آخر الموثقات

  • صادقوا الرومانسيين
  • ربي عيالك ١٠
  • من بعدك، كلامي بقى شخابيط
  • إيران من الداخل بعد الحرب.. 
  • معضلة فهم الحرب على إيران
  • نصر سياسي ايراني
  • قصة قصيرة/ وصاية الظل
  • ق ق ج/ سرُّ الشجرة والقوس
  • قليل من الحياة
  • حين كنت تحبني سرآ
  • رفاهية الضياع
  • وفتحوا المكاتب تخصص جديد
  • يمكن الطريق موحش!
  • الخلل
  • لا أعيش مع بشر
  • اسئلة عقدية خليلية 
  • جرح الكلمات
  • الصالونات الثقافية ...... هل هي بدعة جديدة ؟
  • الحب الصحي
  • المولوية
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة محمد شحاتة
  5. عروسة سليكون

 

-مَتقولش كِدَه، دي واحدَة سِت، مَكسورِة الجِناح.

-دا الشِّيطان اللي هُوَّ الشّيطان، ربّنا قال إن كَيده ضَعيف، وقال على السِّت إن كَيدها عَظيم، أنت هَتصَدَّق نَفسَك ولّا إيه؟!

***

الشَّك؛ أوّل الطّريق في أي حَدَث مُمكِن يِقلِب حياتَك، يخلّيك تِعيش الجَحيم حَرفيًّا بكُل تفاصيل عَذابُه.

أنا "أكرَم عبد العزيز"، موظّف في التّأمينات الاجتماعية، وِحابِب أعَرَّفكُم بِنَفسي أكتر، أنا بَكرَه حاجة اسمَها السِّتّات، يعني مُش هَكون ببالِغ لو قولتِلكُم، أنا أعمَى بعيني كِدَه؛ ولا إنّي أشوف واحدَة سِت قُدّامي.

عايز أعرَّفكُم كَمان بزَميلي في الشُّغل، اسمه "صلاح عبدالهَادي"، اللي مِن وَقت للتّاني بيِفتَح معايا نقاشات بيستَفزّني بِها، خصوصًا لمّا الدُّنيا تكون رايقَة، بيبدأ يتسَلّى عليّا؛ عَشان عارف إنّي بَكرَه أسمَع كِلمة سِت قُدّامي، وِدَه كان نِقَاش النّهاردة:

-بقولّك إيه يا "أكرَم"، مُش ناوي بَقى تِصفَى مِن ناحية الجِنس النّاعم؟

اتفاجئت بِنَفسي بَكَرمِش الوَرقَة اللي في إيدي؛ وبقولّه:

-بَطَّل استِفزَازك دَه يا "صلاح"، أنت عاوِز تِعصَّبني وخلاص؟

-مُش حِكاية أعصَّبَك، أنا بَس مِستَغرَبَك جدًّا.

-أنت شايف إيه الغَريب فيّا يعني؟

-اللي يشوفَك ويشوف كُرهَك للسّتّات؛ مَيقولش إنَّك اتجوّزت 3 مرّات!

-ماهو الرَّقَم اللي أنت قولته دَه؛ كفاية إنّه يخلّيني أكرَههُم.

-بَس أنت مَقولتِش أي حاجة تِبَرَّر الكُره دَه، مُش عَشان حياتَك باظِت مَرّتين قَبل كِدَه، واتجوّزت للمرّة التّالتة، يِبقى دَه مُبرّر إنّك تاخُد المَوقِف دَه منهم، وبَعدين بيقولوا يعني: التّالتَة تابتَة.

-لأ وأنت الصَّادِق، التَّالتَة بايظَة.

-بَرضُه!

***

أنا في أوّل مرّة، مكُنتِش أعرَف أنا حبّيت فعلًا ولّا لأ، بَس اختِصارًا يعني لِحاجات كتير، اتفاجئت لقيت نَفسي جوَّه الدّايرة، كُنت شايِف الحَياة وَرديّة جدًا، بَس مَع الوَقت؛ اللون الوَردي دَه بَدأ يتحوّل للرّمادي، في الوَقت دَه؛ كُنت واقِف في نُقطَة ومُفتَقِد القُدرَة إنّي آخد أي قرار، وِدَه بِبساطَة؛ لأن الشَّك سلاح ذو حَدّين، بَس الواحِد بَرضُه مُش هَيبدأ يشُك مِن فَراغ.

هو أسبوع واحِد، وِبَدأت أشوف كوابيس غَريبة، مُش هَنكِر إني كُنت بشوف كَوابيس مِن بَعد خطوبتي بشوّية؛ لَكِن اللي بقيت أشوفه لمّا اتجوّزت؛ دَه اللي كان غريب فعلًا.

أغرَب حاجة؛ لمّا شوفت نَفسي مَرمي في مَكان غَريب، على قَد ما أفتِكر يعني، كانت أرض خَرابَة، إيدي كانت مِتكِّفَة ورا ضَهري بجنزير، رِجلي كانت مَربوطة في بَعضها برُباط حَسّيت إنه زيّ التِّعبان، الدُّنيا ضَلمة والجَو نَار، وبَعد شويّة؛ بدأت أسمَع صوت فيران، لمّا رَفعت راسي وبصّيت حواليّا، لَقيت كمّية فيران مُخيفة حوالين منّي، كانوا عاملين دايرَة حواليّا، والدّايرة بدأت تضيق، كانوا بيقرَّبوا منّي، صوتهم كان بيسمَّع في وداني أكتر، وأنا في قمّة عَجزي، لِحَد ما لقيتهم بيغطّوني، لِدَرجِة إنّهم حَجَبوا الرّؤية عنّي.

مكُنتش حاسِس بحاجة غير بأسنانهم؛ وهي بتِنتِش في لَحمي، كُنت بصرُخ من الألم، مَعرفش أنا فضِلت وقت قدّ إيه في الحالة دي، بَس أبسط حاجة أقدَر أقولها؛ إن إحساس الألم بيخلّي الثّواني تعدّي عليك وكأنّها ساعات.

وفجأة، لِقيتهم بيبعِدوا عنّي، واتفاجئت إن القيود اللي حوالين إيدي ورِجلي مُش مَوجودة، أيون زي ما جِه في بالكِم كِدَه، الشَّراسَة اللي كانت فيها الفيران؛ خلَّتهم يقطعوا الجَنزير اللي رابط إيدي ورا ضَهري، والرُّباط اللي مَربوط بُه رِجلي.

كُنت عايز أهرَب مِن المكان، قاوِمت الألم وأنا بَسنِد على إيدي عَشان أقوم، ولَمّا وَقَفت، اتفاجئت بِنفسي مِن غير هدوم، الفيران أكَلِتها كُلّها، مكُنتش قادِر أبُص لِجِسمي، لأني ببساطَة كِدَه، كُنت عامل زي تمثال شَمع، كان مَحطوط جَنبه نار وِسَاح، كان جِلدي متقَطَّع، واللحم باين مِن تَحته، والدَّم كان بينزِل من كُلّه حتّة فيّا، وبرغم إن الألَم مَكَنش مخلّيني أقدَر أتحرَّك، لَكِن أوّل ما سِمِعت صوت الفيران وهي بتقرَّب تاني، حاوِلت أجري بكُل قوّتي، برغم من إن مَكَنش عندي قوّة؛ عَشان كِدَه وَقَعت في الأَرض، غمَّضت عيني، وأنا حاسِس برِجلين الفيران وهي بتطلع فوق جِسمي تاني!

دا كان أفظَع كابوس مِن الكوابيس اللي بشوفها، دا غير إنّي كنت بشوف نَفسي أحيانًا قاعِد قدّام قَبر بالليل، وفي إيد بتِتمَد منّه تسحَبني جوّاه والباب بيتقِفِل عليّا، وأحيانًا بشوف نَفسي بَجري بين قبور مَفتوحة، وكُل قَبر كان بيطلّع منّه إيد مِن نار بتحاوِل تِمسكني، أحيانًا كُنت بَهرب، ولمّا بَبعِد عن القبور؛ كُنت بلاقي جِسمي كُلّه حروق من النَار اللي كانت بتطارِدني، وفي مرَّة؛ إيد مِن نار قِدِرِت تِمسِكني، وشَدَّتني جوَّه الَقَبر، ولمّا دَخلت اتفاجِئت بِها قاعدة جوَّه، ومِتزوَّقَة، وبتقولّي أنت اتأخَّرت ليه؟ أيون مِراتي اللي أنا لسّه متجوّزها من أسبوع؛ لقيتها في الكابوس بتتزوَّقلي في قَبر!

في كوابيس تانية بقى، بَس مَكَنِتش بنفس الرُّعب دَه، كُنت بَشوفها بتخلّي كَلب أسود يجري ورايا في شارع ضَلمَة، أو بتهاديني في عيد ميلادي بِتِعبان، حاجات كانت كَفيلة تَخلّيني أشُك إن في حاجة مُش مَظبوطة؛ لِحَد ما بدأت أبحَث على جوجل عن اللي بَشوفه في الكوابيس؛ ولقيت إن كُل دي، أعراض بتِظهر لأي حَد مَسحور!

ومِن هِنا؛ بدأِت نُقطِة الشَّك اللي عندي تبقى قويّة، كان طَرف خيط مِشيت وراه، في السّر طبعًا؛ ومِن غير ما هي تاخُد بالها؛ لِحَد ما في يوم راقِبتها وهي في المَطبخ، أنا زَرَعت كاميرا مَخفيّة، كُنت موصّلها بتليفوني، وبدأت أكتَشِف إنّها من وقت للتّاني لمّا بتيجي تِعمل عصير مثلًا، بتِختارلي أنا الكوبّاية الكبيرة، لِكن كانت بتطلّع وَرقة من جِيبها وتنزّلها في العصير شويّة وَقت كِدَه، وبتطلَّعها تاني، وأحيانًا، كانت بتنقَّط في الكوبّاية من قطَّارة، ومِن هِنا بدأ الشَّك اللي عندي يتحوّل ليَقين، إن كُل اللي بشوفه دَه، مِن ورا اللي هي بتعمِلُه!

ولمّا بَحَثت أكتر في المَوضوع؛ عرفت إن بعض السِّتّات بتلجأ للحاجات دي؛ عَشان تِضمَن وجود الرّاجل وتخلّيه طوعهَا، وإنّه مَيسيبهاش في يوم من الأيّام، هنقول طَبعًا مُش كلّهم بيعملوا دَه، لَكن في مِنهم بيِبقى عندها حُب السيطرة على الرّاجل، قولوا بقى عدم ثِقة في نَفسها، أو حُب تَملُّك وخلاص، لَكِن تَحت أي سَبب، مُش مبرِّر أبدًا إنَّك تاخُد حاجة عن طريق الكُفر، ماهو اللي كان بيحصَل كُفر، حتّى لو أخَدت الحاجة دي بالطريقة اللي قولت عليها دي، وبقِت بتاعتَك فعلًا، هتبقى برضُه مُش بتاعتك؛ لأنَّ ما بُنيَ على باطِل، فهو باطِل، ورَغم إن مُش كُل السّتات بتعمِل نَفس الفِعل دَه، لكن أنت لو قدّامَك طَبق عِنب مثلًا، ولقيت فيه حبّاية مِدَوِّدَة، نِفسَك بِتِتسَد عن الطَّبَق كُلّه.

ومن الوَقت دَه، كُنت بتلَكِّك على أي مُشكلة بيني وبينها عَشان تِكبَر، كُنت عارِف إنها مُستَمرَّة في اللي بتعمله؛ عشان تِسيطَر عليّا، لكن أنا مَكُنتِش بقول لِحَد إنّي كُنت مواظِب على العلاج بالرّقية الشرعية، اللي جِبته من اليوتيوب، وفضِلِت الحَياة سِجال ما بينا؛ لِحَد ما كُل واحِد فينا راح لِحال سَبيله، وأي نَعم أنا مُعُدتِش بشوف كوابيس، لَكن أنا بَحِس بِخمول مِسيطَر عليّا طول الوَقت، وعدَم انتِظام في النّوم، وصُداع مُستَمر، وِدَه لِحَد دِلوَقت، ومُش عارِف إن كُنت نَجَحت في إنّي أعالِج نَفسي ولا لأ.

***

"أكرم".. يا "أكرم"..

-نَعم، عايز إيه يا "صَلاح"؟

-أنت سافِرت؟ سَرحان في إيه كِدَه؟

-مُش سَرحَان، أنا مَعاك.

-قولتلي بَقى التّالتَة بايظَة ليه؟!

***

لمّا نَويت أعمِلها تاني، وربّنا يسامِحني بقى على اللي عَمَلتُه في نَفسي، كان حظّي سَيّء برضُه، اتجوِّزت واحدَة طِلِعِت نِكَديّة بطريقة رَهيبة، هَتقولولي السِّتّات كلّها كِدَه، هقولّكم دي بقى نُسخة مَكَنش موجود مِنها غير عَندي أنا بَس، ماهو مَحسوبكم حظَّه من السَّما يعني.

أنا كُنت بَرجَع مِن شُغلي، ألاقيها لِسّه صاحيَة مِن النّوم، كانِت بتقابِلني وكأنّها مقابلَة عفريت، تخيّلوا إني لو فكّرت أحضُنها مثلًا؛ إيدي مَكَنِتش هَتلِف عليها، من المَسافة اللي هَتكون بيني وبينها بسَبب بوزها اللي هي ضارباه في وِشّي، مَكَنش لَها في الهِزار، حياتي كانت عِبارة عَن لون واحِد، وكُنت عامِل زي اللي طِلِع من نُقرَة وَقَع في دُحديرَة، دي بقى خلَّت الكوابيس اللي كُنت بشوفها وأنا نايِم أشوفها وأنا صاحِي.

أنا مَعرِفتهاش قبل الجواز غير أسبوعين بَس، مَلحِقتش أقعد معاها فترة كِفاية عَشان أعرَف طَبعها، وأنا بيني وبينكم، قولت أهي جوازة وخلاص ونَصيبي جِه لِحَد كِدَه، أنا هَتَجنَّبها على قد ما أقدَر، بَس مَع الوَقت كانت وَتيرة النَّكَد بتزيد، دا حتّى لِسانها بدأ يطوَل، أنا في المُدَّة دي كُلّها؛ مفكّرتِش أقول لِحَد من أهلِها، أنا عندي قناعة إن المُشكلة طول ماهي جوّه البيت؛ فهي مُتاحة إنها تِتحَل، إنما لو خَرَجِت برَّه، بِتِكبَر، والبيت بِيِتهَد.

وفي مرَّة مَتحمِّلتِش. لما علَّت صوتها علِّيت صوتي، لأن مَفيش واحدة المفروض إنّها تِرفَع صوتها على راجِلها، لَكِن اتفاجئت بِرَد فِعلها الغريب.

لقيتها جِرِيِت بهدوم البيت ناحية باب الشَّقة، وفَتَحت وخَرَجِت، أنا مَخَرَجتِش وراها، قولت هتروح عَند أهلها، وشويّة هيكلّموني لمّا يشوفوها ويعرفوا منّي إيه اللي حَصَل، لكن اللي حَصَل فعلًا كان غير كِدَه، أنا بَعد ساعة تقريبًا، لقيت باب الشَّقة بيخبَّط خبط عَنيف، كُنت بَفتَح وأنا في بالي إنّه حَد من أهلها، لَكن اتفاجئت باتنين، ولمّا سألتِهم أنتوا مين، عِرِفت إنهم مِن قِسم الشُّرطة، أيون زي ما جِه في بالكُم كِدَه، هي خَرَجِت راحِت على القِسم اتَّهتمني إنّي مَدّيت إيدي عليها، ولمّا روحت معاهم، وأثبتّلهم إن كُل اللي بتقوله كِذب، طلَّقتها هِناك.

وبعدها بِكام يوم، أهلها كلّموني إنهم عايزين ياخدوا حاجِتها، أنا قولتلهم هَسيبلُكم الشَّقة يوم تيجوا تاخدوا اللي أنتوا عايزينه، وتاني يوم نزِلت على القَهوة لحد ما خلَّصوا، ولمّا رِجعت لقيت الشَّقة على البلاط، مَكَنش هامِمني، بَس عايز أقولّكم، إني اتجوّزت للمرّة التالتة بعد أقل من أسبوعين، وبرضُه كُنت هطلَّقها في أوّل أيامها.

أنا اكتَشَفت إن في ريحة مُقزِّزَة في الشَّقة، كُل يوم كانت بتزيد، وطبعًا اتَّهمت اللي اتجوّزتها إنها مُهملة؛ لأن الريحة دي مَظَهرِتش غير بَعد ما جَت، حتّى هي كانت بتحلِفلي إنّها بتنضّف الشّقة يوميًا، وبرضُة الرّيحة مَوجودة.

ويشاء القَدَر، إنّي في مرَّة بفُك السّتاير عشان تِتغَسل، اتفاجئت بمواسير الستاير تِقيلة، كانت حاجة مُلفِتَة وغريبة، أنا قولت أفُكّها من الجوانب، وأبُص فيها، وبمجرّد ما فكّيت، لقيت ريحة فَظيعة، اتَّضحلي إن مواسير السّتاير مليانة سَمَك صغيّر، واللي مَع الوّقت عفِّن واتحلّل وقالِب ريحة الشَّقة، وهِنا استغرَبت هي ليه لمّا أخَدِت حاجتها، سابِت الشَّقة على البلاط، وسابِتلي مواسير الستاير!

***

-ما تقولّي يابني التالتَة بايظة ليه؟!

-بُص يا "صلاح"، أنا عَشان عارف إنّك زَنَّان، فأنا أحِب أقولّك إن حظّي في المرّتين اللي فاتوا؛ كان نَفس حَظ واحد اشترى بطّيختين من بيّاع على الطَّريق، وهو أصلًا مَبيِفهَمش في البَطّيخ.

-طيّب والتّالتة يا فالِح، مُش المفروض تكون اتعلّمت من المرّتين اللي فاتوا؟!

-ما أنا اتعلّمت، لحد ما اشتَغَلِت وداقِت طَعم الفلوس، وأوّل ما لَقَت إن مُرتّبها أعلى من مُرتّبي اتنَطَّطت عليا.

-وأنت مَفهِمتهاش من الأول؟

-كانت حاجة غير كِدَه، واللي اتَّضحلي بقى إن الواحدة السّت بتبقى قُطَّة مِغمَّضة؛ لِحَد ما تلاقي نُقطة قوّة في إيدها وتِتفَرعَن، وتيجي أنت تقولّي واحدَة سِت مكسورِة الجِناح، يا عَم الرّومانسي، والله أنت اللي مكسور الجِناح.

-مُش هتبطَّل بقى رأيَك دَه، يا أخي دي "عَفاف" اللي كانت معانا في المَكتب، عملت طَلَب نَقل وراحِت قِسم تاني عشان زِهقِت من آراءك، وبقيت أنت اللي قاعِد في وشّي!

-لو عاوز تروح عند "عفاف" اعمل طلب نَقل ومَتصدَّعنيش، ماهو أنت لا اتجوّزت ولا شوفت حاجة، شايِف الواحدَة السّت من برّه، بَس لمّا تِدوق بقى يا عَم الفَهلَوي، ابقى تعالى قولّي هي مكسورِة الجِناح ولا أنت.

***

في البيت...

كانت خِناقة كبيرة، بيني وبين "ريهام"، اللي اتحوّلت في الفترة الأخيرة لِكائن غير قابِل للتَّشَبُّع، مش عارف ليه السِّت بتبقى حاسّة بِعَجز رَهيب، ومُتخيّلة إن المُجتَمع ذكوري؛ عشان كِدَه لمّا بتاخُد فُرصة وتِخلَق لِنفسها طموح؛ بتدوس على أي حاجة قدّامها، حتّى لو حاجات مَينفعش تدوس عليها، لَكن في نوعية زي "ريهام"، مُستعِدَّة تبيع أي حاجة، عشان تقول أنا صَح، حتّى لو كانت هَتحقَّق نَجاح مؤقَّت، اللي هو بيكون في حقيقته، سقوط مؤجَّل، وهتلاقي نَفسها في آخر الطريق، إنها خِسِرت كُل حاجة، ماهو اللي بيخسر الحاجة اللي مَتنفَعش إنها تروح منّه، بيكون خِسِر كُل حاجة.

كان كُل دَه بيدور في بالي، وأنا سامِع "ريهام" صوتها عالي، والتَّكَبُّر واخِدها، كُنت لسّه راجِع من شُغلي ودِماغي مُش جيباني لِلخِناق، ومُلخَّص الحكاية إنها بقت شايفة نفسها سيّدة مُجتمع بَعد ما اشتَغلِت، وعايزة تطلع تسهَر مع صديقتها في النّادي اللي اشتَركِت فيه بدون ما تاخد إذني، وشافِت إن دَه حَق مُطلق لها، وكأنّي بقيت قدّامها عبارة عن صبّارة راقِصة ماليش لازمة.

أنا طَبعًا كُنت رافِض رَفض تام إن دَه يِحصل، في قناعتي إن السِّت في البيت والرَّاجِل برَّه، مُش ذكوريّة ولا حاجة، لكن دي سُنّة ربّنا اللي خلق الدُّنيا عليها، ولمّا نيجي إحنا بقى نِقلِبها، بنِزعل إن حياتنا اتقَلَبت، ماهو ماتجيش تلبِس القَميص مكان البنطلون، والعَكس، وتقول أصل مُش مِرتاح في الهدوم، دا الطبيعي لأنّك مخالِف قوانين الطبيعة والعقل والمنطق.

لكن أنا لمّا صَبري نَفذ، لقيتني بقولّها:

-انتي خلاص، حياتك هتبقى كلّها برَّه البيت؟ مَفيش مُتطلّبات البيت دَه مِحتاجها؟

كانت رودوها عليّا أغرب من إن أي حَد يتصوّرها، كانت بتقولّي:

-البيت هَيكون مِحتاج إيه؟

-محتاجين ناكل، مِحتاج أحِس إن في بيت واتنين مِتجوّزين.

-تِقدَر تطلُب أكل من مَطعم، الحياة بَقِت سَهلة، وبعدين عايز تِحس انّنا اتنين متجوّزين ازّاي، حقّك وبتاخده، عايز إيه تاني؟!

-للدرجادي؟! تَفكيرك بقى واصِل بيكي إن الجواز كِدَه وِبَس! 

-بقولّك إيه يا "أكرم"، أنا نازلَة.

-مَفيش نزول.

-لأ هنزِل يا "أكرم"، ولو سَمحت لازِم تِعرف إن خلاص بقيت في وَضع وبريستيج تاني، وبقى ليّا كياني المُستَقِل.

وسابِتني ونِزِلت، لَكن مِن بَعد اللي حَصل، وهي ماتِت في نَظري، كان كُل اللي بيدور في دماغي، هي ليه السّت بتبقى عايزة توصَل للي عايزاه، على حساب حاجات مَينفَعش تِخسرها؟!

الحياة اتشقَّت نُصّين مِن الوَقت دَه؛ لِحَد ما في يوم قامِت بينّا خِناقة تانية، ولقيتها بقت أغرَب من الأوّل في كلامها وردود أفعالها؛ لِدَرجِة أنها قالتلي:

-أنا عايزة اتطلَّق.

وأنا مرَفَضتِلهاش طلب بصراحة، وطلَّقتها.

***

-قاعِد ساكت ليه يا "أكرم"، إحنا لسّه الصُّبح وبنقول يا هادي.

-أنا طلَّقت "ريهام".

-أنت يابني مَجنون؟ دي تالت مرَّة تتجوّز وتطلَّق!

-وهتكون المرَّة الأخيرة، هتكون التّالتَة تابتَة زي ما أنت بتقول.

-أنت عارف، حالتَك دي مخلّياني مُش عاوز اتجوّز.

-بتناقِض نَفسك ليه؟ مُش بتقول السّتّات جناحها مكسور، جرَّب، ناقصَك إيه يعني؟ شقّتك وموجودة، صحّتك وزي الفُل، جرَّب واحكُم.

-بَس الواحِد بيبُص لأمّهاتنا مَبيصدَّقش اللي أنت بتقوله دَه.

-ماهو فعلًا لازِم مَتصدَّقش؛ لأن أمهاتنا من جِيل تاني غير جِيل السوشيال والفيس والمُستَنقَع دَه، عارفين دورهم الطبيعي، مُش قولتلك قبل كِدَه، كُل حاجة في مكانها الصَّحيح مُريحة، وبتخلّي الحياة ماشية طبيعية.

-يِمكن أنت عندَك حق في دي.

***

أنا عاوز أقولّكم، إن "عفاف" اللي كانت زميلتنا في المكتب، أوّل مرّة تدخل عندنا من ساعة ما سابِتنا، هي مُطلَّقة، لكن أنا بصراحة مَشوفتِش في جمالها لحد دلوقت، مُش عارِف ليه كُنت بَبُصّلها بالطريقة دي لمّا شوفتها، وقولت أكيد اتطلَّقت برضُه بسَبب عمايلها السّودة، أنا حَكَمت بناءً على اللي شوفته في حياتي، لَكن لقيت "صلاح" لمّا انتَبَه إنّها واقفة على الباب بيقولّها:

-المَكتب نوَّر.

لقيتها بتضحَك ضِحكة مُريبَة وبتبُص ناحيتي وبتقولّه:

-منوّر بيك يا "صلاح".

وعرِفت إنّي طِلِعت على المَسرح، وبَقيت مادّة خام للتنمّر؛ لمّا "صلاح" قالّها:

-اسمعي آخر خبر، مُش "أكرم" طلَّق "ريهام"!

لقيتها بتضحك ضِحكة غريبة وبتقولّه:

-وهي مين اللي هَتعمَّر مع واحد مِعقَّد زيّه؟!

أنا قولت في نَفسي يعني وانتي ليه مَعمّرتيش، ما زمانك أسخَن من اللي أنا اتجوزتهم، لكن انتَبَهت على كلامها وهي بتقول:

-اللي يشوفه كِدَه اتجوِّز 3 مرّات وطلَّق يقول إن عنده 60 سنة، مَيعرَفش إنه لسّه عيّل، بس ميسور الحال والقِرش مساعده.

تطبيق حقيقي للمثل "اللي ميعرفش يقول عدس"، لكن أنا حبّيت أشّد الستارة على المَشهد الظَّريف اللي بيدور دَه وقولتلها:

-أهو نَصيب بقى يا "عفاف"، زي نَصيبك كِدَه.

لقيتها بتقولّي بكُل جرأة:

-يعني التلاتة سابوك، هو أنت يابني فيك عيب؟ كُل حاجة ولِها علاج، مَتسيبش نَفسك.

أنا كِدَه بَس، عرِفت هي اتطلَّقت ليه، أكيد واحدة بالجرأة دي؛ كانت قارفَة اللي هي متجوّزاه في حياته، ولقيتني ببتِسم انبتسامة صفرا كده وبقولّها:

-لأ مُش اللي في بالِك، أنا اللي سِيبتهم!

-مُش بتفكَّر تاني طيّب؟

-لا تاني ولا تالِت.

ولقيتها بتضِحك كده وبتقول وهي بتلِف وِشّها وماشية:

-يا سِم! سلام يا "صلاح"!

لَكن "صلاح" أبو قَلب جيرسي، لقيته بيقولّي:

-ما تخلّيك لطيف شويّة يا أخي، هو أنت مَفيش أي حتّة طريّة تدخل المَكتب إلا وتطفّشها؟!

-بقولّك إيه، لو عايزها روحلها يا سيدي، دي في المكتب اللي بعدِنا علطول، أقولّك، ما تتجوّزها.

ولقيته بيقولّي:

-تِصدَق فِكرة!

***

بَعد 6 شهور...

-"أكرم".

-عايز إيه يا عم؟!

-أنا بَسمع إن اللي بيتجوّزوا وكده، مبيقدروش يبعدوا عن الحياة دي.

-قصدَك إيه؟

-قصدي الموضوع إيّاه.

هزّيت راسي كَدَه لمّا فهمته وقولتله:

-أو مُمكن نِفسه تِتسَد خالص.

-أنت إيه يا أخي، مكرَّهني في كل حاجة!

-أنا بقولّك رأيي وأنت حُر، وبعدين ما أنت عايش أهو من غير جواز، كان إيه اللي جرالك؟!

-بَس أنا غيرك، أنت جَرَّبت، أنا لأ.

-كُلّه مِحصَّل بَعضه، وعلى فِكرة، مَفيش سِت جَميلة وسِت وحِشة، كُلّه بيتساوى في الطَّعم.

-وِدَه ازّاي بقى؟

-عارف الرُّمّان، بتلاقي رمّانة لونها أحمر، ورُمّانة لونها أخضر، ورُمّانة بتلاقيها أخضر في أحمر، وفي النّهاية طَعمه رُمّان.

-دا إيه الأمثال دي يخربّيتك، ما أنت مجرَّب تلاتة بقى!

***

بعد يومين...

-شايف الخَبر ده يا "أكرم"؟

-خَبر إيه؟

-بيقولوا الصّين عَملِت عروسة صينية، من السليكون، فيها كُل حاجة الواحِد مِحتاجها، بدون بقى ما تنكّد عليك، ولا تتكبّر، ولا تِعمل أي حاجة من الهواجِس اللي أنت خايف منها دي.

مُش هَكذِب عليكم، أنا لمّا شوفت الخَبر لقيتني مِرَحَّب بالفِكرة، برغم إنّي مخلّيتش "صلاح" يِحِس بِكِدَه؛ لِدَرجِة إنّه قالّي:

-حتّى العروسة السّليكون هترفُضها!

بَس أنا تابِعت الموضوع، وانتَظَرت لِحَد ما وَصَلت لِتاجِر بيجيب بضاعة من الصّين، وعرِفت إنه بيهرّبها وبيبيعها بألف وخمسمية جنيه، وقدِرت اتواصَل معاه، واشتريت واحدة!

أنا اشتريتها انتقامًا من اللي بيسمّوه الجِنس النّاعم، إحساسك بَس إن ليهم بَديل ومَصنوع كمان، كان انتصار على الصّراع الأزلي، اللي اتنَقل من بين الشيطان والإنسان، وبقى بين الرّاجل والسّت، وأحِب أقولّكم، أنا عِيشت حياة زوجيّة كاملة مع العروسة السليكون، لا كان في بالي حلال أو حرام، ولا فكّرت في أي حاجة من دي، كُل اللي كان في بالي، هو إنّي حسّيتها نقطة انتصار على حاجات كتير عانيت منها.

لكن المَنحوس مَنحوس، أنا حياتي بعد ما كانت بدأت تَستَقِر، لقيتها اتقَلَبِت تاني، أنا بدأت أشوف كوابيس، بعد فترة طويلة مَكُنتِش فيها بشوف حاجة.

نَفس الطريق اللي بين القبور المفتوحة، كُنت بَجري، وكانت الأيادي اللي من نار بتطلع من القبور عشان تِمسِكني، لِحَد ما في مرّة إيد اتمكّنت منّي، وشدّتني في القَبر، وساعِتها، لقيت العروسة السليكون، متزوّقة ومنتظراني في القَبر، نَفس اللي شوفته أيام ما كُنت متجوّز الجوازة الأولى!

قومت من النّوم مَفزوع، ولقيت العروسة جَنبي، بَس حسّيت بإحساس غريب، حسّيت إني متجوّزها فعلًا، مَبقِتش بقعُد في مكان من الشّقة غير وهي جنبي، هي بَس لو تِتكلّم، هحِس إن قُدّامي إنسانة فِعلًا بكُل تفاصيلها، لَكن اللي صَعَقني فعلًا، إنّي لقيتها بتتكلّم بِجَد!

أنا وَقَفت من مكاني وجِسمي سايب، بدأت أركّز معاها، قولت يِمكِن بيتهيّألي، بدأت أهِز فيها كِدَه عشان أشوف إيه حكايتها، لكنّ اتفاجئت بصوت طالِع منها وبتقولّي:

-أنت خايف يا "أكرم"؟

بَلَعت ريقي وقولتلها:

-انتي ازّاي بتتكلّمي؟

-أنا مِتبَرمَجة إنّي أتكلّم، وأرُد على اللي بسمَعه.

-بَس أنا مكُنتش أعرف المعلومة دي.

-أنا آخر إصدار نِزِل من العروسة السليكون، الدُنيا بتتطوّر، وجوّايا جهاز استشعار، بَحِس بكُل لمسة منّك، بَعيش كُل اللي بتعمِله معايا، كُل الأحاسيس اللي نِفسك فيها أنا نِفسي فيها برضُه.

أنا من اللخبَطَة اللي كُنت فيها، فكَّرت نَفسي بَهَلوِس، بدأت أدوَّر على الكتالوج بتاعها، ولمّا لقيته، اكتِشَفت فعلًا إنها مُمكن تشارِك الكلام مع اللي معاها، وِدَه لَو ضَغَطت على مَنطِقة معيّنة منها، كانت مِتحدّدة بالرّسم في الكتالوج، وأنا اتأخّرت في اكتِشاف دَه؛ لأني شَخص مالوش طول بال على قراءة الكتالوجات؛ فاتعامِلت مع الموضوع على إنّي شاري شاشة تليفزيون، لَكِن من الوقت دَه، والحياة بَقِت معايا فُل أوي.

ومن الليلة دي، حسيت وكأنّي هارون الرّشيد في زمانه، وقولت هنسى حاجات كتير من عيشتها في السّنين اللي فاتت.

***

تاني يوم في الشُّغل...

كُنت شغّال وأنا بَدَندِن، ولقيت "صلاح" بيقولّي:

-الله الله، أخيرًا "أكرم" مزاجه رايق؟!

-مرَّة مِن نِفسي يا عَم، يعني هعيش مَنحوس علطول؟

-وياترى النَّحس اتفَك أخيرًا؟

ابتَسَمت كِدَه وقولتله:

-الحمد لله، مَفيش حاجة بِتَستَمِر على حالها.

لكن أنا سَرَحت في الكابوس؛ اللي شوفت فيه العروسة وهي متزوّقالي في القَبر، ساعِتها لَعَنت عَقلي الباطِن، اللي لسّه مُحتَفِظ بذكريات سودَه من تجاربي اللي فاتِت، وقولت كويّس إنّي بَفتِكر دَه، عشان أتخلّص منّه مع الوقت.

في اللحظة دي، دَخلت "عفاف" المكتب علينا، بَس المَرّة دي حَسّيت بحاجة غريب، طريقتها مع "صلاح" كانت بتقول إنّ في من ناحيتها حاجة له، أنا كُنت شاكِك في دَه، ومُش عارف هو في من ناحيته حاجة لها ولا لأ، مُش هَحكُم عليه عَشان هو بيبقى مَبسوط لمّا هي بتيجي عندنا، دا هو لو يطول يبقى حنيّن مع كُل الجِنس الناعم مُش هيتأخّر، لكن هي اللي كانت نظراتها له غريبة أوي المَرَّة دي!

بَس مُش عارف ليه كل ما تيجي، لازم "صلاح" يِعمِل معاها نِمرة عليّا، ولقيته بيقولّها:

-تعالي شوفي "أكرم"، بيدَندِن ومزاجه حلو من الصُّبح.

لقيتها بتبُصّلي وبتقول بسخريّة:

-إيه دَه! معقول؟!

ردّيت عليها وقولتلها:

-ليه مُش مَعقول؟ مِن هِنا ورايِح هَيبقى مزاجي حلو.

وكبَّرت دماغي مِنهم، لكن كُنت واخِد بالي إنهم بيتكلّموا بصوت واطي، وكُنت ملاحظ إن كلامهم مُش عنّي، لأنهم كانوا قُريّبين أوي من بعضهم، وكان بينهم نظرات غريبة أنا فاهِمها كويّس.

لمّا روَّحت الشَّقة، دخلت على أوضتي، كُنت سايِب العروسة على السّرير، وبمجرّد ما قرّبت منها؛ لَمَست المَنطقة اللي بتفعّل خاصّية الكلام عندها، وساعتها قالتلي:

-حمدالله على السلامة، يا حبيبي!

بمجرّد ما سمِعت اللي قالته، اترَميت اتلخبطت واترميت جنبها، وبدأت أحس فعلًا إني مع إنسانة من لحم ودم، مُش مجرّد عروسة سليكون.

وليلة ورا التانية، الدنيا كانت بتحلو أكتر، وبقى بيبان عليّا في الشغل إني مَبسوط كل يوم أكتر من اللي قَبلُه، وفي ليلة، روحت في النّوم والعروسة كانت جنبي، ولمّا صحيت، مَلقتهاش موجودة!

قومت أدوَّر عليها زيّ المَجنون، دخَلت كُل الأوَض وبصّيت في الصّألة، كُنت مستغرَب اللي أنا بَعمله، هي اتَّضحلي إنّها عندها خاصيّة الكلام، لكن مش معقولة تكون بتتحرّك كَمان، لكن وأنا بَفَكّر، سِمعت صوت في المَطبخ، قرَّبت مِنّه وأنا قلبي واقِع في رِجلي، ولمّا وقفت قدّام بابُه بصّيت، واللي صَدَمني، إن العروسَة كانت واقفة وشّها للحوض، وضَهرها ليّا!

أيون هي العروسة، بَس هي ازّاي واقفة كِدَه؟!

مكُنتِش عارف أقولّها إيه، أنا لِحَد دلوقت مَكَنش في بالي لها اسم، لكنّها حسّت بوجودي، وبدأت تِلتِفِت، لكن اللي صَدمني أكتر، إنّي شوفت على جِسمها وِش "ريهام"، طليقتي الأخيرة!

بدأت أقولّها بصوت مَهزوز:

-انتي دَخلتي هِنا ازّاي، وازّاي واقفة هِنا؟! انتي مَبقتيش مِراتي خلاص!

وبرغم إنّي شايِف قدّامي وِش "ريهام"، لكنها كانت بتكلّمني بصوت العروسة وبتقولّي:

-سلامتَك يا حبيبي، أنا حبيبتك، نِسيت اللي بينا؟! نسيت عروستك السليكون؟!

لقتني بقعُد في الأرض؛ لأن رِجلي مَكَنِتش شيلاني، بدأت أدعَك عيني بإيدي، يِمكِن أكون بيتهيّألي، ولمّا بصّيتلها تاني، لقيتها واقفة بتبُصّلي، لكن دلوقت شايف على وشّها ملامحي طليقتي رقم اتنين، بِنَفس الملامِح النَّكدية، اللي كانت عليها طول الوقت.

كان إحساس صعب؛ لمّا بدأت أحِس إني فعلًا بَهَلوِس، حطّيت إيدي على وِشّي وبدأت آخد نَفَس عميق، يِمكن دَه يساعِدني على إني أتوازَن، والهلاوس دي تروح، لكن اتفاجئت بإيدها بتِبعِد إيدي عن وشي، رفعت عيني ناحيتها؛ عَشان أشوف إيه اللي هَيحصَل، لكن لقيتني بَرجَع بِضَهري لِورا!

أنا لقيت اللي قدّامي طليقتي الأولى، كانت نازلة على الأرض قدّامي، وبتمدّلي إيدها بكوبّاية عصير، وكانت بتنقَّط فيها من قطّارة، ولمّا خلَّصِت رَمَتها ورا ضَهرها، وبعد كِدَه قالتلي وهي بتمِد الكوبّاية ناحيتي:

-بالهنا والشِّفا يا "أكرم"!

ضرَبت الكوبّاية بإيدي؛ فوَقعِت على الأرض اتكَسَرِت، لكن لقيتها بتضحَك وبتقرَّب منّي، وبتسلِّمني نفسها، ولقيت نَفسي مُش عارف أقاوم، استَسلِمت للعروسة، وحَصَل اللي حَصَل، وبعدَها غِبت عن الوعي في أرض المَطبخ.

لما صحيت بعد فترة، لقيت العروسة نايمة جنبي، لكن كانت ملامحها عادية، زي ما اتعوّدت عليها، سِيبتها مَرميّة في الأرض وجريت على الكتالوج بتاعها، كان لازم أقرأه وأفهم إيه الحكاية، لكن الغريبة، إنّي قلَبت الكتالوج من أوّل لآخر صفحة، ومَلقِتش فيه أي حاجة عن إن العروسة السليكون دي مُمكن تتحرَّك أو تتكلّم، لكن أنا قرأت دَه ازّاي قبل كِدَه في الكتالوج، وَدَه كُلّه حَصَل ازّاي، أنا لحد دلوقت معَنديش تفسير.

لمّا رجِعت المَطبخ؛ عشان أشيل العروسة من الأرض، لقيتها واقفة وبتبُصّلي، كُنت مُرتَبِك، هي ازّاي بِتِعمل دَه؟!

بدأت أتكلّم معاها، لكنها مَكَنِتش بترُد، حتّى عينها كانت زي عين التمّثال، ثابتة مبتتحرّكش، لَكن فجأة؛ لقيتها بتهجِم عليها، وملامحها بتتغيّر لملامح مُرعِبة، وبتخنُقني.

أنا لقيت نَفسي بمسِكها وبحدِفها بعيد، وساعِتها وَقَعِت على الأرض، ومن بَعدها مَعَدِتش بتتحرَّك، كانت فُرصِتي، شيلتها وخرجت بيها من الشَّقة، ونزِلت بها في الأسانسير، كُنت مطَّمن إن مفيش حد هَيشوفني في الوقت دَه، لأننا كُنّا الساعة 2 الصُّبح.

لقيت رِجلي وخداني للأرض الفاضية اللي ورا العمارة، رميتها في صندوق الزّبالة اللي هناك، وسيبتها ورجعت على الشَّقة، لكن أوّل ما دخلت وقفَلت الباب ورايا، لقيتها قدّامي، على الكَنَبة اللي في الصّالة!

مكُنتِش عارف أتصرّف، ولا مِصَدّق اللي شايفه بعيني، هي طِلِعت ازّاي؟!

في اللحظة دي؛ سِمِعت صوت رسالة على تليفوني، كانِت مِن رَقم غريب، الرسالة كانت بتقول "أتمنى إن العروسة السليكون تكون مخلّياك مبسوط"!

لقيت نَفسي بطلب الرّقم، وانتَظرت لحد ما رَد عليّا، وأوّل ما فَتَح المكالمة وقولت:

-آلو.

لقيت اللي على الخَط بيرُد عليّا:

-آلو!

-مين معايا، صوتِك مُش غريب!

-إيه، مين اللي نسّاك صوتي يا "أكرم"، الاتنين اللي بَعدي، ولا العروسة؟!

-هو انتّي؟!

-هو أنت فاكِر إنّي عشان اتطلّقنا، واتجوّزت بَعدي اتنين، وبعد الاتنين جِبت عروسة سليكون إني مُش هقدر أوصلّك، وأقلِب حياتَك جَحيم، زي ما أنت مَنَحتني لقب مُطلّقة وأنهيت حياتي!

-انتي اللي زيّك حرام فيه الحياة، السّتّات اللي زيك حرام تعيش!

-ما تيجي نِرجَع يا "أكرَم"، أصل هكَرَّهَك في نَفسك، أنا بَلعَب معاك على المكشوف دلوقت، لو فكّرت تتجوّز أو تقرَّب حتى من العروسة؛ هَتشوف أسوَد أيام حياتك.

-انتي عرِفتي حكاية العروسة منين؟

-عيبك إنك ساذِج يا "أكرم"، أنت نسيت إن ليا قريب مستورد، في مقام خالي، وهو اللي بيجيب الحاجات دي تَهريب من الصين، لمّا طلَبت منّه عروسة سليكون عِرِفَك، وبلّغني، قالّي طليقك بيحجِز عندي عروسة سليكون ودَفَع تمنها، بَس أنا وصّيته، وأنت عارف إن الخال والِد، بَعتلي صورة الباركود اللي على عِلبِة العروسة اللي أنت طالبها، قبل ما يبعتهالك طبعًا، وعندي اللي قِدِر يتحكّم في العروسة عن طريق الباركود، أصل الموضوع دَه برضُه اتطوّر جدًا هو كمان!

لقيتني بَقفِل في وشّها التليفون، وبروح ناحية العروسة اللي كانت موجودة على الكَنَبة، وبدأت أفتّش فيها، عشان أوصّل للباركود، وفعلًا، لقيت في بِطن رِجلها من تَحت باركود، وساعِتها جريت على المَطبخ جِبت سكّينة ورجِعت، وقطَعت الباركود اللي فيها، ورَميته من الشَّباك.

مُش عارِف كِدَه الموضوع انتهى ولا لأ، لكن سواء كِدَه أو كِدَه، أنا نِفسي اتقَفِلت من أي مؤنَّث في الكون، حتّى لو كانت مُجرَّد عروسة سليكون!

***

-مالك يا "أكرم"؟

-مَفيش يا "ًصلاح"!

-يابني أنت مُش كان ربّنا نَفَخ في صورتك وبقى مزاجك كويّس! إيه اللي حَصَل تاني!

-مَفيش، خلّينا في الشَّغل.

-طيّب مُش هتبارِكلي؟!

-على إيه؟

-هَتجوّز.

أنا لقيتني بَبُصّله كِدَه وبقولّه:

-مَعقول؟ خلاص قرَّرت تتجوّز؟ ومين سعيدة الحَظ دي اللي خلَّتك تتنازل عن خوفك من الجواز وتدخله بقلب جامِد؟

-أنا هتجوّز "عَفاف"!

مَكُنتِش مستغرب، كان باين عليهم أوي في الفترة الأخيرة، لكن لقيتني بقولّه:

-عمومًا مبروك يا عم، بَس مُش خايف تِندَم في يوم من الأيام؟!

-مُستَحيل.

-عمومًا، أتمنى إنك تعيش حياة سعيدة.

-بُص يا "أكرَم"، أنا لسّه عند قناعتي، السِّت دي أرَق حاجة في الوجود، أنت بَس اللي غَشيم ومُش عارِف تتعامل، أنا هثبِتلك بِتَجرِبتي اللي أنا داخِل عليها، إن أنت اللي فاشِل.

***

بَعد 3 شهور بالظَّبط...

-مالك يا "ًصلاح"، قاعِد شايل هَم الدّنيا ليه؟!

-بَس يا "أكرم"، أنا اتَّضَحلي إني مَبَحبِّش "عَفاف"!

-يا راجل! أومّال كُنت مَدلوق زي الجَردل على وشّك يعني، وخلَّتَك تاخد خطوة الجواز.

-ماهو أنا اكتَشَفت إن كُل دَه مَكَنش بإرادتي.

-إزّاي يعني مُش بإرادتك؟!

-أنا اكتَشَفت إن "عفاف" بتِسحِرلي!

كَتَمت ضِحكتي كِدَه وقولتله:

-إيه ياعم اللي بتقوله دَه، معقول؟ "عفاف" السِّت مكسورِة الجِناح، تِعمل عمايل الكُفر دي؟!

-زي ما بقولّك كِدَه، ومِن بَعد ما اكتِشَفت ده، حسّيت إن في غَمامة اتشالِت من على عيني، وشوفتها على حقيقتها.

-وعرِفت دَه ازّاي بَقى؟

-دَخَلت عليها المطبخ فجأة، ولقيتها ارتَبَكِت، وبدأت تخبّي حاجة في هدومها، ولمّا أصرّيت أعرف هي بتداري إيه رفضِت، اضطرّيت ألجأ للقوّة، وأخَدت الحاجة اللي مخبّياها، كانت إزازة قَطرة فيها نُقَط حَمرا، كانت بتنقّط منها في كوبّاية شاي بتعملهالي، دا غير كان في ورقة صغيّرة، مكتوب فيها كلام مش مفهوم باللون الأحمر، وكانت مبلولة ودافية، واضِح إنها كانت مسقّطاها في كوبّاية الشاي!

مَكُنتِش مُندِهِش أبدًا من اللي بَسمَعه، لكن لقيتني بقولّه:

-وبعدين؟

-ضرَبتها عَلقَة مَتينة.

-أنا برضُه ملاحِظ إنكم بتقابلوا بعض بقالكم أسبوع مَبتتكلّموش، ولا كأنّكم متجوّزين.

-مُش جايلي نِفس أبُص في وشّها، أنا بقيت باكل في مَطعم، دا غير إنّي بقيت بحلم بكوابيس غريبة، فيران وتعابين وكلاب، حاجات مًقرِفة، قولّي يا "أكرَم"، أنت ازّاي جالَك نِفس تتجوّز 3 جوازات ورا بَعض، مٌش كان كفاية مرّة؟

-كُنت كًل مرّة بقول، يِمكن تُظبُط المرّة دي، بس يلا خير، هي جَبَرِت لِحَد كِدَه.

ولقيته بيهِز راسه بدون ما يتكلّم؛ فقولتله:

-عرِفت هي بتعمل الكلام دَه فين؟

-لمّا بدأت أفتّش وراها؛ عرِفت إنها بتروح لِواحِد بيقولوا عنّه إنه متطوّر أوي في السَّحر، مُمكن عن طريق مكالمة تليفون يِعمل عمايل مالهَاش أوّل من آخر.

في اللحظة دي، افتكرت المكالمة اللي دارت بيني وبين طليقتي الأولى، لمّا قالتلي "وعندي اللي قِدِر يتحكّم في العروسة عن طريق الباركود، أصل الموضوع دَه برضُه اتطوّر جدًا هو كمان"! وساعِتها قولتله:

-بُص من الآخر، لولا ما شوية منهم بيحسّوا بنقص جامِد عنّنا مش هيلجأوا للقَرَف ده، وبعدين اجمَد كِدَه، أومال فين بَقى هثبِتلَك إنَّك فاشِل، والسِّت مكسورِة الجِناح، فين زَمن الشِّعارات الجَميل؟ مَتَزعّلش نفسك يا أبو "صلاح"، أصل مَبيُقعش في المواضيع اللي زي دي إلا الشاطر.

-خلاص بقى يا "أكرَم" أنت هتاخُدني غَسيل ومَكوَه كتير؟ كفاية يا أخي!

***

بَعد أسبوع كَمان...

-مالَك يا "ًصلاح"، مِنَكّد ليه تاني؟ هو في حاجة حَصَلت جديدة؟!

-اتطلّقنا امبارح.

-يلا يا سيدي، خَدِت الشَّر وراحت.

-أنا مصدوم ومُش قادِر أصدّق إني كُنت غبي، أنا "صلاح عبدالهادي"، واحدة سِت تِطلع بتِسحِرلي وتجَرجَرني على مَلا وشّي كِدَه؟!

-ما تِهدا بقى يا عم توم كروز، أنت مُش أوّل ولا آخر واحِد يعني، تَلَت تِربَع الرجالة مَهروسة يا عمّنا، بَس اللي ربّنا بيحبّه بَس هو اللي بيظهِرلُه دَه.

-الحمد لله، كُل شيء نَصيب.

-ربنا يعوَّضك عنها إن شاء الله.

ولقيته بيبُصّلي بَصَّة غريبة؛ فقولتله:

-مالك؟ مُش عاوز ربّنا يعوَّضك؟ مُش ناوي تِعملها تاني ولا إيه؟

-لا يا عَم، كفاية مَرّة، دا أنا الكوابيس هتِقتِلني، وبلِف على شيوخ عشان أتعالِج.

-فترة وهتعدّي يا أبو "ًصلاح" وَحّد الله.

-وَنِعم بالله.

وبعدها لقيته بيبُص في الوَرَق اللي قدّامه وقَفَل الموضوع، وبعد شويّة لقيته بيناديني بصوت واطي:

-"أكرم"، يا "أكرم".

-مالك يا عم، بتناديني كِدَه ليه، ما تتكلّم هو في حد غيرنا في المَكتب؟!

-لا ياعني بَس مُش عاوز أي حد يدخُل فجأة ويسمَعني.

-ليه يعني، كُنت هتقول إيه؟!

-أنا يعني كُنت عاوِز أقولّك، إني شِيلت فكرة الجواز تاني دي مِن دِماغي خالص، أنا بصراحة كِدَه، قرَّرت أشتري عروسة سليكون! 

***

تمَّت...

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↑1الكاتبمدونة محمد شحاتة
4↓-1الكاتبمدونة اشرف الكرم
5↓الكاتبمدونة ياسمين رحمي
6↓الكاتبمدونة حاتم سلامة
7↓الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
8↑1الكاتبمدونة آيه الغمري
9↑1الكاتبمدونة حسن غريب
10↓-2الكاتبمدونة ياسر سلمي
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑31الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني203
2↑22الكاتبمدونة مها اسماعيل 173
3↑14الكاتبمدونة مرتضى اسماعيل (دقاش)205
4↑11الكاتبمدونة منال الشرقاوي193
5↑5الكاتبمدونة كريمان سالم66
6↑5الكاتبمدونة خالد عويس187
7↑4الكاتبمدونة نجلاء لطفي 43
8↑4الكاتبمدونة غازي جابر48
9↑4الكاتبمدونة سحر حسب الله51
10↑4الكاتبمدونة نهلة احمد حسن97
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1079
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب695
4الكاتبمدونة ياسر سلمي655
5الكاتبمدونة اشرف الكرم576
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري501
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني426
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين417
10الكاتبمدونة شادي الربابعة404

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب333808
2الكاتبمدونة نهلة حمودة189661
3الكاتبمدونة ياسر سلمي181332
4الكاتبمدونة زينب حمدي169722
5الكاتبمدونة اشرف الكرم130945
6الكاتبمدونة مني امين116767
7الكاتبمدونة سمير حماد 107741
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي97840
9الكاتبمدونة مني العقدة94957
10الكاتبمدونة حنان صلاح الدين91604

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة رهام معلا2025-06-29
2الكاتبمدونة حسين درمشاكي2025-06-28
3الكاتبمدونة طه عبد الوهاب2025-06-27
4الكاتبمدونة امل محمود2025-06-22
5الكاتبمدونة شرف الدين محمد 2025-06-21
6الكاتبمدونة اسماعيل محسن2025-06-18
7الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني2025-06-17
8الكاتبمدونة عبد الكريم موسى2025-06-15
9الكاتبمدونة عزة الأمير2025-06-14
10الكاتبمدونة محمد بوعمامه2025-06-12

المتواجدون حالياً

2036 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع