آخر الموثقات

  • ق.ق.ج/ بئر العينين
  • مكانة الأسياد ..
  • تقوى الله محرك مهنة الطب
  • التعليم السوداني بين العزلة وإعادة إنتاج الأمية
  • أصداء أزهري محمد على نقد متجدد للحكم في السودان 
  • معركة الكرامة: بين الخيانة والوفاء للوطن
  • بين رفقة الأحلام ورفقة التكنولوجيا أحلام تزهر بالمعرفة
  • طقوس الزواج السوداني بين الأصالة والمفارقة: من قطع الرهد إلى إشعار البنك
  • لقاء السحاب
  • يا صديقي.. لو كنا تزوجنا من زمان
  • رسالة بين القلب والعقل
  • ما وراء الغيم الأسود
  • حين عاد الصوت من الغياب
  • على حافة الفراغ.. حكاية قلب يبحث عن أنس
  • أمسية على ضفاف الذاكرة
  • تهت في عيونك
  • جاء موعد كتابتي إليك
  • عبارات مبالغ فيها لإبن تيمية
  • ابن تيمية فى مواجهة الوهابية 
  • لابوبو الجزء ٤
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة محمد شحاتة
  5. حكايات زعفرانة "سميرة"

رجعت من شُغلي متأخر؛ في الليلة دي كنت مُرهق جدًا ومش شايف قدامي من الصداع، ومكنش ليا مزاج ولا عندي طاقة أكتب حاجة، لكن فجأة لقيتني بغيَّر قراري وبقعد على مكتبي، شديت ورقة فاضية وكتبت في بدايتها من فوق "سمير"، وقعدت أسرد أحداث قصة تفاصيلها أصلًا مكانتش على بالي. 

 

فضلت أكتب لحد ما سمعت رنة عقرب الساعة لما وصل لـ ١٢ صباحًا، في اللحظة دي بس رفعت عيني من على الورق، ولقيتني مكتبتش غير مقدمة القصة، سيبت القلم من إيدي وقومت، وساعتها لفت انتباهي إن صورتي المعكوسة في المراية اللي جنبي مش بتتحرك. 

 

أول مرة تحصل معايا حاجة زي دي؛ كان سبب كفاية إني أتسمّر في مكاني، خصوصًا إن الصورة اللي معكوسة مكانتش صورتي؛ دي صورة حد تاني، وعلى شان أكون دقيق في كلامي؛ يبقى لازم أقول صورة مخلوق غريب، تكوينه مزيج مابين الإنسان وشيء تاني، جسمه في هيئته أقرب للأنثى، ملامحها جميلة، لكن لما دققت فيها حسيت بخوف، واتضح لي بعد تدقيق في المراية إني شايف كيان أقرب من إنه يكون جنِّية من تحت الأرض؛ وإنها بتحاول توصل لي عن طريق المراية.

 

انتظرت لدقايق، قولت جايز هلاوس من الضغط اللي دايًما بحُط نفسي فيه، أو إني بدأت أشوف تفاصيل اللي بكتبه متجسد قدامي، بس اتفاجأت إنها مش هلاوس، واتأكدت من ده لما سطح المراية بدأ يتهز وتحصل فيه تموّجات، نفس اللي بيحصل بالظبط لما تلمس سطح مائي راكد؛ وتشوف بعينك الاضطرابات اللي ظهرت فيه، وده طبعًا حصل لما الكائن ده مد إيده ولمس سطح المراية من جوَّه.

 

فكرت شوية في اللي بيحصل قدامي، حاولت أخرج من دايرة إني ممكن أكون كتبت حاجة قبل كده وبدأت تظهر في الواقع بتاعي، لكن اللي على الورق بيكون عايش في خيالنا بس، إنما الحقيقة حاجة تانية، قواعد اللعبة مختلفة، إحنا ممكن ناخد من الواقع ونحُط في الورق، إنما ناخد من الورق ونحُط في الواقع؛ لأ، كل ده كنت بفكر فيه وأنا شايف المراية بتِتشَق والكائن ده بيخرج منها، وبعدها رجليه بتلمس أرضية أوضة المكتب عندي، وبيقرب ناحيتي بعد ما المراية رجعت لطبيعتها وصورتي رجعت عليها تاني، حاولت أسيطر على هدوئي، فضلت قاعد على الكرسي منتظر أشوف إيه الحكاية، واللي لاحظته إن الكائن ده من لحظة ما خرج من المراية وعينه مجاتش عليا، ده كان مبحلق في الورق اللي قدامي على المكتب، كان بيقرّب منه ولما وصل عنده انحنى وقرَّب مناخيره من الورق كأنه بيشِم الحِبر اللي اتكتبت بُه مقدمة القصة، واتأكدت من ده لما لقيته بياخد نفَس عميق وبيملى صدره من الورقة وهو مغمض عينيه، وبعدها بينطق وبيقول:

_ريحة الرعب والخوف في قصصك مختلفة عن أي مكان تاني.

 

بعد ما سمعت الصوت اتضح لي إنه صوت أنثى؛ لكن مُش ده الغريب، اللي كان غريب فعلًا إنها قالت ريحة الرعب والخوف، بس لساني كان متلجم ومقدرتش أنطق، لكن هي اللي كانت بتكمل كلامها...

_كل حاجة بتيجي في بال الإنسان بيكون ليها سبب؛ الشرارة الأولى لازم حد يتسبب فيها، وأنا الشرارة الأولى للفكرة عندك، أنا اللي حرَّكتك على شان تخلي سميرة تحكي عن نفسها في الورق بتاعك، لأني زي ما قولت لك ريحة الرعب والخوف عندك مختلفة، ده اللي خلاني هنا دلوقت، وبدل ما كنت مجررد شرارة الفكرة عندك من ورا الستارة، قررت أشاركك في الواقع. 

 

ساعتها لساني اتحرر من القيد اللي حواليه وسألتها:

_أنتي مين؟

 

رفعت عينها عن الورق اللي مكتوب فيه القصة وقالت:

_زعفرانة.

 

فاتت ثواني من الصمت مكنتش لاقي حاجة أقولها، كل اللي عملته هو إني قلبت ورق القصة على وشُّه، وساعتها قالت:

_بتعمل إيه؟

 

رديت بكل عفوية:

_هنام.

_لأ نوم إيه اللي بتفكر فيه، تعال نكمل حكاية سميرة، قول لي: وصلت لفين معاها. 

 

في الوقت ده استرجعت الأحداث اللي أنا كتبتها وقولت:

_بدأت بالكابوس اللي شافته من وقت ما سكنوا في البيت الجديد، لم شافت إنها بتتزف على واحد جوَّه المقابر، وإنها كانت بتحكي الكابوس ده لعلياء؛ صديقتها المقربة، لحد ما أخوها مات في حادثة، وبعدها أمها ماتت من الصدمة على أخوها، وبعدها فترة المرض اللي أبوها قضّاها قبل ما يموت، ووقفت في القصة عند المشهد اللي اضطرت فيه تبيع البيت بتاعهم؛ لما اكتشفت بعد موت أبوها إنه كان مديون دين كبير، والدَّيانة طالبوها بالفلوس؛ ومكنش قدامها غير إنها تبيع البيت وتسدد الديون، وبعدها ترجع تعيش في بيتهم القديم اللي في وش المقابر، برغم إنها ما صدقت إنها اتخلصت من الخيالات اللي بتشوفها بين القبور كل ليلة.

_طيّب كمل؛ أنا هخلي سميرة تحكي القصة جوَّه عقلك، وأنت اسردها للناس على لسانها على شان الناس تقرأ.

 

***

 

معرفش ليه ريحة الخوف بتطاردني في كل مكان، شمّيتها في موت أخويا وأنا بلقي عليه نظرة الوداع، والحكاية اتكررت مع أمي؛ وفي أيام أبويا الأخيرة كنت بشم ريحة الخوف كل لحظة والتانية في البيت، حتى دلوقت بعد ما نزلت من التاكسي ومعايا شنطة هدومي وواقفة ببُص لبيتنا القديم اللي مقفول من سنين طويلة؛ مكنتش قادرة أبُص ورايا لأن عيني هتيجي على المقابر، اللي كبرت وأنا بشوف فيها خيالات كل ليلة، وبعد ما سيبتها كنت بشوف نفسي بتزف فيها على واحد معرفوش. 

_حمد الله على سلامتك يا سميرة؛ أخيرًا حد منكم افتكر البيت!

 

كانت خالتي سنية جارتنا، وبرغم إني مشوفتهاش من سنين طويلة، لما كان عندي 15 سنة، لكن عرفتها لأن مفيش حاجة فيها اتغيرت، لا شكلها ولا صوتها، ساعتها قربت منها وسلمت عليها؛ واترميت في حضنها وقولت وأنا بكتم دموعي:

_معدش فاضل غير البيت ده يا خالتي.

 

طبطبت عليا وقالت وهي بتحاول تفهم معنى كلامي:

_تقصدي إيه يا سميرة يا بنتي؟

_أقصد إن كل حاجة ليا راحت، أبويا وأمي وأخويا، الموت أخدهم كلهم؛ حتى البيت اللي كنا عايشين فيه راح في الديون، ده اللي خلاني أرجع؛ لأن معادش ليا غير البيت ده.

 

بعد شوية مواساة؛ وكلام كتير منها على شان تصبّرني قالت لي:

_من فات قديمه تاه؛ بيتك موجود قدام عينك، يلا افتحي بوابتك وادخلي، نورّتي بيتك، ربنا يرحم اللي راح؛ الحي أبقى من الميِّت يا سميرة.

 

زقتني بإيدها في ضهري زقة خفيفة على شان أتحرَّك ناحية البيت؛ وهي بتمد إيدها تشيل شنطتي مكاني.

 

بعد كام خطوة كنا قدام البوابة، وفي اللحظة دي طلبت مني أطلَّع مفتاح البيت وقالت:

_افتحي البوابة وادخلي بيتك؛ يلا مستنية إيه، ولا مبسوطة وأنتِ سايبة لهم البيت.

 

بالفعل كنت بمد إيدي في شنطتي على شان أطلَّع المفتاح، لكن بعد ما سمعت كلامها اترددت وقولت لها:

_تقصدي مين يا خالة سنية؟

 

ساعتها طبطبت على ضهري وهي بتبتسم وبتقول:

_متخافيش كده؛ أقصد العنكبوت، هو مين اللي بيعيش ويعشِّش في البيت بعد ما أهله يهجروه غيره؛ يلا افتحي بوابتك.

 

فتحت البوابة وأخدت شنطتي ودخلت البيت؛ بعد ما سمعتها وهي بتقول لي:

_هبقى أشقَّر عليكي من وقت للتاني.

 

مع صوت البوابة وهي بتتقفل كل حاجة بدأت، والبداية إني سمعت صوت البوابة وهي بتتقفل من تاني، خطواتي وقفت غصب عني وإيدي اتهزَّت بالشنطة، أنا لسه قافلة البوابة من لحظة بس، ليه بسمع صوتها بتتقفل من تاني؟

 

بصيت ورايا؛ ولقيت إن البوابة مقفولة بشكل طبيعي، كملت طريقي وقولت في نفسي: جايز لسان الكالون معلَّق لأنه متفتَحش من سنين طويلة، مشيت وحطيت رجلي على أول سلِّمة، وخطوة والتانية كنت واقفة قدام باب الشقة، حاولت كتير مع مفتاح الباب اللي كان معصلَج، لحد ما الباب اتفتح، وساعتها الستار اترفع عن شقتنا القديمة، اللي كل حاجة فيها فكرتني بحياتي اللي فاتت، حتى خيالات المقابر افتكرتها.

 

كل اللي في ذاكرتي اتحذف فجأة؛ لما لمحت آثار رجلين على الأرض قدامي، كانت واصلة بين مدخل الشقة وأوضتي، حسيت إن جسمي اتجمِّد في مكانه، مفيش حد دخل هنا من سنين، والآثار اللي ظهرت قدامي بتقول إنها مش من فترة بعيدة، واللي زاد وغطّى، هو إن باب الشقة اترزع واتقفل لوحده.

 

أول حاجة عملتها هي إني مفكرتش في السبب اللي خلّى الباب يتقفل من نفسه، كان كل همي أتخلص من الضلمة اللي بقيت فيها، ولأني عارفة أماكن مفاتيح الكهربا، قربت من الحيطة اللي جنب الباب وفتحت النور، وساعتها ملقتش آثار رجلين في الأرض، المكان كان طبيعي زي ما سيبناه آخر مرة. فسرت اللي حصل على إنه زغللة عين، جايز التراب المتراكم في الأرض مع الضلمة وشوية النور اللي دخلوا من الباب لما اتفتح خلاني أتخيل ده، وفجأة رفعت عيني ناحية الستارة اللي على شباك أوضتي، لما لقيتها اتنفخت فجأة، عرفت إن ده طيار هوا بيروح وييجي؛ وأكيد هو اللي قفل الباب، مشيت ناحية الأوضة وفجأة خطوتي وقفت لما سألت نفسي سؤال: هو إزاي الهوا حرَّك الستارة والشباك مقفول؟

 

أخدت بعضي ودخلت ناحية الأوضة، عيني كانت على ستارة الشباك، اللي في الوقت ده كانت ثابتة مبتتحركش، ولما قرَّبت منها مديت إيدي ناحيتها برغم التوتر اللي جوايا، لكن كان لازم أعمل كده، على الأقل أشبع رغبة الفضول اللي جوايا وأعرف السبب اللي خلاها تتحرك.

 

لما مسكتها لقيت إن عليها تُراب كتير، شيء طبيعي لمكان اتقفل سنين طويلة. كنت عاملة حسابي إن ورايا رحلة تنضيف طويلة في البيت، ده اللي خلاني أركن التُراب على جنب دلوقت، وأبعِد الستارة عن الشباك، وبعدها مديت إيدي على شان أفتحه، الأوكرة كانت معصلجة، الصدا لقاها فرصة ومسِك في كل حاجة وإحنا غايبين، بس فضلت وراها لحد ما عرفت أفتحها، وساعتها فتحت الدرفتين؛ حسيت بخوف لما سمعت صوت المفصلات وهي بتزيَّق، لكني كمِّلت؛ فتحت الإزاز وبعده الشيش، وساعتها شوفت المنظر القديم من تاني؛ القبور، لكن المرَّة دي كانت على امتداد البصر، السنين فاتت وقبور كتيرة اتبنت، لدرجة إن عيني مبقتش عارفة تجيب آخرها. لكن اللي خوفت منه محصلش، لأني ملاحظتش الخيالات اللي كانت بتظهر لي لما كنت عايشة هنا زمان.

 

النهار كان بادئ ينكسر، في اللحظة دي قررت أقفل الشباك، محبتش يبقى أول حاجة أشوفها في بيتنا القديم هي القبور اللي قدامه، أنا زهقت من الموت اللي حاوطني وأنا بفقد أسرتي واحد ورا التاني، لحد ما الزمن دار ورجعت على شان ألاقي الموت في وشي ليل نهار، هو وكل حاجة كنت ما صدقت إني خلصت منها، قفلت الشباك ونزلت الستارة وخرجت من الأوضة، لكن أول ما بقيت في الصالة لقيت رجليا بتلزق مكانها في الأرض، لأني شوفت أمي قاعدة قدامي على الكنبة!

-أخيرًا رجعتي يا سميرة؟

 

هو نفس صوت أمي، اللي سمعته لما قالت لي الكلام ده وأنا مش مصدقة وداني ولا عينيا، أمي ماتت في البيت الجديد، كلهم ماتوا، واندفنوا في المقابر اللي قدام البيت ده لأن المقابر بتاعتنا هنا، إزاي أمي رجعت من تاني وقاعدة قدامي تكلمني بشحمها ولحمها؟

 

الصدمة كانت أكبر من إني آخد أي رد فعل، مقدرتش أعمل أكتر من إني أقفل عيني وأحط إيدي على ودني، كانت رغبة في إني أنفصل عن كل حاجة حواليا وأهرب من الواقع المخيف اللي رجعت له تاني، الوقت فات؛ وانتظرت أسمع صوت أمي، لكن مسمعتش غير صوت ضربات قلبي اللي كانت بتزيد مع مرور الوقت، ساعتها فتحت عيني، أول حاجة بصيت عليها هي الكنبة؛ اللي كانت فاضية وأمي مش موجودة عليها.

 

في الوقت ده أخدت نفسي وضربات قلبي رجعت طبيعية، التفسير الوحيد للي حصل إن رجوعي لبيتنا القديم حرَّك ذكريات زمان اللي عقلي الباطن مخزنها، خلاني أشوف أمي وهي قاعدة في مكانها اللي مكانتش بتغيَّره، حسيت بحِمل تقيل اتشال من على صدري، لمجرد قناعتي إن اللي شوفته تهيؤات. لأن الشيء اللي كنت بخاف منه زمان؛ الخيالات وكل ده، كنت بشوفه في المقابر بالليل مش جوَّه بيتنا.

 

لكن اللي قدامي بيقول إن الدنيا اتغيرت، لأني شوفت آثار الرجلين من تاني؛ المرة دي اتجاهها كان متغير، كانت بادئة من عند الكنبة اللي شوفت أمي عليها وواصلة لحد الحمام، ساعتها عيني راحت غصب عني ناحية هناك، وبمجرد ما عيني جت على باب الحمام لقيته بيتحرَّك حركة خفيفة، زي ما يكون في حد دخل وردُّه وراه بدون ما يقفله، ساعتها ضربات قلبي زادت من تاني، واللي زاد وغطى؛ هو إني سمعت صوت المايَّه اشتغلت فجأة في الحمام، كان صوت الدُّش، بلعت ريقي ولفيت إيدي حوالين جسمي على شان أخفف الرعشة اللي حسيت بها فجأة، ولما حسيت إني قادرة أنقل رجلي من الأرض، أخدت بعضي وروحت ناحية الحمام، وقفت قدام الباب اللي كان لسه بيتحرك، صوت الدُّش كان لسه شغال، ساعتها مديت إيدي وفتحت الباب؛ على شان أشوف بعيني الدُّش وهو شغال على الفاضي، ومغرَّق أرضية الحمام مايَّه.

 

مقدرتش أعمل حاجة غير إني أرجع بضهري لورا وأنا مصدومة، وفي اللحظة دي الباب كان بيتقفل من نفسه، لحد ما رجع للوضع اللي كان عليه، بس كل ده وقف لما سمعت صوت خبط على البوابة تحت، قلبي وقع في رجلي لمجرد إحساسي إن في حاجة جوَّة البيت محاصراني، من شباك أوضتي للحمام للبوابة تحت، وافتكرت كلمة خالتي سنية لما قالت لي سايبين البيت لهم على شان يسكنوه، ولما استفسرت عن كلامها ضحكت وقالت العنكبوت، ساعتها بس رفعت عيني في السقف، لقيت في تُراب لكن مكانش في عنبوت ولا حاجة، وساعتها تفكيري راح في الاتجاه اللي فكرت فيه، وهي إنها كانت تقصد حاجة غير العنكبوت ولما سألتها حبَّت تبعدني عن التفكير في الحكاية دي.

 

كل الهواجس اللي جوايا وقفت لما سمعت صوت خالتي سنية على البوابة تحت، واتضح لي إن هي اللي كانت بتخبَّط من شوية، أخدت بعضي ونزلت، ساعتها لقيتها واقفة قدام البيت، أول ما شوفتها فتحت البوابة وقولت لها:

-اتفضلي يا خالتي.

 

ساعتها رفضت تدخل البيت وقالت:

-أنا بس كنت جاية أطمن عليكي، أصل ليكي وحشة، أحوالك عاملة إيه؟

 

قبل ما أجاوب على سؤالها بصيت ورايا ناحية مدخل البيت الضلمة، معرفش ليه جسمي ارتجف من الخوف، وفي الوقت ده افتكرت كلامها وسألتها:

-قولي بصراحة يا خالة سنية، كنتي تقصدي إيه بإننا سايبين لهم البيت؟ أصل مش قادرة أقتنع إنك تقصدي العنكبوت.

 

بصَّت لي في صمت شوية بعد ما سمعت كلامي وقالت:

-وإيه اللي مش مخليكي تقتنعي إني مقصدش العنكبوت.

-أصل من ساعة ما رجلي دخلت البيت وبتحصل معايا حاجات غريبة.

-حاجات زي إيه؟

-ستارة الشباك اتحركت فجأة برغم إن الشباك مقفول، بشوف آثار رجلين لحد ماشي، وبعدها تختفي وتظهر في اتجاه تاني، الدُّش اشتغل من نفسه وفي حد بيحرَّك باب الحمام.

-ما أنا قولت لِك؛ سايبين لهم البيت سنين طويلة يمرحوا فيه، ولما شوفت الخوف على وشك بعد كلامي قولت العنكبوت على شان متشغليش بالك، لحد ما تطلعي وتشوفي الحقيقة بنفسك، البيوت اللي بتتقفل بتتسكن يا سميرة، ما بالك بقى بيت قديم ومقفول وفي وش المقابر.

 

جسمي اتلبش في بعضه من كلامها، اللي لو بسمعه في ظروف تانية مكنتش صدقته، لكن في الظروف اللي أنا فيها دي مقدرش أنكره، وفي اللحظة دي قولت لها:

-وهو البيت المسكون يخليني أشوف أمي اللي ماتت في بيت تاني غيره؟

-مش صعب عليهم إنهم يتجسدوا في صورة أي حاجة تتخيليها.

-مين دول اللي بتتكلمي عنهم يا خالة سنية؟

-اللي سكنوا البيت يا سميرة.

 

ساعتها بلعت ريقي وقولت لها:

-طيب والحل إيه؟

-دول ضيوف، بمجرد ما أصحاب المكان بيرجعوا تلاقيهم بيمشوا، لكنهم مش بيمشوا في ساعتها، أنتي لو نقلتي من مكان لمكان بتاخدي شوية وقت، وهما زينا بالظبط، ولو عايزة تعجلي بمشيهم يبقى لازم حد يقرأ في البيت.

-طيب ما تشوفي حد يقرأ في البيت يا خالتي، لأني نسيت الناس ومش عارفة حد هنا، وفي نفس الوقت مش هقدر أعيش في البيت بالوضع ده.

-مفيش غير الشيخ مبروك إمام الجامع، هبقى آخدك ونروح نحكي له على اللي بيحصل، ويشوف ييجي إمتى يطهَّر البيت ويحصَّنه كمان.

-الله يبارك لك يا خالتي.

 

انتهى كلامنا ورجعت على بيتها، وأنا دخلت وقفلت البوابة ورايا، وساعتها لمحت في مدخل البيت محبس المايَّه وهو مقفول، استغربت ازاي الدُّش كان شغال، لكني فتحت المحبس وطلعت على فوق، معرفش ليه كنت مطَّمنة بعد كلامي معاها، كان إحساس مش مفهوم ومالوش تفسير، أخدت بعضي وطلعت على فوق، وأول حاجة عملتها هي إني روحت ناحية الحمام، اللي بابه كان مقفول برغم إني سيباه مردود قبل ما أنزل.

 

قرَّبت من الباب وفتحته، وساعتها اتفاجأت إن أرضية الحمام ناشفة، شكل البلاط بيقول إن مفيش نقطة مايّه نزلت عليه من وقت ما سيبنا البيت، واللي بيأكد ده هو إن محبس البيت كان مقفول ولسه فتحاه من شوية، أومال ازاي شوفت الدُّش شغال!

 

لو سيبت نفسي للتفكير يبقى دخلت في طريق نهايته الجنون، مكنش قدامي غير إني أطلب من خالتي سنية إنها تجيب الشيخ مبروك، وقررت أتحمل المزاولات اللي بتحصل لحد ما الحكاية تنتهي.

 

من وقت ما طلعت البيت والجو متغيَّر، ريحة كمكمة والهوا يخنُق، قولت أكيد بسبب البيت اللي اتقفل سنين، وإني لسه منتبهة للحكاية دي لأن من وقت ما دخلت وفي حاجات كتير كانت مشتتة انتباهي، قرَّرت أهوِّي البيت، البداية كانت من أوضتي، دخلت ورفعت الستارة وفتحت الشباك، الليل خلاص كان قرَّب يدخل، طنشت منظر المقابر اللي قدامي وقولت المهم شوية الهوا اللي هيغيروا ريحة البيت، لكن لقيت عيني بترجع تاني ناحية المقابر، لكن مش على شان الخيالات القديمة لأ، أنا شوفت واحدة ماشية جواها، استغربت وسألت نفسي مين اللي ماشية جوَّه المقابر والليل داخل، بس اتصدمت لما لقيتها خالتي سنية، وقفت أراقبها وأشوف هي داخلة تعمل إيه، ولقيتها بتقعد على مصطبة قبر مفتوح، وبعدها بترفع عينيها فجأة ناحيتي، لدرجة إن جسمي اتلبّش لما بصيت في عينيها، وبعدها ابتسمت ابتسامة غامضة ومخيفة، قبل ما تقوم وتدخل جوه القبر اللي كانت قاعدة قدامه.

 

محستش بنفسي غير وأنا بنادي عليها، الذهول كان واضح في صوتي، اتلخبطت ومعرفش كنت بتصرف إزاي، محستش بنفسي غير وأنا نازلة على السلم وفي إيدي كشاف أخدته من درج النيش، كان جوايا فضول أعرف هي بتعمل إيه جوَّه القبر.

 

خرجت من البيت وعديت الشارع، تخطيت مخاوفي ولقيت نفسي في وسط القبور، وكلها كام خطوة ولقيتني قدام القبر اللي خالتي سنية دخلت جواه، ضربت نور الكشاف فيه على شان أشوفها، واتفاجأت إن القبر مقفول، لفيت حوالين نفسي أدوَّر على القبر، قولت جايز مكنتش شايفة مكانه من فوق كويس، لكن القبور كلها كانت مقفولة، رجعت بصيت على القبر اللي دخلته من تاني، وفي المرة دي ركزت مع الاسم اللي على الرخامة بتاعته، واللي كان مكتوب عليها اسم خالتي سنية!

 

الدنيا ضلِّمت حواليا، وده بسبب إن الكشاف فصل لأن بطاريته فاضية ومش مشحون، ودي حاجة منتبهتش لها لما نزلت وأنا متلخبطة، حسيت بالخوف بيسيطر عليا من تاني، لمجرد إني على قناعة بوجودي وسط القبور والدنيا ضلمة، حاولت أتمالك أعصابي على شان أخرج للشارع، بدأت أتحرك، واللي ساعدني هو نور البيوت اللي كان كاسر الضلمة عند المكان اللي دخلت منه، مشيت ناحيته وقبل ما أخرج سمعت صوت خالتي سنية، كان جاي من ناحية القبر اللي دخلت فيه، وساعتها كانت بتضحك ضحكة مخيفة وبتقول:

-فاكرة إن هو هيسيبك بسهولة؟ ده ما صدق إنك رجعتي.

 

الخوف خلاني أجرى من غير ما رجلي تعلِّم على الأرض، محبتش أستسلم للصوت اللي جاي من ورايا، ولما بقيت في الشارع رفعت وشي ناحية شباك أوضتي اللي سيبته مفتوح، على شان أتفاجأ بحد واقف في الشباك، كان عبارة عن ظِل أو خيال أسود مالوش ملامح، مُبهم التفاصيل، ساعتها شيلت فكرة دخول البيت من دماغي، لكن مكنتش عارفة أروح فين، لقيت رجلي وخداني ناحية بيت خالتي سنية، كان عندي أمل إن اللي حصل يكون تخاريف أو مزاولات، وقفت قدام بوابتها ورنيت الجرس لكنه مكانش شغال، بدأت أخبط على البوابة، البيت ضلمة ومفيش حد بيرد عليا، ولما فقدت الأمل افتكرت إنها قالت لي: الشيخ مبروك إمام الجامع، أخدت بعضي وروحت على هناك لأني فاكرة مكان الجامع، وقتها العشا كانت بتتصلى، انتظرت لما الصلاة انتهت والناس كلها خرجت، وساعتها شوفت آخر واحد خارج من المسجد وبيقفل الباب، كان شيخ كبير في السن ووشه بيطُل منه النور، قربت ناحيته وسألته:

-الشيخ مبروك؟

-أيون يابنتي، اتفضلي.

 

ساعتها عرفته بنفسي وبدأت أتكلم، وبسبب الخوف اللي كان ظاهر في صوتي والرعشة اللي في جسمي؛ كان بيسمعني بكل اهتمام، حكيت له كل حاجة، من وقت الكابوس اللي بدأت أشوفه بمجرد ما نقلنا البيت الجديد، لحد ما رجعت تاني ووقفت بشنطتي قدام بيتنا القديم، وآخر حاجة شوفتها وهي الشيء الغريب اللي كان في الشباك، ساعتها هز راسه وكأنه عارف سبب اللي بيحصل، وأول حاجة نطق بها وقالها:

-البقاء لله؛ خالتك سنية اللي بتقولي عليها دي يا سميرة ماتت من سنتين، واندفنت في القبر اللي قولتي عليه، والحقيقة إنك مشوفتيهاش؛ ولا شوفتي أمك، المشكلة هنعرف سببها لو سمحتي لي أزور البيت، على شان مش هقدر أتكلم غير لما أتأكد بنفسي.

-لكن أنا عايشة لوحدي يا شيخ و...

 

ساعتها قاطعني وقال:

-عارف يابنتي، أنا هجيب معايا بنتي ومراتي، هيقعدوا معاكي لحد ما أحل المشكلة اللي عندك.

 

في نفس الليلة؛ كنت قاعدة في الصالة مع مرات الشيخ مبروك وبنته، أما هو فكان في أوضتي، لأنه لما دخل البيت لقيته مركز معاها ومش مهتم بأي حاجة تانية، الغريبة إني لقيته بيزعق بصوت عالي، كان بيأمر حد إنه يخرج من المكان، وبعد شوية سمعت صوت كركبة في الأوضة، زي ما يكون في حرب دايرة جواها، الباب كان بيترزع ويتفتح من تاني، والشباك كان حاله من حال الباب، حتى سريري ومكتبي وكل حاجة كانت بتتشال وتتهبد في الأرض، لدرجة إني كنت سامعة دُرَف الدولاب وهي بتترزع، لكن مع الوقت كل ده بدأ يهدا، بمجرد ما الشيخ بدأ يقرأ آيات من اللي بتطرد وتحرق الجن والشياطين.

 

 

مقدرتش أحسب هو قرأ لمدة قد إيه، لأني وقتها حسيت بصداع شديد، وحسيت بنار في جسمي، زي ما يكون حد بيسحب سيف مولَّع كان مغروس في بطني، العَرَق نزل على جبهتي، وكانت مرات الشيخ وبنته بيحاولوا يساعدوني على شان أفضل محتفظة بوعيي، لحد ما بدأت أفوق لكن مكنتش بكامل قوتي، وفي اللحظة دي شوفت الشيخ مبروك وهو خارج من الأوضة، وساعتها قرَّب مننا وهو بيبُص لي وبيقول:

-اطمني يا بنتي، الشَّر رجع للمقابر.

 

كنت مستغربة كلامه، وبرغم حالتي اللي متدهورة لكن فضولي كان بخير، لأني سألته وقولت له:

-هي إيه الحكاية يا شيخ.

 

ساعتها ابتسم وقال:

-يعني لو صبر القاتل على المقتول، أكيد لازم تعرفي الحكاية، الموضوع باختصار يا سميرة إنه جِن من اللي بيسكنوا المقابر، ولأن أوضتك بتفتح على المقابر وأكيد كنتي بتقفي في الشباك زمان، شافك وحصل نوع من المَس العاشق، على شان كده كنتي بتشوفي فيها خيالات بالليل، وهو سبب الكابوس اللي شوفتي نفسك فيه بتتزفي على واحد في المقابر، كان بيوصلك رسالة إن الحكاية منتهتش، وما صدَّق إنك رجعتي، هو اللي اتجسد لِك في شكل سنية وقابلك لما وقفتي قدام البيت، وهو نفسه اللي شوفتيه في هيئة والدتك الله يرحمها، وهو كان سبب المزاولات كلها، لكن خلاص، ربنا قدرني وحبسته في المقابر؛ رجع العالم بتاعه بدون ما يكون معاه فرصة تانية للرجوع، يعني أنتي دلوقتي في أمان، ومتستغربيش إن هو اللي دلِّك عليا، متنسيش إن الرسول (ص) قال عن الشيطان صدق وهو الكذوب.

 

كنت بسمع الشيخ وبفتكر صوت سنية اللي خارج من القبر؛ لما قالت لي إنه مش هيسيبك في حالك، دلوقت بس فهمت كل حاجة، واللي بقيت فهماه كويس، هو إني مش هقدر أعيش هنا، لو إن الجِن اللي الشيخ حبسه مش راجع تاني زي ما بيقول، إيه اللي يضمن لي إن الحكاية متتكررش مع جن تاني وتالت، شيء صعب لما تكون عايش قدام المقابر، العالم اللي أنت على يقين إن فيه أموات ميملكوش من أمرهم شيء، لكن بننسى دايمًا إن المقابر عالم لكائنات تانية، تملك من أمرنا إحنا كتير، وتقدر توصل لنا وقت ما تحب، على شان كده بصيت لمرات الشيخ وقولت لها:

-أنا ليا طلب.

 

ساعتها بصت لي وقالت:

-أأمري يابنتي.

-ممكن أبات عندكم للصبح، لحد ما النهار يطلع وأروح لصديقة مقرَّبة مني، أصل أنا هبيع البيت ده وأشتري شقة في مكان تاني، مستحيل أعيش هنا لوحدي.

 

في الوقت ده الشيخ علَّق على كلامي وقال:

-عين العقل يابنتي، البيت كبير عليكي وقديم، والمكان هنا صعب إن بنت تعيش فيه لوحدها.

 

نزلت معاهم وأخدت شنطتي، بعد ما قفلت الشبابيك والشقة ومحبس المايَّه والبوابة، الشيخ مبروك قال لي إنه هيشوف مشتري للبيت في أقرب وقت، ولما وصلت عندهم، كلمت علياء صديقتي وقولت لها إني هروح لها الصبح لأني هبيع البيت، وطلبت منها تشوف لي شقة قريبة منها، ولما سألتني عن السبب قولت لها: لما أشوفك هحكي لِك كل حاجة.

 

تمت...

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↓الكاتبمدونة ياسمين رحمي
4↓الكاتبمدونة محمد شحاتة
5↓الكاتبمدونة غازي جابر
6↓الكاتبمدونة خالد العامري
7↓الكاتبمدونة ياسر سلمي
8↓الكاتبمدونة هند حمدي
9↑5الكاتبمدونة خالد دومه
10↓-1الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑19الكاتبمدونة منى كمال217
2↑16الكاتبمدونة يوستينا الفي75
3↑10الكاتبمدونة طه عبد الوهاب147
4↑10الكاتبمدونة وسام عسكر214
5↑8الكاتبمدونة عطا الله حسب الله137
6↑8الكاتبمدونة مروة كرم144
7↑8الكاتبمدونة سارة القصبي159
8↑8الكاتبمدونة عزة الأمير170
9↑7الكاتبمدونة اسماعيل ابو زيد62
10↑7الكاتبمدونة هبة محمد194
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1101
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب701
4الكاتبمدونة ياسر سلمي666
5الكاتبمدونة اشرف الكرم585
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري510
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني432
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين423
10الكاتبمدونة شادي الربابعة406

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب350469
2الكاتبمدونة نهلة حمودة205133
3الكاتبمدونة ياسر سلمي190210
4الكاتبمدونة زينب حمدي176673
5الكاتبمدونة اشرف الكرم138464
6الكاتبمدونة مني امين118840
7الكاتبمدونة سمير حماد 112661
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي103875
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين101225
10الكاتبمدونة مني العقدة98571

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة محمد فتحي2025-09-01
2الكاتبمدونة أحمد سيد2025-08-28
3الكاتبمدونة شيماء حسني2025-08-25
4الكاتبمدونة سارة القصبي2025-08-24
5الكاتبمدونة يوستينا الفي2025-08-08
6الكاتبمدونة منى كمال2025-07-30
7الكاتبمدونة نهاد كرارة2025-07-27
8الكاتبمدونة محمد بن زيد2025-07-25
9الكاتبمدونة ناهد بدوي2025-07-19
10الكاتبمدونة ثائر دالي2025-07-18

المتواجدون حالياً

295 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع