على رصيف الراحلين..
أقف دامعة أراقب الأفق..
أتنسم عودة الغائبين..
عودة عبيرهم.. كلامهم.. ضحكاتهم..
عودة الروح التي انتزعوها من داخلي..
وراحت معهم بينما يرحلون..
أنظر للأيام.. والمواقف.. والأزمات..
ولكل تلك اللحظات التي جمعتنا بهم يومًا فتعلمنا على يديها الضحك.. وتعلمنا الحياة..
تعلمنا أن نعيشها وتعيش فينا..
تعلمنا كيف نحياها وكيف تحيينا..
ارتشفنا رحيق الفجر..
رقصنا على نغمات الصباح..
وأقمنا صلاة الغائب أمام شاهد الفراق..
ذلك الذي تعاهدنا أمامه ألا يعرف لرباط علاقتنا طريق..
أستعيد كل تلك الذكريات بكل برود.. وبرودة..
ما عدت أشعر تجاهها بشيء..
ولا تجاه كل شيء في الحياة..
لا الماضي بات يؤلمني..
ولا الجديد قادر أن يبهرني..
ولا القادم يوشك أن يشعل فتيل لهفتي..
صرت كتمثال الشمع..
لا حياة فيه رغم لمعة قسماته..
اعتنقت الوحدة وانتهجت الصمت..
أوأد الخذلان حروفي.. ومشاعري..
ما عدت أنتظر الاهتمام..
فالجميع آجلًا أو عاجلًا حتمًا يرحلون..
مهما اقتطعت من نفسك كي تستبقيهم سيرحلون..
ففيم الحاجة إلى الشغف أو الأحلام أو حتى رسم الخيال!
من بقي ضممته بين جفني..
وأشبعته دفئًا لا يعرف معه رجفة أبدًا..
ومن أتى مودعًا قابلته بابتسامتي..
وفتحت له الباب قبلما يتوجه إليه ويوليني ظهره بالرحيل..
كل ما أتمنى الآن هو الهدوء.. والعزلة..
وذهاب ذلك الألم القابع فوق صدري..
وتوقف الصراعات والنزاعات والأذى..
من أجل ذلك أبيع ما تبقى من عمري وأشتريه ولو كان لحظة واحدة..
ومن أجل ذلك سأظل منتظرة قدوم راحتي هنا..
على رصيف الراحلين