آخر الموثقات

  • صادقوا الرومانسيين
  • ربي عيالك ١٠
  • من بعدك، كلامي بقى شخابيط
  • إيران من الداخل بعد الحرب.. 
  • معضلة فهم الحرب على إيران
  • نصر سياسي ايراني
  • قصة قصيرة/ وصاية الظل
  • ق ق ج/ سرُّ الشجرة والقوس
  • قليل من الحياة
  • حين كنت تحبني سرآ
  • رفاهية الضياع
  • وفتحوا المكاتب تخصص جديد
  • يمكن الطريق موحش!
  • الخلل
  • لا أعيش مع بشر
  • اسئلة عقدية خليلية 
  • جرح الكلمات
  • الصالونات الثقافية ...... هل هي بدعة جديدة ؟
  • الحب الصحي
  • المولوية
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة محمد شحاتة
  5. عالم منسا

الصوت اللي كنت بسمعه وأنا طفل كان أكتر حاجة بتخوّفني، أنفاسي كانت بتروح منّي، وحاجة كانت بتسحب روحي من جسمي، والغريبة إني مكنتش بسمع الصوت دَه غير وأنا نايم..
دَق طبول، كأن في مَوكِب جاي من بعيد وقدّامه طَبل، ومع كُل دقّة قلبي كان بيتزحزح من مكانه، وشجرة الخوف اللي جوّايا كانت بتزيد فَرع، بَس برضو الفِكرة مكَنِتش في صوت الطبول بَس، دي كانت في كمّية الخوف اللي كانت بتسيطر عليّا وقتها، حتى بعد ما بقوم من النوم مفزوع، وأجري على أمّي أحكيلها، واللي كانت دايمًا تقولّي...
-مَتخفش يا "علي".. دَه مجرّد حِلم!
أنا وقتها مكنتِش أعرف هل المفروض الحِلم يِحصل مرة وخلاص، وهل تكراره بالشكل دَه شيء عادي ولا لأ؟!
في الوقت دَه كُنت بَحط راسي على رِجل أمي وتبدأ تِرقيني، بَس الراحة اللي بَحِس بها في وقتها مكَنِتش دايمة، مع الوقت بدأت أحِس إن الرّقيا بتجيب نتيجة سلبية، بقيت بَتعَب، حتى بعد كُل مرّة أمي بترقيني فيها كُنت بشوف الحِلم بعدها، وبَسمع فيه صوت الطبول أفظَع من الأوّل!
يِمكن وأنا طِفل مكنتِش بشوف تفاصيل في الحِلم، الحكاية كلها إنّي بشوف نفسي واقف في مكان ضلمة، الحِلم مكَنش بيمنَحني حق إني أشوف أي حاجة، الشيء الوحيد اللي كان متاح هو إنّي أسمع صوت دَق الطبول بَس، واللي كان وقتها بحِس إنه جاي من كل ناحية، لمّا كان بيظهر بشكل تدريجي، وبعدها بيزيد، كان بيوصل قوّته لدرجة خلّتني أحس إنه بيبلع الضلمة اللي أنا فيها، وبيبلعني معاها!
بَس الحكاية موقفِتش لحد هنا، أنا بعد الحِلم دَه، وبعد الخوف اللي اتزرع جوّايا من ناحية حتى إنّي أفكّر أنام الموضوع بدأ يتطوّر، أنا مبقِتش أشوف الضلمة مجرد ضلمة وبس، دا بدأ يظهَر فيها خيالات مكنتِش فاهم هي عبارة عن إيه، بسمع حركة من حواليّا..
أقولّكم، خلّوني أحكيلكم بالتفصيل..
أنا أبويا توفّى وأنا طفل، كان عندي وقتها 3 سنين، من وقتها وأنا عايش أنا وأمي، من وقت ما بدأت أكبر وأستوعب إني افتقدت أبويا وأنا حاسس إني ضعيف، لدرجة إني فكّرت في إن الحِلم دَه ممكن يكون نتيجة الضعف اللي أنا حاسس به، برغم إن الأحلام أو الحلم اللي بيتكرر ده بدأ معايا من تاريخ ميلادي، من وقت ما تمّيت سبع سنين بالظبط..
أنا هبدأ معاكم من وقت ما الحلم بدأت يتطوّر معايا، وبدأت تظهرلي الخيالات دي، واللي مع الوقت بدأت توضح، ولقيت إن الخيالات دي عبارة عن سبع مباني، كان شكلهم غريب، وأنا عمري وقتها مكنش يسمحلي إني أعرف المباني دي عبارة عن إيه، لكن الحلم كان بيتكرّر كل يوم، كانوا بيظهرولي مع دق الطبول، ومع الوقت الحِلم بدأ يتطوّر أكتر، وبدأت أشوف نفسي في مكان كله صحرا، وهناك لقيت نفسي واقف قدّام المباني اللي بدأت أشوفها في الحلم في الفترة الأخيرة، كانوا كلهم بنفس الشكل، كل مبنى كان عبارة عن 3 طوابق، وكل طابق كان ارتفاعه أقصر من اللي تحته، ومن فوق الطوابق كان فيه قُبّة، أنا كُنت واقِف وسامع صوت خطوات بتقرّب، ولمّا التفتت لقيت فيه اتنين ماشيين، كانوا لابسين نفس اللبس، وكان واضح أوي إنه لِبس عَسكري وإن دول حَرَس، ماهو الشوز الجِلد الطويل، والحزام الجِلد اللي ملفوف حواليهم، ومتعلَق فيه سيف من الجَنب والخوذة اللي فوق العِمامة كانوا بيقولوا كده.
بَس مُش دَه اللي كان واخد اهتمامي، أنا اللي كُنت منتبه له هو الشّخص اللي شوفته فجأة في الحلم، كان ملثّم وشه وبيحاول يتدارى من الحرس، كان بيتسحّب من مبنى للتاني، مكُنتش عارف إيه اللي خلّاني أمشي وراه، لكن أنا عملت دَه بشكل لا إرادي، وفضلت وراه لحد ما لقيته وصل للمبنى السابع، وساعتها وقف قدّامه عشان بابه كان مقفول، لكن هو كان عنده إصرار غريب إنه يدخل المبنى، ومكنش قدّامه غير الشباك اللي كان مفيش حاجة تمنعه إنه يعدّي منه.
أنا قبل ما يدخل من الشبّاك كنت ملاحظ إنه ماسك حاجة في إيده، كان بيحاول يداريها في هدومه، والغريبة إنه لما دخل المبنى وغاب جوّه شويّة، وخرج من الشباك تاني لقيت إن الحاجة اللي كان ماسكها في إيده مش موجودة معاه!
أنا عاوز ألفت نظركم إن دي المرة الأخيرة اللي شوفت فيها الحِلم ده، واللي مكنتش عارف أنا ليه أصلًا كُنت بشوفه، ولا إيه سبب التفاصيل دي كلها، لكن مع الوقت بدأت أنساه وأعيش بشكل طبيعي، حتى في يوم أمي سألتني واحنا سهرانين، وقالتلي...
-أنت معدتش بتشوف الحِلم إيّاه يا "علي"؟!
أنا حسّيت إني اتخضّيت من السؤال، وقولت لنفسي هي إيه اللي فكّرها بالحِلم ده دلوقت..
لكن لقيت نفسي بقولّها...
-أنا مشوفتش أي حِلم من فترة طويلة.. حتى الحِلم ده اللي كنت بشوفه يوميًّا معدتش بشوفه.. بس أنا ملاحظ حاجة غريبة.
لقيت أمّي رفعت وشّها ناحيتي كده، وقالتلي...
-إيه الحاجة الغريبة اللي أنت ملاحظها؟!
-الحِلم دَه اتكرّر معايا 40 مرّة.. يعني 40 ليلة.. وكُل مرة كان بيظهر فيه تفصيلة زيادة.. لحد ما حكيتلك التفاصيل اللي شوفتها في المرة الأخيرة.
أنا وقتها كان عندي 10 سنين، وكُنت بحكي لأمي عن الحلم في كل مرة كنت بشوفه فيها، هي كمان كانت مستغربة إن ازّاي طفل في السّن ده بيحلم حلم متسلسل بأحداث مفيش طفل بيفكّر فيها، هو كان بالنسبة لها وليّا حِلم غامض مش معروف تفسيره، حتّى أنا في وِسط الكلام كِدَه قولتلها...
-هو ينفع نشوف حد من اللي بيفسّروا الأحلام؟!
وكان ردّها عليّا غريب شويّة، لأنها قالتلي...
-ماهو طالما يا "علي" أنت لا بتشوف حد مات، ولا أي حلم يخوّف ليه نشغل بالنا.. أنت بَس تلاقيك بتنام من غير ما تقرأ المعوذتين وآية الكرسي.. وبعدين شاغِل بالك ليه؟.. كان حلم وراح لحاله الحمد لله.
كان رد فعل طبيعي منها على طفل وارِد جدًا يحلم بأي حاجة وميكونش لها تفسير حد يقلق منّه، هي كانت شايفة إن طالما مفيش حد فينا بيتأذي في الحِلم يبقى الموضوع عادي، وبرغم إن الموضوع انتهى من فترة كنت حاسس إن الحكاية لسّه فيها حكاية، ولا الإحساس اللي جوّايا ده كمان كان مجرد مغامرات في خيال طفل؟
الله أعلم.
*
تاني يوم...
قلِقنا من النوم بدري على صوت دَوشة مُزعجة، الشارع كان مقلوب، صرخات وزعيق، جرس الباب كان بيرِن بطريقة مُخيفة، لدرجة إننا في الثواني الأولى من بعد ما قومنا من النوم بدأنا نستوعب إن فيه ناس قدّام باب شقّتنا، يعني باب البيت اللي تَحت اتفَتَح والنّاس طلعت فوق، وده اتضحلِنا لمّا لاحظنا إن مع صوت جَرَس الباب كان فيه خَبط قوي على الباب!
الموضوع كان مُرعب بالنسبة لطفل وأمه عايشين لوحدهم، كُنا بنجري حوالين نفسنا ومُش عارفين نتصرّف ازّاي، أمي بتحاول تلبِس العباية بتاعتها، وأنا بحاوِل أفوق من النوم وأستوعب اللي بيحصل، كل ده كان في مجرد ثواني، لكن حسّينا إنها زحمة ومليانة تفاصيل كتير، لكن أنا قدِرت أسمع كلمة بوضوح من الكلام اللي بيتقال وسط صرخات الناس في الشارع...
-حَريقة!
لمّا جريت وفتحت الباب لقيت إن الشارع كله تقريبًا طالع نازِل على سلّم بيتنا، كانوا شايلين جرادِل مَيّه، بيطلعوا بها مليانة وبينزلوا بها فاضية، واتضح إن الحريقة دي على سطح بيتنا!
أنا صوت رِجلين الناس وهي طالعة نازلة على السلّم لسّه بيرِن في ودني، وقتها وبرغم أني كنت صغيّر في السن، وبرغم الخوف اللي حسّيت به، كان فيه حاجة غريبة جوّايا بتقولّي أطلع على السطح، ولقيت نفسي بنفّذ الرغبة اللي جوّايا، برغم إن أمي اللي قعدت في الشقة مع كام واحدة من حريم الجيران اللي جُم يطّمنوا عليها قالتلي...
-خلّيك هنا واوعى تطلع فوق.
لكن انا استغلّيت انشغال أمي، وانشغال الكُل وطلعت، ماهو أنا كان لازم أعرف الفضول اللي جوّايا دَه ليه، وقفت على أوّل السطح جنب السلم وعيني على النار اللي مخلّتش حاجة في مزرعة الطيور اللي عندنا إلا وأكلتها، المنظر مُخيف، أنا كُنت مرعوب من منظر النار، كانت أول مرة أشوف نار بالقوة والحجم ده، اللي الناس لمّا كانت ترميها بالميّه كانت بتزيد.
الكل كان مستغرب إن الحريقة قامت بدون سبب، لا فيه ماس كهربائي ولا حد ساب نار والعة، دا غير إن الشرطة والمطافي لمّا وصلوا، والحريقة خلصِت وعملوا مَحضر ماوصلوش لسبب يخلّي الحريقة تحصل، وفي الآخر عملولنا محضر إهمال!
لكن في وسط الأحداث دي، أنا كُنت في عالم تاني محدّش شايفه غيري، الناس كلها كانت شايفة النار عادي، لكن أنا كنت شايفها بتتلون بين الأحمر والأزرق والأخضر، دا غير إن لَمَحت واحدة سِت، كان شكلها غريب ومُرعب، كانت واقفة قريّب أوي من النار، واللي استغرّبت له هي إزّاي واقفة قريّب من النار بالدرجة دي ومش حاسة بيها، واللي كان شادِد تفكيري أكتر، هو إزّاي مفيش حد من الناس دي شايفها، ولا قالّها تبعِد عن النار، والأهم من ده كله، هي مين دي؟!
في الوقت دَه أنا لمَحت خالي، كان بيطفّي مع النّاس اللي بتطفّي الحريقة، كان بيجري ناحية النّار وبيرمي فوقها مَيّه، جريت ناحيته وقولتله...
-خالو.. شايف السِّت اللي جنب النار دي؟!
أنا خالي صَرخ فيّا، وشدّني من إيدي وقالّي...
-انزِل تَحت يا "علي".. إيه اللي مطلّعك عند النار؟.. مُش وقت تهيؤات.. انزِل.
مِسكني من إيدي ونزّلني تَحت، في الوَقت دَه عينيا كانت على السّت وأنا نازِل، اللي كانت مركّزة معايا بملامحها المخيفة، وبتضحك ضحكة مرعبة، واللي كان لافِت انتباهي إني قدرت أسمع ضحكتها برغم الزّحمة والدّوشة اللي موجودة، كُنت عايز أعرف إيه الحكاية، لكن خالي نزّلني غصب عنّي، وبعد ما الحريقة انتّهت وفات كام يوم والدنيا بقت هادية، قعدت جنب أمي اللي كان باين على وشّها الحزن وأنا بقولّها...
-أنا عارف إن الحريقة ضيّعت كل حاجة.. متزعليش.
بصّتلي وكأنّي قلّبت عليها الحُزن وقالتلي...
-الحريقة أكلِت كل حاجة.
طبطبت عليها، وقولتلها...
-بكره ربنا هيعوّضنا.. متشيليش هَم!
-ربنا كَريم.
من ساعة ما الحريقة حصلت لحد ما أنا قاعِد بتكلم مع أمي، وملامِح السّت المرعبة مراحِتش من بالي، لدرجة إني لقيت لساني بينطَق وبقول...
-بَس...!
أمّي حسّت إني عايز أقول حاجة، عشان كده سألتني...
-بَس إيه يا "علي"؟!
-أنا شوفت حاجة غريبة في الحَريقة!
-حاجة غريبة زي إيه؟!
مكُنتش عارف أكمل كلامي ولا لا، لكن طالما فتحت الموضوع لازم أكمّله، عشان كِدَه قولتلها...
-أنا شوفت واحدة سِت شكلها غريب.. ملامحها مرعبة.. كانت واقفة قريّب أوي من النار.. أنا مُش عارف هي مين، ولا حد من اللي كانوا فوق أخد باله منها.. أنا حتى لمّا شوفت خالو وقولتله عليها قالّي انزِل مش وقت تهيّؤات.. بَس أنا مكَنش بيتهيّألي.. دا أنا سمعت صوت ضحكتها المخيفة رغم كل اللي كان بيحصلّي.. كان واصلني بوضوح وأنا نازِل!
أمي كانت بتبُص ناحيتي باستغراب، وسمعِتني لحد ما خلّصت كلامي وقالتلي...
-أنت لسّه صغيّر يا "علي".. ممكن بس الموقف كان صعب عليك خلّاك تشوف حاجة زي دي، وهي مش موجودة.. انت فاتت عليك فترة كنت بتشوف حلم غريب.. كان بيتكرّر كتير.. خَد وقته وراح لحاله.. متِشغلش بالك.
مقدرش أقول كلامها كان مُقنع أو لا، يمكِن فعلًا عشان أنا طِفل خيالي عالي شويّة، دة مخلّيني أشوف حاجات مش موجودة، ولأن التفكير شيء صعب، قرَّرت أبطّل أفكّر في كل اللي بيحصل.
*
بعد 10 سنين...
فات 10 سنين على أحداث الحريقة، في الفترة دي أنا كنت عايش طبيعي جدًا، وبدأت أقتنع فعلًا إني اللي كُنت بشوفه وأنا صغيّر مجرد خيال طفل، لكن دلوقت أنا كبرت، ودخلت الجامعة وبدرِس تاريخ، ولسّه قدّامي سنة واحدة واتخرّج، والنهاردة عيد ميلادي العشرين، والعادة عندنا إننا بنعمل عيد ميلادي على قدّي أنا وأمي بس، أصل أنا مش اجتماعي أوي وأصحابي مش كتير، حتى الظروف اللي أنا اتربيت فيها خلّتني متعوّدتش أعزم حد عندنا في البيت.
سهِرنا شويّة وبعدها أمّي دخلت نامِت، وأنا النوم غلبني فَنِمت مكاني على الكنبة، لكن الزمن كان بيعيد نفسه، أنا أول مرة من سنين طويلة أسمع دَق الطبول من تاني!
الحِلم اللي كُنت بحلم به زمان، واللي بدأ من يوم عيد ميلادي برضو، بيرجعلي بعد السنين دي كلها، وفي يوم عيد ميلادي برضو!
بَس المرة دي كان مختلف، أنا كنت سامِع صوت الطبول، وأنا شايف قدّامي السَّبع مباني، لكن اللي ظهرلي في المَشهد جديد بقى، هو إني كُنت شايف نَفس الست اللي شوفتها في الحريقة، كانت واقفة جنب المبنى السابع، واللي شوفت في الحلم من زمان إن شخص دَخل من شبّاك المبنى، وكان مخبّي في هدومه حاجة وخرج من غيرها!
من بعد اليوم دَه والحياة اتقلبِت معايا، الموضوع خرج عن إنه مجرد حلم، وبدأ يتحوّل لواقع أنا بعيشه بكل تفاصيله، أنا بنفِصِل عن العالم وبلاقي نفسي في المكان اللي بحكيلكم عنه ده، والموضوع ده بدأ معايا من ساعة اللي حصل في المحاضرة اللي كُنت بحضرها..
وقتها الدنيا بدأت تشوّش من حواليا، واحدة واحدة الإضاءة بتقِل، وزمايلي اللي حواليّا في المدرج ملامحهم بدأت تبهت، صوت الدكتور وهو بيحاضر بدأ يروح، وبيظهر مكانه صوت دَق طبول، وساعتها انفصَلت عن الدنيا اللي حواليّا، واتنقلت لمكان غريب، كُنت ملاحِظ إن فيه أعلام متعلّقة لونها أخضر، والبيوت كانت من طراز معماري قديم، افتكرت إني كنت بشوفها في أفلام بتحكي عن عصور الخِلافة والعصور الوسطى، دا حتى لِبس الناس كان بيقول إننا اتنقلت لفترة زمنية قديمة جدًا، معرفش ازّاي أنا اتنقلت من المدرج للمكان ده، وأنا كدارِس للتاريخ قادِر أفهم إن الراية اللي باللون الأخضر دي والطراز المعماري دَه بيرجع لعصر الدولة الفاطمية، يعني اللي بشوفه قدّامي دَه دلوقت عُمره يرجع لألف سنة تقريبًا أو أكتر.
المكان كان عبارة عن سوق، وأنا واقف قدّام محل بيبيع خردوات، تُحف ومشغولات وخواتِم، كلها طبعًا مصنوعة على الإيد وباحترافية، في الوقت دَه كُنت شايف شَخص حاسس إنه مُش غريب عليّا، وبرضو كان ملثّم وشّه، افتكرت الشَّخص اللي شوفته وانا طِفل في الحِلم وكان بيدخل آخر مبنى من الشّباك، وبعدها خرج من غير الحاجة اللي كان مخبّيها، لكنه كان واقف قدّام المحل وبيتكلّم مع صاحبه، وكان بيستلم منّه خاتم كان مصنوع له مخصوص، لأنه كان شكله مميز جدًا، كان من الفضّة وفيه نقوش غريبة، وكان فيه فَص لونه أحمر، ولاحظت إن الشَّخص ده بمجرّد ما خَد الخاتِم خبّاه في هدومه، وبعدها عَطى لصاحب المَحل تمنه، كانت صُرّة قُماش فيها عُملات معدنية.
لحد هِنا أنا انفصَلت عن الأحداث اللي بشوفها قدّامي، ولقيت نفسي موجود في قلب المُدرّج، زمايلي موجودين حواليا، ورجعت أسمع صوت الدكتور من تاني، واللي كان مُلفِت للنظر جدًا إنه كان بالصدفة بيتكلّم عن عصر الخلافة، وبالتحديد فترة الدولة الفاطمية!
هو لو اللي بيحصل معايا دَه مُش أوّل طريق الجنون يبقى أسمّي اللي بيحصل دَه إيه؟!
في اليوم دَه، خلّصت محاضراتي وخرجت من الجامعة، واتمشّيت لحد ما وصلت لموقف العربيات اللي بركب منّه، كنت عاوز أروّح بأي طريقة، الصداع وصوت الصفير اللي سامعه في وداني كان شيء فظيع، في المرة دي حظّي كان حلو، وصلت الموقف ومكَنش فيه زحمة، وده نادرًا ماكان بيحصل، ركِبت في العربية اللي بتحمّل، كانت فاضية ومكَنش فيها غيري، خدت الكرسي اللي جَنب الشّباك في أوّل صف، وانتظرت لحد ما العدد اكتمل، وبعدها العربية اتحرّكت، ومع الوقت سمعت صوت السواق وهو بيقول...
-لو سمحتم يا جماعة حد يلِم الأجرة.
أنا لقيت اللي جنبي بيطلّع الأجرة من جيبه وبيعطيهاني! وساعتها عرفت إن أنا اللي شايل الليلة، وبرغم إن بالي مكَنش رايق للموضوع ده، لكن كنت شايف إنها فرصة أشغل نفسي شوية، وأفصل دماغي عن التفكير.
أنا جمعت الأجرة، بَس لمّا عدّيت الفلوس لقيت إنها ناقصة راكب، بدأت ألفِت نظر الرّكاب إن فيه واحد مدفعش، وساعتها كل الركاب قالولي إنهم دفعوا، ماعدا اللي راكب في الكرسي اللي ورايا علطول، استغربت إنه مردّش على كلامي ولا كأنّه سامعني، عشان كِدَه اضطريت التِفِت ورايا وأكلّمه، لكن بمجرّد ما لفّيت وشّي وبصّيتله لقتني بصرُخ غصب عنّي!
كانت هي، بنفس ملامحها المخيفة اللي كانت ظاهرة بها وهي قريّبة من النار وقت الحريقة، وكانت بتبُص في وشّي وبتضحك ضحكتها المخيفة، ولقيتها بتقولّي...
-خايف يا "علي"؟!
أنا جسمي اتحوّل للوح تلج من الخوف لدرجة إن الفلوس وقعت من إيدي، وأنا بَبُص في وشّها وحاسس بحالة شلل مسيطرة على جسمي، رد فعلي كان مُلفِت لكل اللي كانوا في العربية، لدرجة إني لقيت اللي قاعد جنبي بيمسكني من إيدي وبيقولّي...
-مالك يا أستاذ؟!.. أنت كويّس؟!
في اللحظة دي بدأت أستوعب أنا بعمل إيه، لكن رغم كده رجعت أبُص للسّت اللي في الكُرسي اللي ورايا تاني، اللي بمجرد ما لفّيت راسي لها قالتلي...
-مالك يابني؟!.. بتبُصّلي كده ليه؟!
كانت واحدة كبيرة في السن، ملامحها طيّبة، معرفش إزّاي شوفتها في شكل السّت المخيفة اللي ظهرتلي في الحريقة، وساعتها لقتني برُد عليها وبقولّها...
-لا مفيش يا حاجة.. مفيش حاجة!
بصّتلي شويّة، وبعدها ناولتني فلوس الأجرة وقالتلي...
-معلش يابني راحت عليّا نومة، ومخدتش بالي إنكم بتلموا الأجرة.. أصل أنا تعبانة شويّة.
خدت منها الأجرة، وأنا بقولّها...
-ولا يهمك يا حاجة.. سلامتك.
لمّا فلوس الأجرة كمِلِت معايا، واتأكّدت منها بعد ما عدّيتها مدّيت إيدي بها للسواق، في اللحظة دي كانت السّت اللي ورايا صورتها معكوسة في المراية اللي قدّام السواق، وكأن الأحداث بتحدفني لبعضها، أنا كُنت شايفها في المراية بنفس ملامح السّت المرعبة إيّاها، وبتضحك ضحكتها المرعبة، حسّيت إن جسمي اتحوّل للوح تلج من تاني، وساعتها بصّيت ورايا بسرعة عشان أشوف هي ليه ظاهرة كده في المِراية، بس لقيت السّت في مكانها، ورايحة في النوم!
*
في نَفس اليوم دَه بالليل...
مش عارف أحكي أنا قضّيت الطريق ازّاي بعد اللي شوفته دَه، بَس كل اللي أقدر أقوله إني منطَقتِش ولا كِلمة، لحد ما وصلت والعربية وقفت ونزلت منها، وخدتها على رِجلي لحد البيت.
في البيت حالي مختلَفش كتير، أنا مكُنتش بتكلّم مع أمّي في أي حاجة، الموضوع من ساعة ما بدأ يزيد معايا وأنا خايف من اللي جاي، فضلت نايم على الكنبة، وعامل نفسي رايح في النوم، لحد ما لقيت أمّي بتهزّني من كتفي وبتقولي...
-قوم يا "علي" نام في سريرك.
ردّيت عليها، وأنا بحاول أقنعها إني رايح في النوم وقولتلها...
-أنا مرتاح كِدَه!
وسابتني ودخلت أوضتها، ولمّا سمعت باب أوضتها اتففل فتّحت عينيا، أنا وتيرة الأحداث اللي اتنقلت من حِلم كنت بشوفه من سنين، وبقت تحصل معايا في الواقع وبتزيد بالشّكل دَه كانت مسبّبة لي رعب، لكن بدأت أنتبه على صوت غريب!
أنا في الوقت ده سِمِعت صوت رجلين حد ماشي فوق السّطح، قومت وقعدت مكاني عشان أتأكّد إني مش بيتهيّألي، وبدأت أركّز لحد ما اتأكّدت إنها خطوات فعلًا.
خوفت يكون حد قدِر يعدّي على السّطح، برغم إنه من وقت الحريقة فاضي ومفيهوش حاجة، لكن كان كل خوفي إنه يحاول ينزل الشّقة، سَحَبت عصاية جدّي الله يرحمه، وقرّرت إني أطلع على السَّطح، كان لازم أشوف مين اللي فوق!
وفعلًا خدت العصاية وطلعت، وفي الضلمة لفّيت السَّطح اللي مكنش عليه أثر لأي حاجة، وفجأة حسّيت بحرارة جاية من ورايا، كانت أنفاس زي النّار بتخبط في راسي من ورا، جمّدت إيدي على العصاية عشان أتعامل، لكن أوّل ما لفّيت وشوفت اللي شوفته لقيت العصاية وقعت من إيدي!
كانت هي، بنفس ملامحها المرعبة، لكن المرة دي كانت واقفة وفي إيدها شمعة لونها أحمر، واللهب اللي طالع منها كان بيتلوّن، بنفس ألوان النار اللي كُنت شايفها في الحريقة بالظبط، وساعتها لقيتها بتكرّر عليّا نفس السؤال اللي سمعته منها لمّا ظهرتلي في العربية وبتقولّي...
-خايف يا "علي"؟!
أنا ريقي نِشِف فجأة ولساني زي ما يكون اتربط، وجسمي زي ما يكون متوصّل بسِلك كهربا، ولقيت نفسي باخُد نَفسي بصعوبة وأنا بقولّها...
-انتي مين؟!
ضِحكت ضحكتها المُخيفة وقالتلي...
-أنا مَنسَا!
بَلعت ريقي وقولتلها...
-مَنسَا مين؟!
-متسألش كتير يا "علي".. انت واقع عليك الاختيار من زمان.. من قبل ما تتوِلِد.. والعَهد تَم من تاريخ ميلادك السابع.. أربعين ليلة.. لحد ما وصلت للمكان اللي فيه المُراد.. وبعدها اتقابلنا في الحريقة.. ومتفكّرش إن أنا السبب فيها.. كان جار لكم بيشرب سيجارة وهو واقف على السور اللي بينهم وبينكم ووقعت من إيده غصب عنّه على سطحكم.. دي دمّرت كل حاجة.. بَس كان متحقّق فيها الشروط عشان أظهرلك لأول مرة.. والمُراد دلوقت بقى مِلكك.
-أنا مُش فاهِم حاجة.. يعني إيه المُراد؟!
وبدون ماتفهّمني حاجة، لقيتها بتمدّلي إيدها وكان فيها خاتِم وبتقولّي...
-البِس الخاتِم دَه.. ده مُفتاح البوّابة اللي بين العالم بتاعي وبينك!
أنا تقريبًا مخَدتش في حياتي صدمة زي دي، دي كانت بتعطيني الخاتِم اللي شوفت الشَّخص في الحلم كان بيستلمه من صاحِب محل الخردوات، بنفس نقوشه بنفس الفَص الأحمر اللي فيه، اللي اختَلف بَس إن النقوش اللي فيه كانت بتنوّر نور أبيض!
هوووووف!
كانت بتُنفخ في الشَّمعة اللي في إيدها عشان تطفيها، ولمّا انطَفت الدنيا ضلّمت وهي اختَفت، وأنا اللي كان مريّحني إني مخدتِش منها الخاتِم، لكن بدأت أحِس إن في حاجة حوالين صابع إيدي الشمال، اللي بنلبِس فيه دِبلة الجواز، وحسّيت برعشة لمّا بصّيت في إيدي واتفاجئت إن الخاتِم في صابعي!
ده حَصل إزّاي وإمتى؟! مكَنش عندي تفسير!
حاولت اخلع الخاتم، لكن كل مرة كُنت بحاول أتخلّص منّه كُنت بحِس بنار بتحرق إيدي، ولمّا ببعِد إيدي عنّه كان الإحساس دَه بيروح، ولسّه ببُص حواليّا وأنا مستغرب من اللي بيحصل، لقيت الدُّنيا من حواليّا اتغيّرت، بقت عبارة عن بُحيرة وفي جِبال من حواليها، الجِبال دي كأن صخورها من نار، بتتلون بنفس اللون اللي شوفت بها نار الحريقة، لكن اللي كان لافِت نَظري هي البحيرة، واللي كان لون المَيّة اللي فيها غريب، كان زي ما يكون لون تركوازي، وكان فيها واحدة جمالها ميتوصِفش، مكنش باين منها غير نُصّها اللي فوق، لكن شعرها، كان طويل ومفرود فوق المَيّه، مُش عارف إيه اللي خلّاني أقرّب منها، بس لقتني بفتكِر زمان لمّا كانوا بيحكوا عن النّدّاهة، وأنا زي ما أكون اتندَهت، قرّبت منها ولقيتني بقولها...
-أنا فين؟.. وانتي مين؟!
ضِحكتها المرّة دي مكنِتش مُخيفة، لكن لقيتها بتقولّي...
-أنا مَنسَا.
استغربت ازّاي الجَمال دَه كان هو الملامح المُخيفة اللي شوفتها يوم الحريقة وكنت شايفها قدّامي على السّطح من شويّة، وزي ما تكون قرأت أنا بفكَّر في إيه، لقيتها بتقولّي...
-مُش هتشوفني على شكلي الحقيقي غير في العالم بتاعي.. الخاتِم في إيدك.. وقت ما تِحب تيجي.. تعالَ.
وبعدَها خَرجِت من المَيّه، ظَهَرت قدّامي في شَكل صعب على أي شاب في سنّي إنه يقاومه، وبعدها اختَفت فجأة من المكان، بصّيت حواليّا يِمكن المَحهَا؛ لكن مكَنش لها أثر، انتظرت كتير يِمكن تِظهر تاني، وفجأة؛ حسّيت بإيد على كِتفي بتهزّني، وسمعت صوت، دَه كان صوت أمّي، كانت بتصحّيني من النّوم، كُنت لسّه نايم في مكاني على الكنبة، بصّيت من الشّباك ولقيت إن الدُّنيا ليل زي ماهي، استغربت أنا كُنت فين وإزّاي رجعت تاني هِنا، واستغربت أكتر ليه أمّي بتصحّيني في وقت زي ده، لكنها قالتلي...
-حاول تشوف أي صيدلية فاتحة يا "علي".. محتاجة مُسكّن.
بمجرّد ما قالتلي كِده قومت بسرعة، لبست الشوز وجريت ناحية باب الشّقة فتحته ونزلت، كُنت بجري في الشارع؛ عشان أشوف أي صيدلية فاتحة، لكن بدأت ألاحظ إن في حاجة تقيلة في إيدي الشمال، رفعتها قدّامي وبصّيتلها، وساعتها قلبي اتخلع من مكانه، الخاتِم!
الخاتِم كان في إيدي، يعني أنا مكُنتش بحلم، يعني المكان اللي كُنت فيه دَه واللي شوفتها هناك دي حقيقة؟!
أخيرًا لقيت صيدلية من اللي بيشتغلوا 24 ساعة، اشتريت منها مُسكّن ورجعت على البيت، ناولت الحبوب لأمي وجبتلها كوبّاية مَيّه، وهي خدت المُسكّن وقعدت شويّة لحد ما نامت تاني، كُنت بداري الخاتِم اللي في إيدي، وبعد ما بقيت لوحدي لقيت الفَص اللي في الخاتِم بينوّر، وحسّيت إني سامع صوت دَق الطبول من تاني، وساعتها بدأت أشوفها!
معرفش المكان اتغيّر ازّاي بالسرعة دي، أنا روحت هناك في العالم بتاعها، ودي تاني مرّة أشوفها هناك، ومعرفش هل هي كانت متعمّدة تظهرلي بالمنظر المُغري ده؛ عشان أحب أروحلها علطول ولّا هي طبيعتها أصلًا كِدَه، لكن لقيتها بتقولّي...
-عَجَبَك العالم بتاعي يا "علي"؟
أنا مكُنتش شايف غير جِبال صخورها من نار وبُحيرة غريبة، وهي، فمش عارف إيه اللي ممكن يعجبني في عالّم زي ده، لكنّي قولتلها...
-أنا عايز أفهم الحِكاية.
-الحكاية عمرها أكتر من ألف سنة يا "علي".. أنت شوفتها في أحلامك زمان.. وأنت وقع عليك الاختيار والخاتِم بقى مِلكك.. يعني أنا كمان مِلكك!
أنا الكلمة هزّتني فعلًا، مَش سَهل أبدًا إن حد بالجمال الرهيب دَه كله بيقولّي أنا مِلكك، لكن أنا من جوّايا مكُنتش مطّمن، أنا حاسس إن الحكاية فيها حاجة غلط، دي مخلوق من عالم تاني، ومفيش حد من عالم موازي بيتواصل مع بني آدم وبتكون الحكاية خير أبدًا.
أنا فجأة لقيت نفسي بقاوِم جمالها اللي بتحاول تغريني به، وبمد إيدي وبخلع الخاتم من صباعي، لكن في لحظة حسّيت إن إيدي دخلت فرن وبتتحرق، صرخت من الألم، وهي صرخِت في وشّي، لكنها لمّا صرخت ظهرت بشكلها المُرعب تاني، بَس المرة دي كان شكلها مُرعب عن كل مرة، عينها كانت لونها أحمر، إيدها طلع فيها مخالب، وظهرلها أنياب، حتّى شعرها اتحول لأفاعي!
ولقيتها بتقوّلي بلهجة كلها غضب وتحذير...
-أوعى تعمل اللي بتفكّر فيه ده يا "علي".. متعملش زي اللي قلبك!
وبعدها حرّكت إيدها ناحيتي وكانت بتمشّيها على رقبتي، وهي بتطلع لسانها اللي كان مشقوق من قدّام، حسّيت بألم رهيب في رقبتي، كانت مخالبها حامية جدًا، وبعدها اختفت، بصّيت حواليّا عشان أشوفها، لكن زي ما تكون فَص مَلح وداب، والمكان بدأ حرارته ترتفع، الجبال نارها كانت بتزيد، ميّة البحيرة كانت بتتحوّل للون الأحمر، وبعدها لمحتها بتعوم في البُحيرة اللي اتحوّلت لبحيرة دَم تقريبًا، وبعدها اختَفت تاني!
أنا فوقت من اللي أنا فيه، ولقيت نفسي على الكنبة، لكن كان العَرَق مغرّق هدومي، وحسّيت بحاجة بتحرقني في رقبتي، قومت ومشيت ناحية مراية متعلّقة في الصالة، بصّيت فيها على رقبتي، واللي اتفاجئت إن مخالبها كانت فعلًا عاملة جروح كتير مكان ما لمستني!
*
حاجة حصلت من أكتر من 1000 سنة...
-أنت متأكّد من طلبك ده يا "علي".
-مُش أنت طلبت منّي الخاتِم؟.. وأنا جِبتلك الخاتم بالمواصفات اللي أنت طلبتها.. كل اللي باقي إنك تنفّذ وعدك معايا.
-بَس أنت عارف إن قوانين الدولة بتجرّم الحاجات اللي زي دي.. دي فيها إعدام بالسيف!
-يعني مين اللي هيعرف بالموضوع.. أنت هتنفذ وعدك.. والخاتم هيفضل معايا في السّر.. المُهم يكون معايا قوّة أقدر أعمل بها اللي أنا عاوزه.. ودي شُغلتك.. أنت ساحر عظيم.. وتقدر تحوّل الخاتِم دَه من مجرد قطعة معدن.. لمفتاح يغيّر حياتي.. يمنحني السلطة.. والمال.. والجَمال.
-أنت قصدك إيه بالجمال يا "علي"؟!
-يعني زي ما بسمع في الأساطير.. إن جنّية من الجميلات اتجوّزت واحد من بني الإنسان.. أنا بقى بعشق الجَمال.. ونِفسي اتجوّز جنّية وتاخدني أعيش معاها تَحت الأرض.
-أنا أقدر أسخّرلك جنّية عن طريق الخاتِم.. ولكن لازم تعرف إن الحكاية مش بسيطة.. دا سلاح ذو حدّين!
-اللي عاوز يدوق العسل يتحمّل.. ومتنساش إن طلباتك كلها مُجابة.. أنا راجل غني.. وعايش لمزاجي.
-ولو أمرك انكَشف.. ساعتها رقبتي هتطير قبل رقبتك.
-متقلقش.. لو فيه أي قلق هتخلّص من الخاتِم.. وهنتظر لمّا الدنيا تهدا وأجيلك تعملّي غيره.
-اوعدني يا "علي" لمّا أسخّر الخاتِم في خدمِتك إنك تتخلّص منّه بمجرّد ما تحِس إنه ممكن يتقلِب ضدّك.. ممكن ياخدك لعالم تاني متعرفش ترجع منّه.. ومحدش يعرف إيه اللي في العوالم التانية دي حتّى إحنا.. بنعرف عنها اللي هما عاوزين يخلونا نعرفه بس.
-أوعدك.. بس حقّقلي المُراد.
-اعتبر طلبك اتحقق يا "علي".. لكن لو حبّيت تتخلّص من الخاتِم اتخلّص منه في مكان صعب إن حد يدخله.. أنت عارف طبعًا القِباب السبع اللي الخليفة أمر إنها تتبنى.. لو فكّرة تتخلّص منّه ادفنه هناك.. محدش بيقدر يقرّب منها عشان هما مشدّدين عليها الحِراسة.
*
مِن بَعد الحِلم دَه وحياتي اتقلبِت جحيم بمعنى الكلمة، أنا شوفت الحِوار ده في حلم لمّا عيني غمّضت غصب عني، بس كان باين عليه إن زمنه كان بعيد أوي، يعني الخاتِم اللي في إيدي ده ومش عارف أتخلّص منه له قصّة غامضة أنا مش عارفها، ولحد دلوقت مُش عارف أصلًا أنا إيه علاقتي به!
أنا في الليلة دي لقيت باب أوضة أمي بيتفتح، انتظرتها تخرج لكنها مخرجتش، استغربت وقولت أقرّب من أوضتها أشوف إيه اللي بيحصل، أنا اتفاجئت بأمي واقفة في الأوضة، رجليها مكَنِتش لامسة الأرض، عينها مفتوحة ولونها أبيض، بوقها كان مفتوح وكان بيطلع منه صوت غريب، صوت حشرجة حد مدبوح، بدأت أرجع بضهري لورا وهي تقرّب مني، وفجأة لقيتها بتهجم عليّا فجأة وبتخنقني وبتقولّي بصوت غريب...
-اوعى تفرّط في الخاتِم يا "علي"!
بعدها لقيت أمي بتفوق من اللي هي فيه، واستغربت هي إزّاي قامت من سريرها وخرجت من الأوضة، من وقتها وسلوك أمي بقى غريب جدًا، أما أنا فمكَنش بيروح من ودني صوت دَق الطبول، وكُنت زي ما أكون بغيب عن الوعي، وبشوف المكان اللي شوفت فيه مَنسا، كانت متشالة على أكتاف كائنات غريبة وبشعة، لونهم أحمر وزي ما يكون جسمهم بتنزل منه مادة لزجة، وكانوا بيدقّوا الطبول وهما ماشيين بها، دا غير إني بقيت بتوه في المحاضرات، بتفاجئ بنفسي هناك، بتحاول تغريني عشان أضعف، لكن في كل مرة كُنت بقاوم نَفسي ورغبتي، وساعتها بتصرُخ في وشّي صرختها المرعبة بشكلها البَشع.
أنا كُنت بشوفها في وشوش الناس، وفي ملامح أمي، مبقِتش عارف أبُص لحد، حتّى أمي كان بيتكرّر منها كل ليلة نفس اللي حكيتلكم عنه، لدرجة إني حكيت روحت لخالي وحكيتله، وتاني يوم لقيته بيكلّمني وبيقولي إنه جايب شيخ يقرأ على أمي، وأنا رحّبت جدًا بالفكرة.
*
الشيخ...
أنا افتكرته شيخ بالمعنى التقليدي، لكن لمّا جه مع خالي وقعدت أتكلم معاه وكانت هيئته مختلفة عرفت منّه إنه عالم روحانيات، كُنت حاسس إنه بيبُصّلي بطريقة غريبة، ولمّا أمي خرجت عشان تقعد معانا، وبدأ يتكلّم معاها لقيته بيقولّها...
-الحكاية مش عندِك.. الحكاية كلّها عند "علي".
كان بيبُصّلي وعينه على الخاتِم اللي في إيدي، وساعتها قالّي...
-أنت جايب الخاتِم دَه منين يا "علي"؟!
دي كانت أول مرة أمي وخالي ياخدوا بالهم إن فيه خاتِم في إيدي، وأنا الحقيقة كنت بتعمّد أداريه لأني مكنتش عارف أتخلّص منه، ولقيتني بقول للشيخ...
-الخاتم دَه له حكاية معايا.. واتفاجئت به في إيدي، ومش عارف أتخلّص منّه.
ساعتها الشيخ غمّض عينيه، وبدأ يتمتم بكلام مكنّاش سامعين منه حاجة، وبعدها بدأ يسألني عن تاريخ ميلادي عشان يعرف بُرجي، وسأل أمي شوية أسئلة زي هي ولدتني يوم إيه والساعة كام بالظبط، ولمّا خد إجابات كل الأسئلة بدأ يتمتم من تاني، وبعدها لقيته بيقولّي حاجة أغرب من الخيال...
-حكايتك غريبة فعلًا يا علي.. الخاتِم دَه توافق لحظة استحضار القوّة اللي فيه تاريخ ولحظة ميلاد الشخص اللي كان بيرغب في إنه يمتلك الخاتِم.. واللي هو بالصدفة مولود في نفس تاريخ ولحظة ميلادك.. واسمه نفس اسمك.. ولمّا اتخلّص من الخاتِم بدأت القوة اللي في الخاتِم تدوّر على شخص ينطبق عليه كل صفات أول شخص امتلكه.. واللي هو للأسف كل الصفات دي فيك.. عشان كِدَه اللي اتسخّرت لخدمة الخاتم دوّرت عليك.. وكانت بتراودك عن نفسك من زمان جدًا.. ولمّا بلغت السّن اللي ينفع تمتلك فيه الخاتِم وهبِته ليك!
كُلنا كنا بنسمع ومفيش حد فينا بينطق، ولكنه كان بيكمّل كلامه...
-الخاتم ده عمره أكتر من ألف سنة يا "علي".. وللأسف أنت مش هتقدر تشيله من إيدك.. ومش عايز أقولّك إنه ممكن ينقلك لعالم اللي اتسخّرت لخدمة الخاتم ومترجعش تاني هنا.. ومتاخدش كلامي باستهزاء.. ياما ناس اختفت ومحدش عرف هي راحت فين، ولا ظهر لهم أثر.
وساعتها لقيت أمّي بتقول للشيخ بخوف...
-والحل يا شيخ؟.. إحنا جايبينك عشان تساعدنا مش تخوّفنا.
وساعتها الشيخ قالّها...
-لازم نتخلّص من الخاتم في المكان اللي اندَفن فيه أول مرة.
وهنا الشيخ بدأ يسألني عن الحِلم القديم، وطلب منّي أغمّض عينيا وأفتكر، وساعتها بدأت أفتكر الضلمة، ودَق الطبول، وأشوف السبع مباني، كُنت كُل حاجة بتظهر قدامي وأنا مغمض عينيا بقولها للشيخ، اللي بعد ما غمض عينيه شويّة، وبدأ يتمتم بشوية حاجات معرفش عنها حاجة قالّي...
-المكان هو ضريح القباب السّبع اللي في شارع السبع بنات بجنوب الفُسطاط.. إحنا لازم نروح هناك.. ونكون في وقت بعد الفَجر على طول.. لأن دَه الوقت اللي اندفن فيه الخاتِم.
*
في ضريح القِباب السّبع...
اتحرّكنا تاني يوم قبل الفَجر، كان خالي مجهّز عربية، خدتني أنا وأمي وخالي والشّيخ، وطلعنا على هناك، المكان مكَنش زي ما كان بيظهر في الحِلم، كان قديم وحواليه قرافة، دا حتى المباني كانت قديمة جدًا والقِباب بتاعتها واقعة، ولمّا وصلنا هناك الشيخ طلب منّي أفتكر الشَّخص اللي أنا شوفته في الحِلم دَخل أي مَبنى بالظبط، رجعت بالذاكرة وافتكرت إنه دَخل آخر مبنى، وهِنا الشِّيخ طلب منّي أروح معاه عند المبنى السابع، ورفض إن أمي أو خالي يقرّبوا!
المبنى كان قديم ومُتهالك ومن غير باب، الشِّيخ دخل وأنا دخلت وراه، بمجرد ما وقفت في المبنى وأنا حسّيت إني انعزَلت عن العَالم، وساعتها لقيت الشّيخ بيقولّي...
-مهما يحصل لازم تتحمّل يا "علي".. هي هتقاومك.. هتمنعك.. بس أنت عندك إرادة وأقوى منها!
أنا لقيتني غصب عنّي بغمّض عيني، يمكن كنت بهرب من الخوف اللي حسّيت به، حسّيت بإيد الشيخ فوق راسي، كُنت سامعه بيتمتم ويهمِس بكلام مش مفهوم، بمجرد ما بدأت أسمع دَه وحسّيت حرارة الجو بتزيد، صوت دَق الطبول بدأ يرن في المبنى، كان أفظع صوت ممكن أسمعه في حياتي، المرة دي كان أصعب من كل مرة، مع الوقت الأرض بدأت تتهز تحت منّي، وبدأت أشوف نفسي هناك من تاني، في العالم اللي فيه مَنسا، بَس هي مكَنِتش بالجمال اللي بتظهر عليه هناك، دي كانت في أبشع صورة ممكن أشوفها في حياتي، لها ديل حيّة، وبتطلع لسانها المشقوق من الطرف، شعرها كان عبارة عن أفاعي بتلِف حوالين بعضها، عينيها لونها أحمر، صوابعها فيها مخالب، كانت بتشدّني من إيدي اللي فيها الخاتِم، لكن أنا كُنت بقاوم، كانت بتصرخ في وشّي وكان شكل أنيابها بَشِع، كانت بتقولّي...
-المرة دي مُش هتسيب العالم بتاعي يا "علي".
في اللحظة دي حسّيت بإيد الشيخ بتضغط أكتر على دماغي، وصوته بدأ يعلى، لكن المرة دي كان بيقرأ قرآن، كان كل ما يقرأ كانت هي بتصرخ في وشّي، وكانت عينيها اللي لونها أحمر بينزل منها سائل أسود، مخالبها كانت بتخربش من إيدي، والجبال اللي في المكان كانت النار اللي فيها بتفور، دا حتى البحيرة اللي لونها زي ما هي من آخر مرة شوفتها زي الدَّم، كانت فيها موج هايج، كُنت حاسس إني خلاص هستسلم لها، لكن الشيخ صرخ فيا وقالّي...
-خلّي إرادتك أقوى يا "علي".
حاجة جوّايا خلّتني أردد آية الكرسي، في اللحظة دي بس بدأت تسيب إيدي اللي كانت مكلبشة فيها بمخالبها، كانت بتبعد عني وبتصرخ، وبترجع لورا لحد ما نزلت في بُحيرة الدّم، وبعدها اختَفت فيها!
في اللحظة دي بس بدأت أفوق، ولقتني خرجت من العالم بتاعها، وبدأت أستوعب إني واقف في المَبنى جنب الشيخ اللي كان لسّه بيكمل قراءة قرآن وتمتمة بأدعية وبكلام تاني أنا مُش فاهمه، لحد ما حسّيت إن التُّقل اللي في إيدي الشمال راح، ساعتها بس، عرفت لمّا بصّيت في إيدي إن الخاتِم اختَفى.
وساعتها الشيخ قالّي...
-كويّس إنك ساعِدت نفسك.. وساعدتني.
كُنت باخُد نَفسي بالعافية وبقولّه...
-ازّاي ساعدتك، وساعدت نَفسي!
-آية الكرسي يا "علي".. تأثيرها منّك كان أقوى منّي.. من غيرها كنت هتروح عالمها.. وكُنت هخرج من المبنى من غيرك.. وهناك عالم مُخيف.. أنت متحبّش تشوفه أبدًا.. حتى لو هي كانت بتظهر لك بصورة مغرية.. دا مجرد فخ بينصبوه للبني آدم بس.
ولقيته بيتكلّم وبيكمل كلامه وبيقول...
-بالمناسبة.. "علي" اللي كان عاوز يمتلك الخاتم زمان اتخلّص منّه لمّا بدأ يشوفها على حقيقتها.. اللي أنت أكيد عارفها كويس.
وساعتها جه في بالي سؤال وقولتله...
-وهي إيه اللي خلّاها توصلّي، وتحاول تاخدني لعالمها؟!
-رغبة البعض منهم فينا كبشر يا "علي" نفس رغبة البعض مننا فيهم كعالم غامض لو امتلكوه هيحصلوا على الجاه والمال والمتعة.. زي ما فينا مَرضى فيهم مَرضى برضو!
وساعتها خرجنا من المبنى، كُنت ماشي رِجلي بترتعش من التجربة الصعبة اللي كُنت فيها، لحد ما وصلت عند العربية، أمي خدتني بالحضن وخالي كان بيكلّم الشيخ وبيتطمّن عليا، وسمعته بيقولّه...
-خلاص.. كانت حكاية وراحت لحالها.
ركبنا العربية ومشينا، أنا روحت في نوم مقدرتِش أقاومه، صحيت بَس قدام بيتنا، واتفاجئت بإن خالي والشيخ مش موجودين في العربية، وساعِتها سألت أمي وقولتلها...
-أومال هما راحوا فين؟!
وساعتها ضِحكت وقالتلي...
-كل واحد نِزِل في مكانه.. ما أنت نايم بتاكل رز ولبن مع الملايكة ومش دريان بحاجة.. بس مش مهم.. حمدالله على سلامتك!
*
عيد ميلادي اللي بَعده...
أنا من بعد ما الخاتِم اختفى من إيدي وأنا الأمور تمام معايا، لا بقيت أسمع ولا أشوف حاجة، والحمد لله، دي كانت أكتر حاجة محتاجها في الدنيا.
وكالعادة، عيد الميلاد ده احتفلت به أنا وأمي، وبعد ما خلّصنا أمي دخلت أوضتها، وأنا دخلت أوضتي، روحت في النوم بطريقة غريبة، بَس بدأت أفوق على صوت دَق الطبول من تاني، قومت مفزوع، أنا بَحلم؟! لا.. مكُنتش بحلم، أنا سامع الصوت رغم إني صاحي، قومت من السرير وجريت ناحية باب أوضتي، فَتحته، لكن دي مُش صالة بيتنا، دا المَكان إيّاه، نَفس الجِبال اللي صخورها من نار، ونَفس البُحيرة، وهي، كانت واقفة بشكلها المُغري، كانت بتمِدّلي إيدها، حاولت أتراجع لكنّي مقدرتش، مدَيت لها إيدي الشمال، واللي اتفاجئت، إن كان فيها الخاتِم!

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↑1الكاتبمدونة محمد شحاتة
4↓-1الكاتبمدونة اشرف الكرم
5↓الكاتبمدونة ياسمين رحمي
6↓الكاتبمدونة حاتم سلامة
7↓الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
8↑1الكاتبمدونة آيه الغمري
9↑1الكاتبمدونة حسن غريب
10↓-2الكاتبمدونة ياسر سلمي
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑31الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني203
2↑22الكاتبمدونة مها اسماعيل 173
3↑14الكاتبمدونة مرتضى اسماعيل (دقاش)205
4↑11الكاتبمدونة منال الشرقاوي193
5↑5الكاتبمدونة كريمان سالم66
6↑5الكاتبمدونة خالد عويس187
7↑4الكاتبمدونة نجلاء لطفي 43
8↑4الكاتبمدونة غازي جابر48
9↑4الكاتبمدونة سحر حسب الله51
10↑4الكاتبمدونة نهلة احمد حسن97
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1079
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب695
4الكاتبمدونة ياسر سلمي655
5الكاتبمدونة اشرف الكرم576
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري501
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني426
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين417
10الكاتبمدونة شادي الربابعة404

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب333766
2الكاتبمدونة نهلة حمودة189572
3الكاتبمدونة ياسر سلمي181267
4الكاتبمدونة زينب حمدي169709
5الكاتبمدونة اشرف الكرم130943
6الكاتبمدونة مني امين116766
7الكاتبمدونة سمير حماد 107695
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي97819
9الكاتبمدونة مني العقدة94938
10الكاتبمدونة حنان صلاح الدين91574

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة رهام معلا2025-06-29
2الكاتبمدونة حسين درمشاكي2025-06-28
3الكاتبمدونة طه عبد الوهاب2025-06-27
4الكاتبمدونة امل محمود2025-06-22
5الكاتبمدونة شرف الدين محمد 2025-06-21
6الكاتبمدونة اسماعيل محسن2025-06-18
7الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني2025-06-17
8الكاتبمدونة عبد الكريم موسى2025-06-15
9الكاتبمدونة عزة الأمير2025-06-14
10الكاتبمدونة محمد بوعمامه2025-06-12

المتواجدون حالياً

1112 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع