الحقيقة لا تأتي صافية كما نحلم، بل تأتي عارية كما هي، لا تتجمّل، ولا تخجل من قسوتها.
نخافها لأنها تُسقط الأقنعة، وتعرّي الزيف فينا وفي الآخرين.
كم من مرةٍ صدمنا الضوء حين انكشفت الحقائق التي ظنناها نجومًا، فإذا بها مجرد شرارات عابرة من وهم!
الحقيقة ليست دائمًا ما نراه، بل ما نشعر به حين يصمت كل شيء.
إنها تلك اللحظة التي تقف فيها أمام نفسك دون أن تبرّر أو تخدع.
وحين تنظر في المرآة، وتكتشف أن أجمل ما فيك كان صدقك، لا مظهرك، حينها فقط تلامس جوهر الحقيقة.
في عالمٍ يمتلئ بالتصنّع، تصبح الحقيقة عملة نادرة،
والناس تركض وراء السراب لأن الوهم أسهل، والمواجهة مؤلمة.
لكن الحقيقة لا تموت، إنها تنتظر في الظلّ، حتى تملّ الأكاذيب وتنهار أمامها.
قال الشاعر:
"وما الحقيقةُ إلا وجهُ عاشقٍ... أضناه صدقُه فخانته المرايا "
هذا البيت ليس شعرًا فقط، بل مرآة لكل من تاه بين ما يقول وما يشعر.
فكم من إنسانٍ تظاهر بالقوة وهو محطم، وكم من مبتسمٍ كان يخفي وجعًا أعمق من الكلام.
الحقيقة تُربينا على الصدق، وتُعلّمنا أن الوجع الشريف خيرٌ من راحةٍ مزيّفة.
هي ليست طريقًا ممهدًا، بل دربًا من الشوك نسير عليه حفاة، حتى نصل إلى راحة الضمير.
وفي النهاية،
الحقيقة لا تُقال دائمًا بالكلمات، أحيانًا تُقال بالصمت،
حين تختار أن تكون أنت... دون تزييف، دون خوف، دون أقنعة.









































