عزيزي المختفي خلف الغياب
أفتقد الحديث المستمر بلا نهاية بيننا, لماذا انقطع؟! أهكذا سريعًا تتغير القلوب؟! ما أقساها!
كل الوريقات التي نقشتها عنك، أو بوحي منك، لملمتها اليوم ومزقتها، نثرتها أمامي، تساقطت كالشهب، وكلما سقطت قصاصة أحرقت جزءًا من روحي
تلك هناك كتبت بها كيف أني حين رأيتك أول مرة ابتسمت لتلك الدهشة التي علت وجهك بلا سبب واضح لي، وتلك القصاصة فيها ضحكات كثيرة جميلة من القلب، وتلك بعض الدموع الوحيدة لي بسببك، أما هذه التي علقت في كفي لا بد أنها كفك حين لامسته في سلام عابر وهذه... وتلك، و...
كثير جدًّا على عقلي استيعاب تحولاتك وتقلباتك المستمرة معي، رغم أني أتقلب في اليوم ألف مرة فإنك ثابت بداخلي مهما حدث، كلما مر علي الشروق توغلت في الروح أكثر. وحين يباغتني الغروب بحضوره وأنا ما زلت أتأمل صورتك، تختفي داخلي، بل أخبئك عن العالمين كي لا تراك فاتنة فتسرقك من بين عيني، أو يراك متمنٍّ لموقعك بقلبي فينالك سوء ما من نظرته المتحسرة أنت السر الذي مهما مزقت كلماتي عنك فسيظل معي.
فتغير كما تريد, ابتعد,أو اقترب لا شأن لقلبي, حبيبي أنت وإن لم أصبح لك حبيبة.
فلنرفع رايات الهدنة قليلًا ونقدم القرابين والهدايا ربما حينها نكتشف أننا كنا نحارب السراب، ربما فقط حينها أراك أوضح وتراني أكثر قربًا.
عزيزي
للأسف السماء صافية والقمر منير وأنت كما أنت، جبل من الثلج لا يعتريه شعور أصافحك كل صباح فترد مقتضبًا إن الصباح قاتم، أبتسم في وجهك فتقابل ابتسامتي بالعبوس متسائلًا من أين تنبع ابتساماتي، ليتني أستطيع إخبارك أنها تنبع من ضياء عينيك، من نغمات صوتك، وأن الصباحات التي تخلو منك فارغة من السعادة، والابتسامات دونك صفراء بلا روح. أنت أفضل الأشياء بعالمي إن غبت غاب الفرح، وإن حضرت أتاني.
غريب يحتل كل الأماكن بالذاكرة ويفرض ذكريات جديدة عليها وكأننا ولدنا بها فيصبح فجأة الأحب والأقرب والأغلى.
عزيزي..
اليوم نظرتَ إليَّ مُطوَّلًا مُتعجِّبًا متسائلًا ما بي، فلم أُجِب، أتعلَم ما بي؟! لا شيءَ بي!
لا شيءَ سوى أن هذا الخائن الصغير لديَّ ما زال يُحبك، فإذا رأيتَ مني بعض الجنون الذي يجعلك تتعجب ماذا أفعل، وإذا سمعتَ كلمات غير متناسقة مع المضمون، أو رأيتَ لمحةً من الحزن في عيني في غير محلها؛ فاعلَم أنني بجهدٍ شديدٍ أُخفي اشتياقي إليك خلف ستار مختلط من المشاعر الأخرى، أراقبك وأنت تتعامل مع الأخريات أمامي؛ تضحك هنا، وتشترك في حديث جاد هناك، وتستشيرك أخرى هنا، كوب الشاي اليومي الذي تمنحك إياه فلانة، وصباح الورد الذي تلقيه عليك الأخرى.
وعليَّ بعد هذا كله، أن أتظاهر بأن لا شيء يحدث داخلي وأنني حتى لا أغار!
وعليَّ أيضًا أن أضحك على إشاراتك عنهن لاحقًا، بل أيضًا ألَّا أُناديك بـ "يا حبيب" أبدًا، أنا لا أملكُ كل هذا البرود يا حبيب ولا الصبر!
كن كما تريد، طائرًا محلقًا لا مُباليًا بكوكبٍ من المشاعر تحت السماء ينتظرك، أو كن موجة ثائرة متقلبة في مد وجزر وركود بعيدًا عني، ولا تكُن ألمًا يسكنني أينما ذهبت، كن لا شيء ولا تكن نصف شيء، أو كن كل شيء!
عزيزي..
تباعدَت المسافات وكأن الأرض تتمدد بيننا مهما حاولنا الاقتراب، فتُلقي بي خارج حدودك وتلقي بك خارج مدني، حتى إنني لم أعُد أذكر هل التقينا بالفعل أم هو مجرد حلم عابر على مدينتي ككل أحلامي عنك، فنصف ما أملكه هو وَهْمي الجميل الذي أحيا فيه كل يوم. لم أعُد أملك اليقين بأنك بالفعل أخبرتني كم تحبني، وربما لم تفعل أبدًا، ولا لديَّ ذلك الأمل بلقاءٍ جديد. وفي الواقع، لا أريده، فأنا لا أريد مزيدًا من الذكريات التي أحاول بالفعل أن تتلاشى من داخلي.
لم أعُد أبتسِم في وجه الصور، فكلها تمنحني ابتسامات استهزاء، كل إشراقات وجهي معك وابتساماتي البلهاء تخبرني بحماقتي حينما أحببتك، بكائي اللا إرادي يُلازِمني كل حين.
لم يستطِع قلبي بعدُ أن يتقبل فكرة أنك لم تُبالِ بأي شيء، لم تحاول تضميد جرح هو منك، بل أضفتَ المزيد!
صوتك المُهاجِر عني يتردد من حولي دومًا بلا انقطاع، فيمنحني مزيدًا من الألم. أشياؤنا كلها تتَّحِد ضدي، قطتي الصغيرة التي أهديتَني إياها تشبهك، كل الأشياء الآن مُرهِقةٌ جدًّا، وكل الأسئلة بلا أجوبة.
لمَ التقينا إن كانت هذه هي النهاية؟!
ولمَ كل النهايات مؤذيةٌ جدًّا؟!
سأترككَ تتشبث أنتَ بالحالة التي تحبها، فهكذا أنتَ دومًا؛ تريد أن تعيش دون أن ترى أو تعي مقدار ألم الآخرين منك. واترُك لي خيالي، ففيه أنتَ معي دومًا كما أريد؛ المُحِب المهتم المراعي لمشاعري إلى الأبد.