_أنتي فين يا زعفرانة؟ "راحت فين اللئيمة دي؟
=أنت جيت؟ حمد الله على سلامتك.
_لسَّه رايحة تفتكري؟ أنا بقالي خمس ساعات واصل، كنتي فين؟
=هروح فين يعني، موجودة أهو.
_زمانك كنتي راكنة في درج من الأدراج ولا جوّه ماسورة الستارة.
=لا ده ولا ده، كل أدراجك مليانة ورق، ومن آخر مرَّة ركنت جوّه ماسورة ستارة والستارة وقعت بيّا وأنا مبقرّبش من المواسير.
_أومال كنتي راكنة في الجزّامة يعني؟
=هو أنت فاكرني جزمة؟
_أنتي لو جزمة كنتي جبتيلي كالّو في صوابعي، زي ما أنتي جيبالي كالّو في دماغي.
=الله يكرم أصلك.
_خلاص متزعليش، أنا هدخل أجيب الجاكيت بتاعي من فوق الشماعة عشان نازل.
=هو أنت لحقت ترتاح؟ خروج إيه!
_وأنتي مالك يا زعفرانة، هتحاسبيني؟
=لأ بس أنا قلبي على صحّتك.
_إيه الطيبة اللي نزلت عليكي فجأة دي؟
=طول عمري طيّبة على فكرة.
_ماشي يا زعفرانة، عدّي بقى عشان أدخل أجيب الجاكيت.
=برضه هتنزل؟
_الشماعة راحت فين يا زعفرانة؟ والجاكيت اللي كان عليها فين؟
=الجاكيت متعلَّق في الدولاب، أصل...
_الله؛ هي فيها أصل؟ يبقى مش هخلص النهارده.. قولي يا زعفرانة أصل إيه.
=أصل الست لطفات...
_الله، قولي يا زعفرانة، حصل إيه المرّة دي؟ مال الست لطفات ومال شماعة هدومي؟
=أصلها طلبت من شُكري جوزها يغيّر سلك الدِّش.
_وبعدين.
=طلع فوق سطح العمارة ورمى سلك الدِّش الجديد قام متعلَّق في الشباك بتاعنا.
_حلو، وإيه كمان؟
=شكري جوز الست لطفات نزل وفضل يخبط على الباب، وطبعًا مفتحتش.
_شاطرة يا زعفرانة، وبعدين إيه علاقة ده بالشماعة؟
=ما هو بعد ما شكري جارنا مشي؛ دخل بلكونتهم وفضل يحدف مشابك الغسيل في الشباك بتاعنا، أصله افتكرك مطنّشه، وساعتها الست لطفات دخلت مسكت فيه وقالت له أنت ضيَّعت مشابك الغسيل يا راجل يا ناقص، هي تقصد إيه بإنه ناقص مش فاهمة!
_يمكن تقصد إنه قصيّر شوية، كملي يا زعفرانة، اشجيني.
=الخناقة زادت والناس كانت هتتلَم، وهي حكمت عليه ينزل يلِم المشابك لأنها وقعت في الشارع.
_وبعدين.
=نزل لمّها وطلع بس المشابك كلها كانت متفسَّخة.
_طبعًا ما هي نازلة من ارتفاع.
=الخناقة قامت تاني، وقالت له خلَّص الدِّش وانزل اشتري مشابك، بس السلك فضل متعلَّق في شباكنا، قُلت أكسب ثواب وأحِل الأزمة دي.
_تكسبي ثواب إزاي يا زعفرانة؟
=قُلت أشوف حاجة طويلة أبعد بيها السلك عن الشباك، دوَّرت ملقتش حاجت تطول السّلك غير شماعة الهدوم بتاعتك.
_الشماعة بتاعتي آه، وبعدين؟
=مسكتها وطلعتها من الشباك وبدأت أزُق في السلك، بس لقيت الست لطفات بتصرخ وبتقول الحق يا شكري الشماعة خارجة من الشباك لوحدها.
_طبعًا ما أنتي محدش بيشوفك غيري يا آخر صبري.
=هي بقى لما اتخضَّت وصرخت؛ أنا اتخضّيت والشمّاعة فلتت من إيدي.
_فلتت من إيدك راحت فين يا زعفرانة؟
=ده برضه سؤال يتسأل، نزلت زي المشابك اللي حدفها شكري جارنا.
_وطبعًا زمان الشماعة بقت خمسين حتة.
=عرفت منين؟ أنا لما نزلت وراها ولقيتها متكسّرة حتت عديتهم وطلعوا خمسين فعلًا.
_طبيعي يا زعفرانة، إذا كانت المشابك اتكسرت، ما بالك لما الشماعة تقع من الارتفاع ده.
=بس لما نزلت للشماعة حصلت معايا مشكلة.
_خير تاني؟
=أصل الشماعة لما وقعت نزلت على صابع جنيّة وقطعته، وطبعًا جابت العشيرة بتاعتها وكانت عايزة تسكن الشقة اللي الشماعة وقعت منها عشان تنتقم من صاحبها، حصل شوية لبش كده بس متقلقش، أنا خلصت الموضوع معاهم.
_وليه مقولتيش إن الشماعة وقعت منك أنتي.
=يرضيك أبقى عفريتة وأتخض والشماعة تقع من إيدي؟ ده حتى عيبة في حقي واسمي ينضرب في سوق العفاريت، وبعدين أنا لما نزلت أشوف الشماعة كنت متجسّدة في هيئتك، يعني من غير ما اتكلّم كانت عارفة إن اللي رمى الشماعة هو أنت.
_يعني بتلبّسيني مصيبة يا زعفرانة.
=ولا مصيبة ولا حاجة، أنا حلّيت الموضوع، أنا عفريتة وليّا شنّة ورنّة، أنت بَس اللي مستقِل بيّا.
_على فكرة يا زعفرانة كل ده حوار كذب، لأني لما رجعت كانت الشماعة موجودة وحطيت فوقها الجاكيت بتاعي، بس هي دلوقت مش موجودة، راحت فين بقى؟
=لأ دي مكانتش الشماعة بتاعتك.
_أومال كانت إيه؟
=كانت أنا.
_هتستهبلي يا زعفرانة؟
=لأ بجد كانت أنا.
_إزاي بقى؟
=أصل الست لطفات بنتها ولدت.
_أنا مالي ولدت ولا باضت يا زعفرانة، الشماعة كانت أنتي إزاي؟
=هقول لك؛ أصل الست لطفات طلبت من شكري جوزها يظبّط الدّش عشان بنتها هتولد وتيجي عليها، وأنت عارف بقى النظام الفاضي بتاعكم ده، البنت تولد وتيجي عند أمها من هنا، والزيارات تبدأ من هنا، وناس داخلة وناس خارجة وزغاريد، ألا أنتوا بتزغردوا ازاي؟
_وأنا إيش عرفني يا زفتة، اخلصي وبطلي رغي.
=زغاريد بقى وأغاني وهيصة وزمبليطة، وكله كوم والسبوع ده كوم، الست لطفات مسكت الهون من هنا، و دُق دُق دُق من هنا، واسمع كلام أمك، واسمع كلام ستك لطفات، متسمعش كلام جدّك شكري، قام شكري جوزها دابب معاها خناقة وأخد منها الهون و دُق دُق دُق، اسمع كلام جدّك شكري بس، وكانت معجنة وحصلت بينهم خناقة تاني.
_أكلتي دماغي يا زعفرانة، كل ده رغي؟
=ما هو أنا من وقت ما أنت سافرت وأنا عايشة في الدوشة دي، مكنتش عارفة أنام، وما صدقت السبوع خلص وبنت الست لطفات رجعت بيت جوزها والدنيا بقت هادية وقُلت هنام كام ساعة.
_وبعدين؟
=قُمت شرَّفت أنت بقى.
_ما تحترمي نفسك يا هبابة أنتي.
=مقصدش حاجة، بس أنت بقى دخلتك عليا أنا عارفاها، أنتي فين يا زعفرانة، هاتي الأوراق يا هبابة، الأقلام فين يا زفتة، ومش هتخليني أقعد مكاني، قلت لو نمت في الأماكن اللي أنت تعرفها هتوصل لي، وكنت عاملة حسابي إنك هتسأل على الشماعة وهتبقى خناقة، قُمت استغليت إنها اتكسرت وعملت نفسي شماعة، منها ما تعملش مشكلة لما تيجي، ومنها مش هتعرف إنها أنا وهعرف أنام شوية.
_يعني الشماعة كانت أنتي؟
=أيون، وحطيت الجاكيت بتاعك فوقي، بس بجد عملت فيا جميلة، كنت بردانة والجاكيت عمل الواجب.
_مش الجاكيت بس اللي هيعمل الواجب معاكي يا زعفرانة، وصاحب الجاكيت كمان هيوجّب معاكي.
=خلاص بقى، هي الشماعة بكام يعني.
_مخصومة من راتبك يا زعفرانة.
=هو كله خصم خصم، كنت بتعطيني خمسة جرام بخور في اليوم وخليتهم أربعة بعد الخصم، دلوقت هيبقوا كام؟
_هيبقى جرام واحد يا زعفرانة، عشان تعملي ريجيم عفاريتي.
=تصدق أنا ملاحظة برضه إن وزني زاد.
_وزنك بيزيد وعقلك بيخِف.
=لأ عقلي اسم الله عليه، يوزن قبيلة بحالها.
_عاجبك كده، أهو الميعاد اللي ورايا اتلغى، صديقي اللي هقابله عربيته عطلت.
=ما أنا اللي عطّلتها عشان متنزلش.
_أنتي بركاتك طايلة الناس كلها يا زعفرانة، عموما حصل خير، بقول لك إيه، طالما هقعد انزلي هاتي نُص عين جَمل وربع لسان عصفور.. قولي تاني، هتجيبي إيه يا زعفرانة؟
=خلاص حفظت، نُص عين جمل وربع لسان عصافير، هو أنا صغيّرة!
_لا اسم الله عليكي، بس ابقي شوفي شكل طفل كويس اظهري فيه وانتي بتشتري، بلاش حركاتك القرعة عشان الناس بتقول إن في قطة سودة بتدخل وبتخرج من شقتي كتير.
=لأ وكمان الست لطفات لما شافت الشماعة خارجة من الشباك لوحدها قالت إن شقتك مسكونة.
_انزلي يا زعفرانة بدل ما أقوم أدوس على ديلك، هاتي اللي طلبته منك، وأوعي تجيبي حاجة غلط.
=حاضر، أنا حافظة.. نُص عين جمل وربع لسان عصافير، هو أنا صغيَّرة!
***
-الله يخرب بيتك يا زعفرانة يا ملعونة.
=عووووو.
-عووو يا بنت العبيطة!
-بتضرب بالقلم كده ليه؛ ودني صفَّرت.
-ولسَّه هخليها تزمَّر وتعزف السلم الموسيقى كله، كنتي فين كل ده؟
-كنت بجيب لَك عين الجمل ولسان العصافير.
-والمشوار ده محتاج 3 أيام؟ كنتي مختفية فين؟
=مش مختفية ولا حاجة، أنت اللي طلباتك مُعقَّدة وبتاخد وقت على ما أعملها.
-طلب إيه ده اللي ياخد 3 أيام يا لئيمة أنتي، أوعي تكوني رُحتي القبيلة من ورايا.
-لأ محصلش، مُش أنت طلبت نُص عين جمل وربع لسان عصافير؟
-حصل.
-أنا خرجت من هنا وبدأت أدوَّر بقى وأسأل نفسي، تجيبي عين الجمل منين يا زعفرانة يا بنت حبهان، قُمت رميت وداني بقى واستخدمت قدراتي العفاريتي، وسمعت لَك بقى صوت جِمال جاي من مكان صحرا قريّب من هنا، وفي ثانية إلا ثانية كنت هناك، ولقيت كام جَمل بيرعوا هناك جنب خيمة.
-وأنتي إيه اللي خلاكي تروحي هناك يا زعفرانة يا لئيمة؟
=عشان أجيب لَك طلبك، ما أنا لو رجعت من غيره هتحبسني تحت الكوباية المقلوبة.. المهم دخلت لَك بقى على الجِمال، وكان لازم أتكتك وأمخمخ لأن الجِمال مرتبطة بالجِن وأنت سيد العارفين، فكان لازم ألاقي طريقة عشان ميكتشفوش وجودي، وملقتش غير إني أتحوّل لناقة زيهم.
-ناقة!
=أيون؛ أنثى الجَمل، يعني يرضيك أتحوّل لجَمَل يعني؟
-لا إزاي أنتي أنثى عفاريتي، ولو اتحولتي لجَمَل تبقى عملية تغيير نوع والعمليات دي حرام.
=اسم الله عليك، اتحوّلت لناقة بقى واندسّيت في وسطهم، والحمد لله معرفوش يكتشفوني، وعلى ما أخدت الأمان وجيت أعمل اللي طلبته منّي، لقيت واحد طالع من الخيمة ومعاه عيّل صغيّر، ولقيت العيّل بيقول له: "يابا أنا جعان".
-وبعدين؟
=الراجل قال له روح امسك لَك ناقة احلبها وسقّي عيش في لبنها.
-فتّة يعني.
=اسم الله على نباهتك.
-لا اسم الله على نباهتك أنتي.
=لقيت الواد بقى ساب النوق كلها، وجاي ورايا أنا.
-اتحلبتي يا زعفرانة؟
=بالذمة ده اسمه كلام، هو أنا هقف لما تحصل المسخرة دي؟!
-وأنتي إيه أساسًا اللي ودّاكي عند المسخرة دي، قصدي المكان ده؟
=ما قُلت لِك رُحت أجيب اللي طلبته، المهم بقى الواد جاي يجري، قُمت أخدت ديلي في سناني وقُلت يا فكيك، بقيت أجري في الصحرا جري حلزوني عشان الواد ميعرفش يمسكني.
-حلزوني؟!
=أيون جري غير مستقيم، والواد يجري ورايا ويقول: "الحق يابا في ناقة شَرَخت".
-أيون عارفه المثل ده، اللي بيقول رِكب الناقة وشَرَخ.
=ماهو أنا مش هقف لما يحصل الكلام الفارغ ده، وبعدين دي سُمعة وأعراض، الخبر يوصل القبيلة عندنا يقولوا عليا إيه، زعفرانة بنت الحاج حبهان راحت تشتغل في عالم البشر رجعت من هناك محلوبة؟
-لا عندك حق، أهم حاجة سمعتك في القبيلة، والعفريت إيه غير سُمعة.
=المهم جريت لحد ما اختفيت، بس عرفت بقى الواد ساب النوق كلها وجري ورايا أنا ليه.
-ليه يا زعفرانة؟
=أنا دايمًا بتحوّل من هيئتي الحقيقية لأي هيئة تانية عادي، لكن مجرّبتش أتحوّل لناقة قبل كده، عشان كده لما اتحوّلت كل حاجة كانت تمام إلا ديلي، يعني ديلي العفاريتي كان لسه زي ما هو، والواد أخد باله والديل لفت نظره وجري ورايا أنا.
-يعني مكانش عايز يحلبك؟
=الله أعلم بالنوايا بقى، هو أنا عارفة كان هيعمل إيه، وبعدين ده عيّل، هو في حد بيآمن للعيال.
-عندك حق يا زعفرانة، العيال مش مضمونة وحركاتها بايخة.
=المهم بقى مرضيتش أفشل في مهمّتي، رجعت تاني وفضلت أراقب المكان من بعيد، لحد ما لقيت الراجل وابنه فجأة طالعين يجروا وسايبين المكان، قُلت فرصتي بقى، بَس متحوّلتش لناقة تاني عشان حكاية الديل دي.
-أومال عملتي إيه؟
=اتحولت للراجل صاحب الجِمال، ودخلت بقى عليهم عشان أمسكهم.
-وبعدين؟
=لسَّه بقول يا هادي، ولقيت واحد بيمسكني من رقبتي وبيقول لي: وقعت في إيدي يا عثمان.
-عثمان مين؟
=صاحب الجِمال، ما هو اتضح لي إنه طلع يجري هو وابنه عشان يهرب، لأنه مديون للراجل ده ومش معاه يدفع الفلوس.
-وبعدين يا زعفرانة.
=قعدت أقنعه إني مش صاحب الجِمال ولا عثمان، وأنت عارف بقى هو ماسكني، وطول ما هو ماسكني يبقى مش هقدر أرجع لشكلي الطبيعي غير لما يسيبني، قُلت أتخانق معاه بقى وزي ما تيجي، قام ضاربني بالبونية في ودني.
-تبقي عفريتة وتنضربي يا زعفرانة؟
=ما أنت متعرفش السبب، أصل الراجل ده طلع ملبوس، والعفريتة اللي لبساه طلعت معرفة قديمة، وعلى ما كلمتها كلمتين كان أخدني على خوانة.
-يعني البونية هي اللي ورَّمت ودنك دي؟
=لأ ودني دي وارمة من القلم اللي رزعتهولي من شوية، البونية مورَّمة ودي التانية.
-أحسن، عشان مفيش ناحية تبقى أحسن من ناحية وتوازنك يختل وتقعي، كفاية الخلل اللي في عقلك.
=أنا عقلي يوزن قبيلة على فكرة.
-واخد بالي يا زعفرانة.
=المهم بقى العفريتة اللي على الراجل هي اللي خلَّصت الحكاية، أصلها كانت معجنة مش خناقة، كان بيضرب بإيديه الجوز ورجليه الجوز، وأنا بضرب بإيدي ورجلي وديلي، لكن العاركة خلصت بقى والعفريتة اللي على الراجل عملت معاه الواجب، وطلع يجري حافي في الصحرا، وساعتها بقى عرفت أشوف شغلي، مسكت لَك الجِمال جَمَل جَمَل وأخدت من كل واحد عين، وطلعوا نُص كيلو زي ما طلبت.
-يا نهار أبوكي حبهان مش فايت، أنتي جبتي عين جَمَل بجد؟
=مُش أنت اللي طالب كده، ولا أنت كنت عايز الجوز عيون مع بعض ولا إيه؟ أنا قُلت آخد عين واحدة عشان التانية الجَمل يعيش بيها، تحِب أرجع أجيب لَك الباقي؟ لو عاوز تكملهم كيلو على بعض يعني.
-كيلو إيه وهباب إيه، يعني الجِمال هناك بقت عورة وبعين واحدة دلوقت؟
=وأنا أعمل إيه بَس مُش أنت اللي طالب!
-يعني الكِيس دَه فين عين جَمَل حقيقية؟
=ولسان عصافير، ولا عاوزني أرجع بالطلبات ناقصة، هو أنا صغيَّرة!
-كمان! عملتي إيه في العصافير يا لئيمة؟
=ما أنا هقول لَك، بعد ما جبت عين الجمل ورجعت كنت بفكَّر أجيب لسان العصافير منين، وأنت قاعد في مكان مفيهوش شجر كتير، فضلت أتصنَّت لحد ما سمعت صوت عصافير جاي من شجرة، أخدت بعضي وطلعت على هناك، ولسَّه بقرَّب من الشجرة.
-إيه، الشجرة فرقعت ولا طلعت تجري منك ولا حصل إيه في يومك اللي مش فايت ده؟
=لأ مفيش حاجة من دي، سمعت صوت طالع منها بيقول: "مش مسموح لِك تقرَّبي من الشجرة يا زعفرانة يا بنت حبهان".
-هي الشجرة بتتكلم يا زعفرانة؟
=لأ، طلع ساكن فيها قبيلة في بينها وبين قبيلتنا عداوة، وعلى ما أخدوا منّي عهد إني أخلَّص مهمّتي وأمشي كانوا طلعوا عيني، وطلعت على الشجرة بقى ومسكتهم عصفورة عصفورة، بس هدُّوا حيلي وأخدت وقت على ما جمَّعت الربع كيلو، بعد كده ابقى اطلب طلبات سهلة، أنت مُعقَّد ليه كده؟
-أنا مُعقَّد أه، على كده لو كنت طلبت كافيار كنتي هتغوضي في أعماق البحار وتقفشي في السمك تخليه يبيض.
=اطلب أنت بَس وأنا أعرف عفريتة من الجِن المائي تخلَّص الطلب في ثانية.
-هو أنتي هتفضلي ملازماني كتير يا زعفرانة؟ مش ناوية تنصرفي وتحلّي عني بقى؟
=أحِل عنَّك وأروح فين.
-تحرميني من طلِّتك البهية دي.
=وهتلاقي عفريتة زيي فين، سريعة وقوية وأجيب أتخن مارد الأرض.
-أيون.. بأمارة البونية اللي أخدتيها من الراجل وودنك لسه وارمة.
=قُلت لك اتاخدت على خوانة، هتحسب الخوانة ولا إيه؟ وبعدين سيبك من كل ده، كفاية إني زكية.
-ملاحظ من غير ما تقولي، أنتي أذكى اخواتك يا زعفرانة.
=أنت عرفت المعلومة دي منين؟
-يعني لو أنتي أذكى اخواتك بجد، أومال اخواتك عاملين ازاي؟
=كلهم عفاريت، أنا الوحيدة اللي عفريتة. وآخر العنقود كمان، والعفريتة الأنثى في القبيلة عندنا ذكاءها أعلى من العفريت الذكر.
-واضح من مستوى ذكائك المُبهر يا زعفرانة، وبعدين طلعتي آخر العنقود، جاية غلطة يعني.
=لأ مُش غلطة ولا حاجة، مُش أنا كنت قُلت لَك نظام الجواز عندنا في القبيلة، إن العريس ينفخ في ودن العروسة اليمين يجيب ولد، والشمال يجيب بنت، وفي الاتنين يجيب توأم.
-أيون حصل، الطريقة اللي محتاجة كتالوج دي.
=أنا بقى جيت بنت.
-يعني الحاج حبهان كان ماشي مظبوط طول حياته، وفي آخر مرَّة جاله حَوَل ونفخ في الودن الشمال، عشان تشرَّفي في الدنيا وأتدبِّس أنا فيكي.
=أهو نصيب بقى، ها.. أحُط الكيس اللي فيه الطلبات ده فين؟
-يلا يا بنت الـ...
***
=خلاص، هي الكوباية دي مش هتنكسر بقى؟
-دي رقبتك تنكسر والكوباية لأ، أنا معزّم عليها عشان تتحبسي تحتها.. كسرتي الشماعة بتاعتي، وخليتي الجيران يقولوا على شقتي مسكونة، وفي الآخر رايحة تخلعي عين الجَمل ولسان العصافير؟ زمان الجِمال ماشية تطقَّش في بعضها والعصافير بقى خارسة واتعلّمت لغة الإشارة.
=يعني هو الجمل هيعمل إيه بعينه، هيقرا جرايد؟ ولا العصافير هتذيع نشرة الأخبار! وبعدين ما أنت اللي طلبت، مُش عارفة بتعمل كده ليه، ما أنا جبت لَك طلباتك.
-يعني وأنتي نازلة ملفتش انتباهك السوبر ماركت اللي تحت؟ رايحة تخلعي عين الجِمال ولسان العصافير.
=لا ما أنا منزلتش من مدخل العمارة، أنا لما خرجت من الباب اختفيت وخرجت من شباك السلم ومأخدتش بالي من السوبر ماركت ده، وبعدين غلطة يعني هو أنت مبتغلطش؟
-كلنا بنغلط، لكن مش بنأذي في مخلوقات ربنا يا زعفرانة.
=زمان الراجل بيدعي ليا دلوقت، ما جايز صاحب الديون كان عاوز ياخد الجِمال مقابل الفلوس ولما يلاقيها عورة يسيبها.
-والله هي وجهة نَظر وكل حاجة، بَس ده ميمنعش إنك لازم تتحبسي تحت الكوباية شوية عشان تفكري شوية قبل ما تبهدلي الدنيا، ولو مش فاهمة تبقي تسأليني.
=طيِّب شيل الكوباية، مُش بعرف المسها من التعويذة اللي فيها، ووعد مش هعمل كده تاني وهسألك قبل ما أتصرَّف.
-ماشي يا زعفرانة، عارفة هخرَّجك ليه، عشان هي غلطتي إني طلبت طلب من واحدة ذكية زيك، اخرجي.
=ربنا يسترك، الواحد جاله أتَب من القعدة دي، وبعدين احمِد ربنا إني رجعت سليمة من الصحرا بعد المعجنة اللي حصلت هناك.
-لا أنا بحمد ربنا إن الواد معرفش يمسكك، كان زمانه حلبك وشرب وجاله تسمم.
=يحلب إيه وكلام فارغ إيه، إيه المسخرة دي، أنا مش هتحوّل لناقة تاني، ولا لأي حيوان بيتحلب.
-شاطرة يا زعفرانة، عشان سلامة البشرية برضه.. يا ناقة.
=إيه ده.. أنت بتشتم؟
-أيون بشتم يا زعفرانة.
***
تمت...