_وبعدين في المَلل دَه؟

=وأنت اللي زيَّك يعرَف مَلل؟

_تقصدي إيه يا زعفرانة؟

=مقصدش حاجة؛ عشان هتتنرفز عليا وتحبسني تحت الكوباية المقلوبة زي كل مرة.

_لأ مش هحبسك، بس تقصدي إيه بجد؟

=أقصد إنك مش عاطي نفسك فرصة ترتاح، ملل إيه اللي أنت حاسس بُه.

_كل حاجة مملة يا زعفرانة، بنكرر اللي بنعمله كل يوم، حتى أنتي بتشرفيني كل ليلة بدون انقطاع.

=طيب ما أنا قُلت لَك آخد أجازة شوية وترتاح منّي.

_بعينك يا زعفرانة، أنا أصلًا شخص بيحب المَلل.

=طيّب ما تبحبح إيدك شوية.

_أبَحبح؟! هو أنتي بطّلتي لغة التعاويذ والطلاسم وبقيتي بتقولي أبحبح؟

=مش أنت دايمًا تقول لي بحبحي إيدك شوية في القصص؟

_تقومي تقولي لي بحبح؟ أنتي هتنسي نفسك ولا إيه يا زعفرانة.. ده أنتي حتة عفريتة لا طلعت ولا نزلت.

=هتبدأ تتضايق أهو وتتنرفز وأنت أصلًا إيدك تقيلة، أنا أقصد بحبح إيدك في البخور.

_كل ده مش مكفيكي؟ ده أنا ناقص أفتح حنفية الفلتر ينزل منها دخان بخور، وبعدين متنسيش إني جاي على جيوبي الأنفية ومستحمل البخور ده عشانك، ده أنا لو بدخّن كان أرحم لي.

=ما أنت سيد العارفين، وفاهم كويس إن البخور بيرفع شغف العفاريت اللي زي حالاتي، ولا أنت مش عايز شُغل.

_وهو إيه اللي مخليني متحمّلك ومتحمل البخور غير إنك كويسة معايا في الشغل.

=طيب أنا عاوزة بخور عَرَق الزعفران.

_عَرَق زعفران! هو أنا طايقك يا زعفرانة لما هتحمل عرق الزعفران بتاعك؟ ولا هو من العيلة الكريمة وعايزة تجيبيه يشتغل.

=عَرَق الزعفران ده بخور روحاني، بيرفع شغفي وبيعدل مزاجي، تقدر تقول كده عامل زي الحشيش عندكم.

_يخرب بيت البوظان اللي بقيتي فيه يا زعفرانة، أنتي وصلتي للحشيش؟ عيني عينك كده بتطلبي منّي أجيب لِك ممنوعات، بقول لِك إيه سيبك من العَرَق والكلام الفاضي ده، لا تنسِطِلي منّي وتضيعيني.

=مش هنسطِل، ده القبيلة عندنا متعودة عليه.

_خلاص لما تبقي تروحي أجازة للقبيلة ابقي خدي هناك عَرَق الزعفران بتاعك.

=يعني هتعطيني أجازة؟

_لأ.

=عشّمتني بالحَلَق خرَّمت أنا وداني.

_وكمان حفظتي أمثال شعبية؟ هو أنتي ليه محسساني إنك جاية من الورَّاق؟ أومال لو مكنتش مطلَّعك بنفسي من البِركَة اللي عربيتي عطلت جنبها على الطريق بالليل.

=وأنا بلِف أشوف حكايات الناس بسمع أمثلة وبتعلّم منهم حاجات كتير.

_يعني إيه بتتعلمي منهم؟

=يعني لو حاجة بيعملوها عجبتني بعملها.

_إيه اللي أنتي عملاه في وشك ده يا زعفرانة؟

=ده ميك أب.

_أنتي وصلتي للميك أب؟ وياترى بقى عرفتيه منين؟

=كنت بشوف حكاية بنت وبتابع تفاصيلها، ولقيتها قاعدة قدام المراية بتحط ألوان، وعرفت بعد كده إن اسمه ميك أب.

_وطبعًا ضيَّعتي اللي بتاخديه منّي على الهباب اللي في وشك ده.

=اسمه ميك أب على فكرة.

_طيب يا لمضة ياريت توفّري من فلوس الميك أب واشتري شوية مُزيل عَرَق عشان ريحة البِركة اللي لازقة فيكي دي.

=هتفضل تعايرني بالبِركة.

_مُش بعايرك، أنا برُد على لسانك الطويل.

=خلاص هحط لساني في بوقّي.

_شاطرة يا زعفرانة، عشان أنتي مُطيعة كده هتفضلي شغالة معايا، يلا بقى هاتي الأوراق وتعالى نشوف إيه اللي ورانا عشان داخلين على الهالوين.

=ده أنا كنت عاملة طلب وناوية آخد الهالوين أجازة.

_فين الطلب ده.

=الطلب أهو؛ أيون كده عايزة أرتاح يوم من الشغل، إن شالله يارب يخليك.

_"يُحفظ الطلب لحين توفير البديل".

=بديل! لأ وعلى إيه، أنت قُلت حاطط الأوراق فين؟

_يعني عارفة أخبار الدنيا كلها ومش عارفة مكان الأوراق؟ أول مرة أعرف إنك عفريتة لئيمة يا زعفرانة!

=خلاص قلبك أبيض، الأوراق أهي والقلم أهو.

_أيون كده؛ عفريتة مابتجيش غير بالعين الحمرة صحيح!

***

تمت...