اليوم هو اليوم العاشر بعد أن تأكدت أن قلبك فارغ مني.
تمنيت حينها أن أملأ العالم صراخًا، وأمزق كل الأعوام الماضية بكل الذكريات بيننا، لكن انفطار قلبي جعلني بدلًا من ذلك أطالع كل صورنا الكثيرة معًا وأبكي.
أتذكر أول لقاء وآخره، بدايات العشق المتلعثم ونهاية الطريق، رأيت في صورنا سعادة لم أشعر بها إلا معك وكأنني لم أعرف الحب أبدًا إلا في عناقك الوحيد القابع في الذاكرة.
ابتسامة عينيك تلك لم تنقش إلا من أجل قلبي، فالعيون لا تكذب أبدًا، كما أن بريقهما كنجمتين لم يمنح لسواي، نظراتك الولهى حينما لا ألتفت لك والتي سجلتها الكاميرا بوضوح هي أيضًا لم أعايشها من قبل إلا معك، لم يحدث أن يلتفت لي أحد حينما لا أنظر، الجميع ينتظر اقتناص اللحظة، أما أنت فدومًا أنت اللحظة، تصنعها وتصبح أنت صانع الحدث.
عزيزي
في تشابك أصابعنا المريح حياة، وحينما ينام كفي في قبضتك في ليالي الشتاء القارصة، أشعر أنك تحتويني ككون صغير مليء بكل ما أرجو من بهجة ودفء ومحبة، مواضيعنا الصغيرة التي تنشأ من لا شيء فتضحكنا حتى يلتفت الجميع لنا متسائلًا عن السبب فنزداد ضحكًا حد البكاء على السبب الذي نعلمه نحن فقط، بساطتنا في اقتسام شطيرة صغيرة بيننا، مشروبنا المفضل، ألواننا المفضلة، انطلاقنا وليالي السير في شوارع المدينة على الحبال الوهمية الممتدة بين فراغات بلاطات الطريق، وكل ذاك الفرح المنساب بين القلوب كشلالات دون انقطاع... الآن قد انقطع.
كيف انتهى كل ذلك؟ ومتى؟ والسؤال الأهم: كيف انتهى كل ذلك من قلبك وبقي بقلبي يرعد ويبرق حزنًا وألمًا؟ وكيف انتزع قلبي من براثن حبك وابتعد في سلام؟
عزيزي
حينما أخبرتني أننا الآن صديقان فقط، لم يستطع قلبي المنفطر تصديق ما سمع، قسوتك في إلقاء الأمر وتحديد الخطوط ووضع السدود أدهشتني لطالما تدهشني تحولاتك العديدة السريعة من أكثر القلوب حنانًا لأقساها!
دومًا ما كنت أخشى أن أصبح الفتاة التي تمنحك الضجر فتطير محلقًا بعيدًا، وها هو قد حدث.
حينها أخبرتك أننا لا نصلح لذلك، كنت صديقي ثم أحببتك، فكيف نعود أدراجنا للوراء، لكنني بعد قليل رأيت نفسي في زاوية الغرفة وحيدة أبكي الحنين إليك ككل مرة.
أطالع أخبارك من بعيد منتظرة اقترابك، وهو الشيء الذي لن يحدث، فقررت أن أقبل بتلك الصفقة الظالمة؛ أظل جوارك كصديقة وتظل بقلبي مالكه.
أنا لن أستجدي حبًّا غير موجود، فالحب لا يحمل المناقشات أو المساومات، إما هنا أو لا.
ولن أبتعد لأني –وعلى غير المعتاد– أفقد قوتي معك، ويتلاشى غضبي في نقطة التلاقي بين عينيك ونظري، ويلين قلبي بعد كل «صباح الخير» منك، وأفقد توازني كله حينما تغيب، فأنت ميزان حياتي تمنحني السكينة والاطمئنان بكل بساطة دون مجهود, وجودك لجواري حتى في صمتك يمنحني الصحبة والونس. فيا لي من صديقة كاذبة!
عزيزي
دعوت لك اليوم بالسعادة، لم أستطع أن أدعو لك بالسعادة مع أخرى. اعذر ضعف قلبي، لكنني دعوت لك بالسعادة المطلقة، أنا لن ألقي على مسامعك كلمات عن كم أحبك أو أنك لن تجد من تحبك مثلي؛ لأنني ببساطة شديدة أعلم أنك تحب.
فكل من اقترب منك أحبك، كل من اقترب احترق. أظنهن الآن ينتظرن قلبك الفارغ مني.
ستجدها بعدي، بل وستحبك جدًّا.
ربما سأخبرها حينها عنك القليل، وأمنحها بعض المفاتيح التي تجعلكما أسعد.
سأخبرها عن شخصيتين في جسد واحد، وعقل وقلب متنازعين دومًا؛ عقل يملك من الحكمة والذكاء ما يكفي قارة، يستطيع الحكم الصحيح على البشر، يضع كل حرف في مكانه بدقة، فلا يفشل مرة.
سأخبرها بأنك الفرح الذي سيملأ حياتها ألوانًا ورقصًا وموسيقى، لكنني سأحذرها من انسحابك الذي يشبه انسحاب الألوان من لوحة رائعة تاركها سوداء..
ربما سأخبرها عن عنادك الطفولي الذي لا ينتهي أبدًا سوى حينما يصل لمطلبه وسأوصيها بترك مجال لك للعودة دون عتاب، وحينما يوصد عقلك الأبواب أن تتجاوز هي تلك المصاريع وتعبر إليك، سأروي لها عن قلبك الحنون الذي يخفي الحب كله وراء قناع من الشدة والحزم غير المبرر، قلب يستطيع جمع الكون بين جنباته وتوزيع السعادة عليه كله.
سأطلب منها التخلي عن حذرها معك ومنحك الثقة، وأن تخبرك دومًا كم هي ابتسامة عينيك مهلكة، وأن جاذبيتك كلها تقع في روحك الطيبة.
سأطلب منها حينما ترى الحزن في عينيك أن تعانق رأسك لينام جوار قلبها مؤكدة أن العالم لا يعني شيئًا بدونك، وأنك مركب فريد في عرض البحر لا مثيل لك أبدًا، منفرد في كل تفاصيلك دون تكرار أو ملل.
حينها ستسير سفينتكما للأبد ذلك الذي لم أستطع الوصول له معك.
عزيزي، كن بخير من أجلي... آسفة، كن بخير من أجل العالم الذي تحمله بين ضلوعك والذي تمنحه لمن تحب، ذلك الذي يشع جمالًا وبهجة.