هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • لو جيت وقلت ف يوم ...
  • تجارب النضج
  • ذو الحجة… شهر النفحات والاستعداد للعيد الأكبر
  • حكم دار عصير الكتب
  • أحاسيس الأبرياء..
  • هُدنة مع العدم
  • تغريد الكروان: ثورة
  • مخاض الكلمات
  • لقاء عابر
  • ذلك الخبر ..
  • دعني أُحبُّك في صمت!
  • حبآ بلا منازع..
  • منك لله يا قابيل - سيرك ولاد الحلو - تيجي نلعب استغماية - خلاويص؟ لسسسه
  • اللامنتمى 
  • المرايا..
  • غرام بالصدفة
  • الصداع النصفي .. والاستخدام الآمن لأدوية العلاج والوقاية
  • النصيب .. تعرفوا معناه ؟!
  • القايمة في مصر
  • لا تُراهِنْ
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة محمد شحاتة
  5. ليلة القمر الأحمر

 معرفش ليه قلبي كان مقبوض في الليلة دي، وهي أول ليلة أستلم فيها شغلانتي الجديدة؛ غفير على بوابة مستشفى في بلد جنبنا. وبالمناسبة؛ الشغلانة دي انتظرتها كتير، وما صدَّقت إن جواب القوى العاملة وصلني، ودي كانت دي الشغلانة اللي من نصيبي.

المستشفى كان فيها جوز بوَّابات، بوابة رئيسية على الطريق، وبوابة خلفية بتفتح على منطقة فاضية بعدها أراضي زراعية وقُرى، ومن ناحيتها كان موجود مبنى قديم من مباني المستشفى مقفول من فترة طويلة، وهي دي البوابة اللي استلمت شغلي عليها، ومهمتي إني أكون موجود طول الليل وأتابع اللي داخل وخارج منها. استغربت إن شغلانتي جاية على بوابة المفروض إنها مش رئيسية ولا المبنى اللي ناحيتها شغَّال، بَس لمَّا سألت عم طلبة الغفير اللي على البوابة الرئيسية وأنا بستلم الشُّغل، عرفت إن البوابة دي بتدخل منها أي حالة حرجة بتيجي من القُرى، ودَه من خلال طريق تُرابي مُختصر وسط الأراضي. 

البوابة كان جبنها أوضة صغيَّرة للغفير، تبعي يعني، سحبت الدِّكة الخشب اللي كانت جوَّاها وحطيتها جنب البوابة، بعدها قعدت وسندت ضهري على حيطة الأوضة، المنطقة هادية ومفيش غير صدى صوت مكاين الرَّي اللي جاي من بعيد، والمبنى اللي جنبي ضلمة ومفيهوش أي حركة، رفعت وشّي لفوق وأخدت نَفَس عميق، ومن هنا كانت بداية القبضَة اللي حسيتها في قلبي، لأني في الوقت دَه شُفت القَمر باللون الأحمر، ومعرفش إزاي ظَهر فجأة في الشكل ده!

حسيت إن النَّفَس اتكتم في صدري، اتنفضت من على الدكة وقُمت من مكاني، وقفت وأنا مبحلق في القَمر ومستغرب شكله، لكن كل ده راح من دماغي لمَّا لمحت نور أبيض بيقرَّب من بعيد. النور كان جاي من بين الأراضي الزراعية، ومع الوقت اكتشفت إنه نور عربية، ومفيش خمس دقايق ولقيت العربية بتقرَّب من البوابة، الخوف اللي جوّايا ثبّتني في مكاني، فضلت في حالة الجمود اللي سيطرت عليا؛ لحد ما بيبان العربية اتفتحت ونزل منها شخصين، واحد منهم كان شايل ولد على كتفه وهدومه غرقانة دم، الولد مكانش سنة صغيَّر، لكن الحالة اللي فيها خلَّت الشخص ده يشيله بالطريقة دي. بدأوا يجروا ناحية بوابة المستشفى، كل ده كان بيحصل وأنا أعصابي هربانة من جسمي، ولمَّا قربوا من البوابة لقيت الشَّخص اللي شايل الولد على كتفه بيصرخ فيا وبيقول لي:

-الدكاترة فين؛ الواد هيروح منّنا.

كان بيكلّمني والولد بيتنفض على كتفه زي الفرخة المدبوحة، ولأن الموقف كان صعب عليا وبتعرَّض له للمرة الأولى؛ حسيت إن لساني تقيل في الكلام، لقيت نفسي بفكَّر أرُد عليه إزاي، بَس اتضح لي إن في المواقف اللي زي دي محدّش بينتظر اللي قدامه يفكَّر، ودَه فهمته لمَّا لقيت الشخص اللي معاه سحبه من دراعه ودخلوا من البوابة، ومن بعدها دخلوا الممر اللي بيوصَّل لمبنى المستشفى اللي فيه الأطباء.

مَنظر الولد خلاني أرتجف، رجليا مكانتش شيلاني وأنا شايفه سايح في دمه وبوقه بيجيب دَم، بَس لقيتني بقول لنفسي: "جمِّد قلبك أومَّال يا مجاهد، أنت بتشتغل غفير على بوابة مستشفى مُش واقف على باب سيما، يعني هتشوف كتير من دَه، اللي هييجي غرقان في دمُّه واللي هييجي محروق أو مخبوط في حادثة، يعني لازم تتعوِّد على كل ده".

التواصل بيني وبين نفسي انقطع بمجرَّد ما حسيت إن لون السما بيتغيَّر، رفعت وشّي لفوق عشان أشوف إن السما مفيهاش نجوم، وجايز دَه السبب اللي خلّى لون الليل بقى عتمة أكتر من الطبيعي، والغريبة إن لون القَمر بقى داكن أكتر من الأول، معرفش ليه حسّيت إنه وعاء شفّاف مليان دَم، قلبي اتقبض بزيادة، بَس نور العربية اللي ضرب في عيني فجأة شتِّت تركيزي وخلاني أفتكر الاتنين اللي دخلوا المستشفى بالولد، لأنهم انشغلوا بالولد وسابوا العربية دايرة ونورها والع.

سيبت البوابة ورجلي أخدتني لحد الممر اللي بيوصَّل لمبنى المستشفى اللي شغَّال، مشيت بخطوات سريعة لحد ما وصلت عند البوابة الرئيسية، هناك مدخل المبنى اللي المفروض يكون فيه الولد.

بمجرَّد ما وصلت لقيت عم طلبة غفير البوابة الرئيسية بيندَه عليا، غيّرت خط سيري ورُحت عنده وعيني مفارقتش باب المبنى، بَص لي من فوق لتحت باستغراب وهو قاعد على الدّكة وقال لي:

-سايب مكانك وجاي ليه يا مجاهد؛ في مشكلة حصلت؟!

-مفيش مشاكل ولا حاجة، كل الحكاية إني عاوز أطّمن على الولد اللي دخل من شوية وكان غرقان في دمه.

لمَّا قُلت له الكلام ده قام من مكانه، قرَّب مني وهو بيحاول يفهم أنا بتكلم عن مين وسألني:

-ولد مين دَه اللي بتتكلم عنه؟

-الولد اللي لسه داخل دلوقت، اتنين من أهله جابوه من ناحية الأراضي اللي ورا المستشفى سايح في دمه وبوقه بيطفح دَم. دَه حتى عربيتهم لسَّه واقفة دايرة هناك عند البوابة.

-بقول لَك إيه ما تحيَّرنيش معاك، الممر اللي بين البوابة الخلفية والبوابة دي نهايته عندي، يعني لو في حد دخل منُّه كنت شُفته.

-جايز كنت هنا ولا هنا ومأخدتش بالك منهم.

-محصلش، أنا من وقت ما سلِّمتك الشغل وأنا قاعد في مكاني متحرَّكتش، وكل الحالات اللي دخلت المستشفى من البوابة الرئيسية، مفيش جِنس مخلوق دخل من الممر من ناحية البوابة اللي أنت عليها.

معرفش ليه حسّيت إني تايه، كلامه عمل لي صدمة، بَس لأن الموقف حصل معايا قرَّرت أجادله، عشان كده قُلت له:

-أنا متأكد من كلامي، زمانك كنت مشغول في حاجة ومأخدتش بالك.

-يابني الله يرضى عليك روح على بوابتك، دَي أول ليلة ليك في الشغل، متعملش مشاكل، بلاش حد يشوفنا سايبين شغلنا وواقفين نتكلم. 

عيني زغللت بلون أحمر داكن، رفعت وشّي للسما، وزي المرَّة اللي فاتت، شُفت صفحة السما عبارة عن مساحة عتمة باللون الأسود مفيهاش نجوم، مفيش غير القَمر اللي حسيت إن اللون الأحمر اللي جوَّاه بيتحرَّك، زي ما يكون جوَّاه سائل أحمر بيغلي، لكن صوت عم طلبة خلاني أنزِّل عيني من عليه لمَّا قال لي:

-يابني أنت مخاوي ولا مجنون ولا إيه حكايتك بالظبط، مالك مبحلق في السما كده ليه؟

معلَّقتش على كلامه، كل الحكاية إني رفعت إيدي لفوق ناحية القَمر وقُلت له:

-القَمر ماله كده يا عم طلبة؟

ومن غير ما يرفع عينيه سألني:

-مال القَمر ماله، ماجيناش على باله، ماله القَمر يا عم محمد فوزي؟

برغم تريقته عليا ردّيت عليه وقُلت:

-القَمر لونه أحمر كأنه مليان دَم!

قُلت له الكلام ده وأنا ببُص في وشََّه بتحدي ورافع إيدي ناحية السما، ساعتها بَص لفوق وبعدها بَص لي وهو بيبتسم وقال لي بنبرة كلها سخرية:

-هي حاجة من الاتنين، أنت يا إما مبرشِم، يا إما مجنون أو مخاوي وبتشوف حاجات ملهاش وجود. 

لحد هنا رفعت عيني لفوق، ساعتها حسّيت بصدمة حقيقية، القمر كان طبيعي، لساني اتلجلج ومقدرتش أنطق بكلمة، فضلت ساكت لحد ما عم طلبة هو اللي كمل كلامه وقال لي:

-روح يا مجاهد على بوابتك وفتَّح عينك، الحتة هناك مقطوعة، جايز حاجة تحصل كده ولا كده.

أخدت بعضي ودخلت الممر ومشيت ناحية البوابة اللي بشتغل عليها، قرَّرت أقعد في مكاني وأنتظر خروج حد من اللي كانوا مع الولد، بَس لمّا وصلت عند البوابة اتخشِّبت وجسمي تلِّج، وده لأني ملقتش العربية قدام البوابة!

محسِّيتش بنفسي غير وأنا بفرُك عيني ومش مصدَّق إن العربية مُش موجودة، أنا واثق إني دخلت المستشفى والعربية موجودة قدام البوابة ونور كشَّافها والع، ولحد ما رجعت مفيش حد من اللي كانوا مع الولد خرج من مبنى المستشفى، بَس قُلت لنفسي: جايز يكون حد استغل إن العربية موجودة في المكان المقطوع دَه ودايرة، ولاحظ إن مفيش حد على البوابة وسرق العربية.

تراجعت عن الفكرة دي بمجرَّد ما كلام عم طلبة اتردد في دماغي، لمَا قال إن مفيش حد دخل المستشفى من ناحية البوابة اللي أنا عليها، بَس نَفي فكرة إن العربية ممكن تكون اتسرقت خلى حيرتي تزيد أكتر؛ لأن وقتها الحكاية مش هتخرج عن حاجتين، يا إما أنا بهلوس وجرى في نافوخي حاجة، يا إما المكان هنا مسكون.

مكانش قدامي غير إني أقعد مكاني وأنتظر إيه اللي هيحصل. قعدت على الدكة وريَّحت ضهري على حيطة الأوضة، الوقت فات ومفيش حاجة اتغيَّرت، لا حَد دخل من البوابة، ولا حد من اللي شُفتهم داخلين مع الولد خرج، ولا العربية ظهرت، كل اللي حصل إن لون السما اتغيَّر، الضلمة بقت أشد من الأول، رفعت راسي لفوق وأنا عامل حسابي أبُص على القَمر زي ما عملت قبل كده، لكن المرَّة دي لقيت القَمر طبيعي، بس لقيت عيني بتروح في ناحية تانية خالص، المبنى القديم اللي غرقان في الضلمة، وأكيد عيني مراحتش ناحيته من فراغ، أنا عملت دَه لأني لمحت ضوء أحمر خارج من المبنى، ولمَّا ركِّزت أكتر؛ عرفت إن الضوء خارج من ورا شباك مكسور في المبنى.

من وقت ما استلمت الشغل وأوّل معلومة عرفتها إن المبنى قديم ومفيهوش أي حاجة ولا أي حد، وإن إدارة المستشفى من فترة طويلة نقلت كل الأجهزة اللي فيه للمبنى اللي ناحية البوابة الرئيسية، ودَه معناه إن مفيش أي مبرر لخروج الضوء الأحمر من المبنى، لأن مفيش أجهزة شغالة ولا حتى لمبة منوَّرة. وبرغم إن الضوء موجود قدام عيني ومتأكد منُّه زي ما أنا متأكّد من نفسي؛ لكني معرفتش أتصرَّف، مقدرتش أسيب مكاني وأقوم أشوف إيه الحكاية بعد اللي سمعته من عم طلبة، ولا قادر أروح أقول له على الضوء الأحمر اللي خارج من المبنى، خصوصًا بعد ما وقفت معاه وحكيت له عن الناس اللي دخلوا بالولد وسابوا عربيتهم دايرة قدام البوابة، لكنه أنكر كلامي، وبعدها اتضح لي إن العربية مش موجودة، ومش بعيد لو أخدني على قد عقلي المرَّة دي وساب مكانه عشان ييجي يتأكد بنفسه؛ لا يلاقي ضوء أحمر ولا أخضر، وساعتها هكون بأكّد على فكرة إني فعلًا مجنون أو مخاوي زي ما وصفني قبل كده.

قرَّرت أفضل مكاني لحد ما الليلة دي تعدِّي على خير، الوقت كان بيفوت ببطء، بَس ضربات قلبي زادت فجأة لأني لمحت شيء غريب عند المبنى. الشيء دَه كان عبارة عن خيال حد بيتحرَّك ورا الشباك، اللي بيحصل أخد كل تركيزي، أول حاجة جت في بالي إنه حد مستخبي جوَّه المبنى ومعاه ليزر، قُمت من مكاني وبدأت أتمشى ناحية بوابة المبنى، اللي بالمناسبة فيها درفة مخلوعة من مكانها، وقفت قدامها وبصيت جوَّاها، الضلمة منعتني أشوف أي حاجة، نَدَهت بصوت عالي وقُلت:

-مين اللي جوَّه المبنى!

كرَّرت سؤالي ومكانش بيرجع لي غير صدى صوتي، ومن وقت للتاني كنت برفع عيني ناحية الشباك، وبرغم إن الضوء الأحمر معادش بيظهر، لكن إحساسي بيقول إن في حد موجود ورا الشباك وبيبُص ناحيتي، وهنا بدأت أفكَّر إن حد من المستشفى بيحاول يعمل فيَّا مقلب من إيَّاهم، بما إني لسه غفير جديد والمبنى قديم ومهجور، معرفش ليه حسيت إن عم طلبة ورا الحكاية دي، وتفكيري أخدني للنقطة دي بسبب إنه اتعَفرت لمَّا شافني سايب البوابة وكان عنده إصرار غريب إني أرجع مكاني.

ركنت كل الأفكار اللي في دماغي ورجعت عند الأوضة اللي جنب البوابة، سحبت منها كشاف نور لمحته لمَّا دخلت الأوضة أول ما استلمت الشغل، أخدته وفتحت نوره واتحرَّكت ناحية بوابة المبنى، دخلت بدون تردد، لكن بَعد ما دخلت بكام خطوة وقفت في مكاني، ودَه بسبب إني حسيت بلفحة هوا زي الصَّهد، انتظرت لثواني عشان أتأكد من إحساسي، ساعتها أدركت إن درجة حرارة الجَو فعلًا عالية جوَّه المبنى.

ركَنت استغرابي على جنب وكملت بحذر، عشان أطلع الدور اللي فوق وأشوف حكاية الشخص اللي واقف ورا الشباك، وبمجرد ما وصلت لبداية السلم؛ لقيت نفسي بتخشِّب في مكاني من تاني، والمرَّة دي لأني لمحت ولد واقف عند نهاية السلم من فوق وفي إيده كيس دَم، نفس شَكل الأكياس اللي بيتبرّعوا فيها، وبمجرد ما لمحته نور الكشاف اللي في إيدي انطفى!

المبنى من حواليا اتحوِّل لقبر ضلمة، لفيت حوالين نفسي ومكنتش عارف الاتجاهات حواليَّا، ومع الضلمة درجة الحرارة زادت، وفي وسط كل اللي بيحصل نور الكشاف رجع من تاني، اتفاجئت إني واقف وشّي للسلم، ساعتها لمحت الولد واقف في نفس المكان، بلعت ريقي وحاولت أخفي نبرة الخوف من صوتي وسألته:

-أنت مين يا بني ودخلت هنا إزاي، وإيه كيس الدَّم اللي شايله في إيدك ده!

انتظرته يرد على سؤالي لكن بدون فايدة، دَه اللي خلاني أتكلم معاه تاني وأقول له:

-أنت بقى اللي دخلت المبنى وبتلعب بالليزر من ورا الشباك اللي فوق!  

قُلت الكلام ده وبدأت أرجع لورا وجسمي بيتنفض، قاومت الخوف اللي سيطر عليا عشان الكشاف ميسقطش في الأرض، كل دَه بسبب إن عين الولد نوَّرت فجأة وخرج منها ضوء أحمر، كان نفس الضوء اللي ظهر من ورا الشباك، فضلت مبحلق فيه وأنا راجع بضهري، خطواتي كانت تقيلة برغم إني حاولت أهرب من المكان بكل استطاعتي، بَس الصدمة خلَّت جسمي يتلِّج وحركتي تتشل تمامًا.

الولد اختفى، مع اختفاؤه نور الكشاف انطفى، وبرغم الضلمة حصلت حاجة مكنتش أتوقعها، درجة الحرارة رجعت لطبيعتها، وكأن ظهور الولد له علاقة بحرارة الجَو، مُش كده وبَس، دَه أنا لقيت حركتي بقت طبيعية والتكتيفة اللي كنت فيها اختفت، مفكَّرتش أفتح نور الكشاف من تاني، كل تفكيري إني أخرج من المبنى، وبالفعل خرجت وأنا معتمد على لَمس الحيطان بإيدي لحد ما وصلت للبوابة.

رجعت مكاني وأنا مش فاهم إيه اللي بيحصل، قعدت على الدكة وحطيت الكشاف جنبي، أخدت نفس عميق عشان أعصابي تهدا، لكن مقدرتش أبعِد عيني عن الشباك، من وقت للتاني كُنت ببُص ناحيته، والغريبة إن في كل مرَّة كُنت بلمح الخيال، وبلمح معاه الضوء الأحمر اللي شُفته خارج من عين الولد اللي ظهر لي على السلم.

مع الوقت العتمة زادت، رفعت عيني للسما كالعادة، بصيت ناحية القَمر ولقيته زي كاس الدَّم، والحكاية اتعادت من البداية، لأن اللي خلاني أبعِد عيني عن القَمر هو النور العالي اللي ظهر من بين الأراضي، كان نور عربية جاية من نفس الطريق، ومع الوقت وقفت قدام البوابة، ولأن نورها كان عالي مقدرتش أشوف اللي فيها.

الوقت فات على الحال دَه، نور العربية فضل منوَّر، وفي نفس الوقت لا بابها اتفتح ولا حد نزل منها، وبحُكم شغلي قُمت من مكاني عشان أشوف مين اللي وقف بالعربية قدام البوابة، بَس لمَّا قرَّبت منها اتصدمت، كانت نفس العربية، والصدمة الكبيرة اللي أخدتها، لمَّا لقيت العربية فاضية مفيهاش أي حد!

-أنت بتعمل إيه عندك يا مجاهد!

كان صوت عم طلبة اللي اتفاجئت إنه واقف عند البوابة، وعلى ما بصِّيت ناحيته كانت العربية اختفت من جنبي!

الموقف كان أكبر من إني أستوعبه، وغصب عنّي مقدرتش أحرَّك رجلي من مكانها، من وقت ما استلمت الشغل وأنا باخد صدمة ورا التانية، ومخرجتش من الحالة اللي كنت فيها غير على صوت عم طلبة وهو بيقول لي:

-أنت إيه حكايتك، قُلت لك قبل كده متسيبش البوابة وتروح في أي مكان.

بالعافية قدرت أرفع رجلي من مكانها، مشيت ناحيته وأنا ما بين كل خطوة والتانية كنت بلتفت ورايا، ولمَّا وصلت عند البوابة لقيته بيسألني وهو مستغرب:

-بتتلفِّت وراك ليه يا مجاهد؟!

قرَّرت أقول له على الحكاية ويحصل اللي يحصل، عشان كِدَه قرَّبت منُّه وقُلت له:

-كُنت واقف هناك عشان العربية كانت هناك.

-عربية إيه اللي بتتكلم عنها، أنا من وقت ما جيت أطُل عليك وأنت واقف برَّه في الضلمة لوحدك.

لأوّل مرَّة أعصابي تفلِت منّي، رفعت صوتي وقُلت له:

-اسمع بقى يا عم طلبة، أنا لا مجنون ولا بخرَّف ولا شارب حاجة، العربية اللي نزل منها اتنين ومعاهم ولد سايح في دمُّه، جَت تاني من بين الأراضي ووقفت قدام البوابة، ومتقولش إني بخرَّف لأن نور كشَّافها لسَّه مزغلل عيني.

-تاني يا مجاهد؟

-تاني وتالت ورابع، المكان هنا فيه حاجة مش مظبوطة، عاوز تصدَّق صدَّق مش عاوز أنت حُر.

حسّيت إنه مش عارف يرُد عليا، وده اللي خلَّاني أنتهز الفرصة وأكمل كلامي...

-وخُد عندك بقى، أنا لمحت ضور أحمر وخيال ورا شباك من شبابيك المبنى المهجور، ولمَّا أخدت الكشَّاف ودخلت المبنى ظهر لي ولد غريب على السلم، ولمَّا اتكلِّمت معاه لقيت الضوء الأحمر خارج من عينيه، وبعدها اختفى فجأة.

لمَّا حكيت الكلام ده؛ لقيته مسكني من دراعي وشدِّني ناحية الأوضة وقرَّب من ودني وقال بصوت واطي:

-بقول لك إيه يا مجاهد، البوابة اللي أنت ماسكها دي مفيش حد اشتغل عليها وعمَّر، كل اللي قعد على الدكة دي قبلك كان بيفضل شايف شغله لحد ما ييجي عليه وقت ويبدأ يقول إنه بيسمع أصوات في المبنى، بَس دَه كان بيحصل بعد ما يستلموا شغلهم بفترة، لكن أنت اللي بادئها من أول ليلة. أنا خايف عليك عشان عيشك ميتقطعش، محدش بيلاقي وظيفة اليومين دول، عشان كده بقول لك اقعد مكانك ومتسيبش البوابة.

-يعني عندي حَق في اللي بقوله ومش بخرَّف ولا بشرب حاجة زي ما بتقول.

-بُص يا مجاهد، كلمتين ورَد غطاهم، اللي جنبك دَه أقدم مبنى في المستشفى، ودلوقت مهجور زي ما أنت شايف، كفاية بَس أقول لَك إن زمان المبنى دَه كان فيه تلاجة الميِّتين والمشرحة، يعني طبيعي تسمع صوت أو تشوف حاجة كده ولا كده، المبنى دَه ياما ناس دخلته في حوادث وخرجت منه جثث، عشان كِدَه بقول لَك أنت على البوابة هنا وبَس، لا بتشوف ولا بتسمع، اعتبر المبنى دَه مش موجود.

الخوف اللي جوَّايا زاد، لأن كلامه كان عبارة عن إثبات إن المبنى فعلًا مسكون، واللي اشتغلوا في المكان دَه قبلي وصل بيهم الحال إنهم سابوا الشغل بسبب اللي بيحصل في المبنى، بَس سابوه بعد فترة، والغريبة إن الحكاية بدأت معايا من أول ليلة، وبرغم دوامة التفكير اللي دارت في دماغي، منسيتش أسأل عم طلبة سؤال مهم:

-أنت كنت جاي عايز حاجة؟

-أنا بس كنت جاي أطُل عليك وراجع. وأنبِّه عليك تسيبك من أي حاجة في المبنى ومتسيبش البوابة.

خلَّص كلامه وسابني وفضلت واقف حيران، بَس حيرتي مكانتش بسبب إنه اعترف لي إن المبنى مسكون، الحيرة الحقيقية هي إن اللي بيحصل معايا حاجة غير اللي بيحكي عنها، أنا مُش بسمع أصوات، أنا بشوف القَمر زي كاس الدَّم وبعدها بشوف الضوء الأحمر والطفل، وقبل كل ده شُفت اتنين رجالة نازلين من عربية ومعاهم ولد سايح في دمُّه، وفجأة العربية اختفت، ومن كلام عم طلبة عرفت إن مفيش حد دخل من ناحية البوابة اللي بشتغل عليها، وده معناه إن اللي بيحصل معايا حالة خاصة، أو شيء محدش لسَّه يعرف عنه حاجة.

قرَّرت أمسك طرف الخيط وأمشي مع الحكاية من بدايتها، عشان كده طلَّعت العربية برَّه دايرة تفكيري، افترضت إن واحد من اللي كانوا مع الولد خرج من البوابة الرئيسية ووصل للبوابة الخلفية وأخد العربية ومشي بدون ما أنتبه، وهفترض كمان إنهم دخلوا بالولد المستشفى بدون ما عم طلبة ياخد باله، وده معناه إن الولد لسَّه جوَّه، ومن هنا كان طرف الخيط اللي قرَّرت أمشي وراه، أخدت بعضي ورُحت على المبنى الرئيسي، كُنت عامل حسابي إني أدخل المبنى بدون ما عم طلبة ياخد باله، لكنه لمحني بمجرد ما خرجت من المَمر، ساعتها قام من مكانه ومشي ناحيتي وقال لي:

-خير يا مجاهد، سايب مكانك ليه تاني!

وبدون ما أفكَّر ردّيت عليه وقُلت له:

-محسور وعايز أدخل الحمام.

مردِّش عليا وسابني ورجع مكانه، ساعتها دخلت المبنى، وعشان محدش يلاحظ إني بتصرَّف تصرُّف غريب؛ دخلت الحمام وخرجت، بَس وأنا خارج وقفت قدام المُمرِّض اللي في الاستقبال، الناس هنا بيقولوا له عَم شلبي، استغليت إنهم في المستشفى عارفين إن في غفير جديد على البوابة الخلفية وقُلت له:

-الحالة اللي دخلت من البوابة الخلفية عاملة إيه يا عم شلبي.

رفع وشُّه من الدفتر اللي قدامه وهو بيبُص ناحيتي وسألني:

-أنت الغفير الجديد؟

-كويس إنك عارفني.

-حالة إيه اللي بتتكلم عنها؟

-الولد الصغيَّر اللي دخل مع اتنين وكان غرقان في دمُّه.

بَص لي وكان بيعصر في ذاكرته، بعدها بَص في الدفتر اللي قدامه وقال لي:

-ولد مين اللي بتتكلم عنه! مفيش أصلًا حد دخل المستشفى الليلة دي بالمواصفات اللي بتقول عليها، حتى الدفتر اللي قدامي بيقول إن كل الحالات اللي دخلت الليلة دي سنِّهُم كبير.

حسيت بإحراج شديد، وقفت في نُص هدومي ومكنتش عارف أقول إيه، بَس قدرت أخرج من الموقف دَه بإني قلبتها هزار، قُلت لعم شلبي إني بهزَّر معاه عشان هوَّ راجل طيب، وعشان عايز أتعرَّف عليه أكتر، بعدها أخدت بعضي وخرجت من المبنى، كُنت قاصد إني أكمل في طريقي ناحية الممر عشان عم طلبة ميتكلِّمش معايا، والحظ خدمني لأني لمَّا خرجت لقيته بيتكلِّم مع واحد على البوابة، دخلت الممر ووصلت عند بوابتي، وفي اللحظة دي شُفت الولد، كان واقف قدام بوابة المبنى القديم، وبمجرَّد ما عيني لمحته دخل جوَّه المبنى.

المرَّة دي محاولتش أمشي ورا فضولي، لأني كنت واثق إنه مش بَشر، دَه شيء غريب، يمكن شَبح أو روح أو قرين، ودي حاجة كنت متأكد منها؛ لأني وأنا ماشي في المَمر كنت بقارن كلام عم شلبي بكلام عم طلبة، الاتنين كانوا متفقين إن مفيش ولد دخل المستشفى، خصوصًا الولد اللي بتكلم عنه، وبالتالي الاتنين اللي معاه مش هيكون ليهم وجود، وبناءً على كل ده؛ العربية نفسها مالهاش وجود زيهم، وده معناه إن في حاجة هي اللي خلَّتني أشوف كل ده، والحاجة دي بالتأكيد هي الولد اللي عم طلبة مجابش سيرته، ولا قال إن حد من اللي اشتغلوا قبلي هنا شافه، وده معناه إن الولد كان قاصد يخليني أشوف كل ده، بَس يا ترى إيه السبب!

قعدت في مكاني وعيني على المبنى، شوية أركِّز مع البوابة وشوية أركِّز مع الشباك اللي كنت بلمح الضوء الأحمر من وراه، انتظرته يظهر من تاني، وانتظاري مكانش له غير معنى واحد؛ وهو إن الخوف اللي جوايا اتحوِّل لفضول، وحسِّيت إن ظهوره من تاني هيخليني أعرف إيه الرابط بيني وبينه.

كنت منتظر شيء غريب هيحصل من ناحية المبنى، لكن اللي حصل كان عكس توقعي؛ لأني حسيت بلفحة هوا سُخن جاية من ورايا، قلبي اتقبض لأني كنت قاعد على الدكة ومفيش ورايا غير حيطة الأوضة بتاعتي، يعني مفيش مجال إن يكون ورايا أي مصدر للهوا، بلعت ريقي وأخدت نفس عميق عشان أتمالك أعصابي، بس النَّفس اتكتم في صدري لمّا سمعت صوت بيهمس من ورايا:

_النهاردة ليلة الدم؛ الليلة اللي وافقت دخولك للمكان ده، ووافقت دخولي لنفس المكان، لكن اللي حصل إني دخلت المكان ده ومخرجتش منُّه!

الصوت خلَّى جسمي يقشعر، بصيت ورايا وملقتش غير حيطة أوضتي، وكأن الكلام كان خارج منها، وبمجرَّد ما أدركت إن مفيش حد ورايا؛ لقيت نفسي ببُص ناحية المبنى، ساعتها لمحت الولد من تاني، كان بيرجع بضهره ناحية البوابة ووشُّه ناحيتي، حاولت أقوم من مكاني لكني مقدرتش، حسيت إني متكتِّف في الدكة اللي أنا عليها، ومقدرتش أتحرَّك غير لما الولد دخل بوابة المبنى واختفى في الضلمة، في الوقت ده بس لقيت نفسي بقوم من مكاني وبجيب كشاف النور، اتحرَّكت ناحية المبنى والمرَّة دي دخلت بقلب جامد، فتحت الكشاف ومشيت ناحية السلم، وساعتها لمحته في نفس المكان اللي ظهر لي فيه وكان شايل كيس الدَّم في إيده، ولأن اللي بيحصل معايا مش طبيعي، نطقت بمجرَّد ما شُفته وقُلت له:

-أنت مين وحكايتك إيه؟

انتظرته يرد عليا لكنُّه منطقش، عشان كده قررت أقرَّب منه، حطيت رجلي على أول درجة في السلم، وقبل ما أكمِّل طريقي لقيته بيقول لي:

-لازم تلاقيه يا مجاهد، كل ما بينشَف في الأرض روحي بتتعذِّب، سنين طويلة وأنا منتظر الشَّخص المناسب اللي ينفع أطلب منُّه الطلب دَه.

كلامه كان عبارة عن ألغاز، مكُنتش مستوعبه ولا قادر أخمِّن هو يقصد إيه، عشان كده قُلت له:

-اسمع بقى أما أقول لَك، أنا عارف إنك بسم الله الرحمن الرحيم، لكن مش معنى كده إنك تكلمني بالألغاز، طالما منتظر تتكلم مع حد ومن سوء حظي إن أنا الحَد ده؛ يبقى تقول لي كلام مباشر أفهمه.

-أنا قُلت اللي عندي يا مجاهد، طريقك بدايته الشيخ سلمان، بلَّغه إنه لازم يروح عند شجرة الجمِّيز اللي في آخر شارع من المقابر. 

ملحقتش أستفسر منُّه لأنه خلَّص كلامه واختفى، فضلت أدور حوالين نفسي بكشَّاف النور، كان عندي أمل إنه يظهر من تاني في أي مكان، لكن للأسف الوقت فات ومظهرش، ولمَّا فقدت الأمل في ظهوره خرجت من المبنى، ساعتها شُفت عربية عند البوابة ونازل منها واحدة سِت، كانت ماشية بالعافية ومتسنِّدة على كتف واحدة جنبها ومعاهم واحد، بمجرَّد ما دخلوا من البوابة قرَّبت منهم، شاورت ناحية الدِّكة اللي بقعد عليها وقُلت للشخص اللي معاهم:

-خليها تقعد لحد ما أجيب كرسي متحرَّك، الممر طويل ومش هتقدر تمشي لحد البوابة الرئيسية.

أخدت بعضي وجريت في الممر، ولما وصلت عند البوابة الرئيسة سحبت كرسي متحرَّك كان موجود جنب أوضة عم طلبة، بعدها رجعت عند الست، وقفت لحد ما الست اللي معاها ساعدتها تقعد على الكرسي، مشيت معاهم عشان أوصَّلهم، وبرغم إن كان معاهم واحد؛ لكن معرفش إيه اللي خلاني أسيب مكاني وأمشي معاهم، بَس بعد ما دخلنا الممر عرفت إن مفيش حاجة بتحصل صدفة، وده بسبب إن الست اللي على الكرسي قالت:

-من وقت اللي حصل وأنا كارهة المستشفى، واللي خلَّاني آجي هنا هو الشديد القوي.

لمَّا خلَّصت كلامها رَد عليها الشَّخص اللي معاهم وقال:

-خلاص بقى يا أم أكرم، الله يرحمه ده قضاء ربنا، خلينا دلوقت في صحِّتك.

لكن الست كمِّلت كلامها بنبرة كلها حزن وقالت:

-الشيء الوحيد اللي مش بيموت هو الحزن، وبرغم السنين لسَّه قلبي قايد نار، مُش قادرة أعتِّب المكان اللي روحه فارقت جسمه فيه، عقلي مش قادر يستوعب إني دخلت المكان اللي هو دخله ومخرجش منُّه!

خطواتي وقفت فجأة ومقدرتش أكمِّل معاهم، وبدون ما أفكَّر لقيت دماغي بتربُط بين كلام الست وكلام الطفل، والرابط هو إن الولد والشخص اللي الست تقصده دخلوا المكان دَه ومخرجوش منُّه. 

مكنتش أعرف إني هلاقي طرف خيط بالبساطة دي، أخدت بعضي ورجعت مكاني، أول حاجة عيني جَت عليها هي العربية، كانت واقفة في مكانها، ساعتها حسيت باطمئنان لمَّا لقيتها موجودة، بَس فجأة حسِّيت بحرارة الجَو بترتفع، ومعاها حسيت بالعتمة اللي في السما بتزيد، وكالعادة؛ رفعت عيني ناحية القَمر ولقيته بلون الدَّم، بَس المرَّة دي حصلت حاجة غريبة، اللون الأحمر كان بينزل في هيئة نُقط من القَمر، والنُّقط كانت بتنزل فوق المبنى القديم، أخدت بعضي ومشيت ناحية بوابة المبنى، نُقط الدَّم كانت لسَّه بتنزل، في اللحظة دي نزلت نقطة قدامي، نزلت في الأرض ومديت إيدي ناحيتها، ولمَّا لمستها لقيتها نقطة دَم دافية، زي ما يكون دَم طير أو حيوان لسَّه مدبوح، وفي عز ما كنت مصدوم من الدَّم؛ لمحت رجلين حَد واقف قدامي، رفعت عيني ناحيته، ساعتها لقيتني ببُص في وش الولد عن قُرب، ملامحه كانت شاحبة وجُمجمته بارزة من تَحت الجِلد، وتجويف عينيه كان فاضي لكنُّه مليان دَم!

الموقف كان أكبر من إني أتحمله، زحفت بضهري على الأرض عشان أبعِد عنه، في الوقت دَه الولد اختفى ولمحت السِّت اللي كانت داخلة على كرسي متحرَّك، كانت راجعة من الممر وجنبها الست اللي كانت ساندة على كتفها، وقدامهم كان ماشي الشَّخص اللي معاهم، قُمت من الأرض قبل ما حد يلمحني في المنظر المُريب اللي كُنت فيه، وقفت جنب البوابة وأنا مستغرب إزاي لحقت تخرج من المستشفى ماشية على رجليها بعد ما كانت مش قادرة تمشي خطوتين على بعض، بَس انتبهت إن الليل بدأ يختفي من السما والنهار قرَّب يطلع، ولمَّا فاتوا قدامي؛ لمحت في إيدها كانيولا، ساعتها عرفت إن وقت كتير فات بدون ما أعرف فات إزاي، وفي الوقت دَه الست ركِّبت محلول وخرجت لمَّا حالتها اتحسِّنت، واللي كان لافت لانتباهي أكتر؛ إن القمر مكانش لسَّه اختفى رغم إن النهار كان بدأ ياخد مكان الليل، ساعتها لمحته وكان متعامد على المبنى القديم، ورغم إنه كان بنفس اللون الأحمر؛ لكني شُفته المرَّة دي في هيئة جمجمة الطفل..

منزِّلتش عيني عن القمر غير لما سمعت صوت العربية وهي بتدور، بصيت ناحيتها وهي بتتحرَّك، فضلت مبحلق فيها وهي رايحة ناحية الطريق اللي بين الأراضي، مُش لأني مهتم بأمر الست اللي كلامها مرتبط بكلام الولد، لكن السبب إني شُفت الولد بنفسه قاعد في الكُرسي الخلفي في العربية وبيبُص ناحية المستشفى!

مبقاش عندي شك إن حكاية الولد مرتبطة بالسِّت دي، وظهوره في العربية مالوش غير معنى واحد، وهو إنه بيعرَّفني الطريق اللي لازم أمشي فيه، خصوصًا وإن كلامه كان زي اللي بيكلِّفني بمهمة، فضلت واقف لحد ما لمحت العربية وهي خارجة من الطريق وداخلة أول قرية بعد الأراضي، ولمّا خلصت النبطشية أخدت بعضي ومشيت من نفس الطريق، كنت بحاول أفتكر الاسم اللي الولد قال إن البداية من عنده، وقبل ما أوصل القرية افتكرت إن اسمه الشيخ سلمان، عشان كده لمّا دخلت القرية سألت عنه في أول قهوة قابلتني، وبمجرد ما نطقت اسمه لقيت الناس بتلتفت ناحيتي، وبدون ما حد ينطق فهمت اللي فيها، الشيخ سلمان من الناس إيَّاهم، واحساسي اتأكد أكتر لمَّا واحد من اللي قاعدين قال لي:

_الشيخ سلمان بتاع السِّحر والأعمال؟

برغم إني توقعت حاجة زي دي؛ لكن لما سمعتها في الواقع حسيت إني في نُص هدومي، عيون الناس كانت جيباني من فوق لتحت، واللي أنقذني من الموقف ده إن واحد من اللي قاعدين قال لي:

_هتمشي لآخر الشارع لحد حنفية المَيَّه العمومية، هناك هتلاقي بيت من دور واحد لونه أبيض، ده بيت الشيخ سلمان.

أخدت بعضي ومشيت عشان أهرب من نظراتهم اللي كلها اتِّهام، أصل محدش عارف أنا هنا ليه، ونظراتهم بتقول إنهم فاكرين إني جاي أعمل عمل لحد، ميعرفوش إني هنا بسبب أول ليلة قضيتها في المستشفى على البوابة.

مشيت على الوصف بخطوات سريعة لحد ما وصلت للبيت، وبعد ما خبَّطت على الباب فَتح لي واحد عجوز، التجاعيد مالية وشُّه، أول ما شُفته قدامي سألته:

-أنت الشيخ سلمان؟

بَص لي وكأنه بيحاول يتعرَّف عليا وسألني:

-أنت مين يا بني؟

-مجاهد؛ بشتغل غفير في المستشفى.

-ويا ترى بقى واقف على أي بوابة؟

-البوابة الخلفية.

-اللي عند المبنى المهجور؟

-بالظبط.

-طلباتك إيه؟

-أنا جاي لَك ومش عارف جاي ليه، بَس تقدر تقول انطلب منّي آجي لحد عندك.

-مين اللي طلب منَّك؟

-للأسف مش عارف مين اللي طلب مني.

بمجرَّد ما ردِّيت عليه الرَّد ده سألني:

-الولد اللي قرينه ساكن المبنى المهجور؟

الدَّم فار في عروقي وحسيت بطاقة غضب رهيبة، معرفش ليه فكَّرت إنه ممكن يكون ورا موته؛ لمجرَّد إني اتأكدت إنه بتاع سِحر وأعمال، عشان كده ردّيت عليه بغيظ وقُلت له:

-أنت تعرف حكاية الولد ده؟

لقيته فتح باب البيت على الآخر وقال لي:

-مُش هنتكلِّم على الباب.

سابني ودخل البيت ودخلت وراه، قعدنا في أوضة كلها كَنب عربي والبخور خارج من راكية موجودة على ترابيزة في نُصَّها، قعدت على كنبة جنب الباب، ساعتها الشيخ سلمان قعد على الكنبة اللي قدامي وبدأ يكمل كلامه...

-كل الناس هنا عارفة حكايته، بَس أنا الوحيد اللي عارف الحكاية الحقيقية، عشان كِدَه عيشت طول السنين اللي فاتت منتظر المرسال اللي قرين الولد هيبعته.

بصّيت له باستغراب وسألته:

-تقصد أي مرسال؟

-المرسال اللي القرين هيبعت معاه سِر المدفون، السِّر اللي مقفول على أعتى سِحر اتعمل بالدَّم واتعقد على القَمر ليلة ظهوره وهو مخنوق.

كلامه خلَّى شريط الأحداث يفوت قدامي، خصوصًا منظر القمر اللي شبه كاس الدَّم، ساعتها الشَّك راودني وسألته: 

-أنت اللي عملت السِّحر للولد؟

رَد على سؤالي بضحكة وكأنه بيسخر منّي، بعدها قال لي:

-تفتكر لو أنا اللي عملت السِّحر هفضل مستني المرسال طول السنين دي عشان أعرف مكانه؟ أنت طيِّب أوي يا مجاهد، اللي عمل السِّحر مات موتة شنيعة، لأنه اتعوِّد يعمل أسحار عواقبها وخيمة على الساحر قبل المسحور نفسه، وكان جزاؤه الموت على إيد خادم من الخُدَّام اللي بيساعدوه. السِّحر اتعمل للولد عشان الوِرث، لأن الولد كان وريث أبوه الوحيد وكان عليه عين طمعانة، وبعد موت أبوه صاحب العين الطمعانة قرَّر يتخلَّص من الولد بدون ما يوسَّخ إيده، عشان كده مكانش قدامه غير السِّحر، وفعلًا السِّحر اتعمل بدم الولد واتعقد على القَمر في ليلة خسوف، كان القمر ظاهر فيها بلون أحمر، بعدها العَمل اندفن في مكان محدش عارف يوصل له، ونتيجة السحر إن الولد نزف من جوفه، أخوال الولد أخدوه على المستشفى وكان لسَّه المبنى القديم شغَّال، لكنه مات بمجرَّد ما وصل.. خروج السِّحر هيكشف سِر جديد، لكن للأسف الخُدَّام اللي معايا مقدروش يعرفوا مكانه، لأن الأسحار اللي من النوع ده الخادم اللي عليها بيقدر يخفي مكانها عن أي حد حتى لو كان جِن، بَس مبيقدرش يخفيها عن قرين الشخص اللي مات لأن أطر صاحبه فيه، عشان كِدَه انتظرت اللحظة اللي فيها شخص هيدخل المبنى القديم في المستشفى لأول مرة، في المكان اللي الولد مات فيه وقرينه ظهر، دَه شرط المرسال اللي انطبق عليك، وكنت واثق إن هييجي اليوم والمرسال هيخبَّط على بابي، ومتقولش ليه متروحش بنفسك وتتواصل مع القرين وتعرف منُّه مكان السِّحر، المبنى مهجور وأظن أنت عرفت رأي الناس فيَّا، ولو قرَّبت للمبنى هيقولوا إني عاوز أستخدمه في السِّحر والدنيا هتتقلب عليا، عشان كده كان لازم أنتظر.

دماغي كانت بتلف زي طاحونة الهوا وأنا بسمع كلامه، وبعد ما فكَّرت شوية في الكلام سألته:

-ليه منتظر المرسال وإيه علاقتك بالحكاية طالما مُش أنت اللي عامل السِّحر؟

-حتى لو مكنتش طرف في الحكاية لكنها تخصني، أكيد لمَّا سألت عني قالوا لَك إني بتاع سِحر وأعمال، ورغم إني توبت توبة نصوحة عن الأذى ومعدتش بشتغل غير في الفَك ومساعدة المسحورين؛ لكن الانطباع الأول هو اللي بيدوم عند الناس، بس أنا مش فارق معايا وبعامل ربنا، السِّحر مفعوله شغَّال برغم إن المسحور مات وأمه مريضة من بعد موته، وده مسبب أذى للولد في تُربته، عشان كده عاوز أساعده، دَه غير إن وجود السحر والخادم اللي عليه في القرية مشوِّش على الخُدَّام اللي معايا ومبقتش قادر أشوف شغلي زي الأول، أنا عارف إنه قال لَك على مكان السِّحر، والرسالة اللي أنت شايلها أمانة لازم توصل.

برغم إنه من اللي بيشتغلوا في السِّحر؛ لكن معرفش ليه وثقت في كلامه وكنت مطَّمن، جايز عشان قال لي إنه تاب توبة نصوحة ومش بيشتغل غير في فَك الأذى عن المسحورين، أو عشان كلامه كان مطابق لكلام الولد، أو جايز عشان القَدر جابني لحد هنا بدون ميعاد مُسبق، وأكيد مشواري لحد هنا لُه سبب، عشان كِدَه قُلت له إن السِّحر مدفون تحت شجرة الجمّيز اللي في آخر شارع من المقابر، ومن هِنا كل حاجة السِّر اللي الشيخ سليمان قال عليه انكشف.

في اليوم ده الشِّيخ سلمان طلب منّي أنتظر عنده لحد بعد المغرب، بعدها أخد فاس في إيده وأخدني وطلعنا على المقابر، ولمَّا وصلنا عند شجرة الجميز بدأ يحفر، ساعتها طلَّعنا السِّحر المدفون، كان كيس أسود ملفوف حوالين منُّه حبل، ولمَّا الكيس اتفتح شُفت فيه صورة الولد اللي ظهر لي، مع فرق الملامح طبعًا، ومع الصورة شُفت عضمة، الشيخ سلمان قال: إنها جزء من ساق حيوان، كان عليها دَم متجلَّط، والأغرب من كده، إن الكيس كان جوَّاه سِرنجة فيها شويِّة دَم متجلَّطين ونشفوا بمرور الوقت، ولحد هنا لقيت الشيخ سلمان بيقول لي:

-أنا عارف السرنجة دي كويس، دي نوع السرنجات اللي كانوا بيستخدموها في المستشفى.

لمَّا قرَّبت إيدي منها لقيته بيبعِدها وبيقول لي:

-بلاش تلمِس حاجة، أولًا لأن السِّحر لسَّه مفعوله شغَّال، وثانيًا السرنجة دي هتوصَّلنا للشخص اللي أخد دم الولد للساحر.

بعد ما السِّحر خرج من الأرض الشيخ سلمان طلب منّي أبعِد عن الصورة، لأنه قرَّر ياخد الكيس باللي فيه ويروح القِسم يبلَّغ، ووجود شخص زي حالاتي هيكون محل شَك، لكن وجوده مع السِّحر هيكون طبيعي، ساعتها هيلاقي سبب مقنع يقول إنه وصل عن طريقه للسِّحر، وده لأن معروف عنه إن دَه مجاله.

في الليلة دي أخدت بعضي وطلعت على المستشفى وأنا مُش شايف قدامي، لأني دخلت في يومين بدون نوم، قعدت في مكاني على الدكة وسندت راسي على حيطة الأوضة من ورايا، من وقت للتاني عيني كانت بتروح ناحية المبنى القديم، ومن وقت للتاني برضه كانت بتروح ناحية القَمر، كل شيء كان طبيعي والهدوء مسيطر على المكان، عشان كده نمت من التعب، مفتحتش عيني غير على دوشة، قُمت من مكاني وجريت ناحية الممر لأن الدوشة كانت جاية من ناحية البوابة الرئيسية، وهناك لقيت عم طلبة بيتقبض عليه، أًصل البصمات اللي كانت على السرنجة طلعت مطابقة لبصماته في الفيش والتشبيه اللي عمله وهو بيتوظَّف، ومع الوقت اعترف إنه سحب سرنجة دم من الكيس اللي الولد اتبرع بيه، لأن الولد كان متعوِّد يتبرع بالدم من وقت للتاني كل ما يكون في حملة تبرُّع، وده في مقابل مادي الساحر عرضه عليه، عشان يجيب أطر الدَّم اللي يخص الولد واللي هيعمل بيه السِّحر، ومن بعدها الولد نزف فجأة من بوقُّه ومات لمَّا وصل المستشفى في المبنى القديم، ومن وقتها وقرينه ساكن في المبنى، ومن هنا فهمت إن الساحر كان أذكى من إنه يمسك السِّرنجة بشكل مباشر وبدون عازل، عشان كده بصمات عم طلبة كانت موجودة على السرنجة.

من اللي حصل؛ فهمت ليه عم طلبة كان بيحاول يصرف نظري عن ظهور الطفل، وده لأنه عارف اللي فيها، وفهمت ليه شُفت الولد والاتنين اللي كانوا معاه لمَّا نزلوا من العربية، ساعتها فهمت إن مشهد دخول الولد اتعاد قدامي مش أكتر، عشان الصورة تكمل قدامي، بما إني اللي هشيل رسالة قرينه واللي من خلالها هيتعرف طريق السِّحر، ده غير إن اعتراف عم طلبة كشف عن الساحر؛ واللي طبعًا مات زي ما عرفت من الشيخ سلمان، لكنه كشف وأثبت بالدليل الشخص اللي كلِّف الساحر بالسِّحر؛ لأن عم طلبة طلع يعرفه واعترف عليه، والشخص ده هوَّ عم الولد، اللي اتضح إنه نفس الشخص اللي كان مع السِّت اللي دخلت المستشفى وهي متسنِّدة على كتف سِت معاها، واتضح إنها أم الولد؛ أم أكرم، وفهمت ليه كانت بتقول إنها مش قادرة تدخل المكان اللي ابنها مات فيه، لأن الرسالة اللي القدر كلِّفني بيها كشفت كل حاجة.

من بعد الأحداث دي وسيرة الشيخ سلمان بقت طيِّبة في القرية، أما أنا بقى؛ فمسكت البوابة الرئيسية، لأنكم أكيد فاهمين عم طلبة راح فين، بيواجه مصيره بسبب الجريمة اللي ارتكبها من سنين طويلة، ومعاه عم الولد، وبمرور الوقت كنت بشوف السِّت، أم أكرم، كانت بتيجي المستشفى لمَّا بتتعب بتاخد المحاليل وتمشي، بَس مكانتش زي أوِّل مرَّة شُفتها فيها، وفسَّرت ده بإنها ارتاحت لمَّا حق ابنها رجع. أما البوابة الخلفية؛ فاتعيِّن عليها غفير تاني، أي نعم دايمًا بيشتكي بالليل من أصوات في المبنى وخيالات، لكنه مجابش سيرة قرين أكرم، ودي حاجة كنت فاهم سببها، لأن المبنى مهجور ومسكون ومفيش حاجة اتغيَّرت، كل الحكاية إن ظهور قرين أكرم كان يخصّني وبَس، وكنت متوقع عدم ظهوره بعد ما وصَّلت الرسالة والحقيقة انكشفت والسِّحر اتفَك وأكرم ارتاح في تُربته، دَه غير أهم سبب في الحكاية كلها؛ وهو إني الوحيد اللي أول يوم شُغل لُه صادف الليلة اللي السِّحر اتعمل فيها لأكرم واتعَقد على القَمر ليلة الخسوف، أو خلَّوني أقولها زي ما لساني بقى متعوِّد يقولها؛ ليلة القَمر الأحمر.

تمت...

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
إحصائيات متنوعة

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↑1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↑1الكاتبمدونة ياسمين رحمي
4↓-2الكاتبمدونة محمد شحاتة
5↓الكاتبمدونة اشرف الكرم
6↓الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
7↓الكاتبمدونة ياسر سلمي
8↓الكاتبمدونة حسن غريب
9↑1الكاتبمدونة آيه الغمري
10↓-1الكاتبمدونة حاتم سلامة
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑58الكاتبمدونة خالد دومه56
2↑43الكاتبمدونة كريمان سالم70
3↑29الكاتبمدونة عبير محمد119
4↑23الكاتبمدونة غازي جابر79
5↑18الكاتبمدونة ياره السيد112
6↑15الكاتبمدونة آمال صالح21
7↑14الكاتبمدونة عبير مصطفى73
8↑13الكاتبمدونة عبير بسيوني173
9↑12الكاتبمدونة أسماء نور الدين83
10↑12الكاتبمدونة شيماء الجمل129
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1068
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب687
4الكاتبمدونة ياسر سلمي649
5الكاتبمدونة مريم توركان573
6الكاتبمدونة اشرف الكرم566
7الكاتبمدونة آيه الغمري492
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني422
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين416
10الكاتبمدونة سمير حماد 399

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب328549
2الكاتبمدونة نهلة حمودة184323
3الكاتبمدونة ياسر سلمي176074
4الكاتبمدونة زينب حمدي168339
5الكاتبمدونة اشرف الكرم126465
6الكاتبمدونة مني امين115749
7الكاتبمدونة سمير حماد 105385
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي96565
9الكاتبمدونة مني العقدة93479
10الكاتبمدونة مها العطار86758

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة عبير سعد2025-05-23
2الكاتبمدونة هاله اسماعيل2025-05-18
3الكاتبمدونة محمد عرابين2025-05-15
4الكاتبمدونة اريج الشرفا2025-05-13
5الكاتبمدونة هبه الزيني2025-05-12
6الكاتبمدونة مها الخواجه2025-05-10
7الكاتبمدونة نشوة ابوالوفا2025-05-10
8الكاتبمدونة كريمان سالم2025-05-10
9الكاتبمدونة رشا ماهر2025-05-09
10الكاتبمدونة مها اسماعيل 2025-05-09

المتواجدون حالياً

2191 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع