آخر الموثقات

  • المتحدثون عن الله ورسوله
  • قصة قصيرة/.المنتظر
  • قصتان قصيرتان جدا 
  • سأغير العالم
  • كيف تعلم أنك وقعت في الحب؟
  • التأجيل والتسويف
  • فأنا لا انسى
  • احترام التخصص
  • 2- البداية المتأخرة لرعاية الفنون والآداب
  • يعني إيه "الاحتواء"؟
  • يا عابرة..
  • رسائل خلف السحاب
  • صادقوا الرومانسيين
  • ربي عيالك ١٠
  • من بعدك، كلامي بقى شخابيط
  • إيران من الداخل بعد الحرب.. 
  • معضلة فهم الحرب على إيران
  • نصر سياسي ايراني
  • قصة قصيرة/ وصاية الظل
  • ق ق ج/ سرُّ الشجرة والقوس
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة محمد شحاتة
  5. الجثة B

 

من أسبوع؛ اتعيِّنت جديد في المشرحة، وطول ما أنا في الورديَّة، كنت شامِم ريحة الموت حواليّا، جثّة داخلة وجثّة خارجة، دا غير أدراج التلاجة، مفيش فيهم درج فاضي، ربنا يرحمنا جميعًا؛ لكن اللي هوّن عليّا شويّة هو عم "عبد المقصود"؛ تمرجي قرَّب يطلع على المعاش، خبرة يعني، واللي أنا اتعيِّنت عشان أكون مكانه لما يمشي؛ كنت بستغرب هو جايب جمدان القلب ده منين، يعني شغّالين بالليل، حوالينا جثث اللهم احفظنا يعني، كلهم ماتوا في حوادث، ومفيش فيهم جثة سليمة، اللي متشوَّهة، واللي فيها طرف مقطوع، لكن تقريبًا كده؛ عم "عبد المقصود" بقى مصاحب الجثث، صديقهم يعني؛ بيعيش ويتعايش وسطهم عادي، بيعمل شاي ويشرب وكأنه قاعد على القهوة، وبيجيب أكل وياكل، ولما لاحظ التوتّر على وشي في أوِّل أيامي قالّي: "جمِّد قلبك يا رامي؛ أنت لسَّه بتقول يا هادي، بكره مش هترتاح غير وسط الجُثث، أقولّك؛ بكره تتمنّى تفتح درج من أدارج التلاجة، وتمدِّد وسطهم شوية".

كلامه كان غريب، خلاني أتفزع من مكاني وأقولّه: "فال الله ولا فالك يا عم عبد المقصود؛ هو أنت بتتمنّالي أموت في حادثة وأترمى جوَّه درج في تلاجة المشرحة؟".

بصّلي وهو بيشرب الشاي عادي ولا الدنيا على باله وقالّي: "مُش القصد يابني، أنا أقصد إنهم مُسالمين، لا بيهشّوا ولا بينشّوا، مُش زي البشر اللي برَّه".

محبِّتش أدقَّق كتير في الكلام، قولت في بالي: أكيد دا شخص متعوِّد على الجثث والمشرحة؛ أكتر ما هو متعوِّد على ولاده مثلًا، هستنى إيه منُّه يعني؟!

وبدأت أتأقلِم، مُش جدعنة ولا بطولة، لكن مجبرٌ أخاك لا بَطل، أكيد دي شغلانتي اللي هكمِّل فيها؛ وهي مصدر رزقي وأكل عيشي؛ فمش معقول يعني هقضِّي أيامي هنا خوف ورعب، أكيد مع الأيام هتأقلِم، وهييجي اليوم اللي هبقى فيه زي عم "عبد المقصود"؛ ويمكن أكتر كمان.

وبعدين سألت نفسي، هو أنا خايف من إيه؟ يمكن عشان الموت له رهبة؟ ومحاوطني هنا من كل اتجاه، غير كده مفيش أي حاجة حصلت من اللي بنسمعها عن المشرحة، يعني لا عفاريت ولا أشباح، ولا الجثث بتحاول تهاجم اللي شغّالين بالليل في المشرحة، الدنيا بيس يعني، من الآخر كده؛ عم "عبد المقصود" ١، الإشاعات اللي بتتقال صفر.

وفي ورديِّة تاني يوم، اتأخرت في المواصلات، ووصلت المشرحة متأخر ساعة عن ميعادي، ولما دخلت؛ ملقتش عم "عبد المقصود"، لكن كان في جثّة على الترابيزة، عليها الغطا الأبيض كالعادة، قولت في سرّي: سترك يارب، أكيد حد ميّت في حادثة ومحدّش استدل عليه، ماهو ما بيجيش هنا غير الحالات دي، بس فين عم "عبد المقصود"؟

مش عارف إيه اللي خلّاني أقرَّب من الجثّة، لكن كنت بقدّم رِجل وبأخَّر التانية، ولما وقَفت عند راسها، مدِّيت إيدي عشان أكشِف الغطا، وقبل ما ألمِسه، سمعت خبطة من ورايا.

اتخشِّبت مكاني، لأن الصوت كان واضح جدًا، دا دُرج من أدراج التلاجة، زي ما يكون اتفتح واترزَع تاني، مكنتش عارف أتصرَّف ازّاي، أعصابي سابِت ومفاصلي اتفكِّكِت من بعضها، وبدأت التِفِت ناحية الصوت، حرَكتي كانت تقيلة، عافِرت لحد ما بصِّيت ورايا، عشان أشوف الأدراج كلها مقفولة زي ما هي، مفيش حاجة مفتوحة ولا ومتغيَّرة، سألت نفسي وقولت: أومال الصوت ده جاي منين؟!

لمّا اتأكِّدت إن كل حاجة تمام، كبَّرت دماغي من اللي سمعته، وقولت أكيد تهيّؤات، ماهو برضو لسَّه جوايا شويّة خوف من الشغلانة، ورجعت من تاني أبُص للجثة اللي على الترابيزة، عشان أكشِف الغطا من عليها، وساعتها اتخشِّبت للمرَّة التانية، لمّا لقيت الجثة قاعدة! 

مكنتش عارف أتصرَّف، حتى مقدِرتش أرجع ورا وأبعِد عنها، الرعب كان بيِنهَش كل حتة في جِسمي، واللي كان مُرعب أكتر، هو شكل الجثّة؛ وهي قاعدة تحت الغَطا، عيني كانت عليها، لحد ما لقيت راسها بتلِف ناحيتي، أي نعم الغطا مداريها، لكن اللي حصل خلّاني أفكَّر وأقول: ياترى وشّها عامل ازّاي دلوقت؟ ياترى شبح الجثة دي ناوي على إيه؟ كل ده وأنا واقف في مكاني مش قادر أتحرَّك سنتيمتر واحد، قلبي كان هيُقف من الخوف، الوقت بطيء، حسيت إن فاتت عليا شهور وأنا في الموقف ده، لحد ما سمِعت خطوات بتقرَّب من المشرحة، في اللحظة دي؛ الجثة بدأت تنام وترجع لوضعها الطبيعي من تاني، الموقف مُرعِب، كنت مقسوم نُصيّن؛ ما بين الجُثة واللي بيحصل معاها؛ وبين الصوت اللي بيقرَّب، عيني كانت على الباب، بدأت أقرَّب منُّه لحد ما الترابيزة بالجثة اللي عليها بقوا في ضهري، وساعتها شوفت عم "عبد المقصود"، كان لسه واصل ومعاه شنطة الأكل بتاعته، وتُرمُس الشاي، ولمَّا شافني وشّي مخطوف والتوتّر باين على ملامحي قالّي: "مالك يا رامي يابني، شكلك متغيَّر كده ليه؟!".

بدأت آخد نَفَسي وقولتله: "الحقني يا عم عبد المقصود، أنا وصلت متأخر ساعة عشان المواصلات، ولمّا وصلت لقيت جثّة على الترابيزة، وبعدها سمعت صوت خبط في أدراج التلاجة، بصّيت أشوف إيه اللي بيحصل، وملقِتش حاجة، ولمّا بصّيت تاني للجثّة، لقيتها قاعدة والغطا الأبيض فوقها".

كان بيبُصّلي باستغراب، وبعدها قالّي: "وهي فين الجثّة دي يابني؟".

شاورت بإيدي ناحية الترابيزة وأنا بقولّه: "الجثة قدّامك أهي، نايمة على الترابيز.....".

قطعت الكلام؛ لأن لحظة ما شاوِرت على الترابيزة لقيتها فاضية، والجثة مختفيّة، مكنش عندي تفسير للي شوفته، وده اللي خلّاني أبقى في موقف مُحرِج قدّام عم "عبد المقصود"؛ ويسمَّعني كلمتين من بتوعه، عشان يعرَّفني إنه خِبرة وقلبُه ميِّت، وإني لسَّه خيخَة، لدرجة إنه قالّي: "لسَّه عضمَك طري، الشغلانة دي محتاجة واحد عضمُه ناشِف؛ قلبُه ميِّت، أنا واخد إذن ساعتين ونسيت أقولّك؛ آجي ألاقيك خايف وبتهلوس وبتقول حاجات مش موجودة، لكن اطمِّن، بُكرَه قلبَك يجمَد زي حالاتي، وتعرَف إن اللي في التلاجة دول مفيش أحسَن منهم".

معرفش ليه عم "عبد المقصود" بيتكلِّم عن الجثث اللي في التلاجة، وكأننا يعني مفرَّزين فراخ، بس إلى حد ما، اقتنعت بكلامه، ماهو اختفاء الجثة، وصوت الخبط اللي في أدراج التلاجة لما طلِع فِشِنك، معناه إني بهلوِس فعلًا، أومال كل ده راح فين؟! 

"قوم اشطُف كُبَّايتين، خلينا نشرب اتنين شاي، الواحد نَفَسُه مقطوع من الطريق". 

بعد ما عاش الدّور عليا، طلب منّي نشرب شاي، ولا كأن الدنيا على باله، قرَّت أنسى اللي حصل؛ عشان أعرف أكمِّل في الشغلانة اللي ما يعلم بها غير ربنا دي؟ أخدت الكوبايتين؛ وروحت أشطُفهم على الحوض، ورجِعت تاني، ولما وقَفت قدّامه؛ كُنت ببُصِّلُه وأنا مِتمَسمَر في الأرض وبقولّه: "أنت مين؟".

رد عليّا باستغراب وقالّي: "يعني إيه أنا مين؟ أنت مالك النهاردة يا رامي؟ أنت شارب حاجة؟".

صرخت فيه وقولتله: "أنت مين؟".

حَط تُرمُس الشاي اللي كان ماسكه في إيده وقالِّي: "أنا عمَّك عبد المقصود؛ أنت اتسَطَلت ولا إيه؟!". 

كان نفس الصوت؛ لكن الشكل مختلف تمامًا، شخص تاني غير اللي بيشتغل معايا من وقت ما اتعيِّنت هنا، لساني كان تقيل، مش قادر أعلَّق ولا أنطَق بكلمة، كل واحد فينا كان بيبُص للتاني في صمت وهو مش عارف فيه إيه، لكن اللي قطع الصمت ده؛ صوت الدكتور النبطشي؛ لمّا دخل التلاجة وقال: "يا عم عبد المقصود، طلَّع الجثة B، خلاص اتعرَّفوا عليها وأهلها هيستلموها". 

وسابنا ومشي، ساعتها عم عبد المقصود _واللي مكنتش عارف إن كان هو فعلًا ولا لأ_ قالّي: "هتُقَف تبُصِّلي كتير، مسمِعتش الدكتور؟! يلا إيدك معايا نفتح الدرج B ونطلَّع الجتَّة اللي فيه". 

حرَكتي كانت تقيلة، لكن مقدِرتش أعترض، مشيت معاه لحد الدرج اللي قال عليه، فتَحناه وبدأنا نشيل الجثة عشان نحطها على الترابيزة، وبالصُدفة؛ الغطا انكشَف من على وش الجُثة بعد ما حطيناها على الترابيزة، عشان آخد صدمة عمري. 

الجثة، كانت هي عم "عبد المقصود"، فضِلت واقِف مبحلَق، لحد ما سمعت صوته بيقولٍي: "يابني اتحرَّك شوية، كلها دقايق وهتلاقيهم جايين ياخدوا الجثّة". 

بلعت ريقي؛ ونفّذت الكلام بدون مناقشة، لحد ما أهل الميِّت وصلوا وأخدوا جثِّته، وبعدَها؛ عم "عبد المقصود" قعد يشرب كوبّاية شاي، ولمَّا شافني في عالم تاني، بسبب الصدمة اللي أخدتها قالّي: "مالك؟". 

مكنش قدامي غير إني أحكيله وأقولّه: "من وقت ما اشتغلت وأنا شايفك في شكل تاني، ملامحك كانت نفس ملاحه الجثة اللي في الدرج B؛ لما وشَّها انكَشف اكتشفت ده، من ساعة ما ظهرتلي جثة على الترابيزة وقَعَدِت، وبعدها اختفت، وأنا حاسِس إن الحكاية مش خير أبدًا". 

ابتسم ابتسامة غريبة كده وقالّي: "بتخاف من الميِّتين يا "رامي"؟ مش عاوزك تجاوب، أنا عارف الإجابة، أكيد بتخاف، مين مبيخافش من الموت؟! لكن عاوز أقولك حاجة مهمة، اللي بيموت ما بينتهيش، بالعكس؛ دا بينتقل لحياة تانية؛ فيها حياة أكبر من اللي إحنا فيها دي، دا حتى اسمها دار الحق؛ المكان هِنا هيغيَّر مفاهيمك كلها، هتعرف إننا الوَهم وهُما الحقيقة، وإننا الصورة وهُما الأصل، وارِد تكون شوفتني في شكل تاني، مُش عيب فيّا ولا فيك، بس يمكن ده دَرس، عشان يقولولك إنهم عايشين؛ لكن في حياة تانية إحنا معندناش فِكرة عنها، ويقدروا يأثروا عليك، وعلى أي حد، وبرغم كده هُما طيِّبين، لأنهم منِّنا، الاختلاف الوحيد بينا وبينهم، إنهم في التلاجات أو القبور، لكن إحنا أموات ماشيين على الأرض، عيش وتعايش معاهم، بُكره هتتعوِّد، زي ما أنا اتعوّدت بالظبط". 

كان دَرس واستوعِبتُه، وبرغم الرعب اللي عيشته الفترة دي، مسيبتش الشغلانة، بالعَكس، دي الأيام فاتت، وعم "عبد المقصود" طلع معاش، وبقيت مكانه، صديق الجُثث، وجابولي تَمرجي جديد عشان يساعدني، واللي في أوِّل أيامه برضه، كان شايفني بنفس ملاح الجثة، اللي كانت وقتها موجودة في الدرج B. 

تمَّت...

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↑1الكاتبمدونة محمد شحاتة
4↓-1الكاتبمدونة اشرف الكرم
5↓الكاتبمدونة ياسمين رحمي
6↓الكاتبمدونة حاتم سلامة
7↓الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
8↑1الكاتبمدونة آيه الغمري
9↑1الكاتبمدونة حسن غريب
10↓-2الكاتبمدونة ياسر سلمي
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑31الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني203
2↑22الكاتبمدونة مها اسماعيل 173
3↑14الكاتبمدونة مرتضى اسماعيل (دقاش)205
4↑11الكاتبمدونة منال الشرقاوي193
5↑5الكاتبمدونة كريمان سالم66
6↑5الكاتبمدونة خالد عويس187
7↑4الكاتبمدونة نجلاء لطفي 43
8↑4الكاتبمدونة غازي جابر48
9↑4الكاتبمدونة سحر حسب الله51
10↑4الكاتبمدونة نهلة احمد حسن97
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1079
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب695
4الكاتبمدونة ياسر سلمي655
5الكاتبمدونة اشرف الكرم576
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري501
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني426
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين417
10الكاتبمدونة شادي الربابعة404

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب333938
2الكاتبمدونة نهلة حمودة189842
3الكاتبمدونة ياسر سلمي181442
4الكاتبمدونة زينب حمدي169743
5الكاتبمدونة اشرف الكرم130964
6الكاتبمدونة مني امين116783
7الكاتبمدونة سمير حماد 107804
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي97886
9الكاتبمدونة مني العقدة95008
10الكاتبمدونة حنان صلاح الدين91748

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة نجلاء البحيري2025-07-01
2الكاتبمدونة رهام معلا2025-06-29
3الكاتبمدونة حسين درمشاكي2025-06-28
4الكاتبمدونة طه عبد الوهاب2025-06-27
5الكاتبمدونة امل محمود2025-06-22
6الكاتبمدونة شرف الدين محمد 2025-06-21
7الكاتبمدونة اسماعيل محسن2025-06-18
8الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني2025-06-17
9الكاتبمدونة عبد الكريم موسى2025-06-15
10الكاتبمدونة عزة الأمير2025-06-14

المتواجدون حالياً

540 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع