت نظر خالد وجود المنزل بحي به الكثير من العرب أراد خالد الدخول إلي المنزل والبحث بين اشياءه ليستطيع كشف أدق التفاصيل تواصل مع صاحب المنزل الذي استجاب له سريعاً وحضر لينفذ رغبته للاطلاع على المنزل
سأله خالد من آخر مستأجر لهذا المنزل ولماذا غادره
ليخبره عنا
كانوا عرب مثلك رجل وزوجته فزوجته كانت طبيبة ولكن الرجل كان غريب الأطوار
كيف؟
ليس له مواعيد محددة لاحظت ذلك من خلال تواجدي بقربهم فأنا أسكن بنفس الحي في الفترة الأخيرة كان يغيب أيام قليلة ثم يعاود الظهور مرة أخرى وعند خروجه أو عودته يلتفت حوله كثيراً
كذلك كان يأتي رفقته بعض الأشخاص غريبي الأطوار في نظري
ولماذا تركوا المنزل ؟
لا أعلم ففي صباح أحد الأيام وجدنا باب المنزل مفتوح على مصراعيه والشرطة تحاصره من كل مكان
الشرطة ؟لماذا؟
يقولون متورطون في حادثة التفجير الأخيرة لقد بحثوا بكل ركن بالمنزل ولكن لم يعثروا على أي شيء
تفجير ؟وهل تم القبض عليهم ؟
لا أحد يعرف ولم نحاول الدخول في تفاصيل عنهم حتى لا يتم الاشتباه فينا .تعلم تلك الأمور حساسة بالنسبة للأمن هنا
نعم أعرف
ولكن سرًا هناك امرأه في المجاورة رأتهم ليلاً وهم حاملين حقائبهم تلك هي الشاهدة الوحيدة التي طلبوا افادتها أكثر من مرة
أين هي تلك المرأة ؟
هنا .هذا منزلها
الآن هل أتم إجراءات التعاقد للمنزل وكم المدة التي ستمكث بالمنزل
أجعل المدة مفتوحة .تلك اوراقي من أجل كتابة العقد
انهى خالد إجراءات الاستئجار وتجول في المنزل يبحث بعيونه عن أمر يرشده إلي انتظر قليلاً حتي اتي الليل وأحضر باقة من الورود البيضاء بمنتصفها ورده حمراء تعطر بالعطور الفرنسية وذهب إلى المرأة التي أشار إليها صاحب المنزل
دق باب منزلها بهدوء فتحت له امرأه في سن الخمسين أو أكثر رحبت به شكرته علي ذوقه في انتقاء الورود
جلس خالد واراد أن يكون صريح معها ليستطيع الوصول ل طرف الخيط
ادعى خالد أنا مصري
أهلا بك هل أنت. جارنا الجديد في ذلك المنزل
نعم.
أحب مصر كثيراً كذلك أريد أن أسمع الكثير عن حضارتهم الفرعونية وتاريخهم ولكن أخشى أن أسبب لأحدهم المتاعب بأسئلتي الكثيرة
لا عليكِ أنا هنا سأعرفك علي ما تريدين
ولكن عليكِ بزيارة تلك الحضارة والوقوف أمامها وستروي لكي الكثير عن خباياها
نعم نعم أرغب بشدة في زيارة مصر
ولكن عذراَ هل جميع المصريين لطفاء مثلك يهدون الورود ويضعون تلك العطور المميزة أما هناك سر لهذا ؟
جميع المصريون يفعلون ذلك دون الحاجة لكشف سر ولكني أتيت لأعرف أمر يفصل بين الموت والحياة بالنسبة لأحدهم
ما هو ذلك الأمر ؟
أنها فاتنة جارتكم العربية بهذا المنزل منذ عدة شهور
فاتنة اتقصد تلك الفتاة المحجبة وزوجها ؟
نعم هي . أخبروني انكِ رأيتها قبل رحيلها بساعات أريد أن أعرف ماذا رايتي
وماذا تعني لك هل هي حبيبتك أما إنك من تلك الجماعة ؟
تنهد خالد ليستطيع الإجابة على ذلك السؤال
كانت ستكون حبيبتي ولكن للقدر كلمة أخري
رأيتها صدفة أكثر من مرة جمعتنا أماكن مختلفة كانت دقائق قليلة ولكن ملامحها لم تغيب يوماً عن خاطري كذلك بسمتها الهادئة اردت رد الجميل لذلك الرجل الذى ترك حياته لأجلي أردت جمعه بابنته مرة أخرى لتكون الصدمة أن تلك الفتاة التي حفظ قلبي ملامحها هي ابنته فاتنة علمت أنها مختفية منذ أشهر جئت إلي فرنسا بحثاً عنها ليس فقط من أجل أبيها ولكن لأجل تلك المشاعر التي تملكتني ولم أستطيع تفسيرها إلي الآن
قطعته السيدة بحديثها
لقد اخذها ورحل رأيتهم من نافذة غرفتي بعد منتصف الليل يحملون الكثير من الحقائب. يبدو مرتبكين
شعرت أنها تخاف من زوجها لديها رغبة في عدم الذهاب معه ولكنها ذهبت
ولماذا شعرتي بهذا؟
كانت خطواتها مترددة تتقدم خطوة وتؤخر خطوات تنظر إلى الخلف ثم حولها وكأنها تستنجد بأحدهم وما أنا وقفت في مكانها معلنة عدم موافقتها على الذهاب .امسكها زوجها بقوة من يدها وسحبها خلفه انهزمت أمامه وطاعت أمره وذهبت رفقته
شعرت أن الأمر ليس عادياَ وفي الصباح انكشف الستار ووجدنا الشرطة وبعض أفراد الجيش يحاصرون المنزل وطلبوا شهادة جميع الجيران أخبرتهم بما رأيت ولكني علمت من الشرطي أن زوجها متورط في قضية تمس أمن المواطنين لقد اشترك في التفجير الاخير
ولكن اين ذهبوا؟
لا ندري فقط رجال الشرطة يعلمون .انصحك بالذهاب إلى أفراد الشرطة ليتعاونوا معك
بالتأكيد ولكني أردت معرفة حقيقة الأمر قبل الذهاب
انتظر لقد أعطاني أحد رجال الشرطة رقمه الخاص قال سأحتاج الاتصال به عند تذكري معلومات جديدة عن تلك الأسرة كما أخبرني الاتصال به في حالة حدوث أمر يخص تلك العائلة
إذا عليكِ الاتصال به الآن وأخبريه عن أمري
هل أنت متأكد من هذا؟
نعم متأكد لن يساعدني أحد مثلهم
لك ما تريد الآن سأتصل بذلك الشرطي واخبره بما حدث
عاد خالد إلي منزله وظل في انتظار رجال الشرطة قرر خالد عدم الذهاب إليهم وتركهم يأتون إليه ليكون محور اهتمامهم
لم يمر الليل فقط ساعات قليلة حتي اتت فرقة كاملة من الجيش حاصرت المنزل مرة أخرى سمع خالد تحركاتهم من الداخل أشعل سيجارته وظل جالسًا بمكانه حتى اقتحم احدهم المنزل ورأي خالد جالسًا في هدوء أقترب منه بحذر أمره بالركوع على ركبتيه نزل خالد أرضاً منفذاً تعليماتهم وضع يده خلف رأسه ألبس أغلال حديديه بيده ورحل معاهم في هدوء ظل خالد باقية ساعات الليل في زنزانة صغيرة مغلقة بباب حديدي يسمع فقط بعض الأصوات بالخارج حتى ساعات النهار الأولي
فُتح باب الزنزانة وأتى بعض الرجال قاموا بربط يدى خالد كذلك عصب عيونه برباط أسود أخذوه بين أيديهم وذهبوا
حتى استقروا به في مكتب التحقيقات
ازالوا رباط عيونه وجلس إلي الكرسي مكبل الأيادي
يجلس أمامه علي الجانب الآخر للمنضدة رجل اسود طويل يشعل سيجارته
أنت خالد؟
نعم خالد
ما الذي اتي بك إلي فرنسا ؟
من اجل البحث عن أحدهم
ومن يكون ؟
الطبيبة فاتنة المختفية منذ اشهر
وكيف تواصلت إلي منزلها ؟
أخذت عنوانها من المشفى التي كانت تعمل به قبل اختفاءها
ولماذا تبحث عنها؟
فقط لأعيدها إلي أبيها فهو في انتظارها ويجهل ما هي فيه من مشاكل
هل أنت احد أفراد عائلتها ؟
لا ليس هكذا ولكني...
نعم نعم نعلم لقد وصلتنا المعلومات الكافية عنك
في تلك الحالة لماذا أنا هنا ؟لابد أن أكون في منزلي فلا يوجد ضدي أي اتهام إلا أن كان البحث عن شخص مفقود صار جريمة
لا .ليس جريمة ولكن الجريمة فعلها ذلك الإرهابي وهرب قبل الإمساك به
من يكون؟
جمال زوج الطبيبة فاتنة إنه ينتمى لجماعة إرهابية منذ مدة طويلة وقد تم رصده في الفترة الأخيرة هنا بفرنسا ولكنه استطاع الهرب
وماذا عن فاتنة ؟
رفقته ولكنها مجبرة بمعنى أصح مخطوفة وردتنا تلك الأخبار من إيران
هل هي بإيران؟
نعم ..
كيف يمكنني إنقاذها ؟
التقط الشرطي سيجارة أخرى من علبته الخاصة ثم أعادها إلي المنضدة مرة أخرى
تلك المهمة التي ستكلف بها يا خالد لقد أتينا بك من أجل هذا
من أجل ماذا ؟
سوف تذهب إلي إيران لتنفيذ المهمة التي جيت لأجلها
اريد أن أفهم أكثر من ذلك
امر الشرطي رجله بحل وثاق خالد اعتدل في كرسيه وبدا عليه التركيز ليستطيع فهم الأمر جيداً
ما هي تلك المهمة التي سأنفذها
انقاذ فاتنة يا خالد
ألم تأتي من أجل ذلك ؟
سوف نقدم لك كل التسهيلات لتستطيع إتمام المهمة
وما المقابل؟
ستكون عيننا تلك الفترة في المعسكر كذلك سوف تسهل على قواتنا اقتحام المكان والإمساك بالعناصر الإرهابية
ولماذا أنا ؟وتلك المهام يقوم بها عناصر من الجيش يكونوا مدربين لتلك الأمور
اولا أنت عربي وتلك المهمة تحتاج إلى عربي مسلم
كذلك تحتاج إلى شخص غير مدرب يبدو عليه الضعف ليثقوا فيه بسهوله ويستطيع الدخول بينهم سريعاً
اهي عملية سرية؟
تخشون كشف أمرها وتعرض رجلكم للمحاكمة وكشف أمره
تستطيع ان تقول ذلك ولكن الأهم أنك ستنفذ ما جيت لأجله بمساعدتنا كذلك سنعيدك إلي مصر بعد إتمام تلك المهمة
استطيع أن أعرف ما هو المطلوب مني لأجل إتمام تلك المهمة
فقط ستُدس بينهم تصير فرد منهم لفترة تستطيع فيها معرفة نقاط ضعفهم وعددهم والأسلحة الموجودة بمعسكرهم كذلك الوقت المناسب للانقضاض عليهم
صمت خالد قليلاً يفكر في الأمر تذكر دموع أمي ووعده لأبي ووافق سريعاً .
ارتاح أبو الخير قليلاً في منزله الخاص ارتدى عباءته وذهب إلي قصره الكبير حيث توجد عزيزة
اشتمت عزيزة رائحته عن بعد ضحكت مستفزه رجولته
اشتم رائحة كلب طليق في الصحراء يأكل بقايا الحيوانات الميتة حتى صارت رائحته مثلهم
ضحك ابو الخير كيف تشبهين نفسك بالحيوانات وانتِ ملكة جمال قلبي بل والعالم في عيوني
لا أريد ذلك العالم أريد فقط الهروب بعيداً عنك بل عن دنياك اجمعها
أ تردين الموت يا عزيزة قلبي ؟
اريده كي أستطيع الخلاص منك ومن انفاسك الخبيثة التي تصطدم بأنفاسي رغماً عني
لن تجدين ملجاَ لكِ غير أحضاني في تلك الدنيا أعلم أنكِ تريدين الموت لتستعطين اللحاق بقُرة عينك ونبض فؤادك بلال
كيف لك أن تعلم أنه نبض فؤادي ومع ذلك تحتل جسدي رغماً عني
له الفؤاد ومتاعبه ولي الجسد ومتعته أنا أكتفي بذلك القدر
انت شيطان
نعم أعلم ذلك ولكن هذا الشيطان آسيرك يا عزيزة إن رضيتي وطعتِ صارت الدنيا تحت أقدامك سأجعلك ملكة متوجة يرغب الجميع في خدمتها لا أرغب في ذلك العالم يا ابو الخير أريد منك فقط أن تحررني أن تقتلني عُدت لا أملك الرغبة حتي بالهرب أريد فقط الخلاص من هذه الدنيا لا .فانتِ جارية ابو الخير ولن احررك بتلك السهولة عليكي مجارية تلك الحياة والعيش فيها كما أرغب أنا وإلا ستعشين ذليلة تتمني الموت ولن تصلين إليه ألعنك يا أبو الخير ألعنك في كل دقيقة تمر من عمري ألعنك في كل ركعة اركعها وأنا باكية اشكو ضعفي وقلة حيلتي كل تلك اللعنات تجعلني احبك اكثر فأكثر كل تلك اللعنات تزيد من عشقي لكي زيدي يا عزيزة فأنا صرت متيم لتلك اللعنات وعاشقاَ لتلك الشفاه التي تلعنني رفضت عزيزة اقتراب أبو الخير منها صرخت حتى ملأت صراخاتها المعسكر تركها أبو الخير وغادر قصره شعر جمال بالإجهاد لنومه الطويل أراد أن يرؤى عطشه طلب مساعدتي للوقوف على قداميه ولكنه لم يستطيع حينها اكتفى فقط بالجلوس في فراشه لاحظ جمال قلقي واراد بث الطمأنينة في فؤادي اشعر بقلقك يا فاتنة ولكن سوف اوفى بوعدي معك لا تقلقي هذا العمل لأجلنا يا فاتنة تصحيح لما فعلت من أخطاء اخشى عليك جبروت أبو الخير اخشى أن يكشف أمرنا أن يصيبك مكروه تخشى فقداني يا فاتنة اخشى أن أكون وحدي دونك يا جمال فلا أستطيع المقاومة هل ستسامحينني يا فاتنة ؟ سأسمحك يا جمال فقط انقذنا من ذلك الغول سأنقذك يا فاتنة كيف يا جمال؟ سأتدبر الأمر يا فاتنة فجاني ابو الخير بوجوده مستمعاَ الي حديثنا وقف بباب الغرفة واعلي صوته وعيونه تنظر إلي جمال لا عليك يا جمال لا تجهد روحك فأنت أسير الفراش سوف أخبرها أنا كيف تقدم أبو الخير تجاهي امسكني من عنقي كاد أن يخنقني كيف لأمر كهذا أن يفلت من تحت يدي ايخيل لكي أن أبو الخير يجهل ما يدور حوله الم أخبرك أن معي مفاتيح جميع الأبواب وذلك الخائن يخيل له أنه يستطيع الهرب من قبضتي انفعل جمال ولكن خانته قوته فلم تستطيع الدفاع عني اترك زوجتي يا ابو الخير وما المقابل يا جمال حتى اتركها من قبضتي
لك ما تريد يا ابو الخير لك ما تطلب ولكن اترك فاتنة تركني ابو الخير وقعت أرضاً استنشق الهواء بصعوبة وتوجه إلي جمال ليس لك عندي فائدة كذلك لا أستطيع أن اتركك تذهب أخشى على المعسكر فتنتك سأكون تحت أمرك سأكون طوعك كالسابق ستحاول الهروب مرراَ ستنشر الفتنة في أرجاء المعسكر اليوم سوف اخلصك من وجع ذلك الجرح كذلك من تأنيب الضمير اخرج ابو الخير سلاحه ووجه إلي قلب جمال وضغط زناده لم أكن استوعب ما يحدث أحقاَ أطلق النار على جمال أحقاَ فاضت دماؤه حتي اغرقت الفراش فارقت روحه الجسد وسقط بالفراش حاضناَ دماءه لفظ أنفاسه الأخيرة وهو يلفظ اسمي فاتنة ..فاتنة تذكرت ما سردت لي عزيزة وما حدث معها شعرت بما شعرت به من ألم ووجع أعاد أبو الخير فعلته السابقة مع عزيزة ولكن هذه المرة معي ركضت إلي جمال اخذته في أحضاني صرت أصرخ كالمجنونة قاتل... شيطان ... اليوم صرت عزيزة اليوم تغير قدري لأكون عزيزة أخري رحل جمال وتركني وحيدة اخذوه من أحضاني دفنوه بملابسه دون اكرامه بالغسل والتكفين أو الصلاة عليه توضأت وصليت عليه صلاة الغائب وقلبي ينفطر من الألم نشر أبو الخير أخبار بالمعسكر أنا جمال هو الخائن الذي ابلغ عن مهمتهم الأخيرة وتسبب في قتل أفراد الجماعة وكان لابد من قتله هناك من اقتنعوا بل وارادوا التمثيل بجثمانه وهناك من يعلمون كم التزييف للحقائق التي يمارسها ابو الخير دائماً انعزلت بالأسود بعيداً عنهم وحيدة بالمنزل أجلس خلف الباب خاشية أن يقتحم ابو الخير حزني تذكرت تلك الليالي الأولي التي ذهب فيها أبي تذكرت حزني في الماضي وددت لو اقتلع قلبي لأنزع منه ذلك الإحساس أين جمال؟ تلك الجملة تكررت داخلي أذهب بهذه السهولة تركني وحيدة دونه . أكان الفراق هاينًا عليه سأنتقم لجمال سأقتلع قلب ابو الخير دق باب منزلي بنبرات حزينة نادت عزيزة جيت اوسيكِ و اؤسي روحي فهل تقبلين أن اشاركك الحزن فتحت الباب مسرعة رميت بنفسي في أحضان عزيزة أبكي دموعاً كالفيضان .كنت حقاَ أحتاج من يؤسيني احتاج من يمسح دموعي ويطبطب على روحي بكلماته قتله يا عزيزة فعل له مثل ما فعل ببلال لم يرحم ضعفه ولم يشفق على وجعه بل صوب سلاحه تجاه قلبه كي يقضي عليه اليوم صارت بالمعسكر عزيزة أخري فكم عزيزة صنع ابو الخير؟ لا عليكِ يا فاتنة سيذهب الحزن وينقضي ذلك الوقت فقط إن اخرجتي روحك من ذلك المكان
كيف يا عزيزة؟
لقد حاولتِ سابقًا و لولا أنك مفضلة أبو الخير لكنتي جثة هامدة منذ زمن فماذا عني ماذا سيفعل بي؟ سيقتلك في الحالتين إن بقيتي أو إن امسك بكِ وانتِ تحاولين الهرب النجاة الوحيدة لكي أن تستطيعين الهروب انفضي ذلك الحزن عن اكتافك فجميعهم قتلة والجميع هنا أموات ولكن بميعاد فكري كيف تنجين بروحك من ذلك المكان فكري يا فاتنة الان سأعود إلي المنزل قبل أن يعود ذاك الشيطان عليكِ الحذر يا فاتنة غادرت عزيزة بعد أن خفت شيء من حزني احيت بروحي رغبة النجاة تذكرت أمي وددت لو أشق تلك المسافات بيننا وارتمي في أحضانها لأنسى ما مر به قلبي أين سأرمي بذلك الحزن داخلي ؟ من سيحمل معي ذلك الوجع فقط ليخفف عني دون انتظار مقابل تمددت ارضًا اناجي ربي أن يرحم روحي الضعيفة أن يرسل لي عونًا يخرجني من ذلك المكان أن يجعل طهارة أمي ونقاءها شفيعاً لي عنده مرت ثلاثة أيام ومازال الحزن يعصر قلبي لم أكن أعلم ما يدبروه الله لي ظل خالد تلك الأيام في ضغط شديد يدرس ثقافة تلك الجماعات وكيفية التعامل معاهم كذلك الاطلاع السريع علي بعض الأسلحة وكيفية استعمالها اتم خالد استعداداته كذلك دبروا له أمر جواز سفر وأوراق جديدة بشخصية جديدة سُمى بتلك الأوراق عمر صنعوا له ملف حافل بالعمليات الإرهابية الخطيرة جعلوا من خالد عمر الارهابي كما خفي خالد صليبه ببعض المساحيق حتي لا ينكشف أمره و ليستطيعوا دسه وسط تلك الجماعات استلم خالد اوراقه ووصل الي أبو زيد ذلك الشخص الذي سيدخله وسط معسكر أبو الخير دون الشك في أمره جاهز يا عمر ؟ جاهز يا عمر؟ الا تعرف اسمك؟ لا أعرفه ولكنه فقط جديد على مسامعي لذلك لم انتبه ان لم تنتبه المرة القادمة ستكون رقبتك ورقبتي هي الثمن افهمت؟ نعم فهمت الان انقطعت علاقتك بالفرنسين ليسوا يعرفونك ولا تعرفه أنت عمر المصري جيت لتتلقى التدريبات اللازمة في معسكر أبو الخير لتستطيع تكوين جماعه التنفيذ في مصر افهمت يا عمر ؟ نعم فهمت سوف نصل إيران الآن ساعات قليلة تفصلنا عنها لا أريد توتر أو ارتباك دائماً أظهر شجاعتك وحكمتك بالأمور
أبو الخير لا يرحم من هو أبو الخير يا اب زيد انه أمير الجماعة بذاك المعسكر ستعرفه جيداً عندما تراه فالكلام في حقه قليل مرت ساعات وساعات أخري بل يوم كامل حتي وصل خالد إلي إيران استقل سيارة كانت في انتظارهم بالمعسكر رفقة اب زيد وانطلقوا في الصحراء تجاه معسكر الموت فالجميع هنا يفكرون في أمور واحدة السلطة المال و النساء والباقية ما هم إلا عرائس مقيدة بخيوط في أيدي الكبار يحركونها متي شاءوا انتهت رحلة خالد بعد ساعات أرهق من صعوبة الطريق وبعده عن المدينة وصل فجراً يحمل حقيبته على اكتافه نزل من السيارة جواره اب زيد كان في انتظارهم ابو الخير ومنير وبعض رجاله مرحباَ بصديقي اب زيد رفيق الكفاح والجهاد مرحباَ ابو الخير أراك سعيد وجهك كالبدر أدعو الله أن تدوم سعادتك انت الوحيد يا اب زيد الذي يراني علي حقيقتي فتلك السعادة هي أثر رضا الله عن جماعتنا
من الضيف ؟
انه عمر المصري الذي أخبرتك عنه في الهاتف اه عمر المصري نعم هو... كنت أحسب أنه سيأتي بعد فترة ليس بتلك السرعة لم أخبرك عنه إلا أن أصبح جاهزاً لنزول معسكرك اقترب يا عمر قبل يدى شيخك ابو الخير فهو أمير الجماعة هنا وصاحب الكلمة الأولي والأخيرة للجماعة في إيران اجمعها اقترب خالد مسرعاً تجاه ابو الخير انحني امامه بعض الشيء أمسك بيده وقربها من شفاهه ثم طبع عليها قُبلة الكراهية التي نبتت في قلبه فور رؤيته ابو الخير بلباسه الأسود
رحب ابو الخير بضيفه الجديد كذلك اهداه منزل صغير مرتب بجوار منزلي هذا المنزل لك خاصتك من الآن فصاعدا ولك ما تريد من أسلحة تتدرب عليها ولك أيضاً ما تشاء من الجاريات فقط تمنى وأنا سأنفذ اراك كريم يا شيخ أبو الخير
ا انت هكذا مع جميع ضيوفك؟
لا فقط المخلصين لأبو الخير المخلصين لي فقط يلمسون السماء بأيديهم اما الخائنين لا يغادرون أرض المعسكر بل يكونوا سماد لأرض ذلك المعسكر لم يخاف خالد من أبو الخير لم يخشى ما رأي بل كان يعلم أين اتي ومن سيواجه انا كذلك مثلك يا شيخ أبو الخير احب المخلصين اذن سنكون اصدقاء ؟ نعم يا شيخ أبو الخير سنكون اصدقاء ولكن لماذا لم يأتي اب زيد رفقتي بهذا المنزل او له منزل اكبر من ذلك لا اب زيد صديقي وأخي بيننا حديث لم ينتهي بعد ولابد من إكماله سينال راحته ولكن بعد إكمال حديثنا الان اخلد أنت للراحة وميعادنا بعد صلاة الظهر ترك أبو الخير خالد كي يرتاح ولكنه بدأ منذ الوهلة الأولي في مهمته شرع بالبحث في أرجاء المنزل عن أي أجهزة تستطيع التقاط الاصوات أو تسجيلها ولكنه لم يجد فتح نافذة غرفته في هدوء مع إشراقة الشمس باكراً رأي من بعيد بعض الأشخاص على أطراف المعسكر من بعيد يحملون الأسلحة ومن بعيد بعض الرجال في طريقهم إليهم وعلى أكتافهم الأسلحة الخاصة بهم يتحركون بالمعسكر وبين المنازل بعض الرجال بأسلحتهم فهم خالد أنهم يقومون بالمراقبة علي أطراف المعسكر كذلك داخله عرف عددهم والميعاد الذي يتبدلون فيه خدمة المراقبة أعلي أطراف المعسكر اغلق نافذته وتوجه إلي فراشه يفكر كيف يستطيع الدخول بين ثغراتهم ليعرف أدق التفاصيل عنهم ولكنه دون أن يشعر خلد في نومًا عميق ولم يستيقظ سوى مع آذان الظهر أسرع خالد بلل جسده ببعض قطرات الماء تؤضا وخرج يبحث عن المسجد بالمعسكر وجد أحد الرجال أمام منزله وكأنه يراقبه نظر خالد إليه بعلامات استفهام ماذا تفعل هنا؟ انا فقط كنت أقوم بحراستك هل أمرك ابو الخير بهذا ؟ام أمرك بمراقبتي لا لا فالشيخ أبو الخير لا يعرف إني هنا لم يأمرني بمراقبتك بل أمر الجميع بخدمتك وتوفير الراحة لك اذا لماذا أنت هنا ولماذا تقوم بحراستي؟ فقط علمت أنك مصري
نعم انا كذلك علمت أنك مصري من حديثك معي
ولكن هذا لا يعني أن تقف أمام منزلي دون مبرر
لا فهناك مبرر
وما هو أريد أن انضم لجماعتك علمنا إنك هنا لهدف تدريب فرقة ستكون معك بمصر وتكون أمير عليهم وستختار تلك الفرقة من المعسكر وأريد أن أكون في تلك الفرقة حتى أعود إلي مصر
ولماذا تريد العودة إلى مصر، الم تجد الراحة ومكانك الخاص هنا بالمعسكر ؟ صمت قليلاً ثم هز رأسه فهم خالد أنه يخشى الحديث خوفًا من كون خالد مثلهم اخبرني في طريقنا للمسجد واطمئن لست كالباقية اولاَ ما أسمك ؟ علي اسمي علي من أين أنت يا علي بمصر؟ من أبعد ما تتخيل قرية صغيرة متطرفة على الحدود بين مصر والسودان ولكنك مصري ؟ نعم مصري وما الذي أتى بك هنا ؟ حلم صار مستحيل كيف ؟ كنت أرغب في الالتحاق بالكلية الحربية لأجل خدمة بلدي ولكني رفضت و جمعت المال من أمي وأبي كي اشتري واسطة تستطيع ادخالي الكلية ولكنه جمع المال مني ومن غيري وهرب وقعنا في يد نصاب اقنعنا أن ندخل أمام اللجنة دون خوف وثقنا في أنفسنا وغامرنا ظننا منا أننا مساندون إلي ظهر قوي لن يقع منا أحد ولكننا نزلنا علي أعناقنا دون أن نشعر فجأة عرف كلاَ منا مكانته الحقيقة وأين يجب أن يكون حينها انعقدت أمامي الكثير من المشاكل زاد الضغط خيبت ظن أمي وأبي علمت أن تلك الحياة يقودها فقط المال والسلطة .معك مال تكُن لك سلطة . قررت الا أعود إلى قريتي فضلت المكوث بالقاهرة والبحث عن فرصة أجني منها الأموال لأستطيع رد كرامتي .حتى وإن كانت بحمل السلاح ووصل بك الحال بينهم أليس كذلك ؟ نعم التقيت جماعة أبو الخير في القاهرة انضممت إليهم دون تفكير فقط عندما رأيت المال الوفير منهم كان غرضي من تلك الجماعة واضحاً حتي إني كنت واضحاً مع نفسي لقد أخترت ذلك الطريق رغبة في جمع الأموال واعلاء مكانتي وانتهى بك الحال في معسكر وسط الصحراء لا تدري شيء عن ما يدور بالعالم من حولك اتعرف يا علي ان كنت رضيت بقضاء الله وقدره وعُدت إلي قريتك كان سيفتح امامك جميع الأبواب المغلقة ليس نهاية الكون رفضك في الحربية هناك الكثير من الكليات كنت تستطيع إثبات مكانتك من خلالها ولكنه عدم الرضا والغضب الذي اغمض عيناك عن كثير من الأمور اليوم تريد فقط العودة إلي مصر ولو هارباً لماذا يا علي؟ هناك روحي . هناك ماء لم اتذوقه منذ غادرت أرضها هواء كان يملئ صدري ويبث في روحي الطمأنينة ولكني الآن أشعر شعور طفل تائه دون أمه يرغب في البكاء ويخشى أن يلتفت إليه غريب اقتلت يا علي؟ نعم .لقد حملت السلاح كلفنا بمهمة في سيناء ولكن كُشف أمرنا واصبحنا في مواجهة مع بعض عناصر الجيش وقفت أمام أحد العساكر أنظر في عيونه رأيت فيها الحقيقة وما هي الحقيقة التي رأيتها ؟ كانت تخبرني عيونه أنه على حق ونحن الضلال كان قوي لا يخشاني ولكني كنت اخشاه كثيراً في تلك اللحظة ترددت ولكني ايقنت إن لم اقتله سأقتل ودون تفكير افرغت رصاصاتي في قلبه قتلت دون هدف دون تشددي لفكرة أو دين دون حافظي على عرض أو شرف قتلت فقط كي ادافع عنهم لا عني نحن جنودهم المرغمين على فعل ذلك كيف لا تخشى منى وأنت تقول لي هذا الحديث ألا تخشى أن أطلق عليك النار لعدم وفاءك للجماعة لا فالجميع هنا معترفون بانتمائهم لتلك الجماعة لأجل المال فقط ولكن هناك أيضاً المتأثرون بفكرة الجهاد والدفاع عن الإسلام ونصرة المسلمين بل ويضحون بحياتهم ولماذا لست أنت منهم؟ لأني أدرك جيداً ما هو ديني وأين هو اذن أين هو دينك اغلق علي يده وأشار إلي قلبه إنه هنا يدعوني أن أتوب أن اتراجع يخبرني أن الله سيغفر ذلك الدين هو ما يجعل القلب يدمع يندم يشعر بالذنب ويريد إصلاح ما افسد الآن وصلنا إلي المسجد أنه امامك مباشرة تستطيع الصلاة الن تأتي كي تصلي؟ اشعر بالخجل من الله أريد أن أذهب إليه بعد أن انفض ذلك الغبار عن اكتافي اذهب من الآن وسيقع هذا الغبار في كل ركعة
تركه خالد ودخل إلي المسجد كي لا يشك في أمره ذهب إلي أحد الأركان وانعزل عن عالمنا وتوجه إلي الله بقلبه وخاطره وأقام الصلاة لا أدري لماذا يفضل خالد دائماً الصلاة بأحد الأركان وليس بالمنتصف اجتمع ابو الخير رفقة رجاله وطلب انضمام خالد إليهم أرسل إليه لسرعة الحضور ولكن خالد لم يهتم ظل قليلاً بالمسجد يرتل بعض آيات القرآن وعندما اكتفي ذهب إلي اجتماعهم مرحباَ يا عمر .ولكن لما هذا التأخير كنت أجدد شيئاً من روحي يا شيخ أبو الخير ابتسم أبو الخير وظن أنه كان بالخلوة رفقة احدى السيدات . وهل تجددت طاقتك نعم .بل وكثيراً اراك سريعاً يا عمر لم تعطي روحك فرصه تستريح من عناء السفر لعلها لفتت انظارك بل وحركت الرغبة داخلك فهم خالد ما يعانيه ابو الخير بل وما ظنه لقد فهمت الأمر خطاَ يا شيخ لقد جددت روحي هناك في بيت الله فلم أستطيع الخروج من المسجد دون أن افتح احدي مصاحفه ها إنها الراحة الكبرى طمأنينة تبث بالروح الحياة اذن جميع الأطراف صارت هنا اليوم بما إن عمر المصري صار هنا فلابد أن نبدأ في تشكيل الفرق المهاجرة تلك الفرق مدربة بالمعسكر وتستطيع التعامل بجميع انواع الأسلحة سيكون لسوريا نصيب كذلك مصر وأيضاً اليمن سيتولى كلاَ منكم اختيار وتدريب فرقته الفترة المقبلة وله عليهم السمع والطاعة ولنا عليكم إيصال كلا منكم إلي أرضه بفرقته دون الوقوع بيد أفراد الأمن أو حراس الحدود امامكم مهلة أسبوع لا أقل ولا أكثر حتي يتسع المعسكر لأفراد جُدد سينضمون إلينا حتي يأخذون حقهم بالتدريب والمثابرة علي حياة الصحراء اما بالنسبة لك يا عمر يحق لك اختيار الامهر الأذكى الافضل في كل شيء التصويب وزرع القنابل القناصة وكذلك رامين السكاكين فهم مدبرون على قطع رؤوس الأعداء دون رحمة بالنسبة لي سوف اختار الكثير من المصريين وكما قلت الأفضل بينهم
ولماذا مصريين ؟
سيكونون طوع أمري سيقدمون على المهام بقلب ثابت لأجل أرضهم غير منتظرين المقابل لك ما تطلب يا عمر المعسكر أجمعه تحت أمرك فقد اوصاني عليك اب زيد كذلك أوصاني عليك يا شيخ أبو الخير اذا انطلقوا يا أبطال فساحات الحرب بانتظاركم أما أنا سأخذ بعض الوقت مع اب زيد فالحديث بيننا لم ينتهي خرج الجميع وبقى اب زيد رفقة أبو الخير ما خطب ذلك المصري يا اب زيد ؟ ماذا يا ابو الخير ؟هل تشك في أمره ؟ لا فقط هو مريب بعض الشيء كذلك ثقته الزائدة تقلقني لا تقلق فأنا اضمنه لك هو يريد السيطرة علي جماعته ويعلم قدر نفسه لذلك هو على ثقة بنفسه خرج خالد إلي المعسكر وقف وسط الجموع جميعهم شباب أقوياء حديثهم يعلمه أن جميعهم متعلمين وقف بينهم تائه يشعر بالحيرة يسأل روحه كيف لهم أن يقعوا في شباك تلك الجماعات ليرموا بأنفسهم إلي الهلاك تذكر حديث علي ذلك الأمر الذى يبدو له هايناَ لا يستحق ولكنه فطر قلب علي جعله مقهور يرغب في فعل أي شيء ليثبت لروحه مكانته وكم هو مقتدر حتى ولو بالانتقام جميعهم يدركون أن الموت قريب منهم
جميعهم تركوا الدنيا خارجاً وما فيها ليس رغبة في الجهاد ولكن رغبة في إثبات مكانتهم الا القليل منهم المقتنع بتلك الفكرة وفى الحالتين تم غسل أدمغتهم وتغير أفكارهم ليكونوا فقط كما يريد أبو الخير ومن فوقه اقترب علي من خالد مرة أخرى نظر إليه نظرات أمل مرسوم علي وجهه بسمة بسيطة اعلي خالد صوته ورفع يده ونادا مشيراً إلى علي علي يا علي
اسرع علي إلي خالد وقف أمامه وعيونه بالأرض امرك يا شيخ عمر سأوكلك مهمة جمع جميع من تعرف من المصريين ممن يريدون العودة إلى مصر سيكونون في فرقتي وهل أنا معاك يا شيخ عمر نعم ستكون معي يا علي فقط أجمع من يريد العودة وأخبرني كم عددهم الان فوراً يا شيخ بدا علي في جمع الفرقة تغيرت ملامحهم إلي فرحة لاحظ خالد هذا
اجمعهم وجلس في منتصفهم ... يبدو علي جميعكم السعادة هل تريدون العودة إلي مصر ؟ صاح الجميع .نعم يا شيخ وهل ستكونون طوع الأمر .وعلى قدر المهام الموكلة إليكم ؟ نعم يا شيخ سنكون بعون الله على قدر المسؤولية حزن تملك خالد وسأل روحه لماذا أراد الله أن أري هؤلاء الأشخاص لماذا كُتب في قدري هذا القدر ولكنه تذكر قول أبي ثابت ان الله يختبرنا جميعاً بالثبات على العقيدة يختبرنا بالصبر على البلاء يختبرنا بضعف الصحة وضيق الحال يختبرنا بفقدان الأبناء والاباء يختبرنا بالثبات ضد المغريات يختبرنا بالثبات والتماسك بهذا الدين والفائز من مر بالاختبار دون جهل تدبير الله لنا يعلم الله ما يضعف كل نفس ليكون اختبارها في ما تخشى والمؤمن القوي من ثبت علي دينه وصبر على الشدائد وايقن تدبير الله وما يخفيه له .ليكون في نهاية الأمر من الحامدين الفائزين برضا الله ورضوانه هنا وجد خالد إجابة سؤاله وايقن أن ذلك ما هو إلا اختبار الله له مرت ثلاثة أيام على وجود خالد في المعسكر يجمع فيهم المعلومات و يُدون أدق التفاصيل يرسل كل تلك المعلومات عن طريق هاتفه السري في منتصف الليل ولكنه كان حائراَ فلم يستطيع معرفة شيء عن أمري كذلك يخشى السؤال حتي لا يكشف أمره مازالت دموع أمي لا تتوقف وكأنها تشعر بقلبي كانت تصلي جالسة لأول مرة بحياتها راها خالي باكية يداها ترتجف وشفاهها بيضاء كالثلج ارتعش خوفاً عليها فاطمة ذلك الحزن يقسم قلب اخاكِ إلي نصفين ايرضي قلبك أن أعيش بقلبًا مفطور يا فاطمة؟ انهزمت يا أخي اليوم لم أستطيع أن أسجد، خمسة وخمسون عاماَ يا أخي اعتصر قلبي حزناَ لفقدان أبي وأمي وبُعد ثابت ولكن لم يهزمني شيء فقط هزمتني فاتنة هزمني بُعدها اختفى قمري يا أخي وأصبحت حياتي ليلاَ لا شمس تشرق ولا قمر ينير ظلمتي ستنير دنياك يا فاطمة فقط صبراً فالله يعلم ذلك القلب ولن يصيبه بالحزن فقط يختبر فاطمة الصابرة اريد يا اخي أريد أن تخطئ تلك الأيام فقط وتعود فاتنة ستعود يا فاطمة ولكن هناك من عاد بالفعل لقد اتي متعباً مهلكاَ من المرض والايام والشيب كذلك الحزن علي فقدان قرة عينه عاد ثابت يا اخي؟ الم أخبرك سابقاً أنه سيعود اليوم عاد فقط يريد ملامسة يدك وطلب السماح يا فاطمة اشفق عليه يا أخي هل هزمه الشيب؟
هزمه يا فاطمة
هل تملك المرض جزءًا من جسده ؟ بل الجسد اكمله يا فاطمة
كم دعيت الله أن يتوفني قبل أن أراه في تلك الحالة كم طلبت وتمنيت أن ارحل قبل أن أري ضعف ثابت ولكنها مشيئة الله أن يطيل العمر كي يعود ثابت وارى ما كنت اخشاه أمامي وكأن الله يخبرني لا تحزني فمهما بلغ حزنك سأجعله هايناَ لم يكن
الان يا فاطمة ؟
الان يا اخي
تقدم أبي خطوات هادئة تجاه أمي مازال المنزل كما تركه منذ أعوام مازالت صورته التي تجمعه بأمي جانب فراشها جلس جوارها ينظر إليها وتنظر إليه في صمت يتبادلون نظرات عتاب اشتياق حنين دون الحديث نظر خالي الي حالهم تركهم وخارج مغلقاَ الباب خلفه
اتيت يا ثابت
انا هنا يا فاطمة
لا عتاب لك يا ثابت يكفي إنك أتيت فمازال في العمر باقية
ولكني مخطئ يا فاطمة اخطأت في حق ابنتي كذلك انتِ يا فاطمة
ادعو الله أن تعود فاتنة يا ثابت ادرك أن قلبها قطعة من الجنة أدرك أنها سوف تفتح ذراعيها وترتمي في أحضانك وماذا عنكِ يا فاطمة ؟
عفوت يا ثابت غفرت لك سنين الغياب والبعد الطويل فقد انتهي كل شيء وصرت بيننا
كنت أجهل فضلك يا فاطمة ولكني تأكدت إنك صاحبة الفضل الأول في حياتي لقد تغيرت لأصبح نسخة منك دون أن أشعر فما كنت أراه خاطئاً فيكِ ايقنت أنه الصواب صرت ازهد تلك الدنيا مثلك افكر في الآخرة أريد إسعاد الناس وأشعر سعادتي في مساعدتهم كنت دائماً انعتك بعديمة الشخصية كونك متسامحة ولكنك كنتي أفهم مني لهذه الدنيا اعترف اليوم انكِ كنتِ الصواب ، خوفك علي فاتنة كان صواب فذلك العالم بالخارج ملوث إلي حد السرطان
اليوم يكفيني عودتك يا ثابت لكن هذا البيت دائماً ما ينقصه فرد
ستعود يا فاطمة لقد قطع خالد وعداَ ولن يخلفه
زادت كوابيسي اختنق كل ليلة ألف مرة أري جمال يبكى دائماً يطلب العون والمساعدة ولا استطيع فعل شيء فقط أقف أمامه عاجزة باكية ارغمني ابو الخير على مزاولة عملي دون الاهتمام لحزني وما فعل بي
لقد حزنتي بما يكفي على زوجك يا فاتنة فقد مرت أيام الحداد ولابد عليكِ من مزاولة عملك فالمعسكر في حاجة إليكِ
تعلم جيداً إني لا اريد البقاء هنا فكيف تطلب مني تقديم المساعدة والعمل لجماعتك لا فلن أبقى هنا ولن أشارك جرائمك
أ تسمين انقاذك لتلك الأرواح جريمة يا طبيبة فأين إذن قسمك على تقديم المساعدة دون الالتفات لجنس أو دين أو عرق استخلفين عهدك مع الله ؟
لا تذكر عهود الله وأنت الذي خنته في دينه جعلت من روحك شيخاَ وارتديت عباءة طهارة لتلوثها بأكاذيبك وشهواتك ورغباتك المريضة
الا تخشى ذلك اليوم الذي ستقف فيه بين أيدي الله ؟
ومن منا لا يخشى الله ولهذا أطبق شريعته
انت لا تفقه في شرع الله شيء فقط تتأخذ تلك الكلمات سبيلاً للوصول إلى غايتك وتجنيد ضعفاء النفوس اقتربت إليه وبصوت هادئ ...اتدرك يا ابو الخير إني أرى مكانك بالجحيم ابشر لقد حُجز لك مكانة بجهنم
اتاتني صفعة افقدتني السمع لبعض ثواني رفع أبو الخير يده ولطم وجهي حتى نزفت شفاهي دمً انتِ هنا أسيرة جارية أبو الخير يكرمك فقط كونك طبيبة والمعسكر في حاجة اليكِ والا اتخذتك جارية وهذا يحق لي امامك خيارين إما تباشرين عملك وأما تستعدين للجهاد فهناك الكثير من الأسرة فارغة . تركني بعد أن القي اؤامره راكعة بالأرض باكية مناجية الله أخبره بما حل بي اشكو إليه ضعفي واستجير بقوته مرت ساعات شعرت فيها أن الله سيغير ذلك الأمر ولكن فقط يجب أن اهدأ لأستطيع التفكير التزمت بحجابي وضعت وشاح أسود طويل لأصير مثل باقية نساء المعسكر ولا يستطيع أحد تميزي بينهم خرجت إلي عيادة المعسكر والتي جهزها أبو الخير ظناً منه ببقائي الدائم بينهم بطريقي مررت على قبر جمال
لا أدري لماذا توقفت أمام قبره كنت اعهد نفسي الا أنظر إليه كي لا ترودني الكوابيس شعرت بالشفقة على حاله تحت التراب ولكن يتملكني الغضب على ما صار إليه حالي بسبب فعلته
لم يستطيع لساني الترحم عليه حتي أنني لم أشعر بحزن حينها أوصلت إليه بعض الكلمات قبل ذهابي
كنت أدعو أن تكون أنت هدية الله كنت أدعو أن تكون الأب والزوج والصديق وكذلك الأخ لقد حرمت من وجود الأب في حياتي ولم أشعر يوماً بمعني كلمة الأخوة كم تمنيت أن تعوضني تلك الأمنيات صار بيننا عهداً وميثاق غليظ ولكنك خونت تلك العهود وحللت عقدة الميثاق بتلك الأكاذيب التي عشت داخلها طوال الفترة الماضية جعلت من تلك الأكاذيب عازلاَ بيننا حتي كُشفت حقيقتك المرة
اشفق عليك يا جمال اشفق على ما وصل بك الحال إليه
أدعو الله أن اسامحك حتي أستطيع أن ادعوه يغفر لك
لا ادري هل وصلت كلماتي إلي جمال أم أن الأمر انتهى
توجهت إلي العيادة أمامها يقف طابور من النساء جميعهم حوامل وفى مقدمة الصف تقف عزيزة ميزتها من طولها بين النساء دخلت شاهدت المكان ذكرني بمنزل أمي في القاهرة فجدرانه مطلية بالأبيض معلقاً بها بعض آيات القرآن أكبرهم صورة لآية الكرسي .
جلست إلي المكتب ابحث بين الأشياء اكتشف ما الموجود بالمكان دخلت عزيزة مسرعة أغلقت الباب خلفها كشفت نقابها وجلست تتنفس بصعوبة
ما بك يا عزيزة هل لطمك ابو الخير ؟
لا ..جيت لأجلك يا فاتنة
كيف ؟
وصل المعسكر بعض أمراء الجماعات ببلاد مختلفة من أجل أن يأخذوا فرق من رجال المعسكر يسافرون معاهم الي بلادهم
وما خاصني بهذا الأمر يا عزيزة
عمر المصري ..بينهم أمير جماعة مصري اتي ليدرب فرقته ثم يعود بيهم إلي القاهرة . إن استطعتِ في تلك الفترة إقناعه بكِ سوف تعودين رفقته إلي القاهرة وهناك تتدبرين أمرك في الهروب
اقنعه ؟كيف اقنعه يا عزيزة ؟
هل تقصدين أن اصير جاريته ؟
نعم يا فاتنة يجب أن تضحي حتي تصلين إلي ما تريدي
الأمر مستحيل .كيف سأرمي نفسي بأحضان آخر؟
كيف ارتكب هذا الذنب ؟
فكرين يا فاتنة ارتكاب هذا الذنب والهروب
ام البقاء هنا وارتكاب جميع الذنوب
عاجلاَ أو آجلا َ سيضمك أبو الخير إلي جواريه فقط هو صابر بعض الشيء كي يمر حزنك .
فكري يا فاتنة إنه الخلاص ويجب عليكِ التضحية
تركتني عزيزة في حيرة من أمري أخشى أن تمتد نحوي أيادي أبو الخير فلا أستطيع قطعها . وأخشى ذلك الذنب العظيم الذي لا يغتفر .
وها اتي الليل وانا في حيرة التفكير ومازال حديثها يتردد داخلي
طُرق بابي بقوة يكاد يختلع من شده الطرق اسرعت إلي غرفتي ارتديت حجابي سريعاً واشعلت جميع اضواء المنزل وقفت خلف باب منزلي ممسكة بسكين حاد
من الطارق ؟من بالخارج ؟
افتحي باب منزلك يا طبيبة أنا منير لدينا مصاب لا تقلقي
وكيف لا اقلق ويدك تكاد تخلع باب منزلي
صاح ابو الخير .أنه مصاب يا طبيبة وفي حالة سيئة .إن شاءنا لانتزعن ذلك الباب نهاراً فلسنا بلصوص
فتحت مسرعة تلبية لنداء الإنسانية والطب أدخل منير ورجاله والمصاب وواقفوا بعيداً ينظرون إلي بعضهم الآخر
امامك المصاب يا طبيبة لقد كان ينظف سلاح ناري ولكن خانه ذلك السلاح واخترقت شظاياه يده
أرينا مهاراتك يا طبيبة
تلك الجملة مرة أخرى
ترددت تلك الجملة في مسامعي مرتين نظرت إلي أبو الخير صامتة ثم توجهت نحو المصاب يده مصابة تنزف بشدة تملئ آهاته المكان نظرت إلي وجهه .
انصدمت أنه خالد ما به قدري يزف لي ما يبث بقلبي الحزن .خالد لماذا خالد هنا؟ من أين له أن يدرك ذلك المكان ،هل هو الأخر إرهابي ؟
اتلك صدفة أيضاً ؟
ارتبكت قليلاً ظهر التوتر على ملامحي ولكني جمعت امري وذهبت سريعاً الي الداخل اختبئ من نظرات أبو الخير واجلب الإسعافات اللازمة وقفت دقيقة ابتلعت القلق والتوتر والحيرة تظاهرت وكأن الأمر ليس به شيء فأبو الخير دقيق الملاحظة .قررت أن أكون مثلهم صبورة حتى أستطيع معرفة ما يدور حولي
خرجت أحمل بيدي حقيبة الإسعافات جلست أمام خالد بدأت في تطهير جرحه واستخراج الشظايا منه بدأ خالد يستعيد وعيه ويهدأ بعض الشيء التقت عيونه بعيوني قرأت فيها لا تخافي فقط اصمتي
ولا أدرك لماذا فسرت نظرات عيونه بتلك الكلمات خرج رجال ابو الخير ليظل هو واقفاً ينظر إلى توتري بعين السؤال
هل أنتهي الأمر يا طبيبة ؟
نعم لقد أنهيت عملي . ولكن المصاب ينقصه بعض الأدوية حتي لا يحصل مضاعفات للجرح كما يحتاج الراحة والحفاظ على الجرح بعيدا عن التلوث
اتلك الأدوية ليست متوفرة هنا؟
لا . ليست متوفرة هنا
اذا سأذهب بنفسي رفقة منير لإحضارها ولكن عليكِ بإكرام الضيف لحين عودتنا
استقل ابو الخير السيارة رفقة منير وذهبوا بحثاً عن تلك الأدوية المتوفرة بكثرة في منزلي ولكني أردت أن أخذ بعض الوقت رفقه خالد كي أستطيع إدراك الأمور
انتظرت حتي اختفت أنوار سيارتهم في ظلام الليل
خالد ؟لماذا أنت هنا؟ هل أنت أيضاَ تابع لهم ؟
هل فقد الجميع عقله لتنحنوا جميعكم أمام أبو الخير وتطيعون اؤامره ؟لماذا يا خالد ؟واسرعت إليه أكشف عن يده وإذا بي لم أري الصليب على يده
بصوتًا متعب أجابني خالد
لقد اخفيته بمسحوق تجميل يا فاتنة حتى لا يكشف أمري
جلست أنظر إليه بخوف فلم عدت أدرك ما يحدث حولي حتي تحدث خالد
الحمد لله لقد تأكدت أن الأمر حدث دون رغبتك
من ماذا تأكدت وما الأمر الذي حدث دون رغبتي
تأكدت من عدم ولائك لذلك الشيطان كما تأكدت انكِ اتيتي دون رغبتك
لماذا أردت أن تتأكد من ذلك الأمر ؟
سوف أخبرك ولكن الآن أخبريني أين جمال اين زوجك ؟
قتله ابو الخير منذ عدة أيام فلم يشفق على وجعه قتله بدم بارد
قتل جمال ؟لماذا؟
لقد كان طوع امرهم ولكنه اكتشف حقيقة تلك الجماعات وقرر أن يذهب بي من هنا .علم ابو الخير بالأمر وقتله فوراً بدم بارد وها أنا محجوزة في تلك الصحراء ولا أدري أي ساعة سأرحل عن ذلك السجن
لا تقلقي يا فاتنة لقد أتيت كي احررك فأنا لست مع أبو الخير هدفي الوحيد هنا هو أن أعود بكِ إلي مصر دون أن يصيبك مكروه فلا تقلقي
ماذا ؟اتيت لأجلي ؟ كيف هذا؟
ذلك الأمر يطول شرحه يا فاتنة عليكِ فقط الثقة في حتي نرحل عن هنا سوياَ
ولكن ؟
ماذا يا فاتنة؟
هناك جماعة سيرحلون إلي مصر بعد تلقي التدريب هنا أخبرتني عزيزة عن أمرهم كما أخبرتني إن أردت العودة فيجب أن أكون جارية أمير تلك الجماعة
نعم يا فاتنة فالأمر صحيح يجب أن تكوني جاريتي كي نستطيع الإفلات من هنا
جاريتك!
هل أنت الأمير؟
نعم يا فاتنة ابو عمر المصري ولكن هذا ليس بصحيح فقط فعلت ذلك لأجلك يا فاتنة
لأجلي! لماذا قد تفعل ذلك لأجلي وأنت لا تعرفني لماذا قد تغامر بحياتك كي تنقذني ؟
وكيف تواصلت إلي مكاني ؟
كنت أدرك أن الأمر الاصعب هو إقناعك يا فاتنة كنت أرغب أن يترك الأمر حتى تصلين القاهرة وتعلمين حقيقة الأمر من الشخص المناسب
من هو الشخص المناسب وماذا سأعرف ؟
لن اتركك في حيرة يا فاتنة ذلك الشخص هو أبي ثابت
من!
اباكِ يا فاتنة .أنه ذلك الشخص الذي رباني أكرمني صاحب الفضل بعد ربي في تكوين شخصيتك وتأسيس حياتي
هل أنت ؟
نعم يا فاتنة أنه أنا
الذلك وشم الصليب على يدك ذلك الصليب الذي رأيته بالحرم
نعم يا فاتنة لا تندهشين الأمر فقط أني لم أستطيع إزالته لذلك قمت بإخفائه بمساحيق التجميل حتي لا يكشف أمري
هل أسلمت حقًا يا خالد ؟
منذ زمن يا فاتنة
هل أبي.... ؟
نعم هو الذي فتح عيوني علي حقائق كنت اجهلها جعل مني إنسان قبل أي شيء
اكان أبي نائماَ بفراش المشفى مريضاً وأنا أقف في الخارج أجهل وجوده لم أستطيع شم أنفاسه ؟
حدث ما حدث يا فاتنة اتركِ العتاب ما أن نصل مصر الآن قطعت عهد لأبي ثابت أن أعود بكِ سالمة لقد هزمه المرض وأخشى أن يفارق الحياة دون رؤيتك فلن أسامح نفسي
ولماذا...؟
لم أستطيع إكمال سؤالي فقد سمعت بالخارج سيارة أبو الخير تستقر أمام المنزل أخذت مسافة كافية بيني وبين خالد وانتظرت
اتي أبو الخير يحمل حقيبة الادؤية وقف في المنتصف ينظر إلي كلانا
ما الأمر هل تعترفوا علي بعضكم البعض ؟
اسرعت الآن بالحديث .جميعكم مشابهون لا اختلاف بينكم ريحتكم موت وايديكم ملطخة بالدماء
انظر يا اب عمر صارت الطبيبة فيلسوفة تجهل حقاَ من نحن
لا عليك يا شيخ أبو الخير فأنا أعلم كيف اتعامل مع هؤلاء فاليوم صار لي خصم بالمعسكر
لا تقول ذلك يا عمر فالطبيبة انقذت حياتك فكيف لها أن تكون خصم ؟
انقذتها مرغمة علي ذلك والآن جعلتني قاتل متاجر بالأرواح
ستطول مدة مكوثي بالمعسكر ويجب أن اصحح مفاهيم الطبيبة أليس كذلك يا شيخ أبو الخير ؟
لك ما تريد يا عمر الآن خذ ادويتك والرجال سيكونون عوناَ لك حتى تبلغ منزلك
ذهب خالد المدعو عمر .تجدد داخلي الأمل توضأت واستقبلت القبلة صليت شكراً لله على عطاياه فقد سمع دعائي واستجاب ندائي واكرمني بالرضا والأمل
فقد شعرت بالرضا عن تلك السنين التي غابها أبي ادركت عظمة ما كتبه الله في كتابه فقد اكرمه بخالد وتجدد الأمل به أيضاَ
ساعات قليلة مرت انشق النهار من الليل وذهبت إلى عيادة المعسكر التي امتلأت برجال المعسكر المصابين نتيجة التدريب القاسي
انهيت ذلك اليوم خفف عني زحام العمل تذكرت ما خلقت لأجله لم أهتم من اُدؤى فقط أفعل ما يمليه علي ضميري المهني والإنساني وفى نهاية اليوم أرسل ابو الخير في طلبي للاطمئنان على جرح خالد
لبيت طلبه وذهبت رفقه رجله إلي بيت خالد
انار الله المكان بطلتك يا طبيبة
لم أهتم لترحيب ابو الخير المزيف سحبت أحد الكراسي وجلست أمام خالد أكشف عن جرحه واقوم بتطهيره
ان الخوف له مفعول سحري أليس كذلك يا شيخ ابو الخير؟
بل يا عمر ..
ادركت ان خالد يوحي لأبو الخير بتكون كراهية بيننا
اتحسب ذلك خوفاً منك .كيف اخشاك وأنت مصاب لا حول لك ولا قوة . إنني فقط اُشفق على حالك لذلك أتيت
الشيخ عمر ضيفاَ عزيز يا طبيبة فهو من مصر ومكوثه هنا ليس إلا وقت معين لذلك ارجوكِ احسنِ معاملتك مع ضيوفنا
لا عليك يا شيخ أبو الخير فأنا أحب تلك المتمردات أشعر في رغبة لكسر تمردهم
انهيت عملي وقفت رافعة رأسي دون اهتمام ثم انصرفت
اشعر وكأن خطتنا في طريقها للنجاح فقد شعر أبو الخير برغبة خالد في التقرب مني
انها عنيدة يا عمر .
ولكنها فاتنة يا شيخ أبو الخير
وكيف علمت ؟
عملت ماذا ؟
انها تدعى فاتنة
لا لم اقصد اسمها بل تلك الملامح والشخصية
ابتسم ابو الخير أراك تقترب من النار ألا تخشى لسعاتها
لا يعرف الرجال الخوف بل فقط التملك
اذا هي لك فقط إن أصبحت طوع امرك ولكن
ولكن ماذا؟
هي الطبيبة الوحيدة بالمعسكر وكما تري هناك الكثير من الرجال يصيبون في التدريبات ويحتاجون إلي العناية الطبية ولا نريد خسارتها
لن نخسرها بل سنملكها وفى نهاية الأمر المصلحة للجماعة أجمعها إن كانت هنا او بمعسكر أبو عمر المصري أليس كذلك يا شيخ أبو الخير
لا تنسى لقد أخبرتك إنها عنيدة
لا تقلق فقط اعتمد علي
مر أسبوع اخر على وجود خالد بينهم ظللت اعتني بجرحه حتى تم شفاءه كذلك نجحت خطة خالد أثبت لأبو الخير كما يريد الاقتراب مني وامتلكي
تعقدت ترتيبات أبو الخير لسفر الجماعة إلي مصر وقرر ابقاءهم بالمعسكر وانتظار تعليمات سفرهم
ليل اخر في معسكر أبو الخير تجولت في منزلي حتي استقريت أمام نافذة غرفتي انظر من خلفها
رأيت ابو الخير رفقة منير مشعلون النار وجالسين حولها لا ادري أي حوار مهم جعلهم يبتعدون عن منزلهم أو رجالهم فقط لاحظت بعض إشارات ابو الخير كذلك رسمه علي الأرض مستخدماً عصا صغيرة .منعتني المسافة بينهم من سمع ما يقولون طالت جلستهم وطال انتظاري خلف النافذة رأيت خالد قادماً نحوهم من بعيد وكأن شيء أخبره وجودي خلف النافذة نظر نحوي التقت عيونه بعيوني ابتسم ابتسامة هادئة ثم امرتني عيونه بالدخول
اهلا وسهلاً يا ابو عمر تعال جواري اجلس هنا
لماذا تلك السهرة يا شيخ أبو الخير
اهناك أمر ؟
لا تقلق يا عمر فأنا والشيخ منير نجلس هكذا كل فترة لنتحدث في أمور المعسكر وما يدور به من شائعات
وهل ما يدور بالمعسكر من شائعات أمر هام يلزم التحدث فيه
أتعلم ما الأمر الهام الذي يدور بالمعسكر يا عمر ؟
لا يا شيخ فلم ألتفت الي تلك الأمور
انه أنت والطبيبة فاتنة
كيف يا شيخ ؟
يقولون إنك وقعت بغرام الطبيبة حتي صرت بها مجنون تنتظر خروجها لكى تراها تسعى خلف أي فرصه تجمعك بها
نعم صحيح يا شيخ أبو الخير
اقدر صراحتك يا عمر لذلك هي طوع أمرك جارية من جواريك
تسرع منير ..بالرد .ولكن يا شيخ أبو الخير هي أتت هنا متزوجة من جمال والآن ...
وماذا يا منير ؟ماذا الآن ؟
لقد مات جمال ودفن بعد أن غدر بجماعته وهى أسيرة كما تعلم ويحق لنا اتخذها جارية وقت ما أردنا
وكيف لها أن تترك المعسكر وهو بحاجتها
لا تقلق يا منير قد دبرت كل شيء
لعل في خباياك ما يفيد المعسكر ويعلي من شأنه يا شيخ أبو الخير
نعم هو كذلك يا منير
لم يبوح أبو الخير بما خطط وترك الأمور تسير لصالحه
بدا خالد يقترب مني أكثر وأكثر ليزيد من إحكام خطته
جعل من نفسه مصاب بالتدريب حتى يأتي إلي العيادة
طبيبة فاتنة أ لديك يا يكفي من القطن كي تطهري به جرحي ؟
لدينا الكثير دخل خالد وجلس أمامي أطهر جرحها البسيط ينظر في عيوني دون حديث
ابتسمت .خالد أنه فقط خطة ولا أحد هنا الآن
ومن ادراكِ لعل أحد يأتي فيراني متيم بكِ هكذا
لا أحد سيأتي لقد تدربوا جيداً ولم يعُد هناك إصابات
الا ترا أننا نشارك معاهم جرائمهم يا خالد
لا يا فاتنة لا تجلدي روحك فهذا مجرد وقت كي نستطيع الخلاص منهم
طال ذلك الوقت يا خالد
متي سينتهي اشتاق إلي رائحة أمي واحضانها اشتاق إلي حريتي
ستناولين الحرية يا فاتنة لا تقلقي سأخذك من هنا رغم كل شيء
خالد؟
ماذا يا فاتنة هناك من يجب أن يخرج معي من ذلك المعسكر
من يا فاتنة ؟
عزيزة
مفضلة أبو الخير ؟كيف يا فاتنة ؟
هل أخبرتها عن أمر هروبنا شيء؟
لا لا يا خالد ولكن الأمر فقط أنها مختلفة ليست مثلهم بل تعاني كي تستطيع الهروب منهم وكل شيء ضدها
اسيرة مثلي يا خالد
الامر صعب ولكن اعدك يا فاتنة سأحاول ولكن لا تخبريها شيء حتى وقت رحيلنا
الان سأذهب إلي استكمال التدريب فأبو الخير في انتظاري
ذهب خالد وتركني اتساءل هل كانت نظرات عيونه حقيقة أم فقط لإحكام خطته كما يدعي
انه الوقت سيكشف كل شيء
لماذا تأخرت يا عمر ؟
لا شيء يا شيخ أبو الخير فقط اخذت وقت في تطهير الجرح وخياطته
ستلتأم جراحك عاجلاً يا عمر فأنت بطل كونت فرقة عظيمة يجيدون مهامهم
ولكن يا شيخ...؟
ماذا يا عمر ؟
متى وقت الرحيل لقد طال مكوث الفرقة هنا ولابد من العودة
لا تقلق يا عمر أنا أعلم كل شيء والشيخ نصر الدين سيكون في انتظارك بنفسه حين عودتك
اتعرفه يا عمر ؟
لا ولكن سيمنحني القدر تلك الفرصة لمعرفته
غريبة لقد حدثني عنك وكأنك ابن من ابنائه الأربعة أخبرني عن المهام التي كلفك بها وقومت بها كما يجب
تشتت خالد ولم يعرف بماذا يرد يخشى أن يكون ذلك هو فخ أبو الخير الذي سيقع به
هااا نعم نعم كنت أحسب شخصاً آخر فالشيخ نصر الدين شيخي وأدين له بالمعروف
اذن فلتتابع تدريبك يا عمر
نزل خالد ساحة التدريب وهو مرتبك يشعر وكأن أمره كشف
ماذا بك يا شيخ أبو الخير؟
هل تأخرت تحويلة البنوك ؟
لا فالأمر ليس مجرد تحويلة هناك من سيطيح بنا على ما أظن يا منير
كيف يا شيخ ؟
انه عمر المصري ...ذلك الشاب كيف وصل للإمارة بتلك السرعة لقد أردت معرفة كلمة السر التي جعلت منه اميراَ بتلك السرعة.
وماذا فعلت يا شيخ أبو الخير ؟
انه نصر الدين الامير الأكبر لدينا بأرض مصر تواصلت معه لأعرف كيف صنع من عمر المصري اميراَ بتلك السرعة
وماذا وجدت ؟
وجدته يتساءل أي عمر .؟
ثم إن الشيخ نصر الدين ليس لديه أبناء الجميع يعلم قصة عقمه ولكن عمر لم ينفي قولي له أن نصر الدين اعتبره أحد أبناءه الأربعة
هل بالأمر شيء يا شيخ أبو الخير ؟
اخشى أن يكون به أشياء يا منير سأكتشف ذلك بنفسي
انهيت ساعات العمل بالعيادة ارتديت عباءتي وذهبت إلى المنزل لأجد عزيزة في انتظاري
عزيزة لماذا تقفين هنا هكذا ؟
كنت في انتظارك فلم اعد أستطيع القدوم إلى العيادة
لماذا يا عزيزة ؟
سأخبرك لاحقاً ولكن لابد أن نجلس لنتحدث
ادخلي يا عزيزة
رفعت عزيزة حجاب وجهها لتكشف عن آثار ضرب جعلت وجهها منتفخ أزرق اللون
ما بكِ يا عزيزة ؟
لن اصمد طويلاً يا فاتنة لذلك أتيت إليكِ
لا تقلقي يا عزيزة ولا تستسلمي الأمر يهون سنرحل عن هنا في أقرب وقت
لن ارحل من هنا سأدفن هنا جثة بيد ابو الخير يا فاتنة
لا تقولين ذلك يا عزيزة
اتيت أخبرك لقد تواصل ابو الخير مع شيخ يدعي نصر الدين بالأمس ولا أدري لما سأله عن المصري عمر
تغير لونه بعد المكالمة وجلس يحدث نفسه من عمر إذن من هو عمر ؟
اتشكين في الأمر يا عزيزة
اتيت فقط كي أخبرك لأن عمر هو أملك الوحيد في العودة الى مصر
لهذا لم تأتي إلي العيادة
نعم خشيت أن يعلم ابو الخير إني أتيت العيادة ويعلم إني سمعته وحذرتك
عزيزة هل تستطيعين أن ترسلي إلي عمر ان يأتي الليلة لطلبي الليلة ولكن دون أن يشعر أحد
حسنا يا فاتنة الآن سأرحل
عزيزة اعدك أن نرحل عن هنا سوياَ اعدك أن نذهب إلي مكان أمان تشعرين فيه بالراحة والسكينة
دُفنت سكينتي يا فاتنة فلم يعد بلال يحوطني كي أشعر بالأمان
انزلت عزيزة حجاب وجهها المنطفئ، لأول مره أراها هكذا
ضعيفة مستسلمة تشعر بالانهزام
انه الأمل أنطفئ داخلها
ذهب أبو الخير إلي مجلسه اخرج دفتر أرقام الهواتف وتواصل مع شيخه ابو سعد البغدادي
لقد أنارت الدنيا بسماع صوتك يا شيخ
لا يا أبو الخير فأنت تنير ظلمتك دون الاعتماد على شخص
الان أنا في حاجة إليك يا شيخي
وما الأمر الهام الذي يجعلك قلقاَ هكذا يا ابو الخير
انه أحد الرجال المكلفين بأخذ الفرقة الأولى التي ستصل مصر وأميرهم الأصغر
ما به ؟
عمر المصري اتي إلي قادماً من فرنسا رفقة اب زيد ولكن الأمر بدا لي مقلق تواصلت مع جميع الأمراء بمصر فلم يخرج المدعو عمر المصري من معسكراتهم
هل اتي إليك شيطاني ؟كيف له أن يدخل بيننا ولم نستطيع معرفه من هو ومن أي معسكر اتي
لهذا لجأت إليك يا شيخي الأمر متروك لك وايقن إنك ستعرف من هو ومن أي معسكر اتي
امهلني أيام قليلة يا ابو الخير وسوف ارسل لك تفاصيله ولكني سأغلق معك وسأكون في انتظار صورته على البريد كي نستطيع كشف أمره
نعم يا شيخي
انهى أبو الخير مكالمته وأرسل إلى شيخه صورة خالد ليضع حدا لمخاوفه
تجولت عزيزة سراَ بالمعسكر حتى وصلت إلي منزل خالد
طرقت الباب بلطف وهي تتلفت حولها
فتح خالد استعجب قليلاً فتلك المرة الأولى التي تطرق بابه امرأة
طرحت سؤالها بصوت هادئ
هل أنت ابو عمر المصري ؟
نعم .ولكن من انتِ ؟
لا يهم دفعته بيدها للداخل واسرعت بالدخول وإغلاق الباب
من انتِ؟ ولماذا اتيتي هنا؟
انا عزيزة ..
مفضلة أبو الخير !!
لماذا انتِ هنا ؟
اتيت إليك في أمر هام الطبيبة ارسلت لك رسالة معي
اي رسالة ؟ وأي طبيبة ؟
لا تقلق أنها فاتنة تخبرك أن تأتي إليها اليوم بأي حال كان حتى وإن استدع الأمر أن تأتيها كجارية
صمت خالد شعر أن بالأمر شيء أما مكيدة دبرها له أبو الخير وأما أنني اكتشفت أمر ما
ذهبت عزيزة إلي منزل أبو الخير وتركت خالد يفكر في الأمر
حتى ات الليل كان أبو الخير في انتظار اتصال شيخه أتاه خالد بثقة عالية جلس الي جواره
ااذان لي يا شيخ أبو الخير
في ماذا ااذان لك يا عمر؟
ألم تعدني أن تصير الطبيبة جاريتي
نعم وعدت ذلك . ولكن إن ارتضت
لا يحق للجواري الرفض يا شيخ أبو الخير .هي فقط عليها السمع والطاعة قررت أن اقضي تلك الليلة رفقة جاريتي
لك الأذن بذلك يا عمر
لم يرد أبو الخير رفض طلب خالد بل شعر أن الأمر مريب وأرد كشفه
اتي خالد على وجه السرعة وقف أمام بابي يطرق برفق لكن يداه ترتعش أشعر به من خلف بابي
أسرعت في تلبية نداءه فتحت باب منزلي أدخلته. سريعاً نظرت يميناً ويساراً ثم قمت بإغلاق. الباب
ما الأمر الهام الذي يستدعي أن ترسلي في طلبي مع مفضلة أبو الخير؟
الا تخشى أن تكون جاسوسته أيضاً
لا يا خالد لا اخشى من عزيزة ولكن اخشى عليك من أبو الخير إذا علم حقيقة الأمر
وما الذى سيكشف أمري له؟
لقد شك في أمرك سمعته عزيزة وهو يتحدث إلي احد كبار الجماعة يخبره عنك بعض الأمور
كذلك يطلب منه بعض المعلومات حولك ومتي انضممت إلي الجماعة وكيف ؟
ماذا؟
نعم يا خالد شك بك بل متأكد أن بالأمر شيء مريب وبدأ في التفتيش خلفك
إن اكتشف أبو الخير أمرك فلن يتركك حي لدقيقة واحدة أهرب يا خالد أهرب من هنا لا أريد أن أراك جثة تحت رمالهم الملوثة
لا يا فاتنة فالهروب ليس حل .
وما الحل يا خالد ؟
سوف أرسل التفاصيل للشرطة اليوم فهم على عجلة بتحديدي الوقت المناسب للانقضاض على المعسكر
ولكن لابد أن أسرع قبل أن يكشف أبو الخير الأمر
وماذا الآن؟
جلس خالد إلي احد الكراسي أخرج هاتفه وقام بتبديل شريحة الهاتف ثم عاود فتحه وإرسال بعض الرسائل النصية الي رقم مجهول تأكد خالد من تسليم الرسائل كم أتاه الرد
سيحدث الأمر غداً قبل منتصف الليل
حذف خالد جميع الرسائل قام بإخراج الشريحة ووضعها في حذائه مرة أخرى
الآن رتبي جميع امورك سيتم الأمر غداً في نفس الميعاد
حقاَ يا خالد ؟
نعم يا فاتنة ستكونين حرة غداً وستصلين القاهرة خلال أيام معدودة لا تقلقي فقط ثقي بي
لن أغادر دون عزيزة يا خالد
فقد قطعت عهداً علي نفسي أن أخرجها من ذلك القبر قبل أن تصبح جثته
سوف اجعلك توفين بعهدك يا فاتنة
الان يجب أن تمر تلك الليلة ونحن سوياَ وفى الصباح لا تجعلي شيء يربكك أو يقلقك سنكون في مصر قريباً
فضل خالد النوم على الأريكة بباحة المنزل
جلست أنا في غرفتي خلف الباب أدعو الله طوال الليل أن يُعجل لي بحريتي
ذهب أبو الخير إلي منزل عزيزة للمرة الأولى رآها مختمرة بالأبيض راكعة على سجادة الصلاة تفوح منها رائحة المسك
ضحك ضحكته الغليظة العالية
اظن اليوم يوم سعدي فالأبيض علامة الخير كما أنني أعشق تلك الرائحة التي تفوح من جسدك يا عزيزة
انهت عزيزة ركوعها الطويل لم تفقد عزيزة صوابها ذلك اليوم ألتفت الي أبو الخير في هدوء
ابو الخير اتركني تلك الليلة رفقة الله فقد ذاب قلبي عندما سجدت أريد أن اتذوق تلك اللذة مرة أخري
اي لذة يا عزيزتي تقصدين؟
لقد تذوقت لذة رضا الله شعرت وكأنه يطبطب على قلبي يخبرني انتظري يا عزيزة سوف أراضيكِ وارضى عنكِ
أ أنا يا ابو الخير استحق كل هذا الرضا من الله ؟
انه كريم وربي إن ربي كريم
ان تلك السجدة انستني هموم الدنيا وأحوالها جعلتني لا أبالي لها
اليوم فقط يا ابو الخير اتركني في رحاب الله لا تقترب مني لا تلمس يدي ولا ثيابي اتركني طاهرة نقية لليلة فقط يا أبو الخير
انها المرة الأولى التي أراكِ هادئة لا تنفعلين لكي ما تطلبين يا عزيزة فقط لليلة
تركها أبو الخير متعجبا من حالها مشتت يسأل روحه ما بها لا تثور لا تنفعل لا تهرب كعادتها فقط هادئة متوجه الي القبلة تناجي ربها
خرج إلي وسط المعسكر أشعل ناره وانتظر منير الذى أتاه مسرعاً
ما بك يا أبو الخير أنها المرة الأولى التي تذهب فيها إلي خلوة عزيزة وتخرج سريعاً
هل بالأمر شيء
لا لا يا منير أنه فقط التفكير في ذلك العمر المصري
اتعلم يا منير لقد تأكد شكي الآن
كيف يا أبو الخير ؟
الطبيبة ليست كهؤلاء النسوة لا تخضع بتلك السهولة مهما كلف الأمر تعلم جيداً دينها كم أنها غير راضيه عن ذلك الواقع وتحارب حتي تستطيع أن تخرج منه
ولكنها فجأة خضعت
أتدري متي؟
نعم أدري بعد أن قابلت عمر المصري .. أنها بشائر الحب يا ابو الخير
لا يا منير حقاَ كم أنت جاهل .حتى وإن أحببته لم تكن لترتضي أن يغلق عليهم باب واحد بمنزل واحد دون إذن شرعي كما اخبرتك فهي ليست كباقي النساء هنا
هل تشك بالأمر ؟
كثيراَ .كنت سأتراجع عن شكوكي لو أن باب منزلها فُتح وخرج عمر مطروداَ منه ولكن هذا لم يحدث
وماذا الآن؟
الان أفتح لي عيادة تلك الطبيبة لابد من وجود شيء خلفها يخبرنا الحقيقة
ذهب أبو الخير رفقة منير إلي عيادتي اخرج منير مفاتيحه وقام بفتح الباب وإشعال أنوار المكان
ماذا ستجد هنا يا أبو الخير فليس هنا سوى تلك الأدوية والمطهرات لا أظن ستنفعك في شيء
ابحث في صمت يا منير
عن ماذا سأبحث يا أبو الخير ؟
عن ثغرات لتلك الطبيبة
حسناَ سوف ابحث
تجول أبو الخير في المكان بدأ بالبحث هنا وهناك حتي وقف أمام دولاب الأدوية
من بعيد لفت نظره تلك الأدوية التي رآها سابقا وقف قليلاً مد يده اخرج تلك العبؤة نظر إليها ليتذكر أين رآها
منير أليس ذلك الدواء الذي اشتريناه سابقاَ لجرح عمر المصري كما أمرت الطبيبة ؟
ارني تلك العلبة ....امسكها منير تأكد من اسمها ..نعم إنه نفس الدواء هنا الكثير فلماذا قالت الطبيبة أنه لا يوجد فخزانة الأدوية مليئة به
الآن أدركت عن ماذا نبحث أنها الثغرات يا منير
أخذ أبو الخير عبؤه الدواء وضعها في جيبه أمر منير بإغلاق العيادة والذهاب خلفه
الآن ماذا يا شيخ أبو الخير ؟
الآن دور عمر ...عمر المصري الذي اتي بيننا ورحبنا به دون أن نعرف تاريخه مع الجماعة
اسنذهب إلي منزله ؟
نعم يا منير سنذهب
ذهب أبو الخير إلي منزل عمر تلك المرة فتح الباب أبو الخير
تجول بالمنزل هنا وهناك فلم يجد به شيء فقط بعض الأمتعة
لفت نظره مكتب خالد المنظم أوراق بيضاء طويلة الكثير من الأقلام الملونة على مكتب خالد
تقدم قليلاً نظر إلي دفتره فتحه ليكسر شكوكه
وجده رسام يهوى الخطوط العريضة الملونة فكل الاوراق تحمل رسومات مختلفة لشخص واحد
أنظر يا منير
ماذا هناك يا شيخ أبو الخير ؟
أنه رسام فذلك الدفتر جعله فقط لرسم ملامح الطبيبة أيعقل أن يكون هذا حب في تلك الفترة البسيطة ؟
وأيضاً لا يعقل أن يكون عمر يعرف الطبيبة من قبل
فكما تعلم نحن اتينا بتاريخها قبل دخولها المعسكر ولم يذكر عمر في أي مرحلة بحياتها
سنعلم كل شيء يا منير أنه فقط الصباح وسوف نكتشف كل شيء
خرج أبو الخير ومنير ذهبوا إلى مجلسهم خضع كلا منهم للنوم
حتى خالد فقد خضع لنوم عميق سكن جميع من بالمعسكر
بقي منهم فقط الشهيق والزفير
الا عزيزة وأنا رأيت عزيزة من نافذة غرفتي مازالت بالأبيض راكعة لا ترفع الرأس
وها أنا جالسة على ركبتي اناجي الله
ادراك كما هو سميع الدعاء
اتي الفجر ومن خلفه الصباح الباكر هزمني التعب والارهاق وغفوت أرضاً
استيقظت على صوت طرقات الباب العالية خرجت مسرعة وجدت خالد واقف أمام الباب مشتتاَ دون تفكير قام بخلع ثيابه وتعرية جسده وإنعاش شعرات رأسه وامرني بالدخول وإغلاق الباب خلفي
فتح خالد الباب وإذا به أبو الخير يتجاول في المنزل وكأنه يبحث عن شيء
مبارك يا عمر
بارك الله فيك يا شيخ
أين الطبيبة هل أرغمت أم أصبحت منا الآن ؟
لا تقلق فقريباَ سوف تصبح منا
شعرت أن الأمر يحتاج تدخلي
فتحت باب غرفتي وخرجت مسرعة
ما الذي اتي بك يا أبو الخير ؟
صباح الخير يا طبيبة . أراكِ متأخرة عن عملك أتيت كي اعرف سبب ذلك التأخير
ليس هناك إلا أمر وأحد وهو إني أدبر كيف أخلص منك ومن جماعتك
لا تجهدي روحك بالتفكير يا طبيبة
فقط خذي ذلك الدواء سوف يخفف عنكِ ألم التفكير
ترك أبو الخير عبؤه الدواء أعلي المنضدة ورحل دون أن ينطق كلمة أخري
خرج خالد خلفه مسرعاً وذهب إلى ساحة التدريب
وقفت أمام المنضدة أنظر إلى عبؤه الدواء أيقنت أن أبو الخير بدأ في إمساك أطراف الخيوط وربطها ببعضها البعض
تغاضيت عن شعور الإحباط الذي تملكني وذهبت إلى العيادة أبحث عن شيء ينسني التفكير في الأمر أتت إلي عزيزة بخطواتها الهادئة جلست أمامي ورفعت عن وجهها الذي يشع بالنور وكأنها احدي حواريات الجنة
ما بكِ هادئة يا عزيزة عكس ما عهدتك عليه من حماس ؟
انتظر ذلك الوقت يا فاتنة
اي وقت تقصدين ؟
لا يهم . الآن أريد الاطمئنان عليكِ يا فاتنة
لا تقلقي سنرحل عن هنا قريباً .
لا أشعر بذلك يا فاتنة ولكني أدعو الله
الأن يجب أن أذهب
إلي أين ؟
قصر النسوة أريد توديع بعض النساء اشتقت الي ملامحهم
أراكي مستسلمة يا عزيزة ثقي بالله وسيزول همنا
ونعم بالله العلي العظيم
سأذهب الآن
شعرت بأن عزيزة تودعني تودع الدنيا أجمعها زهدت الحياة وكرهت البشر
انه منتصف النهار ومازالت الأمور مستقرة
ولكن دقات قلبي تتزايد
انتصفت شمس المعسكر
ذهب كلا إلي منزله للراحة رأيت عزيزة تدخل منزلها بعد أن نظرت تجاهي نظرات مودع
اتبعها أبو الخير
وها أنا أقف خلف نافذتي أراقب تحركات المعسكر اقبض على قلبي بيدي
جلس أبو الخير إلي مكتبه وكان على انتظار مكالمة شيخه
لم يخيب ظنه ورن هاتفه
انار صوتك المعسكر. يا شيخي
بل سيصبح ظلمة علينا جميعاً يا أبو الخير
لماذا يا شيخي؟
ذلك العمر ما هو إلا جاسوس بعثه الفرنسين ليوقعوا بك وبمنفذين عملية فرنسا الأخيرة
كيف يا شيخي ؟
انه نصراني أسلم في مراهقته اتي ساعيًا خلف الطبيبة التي احتجزتها بالمعسكر .
انه دمارك يا أبو الخير دمارك الذي احتويته وادخلته في ثكناتك .
وما الحل الآن يا شيخي ؟
اقتل ذلك الرجل ادفنه حياَ رفقة تلك الطبيبة واخلى ذلك المعسكر في ثكنات الجبال إلي أن يخيب ظنهم
انهى أبو الخير المكالمة وصاح بأعلى صوته
منير يا منير
اتاه مسرعًا
سمعت عزيزة نداءه على منير استشعرت الغضب في صوته واسرعت إلي الغرفة المجاورة لهم تستمع إلي ما يحدث
ان شكوكي في محلها يا منير
كيف أبو الخير؟
انه عمر او لا أدري ما هو اسمه الحقيقي أتى ساعياً خلف الطبيبة أنه جاسوس الفرنسين يا منير
وما الحل الآن يا شيخ أبو الخير؟
سنخلي ذلك المعسكر إلي الثكنات ولكن قبل ذلك سوف اجعله يدفع الثمن غالياً
هل اتي به الآن إليك ؟
لا ليس الآن سأجعلهم يعيشون الخوف اولاَ
سمعت عزيزة ما دار بينهم أسرعت إلي غرفه أبو الخير الخاصة به وقفت تنظر حولها حتى وجدت سلاح مناسب حملته بذخيرته كما أخذت مفتاح احدي السيارات
التفت في حجابها الطويل أخفت تلك الأشياء تحت عباءتها وأتت مسرعة تدق باب منزلي
ما بكِ يا عزيزة اتية في تلك الشمس الحارقة
الان يا فاتنة الآن يجب أن ترحلي فأبو الخير علم بأمر عمر علم بأمركم يا فاتنة
خذي ذلك السلاح اجعليه معاك .وتلك مفاتيح السيارة سوف تجديها خلف العيادة
الان يا فاتنة اذهبي اخبري عمر كي يذهب بكي من هنا سريعاً
كيف علم بالأمر؟
اتاه الاتصال الذي كان في انتظاره كشف امركم له
الان يا فاتنة اسرعي
لن اذهب دونك يا عزيزة
لا يجب أن تسرعي سوف اقوم بتعطيل أبو الخير
ارتديت حجابي أسرعت رفقة عزيزة إلي استراحة خالد
طرقت الباب بقوة أنادي خالد يا خالد
اتي مسرعاً عندما سمع صوتي
ما الأمر يا فاتنة ؟
لماذا اتيتي هنا الآن ؟
لم أستطيع الإجابة خانتني كلماتي لشدة توتري أجابت عزيزة عني
كشف أبو الخير أمركم والآن يجب أن ترحلوا سريعاً
كيف سنرحل؟
مفاتيح احدي السيارات رفقة فاتنة وكذلك أحد الأسلحة بحوزتها الآن أسرعوا لا وقت للجدال فقط اخرجوا من ذلك القبر
اسرع خالد وقام بإحضار سلاحه أمسك بيدي وانطلقنا إلي السيارة
كان المعسكر هادئاً فالجميع في منازلهم خاشية الشمس المحرقة
عزيزة تعالي معي لا مكان لكي هنا
سوف اخرجك فقط من الطريق الصحيح ولكني سأعود أو اوهم أبو الخير إني كنت اسعي للهروب كي تستطيعين الإفلات من قبضته
استقلينا جميعاً السيارة وانطلق خالد حسب توجيهات عزيزة وعلى مشارف خروجنا من المعسكر وجد خالد علي يقف بسلاحه في أطراف المعسكر توقف خالد وأشار إليه
علي اصعد الي السيارة
الي أين يا شيخ أبو عمر؟
اصعد وسوف أخبرك لاحقاً
صعد علي وانطلق خالد مرة أخرى ولكن هناك من رانا أنه أحد الرجال رفقة علي يقف بسلاحه علي حدود المعسكر شعر أن الأمر مريب وانطلق إلي استراحة أبو الخير
الذي كان يناقش أمر قتلنا مع منير
طرق الرجل باب الاستراحة بقوة
ودخل دون استئذان
شيخ أبو الخير شيخ منير ...
ما الأمر يا بيار لماذا تركت موقعك بالحراسة ما الأمر الذي جعلك تأتي مسرعاً هكذا
انه الشيخ ابو عمر المصري رأيته مستقل سيارتك و رفقته الطبيبة وامرأة أخري توقف على حدود المعسكر أخذ علي المصري معه وانطلق شرقاً
كيف ؟
ذلك المصري دخل سردبي وأخذ أسري من جماعتي ويظن أن الرحيل سهلاً هكذا لابد من دفنه حياَ حتي يتذوق العذاب جزاء فعلته هذه
اسرع يا بيار جهز السيارة الكبرى وأجمع بها ٤رجال مجهزين بالأسلحة
انطلق بيار ينفذ الأمر الذي صدر له
واسرع أبو الخير إلي خلوة عزيزة ينادي بأعلى صوته عزيزة يا عزيزة
وجد فراشها مرتباَ وجلبابها ليس معلقلاَ بمكانه
تأكد أن تلك المرآه الأخرى رفقة خالد هي عزيزته
ثار غضباَ وصاح منير يا منير
لقد أخذ عزيزة ذلك الوغد تجرأ على أخذ عزيزة الآن يا منير أريد العودة برأسه بين يدي الآن
اسرع أبو الخير رفقة منير ورجاله إلي السيارة منطلقين خلفنا في الصحراء
بعدنا مسافة لا بأس بها عن المعسكر بدا الطريق اماماَ سهلاً فقد خرجنا حدود معسكر أبو الخير
امرت عزيزة خالد بالتوقف
هنا يكفي يا فاتنة
لماذا يا عزيزة ؟
الا تردين الهروب والخروج من ذلك القبر؟
ولكن هنا يكفي يا فاتنة سأقوم بتشتيت أبو الخير عن مكانكم أعلم جيداً أنه الآن يسعي خلفنا ولا مفر منه إن رجعت أنا لن يقتلني يكفي أن أبقى حية ولكن إن أمسك بكم فلن يترككم أحياء
خضعنا جميعاً لرغبة عزيزة اقنعتنا برأيها رغم رفضي الشديد لذلك الرأي تركناها في منتصف الصحراء تحركت سيارتنا قليلاً وإذا بصوت سيارة أخري تقترب من الخلف
نظر علي ليتأكد من شكوكنا وصاح أنه ابو الخير لن يترك أحدا فينا حي أنه موتنا القادم
اهدا يا علي فقط ضع أمامك رغبتك في الهروب من هنا والعودة إلى مصر
اخشى الموت في تلك الصحراء اخشى الموت هنا فأصير طعام الحيوانات الضالة
لا تخشى الموت ما دمت تحارب من أجل الحياة
اسرع خالد بالسيارة وسط الصحراء وخلفنا أبو الخير الذي أمسك بعزيزة صفعها على وجهها لتقع ارضاَ لشدة صفعته سحبها إلي داخل السيارة وانطلق خلفنا .
اصبحت المسافة بيننا قريبة أخرج رجال أبو الخير أسلحتهم وبدؤا في إطلاق النيران نحونا من نافذات السيارة
لم يعد في إمكان خالد القيادة فقد تشتت انتباهه
اخرج علي رأسه وبدأ في تبادل النيران معاهم مدافعاً عنا
استطاع إصابة رجلان من رجال أبو الخير
شتتهم ذلك قليلاً ولكنهم صروا على التقدم خلفنا
استقرت سيارتنا في وسط النخيل لم نعد نستطيع التقدم بها
اسرعنا بالاختباء خلف تلك العشش الصغيرة
بعيدا عن السيارة وها قد بدأ الليل في الدخول فأصبحت الشمس في مغربها
وصلت سيارة أبو الخير خلفنا
راي سيارتنا عن قرب وايقن من وجودنا في الجوار
نزل حاملاً سلاحه في يد وباليد الأخرى ممسك بعزيزة التي انقلع حجابها لكثرة ما تلقت من ضربات
خلفه منير ورجلان من رجاله
صاح باعلي صوته أنهم هنا يا منير فأنا اشتم رائحة الخوف وهما كالأرانب في اجحارها يخشون الصياد
وها قد اتي الصياد هيا انطلقوا ابحثوا في كل مكان فمازالوا قربين
اريدهم أحياء كي اتفنن في قتلهم
تحمس علي وقام بمواجهة الراجل الأول لأبو الخير صوب رصاصته إلي صدره وقع ارضاَ قاطعاً أنفاسه
سمع بيار أصوات إطلاق النيران وأسرع إلي المكان الذي انبعث منه الصوت يبحث بنظره يميناً ويساراً حتى رأي صديقه أرضاً وقد فاضت روحه إلي خالقها ولا يوجد معه سلاح
اخذ حذره جيداً وأصبحت عيونه في منتصف رأسه يدور حول جثه صديقه سلاحه بيده يستمع بحذر إلي الأصوات
اتاه علي من الخلف مصوباَ سلاحه إلي رأسه
القي بسلاحك والتفت لي
علي ..لا تنسى نحن أبناء جماعة واحدة كذلك إخوة في المعسكر
اليوم بيننا خائن ولابد من معاقبته
ايقنت اليوم أننا الخونة الوحيدين على تلك الأرض نحن من خونا أنفسنا وخونا عهد الله
انظر إلي فلن اقتلك الا وأنت تنظر في عيوني
استدار بيار إلي علي ولكنه اخرج سكيناَ حاداً وقام بطعن علي في صدره واستدار ليمسك بسلاحه
ايقن علي أنه خائن سيقتله ضغط على جرحه بيده وعلى زناد مسدسه باليد الأخرى استقرت الرصاصة في عنقه وقع بيار على أثرها جثة هامدة
تحرك منير بسلاحه هنا وهناك يبحث عن خالد حتى اصطدم بجثث رجاله جوار بعضها ثار غضباَ واعلي سلاحه في السماء وقام بإطلاق النيران تعبيراً عن غضبه تجول كالمجنون يبحث عنا حتى رأي علي لا يقدر على مقاومة الوجع أثر جرحه
وقف أمامه موجهاً سلاحه إلي قلبه
يا خائن لقد خونت من اطعمك وصنع منك رجل من علمك كيف تمسك سلاحاً اليوم لا مفر من موتك
ضغط منير على زناد مسدسه صوب جرح علي
افقده الوعي ولكنه مازال يتنفس يصارع الموت
تركني خالد في مخبأ بعيد عن عيونهم وأسرع خلف علي وجد منير امامه بعد أن أطلق رصاصته عليه لم يستطيع خالد امتلاك أعصابه ولا السيطرة على حزنه وغضبه للمرة الأولى صوب سلاحه دون تفكير أو تردد نحو منير وقام بقتله سقط منير أيضاً جثة هامدة فارقت الحياة أسرع خالد الي علي احتضنه في صدره
علي فقط ابقى معي يا علي لا تغلق عيونك ابقى معي يا علي سنصل إلي مصر قريباً
كنت أخشى ذلك اليوم كنت أخشى أن أموت في الصحراء كالذي قتلتهم يوماً ما
كنت أنظر إلى عيونهم وأري الخوف فيها واتسأل هل بعد قتلهم سيبقون في الصحراء كهذا واليوم أتاني الرد سأكون مثلهم ميتاً لا اكرم بالدفن
فقط في الصحراء
قال علي تلك الكلمات لتكون كلماتها الأخيرة لفظ أنفاسه الأخيرة وفارقت روحه الحياة .اسندها خالد إلي الأرض نطق الشهادة عليه واغلق عيونه نال علي جزاءه
قتل على يد من علموه القتال قتل مثل ما قتل
كسا سواد الليل المكان أنار ابو الخير إضاءة سيارته
اجبر عزيزة على الجلوس أمامها استسلمت له فقد لحق بها من الجروح ما يكفي التزمت مكان ما أمرها بالجلوس وتملكها الخوف
تجول في الجوار يطلق الرصاص بسلاحه
ابو عمر المصري لا أدري من أختار لك هذا الاسم
ولكن أيقن إني سوف ادفنك هنا باسم جديد اختاره أنا لك
اخرج الآن واطلب السماح ففي كل الأحوال لن تغادر أرض إيران حياَ
صاحت عزيزة بأعلى صوتها اهربي يا فاتنة لا تعودي لا تخافي من تهديداته لقد فقد السيطرة ويريد أن يرهبك فقط اهربي يا فاتنة ولا تعودي لا تخشيه
ضحك أبو الخير وكأنه عثر على كنز
الان علمت أين يكمن السر علمت أنكم صرتوا إخوة وأصدقاء تضحون من أجل بعضكم البعض
اذا انتِ الطُعم يا عزيزة
ايتها الطبيبة إن لم تظهري نفسك أمامي سوف أطلق رصاصاتي على عزيزة
انها الآن خائفة ترتعش تنادي باسمك كي تنقذيها
تملكني الخوف صارت أنفاسي عالية وخالد يخشى أن أصدر صوتاً كتم أنفاسي بيده قليلاً كي اهدا
سيقتلها يا خالد فهو لا يعرف الرحمة لن يشفق عليها كونها امرأة
لا تخافي يا فاتنة فهو يحبها ولن يلحق الضرر بها
صاح أبو الخير مرة أخري إذا تضحين بها لأجل هروبك ترمين بها في النار لكي ما تريدين
سحب سلاحه ووجه إلي عزيزة واعلي صوته لها الموت ولكي النجاة إن استطعتي
لم اتملك أعصابي وهرعت إليها ولكن سرعة رصاصته هزمت سرعتي توجهت إلى صدر عزيزة واستقرت بجوار القلب نزفت سريعاً وكأنها كانت تنتظر رصاصته
هرعت إلي عزيزة أبكي
عزيزة عزيزة لا ترحلين
امسكت برأسها قبل أن يقع ارضاَ اسنتده الي صدري مسحت علي وجهها قبلت جبينها
لا ترحلي هكذا يا عزيزة ..ليس الفراق هايناَ
استيقظي يا عزيزة فنحن على وشك مغادرة قبر أبو الخير سنرحل سوياَ
لماذا عدتي يا فاتنة ألم انصحك بالرحيل وعدم الالتفات خلفك لماذا عدتي
لقد ات الوقت الذي كنت في انتظاره يا فاتنة إنه الوقت الذي اخبرتك عنه
لقد أخبرني الله بفرج قريب وها قد ات الفرج سأذهب إليه يا فاتنة لقد اعلنت توبتي واختمرت بالأبيض منتظرة تلك الساعة وقد حانت
صمتت كلمات عزيزة ونزف دماؤها ورحلت في هدوء رحلت بيضاء الوجه والقلب يعلم الله كم كانت مرغمة فهو مطلع علي كل شيء
لم يتمالك أبو الخير أعصابه فقد جن جنونه عندما اغلقت عزيزة عيناها وصاح
انتِ من اوصلها للموت وأنا من جعلت معشوقتي جثة هامدة لن أتركك يا فاتنة لن اتركك
اتي من الخلف خالد موجهاَ سلاحه صوب رأس أبو الخير مهدداً إياه بالقتل إن لم يترك السلاح
ضع السلاح ارضا يا أبو الخير وإلا فجرت رأسك
بعد ثواني معدودة وضع أبو الخير سلاحه أرضاً والتفت إلي خالد ببطء
الان صرت اسيرك يا عمر ماذا ستفعل
ها ماذا ستفعل ؟أيها النصراني
سأفعل بك ما فعلته بالكثيرين
شتته أبو الخير بالحديث وانقض عليه وانهال عليه ضرباَ حتى أمسك السلاح من يده
ضحك عالياَ الآن الغلبة لي والموت لكم الخائن مكانه القبر أو يكون وجبة دسمة لهذه الضباع
فماذا تختار ؟
لم ينتظر ابو الخير ان يأتيه الرد وقام بإصابة خالد في قدمه لإثبات سيطرته على الوضع
تملكني الخوف على خالد لم أفكر في روحي ذلك الوقت شعرت أن الجميع سيرحل سأكون مرة أخري أسيرة أبو الخير
التفت إلي بغلظته وضحكاته المستفزة ستعودين معي الي المعسكر ولكن هذه المرة لن تكوني طبيبة بل ستصرين جارية أبو الخير .سوف اجعل منك جثة حية فارقتها الروح والحياة فقط تعتلي فراشي كل ليل
شعرت أنه لن يخيب تصويبه هذه المرة على خالد ولن يكتفي فقط بإصابته بل سيجعل منه جثة هامدة تحركت سريعًا إلي سلاح ابو الخير الذي وضعه أرضاً امسكته بإحكام و دون تفكير ضغطت الزناد صوب أبو الخير اخترقت الرصاصة اضلاع جسده اودت بحياته لم اكتفي برصاصة واحدة بل افرغت سلاحه في جسده وأنا أصرخ لك الموت ستتعفن في جهنم يا أبو الخير ستتعفن في جهنم
مات أبو الخير كما يستحق مقتول على يد أضعف نساء معسكره وكأن الله يخبره كم هو عزيز منتقم
اسرعت إلي خالد اطمئن عليه
خالد لا ترحل يا خالد لا تركتني هكذا وحيدة يا خالد
لا تقلقي يا فاتنة فأنا بخير إنها فقط مجرد إصابة وأنتِ تستحقين أن احي لأجلك يا فاتنة
في تلك الأثناء تمت مهاجمة المعسكر وتصفية الكثير من عناصره والقبض علي باقيتهم
وكذلك تحرير الكثير من نساء المعسكر أرسل خالد رسالته الأخيرة إليهم لتحديد موقعنا واتي إلينا الدعم خلال دقائق
انها الحرية الأمان لقد شعرت بالأمان أخيراً وقفت جوار سيارات الشرطة لا أريد التحرك تملكني حالة من الفزع وفقد الأعصاب ووقعت أرضا فاقدة الوعي
لم استرد وعي سوأ وأنا في إحدى مستشفيات إيران يقف جواري أحد الأطباء وخالد كذلك أحد أفراد الجيش
لم أكن في حالة جيدة حتي استطيع فهم حديثهم واستيعابه
ظللت أنظر إلى خالد وعيون خالد طريقة حديثه
ثم أغمضت عينيا
انصرف الجميع واقترب مني خالد
تسمحين لي ؟
اسمح لك بماذا ؟
اقترب أكثر ترك قبلة على جبهتي
الان انتِ نصف حرة
ماذا يا خالد ؟
لماذا لم أنال حريتي كاملة اهناك شيء آخر ؟
لا هناك أنا ما زلت معتقلك حتي نصل مصر هناك في أحضان أبي ثابت سوف تكوني حرة إلي ذلك الوقت انتِ اسيرتي
اقبل يا خالد اوافق على ذلك الاعتقال
همست في نفسي فليكون اعتقال إلي الأبد
اخرج خالد جوازات السفر الخاصة بينا كذلك تذكاره الطيران
ولكن أخبرني أنه يجب أن أعطي إفادتي لذلك الشرطي قبل سفرنا
مرت ساعات قليلة انهى فيه رجال الشرطة تحقيقهم معي وأذن لي بالسفر
تلك الرحلة الأولي التي لا أحمل فيها حقائب فقط امسك جواز سفري في يد والايد الأخرى ممسكة بيد خالد
حجاب أبيض طويل كذلك فستان فيروزي بسيط لونه مميز وكأنه قطعة من فيروز الجنة اهداني إياهم خالد لأرتدهم خلال تلك الرحلة
انهيت جميع إجراءات المطار وصعدنا إلي الطائرة وهنا حلق قلبي في الهواء طفلة في الثانية عشر عدت أشعر بالفرح لأبسط الأشياء تلك هي النعمة التي حرمت منها حتي صارت ابسط الاشياء تبدو لي مستحيلة
ساعات في الطائرة أنظر من نافذتها أتطلع إلي النيل من بعيد ها نحن مقبلين عليه شعور لم استطع أن اصفه شعرت أني مريضة فاقدة الأمل في الشفاء وها قد شفيت دون دواء ولا مجهود
هبطت الطائرة ارض مصر هناك نزلت مسرعة يرفرف خلفي حجابي وضعت قدمي بأرض مصر بعد أمل مفقود بعودتي
سجدت أرضَا أحمد الله على تلك النعمة
انك ذو فضل عظيم اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه
اتي خالد من خلفي
فاتنة يكفي الآن امامك رحلة أخري اريدك أن ترتبي روحك لها
أي رحلة تقصد يا خالد ؟
انها بداية الراحة وزوال الهموم يا فاتنة فأبي ثابت في انتظارك يا فاتنة وكان وعدك أن تسامحيه فور تحريري لكي من أسر أبو الخير. يجب أن تكوني مستعدة للوفاء بذلك العهد يا فاتنة
لم أريد أن أرد على خالد تملكتني الغيرة قليلة واردت أن أذهب إلي أبي طائرة كي ارتمي بأحضانه
لم تمر ساعات أنهينا اجراءت المطار واستقلينا سيارة في طريقها إلى منزلي
حيث أمي ورائحة أمي وحنانها الذي أشتاق إليه
توقفت السيارة أمام عمارتي .نزلت رفقه خالد
سوف تصعد معي أليس كذلك؟
نعم سوف أصعد فهناك روحي باقية في منزلكم
من تقصد ؟
انه أبي ثابت يا فاتنة .وتلك الروح في انتظار طفلتها كي تسترد أنفاسها الغائبة
صعدت بهدوء اقتربت من باب منزلي لم تغير أمي صوت شيخها المفضل في قراءة القرآن تفوح من منزلنا رائحة ماء الورد
طرقت الباب بلطف كعادتي
لا أدري كيف علمت أمي بقدومي سمعتها خلف الباب تتقدم مسرعة تصيح أنها فاتنة دقات فاتنة أنها فاتنة
واذا بها تسترد ضحكاتها وعافيتها برؤيتي أمامها ضحكت وكأنها استبشرت بالجنة فتحت ذراعيها على مصراعيها وصاحت عادت صغيرتي لقد امتلكت العالم الآن عادت طفلتي أحضان أمك كانت باردة يا فاتنة فلتاتي إلي بدفئيك يا فتاة
ارتميت في أحضان أمي شعرت بالأمان تلك اللحظة أمان مختلف شعور طفلة نامت في أحضان أمها بعد تعب
تقدمت داخل المنزل وإذا بأبي يجلس هناك في ركن أمي الخاص بالصلاة وتلاوة القرآن
ينظر نحوي باشتياق وفرح
تقدمت نحوه جلست على ركبتي كي أكون قريبة من قلبه
تلك السنين الماضية لم تنسى عيد ميلادي يوماً لقد جمعت جميع الالعاب التي ارسلتها كذلك الرسائل جمعتها كي ألعب بها رفقتك في أحد الأيام لم يخيب ظني يوماً ما في عودتك
وها قد أكرمني الله بتلك اللحظة يا أبي
لقد اشتقت تلك الكلمة يا فاتنة كنت أخشى الموت دون أن أسمعها من شفاهك يا صغيرتي
كيف لك أن تتخيل إني غاضبة منك يا أبي لتطلب مسامحتي ؟
انظر إلي تدبير الله لقد دبر الله كل شيء لأجل تلك اللحظة يا أبي
لأجل ان يكون هناك خالد وليد الإسلام على يدك يا أبي
هدوء العالم وسكينته استشعرته في أحضان أبي
مسح الله على قلبي نسيت تلك الأيام الماضية نسيت كم مرة اشتقت إلي أبي ولم يكن موجود
فتلك اللحظات في أحضانه محت بعد السنين
الان وبعد عامين على تلك الحادثة أنا هنا في رحلة أخري هنا حيث يوجد نصف العالم والنصف الآخر في سكينة روحك وهدوءها ودعت أبي إلي مثواه الأخير في تلك الفترة ولكن الله أراد أن يعوضني خيرا فالان يقف بجواري من وقف أمامي سابقًا يطلب موافقتي على عرض الزواج
كفاكِ يا فاتنة الآن أصبح الجميع يعلم أني أحبك وأنا من تقدم لخطبتك الا يكفي هذا
بل يكفي يا خالد
فاليوم أشعر أني الجزء الأفضل في ذلك العالم
انها المرة الثانية لن في الحرم ولكن لن اتساءل
كيف نصراني بالحرم ؟
فانا من يمتلك كلمة السر
تمت/ اليوم /الاثنين ٩/٧
الساعة ١٠:٢٢مساءا
انتهت تلك الرحلة على خير كما رغب البعض
ولكن في النهاية جميعهم ابطال روايات
لا يوجد بيننا الكامل .فلا تجهد نفسك عزيزي القارئ كي
تستطيع الوصول إلي كمال أبطال الروايات بل كن كما يجب أن تكون
اهداء خاص إلي من وقف بجانبي بكل المحن قدم لي النصيحة دون مقابل وكان دائماً يرى في الموهبة الي خالي المهندس/السيد غنيم