في خير قرون الأرض جاء الوليد
في عام مولده آية بنصر من الله فريد
جمع الأشرم جنده لهدم بيت عمره مديد
أرسل الله طيراً بحجارة أشد من الحديد
تمحو جيوش الكفر والشرك من الوجود
علامة أن الماحي للكفر بعث إلى الوجود
مات أبوه قبل أن يرى في الكون أفضل مولود
يا كل يتيم لا تحزن أنت في كنف رحيم ودود
لم تلبث أمه أن فارقته وذاق مرارة اليتم وحيد
بلا أب ولا أم يعيش في الدنيا للحنان يريد
لو ترك للبشر أضاعوه لكنه في مأوى الشهيد
ألقى حبه في قلب جده ثم عمه إحساناً وجود
رعى الغنم صغيراً لقومه وهم بأمانته شهود
اشتهر بالصدق وعلم البشر معنى وفاء العهود
لم يسجد لصنم قبل الرسالة فكان طاهراً رشيد
اعتزل الشرك والكفر واعتكف في الغار البعيد
وإذا بجبريل ينزل لخير البشر اقرأ القرآن المجيد
قم أنذر قومك بالقرآن قبل أن يأتيهم عذاب الخلود
بلغ الرسالة ولما يبالي بأبي جهل وما كان له يكيد
آذوه بكل قول ونفروا منه الخلق وأغلظوا له الوعيد
ما كان صفوة البشر وخير المرسلون يخضع للتهديد
حاصروا أهله حتى كادت الدماء أن تجف من الوريد
كم تحمل من صعاب لنشر دعوة الحق والقول السديد
يا أهل غزة صبراً هذا الرسول أوذي بحصار شديد
في الطائف آذوه بالحجارة وسلطوا عليه سفهاء العبيد
قال الكفار ساحر وقالوا مجنون أو يوحي إليه شيطان مريد
إنما هو ذكر أنزله الله مبارك ليطهركم من تأليه العبيد
عرضوا عليه الملك عليهم وجمع المال والعيش الرغيد
ما عقلوا أنه يرى الجنة وما فيها من روائع نعمة الخلود
ويرى النار وما فيها من عقارب وحيات ومقامع الحديد
يضحك قليلاً ويبكي كثيراً إشفاقا أن نكون لها وقود
يود لو أنه ينقذ البشر جميعاً ولا تبقى نفس في نار التأبيد
اجتمع الكفار على قتله لإزهاق الحق ووأد دعوة التوحيد
لكن الله نجاه رغم اجتماعهم ببابه خرج وهم شهود
في طيبة أسس دولة الإسلام بسواعد الأنصار الأسود
فتحت عليه الدنيا لكنه لم يركن إليها واختار العيش الزهيد
ينام على الحصير حتى أثر في جنبه الشريف عود بعد عود
ما أروع سيرة خير الخلق نبي الرحمة المختار محرر العبيد
حارب طغيان الشرك والكفر طول العمر وأذل أعناق اليهود
فمالنا تركنا سنته وهجرنا شريعته وتركنا فرعون يقود
يكرم كل من تطاول على آيات الله بالاستهزاء والجحود
لا ينتقي بطانته إلا من العلمانيين حتى يضمن أن يسود
انظر إلى وجوههم هل فيها أنوار طاعة أو سمت سجود
ما فيها غير ظلام الليل والتكبر ومدح فرعون بالتمجيد
حتى ظن أنه يملك رقاب الخلق قتلاً وسجنا وتشريد
دعم ملكه ببشر هم شر الخلق وكهاناً كأحبار اليهود
لا يرون إلا ما يرى جعلوه إلهاً لا ينطق إلا القول السديد
غره طول العمر حتى ظن أنه لن يبيد وإن باد فلا وعيد
فالجنة أحلام الدهماء والنار وهم ولا سبيل إلى الخلود
هكذا قال أتباع فرعون ورضاه عنهم أملهم المنشود
كلهم دقاق للباطل غير أنهم أمام الشعب يكذبون الشهود
بارك الله في جبهة صدعت بالحق وننتظر منهم مزيد
تجبر فرعون وأهلك المال والحرث وبالغ في التبديد
ينام وفي رقبته ملايين أوشك نصفهم أن يلحس تراب الصعيد
أما النصف الآخر فأصبح يتخذ من يوم شراء اللحم عيد
كيف تنام واليتامى لا يجدون ملبساً جديداً صباح العيد
كان قديما يعذب اليهود ويستحي نساؤهم ويذبح الوليد
ومن عجب أنه بعد العداء أصبح اليوم يقبل أقدام اليهود
وحدت بينهم العلمانية في الولاء فصاروا لإبليس جنود
اعلموا أن الله واحد وأن شرف الخلق أن يكونوا له عبيد
قوة القلب وراحة النفس والعز لمن أخلص لله التوحيد
الذلة والصغار وظلمة الوجه لمن اتبع الشيطان المريد
إن من يرفض أمر الله ويستكبر عن عبادته كافر عنيد
من أطاع الطواغيت وخالف الوحي فقد عبدهم بغير سجود
إن الإسلام أن تنقاد لأمر الله طوعاً بلا شروط ولا قيود
فإن ذلت قدمك في المعصية وإن أسرفت فباب التوبة ممدود
لكن سارع بالتوبة فالموت يأتي فجأة والمعاصي للكفر بريد
وأما أن ترفض أمر الله فأنت شيطان علماني لعين طريد