{ ورحمتي وسعت كل شيء } فالأصل دائما في حكمته تعالى ..الرحمة، وإن جهلنا ما وراء مجريات الأمور و تفاصيلها وإن كان ظاهرها مكروه فهو يرد إلى الرحمة، فما منع إلا برحمة وما أعطى إلا برحمة، لا يهم ما هو بعد، لا يهم ما هو منعك منه ليرحمك، وبما يرحمك فيما أعطاك، لا تُرهق نفسك وراء التفاصيل، إن التفاصيل عالم لا نهاية له .
ومما يجري من بعض التأويل في حكمته تعالى أن ما خفي من أسرار قلوب العباد إلا لستر القبح وأسرار الخلوات فيما اذنبت، فكان الستر الا فرصة للتوبة والإنابة ، ربما هذا صحيح لكن من فرط تداولها وشيوعها ظن البعض أنها الوحيدة اي ستر الذنوب وخبايا النفوس الخبيثة فقط، لكن لا أظنها المقصودة وحدها فحسب .
ربما من جمال رحمته وفرط حنانه أن ما خفي من القلوب عنك ايضا ستر ما بها من جروح وألم ستر صراخات واوجاع قد رضيَ أصحابها بما قسم لهم لكن لن يتحمله قلبك انت بما فيه وما قسم له ايضا ، ربما قد يظهر جانبا لك و يُسمعك بعض من نحيبها وتبتأس وتبكي، فما بالك لو فتحت لك أبوابها على مصرعيها هل تتحمل، وربما قد خُفى ما فيها رحمة بمشاعر أصحابها حتى لا تتأذى من نظرة شفة لا تقدم أو تأخر ورحمة بقلوب تظن في الله لا هدى أو بصيرة أنه قد أمسك رحمته فتصيبها فتنة التأويل على الله بغير علم من فرط ما رأت فيأولون " كيف أو لما لم تدركه رحمة الله " خفي ما في القلوب ربما رحمة بأصحابها من أحكام ألسنة القلوب المريضة أن مافيها إلا عذاب قد مسهم من افعالهم وهم عند الله أولياء.
صدق سبحانه وتعالى حين قال ورحمتي وسعت كل شئ رحمة تخفي ما فيه أصحاب القلوب المتعبة ورحمة لأصحاب القلوب التي لا تتحمل، ورحمة بالقلوب المريضة أن تزداد مرضا بما حكمت وتآولت و رحمة بقلوب رغما عنها تذبذبت واذنبت فكانت رحمة ستر وتوبة وإنإبة .. فسبحانه الرحمن الرحيم