في تمام الثانية بعد منتصف الليل، استيقظ حسن عبد الموجود على صوت طرقٍ عنيفٍ على باب شقته.
فتح عينيه بتثاقل، تمتم غاضبًا:
_لو طلع مندوب الغاز، أقسم لأشتكيه .
نهض، فتح الباب…
فوجد نفسه واقفًا أمامه.
نفس الوجه، نفس الكرش الخفيف، نفس القميص الممزق من تحت الإبط.
الفرق الوحيد أن النسخة الأخرى كانت تحمل ملفًا أسود، وتبتسم ابتسامة موظف حكومي أنهى للتو قهوته.
قال الشبيه بهدوء:
— مساء الخير يا أستاذ حسن… أنا جاي آخدك.
شهق حسن:
— تاخدني فين؟!
— للموت.
— دلوقتي؟!
— لا، بعد توقيعك هنا.
فتح الملف، فإذا به شهادة وفاة مكتملة البيانات، ناقصها توقيع واحد فقط.
قال حسن متلعثمًا:
— بس أنا عايش!
— ده رأيك الشخصي، إنما الورق بيقول غير كده.
حاول حسن إغلاق الباب، لكن الشبيه منعه..
ثم قال بلهجة رسمية:
— بص، حضرتك متوفي من أسبوع. أزمة قلبية أثناء مشاهدة برنامج حواري.
— أنا كنت بتفرج على ماتش!
— تم تعديل السبب بناءً على تعليمات عليا.
جلس حسن على الكنبة منهارًا:
— طب وأولادي؟
— قبضوا مصاريف الجنازة.
— ومراتي؟
— زعلت يومين… وبعدين غيرت صورة البروفايل.
سكت حسن قليلًا ثم قال:
— يعني… مفيش رجوع؟
— فيه، بس محتاج موافقة.
أخرج الشبيه ورقة أخرى بعنوان:
(طلب إعادة حياة )
قرأ حسن الشروط:
• عدم الشكوى من الأوجاع.
• تقبُّل الغلاء باعتباره قدرًا.
• الامتناع عن السؤال: "هو ليه كده؟"
رفع رأسه مترددًا:
— ولو مضيت؟
ابتسم الشبيه:
— تعيش… بس من غير إعتراض أو تذمر.
فكر حسن لحظة، ثم تنهد ووقّع.
اختفى الشبيه، واختفى معه الصوت، واللون، وحتى الخوف.
في الصباح، استيقظ حسن، ارتدى ملابسه، ذهب إلى عمله، ابتسم لرئيسه، تحمّل الزحام، ودفع الفواتير، والأسعار دون أن يجرؤ على الاعتراض والتأفف..
وفي المساء، مرّ بجوار المرآة، نظر لنفسه وقال بابتسامة باهتة:
— الله يرحمك يا حسن… كنت طيب.
ثم نام…
ككل الأموات الذين ما زالوا يتنفسون!







































