آخر الموثقات

  • المتحدثون عن الله ورسوله
  • قصة قصيرة/.المنتظر
  • قصتان قصيرتان جدا 
  • سأغير العالم
  • كيف تعلم أنك وقعت في الحب؟
  • التأجيل والتسويف
  • فأنا لا انسى
  • احترام التخصص
  • 2- البداية المتأخرة لرعاية الفنون والآداب
  • يعني إيه "الاحتواء"؟
  • يا عابرة..
  • رسائل خلف السحاب
  • صادقوا الرومانسيين
  • ربي عيالك ١٠
  • من بعدك، كلامي بقى شخابيط
  • إيران من الداخل بعد الحرب.. 
  • معضلة فهم الحرب على إيران
  • نصر سياسي ايراني
  • قصة قصيرة/ وصاية الظل
  • ق ق ج/ سرُّ الشجرة والقوس
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة محمد شحاتة
  5. منزل ليزي

 

_القهوة دي ماتتشرِبش، الويتر بقى معفِّن ليه كده؟

_لحظة كده أدوق.

وساعتها "كريم" رفع الفنجان؛ وأخد مِنُّه شفطة، ولقيته بيبُخِّها في وشّي وبيقولّي:

_صحيح إيه القهوة المعفّنة دي! 

_أنت عايش الدور ليه كده، مكانتش قهوة سادة؛ غرَّقتني ياعم، وبعدين شكلُه ويتر جديد، وشكلنا كده هنشرب قهوة من دي لحد ما يبقى خبرة.

_غصب عنّي والله؛ بس القهوة غريبة فعلًا؛ وعملت كده غصب عنّي.

_ماشي ياسيدي؛ ربنا يرزقك وتتجوّز واحدة تعملك القهوة معفّنة كده.

_ومين سمعك؛ هي في واحدة بتعرف تعمل قهوة في الزمن ده؟

_طيب يلا عشان المحاضرة زمانها بدأت؛ وابقى فكّرنا نقزقز جنب القهوة دي شوية فول أخضر، ماهي القهوة دي يلزمها فول أخضر مَزَّة.

خلصنا المحاضرة وكان معانا شويّة وقت، قولنا نتمشّى في الجامعة شوية، وبعدها نروَّح، ولما بدأنا نتمشّى لقيت "كريم" بيقولّي:

_عارف يا "عصام"، امبارح كنت حاسس بملل رهيب، مكنتش عارف أعمل إيه؛ كنت هكلِّمك ونخرج بالليل شويّة.

_عارف أنت يا "كريم"؛ لولا الويتر المعفّن اللي في الكافتيريا، كنا قعدنا واترحمنا من المشي ده، وبعدين إيه اللي محسِّسك بالملل؟

_والله ملل فظيع، لدرجة إني مكنتش عارف أعمل إيه، فتحت الكمبيوتر وقعدت أبحث وأقرأ، وعدَّى عليا موضوع غريب.

_موضوع إيه؟

_بيت حصلت فيه جريمة قتل.

_احكيلي.

_الحكاية إن سنة ١٩٨٢ كان في بنت اسمها "ليزي"؛ أمريكية، عايشة مع أبوها العجوز هي وأختها، أمها كانت متوفِّية؛ وأبوها كان متجوِّز واحدة تانية، البنت دي كان معروف عنها التزامها الديني، بتروح الكنيسة بانتظام، والكل بيشهدلها بالالتزام، لكن فجأة؛ البنت دي قتلت أبوها ومراته بالفاس، تقريبًا كِدَه كل جثة كان فينا مبدأيًا ١٦ خبطة، والدَّم كان مغرَّقهم، العين كانت عليها لأن وقت الجريمة كانت هي اللي في البيت؛ أختها والخدّامة كانوا برَّه، وبكده أصبحت هي المتهمة الرئيسية في القضية؛ لكنها أخدت براءة في النهاية، عشان مفيش دليل ضدها، من باب يعني إن إيه مصلحتها إنها تقتل أبوها ومراته؛ هنفترض يعني إنها كارهة مرات أبوها، هتقتل أبوها ليه؟ ومن هنا تم نفي علاقتها بالجريمة، وكان الشَّك الأكبر إن القتل حصل بدافع السرقة.

_طيّب والفاس، والبصمات، كانت لمين؟

_مكانش في معلومة في اللي قرأته عن الكلام ده، لكن طالما طلعت براءة يبقى مفيش بصمات، لو هي القاتل الحقيقي وارد تكون لبست جوانتي، بس من بعد الجريمة دي، ورغم إنها فضلت عايشة في البيت، الناس كانت بتقول إنهم بيسمعوا صوت أصوات غريبة، صرخات، ضحك، وإن البيت بقى مسكون.

هي الحكاية على أيه النهاردة؟ الرحلة لفين؟ أسئلة كانت بتدور في دماغي وأنا بسمع "كريم"؛ وكنت واثق إن الإجابة هي منزل "ليزي"؛ أصل الموقع مش هيفوِّت الحوار ده ويسيبه يمُر مرور الكرام.

خلصنا الجامعة؛ وكالعادة روحنا على البيت، ولما دخلت شقتنا، لقيت أمي قاعدة بتشرب قهوة، دماغي راحت للقهوة اللي شربناها الصبح، ونفسي أخدتني لفنجان تاني، حكيتلها على القهوة وقولتلها:

-نفسي في فنجان قهوة يخليني أنسى اللي شربته الصبح.

وكالعادة يعني هي مبتأخَّرليش طلب، قامت وراحت المطبخ، وبعد شوية لقيتها خارجة ومعاها فنجان قهوة، شكرتها وقولتلها:

-تسم إيدك يا ست الكل.

شربت القهوة ودردشت معاها شويَّة، وقالتلي:

-أنا عملتلك القهوة بس قبل ما تتغدَّى عشان تنسى القهوة اللي حكيتلي عنها، إنما بعد كده تتغدَّى الأوَّل.

بعد شوية أمي حطَّت الأكل واتغدينا، وبعدها دخلت على أوضتي، كان عندي شغف إني أفتح اللاب توب، في رغبة جوايا مخلياني متشوِّق لرحلة النهاردة، وبرغم إن لسه ساعة كاملة على غروب الشمس، لكن فتحت اللاب وانتظرت، وبمجرَّد ما الشمس اختفت تمامًا من السما، سمعت صوت اتنين بيتكلموا في الأوضة.

الصوت كان طالع من اللاب توب، أخدت رجلي وروحت وقفت قدامه، عشان أشوف بيت مبني على الطراز الأمريكي، واضح عليه إنه بيت فخم، وشوفت اتنين قاعدين في الحديقة الخارجية قدام البيت، كان راجل عجوز وجنبه واحده أصغر منُّه كتير في السن، لدرجة تحس إنها بنته، كانوا قاعدين وفي إيدهم فناجين، اللي أي حد يفهم إنهم بيشربوا قهوة، كنت فاهم اللي بيجرى قدامي، وكنت عارف إن الشخص ده هو والد "ليزي"، وإن دي زوجته اللي اتجوِّزها بعد أم بناته ما ماتت، لو حد غيري كان قال ده أب وبنته، ولما خلَّصوا كلام، قاموا ودخلوا البيت، وشاشة اللاب توب فضلت على المشهد ده، وفاتت دقايق؛ وسمعت صرخات، وبعدها لمحت سيل دَم خارج من باب البيت.

في اللحظة دي، لقيت نفسي واقف قدام البيت حرفيًا؛ مش قدام اللاب توب، ويادوب ثواني، وسمعت صوت خطوات ورايا، حد بيقرَّب، صوت رجليه واضح جدًا على العُشب، التفتت ورايا ولقيت إن الشخص ده هو "كريم"، اللي أوِّل ما شافني قالِّي:

-حِلم تاني؟

-مالك ياعم قالِب على شيرين كده ليه، هو إيه اللي حِلم تاني؟! إحنا هنا بناءً على رغبتك، أو عشان المعلومة توصلك ببساطة، إحنا هنا عشان الموضوع اللي كلمتني فيه الصبح.

-أيون ما أنا عارف، كل ما أكلِّمك في حاجة بحلم بها، وبتبقى معايا في الحِلم.

-حلم أه، ما علينا.

وساعتها عينيه جت على سيل الدم اللي خارج من الباب وقالّي:

-هو إيه الدَّم ده؟ 

رديت عليه بكل هدوء وقولتله:

-الدم ده معناه إن جريمة القتل اللي أنت قولت عليها الصبح حصلت.

يادوب جاوبت عليه، ولقينا نفسها جوَّه البيت، عشان نشوف منظر من أبشع المناظر اللي ممكن حد يشوفها، القتل، إنك تشوف جثِّتين قدامك، الدَّم مغطِّي ملامحهم، جسمهم متفسَّخ من ضربات الفاس، اللي كان مرمي على الأرض وغرقان في الدَّم هو كمان، وتشوف بنت، واقفة ملامحها هادية، جميلة، بتبُصِّلهم بكل برود وفي إيدها فنجان قهوة بتشربه.

الحكاية بدأت تبقى غريبة، لدرجة إني بصيت ناحية "كريم" وقولتله:

-هي إيه حكاية القهوة النهاردة؟!

بصِّلي من غير ما يتكلِّم، لكن نسينا القهوة والكلام؛ لما شوفنا البنت وهي ماشية، وبتعدِّي من فوق الجثث وكأنها بتعدِّي من فوق قالبين طوب، وبتطلع على السلم اللي موصَّل للدور اللي فوق، وبعدها، سمعنا صرختين، كل صرخة بصوت مختلف عن التاني، لكن الصوت مكنش جاي من فوق؛ لأ، دا كان جاي من ناحية باب البيت، وساعتها بصِّينا ناحية الباب، عشان نشوف بنت في حدود 15 سنة، وواحدة ست في حدود 40 سنة، كانوا واقفين وبيبصوا للجثتين اللي على الأرض، والذهول مسيطر على ملامحهم.

لكن كل ده اتبدِّل فجأة، المكان بقى زحمة، ناس كتير، والجثتين متغطِّيين بملايات بيضا الدَّم طابع فيها من كل حتة، وشوية ودخل المُسعفين عشان يشيلوا الجثث، وبعد ما الجثث خرجت، لمحنا اتنين خارجين؛ وفي إيدهم البنت؛ "ليزي"، اللي كانت متكلبشة وماشية وسطهم.

بعد المَشهد ده، البيت كان فاضي، مفيش فيه غيري أنا و "كريم"، الدنيا مقفولة، لكن المكان اتغيَّر، بس مروحناش بعيد، إحنا كنا برَّة البيت، تقريبًا في نفس المكان اللي الراجل ومراته كانوا قاعدين فيه، واتضحلنا إن الزمن متغيَّرش كتير، لأن كان في بعض الناس واقفين حوالين البيت، وكان واضح عليهم إنهم من الجيران، لأنهم بيتكلموا عن الحادثة، وبيتحسَّروا على حياة الراجل ومراته، وعلى "ليزي" اللي ضيَّعت نفسها، وإن هي مرتكبة الجريمة، لأن أختها والخدامة كانوا برَّه في الوقت ده، لدرجة إني سمعت واحد بيكلِّم التاني وبيحكي تفاصيل أكتر وبيقول:

-يوم الجريمة الصبح، شوفت البنت الصغيرة وهي خارجة، هي من طبيعتها بتقضي يوم في وسط الأسبوع مع صديقة لها من أسرة غنيّة، إنما الخدامة بقى، في اليوم اللي قابله أكلت لحم صلاحيته منتهية، وصبحت تعبانة في يوم الجريمة، وخرجت من بدري وراحت على المستشفى، والأتنين "الخدامة والبنت"، رجعوا في نفس التوقيت على البيت، واتفاجأوا بالجريمة، مين بقى اللي هيقتلهم غير "ليزي"؟! 

حسينا إن الجريمة شاغلة الناس، أصلها مش جريمة عادية، دي حاجة غريبة، بنت ملتزمة دينيًّا، مواظبة على الكنيسة، مش معروف عنها أي شغب، ولا سلوك خاطئ، تقتل أبوها ومراته بالطريقة الوحشية دي؟ أمر غريب فعلًا.

الوقت فات، والدنيا كانت ليل، في الوقت ده كنا قدام البيت، مكنش في حد لا رايح ولا جاي، لكن سمعنا صوت حد بيجري وهو بيصرخ وبيقول:

-"ليزي" هربت، "ليزي" موجودة في البيت.

وبدون ما نفكَّر، بصينا ناحية البيت، عشان نشوفها بالفعل موجودة، كانت واقفة قدام باب البيت المقفول، وساعتها "كريم" قالّي:

-دي هربت فعلًا.

لكن بعد شوية تفكير كده قولتله:

-لأ مهربِتش ولا حاجة.

-بقولك إيه يا "عصام"، البنت هربت وواقفة قدام عينيك أهي.

-دي مُش البنت.

-يعني إيه مُش البنت أومال مين؟!

-بُص كده عند رجليها، في مسافة بينها وبين الأرض، اللي قدامنا دي حاجة غير البنت.

-تقصد شبح؟

-أكيد أومال يعني بقرة حلوب!

يادوب ألَشت الألشَة، ولقيناها اختفت من قدامنا، في اللحظة دي، لقينا أكتر من حد جاي بيجري ناحية البيت، ومعاهم الشخص اللي كان بيصرخ وبيقول إنها هربت، كانوا بيلفُّوا حوالين البيت، وبيبصوا في كل حتة، لدرجة إن في كام واحد منهم فتحوا شباك ودخلوا منه، وبعد شوية خرجوا وهما بينكروا وجود أي حد جوَّه البيت.

كل الكلام كان إنها كانت عند البيت وهربت، لكن فجأة واحد تاني صرخ، وهو بيشاور ناحية شباك إزاز في الدور اللي فوق، ولما الناس بصَّت ناحية الشباك، شافوها، إحنا كمان شوفناها، وساعتها دخلوا البيت تاني عن طريق الشباك اللي دخلوا منه في المرة اللي فاتت، لكنهم برضه مقدروش يلاقوها، وكان تفسيرهم إن في مخبأ جوَّه البيت، محدِّش يعرفه غيرها.

لحد هنا والمكان اتغيَّر، عشان نشوف نفسنا في زنزانة ضيَّقة، وفي الزنزانة شوفنا "ليزي"، كانت قاعدة على سرير حديد مبتتكلِّمش، في اللحظة دي باب الزنزانة اتفتح، وظهر ظابط ومعاه جوز عساكر، شكلهم كانوا بيتأكِّدوا من وجودها، علطول فهمنا إن الجيران بلّغوا إنهم شافوها، عشان كده كان في تفتيش على الزنزانة، عشان يتأكِّدوا إنها موجودة.

قدام البيت والدنيا ليل برضه، سمعنا حد بيصرخ تاني، وبيقول إن "ليزي" موجودة جوَّه، وفعلًا المرَّة دي شوفناها واقفة ورا شباك مفتوح، ولما بلَّغوا تاني، عرفوا إنها موجودة في الزنزانة مخرَجِتش، ومن اللحظة دي، والمنطقة كلها عرفت، إن البيت اتسَكن بسبب جريمة القتل اللي حصلت فيه، لكن الغريبة إنه مسكون بروح القاتل، مش روح حد من اللي اتقتلوا، دا غير الأصوات اللي بدأوا يسمعوها كل ليلة.

باب البيت اتفتح من نفسه، في اللحظة دي عرفنا إننا لازم ندخل، أكيد في حاجة بتحصل، أو هتحصل، ولازم نشوفها، ولما دخلنا، لقينا جريمة القتل بتتعاد قدامنا من تاني.

كل اللي شوفناه إن الراجل ومراته كانوا قاعدين في الأنتريه، وساعتها شوفنا "ليزي" نازلة من الدور اللي فوق، وكان الفاس في إيدها، وبدون تردُّد ضربت مرات أبوها في راسها من ورا، وقبل ما أبوها يستوعب اللي حصل، كان الفاس نازل فوق راسه، وبعدها بدأت حفلة التقطيع، ضربات متتالية بالفاس في الجثث، الدَّم كان بيطير في كل مكان، وبعدها رمت الفاس على الأرض، قبل ما تمشي من المكان، وترجع بعدها وفي إيدها فنجان قهوة، عشان تقف قدامهم وهي بتشرب وبتبص عليهم، وكأن اللي مقتول في الأرض قدامها جوز فراخ.

بعدها انتقلنا لقاعة محكمة، مشوفناش تفاصيل اللي حصل، لكن سمعنا نُطق الحكم، اللي حكم بالبراءة لانتفاء صلة "ليزي" بالجريمة، وإنها ملهاش مصلحة عشان تقتل أبوها ومراته، دا غير إن مفيش شهود شافوها وهي بترتكب الجريمة، أختها والخدامة لما بلَّغوا كانت الجريمة حصلت، دا غير إن مكنش في بصمات على إيد الفاس، عشان كده اتحكم ببرائتها، برغم إننا شوفناها بنفسنا وهي بترتكب الجريمة.

في اللحظة دي "كريم" سألني وقالي:

-مُش إحنا شوفنا البنت دي وهي بتقتل أبوها ومراته، ولا كان بيتهيَّألنا، ولا اللي قرأته عن البيت غلط، هي إيه الحكاية.

-أيون هي، بس أكيد هنفهم إيه الحكاية.

بعد النُّطق بالحكم، انتقلنا للبيت، شوفنا "ليزي" وهي عايشة فيه لوحدها، لأننا شوفناها قاعدة قدام البيت ومفيش حد معاها، ويمكن اللي أكِّد على كلامنا، هو كلام اتنين كانوا ماشيين بالصدفة قدام البيت، وسمعنا واحد منهم بيقول للتاني إن أختها رفضت تعيش في البيت بعد جريمة القتل، وإن الخدامة سابت الشغل، محدش طبعًا هيوافق يعيش في مكان حصلت فيه جريمة قتل بالشكل ده، خصوصًا إن كل الناس اتأكِّدت إن البيت بقى مسكون، بشبح "ليزي" اللي لسَّه على قيد الحياة، وإنهم بيشوفوه كل ليلة، وبيتأكِّدوا من ده لما بيشوفوها قاعدة قدام البيت، وبيشوفوا الشبح بتاعها واقف في الشباك في نفس الوقت، زي ما بيحصل قدامنا دلوقت، لدرجة إننا مش عارفين مين "ليزي" ومين الشَّبح، اللي شايفينها قاعدة قدام البيت، ولا اللي واقفة في نفس الوقت ورا الشباك.

 

دايمًا الرجوع بالذاكرة بيكون سبب لتفسير حاجات كتير، عشان كده الموقع لمَّا بيبدأ يفسَّر بيعمل فلاش باك، وده اللي حصل فعلًا.

 

كنا في نفس البيت، وساعتها شوفنا الراجل ومراته، اللي كانت متعصَّبة جدًا وبتقولّه:

_"ليزي" مُش بتحبِّني، وجودي في البيت مضايقها.

الراجل حاول يهدّيها على قد ما يقدر وقالّها:

_أكيد أنتي فاهمة غلط؛ "ليزي" طفلة، هي وأختها فقدوا أمهم، لازم تراعي الموضوع ده، لكني واثق إنها بتحبك.

_أختها مش بتتعامل معايا كده؛ إنما "ليزي" بتتجاهلني؛ مبتردّش عليا ولا بتتكلِّم معايا، حاول تقولّها إن ده بيتي زي ما هو بيتها.

_طيّب إهدي، أنا هتصرَّف في الموضوع.

 

لمَّا الراجل سابها ومشي، فضلت واقفة لوحدها، عينيها كانت كلها شر، كنا فاهمين الشعور ده كويّس؛ مرات الأب لما تبقى مش طايقة بنت جوزها، العادة دي موجودة في أغلب الستات، مهما اختلفت الأزمنة والأمكنة والثقافات، لحد هنا والمكان اتغيَّر؛ شوفنا نفسنا في بيت ضلمة، غير بيت "ليزي" اللي الأحداث بتدور فيه، عشان نشوف حدث بيحصل برَّه الكادر، في الضلمة.

 

ساعتها شوفنا الست وهي قاعدة مع شخص شكله غريب، دا غير تفاصيل المكان اللي مش صعب على أي حد يفهم إنه مكان ساحر أو مشعوِذ، ومن هنا بدأ طرف الخيط، لمّا سمعنا السِّت بتقولّه:

_مش عارفة أعيش في بيتي، البنت مُش طيقاني وخايفة في أي وقت جوزي يتغيَّر معايا عشان بنته، لازم أكون أنا الآمر الناهي في البيت، دا بيتي، شوفلي حل.

_الموضوع بسيط، نقدر نخليها في طوعِك، عجينة تشكّليها زي ما تحبّي.

_مُش كفاية، أنا مش عايزاها في البيت.

_قصدك إيه؟

_مُش قصدي إنها تموت، لكن عايزاها تتجنن، ويكون مصيرها مستشفى أمراض عقلية.

_بس ده أذى كبير.

_مُش هيكون أكبر من الأذى اللي هيحصل لو جوزي اتغيَّر معايا عشان بنته، هتشرَّد، يا أنا يا هيَّ.

_على العموم، أنا مهمّتي أعمل اللي تطلبيه، طالما هتدفعي اللي هطلبه، كل اللي محتاجه منِّك خصلة شعر من البنت.

_اشمعنى الشَّعر، ليه مش هدومها مثلًا.

_الموضوع متعلِّق بالجنون، ولازم الأطَر يكون له علاقة بدماغها، ومفيش غير الشَّعر.

 

فجأة؛ لقينا نفسنا في البيت والدنيا ليل؛ عشان نشوف السِّت وهي بتتسحَّب على طراطيف صوابعها، وفي إيدها مَقَص، وبتفتح باب أوضة وبتدخل، عشان نلاقي نفسنا جوَّاها، ونشوفها وهي بتقُص خُصلة من شَعر "ليزي"؛ اللي كانت رايحة في سابع نومة، وبتاخدها في هدوء وبتخرج من الأوضة.

 

الموقع نقلنا لنفس المكان الضلمة، بيت الساحر؛ عشان نشوفها وهي بتعطي الساحر خُصلة الشَّعر، ونسمعه وهو بيقولّها:

_هنسلَّط عليها كيان سُفلي؛ هيسبب لها هلاوس ومع الوقت، هتتصاب بالصرع والجنون، وهيعتبروها خطر على المجتمع ويتم عزلها.

 

في الوقت ده الست ابتسمت ابتسامة صفرا، وهي بتقولّه:

_وأنا هدفع اللي تطلبه.

 

بعدها المشهد مَر قدّامنا بسرعة، زي ما يكون شريط فيديو وحد بيخليه يجري؛ لحد ما رِتم المشهد رجع لطبيعته، عشان نشوفها وهي بتعطيه الفلوس، وبتاخد منُّه ورقه عليها مسحوق لونه أسود، وبيقولّها:

_المسحوق ده مخلوط بشعرها المحروق، بعد ما طحنته وقرأت عليه التعويذة عشان أحضَّر الكيان المُكلَّف بالموضوع، كل اللي عليكي هو إنك تخليها تشرب المسحوق ده، لكن في مشروب ميظهِرش لون المسحوق، قهوة مثلًا.

 

المكان اتغيَّر ورجعنا البيت، كانت "ليزي" قاعدة بتشرب فنجان قهوة، زي ما يكون القَدَر بيرتّب المكتوب، وساعتها لمحنا أختها وهي بتندَه عليها، في اللحظة دي سابت فنجان القهوة؛ السِّت كانت بتراقبها، واستغلَّت الفرصة، وزي ما اتسحَّبِت عشان تقُص خُصلة من شعرها، اتسحَّبت عشان تحُطّلها المسحوق في القهوة.

 

الدنيا ساكتة، مفيش غيري أنا و "كريم"؛ كنا واقفين وشايفين "ليزي" وهي بتكمِّل فنجان القهوة، وبعدها الوقت بيتغيَّر، ولقينا نفسنا في أوضة "ليزي"؛ اللي كانت غرقانة في النوم، وجنبها كيان على نفس شكلها، كان بيبُصِّلها بطريقة غريبة.

 

شريط الأحداث بدأ يجري، لكن زي ما يكون في زوم على "ليزي"؛ اللي كان باين عليها إنها في دنيا تانية، أبوها وأختها والخدامة كانوا مستغربين صمتها؛ ونظراتها المُريبة؛ إلا مرات أبوها، مكنتش متأثرة باللي بيحصل معاها؛ لأنها فاهمة اللي فيها.

 

شريط الأحداث وقف عند الجريمة، اللي كانت بتتنفِّذ قدامنا من تاني لكن ببُطء شديد، ساعتها كان الراجل ومراته قاعدين عادي، ولمحنا الفاس نازل من على السلم، زي ما يكون حد خَفي شايله في إيده، وبعدها؛ الفاس بس هو اللي ارتكب الجريمة، لحد هنا؛ وشوفت الذهول على وِش "كريم" اللي قالّي:

_أنا مبقِتش فاهم حاجة.

 

أخدت نَفَس عميق وقولتله:

_مُش أنت اللي قرأت عن البيت، أنا بقى هشرحلَك اللي حصل؛ واللي طبعًا مكنش مكتوب في اللي أنت قرأته؛ ولا حد يعرفه دلوقت غيرنا، الحكاية ببساطة، هو انقلاب السِّحر على السَّاحر، مرات أبو "ليزي" راحت لساحر عشان تعمل عملتها، وهنا جه دور السَّاحر؛ اللي عارف كويِّس إن الشَّر بعينه هو القرين؛ عشان كده سلَّط قرين البنت عليها؛ عن طريق أطَرها والتعويذة اللي عملها واللي بالك فيه ده، عشان كده شوفنا قرين "ليزي" والناس شافته، وافتكروا إنها هربت لمّا بلَّغوا عن هروبها، وده أبسَط دليل إنها مش هي اللي ارتكبت الجريمة، معنى إننا نشوفها مرَّة وهي بتقتل أبوها ومراته؛ والمرَّة التانية نشوف الفاس بس وهو بيرتكب الجريمة لوحده؛ معناه إن اللي ارتكب الجريمة هو قرين "ليزي"؛ عشان كده ملقوش بصماتها على الفاس، لأن القرين شيطان، ومعتقدش إن الشياطين زينا لهم بصمات، محبِّتش أقولّه إن التفسير ده كان بمساعدة الموقع ليّا، لأنه زي ما أنتوا عارفين بيعيش كل ده إنه حِلم؛ مش رحلة الموقع بياخدنا فيها حرفيًّا، عشان كده كمّلت كلامي وقولتله: القَدَر دايمًا بيفرض رأيه، ومهما طال طريق الباطل؛ الحق بينتصر في النهاية، وده اللي حصل، مرات أبوها حبَّت تتخلَّص منها، فراحت ضحية الكيان اللي حضَّرته، وحبَّت تطردها من البيت، فكانت النتيجة إنها ماتت و"ليزي" هي اللي قعدت في البيت لوحدها، اللي بيحفر حفرة بيقع فيها، أي نعم أبوها راح في الرجلين؛ لكن متنساش إنه سبب في إنه يجلب أساس الشر للبيت؛ مهما كان الحسنة بتخُص والسيِّئة بتعُم.

 

ورجعت أوضتي، الوقت كان متأخر، كنت بفكّر في تسلسل الأحداث العجيب، اللي بدأت من القهوة المُريبة اللي شربناها الصُّبح، والقهوة اللي شربتها مع أمي، والقهوة اللي كان الراجل ومراته بيشربوها قبل ما يتقتلوا، واللي برضو اتحَط فيها المسحوق اللي "ليزي" شربِته، لحد هنا ولقيت كالعادة تليفوني بيرِن، عشان ألاقي "كريم" بيتصل بيا، فتحت التليفون ورديت عليه وقولتله:

_إيه يابني، عاوز إيه؟

_فنجان القهوة اللي شربناه الصبح رغم إنه معفِّن، لكن مخليني صاحي لحد دلوقت.

_ماهو مبيجيبش نتيجة غير الحاجة المعفّنة، حاول تنام يابني.

_هحاول، أشوفك الصبح في الجامعة إن شاء الله.

 

بعد ساعة من المكالمة؛ لقيته بيرِن تاني، ولما ردِّيت عليه حكالي تفاصيل اللي شوفته في الرحلة، عرفت إن الموقع خلَّاه يحلم بكل اللي شوفناه سوا، ماهو كان معايا فعلًا، لكن زي ما أنتوا عارفين، هو مش بيشوف الرحلة غير في الحِلم وبَس.

 

قفلت معاه المكالمة تاني؛ وقولت خلاص هنام؛ لكن لقيت باب أوضتي بيخبَّط، فتحت عشان أشوف أمّي اللي كانت بتقولّي:

_أنت سهران؟ أعملَّك قهوة؟

ابتسمت وقولتلها:

_شكرًا يا أمي، أنا زهقت قهوة النهاردة، هحاول أنام.

 

تمَّت...

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↑1الكاتبمدونة محمد شحاتة
4↓-1الكاتبمدونة اشرف الكرم
5↓الكاتبمدونة ياسمين رحمي
6↓الكاتبمدونة حاتم سلامة
7↓الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
8↑1الكاتبمدونة آيه الغمري
9↑1الكاتبمدونة حسن غريب
10↓-2الكاتبمدونة ياسر سلمي
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑31الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني203
2↑22الكاتبمدونة مها اسماعيل 173
3↑14الكاتبمدونة مرتضى اسماعيل (دقاش)205
4↑11الكاتبمدونة منال الشرقاوي193
5↑5الكاتبمدونة كريمان سالم66
6↑5الكاتبمدونة خالد عويس187
7↑4الكاتبمدونة نجلاء لطفي 43
8↑4الكاتبمدونة غازي جابر48
9↑4الكاتبمدونة سحر حسب الله51
10↑4الكاتبمدونة نهلة احمد حسن97
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1079
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب695
4الكاتبمدونة ياسر سلمي655
5الكاتبمدونة اشرف الكرم576
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري501
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني426
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين417
10الكاتبمدونة شادي الربابعة404

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب334005
2الكاتبمدونة نهلة حمودة189911
3الكاتبمدونة ياسر سلمي181515
4الكاتبمدونة زينب حمدي169756
5الكاتبمدونة اشرف الكرم130969
6الكاتبمدونة مني امين116786
7الكاتبمدونة سمير حماد 107840
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي97909
9الكاتبمدونة مني العقدة95021
10الكاتبمدونة حنان صلاح الدين91778

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة نجلاء البحيري2025-07-01
2الكاتبمدونة رهام معلا2025-06-29
3الكاتبمدونة حسين درمشاكي2025-06-28
4الكاتبمدونة طه عبد الوهاب2025-06-27
5الكاتبمدونة امل محمود2025-06-22
6الكاتبمدونة شرف الدين محمد 2025-06-21
7الكاتبمدونة اسماعيل محسن2025-06-18
8الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني2025-06-17
9الكاتبمدونة عبد الكريم موسى2025-06-15
10الكاتبمدونة عزة الأمير2025-06-14

المتواجدون حالياً

1807 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع