فى الثامنة مساء اليوم اتصل بي رقم غريب، على الطرف الآخر صوت امرأة لا اعرفها، ولكن بصوتها نبرة أعلمها جيدًا؛ إنها نبرة الألم.
عرفتنى بنفسها وأنها منذ عام سمعت برنامج لى فى الإذاعة مع الإعلامية رشا أنور وبعدها ذهبت تسأل فى جمعية المحاربين القدماء عني وعن خالها، ولكن لا شيئ يعرفونه، وانصرفت؛ إلى أن سمعت البرنامج مرة أخرى منذ أيام، وأمسكت بخيط من كلامي وأنا أتحدث عن جروب "بيت الشهداء" على "فيسبوك"، فدخلت تبحث عنه إلى أن تواصلت من خلاله بالصديق سامح طلعت _محب الأبطال والشهداء_ وحصلت منه على رقمي.
*خالها أحد رجال الدفعة الأولى من الصاعقة المصرية _مفقود_ فى حرب 56 .
نعم فى حرب 56 .
كنت أسمعها وأنا فى تعجب؛ لقد ولدت بعد استشهاده بسنوات، ولكن ميراث الألم من والدتها _أخت الشهيد_ وجدّتها _أم الشهيد_ له رواسب قوية ما زالت بداخلها.
تقول، "بحث عنه أخوه الذي كان مجند احتياط فى سيناء، ووصل لعائلة بدوية استضافته لعدة أيام، وبعد أن خرج من عندهم لم يعلموا عنه شيئًا، فقد تركهم لخوفه عليهم من أن يجده اليهود لديهم _لأنهم كانوا يبحثون عنه_، وظل بحث الاسرة عنه إلى أن انقطع بقيام حرب 67. عانت جدتها والعائلة إلى أن توفاهم الله، ومازال ميراث الألم حتى يومنا هذا كلما تذكروا ماذا حدث له.
ما زال الأحفاد يريدون الاطمئنان،
هل استشهد؟
هل وقع فى الأسر وعذب وسجن؟
مهما كان ما حدث، فهو بطل شريف وطني سيعيش فى قلوب أبنائك يا مصر ..
وسيخلد في ذاكرة الوطن.