هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • حكم دار عصير الكتب
  • أحاسيس الأبرياء..
  • هُدنة مع العدم
  • تغريد الكروان: ثورة
  • مخاض الكلمات
  • لقاء عابر
  • ذلك الخبر ..
  • دعني أُحبُّك في صمت!
  • حبآ بلا منازع..
  • منك لله يا قابيل - سيرك ولاد الحلو - تيجي نلعب استغماية - خلاويص؟ لسسسه
  • اللامنتمى 
  • المرايا..
  • غرام بالصدفة
  • الصداع النصفي .. والاستخدام الآمن لأدوية العلاج والوقاية
  • النصيب .. تعرفوا معناه ؟!
  • القايمة في مصر
  • لا تُراهِنْ
  • بداخلها مختلف ..
  • الصفر الكئيب.. 
  • أُجيد الإصغاء لما لا يُقال...
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة محمد شاهين
  5. الرمز الخالد

في ذلك المساء الذي تلوح فيه تباشير الغروب الذهبية على الأفق، وبينما كانت الشمس تميل نحو المغيب، مودعَةً يومًا آخر من أيام الدلتا الهادئة، خطا سامي عبد الله خطواته المتثاقلة على الطريق الترابي الضيق. كان هذا الطريق مألوفًا لقدميه، فهو الدرب الذي سلكه مرات لا تحصى قاصدًا الحقول أو عائدًا منها. لكن هذه المرة، كان الطريق يفضي به إلى محطة القطار، بوابة نحو قدرٍ كان لا يزال غامضًا، قدر لم يخطر ببال ذلك الشاب الريفي البسيط.

كانت والدته، السيدة الطيبة التي حملت أعباء الحياة وحدها بعد رحيل والده وهو لا يزال صغيرًا، تقف عند عتبة البيت الطيني المتواضع. عيناها كانتا دامعتين، لكنها حاولت أن تخفي حزنها بابتسامة باهتة. ودّعها سامي بكلمات مقتضبة، وغطّى عينيه بقبعته العسكرية الخشنة كي لا ترى دموعه التي أبت إلا أن تنهمر وهو يمضي بعيدًا، تاركًا خلفه عالمه الصغير الآمن نحو المجهول الذي ينتظره.

نشأ سامي في تلك القرية الوادعة، حيث كانت الأرض تتنفس خضرةً، والنيل ينساب حاملاً حكايات الماضي وهمسات الحاضر، وحيث كانت الوجوه مألوفة والأسماء معروفة. لم يعرف سامي أباه جيدًا، فقد رحل عن الدنيا وتركه مع أخيه الصغير في كنف أمه. كانت أمه امرأة صلبة الإرادة، بسيطة في مظهرها لكنها عظيمة في فعلها. علّمته كيف يكون سندًا لنفسه، كيف يُصلح سقف البيت المتصدع إذا تسرب منه ماء المطر، وكيف يقرأ الفاتحة بخشوع عند الشجرة العتيقة التي كانت شامخة في مدخل القرية، وكيف يخفض صوته احترامًا إذا مرَّ شيخ الجامع الوقور.

لكنها لم تعلمه شيئًا عن الحرب، عن أصوات المدافع التي تدوي في الآذان، عن رائحة البارود التي تخنق الأنفاس، عن الخوف الذي يتسلل إلى القلوب ويجعل الأقدام ترتجف. كانت الحرب شيئًا بعيدًا، مجرد كلمات تُذكر في نشرات الأخبار أو حكايات عابرة يتناقلها الكبار.

عندما وصله خطاب الاستدعاء في صيف عام ألف وتسعمائة وثلاثة وسبعين، شعر ببرودة تسري في أوصاله رغم حرارة الجو اللافحة. لم يكن سامي جبانًا بطبعه، لكنه لم يكن شجاعًا بالمعنى المتعارف عليه أيضًا. لم يعرف كيف يكون الإنسان شجاعًا وهو يترك أمه وحيدة في ذلك البيت المتداعي الجدران، وفي تلك الأرض الطيبة التي كانت تحتاج إلى عينه وعمله كل صباح. لكنه ذهب، لأنه تربى على أن نداء الوطن لا يُرد، وأن أرضه أغلى من كل خوف وكل قلق.

في المعسكر، وجد سامي نفسه في عالم آخر، عالم مختلف تمامًا عن هدوء قريته وسكون لياليها. الوجوه كانت قاسية وغريبة، الأوامر العسكرية كانت صيحات مدوية تخترق سمعه، والسلاح الذي حمله كان يزن على كتفه كأنه يحمل ثقل التاريخ كله. راقب زملاءه الجدد وهم يضحكون بصوت عالٍ، ويتفاخرون بمهاراتهم في الرماية، بمن يستطيع إصابة الهدف من أول طلقة، بينما كان قلبه هو يدق كطبول جنائزية، ينذر بشيء لا يعرفه.

كان القائد المسؤول عن وحدتهم، النقيب مختار، رجلا شديد اللهجة، حاد النظرات، لا تخفى عليه خافية. سرعان ما لاحظ تردد سامي، ونظراته الشاردة، وحركاته المترددة. أوقفه ذات يوم أمام باقي الجنود، ونظر إليه نظرة ثاقبة وقال بصوت جهوري:

_"أنت تخاف، أليس كذلك يا سامي؟"

أراد سامي أن ينكر، أن يقول إن هذا ليس صحيحًا، لكن الكلمات تجمّدت في حلقه، وعجز لسانه عن النطق. لم يستطع أن يكذب في عين ذلك القائد الصارم.

_"الخوف ليس عيبًا يا بني، إنه شعور طبيعي ينتاب كل إنسان. لكن أن تستسلم لهذا الخوف، أن تدعه يسيطر عليك ويشل حركتك، هذا هو العيب الكبير."

ومنذ تلك اللحظة، شعر سامي وكأنه يسير على حافة سكين حادة. كان يحاول جاهدًا أن يثبت لنفسه وللآخرين أنه ليس جبانًا، لكنه لم يكن يعرف بعد كيف تتحول تلك الرغبة الداخلية إلى فعل حقيقي، إلى شجاعة ملموسة.

في ليالي الوحدة الطويلة، عندما كان الهدوء يسود المعسكر وينام الجميع، كان سامي يجلس على طرف سريره ويكتب لأمه رسائل طويلة. كان يحرص على أن يخفي فيها قلقه وشعوره بالوحدة بكلمات مطمئنة:

"أمي العزيزة، كيف حالك؟ أتمنى أن تكوني بخير. أنا بخير هنا، والرفاق طيبون معي، والطعام وفير ولذيذ. لا تقلقي عليّ يا أمي، سأعود إليكِ قريبًا، وسنعود إلى أرضنا وبيتنا."

ثم كان يطوي الرسالة بعناية فائقة، ويمسك بالمصحف الصغير الذي أعطته إياه ليلة السفر، ذلك المصحف الذي كانت رائحة يديها لا تزال عالقة بين صفحاته، ويضعه تحت وسادته وينام، علّ ذلك يمنحه بعض السكينة في تلك الأجواء الغريبة.

جاء شهر أكتوبر، شهر الحسم، وجاء الأمر الذي كان ينتظره الجميع بترقب وقلق. دخل القائد مختار الخيمة في إحدى الليالي، وكان وجهه يحمل ملامح جدية لم يروا مثلها من قبل. تحدث بصوت خفيض لكنه كان مشحونًا بالعزيمة:

"غدًا. في تمام الساعة الثانية ظهرًا. سنعبر القناة."

ارتفعت النظرات في الخيمة، نظرات خليط من الخوف والأمل، من الترقب والحماس. بعض الجنود ابتسموا ابتسامة خافتة، وبعضهم تمتم بكلمات الدعاء والتضرع إلى الله. أما سامي، فقد شعر بأن قلبه قد سقط فجأة في أسفل حذائه، وأن أنفاسه تخونه. عاد إلى سريره تلك الليلة ولم يغمض له جفن. تخيل وجه أمه الحبيب، رائحة الخبز الطازج الذي كانت تعده في الصباح الباكر، صوت المذياع القديم وهو يصدح بالأغاني الوطنية عند الفجر، صورة الطين اللزج العالق في قدميه وهو يعود متعبًا من الحقل. ثم فجأة، تراءى له وجه أبيه، الذي لم يعرفه إلا من خلال صور باهتة معلقة على الحائط، يبتسم له ابتسامة حانية ويقول بصوت خفيض لكنه يحمل معنى عميقًا:

"كن رجلاً يا سامي."

جاء اليوم الموعود، يوم العبور العظيم. كانت شمس سيناء تحرق الرمال بحرارتها اللاهبة، لكنها لم تكن أقوى من الحماسة التي اشتعلت في قلوب الجنود المصريين. كانت قناة السويس أمامهم، واسعة وعميقة، تفصلهم عن الأرض التي سُلبت منهم، عن سيناء الغالية. وحين دوّى صوت الطائرات المصرية وهي تعبر سماء القناة، وحين انطلقت قذائف المدفعية تدك حصون العدو، اندفع الجميع إلى الأمام بروح قتالية عالية. كان سامي في الصفوف الخلفية، يركض بكل ما أوتي من قوة، يلهث من شدة الجري والخوف، وقلبه يدق كطبول الحرب، يدوي في صدره بقوة.

رأى رفاقه يسقطون على الأرض، لكنهم كانوا سرعان ما ينهضون ويكملون التقدم، وهم يهتفون بصوت واحد "الله أكبر". رأى النيران تشتعل وتلتهم المواقع الإسرائيلية المحصنة، ورأى مياه القناة تتحول إلى مرآة تعكس لون الدماء. ولمّا سقط أحد زملائه بالقرب منه، لم يتردد لحظة واحدة. زحف إليه على الفور، وحمله على ظهره النحيل، وركض به مسرعًا نحو الخندق الآمن.

لأول مرة في حياته العسكرية، لم يفكر سامي في الموت، لم يشعر بالخوف الذي كان يلازمه دائمًا. كان كل ما يشغل باله هو إنقاذ حياة زميله، الوصول به إلى بر الأمان.

مرت الأيام ثقيلة وطويلة، وتحوّل الخوف تدريجيًا إلى مجرد ذكرى بعيدة. سامي صار جنديًا آخر، جنديًا مختلفًا عن ذلك الشاب المتردد الذي وصل إلى المعسكر قبل أشهر. أصبح وجهه أكثر صلابة، عينيه أكثر ثباتًا وعزيمة، وسلاحه امتدادًا طبيعيًا ليده. جاءه القائد مختار ذات يوم، ونظر إليه بتقدير وربت على كتفه قائلاً بابتسامة رضا:

"هكذا يكون الكلام يا سامي، أنت الآن بطل حقيقي."

لكن البطولة لا تأتي أبدًا دون ثمن. لكل انتصار ضريبة، ولكل شجاعة ثمن قد يكون باهظًا.

في إحدى المعارك الشرسة، كُلّف سامي مع مجموعته الصغيرة باقتحام موقع إسرائيلي محصن يقع على ربوة مرتفعة. كانت المهمة محفوفة بالمخاطر، وكانت الاحتمالات ضئيلة جدًا في تحقيق النجاح، لكنهم انطلقوا بروح فدائية لا تعرف المستحيل.

كان القصف عنيفًا، ودوي الانفجارات يهز الأرض من تحت أقدامهم. الرؤية كانت شبه معدومة بسبب الدخان والغبار المتصاعد. كانت الأرض تهتز تحت أقدامهم كأنها تتألم من وطأة الحرب.

وأثناء الزحف الحذر نحو الموقع، انفجرت قذيفة مدفعية على مقربة منهم. أصيب القائد مختار بشظاياها، وسقط أرضًا يصرخ من شدة الألم. بعض الجنود الذين كانوا بالقرب منه تراجعوا خوفًا من القصف المتواصل، والبعض الآخر تردد في مكانه، لا يعرف ماذا يفعل.

أما سامي، فاندفع دون تردد. لم يفكر في الخطر الذي يحيط به، لم يأبه لقذائف العدو المتساقطة. جرى نحو قائده المصاب، وجرّ جسده الثقيل بين الحفر والخنادق، يراوغ الرصاص المنهمر كراقصٍ ماهر بين ألسنة اللهب. سحبه بكل قوته حتى وصل به إلى مكان آمن نسبيًا. لم ينطق سامي بكلمة واحدة، فقط ضغط بكلتا يديه على جرح القائد النازف، وهمس له بصوت خافت لكنه يحمل وعدًا:

"ستعيش يا سيدي القائد... لن نتركك هنا."

لكن القدر كان قد خبأ لسامي نهاية مختلفة، نهاية لم تخطر ببال أحد.

بعد دقائق قليلة من إنقاذ القائد، وبينما كان سامي يتقدم بشجاعة مع زملائه الباقين نحو الموقع المعادي، سقطت قذيفة أخرى بالقرب منهم. هذه المرة، لم تترك له أي فرصة للنجاة.

سقط جسده الطاهر ساكنًا على رمال سيناء، كأنه نام أخيرًا بعد تعبٍ طويل ومعاناة. لم يعد يسمع أصوات المدافع، ولم يعد يشعر بحرارة الشمس.

حين انتهت المعركة بانتصار قواتهم، حمل رفاقه جسد سامي على أكتافهم. دفنوه في ظل شجرة وارفة في أرض سيناء التي ارتوت بدمائه الطاهرة، ووضعوا على قبره البسيط خوذته العسكرية التي ارتداها بشرف، وورقة صغيرة كتب عليها القائد مختار بخط يده المرتجفة، وقد غلبه التأثر والحزن:

"هنا يرقد البطل سامي عبد الله، الفلاح البسيط الذي صار أسطورة."

في القرية البعيدة، وصلت الرسالة الأخيرة بعد أيام طويلة. كانت أمه تجلس على عتبة البيت الطيني المتواضع، ترتق عباءته القديمة التي كان يرتديها في الحقول، حين جاء ساعي البريد يحمل إليها ظرفًا يحمل ختم الجيش. أخذت الظرف بيد مرتجفة، وفتحته بقلب يخفق بقوة.

بخطّه المائل المعهود، كتب سامي كلماته الأخيرة:

"أمي العزيزة، يا نور عيني،

لو جاء الغد ولم أعد إليكِ، فلا تحزني عليّ. لقد وجدت قلبي هنا، في هذه الصحراء، بين إخوتي الذين يقاتلون بشجاعة من أجل أرضنا. كنت خائفًا في البداية يا أمي، لكنني الآن لم أعد أخاف شيئًا. أشعر أنني في المكان الصحيح، وأنني أفعل ما يجب عليّ فعله. سأكون بخير يا أمي، مهما حدث لي. ادعي لي دائمًا."

مرت السنوات، وظلت صورة سامي الشاب معلقة على جدار البيت الطيني، شاهدة على بطولته وتضحيته. لم ينسه أحد في القرية. صار اسمه يُذكر باحترام وتقدير في مجالس الرجال، وتُروى قصته للأطفال الصغار، ليس فقط كحكاية حرب وانتصار، بل كحكاية تحوّل إنسان بسيط من خوفه إلى شجاعة، ومن قلق إلى بطولة.

لم يكن سامي بطلاً خارقًا ..

بل كان رمزا..

رمزا خالدا..

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
إحصائيات متنوعة

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↑1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↑1الكاتبمدونة ياسمين رحمي
4↓-2الكاتبمدونة محمد شحاتة
5↓الكاتبمدونة اشرف الكرم
6↓الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
7↓الكاتبمدونة ياسر سلمي
8↓الكاتبمدونة حسن غريب
9↑1الكاتبمدونة آيه الغمري
10↓-1الكاتبمدونة حاتم سلامة
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑58الكاتبمدونة خالد دومه56
2↑43الكاتبمدونة كريمان سالم70
3↑29الكاتبمدونة عبير محمد119
4↑23الكاتبمدونة غازي جابر79
5↑18الكاتبمدونة ياره السيد112
6↑15الكاتبمدونة آمال صالح21
7↑14الكاتبمدونة عبير مصطفى73
8↑13الكاتبمدونة عبير بسيوني173
9↑12الكاتبمدونة أسماء نور الدين83
10↑12الكاتبمدونة شيماء الجمل129
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1068
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب687
4الكاتبمدونة ياسر سلمي649
5الكاتبمدونة مريم توركان573
6الكاتبمدونة اشرف الكرم566
7الكاتبمدونة آيه الغمري492
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني422
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين416
10الكاتبمدونة سمير حماد 399

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب328541
2الكاتبمدونة نهلة حمودة184314
3الكاتبمدونة ياسر سلمي176057
4الكاتبمدونة زينب حمدي168334
5الكاتبمدونة اشرف الكرم126461
6الكاتبمدونة مني امين115747
7الكاتبمدونة سمير حماد 105382
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي96562
9الكاتبمدونة مني العقدة93479
10الكاتبمدونة مها العطار86755

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة عبير سعد2025-05-23
2الكاتبمدونة هاله اسماعيل2025-05-18
3الكاتبمدونة محمد عرابين2025-05-15
4الكاتبمدونة اريج الشرفا2025-05-13
5الكاتبمدونة هبه الزيني2025-05-12
6الكاتبمدونة مها الخواجه2025-05-10
7الكاتبمدونة نشوة ابوالوفا2025-05-10
8الكاتبمدونة كريمان سالم2025-05-10
9الكاتبمدونة رشا ماهر2025-05-09
10الكاتبمدونة مها اسماعيل 2025-05-09

المتواجدون حالياً

1265 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع