آخر الموثقات

  • شبح عبدالله بن المبارك تعري أشباح النفوس
  • دعوة الرجل الطيب
  • بين غيم السماء وضجيج الأرض
  • العام 2050
  • يوم غريب في حياتي
  • المتحدثون عن الله ورسوله
  • قصة قصيرة/.المنتظر
  • قصتان قصيرتان جدا 
  • سأغير العالم
  • كيف تعلم أنك وقعت في الحب؟
  • التأجيل والتسويف
  • فأنا لا انسى
  • احترام التخصص
  • 2- البداية المتأخرة لرعاية الفنون والآداب
  • يعني إيه "الاحتواء"؟
  • يا عابرة..
  • رسائل خلف السحاب
  • صادقوا الرومانسيين
  • ربي عيالك ١٠
  • من بعدك، كلامي بقى شخابيط
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة محمد شحاتة
  5. ماركت مروان - الجزء الأول

 

"مَكَنِتش مُجرَّد صُدفة، الحَياة ابتسمِتلي أخيرًا بَعد ما كُنت عايش مقضّيها، النّهاردة كان عندي زي امبارح، وبُكره زيّ النّهاردة، وكُنت بقول أهي ماشية وخلاص، بَس في وِسط الضَّلمة لقيت إيد من نور بتتمدّلي، إيد كُنت بَبُص عليها من بعيد وفي حواجز كتير منعاني من إنّي أقرَّب منها، بَس دَعواتي اللي مكُنتش بَبَطّل أدعيها ربنا استجابها، لحد في يوم الصُّبح، لقيت الإيد دي بتتمدّلي وبتفتَحلي الباب اللي كان مقفول، ولقيت نَفسي بدون تردّد بدخُل للجنة اللي كُنت مُكتفي إنّي أبُصّ عليها من بَرَّه، بَس..."

 

أنا اسمي "مُحِبّ"، وفي موروث قديم بيقول إن كُل واحد بيكون لُه نصيب من اسمه، قاعِد دِلوقت في كافيه الماركِت، وبَبُص في ساعة تليفوني، وشايِف الوَقت اللي عمّال بيجري، طَلَبت اتنين شاي ورا بَعض، من غير سُكّر طبعًا، بَس رغم كِدَه كانوا بيجيبولي سُكّر في صندوق خشب صغيّر، مُش عارف إيه الحِكمَة من كِدَه.

 

الفيو قُدّامي بَسيط، وانا بَحِبّ الحياة دي، بَس مُش عارف ليه رغم انّي هنا من أربع ساعات لكن مفيش ولا واحد قاعد في الكافيه، هدوء يخلّيك تستمتع بكل دقيقة بتعدّي، وتِستنّى أي صُدفة مُمكن تِحصل، ومُمكن مَتِحصَلش، لَكن أنا واثق إنّ "مَروة" بتيجي كافيه ماركِت مروان كُل يوم، بَس غريبة انّها مَجَتش النهاردة.

 

نسيت بَس أوضَّحلكم حاجة، "مَروة" دي هي الإيد اللي من نور، اللي اتمدّتلي.

 

لمّا حسّيت بالملل قومت، خَدت تليفوني وروحت احاسب على الشّاي، دَفَعت الحِساب ونازِل على السّلم، بَس فجأة لقيت في دَوشة ورايا، بصّيت لقيت كافيه الماركِت مليان نَاس، مَكُنتش شايفهُم ولا حاسس بيهم، مَرَفش كانوا فين ولا ظهروا قُدّامي دلوقت ازّاي، والأغرب من كِدَه، إنّي لَمحت "مَروة"، قاعدَة على ترابيزة لوحدها بتبُصّ في تليفونها!

 

لقيت نفسي بَرجَع تاني الكافيه، قرَّبت منها وانا مِستغرب ازّاي دَه حَصَل، ازّاي ظَهرِت فجأة مع النّاس، قَعدت على الكُرسي اللي قُدّامها بَس عَمَلِت نفسها مُش واخدة بالها منّي، مِسكت إزازة المايّة من قُدّامها وقولتلها...

 

-هَشرَبها على فِكرة لو مَبصَتيش.

لكن برضو لقيتها مَبترُدّش عليا، احنا علطول بنتخانق مَع بعض، بَس بنتصالح بسُرعة، أنا حتّى جيتلها ماركِت مروان بدون ما أبعتلها انّي جاي، قطعت المسافة دي كُلّها وانا واثق انّي هلاقيها هنا، بَسّ المَرّة دي الزَّعَل مطوّل، عشان كِدَه خَدت قراري انّي آجي، ما هو هنصالح يعني هنتصالح.

لمّا فضِلت قاعد قُدّامها من غير ما تبُصّلي لقيتني بقولّها...

- للدرجادي شيفاني قُدّامك هَوا يا "مروة"؟!

- ...

- رُدّي عليّا.

- ...

مُش عارف اقولّكم الزَّعل كان واصل بيّا لفين، يعني انّها تتجاهلني كِدَه مكانِتش حاجة سهلة عليّا أبدًا، لكن قومت من قُدّامها، خوفت انّ حد ياخُد باله من الموقف اللي انا فيه واتحِرِج قُدّامه، ومشيت، نزلت السّلم وخرجت من الماركِت، بَسّ لمّا خَرَجت مَلقِتش نفسي في الشّارع اللي المفروض يكون قُدّام الماركِت، انا لقيت نفسي بخرُج لمكان ضَلمة، بيُخنق رقابتي وحسّيت بمخالب بتنغرس في صدري وبتمزَّع قلبي، الألم كان شديد، بَس مكَنش أشد من الألم اللي حسّيته لمّا "مَروة" تجاهلتني.

 

حسّيت انّي دَخلت في حاجة زيّ التّيه، بَس تيه غير اللي مُمكن أي حد يعدّي بيه، طريق ضَلمة والأرض تحت رِجلي زي الجَمر، وأوّل مرّة أعرف إن الخوف لُه ريحة، كُنت فاكره مُجرّد إحساس مُمكن يخلّينا نتجنَّب أي حاجة وأي حَد، بسّ اللي اتضَحلي إنّ لُه ريحة تخليك تخاف من نفسك، بَس الإحساس دَه مُش جديد عليّا، أنا دايمًا بَحِسّ دَه لمّا "مروة" تكون بعيدة.

 

مَع الوَقت الضّلمة راحت، والإحساس اللي جوّايا بدأ ينكسر، بدأت اشوف كُل حاجة طبيعية، الشّارع والنّاس، وبدأت اسمع كُل حاجة حواليا عادي، ولقيت نفسي لسّه واقِف قُدّام الماركِت، وبشوف "مروة" وهي خارجة من الباب، بتتكلّم في التليفون، وبتقول انّها لسّه خارجة من ماركِت مروان، كُنت هروح اقَف قُدّامها واقولّها متجاهلاني ليه، لكن انا عارف ردود أفعالها الغبية اللي بتطلع منها أحيانًا، عَشان كِده اكتفيت بإنّي وَقَفت في مكان قُريّب منها.

 

عينها جَت عليّا، لكنّها كانت بتبُصّلي ولا كأنّها تعرفني، ويادوب اتحرَّكت عشان اروحلَها ولقيتها بتشاور لتوكتوك، وزي ما يكون التوكتوك طِلِع من تحت الأرض، في ثواني وَقَف قُدامها وهي رِكِبِت، والتوكتوك مِشي وانا فِضِلت واقِف مكاني، وبقول لنفسي، أوّل مرّة الموضوع بينا يطوّل كِدَه!

 

(2)

الخَنقة اللي بقيت فيها بتزيد، انا حاسس بإحساس غريب مُش عارف افسَّره، بقيت بشوف نفسي على هيئة شَبح، بيظهَر وبيختِفي قُدّام عيني، كٌنت ببقى مرعوب وانا شايف نُسخة منّي قُدّام عيني، بَس نُسخة تصرُّفاتها غير تصرُّفاتي، وكُنت بقول لنفسي يمكن دَه هاجِس الخوف اللي جوّايا، أو يِمكن دَه الجانِب العِدواني فيّا، واللي كُنت دايمًا قادِر انتِصر عليه، بَس دِلوقت ازّاي اتحرَّر وبقى قادِر يتصرَّف بكُل حُرّية وانا ماليش سُلطة عليه!

 

دا حتّى اللي حَصَل دِلوقت قُدّام عيني غريب جدًا، أنا موجود في ماركِت مروان، ومحدّش يقولّي انت جيت امتى وازّاي، لأنّ انا نفسي مُش عارف دَه حَصَل ازّاي، بَس كُل اللي انا شايفُه قُدّامي دِلوقت ان كافيه الماركِت مليان ناس، بيتكلّموا وبيضحكوا، وناس داخلة وناس خارجة، وانا واقِف في جنّب وشايِف "مَروة" قاعدة على نفس الترابيزة اللي متعوّدة تقعُد عليها علطول، وزي العادة عينها في التليفون، بصراحة محبّيتش اقرّب، اكتفيت انّي ابُصّلها من بعيد، وِسمِعت تليفونها بيرِن، فَتَحِت المَكالمة وحطّت التليفون على وِدنِها وبعد كِدَه سِمِعتها بتقول...

 

-حاضر.. شويّة وجاية مُش هتأخّر.

في الوَقت دَه كان الشّاب اللي بينزَل الطلبات في الكافيه بيحُطّ قُدّامها إزازة مايّة وعِلبة كانز سيفن أب، لكِن حَسّيت انّها متضايقة منّه، هوّ فعلًا كمان كان واقِف قُريّب منها بطريقة غريبة، عينه كانت عليها وهوّ بينزّل الطلبات، حتّى هي لاحظِت وقالتله...

-في حاجة؟

ساعِتها الشّاب اتلجلج وهو بيقولّها...

-لا يافندم.. مفيش حاجة.

 

رِجِعِت تبُص في التليفون تاني والشّاب مِشي من جنبها، بَس كان واقِف عند البَار اللي في الكافيه وعينه منزلِتش من عليها، وبَعد كِدَه لقيته بيدخُل باب، كان معروف انّه دَه باب الحَمام، لقتني غَصب عنّي سايِب مكاني وداخِل وراه، وساعِتها لقيته واقِف قُدّام المِرايا بيظبّط قميصُه وشَعره وبيغنّي، ومُش عارف ازّاي ما اتحكّمتش في نفسي وعملت اللي عَملتُه دَه!

 

لأوّل مرّة احسّ انّي كائن مُفتَرِس، انا مِستُه من لياقة قميصُه وشدّيته ناحية الحيطة اللي جنبه، كتّفت دراعه وراه بإيد، وبالإيد التانية كُنت بَخبَط وِشّه في الحيطة، النّار اللي كانت جوّايا منّه كانت بتهدَى شويّة شويّة مع كُل خبّطة، ومع كُل خبطة برضو كُنت بَسمع عضم جَمجُمته وهو بيتكسّر، الدَّم غَرَّق الحيطة، أسنانه وقعت كُلّها في الأرض، لحد ما روحُه طِلِعت في إيدي.

 

ساعِتها وقع في الأرض، قميصُه الأبيض كان عبارة عن حتّة قُماشة حمرا، دا غير الحمام اللي بقى تقريبًا لونه أحمر، حتّى المِرايا اللي كان واقِف قُدّامها، مكُنتش شايف فيها نفسي من كُتر الدَّم اللي عليها.

 

مُش عارف ازّاي جالي قلب اعمِل كِدَه، بَس انا من يوم ما حبّيت "مروة" وانا غيرتي عليها بتعميني، بتدفعني انّي اعمِل أي حاجة، حتّى بتدفعني انّي اتخانِق معاها على أتفه سَبب، أي نَعم كُنت بتخانق معاها وانا عارِف انّي علطول هقولها متزعليش، وانّي حُبّي ليها بيغلب أي إحساس تاني، بَس مُش لِدَرجِة انّي ارتِكِب فِعل زي ده.

 

حاوِلت اغسِل إيدي من الدَّم اللي عليها واخرُج من الحمام بسرعة، مكُنتش بفكّر في الهروب، كان كُل تفكيري انّي آخُد "مروة" حتى لو بالعافية ونُخرُج من هنا، انا مُش هَسيبها في مكان حَد ضايقها فيه، كَمان كُلها دقايق والدُنيا هتتقلِب من اللي انا عملته، ومكُنتش حابب انّها تتخض أو تِحس بأي خوف.

 

لكن لمّا جيت اغسِل إيدي ملقِتش فيها دَم، انا كُنت واقِف في المكان اللي انا واقِف فيه متحرَّكتش، مُش عارف ازّاي شوفت نفسي برتِكب الجريمة دي، انا حتّى كمان قولت يمكن بيتهيّألي انّي شوفت الشّاب دَه بيضايق "مروة"، على كُل حال كان قلبي مطّمن انّي مبقِتش عدواني للدرجادي من غيرتي عليها، بَس قولت انا هفضَل في مكاني، تَحت أي ظرف مُمكن يِحصل، أو أي حد مُمكن يضايقها، رغم تجاهُلها ليّا اللي بقى زايد عن حدّه.

 

واخترت ترابيزة فاضية بعيد عنها، قعدت وطلبت الشّاي اللي من غير سُكّر كالعادة، عيني مراحِتش من عليها، ومُش عارف ليه افتكرت أوّل مرّة قعدت معاها هنا، كان مِن سَنة، لمّا كانت بتحكيلي عن ماركِت مروان علطول واحنا بنتكلّم، وعن الكافيه اللي موجود فيه، وساعِتها قولتلها انّ أوّل مرّة هنتقابِل لازم تكون في المكان اللي بتكلميني عنّه علطول، وفعلًا أوّل مرة كانت هنا، على الترابيزة اللي هي عليها دلوقت، ومُش عارف ليه تفاصيل الحوار اللي دار بينا بسمعها دلوقت...

 

-هوّ دَه مروان بقى؟

-عَجَبَك صح؟

-بَس انا مكُنتش اعرف انّه هادي كِدَه.. ولا عَشان احنا لسّه الصُّبح ومحدّش بيُقعد في كافيه دلوقت؟

-طيّب بطّل تنمّر وقولّي هتشرب إيه؟

-أنا عايز افطَر طيّب الأوّل.. يعني جاي طريق طويل وأكيد مَفطِرتش.

-بَس هِنا مَفيش فِطار.. مُمكن نجيب حاجة من الماركِت من تَحت ناكُلها.

ساعِتها ضِحكت وانا مِستغرَب وقولتلها...

-لا وعلى إيه البَهدَلة دي.. هَشرَب ماوينتن ديو.

ساعِتها حطَّت إيدها على وشّها وضِحكِت وقالتلي...

-قول حاجة تبقى موجودة هِنا طيّب.

-هو في مكان مفيهوش ماوينتن ديو؟

-لا هنا هتلاقي سيفن.. شاي.. بيبسي.. وبعدين نبقى نشوف مكان نِفطَر فيه.

 

انا كُنت ببتِسِم وانا بَبُصّلها والحوار اللي كان بينا بيتعاد كأنّه لسّه حاصِل دِلوَقت، لحد ما صوت واحد كان بيصرُخ قَلَب المكان كُلّه، كان بيقول...

-قتيل!

رغم انّي اترعبت، لكن مكَنش أكتر من الرّعب اللي حسّيته على "مروة"، المكان اتقَلب والناس جريِت، الصوت اللي بيصرُخ كان جاي من الحمّام، وقَفت في مكاني وجِسمي متكَلبِش في بَعضُه، كُنت شايف الناس بتجري وبتنزل على سلّم الكافيه، واطّمنت شويّة لمّا شوفت "مروة" نازلة على السلّم معاهم، قرَّبت من الحمام وشوفت المنظر اللي انا ارتكبته، الشاب غرقان في دَمّه والدُّنيا كُلّها دَم، بَس مُش عارف ازّاي لقيت نَفسي واقِف في مكاني عادي ومفيش دَم على إيدي، ساعِتها، افتكَرت الشَّبح، الجَانب العِدواني اللي فيا!

 

(3)

مَكدِبش عليكم، كُنت خايف من اللي جاي، خايف من الجريمة اللي انا ارتكبتها، برغم من إنّي معدتش متأكّد من انّ انا اللي ارتكبتها فعلًا ولا لا، بَس انا فاكر كل تفاصيل الجريمة، بَس الغريب انّي لقيت نفسي بعيد عنها والدم رايح من فوق إيدي، لَكن اللي بقيت متأكّد منّه دلوقت هو انّي خايف من نفسي.

 

انا قرَّرت اتابع الموضوع من بعيد لبعيد، كُنت بقطع الطريق دَه كُل يوم مخصوص عشان اروح عند ماركِت مروان، اشوف الحكاية وصلت لفين، بَس اللي كُنت بلاقيه انّ الماركِت مقفول بعد الحادثة، ودَه شيء طبيعي، بَس سِمعت اتنين بيتكلّموا مع بعض قُدّام الماركِت...

 

-جريمة غريبة.. حاجة كِدَه تتشاف في فيلم.. ومتتصدَّقش كمان.

-لحد دلوقت مُش عارفين مين اللي عمل في الولد كِدَه.

-لا وشوف الحظ.. الكاميرات في الماركِت والكافيه عطلانة من قبل الجريمة بيومين.

 

-لو الكاميرات كانت شغّالة كان زمان القاتل اتمسك في يومها.

يِمكن دَه حظّي، ويِمكن دَه حَصَل عشان منتظرني مصير أسوأ من اللي انا عامل حسابي عليه، بَس مُش مهم، اللي يحصل يحصل، انا متحمّلتوش يبُص ناحية "مروة"، هعمل ايه انا يعني في طابعي!

البلد كُلّها كانت بتتكلّم في الموضوع، حاجة جوايا كانت عايزة تتطمّن، مُش يِمكن كُل اللي بيحصل معايا ده هلاوس، يعني انّي اشوف نفسي برتكب جريمة قتل وفي نفس الوقت الدم يروح فجأة من على إيدي، يمكن انا مهزوز نفسيًّا شويّة عشان "مروة" بعيد عني، عشان كِدَه الخوف من انّها تبعد أكتر بيخلّي عقلي الباطن يتخيّل الحاجات دي.

 

بس برغم كِدَه حبّيت اتطمّن أكتر، روحت عند قِسم الشُّرطة، قرَّبت منّه وعملت انّي مستني توكتوك، كُنت مستني اسمع أي حاجة، وفضِلت واقف لحد ما لقيت عسكري خارج من القِسم، وكان بيكلّم عسكري زميله، ويصادف انّه بيكلّمه في الجريمة، وبيقولّه...

 

-يا أخي القاتِل دَه فَصّ ملح وداب.. بَس هيروح فين.

حسّيت انّي تايه ومُش فاهم حاجة، هو لو انا قتلت فعلًا، الدَّم اللي على إيدي راح فين؟!

 

انا كُنت عامل حسابي اسلّم نفسي في الآخر، بَس دَه مُش هيحصل قبل ما "مروة" تكلّمني وتبقى معايا من تاني، وساعتها هعترفلها بحاجات كتير، وهتعرفلها برضو انّي انا اللي ارتكبت الجريمة دي عشان غيرتي عليها، انا بحبها حُبّ جنوني، حُب مَرَضي، سمّوه زي ما تسمّوه، وهفكّرها برضو انّي من البداية قولتلها...

 

-ابعدي عن أي حاجة تخليني أغير عليكي يا "مروة".

بَس انا سيبت كُل دَه للوقت المُناسب، واستغلّيت انّي جنب محطة السكة الحديد، مشيت الكام خطوة لحد ما وصلت لرصيف المحطة، وقطعت تذكرة خط (البُصيلي – القصّابي بحري 4205)، وانتظرت القَطر لمّا وصل المحطة.

 

القَطر وصل بالظبط الساعة 9:35 دقيقة، ركبت القَطر وقعدت في أول كرسي جنب الباب والشّباك على يميني، بعد دقيقتين القَطر اتحرَّك، عدّيت محطّات كتير (الخيرية – السعادة – الداويدة.... لحد ما وصلت للقصابي) وهناك نزلت من القَطر، الساعة كانت 10:05 دقايق، بَصراحة دَه مُش طريقي، بَس تفسيري الوحيد اللي خلّاني اعمل كِده انّي كُنت بهرب من خوفي، بَهرب من نفسي وكأنّي حَد غريب معُدتش فاهمه.

 

لمّا خرجت من المحطّة مكُنتش عارف هروح فين، حتّى مكانش عندي الجُرأة انّي اسأل حد عن أي حاجة تدلّني ازّاي اوصل للموقف، كُنت ماشي وعندي احساس انّ كلها شوية وقت وهينزل منشور عليه صورتي زيّ سفّاحين زمان ومكتوب تحت الصورة (wanted) ، عشان كَدَه كُنت خايف اقرّب من أي حد.

 

الليل بيقرَّب، أو انا اللي بيتهيَّألي كِدَه، ماهو انا من بقالي فترة مُش فاهم نفسي ولا فاهم أي حاجة بتدور حواليّا، كُل اللي بفكّر فيه انّ ازاي كُل حاجة بيني وبين "مروة" ترجع لطبيعتها تاني.

الجَو بيبرَّد، النّاس بتختِفي من الشوارع، البيوت اللي حواليا بتختفي، معدش موجود حواليّا بس غير بوابة كانت على إيدي اليمين، لونها أخضر باهت، كُلّها فراغات، ومكتوب فوقها "معهد القصابي الإعدادي بنين"، استغربت ليه كُل حاجة اختفت من حواليّا ماعدا البوابة دي، واستغربت كمان ازّاي شايفها رغم ان كُل حاجة حواليّا ضلمة لدرجة انّي مُش شايف إيدي.

 

ولَمَحت نور ورا البوابة، كان بيقرَّب منها، وانا كمان لقيت نفسي بقرَّب من البوابة وبمسك فيها بإيدي، بَس زي ما يكون في حاجة بتمنعني انّي اقرَّب منها، انا حاسس زي ما يكون في إيد أقوى منّي بتشدّني لِوَرا، لكن كان جوّايا إصرار غريب انّي اقرَّب، النور اللي ظاهر ورا البوابة دَه مُش غريب عليّا.

 

وفعلًا قرَّبت، برغم كُل حاجة كانت بتمنعني، والنّور كمان قرَّب، ومع الوقت لقيت النور دَه بيتشكّل بملامح "مروة"، ولقيتني بمد إيدي من فراغات البوابة وبقولّها...

-"مروة"!

ولقيتها التَفَتِت...

-نعم يا "مُحِب".

-مالك يا "مروة".. مكانِتش مُشكلة حصلت تخلينا نِفتِرق.. من يوم ما بقينا سوا واحنا بنختِلِف.. بَس بندوس على أي حاجة وبنِرجَع.. انا في الأوّل والآخر ماليش غيرك.. مَبقاش عندي أصلًا حاجة بَعدِك.

-انت يا "مُحِب" عَندَك حُب السيطرة.. عايز تِمتِلِك اللي معاك وتِلغِي شخصيّتها.

-وليه متقوليش انّي بحبّك بجنون وبخاف عليكي.. انتي نفسِك بتخلّيني احسّ انك بتمتلكيني وانّي ماليش سُلطة على نفسي أحيانًا.. وانا بكون مبسوط انّ بييجي عليكي وقت بتعملي كِدَه.. عُمري ما فسَّرت تصرّفاتِك على إنّها حُب سيطرة وامتلاك.

-بَس أنت كُنت طول عمرك متهوِّر يا "مُحِب".

-ليه بتسميه تهوّر؟ كُل الحِكاية انّك لازِم تِبقي واقع.. أنا واجِهت بيكي الدُّنيا.. دَه حَقّك اللي تِستحقّيه.. انتي ماينفعش تِبقي في الضِّل.. انتي لازِم تِبقي شَمس منوَّرة في حياتي تزغلل عين أي حد يبُص ناحيتي.

-ده تهوّر يا "مُحِب".

-سمّيه زي ما تسميه.. متفكّريش إن الطريق مليان وَرد.. أنا عارف ان الطريق طويل ومليان مهالك.. بَس اختَرت امشيه عشان عارف انّي هوصلّك في نهايته.

انتظرتها ترُد عليّا لكنّها كانت بتبُصّلي وساكتة، وقتها قولتلها...

-انتي إيه اللي دخَّلك جوّه البوّاية؟

ولقيتها بترُد عليّا بسؤال شبَه اللي سألته...

-إيه اللي خرَّجك انت برَّه البوّاية؟!

 

حالة جنون كانت مسيطرة عليا لمّا حسّيت انّي مُش فاهم سؤالها ولا فاهم حاجة، مِسكت البّوابة بإيدي وفضِلت اهزّ فيها، البوّابة كانت هتتخلع في إيدي، كُنت مستغرب انا جِبت القوّة دي كُلّها منين، نَفس حالة الغَضب اللي سيطرت عليّا وانا بقتل الشاب اللي حاول يضايقها في الماركِت، عشان كِدَه لقيتني بقولّها ممكن اعتراف؟

وساعِتها شوفت ابتسامتها اللي كانت وحشاني وهي بتقولّي...

-اعترِف.

-أنا اللي قتلت الشاب اللي حاول يضايقك في الماركِت.

ساعِتها ملامحها اتقلبِت وقالتلي...

-بَس انا محدّش ضايقني في الماركِت يا "مُحِب".. أنت وصل بيك الموضوع إنّك تتخيّل انّ حد ضايقني وتروح تقتله كمان!

-قولتلك من الأول ابعدي عن أي حاجة تخليني أغير عليكي.

-أنت مجنون يا "مُحِب".. مجنون.

-مجنون عشان بغير عليكي؟

-بتغير عليّا من إيه؟! وبعدين أنت جيت ماركِت مروان امتى وازّاي؟!

-أنا كُل يوم هناك وانتي ولا كأنّك شيفاني!

-مُش بقولّك أنت اتجنِّنت يا "مُحِب"!

 

انفعالي كان أكبر من إنّي أسيطر عليه، مِسكت البوابة بإيدي وقولتلها...

-افتحي البوّابة دي يا مروة.. افتحي.

 

ولقيت ملامحها بترجع لحالتها اللي كانت عليها، تفاصيلها اختلفِت ورجعِت على هيئة نور تاني، وانا حسّيت بالقوة اللي منعتني من انّي اقرّب من البوابة بتاخدني، بس المرة دي أنا ضعيف، مقدِرتش اقاوم، لقيت إيدي بتفلِت من البوابة، ونور "مروة" ورا البوابة بيبعد، حاولت اقاوم لكن ملقيتش عندي القُدرة انّي أعمل دَه، بَس وانا بستسلم للقوة اللي بتشدّني كُنت سامِع صوت "مروة" جاي من بعيد، كانت بتقولّي...

 

-البوابة اللي بقت بيني وبينك مينفعش تتفتح يا "مُحِب".

والبوابة اختَفِت زي ما كُل حاجة اختفت من حواليا، فكّرت كتير في القَدَر اللي خلّاني آجي هِنا، واللي خلّاني أقابِل "مروة" واكلّمها في مكان بعيد عن مكانها بحوالي نُص ساعة بالقَطر، بَس مكانش فارِق معايا المكان، ولا الطريقة اللي خلّتني أقابلها واكلمها بيها، بَس اللي كان فارق معايا البوّابة، انا ليه بقى بيني وبينها حاجز؟! يِمكن دَه حاجز الزَّعل اللي بيني وبينها في الفترة دي؟! أو يِمكن ده حاجز أنا عملته عشان احميها من الشَّبح اللي جوايا، واللي مبقتش عارف اسيطر عليه!

 

بَعد ما كُل حاجة اختفت من حواليا معَدش فيه غير ضلمة، مفيش صوت حواليّا، ولا أي حاجة أعرف منها انا فين، أنا فعلًا في الفترة الأخيرة بقيت بحِسّ بالتّيه، تايه في مكان مُش عارف هو إيه ولا امتى ولا ازّاي وصلتلُه.

***

 

(4)

عارِف إحساسك زي ما تكون في مسرح، الإضاءة مطفية، وانت المُتفرّج الوحيد اللي قاعد مستني الستارة تِفتح، وفجأة تلاقي خيط نور قُدّامك بيظهر، وبيبدأ النور يملا المكان، أخيرًا، الستارة اتفَتَحِت.

 

بَس اللي على المَسرح قُدّامي دلوقت ماركِت مروان، قاعِد بتفرَّج على كُل حاجة بتِحصل فيه، مَكَنش في أي حاجة غريبة ولا كأنّي عملت حاجة، الماركِت شَغّال والكافيه برضو شغّال فوق، الناس بتضحك، مشهد عادي زي اللي ممكن تشوفه في أي مكان محصلش فيه جريمة قتل ولا المفروض يكون فيه أي نوع من الخوف، ولقيتني بمسك في سنّادات الكُرسي اللي انا عليه، جِسمي بيتهزّ من اللي انا شايفُه قُدَّامي، حاولت اسند على كُرسي من الكَراسي اللي جَنبي، بَس لقيت صالة المَسرح فاضية، واللي لاحظت ساعِتها انّ الصالة مفيهاش غير الكُرسي اللي انا عليه بَس، أنا المُتفَرِّج الوَحيد!

 

بَس اللي قُدَّامي دلوقت أغرب حاجة مُمكن أشوفها في حياتي كُلّها، الشاب اللي انا قتلته، موجود في الماركِت من تَحت، بيشتري شيبسي، وبيطلع على السلم تاني للكافيه، لابِس هدوم شُغله، وبيحُط كيس الشيبسي على بَار الكافيه وبيروح يشوف طلبات الزباين عادي!

 

ولقيتني شايِف "مَروة" وهي نازلة من التوكتوك قُدّام الماركِت، وبتدخُل تشتري شيبسي وليتشي كيوي نعناع، وبتاخدهم وبتطلع الكافيه فوق، وبتُقعد على نفس الترابيزة اللي دايمًا بتقعد عليها، وبتِمسِك موبايِلها، وبتِسرَح، وشويّة، ولقيت نفس الشاب بيقرّب منها، كلّمها، وهي هزَّت راسها وابتسمِت، وسابها ومشي ومفيش دقيقتين لقيته راجعلها بإزازة مايّه، حطّها قُدّامها على الترابيزة ومشي.

 

طيّب كُل اللي حَصل الفترة اللي فاتت فين؟ الشّاب دَه أنا قتلتُه بإيدي، والدُّنيا كُلها كانت بتتكلّم عن الجريمة، هو معقول أكون وصلت للمرحلة دي من الهلوسة؟! معقول يكون بُعد "مروة" عنّي يخلّيني اتجَنّن؟!

 

يعني أنا مُش قاتِل؟

طيّب أصدَّق مين؟ الجريمة اللي ارتكبتها بإيدي والناس بتتكلّم عنها ولا اللي شايفُه على المَسرَح قُدّامي؟

انا ازّاي مُنفَصِل عن كُل اللي بيحصل قُدّامي؟

 

سألت نفسي السؤال دَه وانا بقوم من على الكُرسي وبروح ناحية المَسرح، الأرض تحت رِجلي ليّنة لدرجة كانت مخوّفاني وخلّتني برتِعش وانا ماشي، لحد ما وصلت للمَسرح، مَفيش سلّم اطلع منّه على الخَشبة، بَس لقيت نَفسي بامسِك بإيدي، وبكُل قوّتي بَطلع، برغم انّ في حاجة كانت بتشدّني، نَفس اللي كان بيحصل عند البوابة، بَس انا كان عندي الإرادة المرّة دي إنّي أكون جُزء من الأحداث اللي بتحصل قُدّامي، مُش مجرّد مُتفرّج.

 

مفكّرتِش كتير، انا لقيت نَفسي فوق المَسرح، وبدخُل الماركِت، وعلطول بطلع السلالم لحد الكافيه، قابلني الشاب اللي قتَلتُه، بنفس الهدوم اللي كان لابسها ونفس كُل حاجة، بصّيتلُه واتأكّدت انّه هوّ، كان عايش وسليم مفيهوش أي حاجة! مَشغلتِش بالي ولا حاولت افسّر دَه حَصل ازّاي، أكيد هلاوس، أنا حاسس نفسي في الفترة الأخيرة غريب.

 

كان كُل هدفي انّي اروح عند "مروة"، المرّة دي مُش هقعُد ابُص عليها من بعيد، وفعلًا دخلت صالة الكافيه، ولاحظت واحد قاعد على نفس الترابيزة اللي كُنت بقعد عليها وبطلب الشّاي اللي من غير سُكّر، وبيدور بينه وبين الشّاب اللي قتلته نَفس الحوار اللي كان بيدور بينا قبل ما اقتله وهو بينزّل لُه الطلبات، انا كُنت حاسس انّ انا اللي بتكلّم!

 

كُل دَه برضو مَهمّنيش، رَميت كُل حاجة ورا ضَهري وقرَّبت من "مَروة"، المَرّة دي مقعدتش قُدّامها ولا حاولت اكلمها، أنا وقفت وراها، وبصّيت في موبايلها عشان اشوف هي سرحانة في إيه، بَسّ اللي لقيته، صَدَمني انا قبل ما ممكن يكون صدمة بالنسبالكم.

لقيت "مَروة" فاتحة صفحتي على فيس بوك، اللي كانت صورة بروفايلي فيها عليها شريط أسود، مكتوب عليها "إنّا لله وإنّا إليه راجعون"، والصورة كان آخر تحديث ليها من سنة تقريبًا.

 

حاولت اسيطر على نفسي، وإلى حدٍّ ما نَجَحت في دَه، أنا عاوز أعرف امتى دَه حَصل وازّاي يحصل أصلًا وانا موجود هنا جنبها!

كانت بتلِف في الصفحة، وانا عيني في موبايلها، هي مُش مُنتبهة ليّا، كانِت بتُقف عند كُل بوست حد من الأصدقاء كان مشاركُه معايا، كان البوستات كُلّها عبارة عن "مع السلامة يا مُحِبّ"، "هتوحشني يا صاحبي"، "ليه كِدَه أنت لسّه مكلّمني من كام ساعة!"، كان كُل الرّيآكتات على البوستات أحزنني، بَس اللي لاحظته ان "مَروة" مشاركِتش مع صفحتي أي حاجة!، بَس انا فاكِر انّي كُنت عاملّها صلاحية إدارة حسابي بعد وفاتي بدون ما هي تِعرف.

 

أنا مُش مُندهش من اللي شايفُه قُدّامي، أنا بَس مُش عارف لحد دلوقتي أنا ازّاي مُت!

كُنت متابع "مروة"، كانت بتقلّب لحد ما وصلت لفيديو، الفيديو دَه هو اللي فَسّر لي كُل حاجة.

 

أخويا كان عامل عنّي فيديو من أوّل ما الحادثة حصلِت لحد ما اندَفَنت، الفيديو كان بادئِ بصورة عربيتي وهي متدمّرة، وانا جنبها على الطريق والأرض حواليا كُلّها دَم، والطريق واقِف، وفجأة المشهد في الفيديو اتغيّر، واتعَرَض مشهد تابوت في سيارة إكرام الموتى، كان رايح على المطار، عشان يتشحن على مطار القاهرة، كان اخويا المُرافِق بتاعي، صوته كان ظاهر في الفيديو، وبعد كِده المَشهد اتغيّر، والفيديو عَرَض مَشهد التابوت وهو خارج من مطار القاهرة، وبيدخُل السيارة اللي هتوصّله لحد مسقط رأسي.

 

والفيديو انتهى بمشهد الجنازة، أنا أوّل مرة أعرف ان مُمكن ناس بالعدد دَه تِفتكِرني وتطلع ورايا، أصل انا اتغرَّبت سنين طويلة ومكُنتش باجي كتير، بَس دي كانت أكتر حاجة نِفسي انّها تِحصل، غير أمنيتي انّي كان نفسي اكون انا و "مروة" مع بَعض!

بَس الفيديو انتهى بصوت اخويا وهوّ بيقول "كان عاوز يشتري مقابر بأي طريقة.. كأنّه كان حاسس إنّه أوّل واحد هيدخُلها"! .. أنا في الآخر.. بَشكُر أخويا على الفيديو دَه.

***

 

(5)

كِدَه أنا فِهمت، أنا حَصَل بيني وبين "مَروة" زعل كبير بعد ما سافِرت، وانا لمّا هي بتغيب عنّي بتبقى الدُّنيا ضلمة حواليّا، وافتَكَرت انّي خَرَجت في يوم بَدري، كُنت بفضّي الغَضَب اللي جوايا في الطريق، كانت "مَروة" دايمًا تقولّي سوق بالرّاحة، مَتِمسِكش التليفون وانت سايِق، وانا ساعِتها كُنت سايِق بجنون، كان عدّاد السُّرعة واصل 240 كيلو في الساعة، وانا كُنت بجري ومُش هاممني رادارات ولا مخالفات، أنا كان جوّايا إحساس قوي، إنّها آخر مرّة هسوق فيها.

 

وفجأة سِمعت صوت مُرعب، ولقيت بَعدها فردِة الكاوِتش بتطير من مكانها وبتسبق العربية، وبعدها العربية بتتقلب، بعدها حسّيت بخبطة يِمكن أقوى من إن أي حد ممكن يتحمّلها، عيني غمّضت غصب عنّي، وآخر حاجة حسّيت بيها كانت حديد العربية وهو بيعدّي من جِسمي، وبعد كِده، مبقِتش هِنا.

 

دِلوقت عرِفت ليه "مروة" مبتسمعنيش، وعرفت ليه باجي هِنا وبخرُج من مكان لمكان مالوش ملامح، مُش عارف هوّ إيه، دُنيا ضَلمة مفيهاش أي مظهر حياة، بَس مُش عارف ليه لمّا بخرُج من هنا وارجعلها بحسّ انّي مخنوق، يِمكن عشان دخلتها وانا مخنوق والدُنيا ملطّشة معايا بسبب غياب "مروة" عنّي.

 

انا فاكر لمّا كُنت بقول لـ "مروة" إن حتى الموت مُش هيبعدني عنّك، بَس مكُنتش أعرف انّي مُمكن أشوفها من العالم اللي انا روحته واقرّب منها ومعرفش اتواصل معاها، ولا هي تحِس بيا ولا تِسمعني، ومُش قادِر أوصِف ازّاي الإحساس دَه أصعب من الموت نَفسه، وأصعب من الأحاسيس اللي انا عايشها هِنا.

 

انا باجي من العالم اللي سافِرت لُه السَّفر النهائي، اللي مفيش منّه رجوع، أو عشان يكون كلامي دَقيق روحي هي اللي بتيجي، وبتحضر في أكتر مكان هي بتحب تكون موجودة فيه، وفي نفس الوقت اللي بتوصل فيه بَرضو، أنا دِلوقت عرفت إن اللي بيحب بجد، بيدوّر على أي طريقة يطمّن بيها على الإنسان اللي بيحبه، حتّى لو بقى من الأموات.

 

وفهِمت ليه انا لمّا اتكلّمت مع مروة كان بينا بوّابة، وكان في حاجة بتمنعني من إنّي اقرّب من البوابة، عرفت انّ البوابة دي هي الحاجز اللي بيفصلني عن عالمها، اللي هو كان عالمي قبل ما اجي هِنا، عشان كِده معرفتش أعدّيه، ولا هي عرفت تعدّي منها، بَعد الشّر عليها طبعًا، وفهمت ليه كانت بتقولّي "البوابة اللي بقت بينا معادتش تنفع تتشال".

 

وفهمت ليه انا قتلت الشّاب اللي اتخيّلت انه حاول يضايقها، انا كُنت ببقى زي المجنون فعلًا لما بغير عليها، وأعتقد إنّي لو كُنت موجود في الدنيا وحَصل حاجة زي دي قُدّامي مكنتش هتردد ابدًا إنّي آخد روح أي حد يضايقها، يعني انا برضو مطلعتش بهلوس ولا حاجة، أنا خرجت من الدُّنيا وانا بكامل قوايا العقلية.

 

أنا هفضل اجي اطّمن على "مروة"، في نفس الوقت ونفس المكان، بَس اتمنّى ماتنسانيش، لأنّ الروّح مُش بتنسى، وانا خَرجت من الدُّنيا وروحي متعلّقة بيها، عَشان كِده روحي هتفضل تيجي المَكان دَه، "ماركِت مروان"، أوّل مكان اتقابلنا فيه، وكفاية انّي قادِر من العالم بتاعي دلوقت أطمّن عليها، واشوفها، حتّى لو هي مُش شيفاني، ولا سمعاني، أنا كان كُل هدفي وانا في الدُّنيا انها تكون قُريّبة، وانا مبسوط جدًّا إن الموت نفسه مقدِرش يمنع دَه، وقدِرت اوفّي بوعدي معاها لمّا قولتلها إن حتى الموت مُش هيبعدني عنّك، كان معكُم "مُحِبّ/ ادعولي".

***

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↑1الكاتبمدونة محمد شحاتة
4↓-1الكاتبمدونة اشرف الكرم
5↓الكاتبمدونة ياسمين رحمي
6↓الكاتبمدونة حاتم سلامة
7↓الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
8↑1الكاتبمدونة آيه الغمري
9↑1الكاتبمدونة حسن غريب
10↓-2الكاتبمدونة ياسر سلمي
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑31الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني203
2↑22الكاتبمدونة مها اسماعيل 173
3↑14الكاتبمدونة مرتضى اسماعيل (دقاش)205
4↑11الكاتبمدونة منال الشرقاوي193
5↑5الكاتبمدونة كريمان سالم66
6↑5الكاتبمدونة خالد عويس187
7↑4الكاتبمدونة نجلاء لطفي 43
8↑4الكاتبمدونة غازي جابر48
9↑4الكاتبمدونة سحر حسب الله51
10↑4الكاتبمدونة نهلة احمد حسن97
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1079
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب695
4الكاتبمدونة ياسر سلمي655
5الكاتبمدونة اشرف الكرم576
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري501
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني426
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين417
10الكاتبمدونة شادي الربابعة404

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب334240
2الكاتبمدونة نهلة حمودة190387
3الكاتبمدونة ياسر سلمي181745
4الكاتبمدونة زينب حمدي169875
5الكاتبمدونة اشرف الكرم131087
6الكاتبمدونة مني امين116825
7الكاتبمدونة سمير حماد 107959
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي98068
9الكاتبمدونة مني العقدة95145
10الكاتبمدونة حنان صلاح الدين91987

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة عطا الله عبد2025-07-02
2الكاتبمدونة نجلاء البحيري2025-07-01
3الكاتبمدونة رهام معلا2025-06-29
4الكاتبمدونة حسين درمشاكي2025-06-28
5الكاتبمدونة طه عبد الوهاب2025-06-27
6الكاتبمدونة امل محمود2025-06-22
7الكاتبمدونة شرف الدين محمد 2025-06-21
8الكاتبمدونة اسماعيل محسن2025-06-18
9الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني2025-06-17
10الكاتبمدونة عبد الكريم موسى2025-06-15

المتواجدون حالياً

609 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع