ما أقساه من شعورٍ على المرء من أن يظلمه كل من حوله فيعاقب فيهم نفسه!
إذ يترك أحب الأشياء إلى قلبه.. وأكثرها تعلقًا ومحبة..
ليس زهدًا ولا تخليًا..
ولكن آثر أن يرحل باختياره في خضم النور بدلًا من أن يتركها مرغمًا ونفسه خربةً مظلمةً محطمة..
يؤثر أن يرحل ولو منكسرًا.. قبل أن ينكسر أكثر وأكثر..
كم هو مرير ذلك الواقع الغاشم!
أن يخذلك الجميع..
الحبيب والقريب والرفيق والسند.. وتترك في مهب الريح تتلقفك خيبة الأمل.. وقسوة الخذلان.. ينزعان منك آخر أمل لك في الحياة..
كم هو موجع أن تطفئ بيدك النور الوحيد الذي ينير حياتك ويبهج روحك!
وتنتزع قلبك وتلقيه وراءك بينما ترحل على مشارف النور لتظل ترقبه من بعيد..
فلا أنت ابتعدت لتجد الراحة.. ولا أكملت فتعيش سعيدًا رغم كل الكارهين..
كان قرارك أن تختار الكرامة.. ولو كان معها الشقاء..
وتمزق بيديك فؤادك المسكين..
وتزهد من كل قلبك وتمقت كل من كانوا سببًا في معاناتك..
كان القرار رغم أنفته وشجاعته عذابًا يستتر تحت رداء الكبرياء..
وكان الصمت صرخة انطلقت من جوف ذهب عنه الهواء..
فوصلت مع كل هذا الضجيج إلى ذلك اليقين الذي أدركته مؤخرًا.. بعد الكثير من العناء والألم:
لا وجود لذلك الوهم الزائف المسمى بالحنان والأمان..
لا وجود للرحمة بين البشر..
ليس هناك شيء اسمه الحب..
فالحب حلم المغفلين..
وقوانين الغاب التي نحيا فيها لا تحمي المغفلين.. ولا تضمن بقاءهم وتحقيقهم لأحلامهم..
البقاء فقط للأكثر قسوة.. وللأكثر سطوة..
فوا أسفاه على كل الضعفاء المغلوبين على أمرهم كرهًا ورغمًا وجورًا وظلمًا!
وسحقًا على كل القساة الظالمين الجائرين!